منیه الراغب فی شرح بلغه الطالب

اشارة

نام کتاب: منیة الراغب فی شرح بلغة الطالب موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، موسی تاریخ وفات مؤلف: 1241 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: ه ق

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

الحمد لله ذی الجلال و الاکرام. و الفضل و المنّ و الطول و الأنعام، الذی خلق الخلق و فرض علیهم معرفة الأحکام و أرسل الیهم بها رسلًا بینوا الحلال منها و الحرام و ختم بهم محمداً (ص) و جعل حلاله حلالًا و حرامه و حراماً الی یوم القیام. و الصلاة و السلام علیه و علی آله أشرف الأنام و مصابیح الظلام و علة الوجود و حجج الملک العلام صلاة تدوم بدوام الأیام فتکون ذخراً للعصاة من أمته و ذوی الآثام، و بعد فهذه جملة من المسائل و نبذة من الفروع و الدلائل جمعتها مع تشویش البال و اضطراب الاحوال حین احتیاج جماعة من إخواننا ذوی الورع و الدین الی التقلید فیما یلزمهم من أحکام شریعة سید المرسلین و قد جعلتها شرحاً لرسالة الوالد العلامة طیب اللّه ثراه فی أحکام الطهارة و الصلاة آنساً لها من وحشة الخمول و الانزواء لیعم النفع جمیع المقلّدة. کما عمَّ نفعه العلماء فإنَّ جلَّ المقلدة فی عصرنا کانوا مقلّدة للوالد و کان مرجعهم إلیها حیث استقرّ رأینا علی بقاء التقلید لمن قلّد مجتهده فی زمان حیاته و عدم جواز عدوله کان احتیاجهم لها باقیاً و یلزمهم التعدیل علیها فیرجع الی الأصل من سبق منه التقلید للوالد فی زمن حیاته و یرجع الی الشرح فی غیر مسائل الأصل إن من شاء تقلیده بعد مماته، و أسأل اللّه ان ینفع به کما نفع بأصله و أن یکون ذخیرة یوم لا ینتفع أحداً الّا بعلمه و إن یعصمنا فیه عن الخطأ و الزلل إنه خیر مسئول و مأمول لمن أمل و سأل، و قال المطلب الثانی بمعنی اسم المفعول لو باق علی المصدریة أو اسم مکان فی فروع الدین. و هی ما یستلزم عدم حصر لها لذاته عدم الأیمان عقائداً کانت أو أقوالًا أو ملکات نفسانیة أو أفعالًا قلبیة أو أفعال جوارح أو متروکاً واجبات کانت أو مندوبات، و فی ذمور المباحثات وجه و أصولها لشدة الاهتمام لها کتاباً و سنة و اقترانها مع أصول الایمان بل و أصول الإسلام و جعلها مما بنی علیه الإسلام و عدّها من أسهمه و إنها الفرائض الواجبة و جمیع النوافل بعد الولایة خمسة: الصلاة الیومیة الواجبة و یلحق بها سائر الصلوات الواجبة و جمیع النوافل. و ما یتوقف علیه من الطهارة الخبثیة و سائر الشرائط، و تتبعها الطهارة الحدثیة. و قد عدَّ فی بعض الأخبار الغسل فی الجنابة مستقلًا مع هذه الأصول، و الصوم فی شهر رمضان و یلحق به الصیام الواجب للکفارة و سائر انواع الصیام المستحب، و یتبعه الاعتکاف واجبة و مستحبة، و الزکاة المالیة الواجبة و یلحق بها زکاة الفطرة و الزکاة المستحبة و یتبعها الخمس و الحج الاسلامی و یلحق به ما عداه و تتبعه العمرة الاسلامیة و غیرها و قد عدت هذه الأربع مع الولایة دعائم الإسلام و إنها من الدین الذی لا یقبل اللّه من العباد غیره و لا یعذرهم علی جهله و الجهاد مع النبی (ص) أو أحد الائمة (علیهم السلام) و یلحق به انواعه الباقیة و یتبعه الأمر بالمعروف، و النهی عن المنکر الواجبین و المستحبین و قد عد بخصوصها فی کثیر من الأخبار مع الأصول السابقة فجعلًا من أسهم الإسلام، و من الفرائض الواجبة بعد الولایة و هذه الخمس أعظمها و أهمها. الصلاة لاشتمالها علی ما لم تشتمل علیه عبادة من أنواع العبادات و الطاعات، کالإقرار بالشهادتین بل و الولایة

ص: 4

و الصلاة علی النبی (ص) و أهل بیته و القراءة و خصوصاً ام الکتاب، و الذکر من تسبیح و تکبیر و تهلیل و تحمید و الدعاء و القیام و الرکوع و السجود و المراعاة أفضل الأحوال فی فعلها من طهارة حدثیة و خبثیة و استقبال قبلة و مراعاة شرائط المکان و الساتر و رفع الموانع من کلام و ضحک و بکاء و اکل و شرب و فعل، و لقول الصادق (علیه السلام):

(أحب الأعمال الی اللّه عز و جل الصلاة و هی آخر وصایا الأنبیاء)

و قوله (علیه السلام):

(إن طاعة اللّه عزَّ و جلّ خدمته فی الأرض و لیس شی ء من خدمته یعدل الصلاة)

، و قوله (علیه السلام):

(ما من شی ء بعد المعرفة یعدل هذه الصلاة و إن صلاة فریضة تعدل عند اللّه الف حجة و الف عمرة مبرورات متقبّلات و إن حجة عنده خیر من الف بیت مملوء ذهباً لا بل خیر من ملئ الدنیا ذهباً و فضة ینفقه فی سبیل اللّه)

، و عنه (علیه السلام): (

حجة أفضل من الدنیا و ما فیها و صلاة فریضة أفضل من الف حجة

)، و عن ابی جعفر (علیه السلام):

(إن الذی یلی الولایة فی الفضل الصلاة)

و عنه (علیه السلام) أیضاً: (إن أصل الإسلام الصلاة و فرعه الزکاة و ذروة سنامه الجهاد)

و من تأمل فی ترکیب أجزائها و ترتیبها و فی تعقیبها و آدابها و مکروهاتها و مشروعیة تکرارها فی کل یوم و لیلة خمس مرات و مشروعیة الأذان لها. و فی آیاتها فی الکتاب و ما خصّت به من دون سائر العبادات علم عظمها و شرفها و کذا من تتبع السنة النبویة و الامامیة فی مجملاتها و مفصلاتها و بیان أوقاتها و سائر محالها ظهر له أهمیتها و تقدیمها علی ما عداها، فقد ورد فیها ما مضمونه إنه لا شی ء بعد الشرک بالله أعظم من ترک الصلاة کما ورد عن ابی جعفر (علیه السلام) قال: (قال رسول اللّه (ص) ما بین المسلم و بین أن یکفر الا ترک الصلاة الفریضة متعمداً) و عن ابی عبد اللّه عن ابیه عن جابر قال: قال رسول اللّه (ص): (ما بین الکفر و الایمان الا ترک الصلاة) و عن ابی عبد اللّه (علیه السلام) قال: (قال رسول اللّه (ص): لا تدع الصلاة متعمداً فإن من ترکها متعمداً فقد برئت منه ملة الإسلام)، و ورد أیضاً ما مضمونه انها عمود الأعمال إذا قبلت قبل ما سواها و إذا ردّت ردَّ ما سواها، کما ورد عن رسول اللّه (ص): (

إن عمود الدین الصلاة و هی اول ما ینظر فیه من عمل ابن آدم فإن صحّت نظر فی عمله و إن لم تصح لم ینظر فی بقیة عمله

)، و عن الصادق (علیه السلام): (

إن أول ما یحاسب به العبد الصلاة فإن قبلت قبل سائر عمله و إذا ردت ردَّ سائر عمله

)، و عن ابی عبد اللّه (علیه السلام) قال: (

قال رسول اللّه (ص) مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط. إذا نفع العمود نفعت الأطناب و الأوتاد و الغشاء، و إذا انکسر العمود لم ینفع طنب و لا وتد و لا غشاء

)، و عن ابی جعفر (علیه السلام) قال: (

الصلاة عمود الدین مثلها کمثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود ثبتت الأوتاد و الأطناب و إذا مال العمود و انکسر لم یثبت وتد و لا طنب

)، و البحث فیها فی شرائطها و أجزائها و موانعها و أحکامها و أنواعها ینحصر فی مقاصد:

ص: 5

[الصلاة و ما یتعلق بها]

المقصد الأول: فی الوضوء و ما یتعلق به

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی بیان ما یشترط به.

و هو شرط للعالم و الجاهل و الناسی مع التمکن منه فی الصلاة الواجبة أصالة أو بالعارض و المندوبة کلٌ لما یسمی صلاة و لو کانت تکبیرات و صلاة الجنازة لیست منها حقیقة و اجزائها المنسیة و سجود السهو، و فی الطواف الواجب و مسّ کلمات القرآن بقراءاته السبع بل و العشر دون ما عداها و منسوخ التلاوة نسخ حکمه أو لا لیس منه دون منسوخ الحکم فقط فإنه منه و یدخل فیها اسم فرعون أو إبلیس أو قارون و نحوها و حروفها و مسّ حروفه و بعضها إذا کانت بهیئة کتابة متداولة متعارفة و إن لم تتعارف له فکتابة القرآن بالعبرانی و نحوه یجری علیه الحکم. و کذا لو هجرت ککتابة الکوفی و إن کتبت فی زمن الهجر علی إشکال و أما الکتابة المخترعة فی الهیئة و الکیفیة لا فی الحکم و العوارض و المحسنات فإنها لا تخرجها عن الکتابة المعهودة فالأقرب عدم إجزاء الحکم علیها قبل تداولها و تعارفها. أما لو تداولت عند بعض فتداولها کان فی جری الحکم عند الباقین، و فی المخترعة أصل کتابته کحرف لم تجر العادة بکتابته فکتب وجهان أقواهما الإلحاق. و یدخل فی الحروف نحو المدَّ و التشدید الواجبین و الراجحین، و کذا النقط و الف و واو الجماعة و نحوها دون الحرکات و السکنات. و الأحوط ترک مسّهما و کذا الاحتیاط فی مسّ اسم اللّه ذلک و لو کان بغیر العربیة بل مع الخروج عن معناه و صفاته الخاصة دون أسماء سائر الأنبیاء و الأوصیاء و الزهراء و الملائکة، فله مسّه ما لم یدخل فی کتابة القرآن و إن کان الأفضل ترک المسّ احتراما لمجرد الاسم أرید منها مسمیاتها أو لا بل الأحوط ترکه فی القسمین الأولین مع إرادة مسمیاتها منها و خصوصاً نبینا (ص) و الائمة الطاهرین (علیهم السلام) و الألفاظ المشترکة بین هذه الأشیاء، یعتبر فیها قصد الکاتب و یکفی فیه القصد الاجمالی و هو القصد الی ما قصده الآمر له بل النائب یکفی فی قصده قصد مستنیبة ما لم یقصد الخلاف فیکون المدار علی قصده، و المختص منها آیة أو سورة أو أقل أو أکثر مع القصد الی المختص لا یعتبر فیه قصد القرآنیة بل مع قصد الخلاف یلحقه حکمها و لو کتب المشترک لا بقصد أو مع قصد الخلاف ثمّ أکمله هو أو غیره بما یقتضی الاختصاص کانت التکملة مشترکة، أو مختصة ففی إجزاء حکم القرآنیة علی المشترک وجهین أحوطهما ذلک و یدور المنع مدار اسم القرآنیة فما علی الخاتم و نحوه بحکم المکتوب علی القرطاس و فیما کتبته الریح أو وجد علی نحو الکتابة، لا إشکال فی المشترک منه و فی المختص إشکال و الأقرب المنع لصدق القرآنیة و إن لم تصدق الکتابة أو شک فی صدقها، و فی المنقوشة علی الأبدان و الحروف المقطعة و المکتوبة وضع هیئة کتابته علی الاتصال حرفاً کان أو أکثر. و فی الموضوع علی الانفصال إذا لم ینضم معه ما یکمله وجهان، و المکتوبة بالبیاض و فی التطریز و ضرب القالب أشد إشکالًا بل الأقرب المنع لما ذکرناه الّا فی الحروف المقطعة فی ابتداء الکتابة سواء قصد التقطیع ابتداء أو عرض له فی أثناء الکتابة فلم یکمل الکلمة و إن کان الحکم فی الثانی أشکل، أما لو حصل بعد تمام الکلمة فإن حکم المنع باقٍ بلا إشکال، و مسّ الید و البدن ابتداء و استدامة مشترک فی المنع و کذا کتابته علی بدن المحدث ابتداء و استدامته أیضاً علی الأظهر فیجب إزالتها و نحوها مع التمکن و مع عدمه یلزم المحافظة علی الطهارة مهما امکن الا حیث یکون الحدث مسقطاً للتکلیف کالنوم و یحرم مسّه للمکتوب علیه بعضو آخر منه

ص: 6

و لغیره و فیما یؤدی الی تفویت حق للماس کما فی مسّ الزوج لزوجة المکتوب علیها ذلک وجهان أحوطهما العدم و مسّ الشعر الغیر المترسل، و ما لا روح فیه الأقوی عدم جوازه علی اشکال فی الشعر و المترسل من الشعر الأحوط اجتنابه و فی منع الاولیاء للأطفال قبل صحة طهارتهم و بعدها مع عدم الطهارة. کما یمنعون فی الولی و غیره عما یقتضی النقص و الإهانة فی القرآن و نحوه من المحترمات وجه قامت السیرة علی خلافه، و منه یظهر وجه المنع للمجانین و لزوم اخبار الغافلین، و فی المسّ بید الطفل و المجنون و الکتابة علی یدیهما وجهان أقواهما الجواز، و لا بأس بمسّ أسماء السور و عداد الآیات و فصولها و نحوها. و أما صلاة الجنازة و سجود الشکر و سجود التلاوة و جمیع أفعال الحج و العمرة سوی الطواف الواجب. فیستحب فیها الوضوء و یستباح بالوضوء الرافع المحدث، أو المبیح الدخول فی الفرائض فیه الاستباحة أولًا واجباً کان أو ندباً قبل دخول الوقت أو بعده

ص: 7

و لا یستباح بالوضوء الصوری کوضوء الجنب و الحائض و فی المکمل للطهارة السابقة إن کان تجدیدیاً استبیح به و فی غیر التجدیدی الأقوی ذلک أیضاً.

المبحث الثانی: فی بیان اجزائه

و هی ستة: ثلاث غسلات و ثلاث مسحات، الأولی غسل الوجه بإجراء الماء علیه و لا تکفی البلة و لا وصول الماء من دون جریان بنفوذ و غیره. و یکفی مسمی الجری و هو انتقال الماء من جزء الی غیره و لو خفیفا بنفسه أو بمعونة الکف أو غیرهما مما یباشره الغاسل من الآلات و لا یجب غسل ما بطن منه الا ما یتوقف علیه العلم بغسل الظاهر، و لا یجوز ترک ما ظهر و المرجع فی معرفة الظاهر و الباطن الی الصدق العرفی و ینقلب الحکم فیه بانقلاب الصدق و لا بد للغاسل أن یکون مبتدئاً من قصاص الشعر من أی طرف کان منه منتهیاً به الی أول الذقن طولًا. و ما جری علیه امتداد مجموع الإبهام و الوسطی عرضاً و یعرف بوضع وسط الامتداد علی وسط القصاص و أجزائه علی الوجه حتی ینتهی الی الذقن، فما دخل تحته من دائرة الوجه دخل فی الوجه و ما خرج عنه خارج عن الوجه فمسترسل اللحیة و غیرها مسترسل من الشعر النابت فی الوجه و ما خرج عن الحد من الصدغ و نحوها خارجة و لا یجب إیصال الشعر الماء الی ما تحت الشعر النابت فی الوجه و ان تجاوز منبته إذا کان متلاحماً و فی لزوم غسل ما تحت المتدلی من الشعرة و الشعرتین و نحوهما إشکال و لا یستحب ذلک فی الکثیف علی الأظهر و یستحب فی الخفیف الایصال بل الأحوط ذلک و یکفی غسل ظاهره عن غسل ما تحته و لا یجری غسل ما تحته عن غسل ظاهره و الفرج بین الشعر من ظاهر البشرة، و أما المتدلی من الرأس علیه و من باطن الوجه علی ظاهره فلا بد من غسل ما تحته و لا یغسل وجوباً و لا استحباباً. و یلزم استیعاب الوجه بالغسل بحیث لا یبقی مکان شعرة بلا غسل و یلزم رفع ما یمنع وصول الماء أو یمنع جریه أو توقف علی الرفع أو تحریکه کذلک و لو شک فی حجبه، وجب الایصال بطریق الجریان الی ما تحته أیضاً. و لو شک فی أصل الحاجب لم یجب البحث إذا کان الاحتمال وهمیاً و الا وجب علی الأقوی و یجب أن یبتدی من الأعلی، و لا یلزم استیعابه و لا مراعاته بنسبة مسامته، و الأحوط أن لا یغسل عرضاً و الأقوی ان لا یرد الماء فی الأثناء الی فوق فیکون الغسل نکساً، و لو ردّ الماء غیر ناویه الغسل و نوی فی نزوله فلا مانع و لو رمس وجهه فی الماء ناویاً بإدخاله، و أدخل الأعلی قبل ما تحته أو ببقائه الغسل من الأعلی مع التحریک أو کون الماء متدافعاً بحیث یحصل مسمی الجریان و تکفی نیة البدأة من الأعلی فی التحریک ما لم یحصل مسمی الحرکة فقط، بحیث لا یتعقّبها حرکة ثانیة یحصل بها غسل ما عدا الأعلی، فإنه لا تکفی مجرد النیة علی الأظهر أو نوی غسله بإخراجه و اخرج الأعلی قبل ما تحته، فلا بأس فلا بد من البدأة بالأعلی فیه و فی الإدخال حساً و کذا فی الصب و لا تکفی النیة مع الادخال و الاخراج الدفعتین و کذا الصب الدفعی کما تکفی فی التحریک الدفعی غالب التعدد الغسل فی ضمنه بجزئیات الحرکات دونها و لو ادخل دفعة ناویاً غسل الأعلی ثمّ حرّک ناویاً غسل الباقی لم یکن به بأس و کذا بقیة الأجزاء بالنسبة الی انواع الغسل و لا بد من اخال شی ء من الحدود منویة فی الابتداء أو فی الأثناء أو غیر منویة لیعلم استیعاب الوجه و لو ادخل ما زاد علی ذلک فمع ابتداء یبطل الوضوء و مع نیته فی الأثناء یأثم و لا بطلان و مع عدمها لا اثم و لا بطلان و المدار فی الحدود علی مستوی الخلقة و غیره یرجع الیه فیراعی فی الحدود ما یناسب فی العادة المحدود بنسبة الشخص نفسه علی حسب کبره و صغره و هذه المراعاة من التحقیق فلا یتسامح فیها فی تقریب لاختلاف مستوی الخلقة اختلافاً فاحشاً و لا یجب فیه ذلک الثانیة غسل الید الیمنی.

ص: 8

مبدءاً من المرفق و هو داخل دخولًا أصلیاً فیحتاج الی دخول شی ء فما فوقه من باب المقدمة و هو مجمع عظم الزند و العضد فطرف کل منهما هو المرفق منتهیاً الی أطراف الأصابع و حاله فی کیفیة الغسل و توابعه حال الوجه و استبطان الشعر هنا لا أری إنه أحوط الا أن غسل المسترسل من الشعر النابت فی الید الأقرب لزومه و الوسخ تحت الأظفار مع بقائها، لا تجب ازالته الّا إذا تجاوز المعتاد عند أهل الصحاری و البلاد فیجب ازالة الوسخ و إیصال الماء و لا یلزم قطعها و مع قطع ما لم یتجاوز المعتاد و ظهور الوسخ تحته یلزم إزالته الا إذا کان داخلیاً فیلحق بالباطن، الثالثة غسل الید الیسری علی نحو الید الیمنی، الرابعة مسح بشرة شی ء من مقدم الرأس و الرأس اوله القصاص من مستوی الخلقة و غیره، یرجع الیه و المقدم هو الربع المتقدم من الرأس بشرته أو شعره المختص به المسامت له خلقه غیر متجاوز عنه و لا

ص: 9

مجموع علیه ما لم یکن الاجتماع بأصل الخلقة و الأحوط مدّه و المسح علیه بشی ء من ظاهر باطن الکف أصابع أو غیرها أو ما نبت فیها و لو شعراً و الأحوط ان یکون بشرة الیمنی و یلزم المسح بالبلل الباقی فیها، اتفق بلل غاسلیة أو مغسولیة واجبة أو مستحبة و لا یجوز المسح بغیر البلل الباقی فیها مع وجوده أو تجفیفه اختیاراً و لو من بلل بقیة اعضاء الوضوء و المغسول تحریکاً أو ادخالًا لا بأس ببلله مع انفصاله فوراً. و یجوز المسح عرضاً و من الأعلی الی الأسفل و بالعکس، الأحوط المسح علی النحو المعهود و یکفی مسمی المسح من دون تحدید فی کل من الماسح و الممسوح و الأفضل ان یمسح من الرأس ما لا ینقص عن عرض ثلاثة اصابع بثلاثة أصابع و افضل منه مسح الناصیة تماماً، الخامسة مسح ظاهر القدم الیمنی شعراً أو بشرة بشی ء من باطن الکف و الأحوط أن تکون الیمنی علی نحو ما مرَّ بالبلة التی فیها علی النحو السابق فیجوز المسح عرض أو علی الأعلی الی الأسفل و بالعکس و یجزی التلفیق أیضاً علی النحو المعهود و یلزم الماسح هنا أن یکون مستوعباً لطولها من اطراف الأصابع من أی اصبع کان ما لم یکن قطع منه شی ء. فالأحوط المسح من السلیم و ان کان اقصر من المقطوع الی الکعب و یعنی بها قبة القدم المرتفع منها فلا یکفی مساماتها و لا اطرافها و هی معقد شراک النعل و یلزم استیعاب ما بین محل غایتی المسح. فلو مسح و قطع المسح ثمّ مسح مما سامت محل القطع، أو مسح الی ما سامت الکعب ثمّ منه الی الکعب، أو مسح ثمّ جرَّ المسح عرضاً ثمّ أوصله الی غایته لم یکن مجزیاً و لا یلزم استیعابها عرضاً و یجوز الابتداء بالأصابع و بالکعب و مسحهما دفعة و الابتداء بما بینهما و الأول اولی و یجب إزالة الموانع عن الأعضاء الممسوحة و الماسحة، لیحصل مباشرتها و یکفی فی المسح المماسة مع جرّ الید و إن حصل معه غسل و لو نوی الغسل حینئذ دون المسح بطل الوضوء و لو نواهما معاً فی الأثناء احتملت الصحة و الأقرب البطلان و لو لم ینو شیئاً فالأظهر الصحة اکتفاء بنیة اصل العمل. و الأحوط تجفیف الرطوبة عن الماسح حتی لا یحصل منها جریان، و عن الممسوح بحیث یؤثر فیه بلل المسح و یجب التجفیف مع حصول بلة تغلب بلة الماسح و الأحوط استبطان الشعر فی مسح القدم لو حصل علیه شعر و یلزم أن یکون الید ماسحة فلو کانت ممسوحة فالأقرب البطلان و لو کانت ماسحة و ممسوحة فالأحوط التجنّب، السادسة مسح ظاهر القدم الیسری بشی ء من باطن الکف و الأحوط ان تکون الیسری بما بقی فیها من البلل الی الکعب، علی نحو ما ذکر فی مسح الیمنی و کلما ینبت فی مواضع الغسل و المسح ظاهرها دون المتدلی علیها و دون باطنها من لحم أو ورم أو غدد و نحوها یجری علیه کحکم فی المغسول من محل منبته الأصلی الی غایته ما لم ینبت فی غیره فیغسل الی منبته الثانی و لو کان المنبت الأصلی غیره. ثمّ نبت فیه غسل ما نبت منه فیه الی منبته الثالث دون ما بین المنبت الأصلی الی منبته و یستثنی من ذلک شعر الوجه فإنه لا یلزم غسل ما خرج عن الحد منه و أما ما فی الممسوح و الماسح فیراعی فیه عدم الخروج عن حد العضو علی الأقوی فی الشعر و غیره، و لو نبت فیها من خارج و اتصل اتصال الجزء جری علیه حکمه، مع تعذّر زواله و الا فالأحوط الجمع بین غسله و الوضوء و بین التیمم و ذو الرأسین یغسل الوجهین و یمسح علی الرأسین ما لم یعلم زیادتهما سواء احتملها أو علم الأصالة إن تحقق فرض ذلک. و کذا ذو القدمین و ذو الیدین یغسلهما الا ما کانت فوق العضد و علمت زیادتهما علی الأقوی و یمسح بهما إذا کانت فوق العضد أو تحته و اشتبهت الکف الزائدة بالأصلیة و الّا مسح بالأصلیة.

ص: 10

المبحث الثالث: فی شرائطه

و هی ستة:

أحدها: طهارة الماء و لا یکفی عدم العلم بالنجاسة کما فی المشتبه المحصور و اطلاقه و اباحته و یشترط إباحة المکان و الإناء أدخل العضو فیه أو أخذ منه و مسقط الماء وجد فیهما فرد آخر غیر المحرم مباح أو لم یوجد بل انحصر فی الفرد المحرم و کذا یشترط اباحة الاستعمال و شرط الاباحة فی جمیع ذلک للعالم و الجاهل جهلًا غیر معذور فیه شرعاً و أما الاطلاق و الطهارة فشرطان مطلق الّا فی التقید فیقوی صحة الوضوء و إن بقی المحل نجساً.

ثانیها: المباشرة بنفسه مع الاختیار فلو وضأه غیره أو شارکه فی الوضوء و لو بجزء منه بطل هذا مع المشارکة فی الأجزاء أما مع المشارکة فی نفس العمل فالمدار علی نسبة العمل إلیه عرفاً و أما لو صبَّ الماء فی کفه و لم یباشر شیئاً فلا بأس و إن کره کراهة شدیدة، و لو صبَّ الغیر علی عضوه فأجری هو الماء ناویاً به الغسل لا بالصب فلا مانع و لعل الکراهة فیه أشدّ.

ثالثها: عدم المانع من مرض أو عطش علی نفسه أو علی نفس مؤمنة و نحو ذلک و لو لضیق الوقت مما یوجب التیمم و لو توضأ و الحال هذه بطل مع العلم بها و مع الجهل وجهان أقربهما ذلک أیضاً و لو توضأ مع ضیق الوقت لا بقصدها بل لغایة اخری موسعة ففی الصحة الوجهان و الأقرب البطلان.

رابعها: الموالاة و هی أن یغسل العضو بأن یبتدأ به قبل أن یجف تمام ما تقدمه من أعضاء الوضوء المتصل منها بذلک العضو و المنفصل واجبها و مستحبها من بلة الوضوء واجبة أو مستحبة فلا عبرة بغیر بلل الوضوء و إن کان فی محاله کما لا عبرة بغیر أعضائه و إن کان البلل بلله و الأقرب الحاق المسترسل بها فی غسل و مسح دون ما عداه و فی مسترسل غیر شعر اللحیة إشکال أقربه العدم و کذا فی الانفصال الاکتفاء بلل غسل الید المستحب ابتداء و بلل ما یغسل من باب المقدمة منویّاً أو غیر منویّاً و البلل الباقی علی العضو الغاسل من بقیة ماء الغسل وجهان أقربهما و أحوطهما لا، فلو بقی فی الأعضاء السابقة شی ء من البلل و دخل فی اللاحقة لم یضرّ و أما بالنسبة الی أجزاء العضو الواحد فیلاحظ جفاف ما غسل من اجزائه و جمیع ما سبق من الأعضاء و إن لم یسبقه عضو کما فی الوجه لوحظ جفاف أجزائه و المدار علی تحقق الجفاف بأی سبب کان و لا عبرة بطول الزمان و قصره صحة و إثماً و لا بمحو الصورة و عدمها و لا ببقاء بلل یمکن الأخذ منه فی الوضوء أولا کما لو تنجس أو انقلب الی الاضافة الّا حیث ینحصر المسح به فیلزم الاستیناف و لا بحلیة بقائه علی إشکال خصوصاً لو أتی بالعضو اللاحق مع حرمة بقاء البلل فی العضو السابق و سیما فی بلل المسح و یعتبر اتصال محل البلل فلو انقطع خرج عن الحکم و لو شک فی الجفاف بنی علی عدمه الّا فی جفاف البلة الماسحة فإنه لا یحکم بالمسح بها مع الشک فی جفافها و فی الحاق استهلاک البلل بجفافه وجه قریب.

خامسها: الترتیب فی الأعضاء فی غسلها الواجب و المستحب فی مسحها دون الأجزاء المتسامتة و غیرها بأن یقدم الوجه فی غسله الواجب و المستحب علی الید الیمنی کذلک و الید الیمنی کذلک علی الید الیسری کذلک و الید الیسری کذلک علی مسح الرأس و مسح الرأس علی مسح القدمین و لا یکفی الترتیب الحکمی فلو جمع بین غسل و مسح عضوین أو واحد. و بعض الأخر و بعضهما أو غسل و مسح ناویاً تقدیم المقدم لم یصح اللاحق و صح السابق و القدمان

ص: 11

لا ترتیب بینهما و الأحوط الترتیب و أقل منه الجمع دون عکس الترتیب و لو أخل بالترتیب حیث یجب عاد الی ما یحصل به الترتیب من الإتیان بالملاحق بعد السابق، و یکفی بما فعله بالسابق إذا أوقعه بعد اللاحق عمداً أو سهواً. الّا أن یکون قد ضمَّ نیة اللحوق بنیة الفعل فیفسد فعل السابق و لو ادخلها فی أصل العمل أفسده من الأصل کل ذلک إذا لم یلزم فوات الموالاة و لو نسی جزء من السابق عاد علیه ثمّ اعاد اللاحق و صح الوضوء إذا لم تفت الموالاة.

سادسها: النیة و هی قصد الفعل معیناً حقیقة ذلک الفعل مع التمکن من العلم بها و مع عدمه یکفی التعیّن واقعاً عن التعیین مع نیة القدر المشترک، و القصد الی ما خوطب به و لا یجزی التردید و لیس لذی المقدمة و لا للغایات و الاسباب فی الوضوء تشخیص فی الحقیقة النوعیة و الوضوء الصوریّة، مغایر لحقیقة الحقیقی و عارض النذر و الاستیجار الأقرب دخولهما فی حقیقة المأمور به. و یشترط مع قصد الفعل القصد بإیجاده قربة الی اللّه تعالی بالعبودیة و الطاعة و الانقیاد و إما لأنه أهل لذلک أو لعظمته أو جزاء لنعمته أو طلب لرضاه أو فراراً من سخطه من حیث إنهما کذلک، أو لطلب الثواب أو السلامة من العقاب دیناً و بین أواخر و بین إذا کان الاخلاص وسیلة الی حصولهما، لا بقصد المعاوضة و الاستحقاق عامّین کانا أو خاصین. و فی الخاص فی غیر المنصوص سیّما الدنیاوی اشکال الأحوط عدمه أو کان التقرب لما ترکب منها من اثنین أو أزید و تختلف مراتبها بالرجحان علی حسب ترتیبها. الا فی تقدیم جزاء النعمة علی طلب الرضا و الفرار من السخط من حیث هما کذلک. هذا إذا کانت هذه الغایات دواعی للعبودیة و الامتثال أما لو تجرّدت عن قصد الطاعة و الامتثال و کانت هی المفعل لغت فی الأفعال الخالیة عن الخضوع و التذلل. و أما فی الأفعال المشتملة علی ذلک فالأقرب الأجزاء بها و إنها أعلی رتبة من ضم قصد الامتثال و الطاعة، و لا بد من نیة

ص: 12

الوضوء جملة إجمالًا أو تفصیلًا فلو نوی کل جزء جزء علی انفراده أو ضم بعضها بنیة و أبقی منه جزء أو بعضه، و لم یکن قد نوی الجملة مع نیة الخلاف للجزء الباقی أو بلا نیة لم یصح علی الأقوی. أما لو نوی الجملة فالأقرب رجحان، نیة کل جزء جزء عند فعله مع عدم نیة الخلاف. أما مع نیة الخلاف ففی الجزء الأول یقطع حکم نیة الجملة و أما فیما عداه من الأجزاء فلا یقطع حکمها مع عود النیة الی جمیع الباقی أو الی بعضه مع عدم نیة الخلاف فی الباقی منه أو معها و یکفی فی الأجزاء المستحبة نیة القربة ابتداء و مع نیة الوجوب، ابتداء ینوی الوجوب الندب عند فعلها أو ابتداء مع الوجوب و لا یضر بالمقارنة و لو قیل بالاکتفاء بنیة الوجوب الابتدائیة، حتی علی القول باشتراط الوجه لم یکن بعیداً. و تلزم المقارنة فی القصد و الداعی لأول اغسل الوجه و یکفی مقارنته. و إن کان مع قصد الوجوب للمضمضة و الاستنشاق بل و للمستحب من غسل الید للوضوء ما لم یقع علی جهة محرمة و لا یکفی مقارنتها لما عداها من المقدمات و لو قریبة کما لا یجزی إیقاعها بعد مضی جزء من غسل الوجه و لا یلزم فیها بعد حصول القصد و وجود الداعی إحضار و لا غیره و کذا لا یلزم نیة شی ء وراء ذلک من وجوه الطلب أو صفات المطلوب من کم أو کیف سوی الحمیة التی یتوقف علیها التعیین من أیها کان کما إذا نذر وضوء یقصد به الندب و آخر یقصد به الوجوب أو واحد یقصد به عبادة اخری و الأولی بل الأحوط تعیین الوجه من الوجوب من الندب غایة، و لا یکتفی به وصفاً و الجمع بینهما أولی. و أما مع التردد و تعذر معرفة الوجه فتجزئ نیة التقرّب یقیناً أما مع عدم التعذر فالأحوط البحث و الفحص فی حکم أو موضوع، و الأولی قصد رفع الحدث أو قصد استباحة الصلاة فقط فی دائم الحدث و لو ضمَّ نیة التبرد حیث یکون مباحاً غیر عبادة و کانت نیة القربة ملحوظة بنفسها، فلا مانع سواء کانت نیة التبرّد مستقلة أیضاً أو تابعة. أما لو کانت نیة القربة تابعة أو جزء الداعی لم یصح و یلحق بنیة التبرّد نحوها من المباحات. و لو ضمّ نیة عبادة الیها صحَّ فی الصور الأربع علی الأظهر أما لو ضمَّ نیة محرم ریاء أو غیره فسدت تلک النیة، و حرم العمل الواقع بعدها مطلقاً مع الاستقلال و التبعیة، و لا یفسد محض وجودها فی أثناء العمل من دون وقوع جزء منه بعدها الا فی ضمیمة الریاء فالأقرب ان محض وجوده فی الأثناء و أن لم یتعقبه عمل مفسد للعمل، و لو نوی قطعه أو تردد فیه لم یفسد ما لم یکن فی ابتداء العمل فإنه مناف لنیة الجملة حینئذ أو یحدث فیه أمراً مفسداً. و ینقطع حکم النیة بالصورة الأولی فیحتاج الی تجدید النیة لو نوی القطع حالًا. أما لو نوی القطع فی ثانیة فاحتمالات بقاء حکم النیة و استمرارها و انقطاعها من حین نیة القطع فیلزم تجدیدها قبل محل القطع و انقطاعها عند محل القطع فیلزم تجدیدها حینئذ، أقربها أولها و أحوطها أوسطها و أما صورة التردد فالأقرب عدم انقطاع حکم النیة مطلقاً.

المبحث الرابع: فی الاحداث الناقضة للوضوء الموجبة له

و هی أحد عشر، ستة یرتفع حکمها بمجرد الوضوء و هی خروج البول و الغائط و المدار علی صدق الخروج و أن لم ینفصل أو کان مع شی ء ادخل من خارج ثمّ خرج متلطخاً بهما. فلا عبرة بوصولهما قریب المخرج و أن نظر الیهما و فی صدقه علی ما یخرج فی ظرف کمصران أو نحوه، و یخرج متصلًا بشی ء من الباطن الذی یرجع، و لا ینفصل عنه وجهان أقواهما فی الأول ذلک دون الثانی و یعتبر خروجهما من المعدة فلو أدخلا من الخارج ثمّ خرجا لم یلحقهما الحکم، و الریح الخارجة من المعدة و إن لم یسمع لها صوت، و لا یشم لها ریحة دون الخارجة من حلقة الدبر، و الاستحاضة القلیلة و هی ما یلطخ دمها القطنة و لا یغمسها و یلزم فی هذه الوضوء لکل صلاة بعد غسل الفرج و تغییر القطنة بالطاهرة و کذا الخرقة مع الاحتیاج

ص: 13

الیها کل ذلک بغیر فاصلة و تتوقف علیها الطهارة الحدثیة لا لمجرد التخفیف من الخبث علی الأظهر، و المتوسطة بالنسبة الی غیر صلاة الصبح حیث لا یکون الابتداء أو الانقطاع عندها. أما مع أحدهما فإنه یلزم الغسل و أن لم یکن صبحا علی الأقوی، و نعنی بها ما یغمس الدم القطنة و لا یسیل الی خارج، و الکثیرة بالنسبة الی غیر صلاة الصبح و غیر الأولی من الظهرین و العشائین علی النحو الذی مرّ علی المتوسطة ایضاً، و یشترط فی جمیعها الخروج من الموضع المعتاد خلقة محلًا لا آلة و ان لم یکن معتاداً أو اعتید علی غیره أو ما صار معتاداً حال اعتیاده و إن تعدد و لا اعتبار بما یخرج من غیر المعتاد الخلقی و الفعلی. و إن انسد المعتاد و لیس فرج المرأة و ذکر الرجل من المعتاد للریح، و النوم الغالب علی العقل فی العاقل و فی غیره الغالب علی إدراکاته. و إن علم بعدم وقوع حدث فی أثنائه و لا فرق فیه بین أن یکون النائم قائماً أو جالساً و مضطجعاً، منفرجاً و غیر منفرج و فی جمیع الحالات و علامته أن یغلب علی حاسة السمع و البصر حیث لا یکون غیرهما من الحواس أقوی منهما و المراد بالغلبة زوال الحاسة لا عدم حصول أثرها و أن کانت موجودة. فإن ذلک لم یزل یحصل مع الیقظة عند اشتغال البال و جمیع ما یعقل یغلب علی العقل من جنون أو سکر أو إغماء أو نحوها، و یکفی وضوء واحد لتلک الاحداث و ان تعددت انواعاً أو افراداً منویة أو غیر منویة و لو نوی عدم رفع البعض. فالأقرب الغائها و الاکتفاء بنیة الرفع للبعض و الأحوط الاعادة، و مستدام الحدث الغیر المسقط للتکلیف من جنون أو نوم و نحوهما کالمسلوس و المبطون و الاستحاضة یتوضئون و إن کانوا علی طهارة قبل حصول الحدث المستدام لکل صلاة واجبة أو مستحبة و کذا الکل عمل یکون غایة للوضوء و لا یجمع بین عملین متعاقبین بوضوء واحد و یسقط الوضوء للکون علی الطهارة و فی مشروعیة التجدیدی. حیث لا یستلزم الفصل بینه و بین العمل اشکال و لا یجب الاقتصار علی ما یلزم فی الصلاة، بحسبها بل له الإتیان بمستحباتها کما ان له الإتیان بمستحبات الوضوء أیضاً علی الأظهر، و لیکن الوضوء فی الحدث الملوث دون غیره کالریح بعد تطهیر المحل، و وضع الحفیظة و تتوقف الطهارة الحدثیة علی ذلک و لو قدم هذه الاعمال علی الوضوء، أو أوقعها فی أثنائه أو أوقعه فی أثنائها. فالأقرب الصحة و الأحوط ذلک، و تلزم هذه الاعمال علی الأقوی فی کل مستدام الخبث الغیر المعفو عنه مع التمکن تخفیفاً للنجاسة، و یبادرون بهذه الأعمال و بالوضوء، و بعد الوضوء علی الصلاة من غیر فاصلة و لو کان لهم فترة تسع الطهارة و الصلاة أو بعضها انتظروها و تبطل الصلاة قبلها. أما لو وسعت الطهارة فقط أو بعضها لم یجب انتظارها و أن کان الأحوط ذلک. و لو جاءت و ترک الصلاة فیها فعل حراماً، و صحت الصلاة بعدها مع الاعمال و لو فاجأ المسلوس و المبطون الحدث فی اثناء الصلاة و لم ینقطع و الحال هذه تطهّرا و إن استلزم فعلا کثیراً أو منافیاً و بنیا علی ما فات علی قول و الاقوی الاقتصار فی ذلک علی المبطون، و فیما عداه یمضی علی عمله ما لم یکن له فترة ثانیة. فالأقرب ابطاله و انتظارها و مثل ذلک ما لو فاجأ الحدث المستدام للمتطهر فی أثناء صلاته، مع عدم رجاء انقطاعه فإن الأقرب مضیة علی عمله و الأحوط الاعادة فیهما مع إعادة الأعمال حیث یحتاج إلیها، و الجمع بین ذلک و الطهارة ان لم تستلزم منافیاً و الأحوط تحری الوقت الذی یکون خروج الحدث أقل من غیره، بل لا یبعد لزومه حیث یکون فیه تخفیف النجاسة الخبثیة، و لو فاجأ الحدث صاحب الفترة فی أثناء الطهارة أو بعدها قبل الدخول فی الصلاة. فالأقرب لزوم استینافها و کذا لو فاجئه فی أثناء الصلاة و انقطع انقطاعاً لا یرجو عوده إلیه، و هو فیها فإن الأقرب بطلانها و لزوم استینافها. و کذا متی انقطع الحدث المستدام انقطاعاً لا یرجی عوده فی أثناء الطهارة

ص: 14

و بعدها قبل الصلاة أو فی أثنائها. فإنه یحکم بالبطلان و لزوم الاستیناف أما ما کان من عادته الرجوع فلیس علی الفترات العادیة مدار و حکم هذا الانقطاع حکم الاستمرار ثمّ أن هذا الحدث بعد مشروعیة الطهارة له لم یکن ضیق وقوعه کضیق الوقت فینتقل صاحب الفترة الغیر واسعة للطهارة المائیة الی الطهارة الترابیة، و الغیر واسعة للصلاة بسورة الی ترک السورة و خیال تنزیل ضیق وقوعه منزلة عدم التمکن فینتقل فرضه الی الایماء و نحوه حتی تنتهی صلاته الی التکبیر مما لا ینبغی ان یتفوه به، و هو قطعی البطلان و أربعة منها یرتفع حکمها بالوضوء و الغسل معاً لا بأحدهما، و هی الحیض و النفاس و مس الأموات و الاستحاضة بقسمیها الکبری و الوسطی، بالنسبة الی کل صلاة یتقدمها الغسل و هی جمیع صلواتهما. فإنه لا تصح لهما صلاة علی الأظهر الّا و یتقدم علیها غسل متصل بها أو منفصل عنها، و الأحوط تقدیم الوضوء فیها علی الغسل و إن کان الأقوی التخییر و لا یلزم الموالاة بینهما فی غیر المستحاضة و یعتبر عدم تخلل حدث بعد الوضوء قبل الغسل. فلو تخلل حدث أفتقر الی اعادة الوضوء و لا یضر تخلل الحدث الأصغر بعد الغسل فی حکم الغسل، و لو کان الغسل رافعاً للأصغر کغسل المس بل یمضی الغسل و یلزم الوضوء، و یثمر الغسل ثمرته قبل الوضوء أن کان رافعاً للأکبر و لا یثمر مع رفعه للأصغر قبل الوضوء شیئاً. و یقوم مقام الوضوء الغسل القائم مقامه و هو غسل الجنابة فیکتفی به عن إعادة الوضوء مع هذه الأغسال، و الحادی عشر ما یرتفع بالغسل فقط و هو الجنابة فهذه إحدی عشر، و لا ناقض سواها و کلها ناقضة للوضوء و لا ینقضه ما یخرج من المخرجین من دم، الا ان یستحیل غذاء المعدة و الماء الیه فیدخل

ص: 15

تحت إطلاق البول و الغائط. فإن الأقوی جری حکمها علیه حدثیة و خبثیة فلا یعفی عن قلیلة و یلزم تکرار الغسل فیه إذا کان بولًا أو رطوبة أو حصاة أو نواة و نحوه، مما لا یسمی بولًا أو غائطاً، نعم لو خرج شی ء من النواقض مصاحب لأحدهما قلَّ أو کثر أصاب الخارج أو لم یصبه، فلا استنجاء نقض و لا یحکم بشی ء منها الا مع العلم، فلو حصل ریح لا یعلم إنه من المعدة أو خرج شی ء شک فی مصاحبة الغائط له، أو شک فی خروج الخارج. و ان کان بولًا فلا عبرة به و الشک فیما یخرج من الذکر صحیحه أو مقطوعه بعضاً أو کلًا أو ثقب الممسوح قبل الاستبراء أو العلم ببراءة المخرج أنه بول أو منی یقوم مقام العلم، و فی تسریة الحکم الی الذکر المعلوم الزیادة أو المشتبه و أن لم یثبت اعتیاده فیلحقه حکم النجاسة الخبثیة دون الحدثیة، و إلی الذکر النابت فی غیر محله و أن سقطت بعض الخرطات فی استبرائه وجه قریب، و لو حصل حدث و کان متردد بین شخصین لم یحکم علیهما بشی ء و لا یشرّع لکل منهما الوضوء و الغسل لذلک علی الأظهر. و من أراد الاحتیاط فلیعمل العمل لأمر آخر یکتفی به إن صادف الواقع.

المبحث الخامس: فی الاستنجاء

و یلزمه امور:

أحدها: ستر لون العورة الأصلی أو العارض دون الحجم و لو کان مرئیاً من وراء الساتر و لا فرق بین ظاهرها و باطنها و هی القبل و الدبر للرجل و المرأة کلًا أو بعضا خلقاً فی محلهما أو فی غیره مع بقاء صدق الاسم، و النابت فیهما من جلد أو ورم منهما و الشعر النابت فیهما و الثقب فی محلهما و کذا محل الذکر المقطوع و الفرج المقصوص و معلوم الزیادة منهما مع التعدد لیس منهما علی الأقرب، و الأحوط الإلحاق و البیضتان دون الألیتین و دون الشعر النابت حول العورة، و یلزم من باب المقدمة دخول شی ء من الخارج فی حکمها، و الأحوط الحاق ما بین السرة الی الرکبة بل الی نصف الساق بها عن کل ناظر فعلًا أو متوقع نظره له لیاقة التمییز للعورة و أن خلی عن مطلق التمییز فیجب الستر حینئذ عن أکثر المجانین و الأطفال، و الأحوط سترها عمن یزید عمره علی ثلاث سنین سوی الزوجة و الزوج و المملوکة التی یجوز الاستمتاع بها و مالکها و ما احلّ له فرجها وطئاً أو لمساً أو نظراً أو المحلل له ذلک. و فی العاقل الناظر الغافل عن الادراک إشکال الأحوط بل الأقوی لزوم الستر عنه.

ثانیها: ان لا یستقبل القبلة الاختیاریة أما قبلة المتحیّر و لو حال التحیّر، فلا یجری علیها الحکم و لا یلحق بها ما عداها من بیت المقدس و سائر الأمکنة المشرفة الا مع استلزامه الاهانة مع القرب، و کذا لا یستدبرها ببدنه معظمة و لا یشترط جمیعه حال خروج البول و الغائط بل حال قصد ذلک حالًا متصلًا بالخروج فیلزم التجنب فیه من باب المقدمة و کذا حال الانفصال و لا یلزم ما سوی ذلک و فی خروج بعض القطرات أو شی ء من الغائط فی غیر حال الاستنجاء اشکال لا یبعد عدم التحریم و منه یظهر عدم لزوم التحری علی المسلوس و المبطون فی غیر حالة استنجائه. و تستوی فی ذلک الصحاری و الأبنیة و المدینة المشرفة و غیرها و الکنیف المبنی علی القبلة و غیره، و لا فرق فیه بین الابتداء و الاستدامة و الاستقبال و الاستدبار فی کل حال بحسبه، فاستقبال القیام و المشی و الجلوس و الاضطجاع و نحوها من استلقاء علی البطن و الظهر و کذا استدبارها مختلف کلّ بحسبه و مع الاضطرار أو اشتباه القبلة اشتباهاً غیر محصور، و یسقط الحکم. و ان تمکن من الجهة الغیر المحتملة کونها قبلة و لا یلزم التفحص و أن تمکن من المعرفة مع الاشتباه المحصور و الاقوی لزوم الاجتناب و لو استقبل القبلة و أمال

ص: 16

ذکره لم یرتفع المنع، کما انه لو امال ذکره الیها لم یحصل المنع و الأحوط التجنب و لو دار الأمر بین الاستقبال و الاستدبار کان الأولی بل الأحوط تقدیم الاستدبار.

ثالثها: تجنب المواضع المحترمة کالمساجد و نحوها بتلویث و غیره و لا یبعد عدّ قبور العلماء و الأولیاء بل و مقاماتهم و مشاهدهم من ذلک و ربما أدی ذلک أیضاً الی هتک الحرمة مع التلویث أو بدونه فیکونوا کفراً، و تجنب الأماکن المغصوبة و لو یفعل الاستنجاء فقط مملوکة کانت أو موقوفة خاصة أو عامة مع منافات عرض الواقف إذا لم یکن من الصحاری المتسعة، أما لو کان منها فیحل لغیر الغاصب مع عدم العلم بالمنع لشاهد الحال أو لقیام السیرة علیه و أن علم المنع فلا یحل الا مع الاتساع الکلی المؤدی اجتنابه الی الحرج غالباً و ما لم یعلم الملک فیه بنی علی عدمه، و ما علم فیه ذلک و ما لم یعلم الأذن و قد تصرف المسلمون فیه بنحو خاص فالأقرب البناء علی صحة تصرفهم و جواز التصرف تبعاً لتصرفهم، و کذا المواضع المشترکة بین المسلمین کالشوارع و المشارع و الأسواق إذا أضر بالمسلمین و یلزم فاعلها فی جمیع ذلک إذا استدامت علة المنع إزالتها و لو باستیجار منه مع امتناعه یجبر و مع تعذر قیامه بذلک لزم الناس کفایة ذلک فی الصورة الأولی و لزم بیت المال فی الصورتین الأخیرتین.

رابعها: الاستنجاء لمن اراد الصلاة واجبة أو مستحبة أو الطواف الواجب، و کان ظاهر المحل المعتاد قد تلوث بالنجاسة حین جزء وجها بالماء خاصة فی غسل البول و یغسله مرتین تحقیقتین احتیاطاً و لو بقطرتین و أضعف منه احتیاطاً مرتان تقدیریتان و المرة المستوعبة المنفصلة و لو بقطرة کافیة فی غسله مع عدم التجاوز الفاحش، و الأولی بل الأحوط غسله ثلاث مرات منفصلات و متخیّر بین الغسل بالماء مرة، و هو الأفضل غسلًا مزیلًا للنجاسة بحیث لا یبقی منها جزء متخلف لا کبیر و لا صغیر، و هو المعبر عنه بالأثر و لا یضر بقاء اللون و الرائحة و لا تغییر الماء بعد انفصاله و فی تغییره حین اتصاله قبل إزالته ما لم تستهلکه النجاسة فتخرجه عن الماء به وجهان فی الحکم بتطهیره و أن لم یکن محکوماً بطهارته کما فی المتغیر بعد الانفصال. أقواهما ذلک و بین الحجر و المدر و الخرق و نحوهما من أی جسم کان عدم المستثنیات، و لو کان جزء حیوان بل جزء إنسان فی الغائط. و إن بقی الأثر ما لم یصاحبه دم أو غیره من منی أو بول و قد اصابت المحل و لم تصبه نجاسة خارجیة اصابت المحل ایضاً، و لم یکن متجاوزاً حلقة الدبر تجاوزاً بیناً فلو تجاوز سقط حکم الأحجار حتی عن المحل نفسه بشرط کون الحجر و نحوه ما یمسح به طاهراً مزیلًا لعین النجاسة و لو وجدت فلا یجزی المسح مع عدم وجود عینها بالتراب و نحوه من صقیل أو خشن لا یزیل عینها علی اشکال و لا یعتبر اتصافه عاما بذلک و الأحوط کونه جافاً، و الأقوی اعتبار بکارتها و عدم استعمالها و لا بعضاً منها فی الاستنجاء. و ان لم تتنجس بذلک الاستعمال أو طهرت بعد التنجیس و فی المنفصل منها غیر المستعمل وجهان الاقوی الاجتزاء به بعد الانفصال و متی فقد شرط من الشروط تعیّن بالماء و یحرم الاستنجاء مع تلویث الماسح و بدونه بالعظم من أی حیوان کان و لا یدخل العصب و غیره مما لا یسمی عظماً عرفاً و الروث و هو ما یخرج من الحیوان ذی الحافر دون ذی الظلف و الخف و الأشیاء المحترمة کالتربة الحسینیة و الأخشاب و الأحجار للکعبة و طین قبور النبی و الأئمة و اخشاب ضرائحهم و ما کتب علیه اسم اللّه تعالی أو أسمائهم أو قرآن أو دعاء أو حدیث عنهم و فی کتب الفقهیة و کتب اللّه المنسوخة وجهان الاقرب فیها ذلک و کذا یحرم الاستنجاء بالماء المحترم کماء زمزم و الموضوع فیه تراب الحسین (علیه السلام)، أو بعض الادعیة و لا یبعد التحریم فی مطلق طین کربلاء لمن کان خارجاً عنها لا فیها و فی ثبوت التحریم فی آلات العبادة من حیث جعلها کذلک وجه لیس بالبعید و المطعوم

ص: 17

حیث یتخذ عادة کذلک فی المحل الذی اتخذ فیه ذلک و کذا المغصوب و تزول مع النجاسة فیما عدا الأولین ما لم یستلزم کفراً فإن الأقوی عدم زوال النجاسة فیما عدم عن النجس و یبقی الاثم فی جمیعها علی الأظهر، و الأحوط اعادة الاستنجاء بالمحلل فیما عدا المغصوب و فیه یضعف الاحتیاط و یعتبر التثلیث فی الاحجار و نحوه حال الاستنجاء فلو أتصل المتعدد حتی عدّ واحداً احتسب بواحد و بالعکس بالعکس. و إن زالت بأقل من ثلاثة أحجار وجب الإکمال و إن لم تزل بالثلاثة فلا بد من الزیادة فی المسح لا فی الماسح حتی تزول و فی الحجر الکبیر و الخرقة الواسعة قیل یکفی اعتبار الجهات و الأحوط قسمتها ثلاث فیما لا یکون خارقاً حتی یکون المسح بثلاث منفصلات، و لا بد من مراعاة المسح فلا یکفی مجرد الوضع و من تثلیث المسح کما اعتب تثلیث الماسح فلا یکفی المسحة الواحدة بثلاثة أحجار و استوعبت کل واحدة المحل علی إشکال. و من استیعاب الممسوح فی کل مسح فلو مسح بعضاً من المحل بحجر و هکذا حتی استوعب المحل لم یجز و فی احتساب المتعدد بعد استیعابه المحل بواحد وجه الاقوی الأحوط خلافه.

خامسها: الاستبراء لمن یخشی انتقاض طهارته أو نجاسة ثیابه و لیس بواجب لنفسه و لا لغیره و هو علی الاظهر مستحب لنفسه و الأولی فی کیفیته أن یطهّر الغائط أولا للتحرز من النجاسة و لیس ذلک شرطاً فیه، ثمّ یمسح بعد انقطاع البول مسحاً علی المعتاد بیده أو بغیرها من الآلات ما بین حلقة الدبر الی أصل الذکر ثلاثاً ثمّ یعصر الموجود من الذکر علی نحو المسح من أصله الی طرفه ثلاثاً ثمّ ینتره من طرفه علی نحوهما ثلاثاً، و لا یقوم العصر مقام النتر و لا بد من تمام العدد. و من الترتیب فلو جمع و لو بواحدة منها أو عکس الترتیب و لو بواحدة لم یجز و فی الاجتزاء مع الوصل بین

ص: 18

المرة الاخیرة من المرتبة السابعة و الأولی من اللاحقة من دون انفعال وجهان أقواهما ذلک و هل یعتبر التوالی بین الخرطات و التخلی بین مراتبها بین أحادها أو لا یعتبر مطلقاً أو یعتبر فی البعض دون البعض أقربهما أوسطهما، و أحوطهما أوّلها سیما فی الأخیرین و فائدته إنه لو خرج شی ء من الذکر فلم یعلم إنه بول أو لا حکم بطهارته و لم تنتقص طهارته و لا یستحب إعادة الطهارة استظهاراً علی الاظهر و لو لم یکن مستبرئاً و لو عن نسیان أو عدم تمکن تنجس ثوبه و انتقضت طهارته مع الشک فی اصل جنس الخارج بسیطاً أو مرکباً أما مع العلم به و الشک فی امتزاجه بالبول فوجهان أحوطهما الاجتناب، و یثبت الاستبراء بعد البول المعتاد و أن حصل فی أثناء الاستبراء إعادة و لا یلزم بعد القطرات الخارجة بالاستبراء فی اثنائه أو بعده. و أما فی القطرات الغیر الخارجة به فوجهان اقواهما لزومه و لو شک فیه بنی علی عدمه، ما لم یکن کثیر الشک أو کان من عادته فعله علی إشکال فی الأخیر. و لو شک فیه بعد خروج المشتبه و الإتیان بما شرطه الطهارة لم یلتفت الیه بالنسبة الی ما مضی، و ما یأتی مما شرطه الطهارة الحدثیة و الخبثیة، و الأحوط التطهیر و الطهارة فی المستقبل و لو شک فی ابعاضه لزمه الإتیان بالمشکوک فیه ما دام علی حال التخلی الا ان یکون من عادته سبعة علی الاستنجاء و قد استنجا فإنه لا یلتفت الی شکه علی اشکال و لا استبراء علی النساء و ینبغی لهن الصبر فی الجملة بعد البول و التنحنح و لا یبعد الحاق الممسوح بها و لو عصرت فرجها عرضاً فلا بأس.

المبحث السادس: فی الوضوء الاضطراری

و هو اقسام:

أحدها: الوضوء للتقیة و تتحقق بحضور من یخافه من العامة أو من تدیّن بدینهم و إن لم یکن منهم دون من عداهم من فرق المسلمین أو غیرهم. فإنه و أن رفعت تقیتهم الاثم الا أنها لا تصحح العمل إذا کان الخوف علی نفسه أو ماله قدراً معتداً به اضرَّ أو اجحف أو لا أو عرضه أو علی بعض المؤمنین نفساً أو مالًا کذلک أو عرضاً. و لا یبعد الحاق الخشیة علی الجاه و الاعتبار إذا خشی الذلّ و الإهانة أو خوف حضورهم أو خشیة بلوغ الخبر الیهم، و لا یشترط فی جواز التقیة عدم امکان الخروج عن محلها و الأولی فی بلادهم و محل سلطنتهم اظهار التدین بدینهم و التحبب الیهم، و إن کان فی مکان لیس الأمر فیه کذلک فالأقرب إن الأولی بل الأحوط الخروج الی مکان لا تقیة فیه مع الإمکان و لا عدم امکان التخلص بالبذل، فلا یجب بذل المال فی دفعها علی الأقوی و أن رجح ذلک فی مکان مقام إعزاز الدین و علو الکلمة بل ربما وجب فلو مسح علی الخفین أو غسل قدمیه أو ابتداء فی غسل الوجه من اسفله و فی غسل الیدین من أطراف الأصابع و انتهی الی المرفقین فی محل التقیة جاز، و یتخیر مع تعدد الأفعال الموافقة للتقیة و إن کان مراعاة الأقرب الی الحق من الأفعال أولی و الأقرب إنها متی جازت لزمت و لو فی المال. و ان کان فی الخوف غیرها لا تلازم فیجوز ترک الواجبات و فعل المحرمات للخوف علی المال، و لا یجب غالباً و لو ارتفعت التقیة بعد فعل الصلاة لم یجب اعادتها و کذا لو زالت بعد الشروع فی الوضوء قبل اتمامه فی اثناء العضو الواحد أو الأعضاء ما لم یکن قد استلزم و اوقع فیها فعلًا منافیاً یقع بعد ارتفاعها کما لو استأنف ماء لغسل الرّجل حال التقیة. فإنه لا یجزی المسح به بعدها أو زالت بعد اتمامه قبل الصلاة فلا تجب الاعادة علی الأقوی و الأحوط الاعادة و لو فعل ما ینافی التقیة جاهلًا بها أو ناسیاً فالأقرب الصحة. و لو فعل مقتضاها جهلًا منه بحصولها أو غفلة منه فالأقرب البطلان علی اشکال فی الصورة الأولی و کذا لو فعل خلاف مقتضاها مع اعتقاد حصولها و لو دار الأمرین

ص: 19

مسح الخفین و غسل الرجلین مع مماسة الید لهما وجب الغسل و الّا فالأولی بل الأحوط الأخیر و لو أنفعت التقیة بما یوافق مذهبهم و بغیره من مذاهب الضلال فالأقرب وجوب الاتیان بموافق مذهبهم دون ما عداه مع ضیق الوقت و بدونه لصحته و بطلانها.

ثانیها: وضوء اقطع الیدین أو القدمین مثلًا و الحکم فی ذلک إنه أن بقی من محل الغسل و المسح شی ء أتی بحکمه و لو انقطع محل الفرض بتمامه، کأن تقطع الید من فوق المرفق و القدم من فوق الکعب سقط الحکم عن ذلک العضو المقطوع، ما لم یعد الی الاتصال عرفاً. و لا بدل له فی المغسول أو الممسوح، أما بالنسبة الی الماسح فینتقل الفرض و لا یسقط فرض الوضوء کما فی نقصان الماء عن بعض الأعضاء فإنه ینتقل الفرض فیه الی التیمم و لو قطعا من المفصل فالأحوط الغسل لما اتصل بمحل الغسل

ص: 20

و المسح لماء اتصل بمحل الفرض. بل الأقوی وجوب ذلک فی الباقی من المفصل و لو لم یتمکن من غسل الاعضاء الباقیة التمس و استأجر أجرة لا بحالة من یغسلها له و یتولی هو النیة و لا تقوم نیة المباشر مقام نیته و الأحوط مراعاة نیتهما و لا یلزم وحدة المباشر فی الافعال المتعددة، و کذا فی الفعل الواحد و لا کونه ممن یصح منه العمل فیتولی الکافر حیث لا یلزم منه النجاسة و المخالف و المجنون و الأحوط مراعاة ذلک و یلزم المباشر المسح بید صاحب الوضوء مع التمکن و مع عدمه مسح یده ببلة الوضوء أو مسح غیره بتلک البلة و أن کان مراعاة الاول اولی.

ثالثها: وضوء الجبائر فإن حصل فی مواضع الغسل أو المسح جبیرة کسرا و رض أو فسخ أو عصابة علیها تقوم مقامها بضر حلها و لا یمکن فی المسح مباشرة جزء من الممسوح و لا فی الغسل ایصال الماء الی ما تحتها بطریق الجریان أو بدونه مع بقاء کل جزء من الماء فی محله و ان کان الأول متعیناً مع الاختیار، و یتحقق عدم الامکان بعدم القدرة علی ذلک و لو شرعاً لا بالأجزاء و لا بالوضع فی الإناء أما لعدم امکان ازالة النجاسة عنه أو لخوف الضرر علیه مسح برطوبة أو بماء علیها و لا یکلف الغسل لها فی موضع الغسل، و لا یجزی و لو تجرد عن المسح و لا یجزی ایصال الماء أو الرطوبة الی موضع المسح عن المسح علیها المسح. کما لا یجزی عن المسح علیها المسح علی محالها فی مواضع الغسل و لو کانت نجسة الزم تطهیرها أو تغییرها و الا وضع طاهر علیها الإمکان مع تعذر ذلک سقط المسح علیها کما لو کانت مغصوبة و یلزم حلها ان أمکن و مسح ما تحتها و الّا تیمم و الأحوط مع امکان مسح ما تحتها الجمع بینه و بین التیمم و مع عدم امکانه الجمع بین غسل ما حولها و التیمم و لا یلزمه سوی مسح ما تیسر من ظاهرها. فلا یکفی مسح باطنها الّا ان یصیر ظاهراً و لا یلزم استیعاب ما بین الخیوط مما یتعذر أو یتعسّر الوصول الیه و کذا لا یلزم تخفیفها و الاقتصار علی اقل افرادها ما لم تخرج عن المعتاد و لا یکفی الاقتصار علی بعضها، و لا بد فیها من اختصاصها بموضع الکسر أو تجاوزها بما لا یخرج عن المعتاد بنسبة حال الکسر و مع تجاوزها و مع امکان ایصال الماء الی المتجاوز تحتها لا یجری علی الزائد معها حکم الجبائر و یجری فیه ما سیجی ء، و الجرح و القرح المعصبان مما یسمیان جرحاً و قرحاً کبیرین کانا أو صغیرین کالجبیرة و المکشوفان یعصبان علی مقدارهما و مقدار ما یتصل بها اعادة علی حسب الاحتیاج و یصنع بهما ما مرَّ و مع عدم امکان التعصیب یمسح علیهما انفسهما و مع تعذر المسح یغسل ما حولهما و جواز الاقتصار علی غسل ما حوله فیهما مطلقاً قوی، و الأحوط ما ذکرناه مع غسل ما حوله المتصل به قبل التعصیب مع الامکان، و لو امکن المسح علی البشرة فالأحوط الجمع بین الأمرین، بل الأمور و احوط منه ایقاع التیمم مع جمیع ذلک و الظاهر جری حکم الجبائر فی الدواء و اللطوخ علی کسر أو جرح أو قرح مع امکان رفعهما و عدمه و کذا فی کل ما التزق عجّل الغسل أو المسح منهما و من غیرهما بحیث لا یمکن ازالته و کان عدم امکان الازالة هو کمانع منهما و لم یتصل اتصال الجزء فیغسل عوض ما تحته علی الأظهر. و إن الجمع بینه و بین التیمم فی ذلک أحوط و کذا فیما لو عمت الجبیرة العضو أو الاعضاء و لا یجری هذا الحکم فی الرمد و وجع الأعضاء و إن عصیت و جعل لها علی هیئة الجبیرة أو وضع علیها دواء أو لطوخاً بل یتعین هنا التیمم، و لا بأس فیه بالمسح علی المحل النجس و المسح بالنجس کما سیجی ء، و الأحوط ان یضع خرقة طاهرة علی النجسة أن لم یمکن رفعها و یلزمه تخفیف الجبیرة و العصابة مهما امکن و لو جمع بین التیمم و الوضوء مع المسح علی الدواء حیث یکون دواء سیّما مع عدم إمکان رفعه لم یکن به بأس.

ص: 21

رابعها: شدة الحرارة المجففة لرطوبة الأعضاء و یلحق بها عدم التمکن من الماء دفعة و الاکراه علی عدم الموالاة و ان لم یکن لتقیة، و هنا ان تعذر علیه التخلص من ذلک فلا بأس و الأحوط فی الصورتین الأخیرتین الجمع مع التیمم سیما مع الفاصلة الکلیة الماحیة للصورة و أن أمکنه التخلص من ذلک بلا مشقة تخلص و أن جفت رطوبة الید فقط فلم تبق رطوبة للمسح اخذ مما بقی من رطوبة الاعضاء و لو رطوبة مسح أو اللحیة. و لا یأخذ مما خرج عن حدود الوجه أو کان من باطنه و یقوی جواز الأخذ من المسترسل، و مما تحت شعر الوجه الخفیف أما ما تحت الکثیف فلا و لو تعذر بقاء بلل الوضوء مسح بماء حدید.

ص: 22

المبحث السابع: فی ارتفاع الضرورة

فإن ارتفعت قبل الدخول فی الوضوء وجب وضوء المختار أو بعد الدخول قبل التمام فکذلک یجب فی التتمة وضوء المختار. و الأحوط اعادته من رأس ما لم یستلزم إیقاع الباقی علی وفق الضرورة السابقة فیلزم فیه الإعادة، و إن ارتفعت بعد فعل الصلاة فی أثناء الوقت و خارجه فلا بحث فی صحة الصلاة و إن زالت بعد الوضوء قبل الصلاة فالأقرب عدم لزوم الاعادة و جواز الدخول به فی الصلاة و الأحوط الاعادة.

المقصد الثانی: فی الاغسال الرافعة للحدث

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی بیان اعدادها

و هی خمسة: غسل الحیض، و الاستحاضة، و النفاس، و غسل الجنابة، و مس الاموات، و لا بحث لنا فی الثلاثة الاولی لأنها من خواص النساء و نحن إنّما نبحث فی المشترکات بینها و بین الرجال.

المبحث الثانی: فی غسل الجنابة

اشارة

و لا یلزم معه وضوء بل یحرم بخلاف باقی الاغسال و تحصل الجنابة بأمرین:

احدهما: خروج مسمی المنی قلیلًا أو کثیراً من اصل البدن فلا عبرة بما یصل الی رحم المرأة و لا یخرج الی خارج، و لا بما یخرج منها من منی الرجل خروجاً من الموضع المعتاد للذکر أو الانثی بالأصل أو بالعارض فی نوم أو یقظة اختیاراً أو اضطراراً خرج حین التلذذ و الرفق أو بعده. و یکره الاخبار بحکم الاحتلام للنساء مع عدم الحاجة و یناط الحکم به ظاهراً مع العلم بحصوله، فلو ظنّ حصوله من دون حجة شرعیة أو شک فی کونه منیّاً فلا بأس الا ما یخرج قبل الاستبراء بالبول کما سنبینه ان شاء اللّه بشرط العلم بصدوره منه فلو دار بین شخصین أو ازید مع الحصر و بدونه کما لو کان الثوب أو الفراش بین شخصین فلا یحکم علیهما مستقلًا بشی ء فی حدثیة و خبثیة سواء کان الاشتراک بینهما دفعیاً أو علی التعاقب علم صاحب النوبة الأخیرة أو لا و ان حکم بنجاسة الثوب أو الفراش من حین النوبة الاخیرة، و یحکم علی المجموع بکل من الحدثیة و الخبثیة فما یلحق کل واحد علی الاستقلال یجری علیه احکام الطهارة و ما لحق المجموع جری علیه الحکم الحدث فلا یجوز استیجارهما لصلاة و لا لقراءة عزائم، و لا ادخالهما مسجداً، و لا وضع یدیهما علی مصحف، و لا الاکتفاء بهما فی عدد جمعة، و لا ائتمام احدهما بالآخر علی الأظهر، و کذا لو اختص الثوب به و احتمل صدور المنی من غیره علیه معیناً أو غیر معین لم یحکم بالجنابة ایضاً، و الذی یظهر من النظر فی الادلة فتوی و نصاً عدم مشروعیة الاحتیاط فی مثل ذلک. و إن شملته ادلته فلا یشرع لمن ظنَّ الجنابة أو احتملها التقرب بالغسل، و لو اغتسل و الحال هذه فبانت جنابته لزم اعادة الغسل، و لو علم صدوره و شک فی زمانه حکم به فی آخر ازمنة مکانه، و لو شک فی صدوره قبل الغسل و انه من الجنابة السابقة علیه أو بعد الغسل فیکون جنابة مستقلة حکم بالطهارة للشک فی الحدث. و لو علم انه جنابة مستقلة و شک فی سبقها علی الغسل و لحوقها حکم بالحدث للعلم بکل من الطهارة و الحدث و الشک فی السابق و اللاحق و حقیقته معروفة لا یعذر فیها من جهلها. کما أن الجاهل بالحکم کذلک و انما یعذر من جهل المصداق و لا یجب البحث و الفحص عنه، و من

ص: 23

علاماته الشهوة الغالبة و الانحدار بقوة إذا خرج من صحیح البدن، و یکفی فی المریض الشهوة فقط و الظاهر الحکم بذلک و ان لم یفد العلم بالمنی و الاولی مراعاة الفتورة مع ذلک و من امارته کونه برائحة الطلع و انحلال البدن و ضعف القوة الذکر و حصول الجرم فی الثوب و نحو ذلک و لا یحکم بها الا مع افادتها القطع.

ثانیهما: الوطء للرجل بالذکر الاصلی أو المشکوک فیه أو المعلوم زیادته مع صدق الاسم علیه علی اشکال فی الاخیرین المتصل دون المنفصل مع دخول الحشفة تامة ان وجدت من اعلاها أو اسفلها أو عرضها و لا عبرة بدخول قدرها من غیرها مع وجودها کما لو ادخل الذکر من وسطه أو ادخلت قطعة منه نبتت فیه علی اشکال، و ان قطع بعضها کفی دخول باقیها و ان قطعت رأساً لوحظ مقدارها بنسبة الذکر کما فی ذکر لا حشفة فیه و لا فرق فی الوطء بعد حصول مسماه بین أن یکون بدون حاجب أو معه کثیفاً أو خفیفاً اختیاراً أو اضطراراً فی نوم أو یقظة انزل الواطئ و أن لم ینزل بلذة و بدونها مع انقاض الذکر و بدونه فی القبل للأنثی المتصل دون المنفصل الاصلی أو

ص: 24

غیره مع صدق الاسم علی اشکال أیضاً دخولًا فی فمه لا فی ثقب آخر یصل الیه سواء کان من امرأة أو بهیمة أو دبرهما کان کذلک علی وجه یقوی فی البهیمة قبلًا و دبراً خلافه. کما یقوی ذلک فیما إذا ادخل ذکر البهیمة فی فرج امرأة أو دبر انسان أو دبر غلام أو دبر الخنثی و لا عبرة بما هو علی صورة الذکر فی المرأة و لا بما هو علی صورة الفرج فی الرجل و لا بهما فی الخنثی المشکل الا ان یحصل الوطء بهما معاً من غیر خنثی مثلها صغیرین کان الواطئ و الموطوء أو کبیرین، حیّاً کان الموطوء أو میتاً و فی دخول ذکر المیت اشکال الاقوی لزوم الغسل فیه. و یلزم الغسل علی المکلف واطئاً أو موطوء و علی غیره بعد البلوغ علی الاقوی، و لو شک فی اصل الوطء أو دخول الحشفة فلا شی ء علیه و مع اختلاف الواطئ و الموطوء کل یکلف بمعتقده و لا یکون احدهما حجة علی صاحبه الّا مع عدالة الرجل فیکون جزء البینة.

المبحث الثالث: فی بیان ما یتوقف علی غسل الجنابة

و یحرم ایقاعه بدونه من واجب و مندوب و مباح و هو غیر واجب لنفسه بل مستحب و یجب المشروط الواجب، و یستحب للمستحب و قد یستحب لغایة واجبة أو مستحبة أو مباحة غیر متوقفة علیه و هو عدة امور:

اولها: الطواف الواجب و الصلاة واجبة أو مندوبة فما عدا صلاة الجنازة و کذا اجزائها المنسیة و سجود السهو الشکر و التلاوة فلا یشترط فیهما الطهارة و یستحب لهما.

ثانیهما: الصوم واجباً، قضاء، أو داء موسعاً أو مضیقاً، و الأحوط بل الأقوی فی المندوب بقسمیه ذلک. فلو اجنب لیلًا وجب الغسل قبل الفجر لیصبح طاهراً، و أما ما یحدث من الاحتلام فی اثناء النهار فلیس علیه مدار و الأحوط البدار.

ثالثها: مسّ اسم اللّه تعالی و ان خرج عن معناه علی الاقوی، و لا فرق فیه بین لفظ الجلالة، و ما اختص به وضعاً فی لغة العرب و غیرها علی اشکال، و کتابة القرآن بیده أو بشی ء من البدن کائناً ما کان علی نحو ما مرَّ فی الوضوء. و فی غشیة الحکم فی الاسماء المحترمة کأسماء الأنبیاء و الأئمة و الزهراء و الملائکة مع ارادة مسمیاتها منها وجه قوی الا ان الاقوی خلافه، و الأحوط منع الاولیاء هنا للأطفال و المجانین و مدار المنع فی المسّ علی وجود الجنابة فما لم یتم الغسل یحرم المسّ بالعضو المغسول و بغیره.

رابعها: اللبث ابتداء و استدامة لغیر النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) علی أی حالة کان و لو مشیاً. و کذا احداث الجنابة و ایقاعها لغیرهم صلوات اللّه علیهم علی أی حال کان فی المساجد المشرفة مع تحقق المسجدیة. و العلم بما فی ایّ جزء منها عالیها و سافلها قرارها و قضائها و الحضرات المنورة کذلک علی اشکال فی الحاق ما خرج عن صدق البینة من السافل و العالی و لا یعتبر فیها القدیم بل کلما ادخل فیها تدخل فی الحکم، و لو خرج منه شی ء ففی تسریة الحکم الیه بعد خروجه وجه قریب و فی لبث بعض البدن وجهان احوطهما العدم و مع الاجتیاز بما یسمی کذلک عرفاً، فلا یعتبر تعدد الابواب و لا تقابلها فلا بأس الا فی المسجدین مسجد الحرام و مسجد النبی و اهل بیته (علیهم السلام) فی غیر محل الزیادة فیهما حتی لو احتلم داخلهما لزمه التیمم للخروج و لو حصل فیهما ماء لا یستلزم اجتیازاً، و تقصر مدة الارتماس فیه عن مدة التیمم أو ساوته أو تقصر عن جدته و مدة الخروج معه أو ساوتهما قدم الغسل علی الاقوی. و لو کانت مدة الخروج اقصر من مدة التیمم خرج بلا تیمم علی وجه، و الاقوی خلافه و لزوم التیمم و اولی منه مع التساوی و احتمال التخییر أو تقدیم الخروج ضعیفان و فی تسریة حکم المحتلم الی من دخل جنباً ناسیاً أو جاهلًا ثمّ علم و هو فیهما أو عامداً و ان فعل حراماً أو تعمد

ص: 25

الجنابة فیهما وجه قوی، و احتمال لزوم المبادرة الی الخروج من دون تیمم یستلزم لبثاً لا یخلو من وجه، و ربما یقال بحرمة الاجتیاز فی الروضات أیضاً بل هو الاقوی و لا یبعد الحاق جمیع قبور الانبیاء بعد ثبوتها و فی عد محل غیبة الصاحب جعلها اللّه فداه منها وجه قریب و الاقرب الحکم باستحباب الغسل للدخول الی جمیع الاماکن المحترمة من قبور العلماء و الشهداء و الصلحاء و کذا فی رواقات الحضرات ان لم تعلم مسجدیّتها و تختلف مراتب الوجوب و الاستحباب علی تفاوت مراتب التعظیم.

خامسها: وضع شی ء من خارج و لو کان من المساجد، فی المساجد و المسجدان المتصلان حکمهما حکم المسجد الواحد فیجوز الاخذ من واحد و الوضع فی آخر، و لا

ص: 26

فرق فیها بین أی مسجد کان منها و لا فی اجزائها بین أی جزء کان منها بأی طریق یکون الوضع. و لو کان من واضع خارج فإن للجنب ان یأخذ و لیس له ان یضع، و فی وضع ما بعضه داخل المسجد بعضه خارجة و وضع ما عبّر فیه مروراً من دون استقرار و فی الوضع بطریق الالقاء من بعید، أو بطریق المناولة لإنسان داخل المسجد و فی ادخال انسان أو حیوان وجهان. احوطهما الاجتناب و حیث یفعل حراماً بالوضع لا یجب علیه الاخراج و جمیع ما علی الشخص الداخل حال اجتیازه أو حال لبثه لا یسمی ادخاله معه وضعاً و لو سقط منه فیه بغیر اختیار. سادسها: قراءة شی ء و لو حرفاً قصد تکملته أو لا علی تأمل فی الأخیر من سور العزائم الاربعة و العزائم بما یسمی قراءة عرفاً فلا عبرة بمجرد التصور النفس و لا بمجرد حرکة اللسان بالحروف و فی قراءة الملحون منه، أو ما قصد عکس الترتیب فی حروفه وجهان احوطهما التجنب أما قصد عکس الترتیب فی الکلمات فلا اثر له کقصد عکس الترتیب فی الآیات هی: الم تنزیل، و حم فصّلت، و النجم، و اقرأ و فی المشترک یتبع القصد و جاهل موضوعها یجب علیه التعلم کجاهل الحکم و مع عدمه لو قرأها فعل حراماً بل یحرم علیه قراءة شی ء من القرآن و لو قرأ ما قصده الکاتب و هو لا یعلم بقصده، أو قرأ ما لا یعلم انه مختص أو لا ففی تحریمه وجهان اقربهما و احوطهما ذلک.

المبحث الرابع: فی بیان کیفیته

یلزم من اراد من الرجال دون الاناثی و الخناثی المشکل و ان کان الأولی بل الأحوط فیهما ذلک سلامة طهارته و طهارة ثیابه و بدنه أن یستبری. إن کانت جنابته من خروج المنی لا بالجماع و أن کان الاولی بل الأحوط فیه مع تجویز الانزال ذلک و کان مخرج البول و المنی متحداً سواء کان مخرجاً اصلیاً أو معتاداً بالعارض، استبراء بالبول قلیلًا أو کثیراً و لا یجزی سواه فمتی اغتسل أو تیمم و لم یبل عامداً أو ناسیاً مختاراً أو مضطراً، مع امکان البول و عدمه، و خرج منه شی ء مشتبه لا یدری انه منی أو لا فی اثناء الطهارة أو بعدها نقض غسله و تیممه و حکم بنجاسته و ان خرج قبل الطهارة حکم بنجاسته، و لا نقض و حیث لا یکون خروجه حدثاً کخروجه من الموضع الغیر المعتاد ففی لزوم الاستبراء للحکم بطهارة المشتبه الخارج أو سقوط حکم الاستبراء و الحکم بطهارة الخارج مطلقاً وجهان اقواهما الثانی، و مع عدم امکان البول اکتفی باستبراء البول مع حصول العلم بالبراءة به و الا فلا علی الاقوی و لو مضت مدة علم فیها عدم بقاء شی ء فی المخرج أجزأ و لو صلی بعد المغسل قبل خروجه کانت صلاته صحیحة و خروج ذلک بمنزلة جنابة جدیدة و لو بال و لم یستبر من البول بالنحو السابق فی الوضوء و لا مضت مدة علم فیها النقاء و خرج المشتبه جری علیه حکم البول فی ترتیب الوضوء دون الغسل، و ترتب نجاسة الثوب کنجاسة البول و یقع استبراء البول من غیر البالغ و تجری علیه احکامه و لو بال و لم یستبر منه ثمّ امنی لم یکن المنی استبراء من البول علی الاظهر. و حینئذ فلو لم یستبر من المنی و خرج مشتبه بین البول و المنی فالأقرب الحکم بأنه منی و لو علم أنه غیر منی حکم انه بول و هل یکون حینئذ استبراء من المنی للحکم ببولیته وجهان الأقرب عدمه، و یغسل النجاسة اولًا عن بدنه تنزیهاً قبل الابتداء بالغسل و علیه ینزل الامر بغسل الفرج قبل الغسل و الأمر بازالة النجاسة و لزوماً بالنسبة الی العضو النجس فی غیر الماء المعصوم لیکون ماء الغسل طاهر فیحتاج الی غسلتین ان کانت النجاسة یکفی فیها المرة الأولی للخبث و الثانیة للحدث و إلی ثلاث ان کانت یفتقر الی المرتین، و احتیاطاً فی الماء المعصوم کثیراً کان أو قلیلًا علی القول بعصمته مطلقاً أو عصمة ماء الغسالة مطلقاً و قبل

ص: 27

انفصاله لیجری ماء الغسل علی محل طاهر و یجری مثل ذلک فی الوضوء و خیال المنع لاستلزامه التداخل الممنوع مدخولًا بالطهارة الخبثیة لا تفتقر الی فعل مستقل و قصد ونیة، ثمّ ینوی الغسل مقارناً لغسل الرأس و لا یکفی مقارنتها للمستحبات السابقة علی الغسل من غسل یدین و مضمضة و استنشاق و تسمیة و دعاء علی اشکال و یغسل رأسه بتمامه الی اسفل الرقبة إذا اللازم اجراء الماء علیه بأی نحو کان علی ما مرّ فی الوضوء فإن حقیقة الغسل فیهما متحدة، و لا یلزم الفرک و الدلک و أن استحب الدلک بالید و لا یکتفی بغسل الشعر عن غسل البشرة. فإذا فرغ من غسل الرأس و اتمه غسل شقة الأیمن من الکتف الی اسفل القدم فإذا اتم نصف البدن غسل شقه الایسر مستوعباً لجمیع اجزاءه و الصرة و حلقة الدبر و فرج المرأة تغسل مناصفة، و عورة الرجل ذکره و انثیاه تغسل مع احدی الجانبین

ص: 28

مخیراً فیهما، و الأولی بل الأحوط غسل العورة ذکر و انثیین إذا خلقت علی المعتاد لا فی احد الجانبین مناصفة أیضاً و احوط منه غسلها مع الجانبین و یکفی غسلها بعد الفراغ من الأیمن قبل البدأة بالأیسر مقدماً لجانبها الأیمن و المغسول هنا الطاهر کما فی الوضوء و البحث فیه علی ما مرّ أیضاً، و الأولی تخلیل الأذنین دون ما عداهما من البواطن و اللازم استیعاب الاعضاء الثلاثة بالغسل و لا اعتبار بالصبات واحدة کانت أو متعددة و الافضل تثلیث الغسلات فی کل عضو و یکفی فی هذا الباب رمس الرأس بالماء اولا ثمّ الجانب الأیمن ثمّ الایسر و رمس البعض، و الصب علی البعض، أو تحریکه أو اخراجه أو تدافق الماء علیه و یکفی الترتیب من الثلاثة. و کذا یکفی جمیع ذلک و الترکیب من الاربعة فی اجزاء الاعضاء و لو ارتمس ثلاث ارتماسات ناویاً بکل واحدة غسل عضو صحّ و هذه کلها من الترتیب و هو افضل من الارتماس. و الارتماس عبارة عن جعل البدن بتمامه تحت الماء قلیلًا أو کثیراً راکداً أو غیر راکد مستوی السطوح أو منحدراً من میزاب و غیره و منه ماء المطر المتکاثر مستولیاً علیه دفعة واحدة عرفیة لتعذر الحکمیة أو تعسرها. فلو خرج من الماء و قد بقی من بدنه لمعة بطل غسله و لا یصححه غسلها و لا غسلها و غسل ما بعدها کما فی الترتیب و الأحوط عدم الاکتفاء بالوقوف تحت المطر و نحوه، و یقارن بالنیة إذا کان الغسل بالصب أو الغمس وقت ملاقاة اول الاجزاء أی جزء کان و هو اول اجزاء الغسل للماء لا وقت الاشتمال فإنه به ینتهی الغسل و حین التحریک إذا کان الغسل به، و یضم فی الاولین ان تمام الغسل یحصل بالکون تحت الماء و الأحوط تجدید النیة حال استیلاء الماء البدن.

المبحث الخامس: فی شرائطه

و هی امور:

الاول: النیة مقارناً بها غسل الرأس فی الترتیب و غسل اول الأجزاء الملاقیة للماء أو المصادفة لحرکة الجسد أو لحرکة الماء فی الارتماس. و لا تجدی النیة عند اشتمال الماء علی البدن الّا أن یکون الغسل بالتحریک فتصادف النیة ذلک و لا یتحقق الغسل بالإخراج و لا بالملفّق منه و من غیره فی الارتماس و یتحقق بما عداه من صبّ، و غمس و تحریک، و بالملفق منها علی الاظهر و هل الترتیب و الارتماس حقیقتان متغایرتان فیشترط نیة احدها و لا تکفی نیة مطلق الغسل عن نیتهما أو هما کیفیتان لإیجاد الحقیقة الواحدة فلا یعتبر نیتهما وجهان. احوطهما الاول، و اقربهما الثانی و علیه فلو نوی احدهما و صادف الآخر صحَّ ما وقع منه جامعاً لشرائطه. و إن کان علی خلاف النیة، و قد تبین البحث فی النیة من الکلام فی کیفیتها و حال الاجتزاء بنیة التبرد و نحوه و حال نیة القطع و غیر ذلک فی مباحث الوضوء.

الثانی: المباشرة فلو تولی غسله أو شارکه فیه غیره بطل علی ما مرّ فی الوضوء.

الثالث: اباحة الماء بالنسبة الی العالم بکونه للغیر و لم یعلم الاذن فیه أو جهل کونه کذلک جهلًا غیر معذور فیه سواء علم التحریم أو جهله جهلًا غیر معذور فیه حتی المنع عن استعماله و اطلاقه و طهارته و یشترط اباحة الاناء و کذا اباحة استعماله فلا یجوز الغسل و لو بالأخذ أو بالصب منه، مع وجود غیره أو بدونه بآنیة فضة أو ذهب و لا فی جلد میتة مع طهارة الماء و کذا اباحة مسقط الماء و ان بعد مع العلم بوصول الماء الیه و المکان و لو یشترط عدم مقارنة للمحرمات و لا منافات ما اوجبه الشارع من الواجبات و أن کان الأحوط مراعاة ذلک سیّما إذا کان الباعث علی ترکها فعله و یشترط بقاء مشروعیته فلو سقط لضیق وقت و نحوه یطل فلیس بطلانه عند الضیق لضدیته للتیمم حتی یکون من مسألة الضد.

ص: 29

الرابع: الترتیب بأن یغسل الرأس مستوعباً له و یأخذ له من الجانبین من باب المقدمة ان اقتصر علیه و الّا اخذ من الایسر فقط و استمرّ علی غسل الأیمن ثمّ لا یشرع فی الجانب الأیمن الا بعد تمامه و لا حاجة فیه الأخذ من الرأس من باب المقدمة الا مع استیناف النیة له و یأخذ له من الجانب الأیسر أن قصد غسله خاصة و لاستیناف النیة للأیسر، و الّا غسل آخر اجزائه بنیة مستمرة علی الأیسر. و کذا لا یشرع فی الجانب الأیسر الا بعد الفراغ من الایمن و یأخذ له من الرأس و کذا من الجانب الأیمن أن استأنف النیة له و متی شرع فی لاحق من الاعضاء قبل تمام السابق، و لو بمقدار شعرة عمداً أو سهواً اوجب اتمام السابق ثمّ اعاد غسل اللاحق و یعتبر فیه الترتیب الفعلی، فلا یکفی فیه نیة الترتیب و لا الترتیب فی النیة، بل لا بد من تعاقب الغمس و الإخراج حسّا حیث الغسل بهما و لو استمر الغسل بتعاقب جری الماء لاستمرار صبّ أو تحریک

ص: 30

أو تدافق فی الماء اجزی الترتیب فی النیة بل یکفی نیة الترتیب ابتداء نیة واحدة و لا ترتیب فی الارتماس بین الاعضاء و اجزائها، و المدار فیه علی کونه بجملته آناً من الزمان تحت الماء بأی طریق کان و لا بین اجزاء الاعضاء فی الترتیبی فلو غسل اسفل العضو قبل اعلاه فلا بأس علیه و لا تجب متابعة الأعضاء و لا اجزائها فیه فلو غسل عضواً صباحاً أو بعضه و البعض الأخر منه أو عضواً مساء صحّ الغسل و لا یضرّ الفصل و ان محی الصورة و لا الجفاف و ان کان مراعاة الموالاة جرباً علی الطریقة المألوفة اولی و یعتبر التوالی العرفی فی الارتماس، و لا یشترط فیه قبل البدأة به خروج البدن أو بعضه من الماء الّا حیث یکون الغسل بالإدخال لا بالتحریک. فیلزم خروج المغسول حینئذ کلًا أو بعضاً، لتحقق ماهیة الغسل و لا یعتبر فیه نیة الترتیب، و لا اعتقاده و لا یحکم به کذلک بل هما فردان متغایران.

الخامس: وصول الماء الی البشرة فلا بد من ازالة جمیع الموانع من وصوله. و لا یکفی غسل الشعر و أن کتف عن غسل البشرة بل لا یجب غسل الشعر و ان کان الأحوط غسل اصوله بل غسله کله، و یلزم فیه الاستیعاب الحکمی للبدن و لا عبرة بالمسامحات العرفیة فما کان زوال مانعیته موقوفاً علی ازالته ازیل أو مجرد تحریکه حرّک و لو انفصل من البدن شی ء بعد الجنابة کان المدار علی الباقی. و لو غسل ما عدا المقطوع ثمّ قطع کان القطع متمماً للغسل کغسله ما لم ینو عدم غسله فی ابتداء الغسل و ان کان من عزمه قطعه فیقوی البطلان و لو اتصل بعد الغسل شی ء لحقه حکم الطهارة من دون غسله و ان کان هو الجزء المنفصل بعد الجنابة قبل الغسل، و لو کان منفصلًا قبل الجنابة و اتصل بعدها قبل الغسل وجب غسله فمدار الغسل علی تمام البدن حین المغسل.

السادس: عدم المانع من استعماله من مرض و نحوه و لو لضیق الوقت مع العلم و الجهل علی اشکال فی الأخیر. و لا یجب فیه معرفة اجزاء المغسول تفصیلًا و لا حدود الأعضاء فلا یلزم معرفة الباطن و الظاهر و لا ما یلزم غسله من باب المقدمة و ما لا یلزم و لا کون الشعر مما یغسل أو لا یغسل مع قصد القربة بالإتیان بما طلب منه و العلم بحصوله فی ضمن ما اوقعه، نعم لو قصد التقرب بجزء خاص احتاج الی العلم بمشروعیة و الّا فسد و افسد اصل العمل ان ادخله فی نیته و مع عدم التمکن الّا من الواجب لقلة الماء مثلًا أو ضیق الوقت وجب معرفته و لو اتی بما لا یعلم انه تمام المطلوب أو بعضه لا بقصد التمامیة صحّ و اجزء ان صادف التمام و الّا وجب علیه الاکمال.

المبحث السادس: فی الغسل الاضطراری

اشارة

و قد مرّ حکم وضوء التقیة و وضوء الجبائر و حکم العاجز عن المباشرة و حکم مستدام الحکم و وضوء الأقطع. و الحکم هنا کما فی الوضوء الّا ان سقوط الصلاة عن مستدام الحکم الحدث فیه لا یخلو من وجه، و الجمع بین الغسل و التیمم فی حکم الجبائر هنا اولی بالاحتیاط و الغسل فی الأقطع لازم لکل ما بقی. و کنا الکل ما نبت فی الجسد أو زاد فیه من الاعضاء و البحث فی المتدلی بالنسبة الی دخوله فی أی عضو من اعضائه یجری فیه ما جری فی الوضوء. و فیه مباحث:

ص: 31

المبحث الأول: فی بیان سببه

و هو مس المیت من الانسان مسلماً أو کافراً ممن لم یغسل حرم تغسیله، أو لزم و أن کان طاهرا مطهراً کالنبی (ص) و الائمة الطاهرین (علیهم السلام) و ایضاً الّا أن یقوم مقام الغسل فیه شی ء فمسّ الشهید و المتیمم ما لم ینتقض تیممه بوجدان الماء، و هنا احتمالان آخران لزوم الغسل بمسه مطلقاً، و سقوطه بمسّه مطلقاً. و إن وجد الماء و وجب تغسیله و من سبق غسله قبل الصلب أو الحد لا غسل فی مسه، و الأحوط الغسل و من سقط غسله و تیممه لعذر لا یسقط الغسل عن مسه. و یتحقق بمسّ المیت أی جزء منه اصلی أو زائد ظاهر أو باطناً ما لم ینفصل فیکون کالمسّ بغیره لا عبرة به بعد برده تماما و قبل تمام غسله برطوبة أو یبوسة و یجب مع الغسل، الغسل فی الأول دون الثانی فلو مسه مع الیبوسة فلا شی ء و مع الرطوبة علیه غسل الجزء الماس فقط علی الاقوی کما لو اصاب جسد حیوان میت فإنه مع الرطوبة یغسل یده و لا شی ء مع

ص: 32

الیبوسة و لو مسه بعد الغسل فلا شی ء علیه لا غسلًا و لا غسلًا فالصورة الأربع متحققة، و لو مسه بشعره أو ظفره أو شی ء مما لا روح فیه فالأقوی لزوم الغسل ما لم یکن المس بمسترسل الشعر علی اشکال فی مطلق الشعر أو مس شیئاً مما لا روح فیه منه ما لم یکن عظماً. فالأحوط الغسل بل یجب فی غیر المسترسل من الشعر علی الأقوی و ان کان طاهراً الوجوب تغسیله علی اشکال فی مطلق الشعر و مسه فی اثناء الغسل قبل تمامه کمسه قبل الغسل و أن کان المس للجزء الذی تم غسله و قلنا بطهارته قبل تمام الغسل علی اضعف الوجهین، ما لم ینفصل فیستقل بالحکم علی الاقوی ظهر، و یحکم بعدم الغسل فی مسه و حینئذ فلا فرق فی العضو المغسّل مع انفصاله بین ان لا یکون سواه و بین ان یکون و قد انفصل قبل الابتداء بالغسل أو انفصل بعد غسله. قبل تمام الغسل قلیلًا کان أو کثیراً أو انفصل بعد غسله و بعد تمام الغسل و لو مسّ بعضه المنفصل قبل تغسیله و لم یغسّل بعد انفصاله فإن کان قطعه فیها عظم أو کان عظماً مجرّداً طاهراً أو نجساً بعد السنة و قبلها لزم الغسل، و لو کان لحماً فقط فهو نجس صغیرة کانت القطعة أو کبیرة و یغسل ما مسه برطوبة و لا غسل فیه. و بالجملة فالقطعة تابعة لما قطعت منه فی الطهارة الّا حیث تقطع من تیمم و کانت مما تغسل، و امکن تغسیلها بعد قطعها فلا یبعد الحکم بنجاستها و نقض حکم التیمم فیها و لو کانت مما لو تغسل ثمّ وجد الماء فالأقرب بقاء طهارتها و أن عادة نجاسة ما قطعت منه علی اشکال و تتبعه فی النجاسة العینیة و فی نجاسة الموت الّا إذا انفصلت بعد تغسیلها و اذا کانت فیها عظم أو عظم مجرد تبعته فی وجوب غسل المسّ و عدمه الا من حیثیة الحرارة و البرودة، فالأقرب استقلال کل من القطعة و المقطوع منه بنسبة حالهما، و الأحوط الحاق السقط قبل ولوج الروح بالقطعة فیختلف حاله بوجود العظم و عدمه. و إن کان الأقوی عدمه فی حکم المسّ و النجاسة معاً و حال المقطوع من الحیّ کحال المقطوع من المیت، الا انه لا غسل فی مسّ السن من الحی، و لا نجاسة فی الاجزاء الصغار إذا لم تکن من نجس العین. و لو مسّ ثوب المیت فلا غسل فیه و أن کان فیه رطوبة من العرق و غیره فالمدار فی الماس و الممسوس علی صدق البدن و الجسد بحال المسّ و هو حدث مانع عن الدخول فی کلما یمنع عنه الحدث الأصغر، و الأحوط مراعاة حال الأکبر فیه و هو مع الوضوء کما جزاء الطهارة الواحدة فی انه لا یؤثر بانفراده عن الآخر شیئاً و المشکوک فی موته و برودته لا یلزم الغسل فی مسه کما لا یحکم بنجاسته، و المشکوک فی شهادته أو تغسیله یحکم بنجاسته و لزوم الغسل فی مسه و لا یکفی فی الحکم بطهارته تجرّد الصلاة علیه أو تکفینه أو دفنه الّا ان یظهر شاهد الحال.

المبحث الثانی: فی کیفیة غسل المسّ

و غیره من الاغسال کغسل الجنابة فی الکیفیة و جواز الترتیب منه و الارتماس و انما یخالف الأغسال غسل الجنابة فی عدم اغنائها عن الوضوء بخلافه فإنه یغنی عنه.

المبحث الثالث: فی شرائطه

و شروطه اباحة الماء أو اطلاقه و طهارته و غیرها کما مر فی غسل الجنابة غیر ان المنوی هنا فیه رفع حدث المسّ أو کون الغسل للمسّ حیث یتمکن من معرفة السبب و هناک رفع حدث الجنابة أو الغسل لها کذلک، و حیث انتهی کلام الوالد طاب ثراه و نوّر ضریحه فی البحث علی الاغسال الی هنا و ترک البحث عن الأغسال المختصة بالنساء و کانت من اهم المطالب الفقهیة و ادقها و اکثرها دوراناً و قد عمّ الابتلاء فی اسبابها الرجال و النساء کان من اللازم البحث عنها فنقول و بالله المستعان.

ص: 33

[المقصد الثالث الأغسال المختصة بالنساء]

اشارة

باب الأغسال المختصة بالنساء و هی ثلاثة: غسل الحیض، و غسل الاستحاضة، و غسل النفاس.

الباب الأول: غسل الحیض

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی سببه

و هو عبارة عن دم خروج دم الحیض من المخرج المعتاد فلا یکفی الوصول الی الرحم من دون بروز ابتداء و أن کان ذلک کافیاً فی الاستدامة، و لا الخروج من غیر المعتاد خلقة أو بالعارض، و ان کان المخرج تحت الرحم. و دم الحیض دم متمایز عن الاستحاضة مختلف مخرجهما فإن مخرج الاستحاضة من العاذل و هو عرق فی اقصی الرحم و عن النفاس علی ما یظهر من الأخبار و ان دم المخاض دم غیر دم الطمث. و عن سائر الدماء تقذفه الطبیعة بمقتضی طبعها کثر أو قل علی اختلاف الامزاج و قوة المزاج و ضعفه و حبسه. إنما یکون لعارض و هو مرض من الامراض و عیب من العیوب کما ان خروج ما عداه مرض و عیب حتی النفاس علی تأمل. و حقیقته معروفة عند النساء لیس فیها اشتباه عندهن و لا خفاء له علامات اکثریة و صفات اغلبیة قد کشف عنها سادات البریة و جعلوها مرجعاً عند اختلاط الدماء من اجل استمرار فی تشخیص الازمان و هی السواد و الحرارة و العبیطیة و الدفع و الحرقة، و له خواص معلومة کثیرة منها ما لا یشارکه فیها غیره، و منها ما یشارکه احدها: إن لقلیله حداً و هو ثلاثة ایام متوالیة متصل فیها الدم فی الرحم اتصالًا عادیاً لا حکمیاً. فلا یضر الفترات العادیة فلو نقص عن الثلاثة و لو لحظة و انفصل و لو لحظة منها فی ضمن العشرة أو خارج عنها أو حصلت فترات زائدة علی المعتاد علم فیها انقطاع الدم عن الرحم فی یوم أو فی ایام حکم بأنه لیس بحیض. و خالف فی التوالی جماعة علی احد الاحتمالین من ان النقاء بحسب حیضاً أو طهراً و مستندهم روایة ضعیفة ظاهرة بالطهریة للنقاء المتخلل و هو مضعّف لها لمخالفتها ما دل علی اقلیة الطهر. و الأقوی ما اخترناه لظاهر التوالی من اطلاق الأخبار الموافق للأصل و المنجبر بالشهرة و هو الغالب من عادة النساء و الحکم بالحیضة أو لا ظاهری لا یستصحب و قاعدة ما امکن ان یکون حیضاً المتیقن منها، بل ظاهرة فی المشکوک فی صدق الماهیة علیه، لا فی تحقیق اصل الطبیعة. و الیوم المنکسر یکمل و تدخل لیالیها الثلاث و الأیام الغیر المنکسرة تدخل اللیلتان المتوسطتان فیها دون اللیلة الأولی و الرابعة و لا یکونان مکملتین فلا تکمل اللیلة الأولی الیوم الثالث و لا اللیلة الرابعة الیوم الاول و یکفی فی الحکم بالاتصال الاستصحاب فلا یحکم بعدمه الا مع العلم. و لو اعتبر الاختبار فی کل زمان للزم الحرج و لزم المرأة ترک النوم فی جمیع الأیام، و الأحوط عدم ترکه رأساً و التعویل علی الاستصحاب بل تختبر علی المعهود من طریقة النساء و عادتهن و هذه خاصة لا یشارک الحیض فیه سواه من حدث و غیر حدث.

ثانیها: ان الکثیرة حدا و هذه خاصة له و للنفاس و حدّه عشرة ایام. لا یتجاوزها لحظة واحدة و ما ورد انه ثمانیة منزّل علی الغالب، و النقاء الذی فی ضمنها منها و بذلک افترقت الثلاثة الأقل عن العشرة الأکثر فإن الثلاثة الأقل ما یری فیها الدم و العشرة الأکثر ما یری فیها. و ایام النقاء و الکلام فی المنکسر منها و فی لیالیها یجری کما جری فی الثلاثة.

ثالثها: إن للحدثین منه فاصلة محدود اقلها، و لا حد لأکثرها کما تقتضی به التجربة و الوجدان و ما یظهر من بعضهم من التحدید بالثلاثة اشهر. فهو منزّل علی الغالب و لیس

ص: 34

بتحدید، و ذلک الحد عشرة ایام تامة یجری فیها ما جری فی العشرة قبلها و یشترک فیها النفاس مع الحیض المتأخر و السابق علی الاظهر و فی النفاسین تفصیل یأتی محله ان شاء اللّه تعالی.

رابعها: إنه یخص بعض النساء فلا یحصل ممن لم یبلغ سنها التسع سنوات، و لو نقص بلحظة واحدة فهو مع العلم به علامة سبق البلوغ لا سببه. و لا یحصل من الآیسة بل یحکم بانقطاعه عنها و یشترک النفاس فی ذلک لعدم حصول الحمل منهما و الیأس خمسون سنة تحقیقاً، و فی القرشیة الثابت نسبها شرعاً الی النظر ابن کنانة من طرف الاب ستون سنة و لا یبعد الحاق النبطیة بها. و موضوعها کحکمها لا یخلو من اشتباه و لا ثمرة فی البحث عنها الآن لعدم وجودها بحسب الظاهر فی هذه الازمان و الیأس المشکوک فیه مبنی علی عدمه. و المشکوک فی نسبها محکوم بکونها غیر قرشیة اخذاً بالعارض مع احتمال تعارض الاصل الموضوعی، فیبقی الحکم مستصحباً الی غایة الیأس و هی الستون و البلوغ المشکوک فیه محکوم بعدمه فما یخرج من المشکوک فی بلوغها بمنزلة الخارج من المعلوم عدم بلوغها الّا أن تعلم حقیقته أو یحکم بها باعتبار وجود صفاته فیکون هو امارة البلوغ و دلیله کما یعرف المنی و یحکم به لبعض علاماته فیعلم به البلوغ. و الأقوی جریان ذلک فی المشکوک فی کونه امرأة فإنه بمنزلة المعلوم ذکوریته فیحکم بکون الدم الخارج منه لیس حیضاً بل و لا حدثاً. الّا أن یعلم الحیضیة و لو بالعلامات الشرعیة فیکون دلیلًا علی الانثویة الّا أن یعارضها علامة اخری فیرتفع الحکم بالحیضیة أیضاً لقضاء العادة باختصاصه بالنساء. و ما یتخیل من الحکم بحیضیة الدم فی المشکوک فیه لقاعدة الامکان فترد علی اصالة العدم و تکون طریقاً شرعیاً کالعلامات ضعیف لأن الدبر بین الممکن و الممتنع لا یوصف بالإمکان بل یوصف باحتماله. فلا یحکم به الّا بعد العلم بالقابلیة، و لیس مثل ذلک احتمال عدم حصول الشرط فإن ذلک لا یرفع الوصف بالإمکان و أن عیّن الفرد فی الوجود الخارجی. ثمّ أنه مع العلم بالحیضیة و لو بالعلامات الشرعیة ما لم یحصل بینها تدافع فیأخذ بالأقوی کماً أو کیفاً أو العلم بعدمه، و لو لعدم خاصة من خواصها فلا کلام و مع الشک فی اصل الخروج حکم بعدمه. و مع الشک فی ان الخارج دم أو غیره من الفضلات حکم بأصالة الطهارة حدثاً و خبثاً، و مع الشک فی خروج الدم من الرحم حکم بأصالة الطهارة حدثاً و لا یجب الاختبار فیها جمیعاً. و مع العلم بخروج الدم من الرحم و الشک فیه انه حیض أو غیره من نفاس کما إذا شک فی اصل الولادة أو استحاضة أو غیرها من الدماء. فالأصل فی کل دم خارج من رحم المرأة القابلة للحیضیة ممکن لأن یکون حیضاً ان یکون دم حیض علی وفق مقتضی الطبیعة البشریة للنساء و یترتب علیه احکامه حتی إذا بان خلاف الخاصة بعد ذلک بأن الخطأ فی الحکم، کالدم المتقطع دون الثلاثة و یستثنی من ذلک صور:

احدها: ما إذا شک فی الدم الخارج بین کونه دم حیض، أو دم عذرة و لم یکن طریق الی معرفته فإنه إذا علمت البکارة و علم افتضاضها و علم خروج الدم منها و لم یکن قد علم سبق الحیض و شک فی انه هل انقطع و صار الخارج حیضاً، أو انه امتزج معه دم حیض لم یحکم بالحیضیة و لزم علیها الاختبار بوضع قطنة معتادة تستدخلها و تبعتها بمقدار یستولی علیها الدم عادة، ثمّ تخرجها برفق فإن خرجت مطوقة بالدم أو لطخ بعض جوانبها، حکم بأن الدم دم عذرة و ان خرجت مطوقة بالدم أو لطخ بعض جوانبها حکم مستنقعاً فیها الدم حکم بأنه دم حیض و لا حاجة فی ذلک الی الاستلقاء، و لا وضع الاصبع و متی ترکت الاختبار فعلت حراماً. و کان کل من عبادتها و ترکها حراماً، فلو صادفت الواقع عبادتها لم تکن مجزیة و مع تعذّر الاختبار لعمی أو ظلمة أو فقد قطنة أو لغلبة الدم المانعة منه احتمل الحکم بالحیضیة

ص: 35

للأصل المذکور و عدمها نظراً الی استصحاب الخارج و الأول اقوی، و لیس من ذلک حصول جرح محیط مع البکارة فإنه لا یمنع الاختبار و ان قام الاحتمال، و مع حصول الجرح المحیط وحده من دون بکارة ففی جری حکم البکارة علیه اشکال و متی اختل شی ء مما ذکرناه مع عدم العلم بالبکارة أو بالافتضاض و بخروج الدم أو علم سبق الحیض و لم یعلم انقطاعه احتمل الحکم بالحیضیة للأصل و احتمل الحاقه بالمنصوص.

ثانیها: إذا شک فی الدم الخارج بین کونه دم حیض أو دم قرح و لم یکن طریق عادی تمییزه و معرفته، فإنه مع العلم بأصل القرح لم یحکم بالحیضیة بل تختبر المرأة نفسها باستلقائها علی ظهرها و رفع رجلیها و استدخال اصبعها الوسطی أو ما یقوم مقامها. فإن خرج الدم من الجانب الأیمن فهو دم قرح، و ان خرج من الأیسر فهو حیض. و مع عدم التمکن من تمام هذا العمل اتی بالممکن و مع عدم التمکن من اصل الاختبار جری فیه الاحتمالان السابقان، و فی الحاق الجرح بالقرح و شمول الحکم للقرح الغیر المعلوم تحققه و للقرح المعلوم کونه فی الجانب الایسر أو فی الجانبین معاً و للقرح الذی سبق خروج الدم منه أو علم سبق الحیضیة علیه الاحتمالان أیضاً، یقوی فی بعضها تمشیة ذلک و فی بعضها الحکم بالحیضیة علی قاعدة الدماء واصل الحکم بالتمییز فی ذلک و خصوص هذا الطریق منه غیر خالیین من مثوب الاشکال.

ثالثها: الدم المتجاوز العادة و قد تجاوز العشرة فإنه و أن امکن أن یکون حیضاً الی العشرة الا أنه یتجاوزه قد حکم الشارع یکون المجموع لیس حیضاً و کذا کل دم تجاوز العشرة و کان بعض العشرة و أن امکنت حیضیة لصفة أو عادة نساء أو تحدید ایام فإن جمیع ما زاد الی العشرة و ان امکنت حیضیته الا انه لا یحکم بها.

رابعها: الدم المستمر إذا وقع فی اثناء اقل الظهر ثمّ تجاوزه بمقدار اقل الحیض أو یزید علیه فإن المتجاوز و أن امکنت حیضیته دون ما وقع فی اقل الظهر، الا انه لا یحکم بحیضیته کالصورة السابقة تغلیباً لجانب وحدة الدم. و إن اختلفت صفاته و کان المتجاوز هنا بصفة دم الحیض و کذا ما فی العشرة دون ما زاد فی الصورة السابقة.

خامسها: الدم السابق علی ایام العادة و نحوها بما ینقص عن اقل الظهر فإنه کالدم المتأخر عنها، و إن امکن الحکم بحیضیة ما صادف العشرة الّا انّ اتصاله بالزائد علیها سابقاً أو لاحقاً أو فیهما معاً یدفع بالحیضیة.

ص: 36

المبحث الثانی: فی انواع ذات الدم و احکامها
اشارة

و هو یتضمن مباحث:

المبحث الأول: فی ذات العادة و فیها مباحث:
احدها: فی حقیقتها

و هی عبارة عمن یکرر دم الحیض منها مرتین بنحو واحد غیر مفصولتین بحیضة مخالفة، فلا یکفی المرة الواحدة و لا حاجة الی ما زاد عن الاثنتین فلا حاجة الی تکرار الظهر حینئذ. و المدار فی دم الحیض المتکرر علی المعلوم حیضیته أو الدم الذی ینقطع دون العشرة مع شرائط الحیض، أو ما کان بصفات دم الحیض دون العشرة مع شرائط الحیض، و المرکب منهما بأن کان مرة من الأول و الأخری من الثانی أو العکس ملحق بذلک، و فی الحاق المحکوم بحیضیته فی المرتین أو فی احدها باعتبار قوة الدم مع خروجه عن الصفات الأصلیة أو لموافقته لأقراء نسائها، أو لحکم الشارع به فی الأشهر اشکال. و المتفرقة بین هذه الصور وجه و لعل الأوجه فی الجمیع عدم الحاقها بذات العادة و لا فرق فی التکرار بین أن یکون فی شهر واحد أو فی شهرین. و ان کانت الوقتیة منها لا یمکن تکرارها فی الشهر الواحد، و لا فرق فی الشهرین بین أن یکونا متصلین أو منفصلین و لو طالت المدة و صارت سنین متعددة. ثمّ المدار فی المتکرر أیضاً علی ما رأی فیه الدم فلا عبرة بالبیاض المحکوم بحیضیته. فمن رأت ثلاثة دماً و یومین بیاضاً و یوماً دماً ثمّ رأت مثله مرة ثانیة حکم بأن عادتها اربعة ایام، و ان کان محکوماً بحیضیة الستة فلا یثبت لأیام البیاض. عادة مع البیاض و مع رؤیة الدم الّا إذا کان البیاض بین یومین قد ضبط وقتهما فإن العادة تثبتهما فیلحقهما ایام البیاض لعدم تخلل اقل الطهر، و مع تکرار المرکب فالظاهر ثبوت عادة مرکبة فلو رأت فی اول الشهر و آخره ثمّ رأت فی اول الشهر الثانی فإن رأت فی آخره حکم لها بالعادة المرکبة و إن لم تر فی آخره لم یحکم لها بعادة اول الشهر لتوسط الآخر فیما بین المرتین، و هکذا بالنسبة الی العدد فلو رأت مرة اربعة و مرة خمسة و ثالثة اربعة فإن رأت رابعة خمسة حکم لها بالعادة المرکبة و الا فلا. و قد یحصل الترکیب من ثلاث مرات فصاعداً أیضاً، و فی ثبوت الترکیب بعد حصول العادة من عادة ثانیة کأربع مرتین و خمس کذلک بعدها، ثمّ تکرر ذلک أو من مرة واحدة بعد العادة کذلک اشکال منشؤه نسخ العادة للعادة و عدم الالتفات الی ما خالف العادة، و ان للهیئات عادة حاکمة و مثل ذلک ما إذا حصل الاختلاف فی العادة من جهة المکان و تکرر ذلک أو من جهة السنین و تکرر أیضاً فتثبت عادة مرکبة ثمّ ان العادة تثبت حیضاً و تثبت الطهر فی الشهر الواحد مع استمرار الدم لا مع انقطاعه و مجاوزة اقل الطهر فإنه یحکم بالحیضیة فیه مع اجتماع شرائطه أما بالنسبة الی الأشهر فلا تثبت العادة فیه طهراً مطلقاً بل تثبت العادة فیه حیضاً، و ان کانت العادة علی الطهریة فلو رأت المرأة فی شهر دماً و لم تر فی الثانی شیئاً و فی الثالث رأت کذلک و فی الرابع لم تر شیئاً أو رأت فی شهرین دماً و فی الثالث لم تر شیئاً ثمّ فی الشهرین رأت کذلک و فی السادس لم تر شیئاً، و هکذا لم یحکم بعادة الطهریة بل متی رأت الدم فی شهر البیاض حکم بأنها ذات عادة فیه علی الأقوی.

ثانیها: فی انواعها و هی ثلاثة:
احدها: و هی اصلها العددیة الوقتیة

، و هی التی تکرر دمها بعدد مخصوص فی وقت مخصوص لم یتغیر الوقت و لا العدد ثمّ أن الوقت المتکرر أما أن یکون تمام الوقت أو بعضه یوماً واحداً أو اکثر تعین ذلک البعض بجهة معینة ککونه فی الأول أو الثلاث الأول. و نحو ذلک أو لم یتعیّن بوجه فیبقی العدد حائراً بین جعله اولًا أو آخراً أو طرفین فی الأخیر و کذا فی

ص: 37

الأول فی غیر الجهة التی عینتها العادة و فی الجهة التی حصلت بها العادة یحکم بمقتضاها علی وجه فی ثبوت العادة هذه الجهات الأقوی خلافه.

ثانیها: الوقتیة فقط

، و هی التی یتکرر فیها الوقت من دون ضبط عدد مخصوص سواء تعیّن من الوقت الأول أو الأخیر أو ما بینهما أو لم یتعیّن بل، إنما تکرر کونه منه کأن یکون مرة اولًا و مرة اخیراً، و فی اثبات العادة لهذه الجهات من الوقت الأشکال السابق و کذا فی اثباتها للعدد الأقل و الأقوی خلافه، و علی القول به ینتفی هذا القسم رأساً و تکون ذات العادة ملازمة للعددیة. فالمتکرر منها الدم ثلاثاً و اربعاً لا یحکم لها بالثلاث و هکذا

ثالثها العددیة فقط

، و هی التی تکرر دمها بعدد مضبوط مع التغایر فی الوقت و أن لم یحصل مقدار اقل الطهر بین الوقتین و یخلّ بالعدد زیادة الیوم و لو بجزء منه فی اوله أو آخره. و لا یخل التفاوت فی اجزاء الیوم کثرة و قلة و کذا زیادة اللیل و نقصانه علی الأظهر.

ثالثها: فی احکامها و فیه مسائل:

الاولی: تتحیض معتادة الوقت کلّا أو بعضا مع العدد و بدونه فی الوقت المعتاد بمجرد رؤیة الدم فیه بأی لون کان فإن الصفرة فی ایام الحیض حیض، و کذا برؤیته قبله أو بعده بیومین أو اکثر الی العشرة أو اکثر وافق الصفات أو خالفها فإن العادة تتقدم و تتأخر و ذات العادة العددیة فقط حکمها فی التحیض حکم المبتدئة و المضطربة.

الثانیة: إذا تجاوز دمها العدد أو تجاوز الوقت المعتاد و انقطع لدون العشرة و لم یأتها دم سابق علی العادة أو لاحق قبل تخلل اقل الطهر، سواء لم یأتها دم بالمرة فی غیر عادتها أو اتاها بعد تخلل اقل الطهر فإنه دم مستأنف یجری علیه ما یجری علی المبتدإ حکم بحیضیة الجمیع، المنقطع سواء کان التجاوز من سبق دم علی العادة الوقتیة أو لحوقه أو لطرفین، و سواء کانت العادة رأی فیها الدم جمیعا أو رأی فی بعضها أو لم یرَ منها شی ء اتصل السابق، و اللاحق بالعادة أو انفصل احدهما أو انفصلا معاً ما لم یکن السابق غیر جامع لشرائط الحیض لانفصاله مع نقصانه عن الثلاثة فإنه لا یحکم بحیضیته. و أما مع انقطاعه و تجاوزه العشرة، و انقطاعه دون العشرة مع مجی ء دم آخر قبل تخلل اقل الطهر. فانه یحکم بحیضیته الوقت المضبوط تماما لعدده إن رأی الدم فیه تماما و ان رأی ناقصاً فیه حکم علی المرئی بالحیضیة. إن جمع شرائط الحیض دون ما عداه و فی اضافة مقدار العدد الیه من خارج العادة مع امکانه وجه، و الّا اضیف الیه مقدار العدد أن أمکنت الاضافة الیه و الّا سقط اعتبار الوقت، کما لو خلی عن الدم رأساً و یحکم علی الباقی بالاستحاضة من دون فرق بین السابق و اللاحق استقل کل واحد منها بالتجاوز و انفراد احدهما به، أو کان من مجموعهما. و کذا یحکم بحیضیته مقدار عدد ذات العادة العددیة فقط، و استحاضة الباقی، و تکون فی تعیین الوقت کالمضطربة فی الرجوع الی الاوصاف و مع فقدها فإلی النساء علی إشکال فی الرجوع الیهن فی الوقت و مع عدم إمکان الرجوع الی النساء تتخیر فی وضع العدد فی أی وقت شاءت. و الأولی بل الأحوط جعلها مقدمة. و یسقط حکم الروایات هنا و أما مضبوطة الوقت الغیر التام مع العدد التام فبالنسبة الی العدد حکمها ما ذکر و فی تشخیص بقیة الوقت یرجع الی التمییز و مع فقده تخیّرت بین جعله اولًا أو آخراً أو طرفین. و إن کان الأولی بل الأحوط جعله سابقاً هذا فی غیر الجهة التی تثبتها العادة، أو قلنا بعدم اثبات العادة للجهات. و أما ذات الوقت التی لا عدد لها فحکمها بالنسبة الی الوقت التحیض به دون ما عداه و بالنسبة الی العدد یجری علیها حکم المضطر به من الرجوع الی الصفة و إلی النساء و إلی الرواة.

ص: 38

الثالثة: کل ذات عادة عدداً مع اعتیاد الوقت و بدونه إذا تجاوز دمها العادة متصلًا بها أو منفصلًا عنها، و کان دون العشرة یحکم بحیضیته الی العشرة حتی إذا تجاوز انکشف خلافه، کالدم المرئی قبل العادة استصحاباً لحکم الحیضیة و عملًا بأصالة عدم تجدد دم بعد العشرة، و لإمکان کونه حیضاً فلیکن حیضاً و لما دلَّ علی الاستظهار الی العشرة و جمعاً بین الأدلة المثبتة للاستظهار و النافیة له، و بین الأدلة المختلفة فی قدر الاستظهار بحملها علی اختلاف العادات من العشرة فنازلًا.

الرابعة: کما لا یعتبر بالعادة وقتاً أو عدداً موافقة الصفات، کذلک لا یحکم بمعارضة الاوصاف لها بل هی مقدمة عند التعارض أیضاً، سواء کانت العادة ناشئة من رؤیة الدم و انقطاعه أو من التمییز بالاوصاف و أما مع عدم المعارضة کما إذا رأی الدم المتصف بعد انقضاء اقل الطهر فإن کان ذلک مع انقطاع الدم حکم بالتحیض بها بل یحکم بالحیضیة فی المرئی بعد تخلل أقل الطهر. و ان کان بغیر الصفة إذا انقطع لدون العشرة، و ان لم ینقطع فوجهان اوجههما الاقتصار علی العادة، و الحکم بالاستحاضة فیه جمیعاً، و لو قیل بذلک مع حصول الصفة أیضاً لم یکن بعیداً. و ان کان مع اتصال الدم و عدم انقطاعه فالذی یظهر التحیض بالعادة فقط دون ما عداها، و یجری ذلک أیضاً فیما إذا کان الدم سابقاً علی العادة، و رأی فیها الدم الجامع للشرائط. أما مع عدم رؤیة شی ء فیها فلا اشکال فی الرجوع الی مقدار العدد و غیرها مع امکانه و مع عدمه فإلی الصفات و النساء و الروایات فی ذلک الشهر.

[المبحث] الثانی: فی المضطربة

و هی التی اضطرب دمها مع تکرره، أما لعدم حصول عادة لها أو لاضطراب تجدد لها بعد عادتها بتکرره مختلفاً حتی لم یبق لها عادة مستقرة و حکمها التحیض برؤیة الدم وافق الصفات أو خالفها. و الحکم بحیضیته کل دم انقطع دون العشرة، و لم یأت بعده دم قبل تخلل اقل الطهر مع حصول شرائط الحیض فیه اتصل الدم، أو تخلل بینه نقاء کان الدم بصفة واحدة أو اختلف مع تجاوزه العشرة أو حصول دم ثانِ قبل تخلل أقل الطهر. ترجع الی التمییز بالصفات فما وافق الصفات کلًا أو بعضاً حکم بحیضیته و ما خالفها باستحاضته. و الصفات المنصوصة هی الحرارة و السواد و الدفع و الحرقة و العبیطیة و هی الطراوة. و فی کلام بعض الأصحاب ذکر الحمرة و لعل مأخذه من قوله (علیه السلام) الدم الجریانی علی بعض التفاسیر أو من مقابلته بالاستحاضة الموصوفة بالصفرة و ذکر الغلظ، و لعل مأخذه من وصف الاستحاضة بالرقة و ذکر کراهة الرائحة و لا مأخذ له من نصوص الخاصة و لعل مأخذه التجربة و هی کافیة فی ذلک فان ظاهر النصوص و الفتوی. إن المدار فی معرفته علی الامارات الملازمة غالباً بمقتضی العادة و الطبیعة کما هو الشأن فی معرفة غیره من بول و منی و غیرهما و لیست هذه الصفات من باب التعبد، و لذا اختلفت الروایات و کلمات الاصحاب فی تعدادها و فی قولهم (علیهم السلام): ان دم الحیض اسود یعرف، و قولهم: دم الحیض لیس به خفاء ابین شاهد علی ذلک، و من هنا بان أن هذه الصفات تختلف قوة و ضعفاً فالقوی منها مقدم علی الضعیف، و أقواها الحرارة، و السواد علی الظاهر و لا ترجیح لها بالاولیة و انها باعتبار اجتماعها و انفرادها تقوی و تضعف فذو الصفتین أقوی من ذی الواحدة و هکذا و انه مع اجتماع الأقوی و القوی یقدم الأقوی و مع اجتماع الضعیف معهما فإن لم یکن بینهما معارضة حکم بالتحیض بهما حیضتین مستقلّتین. و إن کان بینهما معارضة بحیث لا یمکن جعلهما حیضتین لعدم تخلل أقل الطهر فإن لم یکن انضمام احدهما الی الآخر لتجاوز العشرة حکم بالأقوی. إن جمع الشرائط و الا فالقوی مع احتمال الأخذ بالأقوی و تکملته من القوی، و الرجوع فی المقدار

ص: 39

الی المراتب الباقیة و احتمال سقوط الرجوع الی الاوصاف. و إن أمکن الانضمام فأما أن لا یستقل کل منهما بالحیضیة أو یستقل القوی دون الأقوی، أو العکس أو یستقل کل منهما و الأقوی الحکم بحیضیتهما معاً فی الجمیع. فی مقابلة الضعیف ما لم یتخلل الضعیف بینهما فیقوی العمل بالأقوی أن استقل. و الّا فالعمل بالقوی أن استقلّ أیضاً، و الّا فسقوط التمییز مع احتمال سقوط التمییز فی الاولیین مطلقاً، و العمل علی القوی فی الثانی و احتمال العمل علی الأقوی فقط فی الاخیرین ثمّ إن للرجوع الی الاوصاف شرائط:

أحدها: أن لا ینقص بالصفة عن اقل الحیض فلو نقص سقط التمییز و لو قیل بتکملته فاقد الوصف حیث یمکن انضمامه لعدم الفاصلة بالنقاء بینهما. و یرجع فی مقدار التکملة الی عادة النساء و الروایات لکان غیر بعید.

ثانیها: ان لا یتجاوز ما بالصفة اکثر الحیض فلو تجاوز سقط اعتبار الاوصاف و القول بتعین التحیض ببعضه و الرجوع فی المقدار الی عادة النساء. و الأخبار لا یخلو من قوة عملًا بإطلاق ادلة التمییز الشامل لهذه الصورة و التی قبلها مع العمل بقاعدة اقل الحیض و اکثره.

ثالثها: أن یتخلل الضعیف أو هو و النقاء معاً بقدر أقل الطهر، فلو نقص الضعیف حیث لا یکون نقاء أو هو و النقاء معاً عن ذلک، سقط اعتبار التمییز لعدم امکان الحکم بحیضیتهما حیضتین مستقلتین لعدم تخلل أقل الطهر. و لا حیضة واحدة لتجاوز العشرة و لا الحکم بحیضیة أحدهما دون الآخر للزوم الترجیح من غیر مرجح، و هناک شرطان آخران علماً مما ذکرنا سابقاً عدم معارضة العادة له و تجاوز الدم العشرة اذ مع عدمهما یسقط اعتبار التمییز. هذا مع حصول التمییز و أما مع عدم التمکن منه فإن کان مع العلم بحصوله، و عدم التمکن من تشخیصه و تعیینه، فالظاهر الحاقه بناسیة العادة و سیجی ء حکمها. و إن کان مع العلم بعدمه لفقده أو فقد شرائطه فالأقوی فی صورة المضطربة علی تأمل فی الثانی تحیضها بإقراء نسائها بالنسبة الی العدد و إلی الوقت علی الأقوی و هنّ امهاتها و سائر قراباتها احیاء و امواتا علی تأمل من طرف الأب و الأم. و مع الاختلاف بینهما لا یبعد تقدیم جانب الأم، و یرجح الأقرب فالأقرب. و مع التساوی فی القرب أو البعد ترجح الکثرة و الغلبة، و مع التساوی احتمل الرجوع الی الأقران منهن و الترجیح بذلک، و مع التساوی فی السن یرجع الی مرجحان اخر من مکان أو اتحاد مزاج من صحة و مرض و حرارة و برودة. و احتمل التخییر بینهن لصدق نسائها علی الجمیع و احتمل سقوط اعتبار الرجوع الیهن. و لعل الأول اقوی و مع عدم الاختلاف فی المرجحات فالثالث الأقوی، و فی الحاق عدم التمکن من العلم بالتمییز لعمی أو غیر ذلک بالعلم بعدمه وجه لیس بالبعید و مع فقد عادتهنَّ أو عدم التمکن من العلم بها أو حصول الاختلاف فیها، لا یرجع الی اقراء الاقران لعدم دلیل یدل علی ذلک. و إفادته غلبة الظن ممنوعة مع ان حجیة ذلک فی الحیض فی غیر المرجحات بعد دلالة الدلیل علی أصل المارة فی حیز المنع. و ما دل من کون العمر له مدخل فی کثرة الدم و نقصانه لا یفید تساوی النساء المتساویات فی السن. بل انما یفید عدم تساوی حال المرأة بنسبة حالها و لفظ نسائها ظاهر فی خلاف ذلک فلا شمول فیه. و انما تتحیض فی کل شهر هلالی بستة أیام أو سبعة أیام مخبرة فی جعلها فی أی وقت من الشهر عدا الشهر الأول فإنها تتعین فی اول اوقات رؤیة الدم فیه لحصول التحیض به، و یحکم فی باقی العشرة فیه بالاستحاضة و لا یعارضها احد فی ذلک من زوج و سیّد و غیرهما. و التخییر فی نفس التحیّض فیلزمها افعال الحائض و ترکه فیلزمها فعل الطاهر کالتخییر بین نیة الاقامة و عدمها لا تخییراً بین فعل الواجب و ترکه فلا اشکال فی السابع مع نیة التحیض أو عدمها کما تتعین بقیة أزمنة الشهر بذلک و مع الغفلة لا

ص: 40

یحکم علیه بشی ء و لها احتسابه من أی القسمین فی اثنائه و بعد مضیّه علی الأقوی و فی عدم الالتزام بمجرد النیة من دون حصول بعض احکام الطاهر أو الحائض وجه لیس بالبعید و لو امتنعت من التخییر جبرها الحاکم فإن لم یفد احتمل ان له التعیین مطلقاً. و یجبرها علی أحکام الطاهر اللازمة فی وقت الطهارة و احکام الحائض فی وقت الحیض و احتمل عدمه مطلقاً و احتمل التفصیل بین ما یتوقف علی التعیین حق مخلوقی، کحق زوج، أو سیّد، فللحاکم التعیین و ما لا یتوقف. فلیس له ذلک بالنسبة الی حق الخالق و هو غیر بعید بل لا یبعد إن لصاحب الحق التعیین مع عدم التمکن من الرجوع الی الحاکم و مع عدم حصول التعیین المعتبر عوقبت علی فعل الواجبات المشروطة بالطهارة و ترکها. و علی فعل ما یحرم فعله للحائض، فتؤخذ بأشق الاحوال مع احتمال تعیین حیضها بأول الاوقات و تعیینه بآخرها ثمّ أن هذه المراتب مرتبة قبل العمل بأحدهما. أما مع العمل بالمرتبة اللاحقة. فإن کانت الاقراء ثمّ حدث الوصف بعد مضیها فالظاهر عدم الالتفات الیه فی ذلک الشهر و لکل شهر حکمه. و إن حدث فی اثنائها فاحتمالات البناء علی الوصف و الغاء الاقراء و البناء علیها و الغائه أو البناء علیهما مع عدم تجاوز العشرة. فإن تجاوز احتمل الغائه أو الغائها اقربهما الأول، و إن کانت الروایات ثمّ حدث الوصف أو تبیّنت إقراء نسائها فالذی یظهر الغائها فی ذلک الشهر و العمل علی الوصف أو الإقراء کما إذا تحیّضت بصفة ثمّ جاء ما هو أقوی منها فإن العمل علی القویّ و إن جاء بعد العمل بالضعیف.

[المبحث] الثالث: فی المبتدئة

، و هی التی ابتدأها الدم و ابتدئت به. و یجری فیها ما یجری فی سابقتها من جمیع الاحکام المذکورة، غیر أن العمل بالاحتیاط الی مضی الثلاثة إذا لم یکن الدم بالوصف هنا اشد احتیاطاً مما مضی، و تفارقها فی حصول التخییر فیها بعد فقد اقراء النساء بین الستة و السبعة فی کل شهر، و بین العشرة فی الشهر الأول أخذاً بغایة الممکن من الحیض و ثلاثة فی الأشهر الباقیة مصراً علی المتیقن فی الحیضة. فیکون الشهر الأول مخیراً فیه من الستة و السبعة الا انه مع الاختیار فی الشهر الأول یتعین فی الأشهر الباقیة علی الأظهر فإن اختارت العشر تعیّن علیها فی البواقی الثلاث. و إن اختارت أحد الفردین تعین علیها فی البواقی اختیار احدهما ایضاً، و یلزم النساء التقلید فی معرفة موضوعات الدماء و افرادها الخفیة المحتاجة الی معرفة خواصها و أماراتها الشرعیة. کما یلزمهنَّ التقلید فی معرفة احکامها، و لیس لهنَّ التمسک بالأصل کما هو الشأن فی سائر الموضوعات المشتبهة شرعیتها و لغویها و عرفیها، و یلزمهن أیضاً بعد العلم بحصول الدم اختبار حاله من اتصال و انقطاع قبل الثلاثة و بعدها و من معرفة اوصافه حیث یرجع الیها و اختبار عادة النساء و لا یعوّلن علی الاستصحاب و لا أصالة عدم.

الرابع: الناسیة للعادة، و هی اقسام:

أحدها: الناسیة للعادة وقتاً و عدداً، و تسمی بالمتحیّرة و المحیرة و قد تسمی بالمضطربة، و لا فرق علی الظاهر بین من اغفلت حالها رأساً فلا تذکر أن لها عادة أو لیس لها عادة بعد العلم بحصول دم الحیض سابقاً و الّا بنت علی کونها مبتدئة أو علمت أن لها عادة وقتاً و عدداً و اغفلت تعیینها أو اغفلت حال الوقت، و علمت عدم العادة فیه و نسیت تعیین العدد أو اغفلت حال العدد أو علمت عدم العادة فیه،

ص: 41

و نسیت تعیین الوقت فإنها فی الجمیع یجری علیها حکم المضطربة ما لم یعلم منافاة عادتها السابقة. لذلک الحکم عدداً فیقتصر فی ذلک الحکم علی غیر المنافی للعادة. زیادة أو نقصاناً و تلاحظ کلًا من العادة و الحکم، فلو علمت زیادة العادة عن الصفة أو نقصها عنه لم تقتصر علی الصفة فی الأول، و تکملها بالقدر المتیقن من العادة دون المحتمل، و لا تحکم بالصفة فی الثانی. بل تخرج المتیقن من الزائد علی العادة و تحکم علی الباقی المحتمل و کذا مع عادة النساء. و کذا فی العدد المروی و احتمال الغاء الحکم فی مثل ذلک رأساً و الرجوع الی المتیقن من العادة. حتی ینتهی الی الثلث وجه لیس بالبعید، و کذا إذا علم منافاة العادة وقتاً فإنه یلحق الحکم بالنسبة الی المنافی، فلو علمت ان حیضها فی العشر الأوائل أو فی النصف الأول أو فی الثلثین و کانت الصفة أو عادة النساء بخلاف ذلک لم تلتفت الی الصفة، و عادة النساء و کذا کل جهة عینتها العادة بعد حصول العادة و تحققها فإنها لا یعارضها ما عداها. و لو علمت العادة و شکت فی حصول الاضطراب نفته بالأصل و استمرت علی حکم العادة.

ثانیها: الذاکرة لعادتها وقتاً المغفلة حالها عدداً أو الناسیة لعادتها عدداً، و حکمها فی العدد الرجوع الی حکم المضطربة علی النحو السابق. ما لم یعلم منافاة العادة للحکم فیجری فیه الکلام السابق، و فی الوقت تعین التحیض به. إن کان یوماً أو یومین أو أکثر فإن عینت جهته کالأولیة و الآخریة و الوسطیة عملت علی مقتضاها، و لا یعارض تلک الجهة وصف و لا عادة نساء. و ان لم تعیّن جهة رجعت الی ما عیّنه الوصف أو عادة النساء من الجهة فإن لم یحصل منهما تعیین جهة مع الرجوع الیهما أو فی حال فقدهما تخیرت بجعل ذلک الوقت فی أی جهة شاءت. و مع التعیین بجهة مردد فیها ککون ذلک الوقت من النصف الأول أو النصف الأخیر، عملت علی تلک الجهة و یبقی التخییر فی التردید.

ثالثها: الذاکرة لعادتها عدداً المغفلة حالها وقتاً أو الناسیة لعادتها وقتاً و حکمها التحیض بذلک العدد الخاص، و ترجع فی تعیین الوقت الی الوصف و مع فقده فإلی النساء علی الأقوی ما لم یعلم منافاة العادة لذلک فیجری فیه ما مر. و مع فقدهن العدد تخیرت فی وضع العدد فی أی وقت لم تعین العادة خلافه مع احتمال تعیین الأول و لعله الأحوط، و لو ذکرت بعض العادة و نسیت بعضاً فی العادة المرکبة عملت فیما ذکرته بمقتضی العادة و فیما نسیته جری علیها حکم الناسیة، و لو ذکرت العادة المرکبة و نسیت ترتیبها جری علیها حکم الناسیة بالنسبة الی الأفراد المحصورة، ثمّ الناسیة بأقسامها إذا حصل لها الذکر بعد العمل فإن انکشفت المطابقة فلا اشکال و کذا مع الجهل بها و أن انکشف الخلاف ففی الحاق العادة بالمعلوم الحیضیة فیجری أحکام الحیض علیها من عبادة و معاملة و احکام الطهر علی ما عداها أو انها من الأمارات الشرعیة المعتبرة مع العلم بها. فإذا انکشف الخلاف بعد مضیها لم یلتفت الیها و ان انکشف قبل وقتها عمل علیها و جری علی ما مضی حکم الطاهر من لزوم القضاء حتی فی صحة الطلاق علی الأقوی لعدم اشتراط العلم بحصول الشرط فی غیر العبادات وجهان مع احتمال البناء علی ما مضی و ترک العمل بالعادة مطلقاً، و لعل أوسطها خیرها و أن کان الأول لا یخلو من قوة و حیث أن الحیض مما یکثر فیه الاشتباه عند النساء سیما عند اختلاط الدماء و النصوص غیر وافیة بمجملاته فضلًا عن شعبه و مفصلاته مع ما فیها من الاختلاف الذی نشأ عنه تشعب الأنظار و الاداء. و الأصول فیه متعارضة متصادمة کان مقتضی الاحتیاط فی کثیر من صورة السابقة سیّما صور النسیان و خصوصاً نسیان العادة اختیار محرمات الحائض الذاتیة و الاتیان بواجبات الطاهر فی کل عدد مشتبه الی نهایة اکثر الحیض من

ص: 42

العشرة أیام بالنسبة الی جمیع الأوقات المشتبه فقد یستمر تمام الشهر ذلک. و قد یکون فی عشرین منه و قد یکون فی عشرة و قد یکون فی اقل.

المبحث الثالث: فی احکام الحائض

و منه یعلم احکام غسلها و حقیقته و شرائطه علی ما مرّ سابقاً، و احکامها أقسام:

أحدها: ما یتبع حکم الحدیثة فی اثناء الدم و بعد انقطاعه قبل الغسل و هی تحریم ایقاع کل مشروط بالطهارة من صلاة واجبة أو مستحبة و مسّ کتابة قرآن متصف بأی حکم من الاحکام الخمسة، و طواف واجب و تحریم ما یحرم ایقاعه من الجنب علی نحو ما مرَّ من اسم اللّه، و اللبث فی المساجد و وضع شی ء فیها، و الاجتیاز فی المسجدین و المشاهد المشرفة للزیارة أو لغیرها، و قراءة شی ء من سور العزائم، و الصوم مطلقاً، و لا یحرم علیها سجود الشکر و سجود التلاوة بل یجب علیها سجود التلاوة عند قراءة العزیمة أو استماعها و فی سماعها من دون استماع قولان. اقواهما الوجوب کما سیجی ء فی محله و یکره لها الاجتیاز فیما عدا المسجدین سواء کانت ملطخة بالنجاسة أو فقیة منها امنت التلویث أو لم تأمنه ما لم تعلم التلویث فیحرم الاجتیاز حینئذ. کما یحرم لکل مصاحب للنجاسة من مستحاضة و مسلوس و مبطون علی تأمل فیما إذا لم یکن الاجتیاز لأجل التلویث المحرم اذ لا ملازمة بین جرمه التلویث و حرمة الاجتیاز و لعل حرمه من الاصحاب مع عدم الافراد أو صورة العلم و یجب علیها التیمم مع مفاجأة الحیض فی احد المسجدین للخروج علی نحو ما مر فی الجنب. و فی الحاق المشاهد بهما فی هذا الحکم کالحکم بالتحریم اشکال لعل الأقوی خلافه هنا إلّا حیث یکون فرضها التیمم و تتمکن منه من دون لبث فإنه یقوی لزومه لتحصیل الطهارة فیما زاد من الاجتیاز علی مدة التیمم.

ثانیها: ما یتعلق بها حال اتصال الدم أو فی فتراته المعتادة و هو أمران:

احدهما: حرمة الوطء قبلًا ابتداء و استدامة إذا کان القبل محلًا للدم بما یسمی وطیاً و دخولًا و أن لا یربع الحشفة و لا یحرم ما عدا ذلک. سواء کان الاستمتاع فوق المئزر أو تحته علی الأقوی دبراً أو غیره و أن کره فی ما تحت المئزر لأن من یرتع حول الحمی یوشک ان یقع فیه، و لأجل ذلک تشتد الکراهة کلما قرب الی الفرج و خصوصاً ظاهره و تتضاعف بالوطی فی الدبر و لو اعتید الدم من غیر الفرج، ففی الوطء بالفرج الخالی و کذا فی الاستمتاع بموضع الدم وجهان اقواهما المنع فی الأول الجواز فی الثانی و یکفر مستحل الوطء رجلًا أو امرأة لغیر شبهة و یفسق فاعله منهما عمداً. و لا یعذر بجهله و یعزر بما یراه الحاکم و لا حد علیه بربع حد الزانی کما فی المروی مطلقاً أو فی اوله فقط لأعراض الاصحاب عن ذلک و لا بثمنه کما عن لعض بعدم الصور علی مستند له، و یکفر الرجل الفاعل شاباً أو مضطراً شبقاً أو غیرهما مع علمه لحال الموطوءة علی الحکم أو جهله لا لعذر استحباباً و احتیاطاً لا وجوباً علی الأقوی بدینار بأول کل حیض بنسبته و هو ثلاثة الأول و نصفه فی وسط و هو ثلاثة الوسط و ربعه فی آخره و هو فی ثلاثة الأخیر، و المکسر فی ثلاث یتبعه و فی الاجتراء بقدره من الذهب و بقیمته وجهان أحوطهما و أظهرهما و أعرفهما عدمه، و هو متجه فی الدینار دون کسره لأن الظاهر مرجعه الی القیمة و یدفع الی الفقراء و المساکین و مع العجز یکفی مسمی الصدقة علی مسکین و الأولی بل الأحوط اشباعه و الّا استغفر اللّه عز و جل. و یتبع التکفیر الحکم بالحیضیة شرعاً و لو من جهة اختبار المرأة و تعیینها و عدم انکشاف خلافه و لا تحریم الوطء فلو حرم الوطء لأحتمال الحیضة لم یلحقه حکم التکفیر و کذا لو حرم للقطع بالحیضیة فبان خلافه. و یلزم تصدیق المرأة فی اخبارها بالحیض و یجری علی ما اخبرت به جمیع

ص: 43

احکام الحیض، و لیس ذلک من باب التعبّد علی الأقوی فمع اتهامها یقوی عدم الاعتماد علیها، و لا فرق فی اصل التکفیر بین الابتداء و الاستدامة فمن تعمد البقاء بعد حصول الحیض و ان کان قد وطئ قبله لحقته الکفارة و یختص الحکم فی مراتبه بالنسبة الی الابتداء أما مع الاستدامة فالمرتبة اللاحقة تدخل فی السابقة و لا یثبت لها حکم مستقل کما لا یثبت بالنسبة الی الاستدامة فی کل مرتبة فإنها لا تتکرر الکفار الا بتکرر ابتداء الوطء بالنسبة الی المراتب فقط. أو مطلقاً مع تخلل التکفیر أو مطلقاً و هو الأقوی و إن کان الاقتصار علی التکرر مع تعدد المراتب له وجه غیر بعید کما أن التکرر بالاستدامة مع تعدد المراتب غیر بعید أیضاً ثمّ أن ما ذکر جمیعاً جارٍ بالنسبة الی الحرة و الأمة زوجة دائمة أو منقطعة موطوءة بشبهة أو مزنی بها مطاوعة أو مکرهة. و لو کانت الموطوءة أمة الواطئ قنة أو مدبرة أو ام ولد أو مزوجة و ان حرم وطئها تصدّق عن وطئه فی أی وقت من اوقات الحیض بثلاثة امداد من طعام علی ثلاثة مساکین، و فی روایة التصدق علی عشرة مساکین من دون بیان قدر المتصدق به، و الحکم بالتخییر بینهما غیر بعید لو لا اعراض الاصحاب عنه و فی وطئ المبعضة أوجه اجراء حکم الکفارة السابقة و توزیع الکفارة علی حسب التبعیض و الحاقه بوطء الأمة اقواها الأول و اضعفها الأخیر و فی الحاق المحللة بالأمة المملوکة وجهان الأقوی عدمه و لا یشترط العلم بالقنیة أو عدمها فی ترتیب الحکم مع العلم بأصل الحیضیة کما لا یشترط العلم بالمراتب السابقة فی ترتب أحکامها. فلو ظن الموطوءة امته فبانت زوجته لحقه حکم الزوجة و کذا العکس، و لو ظن المرتبة الأخیرة فبانت الأولی لحقه حکم الأولی.

ثانیهما: عدم صحة طلاقها و ظهارها مع الحضور و ما فی حکمه و الدخول و عدم الحمل علی ما سیجی ء تحقیقه فی محله.

ثالثها: ما یتعلق بها بعد انقطاع الدم و هو امور:

احدها: وجوب الغسل لکل مشروط بالطهارة من الحدث الکبر من الواجبات و استحبابه لکل مشروط بها من المستحبات، و شرط فی المشروط بها مما عداهما و لا یجب لنفسه بل هو مستحب راجح فی حد ذاته.

ثانیها: وجوب الوضوء معه سابقاً أو لاحقاً أو فی أثنائه. و إن کان السبق أفضل لکل مشروط بالطهارة من الأصغر من الواجبات و استحبابه فی المستحبات، و شرط فیما عداهما أیضاً فلا یتوقف رفع الأکبر علی الوضوء کما یتوقف رفع الأصغر علی الغسل و إن سبق الوضوء علیه. فان کل حدث أکبر متضمن اصغر فلا ینفک عن الأصغر و سبق الوضوء علی الغسل لا یستلزم سبق الرفع للأصغر علی الغسل بل یبقی موقوفاً کما یبقی رفع الأصغر فی کل من الاغسال موقوفاً علی غیره مع اجتماعها ونیة الرفع بالوضوء لا تنافی تأخّر تأثیره بعد الغسل و لا عکس فینفک الأصغر عنه. و من هنا صح ان یغتسل عن الأکبر و یتیمم عن الأصغر و لا یصح ان یتیمم عن الأکبر و یتوضأ عن الأصغر بل یتیمم لهما لأن التیمم لم یرفع الأکبر فیبقی الأصغر فیه فلا یرفعه الوضوء مع بقاء الأکبر و الوضوء غیر رافع لا یشرع الا فی مقامات خاصة دلّ علیها الدلیل لیس هذا منها، و التجزی فی الرفع للأصغر غیر معقول و الأحوط الجمع بین الوضوء و التیمم و لا بأس بتقدم التیمم علی الغسل و تأخره علی الأظهر و إن کان التأخیر أحوط الجمع بین الوضوء و التیمم، و لا یحرم وطئها قبل الغسل و الّا لحرم وطئ الکافرات و المخالفات من زوجات و إماء إذا حضنَّ مرة واحدة لعدم صحة غسلهن و الاکتفاء بالصورة لا وجه له و کذا لأوجه لتولی النیة غیرهنّ و لحرم أیضاً وطئ من لا تتمکن من الغسل بعد حیضها، و التیمم لا یعنی شیئاً لانتقاضه بمجرد الدخول و خیال حرمة

ص: 44

ابتداء الوطء و قد ارتفعت بالتیمم دون الاستدامة لا وجه له لأن الحکم فیهما بعد القول به متحد و ابعد منه ما یتخیل من عدم انتفاض التیمم من غسل الحیض بالجنابة مع ان التیمم لم یکن رافعاً بل مبیح و الإباحة لا تتجزی فما ورد من الأمر بالتیمم دلیل علی عدم اشتراط الغسل لحل الوطء، و هو منزل علی الاستحباب فلا محیض عن القول بجواز الوطء کما تقتضیه الأخبار المعتبرة و لو بالانجبار و الإجماعات المنقولة المتکثر بعد قضاء الوطء الأصل و العمومات و استصحاب التحریم مدفوع بانقطاع الحیض. و الکتاب لا نص فیه علی التحریم بل قاض بعدمه و انما یکره ذلک الی حین الغسل و لا یبعد ارتفاع الکراهة بالاحتیاج الی الوطء و بالتیمم و هل یتوقف حلّ الوطی علی غسلها موضع الوطء قولان. أحوطهما و أظهرهما فتوی و روایة ذلک، و حینئذ فیجب علیها ذلک بطلب الزوج الوطء علیها طلب الماء و تحصیل قیمته.

ثالثها: لزوم قضاء ما فاتها من کل صوم یقضی رمضانیاً أو نذراً معیناً، و عدم قضاء ما فاتها من صلاة واجبة أو مستحبة یومیة أو صلاة آیات أو منذورة نذراً معیناً و إن قلت یلزم قضائها فی غیر ذلک، و یستثنی من ذلک رکعتا الطواف فقط و یسقط القضاء وجوباً و استحباباً مع استیعاب الحیض تمام الوقت. أما لو حاضت بعد دخول الوقت و مضی مقدار یسع أقل افراد الصلاة المکلف بها بتمام أجزائها علی حسب التکلیف بها من قصر و اتمام و فی مواضع التخییر یتعین القصر علی الأظهر و من رکوع و سجود و إیماء و قیام و قعود بنسبة حال المکلف من ضعفه و قوته و عجزه و قدرته و ثقل لسانه و خفته و سرعة اعضائه و بطؤ حرکته، و یسع الطهارة للفاقدة لها علی حسب التکلیف بها من غسل و وضوء أو تیممین أو غسل و تیمم و کذا سائر الشرائط لفاقدتها بنسبة تکلیفها من اصل الستر و مقداره و الاستقرار و عدمه و نحو ذلک فإنه یلزمها القضاء وجوباً و متی انتفت السعة لتمام الصلاة لم یصح القضاء سواء وسع الوقت لأکثر الصلاة أو لا علی خلاف غیر معتبر فی الأول و المدار علی سعة الوقت لذلک واقعاً فلو کان باعتبار حصول العلم و المعرفة بالشرائط من وقت أو غیره لا یسع الوقت. و کذا لو کانت معتقدة شرطاً لا یسعه الوقت فبان خلافه و ان الوقت یسع الشرط الواقع و یتبعه القضاء و من هنا یظهر انها لو کانت متحیرة فی القبلة کفی فی لزوم القضاء سعة الوقت لفرض واحد. و لا یلزم سعة الوقت لأربع صلوات أو ثلاث و کذا لو کانت مکلفة بصلاتین فی ثوبین و نحو ذلک فإنه لا یعتبر سعة الوقت للصلاة المتعددة و یجری جمیع ذلک فی لزوم الأداء و لزوم القضاء مع التفویت بالنسبة الی آخر الوقت أیضاً فیتبع القضاء حصول التکلیف الواقع و ینقلب الأداء باعتبار معذوریة الجهل الی التکلیف بالعبادة الاضطراریة، فتصلی صلاة واحدة مع التحیّر فی القبلة و التحیّر فی الساتر و فی المسجد و نحو ذلک علی اشکال فی الجمیع و یقوم هنا دون ما سبق سعة الوقت لأدراک رکعة برکوعها و سجدتیها و فی الرفع تأمل مقام سعة الوقت للفریضة کلها فیلزمها أداء الفریضة بإدراک ذلک و تعص بالتأخیر و مع التفویت یلزمها القضاء، و من ذلک ما لو ادرکت فریضة علی النحو السابق و رکعة فإنه یلزمها الفرضان معاً فیجب علی المقصرة صلاة الظهرین بإدراک ثلاث و العشائین بإدراک اربع و المتمة بإدراک خمس فی الظهرین و العشائین و متی لم تدرک الرکعة تامة سقط لزوم الأداء و لا خطاب بالقضاء. و القول باستحباب التأدیة حینئذ غیر بعید عملا بظواهر بعض الأدلة و باستحباب القضاء أخذاً بفتوی جماعة من الأصحاب، و لو ظنت سعة الوقت للفرضین أو للأولی و رکعة من الثانیة فصلت الأولی ثمّ بان الضیق قضت صاحیة الوقت و بطلت الأولی. و لا یتعین قضائها نوراً لو بقی من الوقت أقل من الرکعة و یتحمل عدم قضاء الثانیة نظراً الی الوقت مع عدم العلم بالضیق لیس

ص: 45

لها و صحة الأولی مع قضاء الثانیة و بدونه تعیین القضاء بإدراک شی ء من الوقت و الأوجه فی الجمیع ما ذکرناه و لو ظنت الضیق فصّلت الثانیة ثمّ تبین سعة الوقت صحت الثانیة و ان وقعت فیما یتضیق للأولی و صلت الأولی بعدها فی وقت الثانیة. و تتعین المبادرة علی جهة الأداء و القول بعدم صحة الأولی فی الوقت المختص بالثانیة و ان سقط التکلیف بالثانیة فإنه مقتضی الاختصاص و علی فرض صحتها فلا یتعین هذا الوقت بل هو و ما بعده من اوقات القضاء متساویة، و علی فرض التعیین فهو علی جهة القضاء و کذا القول بعدم صحة الثانیة حیث تقع فیما یتضیق للأولی تنزیلًا له منزلة المختص من أول الوقت لا یخلو من وجه و الأوجه ما ذکرناه و لو شکت فی سعة الوقت بنت علی عدمها و سقط عنها القضاء و یحتمل لزومه لظاهر تعلق التکلیف بأول الوقت و لم یعلم الرافع و هو انکشاف ضیق الوقت و هو الأوفق بالاحتیاط و کذا لو شکت فی ضیق الآخر لا یلزمها الأداء و لا مع التفویت القضاء ان لم تنکشف السعة و یحتمل الحکم بسعة الوقت نظراً الی استصحاب بقائه فیلزمها الأداء و القضاء مع التفویت ان لم ینکشف الضیق، و لو ظنت سعة الآخر فبان خلافها فی اثناء العمل فإن صادف شیئاً من الوقت حرم القطع بناء علی استصحاب التأدیة و الّا لزم الأبطال.

تذنیب: یلزم المرأة عند رؤیة الدم المحتمل حیضیته و المقطوع بها و عند انقطاعه ظاهراً مع عدم العلم بانقطاعه واقعاً الاستظهار عنه بقطنة و نحوها تحتشی بها سواء کان بعد الثلاثة أو قبلها فی اثناء العادة أو فی غیرها لمن لها عادة أو لیس لها عادة، ثمّ تخرجها بعد مضی الفترات المعتادة للدم فإن خرجت نقیة اغتسلت و لا یجوز لها الّا الانتظار و أن اعتادت النقاء علی اشکال و أن خرج بها دم و لو مسماه مثل رأس الذباب انتظرت و تکلف الاستظهار. و مع عدمه یحرم علیها محرمات الحائض و لو تشریعاً و محرمات الطاهر و لا یجوز لها الاحتیاط و یقهرها زوجها علی ذلک، و لا یجوز ان یقربها بدون الاستظهار و لا یعتبر فیه زیادة علی ما ذکرناه من قیامها و الصاق بطنها بحائط و رفع رجلها أو الاعتماد علی الحائط بالرجل الیسری و الاستدخال بالید الیمنی، بل ذلک مستحب و لعل کلما فیه زیادة استظهار لا یخلو من رجحان، و یستحب للحائض فی اوقات الصلاة الیومیة و غیرها من الواجبات الموقتات دون المستحبات و المبادرة فی أول الاوقات افضل التحشی و الوضوء و ان سبق علی الوقت متصلًا به و الجلوس فی مکان طاهر و القرب من المسجد افضل و بعده الجلوس فی مکان صلاتها مستقبلة القبلة ذاکرة اللّه عز و جل علی قدر صلاتها بنسبة حالها فیها بأی ذکر من الأذکار من تسبیح و تکبیر و تحمید و تهلیل و ربما الحق به الاستغفار و الصلاة علی النبی (ص) و لعل الذکر یشمل ذلک و یشمل الدعاء، و فی خبر ابن عمار تلاوة القرآن مع الذکر و لا یبعد اشراط تعقیب ذلک للوضوء. فلو حصلت فاصلة اعادت الوضوء و کذا لا یبعد قیام القیام و الاضطجاع و المشی مقام الجلوس عند الضرورة و کذا غیر القبلة مقام القبلة عند التعذر و التفکر مقام الذکر عند الامتناع و التیمم مقام الوضوء و عند عدم العذر یقوی بقاء الرجحان فی غیر الصورة الأخیرة و إن أخذ الجلوس و الاستقبال و الذکر من قبیل المستحب فی مستحب و ربما قبل وجوب ذلک فالأحوط فعله و یکره لها الخضاب بالحناء و غیرها، مما یسمی خضاباً لیدیها و رجلیها و شعرها و لا یبعد تسریة الکراهة لما بعد انقطاع الدم قبل الغسل و ربما ظهر من بعض

ص: 46

التحریم و هو مردود بنص الأخبار، و کذا یکره لها کراهة عبادة قراءة شی ء من القرآن و خصوصاً السبع آیات و اشد منه السبعون، و یکره لها ان تغتسل من الجنابة إذا کان علیها غسل جنابة مدة حیضها فإن اتاها ما یفسد صلاتها و هو أعظم من جنابتها و لا یبعد تسریة الکراهة لجمیع الاغسال الرافعة الثانی و فی مدة الحیض و تسریتها لها عند سائر الاحداث الکبریات من جنابة و استحاضة.

الباب الثانی: غسل الاستحاضة

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی حقیقة دم الاستحاضة

و هو فی الأغلب دم أصفر بارد رقیق یخرج بفتور من دون لذة و حرقة ربما وصف بالفساد فی بعض الأخبار و بالصفاء فی کلام بعض الاصحاب و هو علی عکس دم الحیض فما کان أضعف فی الحیض کماً و کیفاً هو أقوی فیها و بالعکس بالعکس، و هو أصل لکل دم خارج من الرحم بعد العلم بعدم الحیضیة و عدم العلم بالسبب من ولادة أو جرح أو قرح أو بکارة کما هو ظاهر الأدلة و تقتضیه السیرة و لولاه لانتفی دم الاستحاضة رأساً لتعذر العلم بالباطن فیقوم الاحتمال. أما مع العلم بالسبب و عدم معرفة الدم فالظاهر الحکم بنفی الاستحاضة سواء کان بالوصف أو بغیره علم خروج دم اولا اولی و لا یلزم الاختبار کما فی الحیض بل لا یجدی لو حصل الّا مع العلم بکونه استحاضة تمسکا بأصل الطهارة و لا حدّ لقلیله و لا لکثیرة و لا یخصه سن من أسنان النساء فیحصل من الصبیّة و یجری علیها حکم الحدثیة بعد البلوغ و یجری علیه حکمه فیما یتعلق بالغیر من نزح البئر، و عدم العفو عن قلیله و یحصل من الآیس و لا یعتبر بین افراده فاصلة و لا بینه و بین ما عداه.

المبحث الثانی: فی انواعه

لا یختلف دم الاستحاضة باعتبار ثبوت عادة أو کثرة أیام و قلّتها أو اختلاف وصف و ما فی بعض الأخبار من وصف الصغیرة لبعض اقسامها فهو کنایة عن القلة. و انما تختلف باعتبار کمیة الدم فما کان الدم فیها قلیلًا فهی قلیلة و ما کان متوسطاً فهی متوسطة و ما کان کثیراً فهی کثیرة فان علمت المرأة ذلک برؤیة الدم الساقط منها أو بوضع شی ء فی فرجها علمت بمقتضی علمها و أن اشتبه الحال علیها بین الثلاثة أو بین قسمین منها اختبرت باحتشائها فی فرجها بقطنة و ما اشبهها غیر ملبدة تمنع من تعوّز الدم فیها أو فی بعض اجزائها وضعا فی المحل المتعارف بالقدر المتعارف بنسبة حال فرجها فی المدة المتعارفة فإن لم یثقب الدم الکرسف استوعب ظاهره أو لا، نفذ فی اعماقه أو لا فهی قلیلة و ان ثقبه سواء غمسه جمیعاً أو لا و لو من بعض جوانبه و لم یسل خارجاً عنه فهی متوسطة و ان ثقبه و سال و لو یسیراً من بعض الجوانب فهی کثیرة. و مع الشک و عدم التمکن من الاستعلام فإن کان بین الکثیرة و غیرها نفت الکثیرة بالأصل و إن کان بین المتوسطة و القلیلة نفت المتوسطة أیضاً بذلک، و مع التمکن من الاستعلام شرعاً بالطریق المذکور أو غیره و لو بالرجوع الی غیرها فی محل یکتفی بذلک لزمها ذلک و لا یجوز لها ان تعوّل علی الأصل و لو عولت علیه و عملت بمقتضاه فسد علمها و أن طابق الواقع فلو اعتقدت شیئاً أو اختبرت ثمّ بان خلافها انتقض ما ثبت علیه أولًا، و جری علی ما مضی حکمها الواقع و لو اخطأت طریق الاختبار بعذر شرعی و لم ینکشف حالها السابق نبت فیه علی مقتضی الأصل و ینظر الی مطابقة العمل له و عدمها و یحتمل الحکم بصحة ما مضی و ان خالف حکم الأصل و انه من الشک بعد الفراغ.

ص: 47

المبحث الثالث: فی احکام هذه الأقسام الثلاثة

تشترک المستحاضة باقسامها بلزوم تغییر القطنة الملوثة أو تطهیرها أو رفعها مع انقطاع الدم عند کل صلاة یومیة أو غیرها واجبة أو مستحبة. کما دلّت علیه بعض الروایات مع شهرة الفتوی به فلا حاجة الی الاستدلال بعدم العفو عن قلیله حتی یطالب بمستنده و دلیله بل العکس فی الاستدلال اولی و منه یعلم لزوم غسل الفرج إذا کان متنجساً بالدم و لو قلیلًا و کذا عدم العفو عن الحرقة مع اصابة الدم لها و ترتفع المناقشة فی ذلک تکون القطنة محمولة و نجاسة المحمول لا مانع فیها و کونها مما لا تتم بها الصلاة و نجاسته. و ان کان من أحد الدماء الثلاثة معفو عنها و کونها نجاسة باطنیة و النجاسة الباطنیة لا یجب رفعها و کون التغییر مع استمرار الدم و عدم انقطاعه لا یؤثر سوی تخفیف النجاسة و تخفیف النجاسة غیر لازم و یلزمها الوضوء بعد ذلک فی جمیع اقسامها لکل صلاة من فرض و نقل فلا یجتمع الفرضان و لا النقلان و لا الفرض و لا النقل بوضوء واحد مع تجدد الدم بعد الوضوء و عدم انقطاعه و الأحوط تقدیم التغییر علی الطهارة الحدثیة فیما یکون اصابة الدم لا تنفک عن الاستذفار. أما فیما یکون اصابة الدم لها اتفاقیة فالظاهر التخییر و یلزمها بأقسامها أیضاً التوقی من التلویث بنجاسة الدم و التحفظ ما أمکن من سیلانه خارجاً بوضع القطنة و نحوها و الاستذفار و متی اهملت ذلک لم یصح شی ء من عملها. و ان فاجئها فی اثناء الغسل أو الوضوء أو بینهما و الصلاة لزمها اعادتهما و کذلک فی اثناء الصلاة علی الأظهر الّا مع التعذر فیکون المدار علی غایة القدرة و جمیع ذلک هو الموافق للأخذ بالمتیقن من صحة الغسل و الوضوء و الصلاة مع الحدث، و فی الأخبار دلالة علیه أیضاً و یختص القسمان الأخیران بالغسل سابقاً علی الوضوء أو لاحقاً کغیره من الأغسال و لا غسل فی القسم الأول و یفترقان بلزوم غسل واحد فقط لصلاة الفجر فی المتوسطة و لزوم غسلین معه غسل جامع للظهرین و غسل جامع للعشاءین فی الکثیرة مع استمرارها فی الأوقات الثلاثة و الّا فضلان أن استمر فی وقتین أولًا فواحد و خیال لزوم الثلاثة بمجرد حصول الدم الکثیر و لو فی وقت ضعیف. و الجمع علی ما یظهر عزیمة لا رخصة فلیس لها ان تصلی کل فرض بغسل إلّا أن یکون قد فاجئها الدم بعد صلاة فرض أو کانت مکلفة بصلاة فرض واحد فانها یلزمها الغسل له و کذا إذا صلّت فرضاً ثمّ اخّرت الفرض الثانی لعذر أو عصیاناً فانها یلزمها تجدید الأعمال المذکورة جمیعاً للفرض الثانی مع احتمال الاکتفاء بذلک الغسل. و إنها لا تکلف مع الاستمرار ازید من ثلاثة و هو غیر بعید، ثمّ ان هذا الیوم قلیله ناقض للطهارة الصغری موجب للوضوء و غیر قلیلة من متوسطة و کثیرة ناقض للکبری موجب للغسل فمتی حصل شی ء منه کان حکمه ذلک سواء حصل قبل اوقات الصلاة أو بعدها فی اثناء الطهارة أو بعدها قبل الصلاة أو فی اثنائها فیلزم لخروج کل جزء منها ان کان وضوء فوضوء و ان کان غسل معه فغسل معه الّا ان الشارع لطفا منه و تخفیفاً و دفعاً للعسر و الحرج اکتفی فی مقام الاستمرار و عدم الانقطاع بإباحة الوضوء و ان خرج الدم فی أثناءه أو بعده و فی أثناء الصلاة و بعدها و بإباحة غسل واحد عن الدم المستمر فی المتوسطة لصلاة الفجر و ما بعدها الی الفجر الثانی، و لا تکلّف بأزید من ذلک و ان کان الناقض موجوداً الّا إذا جاءها الدم بعد صلاة الفجر فانها تکلف بالغسل لأول صلاة تعقبت الدم متصلًا بها، و یکتفی به الی الفجر الثانی و احتمال الاکتفاء بوقوعه فی أی وقت شاءت قبل تلک الصلاة له وجه الّا ان الأقوی اعتبار الاتصال فلا یستباح لها اعمال الظاهر الّا بعد دخول وقت الصلاة و الغسل لها. و بإباحة ثلاثة اغسال عن الدم المستمر فی الکثیرة و إن کان الحدث لم یفارقها و حینئذ فمتی حصل الانقطاع إن کان فی اثناء الطهارة أو بعدها فی أثناء الصلاة أو

ص: 48

بعدها لزم تجدید الوضوء فقط فی القلیلة و تجدیده و تجدید الغسل فی الکثیرة و المتوسطة لأی صلاة کانت لم یدخل فیها أما مع الدخول فأشکال سبق نظیره فی المسلوس و المبطون سواء کانت التی تکلّف بالغسل لها أو غیرها، فقد یلزم المتوسطة أغسال خمسة لحصول الانقطاع عند کل صلاة و التجدید بعدها، کما قد یلزم الکثیرة ذلک، و متی انتقلت قبل المغرب و العشاء فإنها تکلّف بالغسل للکثیرة التی انقطعت و یبقی حکم المتوسطة من الغسل للفجر علیها و بما ذکرنا ینکشف أن کل وضوء و غسل للانقطاع حکمهما حکم غیرهما من الطهارات، و کل وضوء و غسل مع الاستمرار یعتبر فیهما المبادرة و تعقیب الصلاة و لا بد من التشاغل بالمقدمات و الشرائط قبلهما و لا یجوز التراخی الّا فیما یتعلق بالصلاة مما یکمل الطهارة کأذان و إقامة و سائر المستحبات فی اثنائها بل و لا یبعد فی الغسل الحاق نوافل کل فریضة بها حتی نافلة اللیل مع صلاة الغداة متصلة بها و إن کان الأحوط ترک ذلک و لا یشترک علی الأظهر دخول الوقت فی صحة الوضوء و الغسل بل یکفی اتصالهما بالعمل و ان کان الأحوط مراعاة ذلک و بما کان فی بعض الأخبار دلالة علیه و یظهر لک أیضاً ان الاستحاضة مع الانقطاع حکمها حکم سائر الأحداث إذا انقطعت فیحرم علی المستحاضة القلیلة ما یحرم علی المحدث بالأصغر، و ترتفع بمجرد الوضوء و یحرم علی المتوسطة و الکثیرة ما یحرم علی المحدث بالأکبر من صلاة و صیام و لبث و قراءة عزائم، و یرتفع حکم الأکبر بالغسل فقط و حکم الأصغر بالوضوء معه و لا مانع من وطئها حتی قبل الغسل و ما یتخیل من ان الاستحاضة بأقسامها مع الانقطاع لیست الّا حدثاً أصغر و ان الغسل لأجل الاستمرار فلا یلزم فیها سوی الوضوء فهو خیال ضعیف و أضعف منه نفی الحدثیة و ان الطهارة لأجل الاستمرار و یردهما ثبوت اللوازم الشرعیة لملزوماتها مع ظواهر بعض الأخبار، و أما مع الاستمرار فحکمها حکم ذات حدث مستمر فإن کانت قلیلة منعت الأعمال المنافیة للحدث الأصغر دون ما ینافی الأکبر فقط. و إن کانت کثیرة أو متوسطة منعت جمیع الأعمال المنافیة للحدث الأکبر فلا یجوز صدور شی ء من تلک الأعمال من صاحبیتهما و لا یجوز وطئیهما مع وجود الدم بل ربما یستظهر من بعض الفتاوی و الأخبار إن وجود دم القلیلة أیضاً مانع من الوطء و ان کان حدثاً اصغر و هو أوفق بالاحتیاط، إلّا أن الذی یظهر بعد إمعان النظر فی الأدلة ان للمستحاضة القلیلة ان تأتی بکل مشروط بالطهارة مستقلًا مع الإتیان له بما تقدّم من اعمالها فی الصلاة، و لا تکتفی بإباحة کل مشروط بفعلها تلک الأعمال فی الصلاة فقط و لا تمتنع من سائر الأعمال سوی الصلاة و تقتصر علی خصوص الصلاة المفروضة أو مطلقاً. بل لها أن تعمل کل مشروط مع فعل ما هو مبیح للصلاة له کما فی المبطون و المسلوس و لا تجمع بین الأعمال المتعددة و المرجع فی الوحدة و التعدد الی ما هو فی نظر الشرع کذلک. و إن للمستحاضة الکثیرة و المتوسطة ان یأتیان بکل مشروط بعد الحدث الأکبر بمجرد اتیانهما بما لزمهما من الأعمال فی اوقات الصلاة و انهما قد ابیح لها ذلک بمجرد تلک الأفعال سواء تعقبتها الصلاة أو لا و لا یعتبر تحقق الوضوء للصلاة مع تلک العمال و ان کان مراعاته اوفق بالاحتیاط، أما ما یتوقف علی رفع الحدث الأصغر فلا بد من تجدید الوضوء و بقیة الأعمال عدا الغسل له و کذا یباح وطئهما مع الإتیان بالأعمال السابقة و الأحوط غسل الفرج معها فی أی وقت کان الی ان تنتهی غایة العمل فیباح من الفجر الی الفجر فی المتوسطة ان عملت وقت الفجر و الّا فمن حین عملها ان تأخر عن ذلک فإنه یلزمها ایقاع الغسل إذا فاتها الفجر عن عذر أو غیر عذر عند وقت الصلاة الثانیة کالدم المبتدأ، و یکتفی بذلک الغسل بالنسبة الی ما بعده و لا یسقط رأساً حکم الطهارة فی ذلک الیوم لفوات محلها و هو الفجر. و لو جاءها الدم قبل الفجر و لم تکن

ص: 49

عاملة له سابقاً لم یجز وطئها و یباح من وقت صلاة عملت فیها الی وقت الأخری فی الکثیرة فان عملت أبیح وطئها أیضاً و الّا فلا و هکذا.

و من هنا علم حال الصوم فیحکم بصحته الی حین العمل الآخر فإن عملت الفجر صح صومها من دون توقف علی الغسل الماضی للعشاءین صحة مستمرة الی الأخر فی المتوسطة و صحة ظاهریة الی وقت صلاة الظهرین فی الکثیرة. فإن عملت فی وقتهما عملها لهما تبینت صحته، و لا یتوقف علی غسل العشاءین فی اللیلة اللاحقة و الّا حکم ببطلانه و ما یسبق من الصوم علی العمل و لم یکن سبقه عمل کالدم المفاجئ للصائمة فی النهار بالنسبة الی المتوسطة أو الکثیرة فهو نظیر ما ذکرناه من الحکم بصحته ظاهراً الی حین العمل اللاحق الواقع فی النهار فینکشف صحته أو فساده و لا یتوقف علی ما یقع فی اللیل و لو کانت مفاجأة الدم بعد صلاة الظهرین و فی لزوم المبادرة لأجل الصوم الی المغسل حین مفاجأة الدم و أن لم یکن وقت صلاة وجه بعید، و کذا یبعد الحکم ببطلان صوم ذلک الیوم بمجرد خروج الدم الغیر المتعقب غسلًا فلا یقبل الصحة و لا یعتبر فی الصوم تقدیم غسل الفجر علیه، بل لو قدّم مع فاصلة غیر مؤذون فیها فالأقوی عدم الاجتراء به فی صحة الصوم و الأحوط مراعاة تقدیمه مع اتصال آخره بأول الفجر سیما إذا لم یسبق غسل فی لیل أو فی فجر سابق علی هذا النهار حتی لا یمضی جزء من الصوم غیر متعقّب غسلًا، و لبحث المسلوس و المبطون مزید ارتباط فیما نحن فیه فلا بد من مراجعته و إمعان النظر فی ظواهره و خوافیه.

تذنیب: یقوم التیمم مقام کلّ من الوضوء و الغسل فی المستحاضة کغیرها و یجری فیه ما یجری فیهما، فللصغری مع الأعمال علی حسب الإمکان عند الاستمرار خمس تیممات و الوسطی معها تیمم زائد فی الفجر عن الغسل، و للکثیرة مع ذلک تیممان للظهرین و للعشاءین فتکون ثمان تیممان و مع التمکن من ماء الغسل لزم الإتیان به و تتساوی أقسامها بالتیمم و مع التمکن من الماء فی فرض دون آخر لزم کل فرض حکمه، و فی لزوم الوضوء هنا مع الاستمرار عند التمکن من ماءه دون ماء الغسل أو سقوط الوضوء و قیام التیمم مقامه تبعاً للغسل کما هو الشأن فی غیره من الوضوءات المجامعة للأغسال الرافعة وجهان اقربهما الأول، لکون الوضوء هنا مبیحاً فیبیح من الأصغر الباقی فی ضمن الأکبر الذی أباح منه التیمم فلا مانع من العمل بأدلة الوضوء علی عمومها أما مع الانقطاع فیجری فیها ما تقدم فی غسل الحیض.

ص: 50

الباب الثالث: غسل النفاس

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی سببه

و هو خروج دم الولادة معها مقارناً لأول جزء منها أو فی أثناءها أو بعد انتهائها من المحل المعتاد خلقة أو بالعارض، فلو حصلت الولادة و لا دم کما اتفق فی زمن النبی (ص) أو حصل الدم و کان قبل ابتدائها و لو بلحظة أو حصل الدم معها أو بعدها، و لکن خروجه من غیر المحل المعتاد و ان کان هو موضع الولادة لم یکن نفاساً و لو خرج من المحل المعتاد و کانت الولادة من غیره، فأشکال الأقرب اجراء حکم النفاس علیه. و المدار علی صدق اسم الولادة عرفاً و تحقق بوضع الإنسان تام الخلقة أو ناقصها علی صورة الانسان أو غیر صورته أو وضع جزء منه أو وضع ما کان مبدأ الانسان حتی المضغة. و فی العلقة مع العلم بها أو شهادة النساء الأربع، بها وجهان لعل الأقوی الحاقها حیث یعلم منها ذلک أو یثبت ثبوتاً شرعیاً و یکفی فی اضافة الدم الیها خروج الجزء من الکل أو من الجزء أو من المبدا، و مع الخروج و رجوعه ففی الدم الحاصل بعد الرجوع إشکال الأقوی عدم صدق الولادة علی ذلک و لا یضاف الدم الخارج بعد الرجوع الیها، فلا یحکم بنفاسیته حینئذ و لا بد من العلم بالولادة أو ثبوتها شرعاً أما مع الشک فتنفی بالأصل و یتبعها حکم الدم و مع التمکن من الاستعلام و الاستخبار الظاهر عدم الوجوب فوجود الولادة ناف للحیضیة و الاستحاضة فی الدم واصل بالنسبة الی ما عداهما من سائر الدماء ما لم یعلم کونه منها و مع حصول سبب آخر من بکارة أو جرح أو قرح، و الشک فی نسبة الدم الیه أو الی الولادة ففیه وجهان منشؤهما التمسک بأصل الطهارة مع قیام الاحتمال، و قوة السبب الطارئ الذی هو الولادة فیستند الأثر الیه. و صدق خروج الدم بعد الولادة فتشمله ظواهر الأدلة و التفصیل بین اتصال دم تلک الأسباب و عدمه فیحکم بنسبة الدم الیها فی الأول و یحکم بالنفاس فی الثانی لا یخلو من قوة.

المبحث الثانی: فی خواص دم النفاس و بعض احکامه

لا یخص دم النفاس وصف من الاوصاف و لیس لقلیله حد من دون نکر و خلاف و لا یتجاوز کثیره مع اتحاد سببه و عدم استمرار ذلک السبب عشرة أیام. فلو تعدد السبب مع الحکم بحدة النفاس أو تعدده لحق کل سبب مدته فقد یتجاوز المجموع منها العشرة و العشرین، و کذا لو خرج بعض الولد و بقی ذلک مستمراً و الدم مستمر معه حتی تجاوز العشرة حکم بنفاسیة الجمیع و حینئذ فمبدأ العشرة انتهاء الخروج الذی به انقطاع السبب لا ابتدائه فالزمان قبل تمام الولادة و ان طال لا یحسب من العشرة و لا بد من فصل اقل الطهر بین دم النفاس و الحیض سابقاً و لاحقاً فکل قبل النفاس فی العادة أو غیرها لم یفصل بینه و بین دم النفاس بعشرة حکم باستحاضته. و کذا ما بعد النفاس و لو حصل الفصل بأقل الطهر بین بعضه دون بعض مع اتصاله و کان ذلک البعض المفصول بشرائط دم الحیض، فالأقوی الحکم باستحاضة الجمیع فی ذلک الشهر قضاء لوحدة الدم، و مع موافقة ذلک البعض للعادة أو للأوصاف دون المتصل معه لا یخلو من إشکال، و لو لم یحصل فصل بین الدم السابق و الولادة سواء کان لا دم مع الولادة أو حصل بعدها دم مفصول بأقل الطهر فظاهر الأدلة الحکم باستحاضة السابق و نفی حیضیته. و ان تعقب الولادة کاشف عن کون الدم دم مخاض لا دم طمث، و حیث تبیّن ان الولادة لا تکون سبباً لنفاسة الدم الزائد علی العشرة المحکوم بالنفاس فیها من جهة استمرار الدم أو ما فی حکمه یعلم انها لا تکون سبباً لکل دم جاء بعد العشرة و أن کانت العشرة کلها لیست بنفاس،

ص: 51

أو کان بعض منها نفاساً دون بعض کلما إذا جاء الدم بعد الولادة بیوم أو یومین أو اکثر الی ما دون العشرة فحینئذ دم النفاس لا یزید علی عشرة و لا یحصل فی غیر العشرة المتصلة بآخر الولادة و من اجل ما ذکرناه کان الاصحاب اکتفوا بذکر الحکم الأول عن الثانی بل جعلوهما شیئاً واحداً، و لا یشترط تخلل أقل الطهر بین نفاسین تعدد سببهما سواء کان لخروج توأمین متعاقبین رأت الدم معهما أو لخروج قطعتین کذلک فقد یتصل الدم الأول مع الدم الثانی إذا وقع فی اثناء العشرة فیتصل النفاسان و قد یتخلل بینهما نقاء اقل من عشرة فی أثناء العشرة أو بعد العشرة أو یتخلل دم بعد العشرة بمقدار اقل الطهر فیحکم بالطهر فی

ص: 52

جمیع ذلک و انفصال النفاسین، و لا یحکم علی النقاء الواقع بینهما فی اثناء العشرة بالنفاسیة سواء رأی النفاس الثانی أو لم یر و أما بالنسبة الی النفاس الواحد ذی السبب الواحد فقد أفتی کثیر من الأصحاب بعدم تخلل اقل الطهر فیه فحکموا ابان کل نقاء یتخلل بین دمین فی اثناء العشرة قد حکم بنفاسیة الثانی منهما هو من النفاس کالنقاء المتخلل بین أیام الحیض فإنه حیض، و هو غیر بعید استناداً الی عموم أقل الطهر و ظاهر اطلاق ما دلَّ علی التنفس بالعشرة من دون شرط استمرار الدم مع ظاهر الفتوی و الّا فلا استبعاد بعود النفاس بعد انقطاعه من دون تجدد ولادة استناداً الی الولادة فی اثناء العشرة فإنه من حین الولادة الی رؤیة الدم محکوم فیه بالطهارة و بحصول الدم یحکم بالنفاسیة ثمّ ان اکثریة العشرة المتصلة بالولادة للنفاس بالنسبة الی کل من انقطع نفاسها من العشرة فنازلًا، و لا یقتصر علی العادة فقط فی ذات العادة الحیضیة دون ما زاد علیها و أن نقص عن العشر للأمر فیها بالاستظهار و کذا بالنسبة الی مبتدئة الحیض و مضطربته مع التجاوز عن العشرة استصحاباً لحکم النفاس و لظاهر ادلة العشر و الفتوی مع أن نسبة العشر کلها متساویة اذ لا وصف یرجع الیه و لا عدد و قدّره الشارع یبنی علیه و الاقتصار علی القدر المتیقن مؤدی للاقتصار علی أول جزء من بعد الولادة لا یتجزی فلا معنی للتمسک بأصل الطهارة و فی الرجوع الی عادة النساء و کذا الرجوع الی العادة النفاسیة روایتان غیر صحیحتین أعرض عنهما الاصحاب و أما ذات العادة الحیضیة فالذی یقتضیه اتحاد حکم الحائض و النفساء عد المستثنی و یقتضیه أدلة الاستظهار فإن معناه الاستکشاف لحال محتمل و مقتضی الجمع بین ما دل علی العشرة فتوی و روایة و ما دلَّ علی الرجوع الی العادة انها مع تجاوز الدم العشرة تتنفس بعادتها و ینکشف ان ما عداها استحاضة و المدار فی العادة هنا علی العادة العددیة و لا عبرة بالوقتیة لعدم ارتباط النفاس بخصوص الوقت و کل دم وقع عقیب الولادة محکوم بنفاسیته و ان صادفت العادة الوقتیة بعده و کذا ما یحصل بعدها سواء وقع النفاس فی اثنائها أو قبلها محکوم بنفاسیته الی تمام العدد و إلی العشرة ان لم یکن لها عادة عدد و احتساب العادة علی الأظهر من بعد انقطاع السبب و هو انتهاء الولادة و النقاء المتخلل المحکوم بنفاسیته لتخلله بین دمین قد حکم بنفاسیتهما الظاهر احتسابه من العادة و لیس الاحتساب مقصوراً علی ما یری فیه من الدم فلو رأت دماً ثمّ نقاء ثمّ دماً فی آخر العادة و استمر و تجاوز العشر کانت العادة نفاساً و ما فوقها استحاضة و لو رأت دماً ناقصاً عن العادة ثمّ رأت نقاء به العادة ثمّ رأت دماً لم یمکنها التنفس بقدر العادة لأن النقاء الذی لا یتعقبه دم لا یحکم علیه بغیر الطهریة و فی تنفسها بالدم الناقص فقط أو فیه و فی النقاء و شی ء من الدم الثالث لأجل تحصیل قدر العادة و ان زاد علیها أو سقوط العادة لعدم امکان التنفس بها و الرجوع الی العشرة أوجه اوجههما الأول و یجری مثله فی الحیض ایضاً.

المبحث الثالث: فی احکام النفساء

النفساء کالحائض فیلزمها الاستخبار عند الانقطاع الصوری علی الأظهر و یلزمها الغسل عند الانقطاع الحقیقی و کذا الوضوء فیما یلزمان له و یجب علیها القضاء و الأداء بعد الغسل علی النحو السابق و یحرم علیها و علی زوجها وطئها مع وجود الدم و الکلام فی الکفارة کما مرّ و یحرم علیها قبل الغسل ما یحرم علی الحائض من صلاة و صیام و مس و قراءة عزائم و مکث و اجتیاز و یکره لها ما یکره لها من وطئ بعد الانقطاع قبل الغسل و مباشرة من السرة فنازلًا و خضاب و قراءة قرآن و اجتیاز و یستحب لها ما یستحب لها من وضوء و جلوس و ذکر اللّه عزَّ و جل. و بالجملة فالحیض اصل بالنسبة الی النفاس فی جمیع الأحکام الّا ما علم فیه الخلاف من الأحکام التی مرت الإشارة الیها.

ص: 53

و منها عدم احتسابه فی العادة لا مع نفاس ثانی، و لا مع حیضة علی الأظهر و ربما عدَّ منها مدخلیة الحیض فی انقضاء العدة دون النفاس لسبقه بالولادة و دلالة الحیض علی سبق البلوغ دون النفاس لسبقه بالدلیل و هو الحمل، و فی ذلک بحث ظاهر غیر خفی.

ص: 54

المقصد الرابع: فی التیمم

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فیما یتوقف علی التیمم

التیمم قائم مقام الوضوء و الغسل الرافعین للحدث فی المبیحین کالوضوء و الغسل لمستدام الحدث فیثبت لما ثبت له الوضوء و الغسل من واجبات مشروطة بهما أو مستحبات. کذلک رواتب أو غیرها موقوتات أو غیرها أو مباحات کذلک عند لابدیّة فعلها و عدمه و قد تقدم تفصیله. و فی الحاق الغایات الراجحین لها الغیر المشروطة بهما من واجبات و مستحبات و مباحات وجهان. اقواهما ذلک و یستثنی من ذلک ما إذا منع منه مانع خارجی کالتیمم قبل دخول الوقت للصلاة تهیؤاً لها فإنه لا یصح لما فیه من التیمم قبل دخول الوقت و فی التیمم لما شرعت الطهارة له احتراماً کالمسّ و اللبث و الاجتیاز وجهان اقربهما ذلک لحصول الطهارة الشرعیة فیحصل الاحترام بها، و کذا فی التیمم مقام الوضوء حیث تکون غایته الکون علی الطهارة الوجهان اقربهما العدم لعدم ثبوت الکون علی الاباحة غایة فلا یشرع له الطهارة مائیة أو ترابیة، و أما الأغسال و الوضوءات الغیر رافعة للحدث صوریة کانت أو مکملة أو مستقلة کالأغسال المستحبة. فالبدلیة فیها لا تخلو من وجه قوی الا حیث یکون التیمم تجدیدیاً لمائیة سابقة أو ترابیة مثلها أو مکملًا لمائیة سابقة کالتیمم عن الوضوء للمذی و نحوه ففیه وجهان و الأحوط بل الأقوی العدم و فی المکمل لترابیة سابقة کالتیمم لخروج المذی لمتیمم الأقوی ثبوت البدلیة فیه.

المبحث الثانی: فی کیفیة التیمم

و هو ان تضرب بباطن الکفین دون ظاهرهما أو ظاهر احدهما و باطن الأخری مجتمعین أو منفردین مضمومی الاصابع أو منفرجها، و الأول الأحوط ضرباً غیر متعاقبین فیه و لا یکفی مجرد الوضع عنه من دون قوة اختیاراً علی التراب أو غیره مما یسمی ارضاً سواء کانت الید مستعلیة علی الأرض أو بالعکس، أو مساقة و سواء کانت الأرض علی غیرها و لو وجه المتیمم اولا و لا یکفی ضرب الأرض علی الید أو تضاربهما علی اشکال و یلزم استیعاب ظاهر باطن الکفین فی الوضع و لا یلزم تحرّی الشقوق و فرج الأصابع و فی لزوم الاستیعاب فی الضرب کالوضع وجهان اقواهما ذلک، و أما النفض فمندوب و کذا مراعاة اصل المعوّق و یمسح بهما مجتمعین أو منفردین و الجمع احوط غیر متعاقبین فی المسح. و إن تعاقبا فی الوضع تمام مسطح الجبهة و هو موضع السجود من قصاص الشعر لمستوی الخلقة و غیره یرجع الیه الی أعلی الأنف مستدیراً فوق الحاجبین الی الجبینین المجاورین للصدع المکثفین بالجبهة، و الأحوط ادخالهما فی الممسوح، و احوط منه ادخال الحاجبین و الاحتیاط بدخول الأنف الی طرفة الأسفل أو دخوله و ما حاذاه من الوجه ضعیف، و اضعف منه الاحتیاط بدخول الوجه جمیعاً ثمّ تمسح بباطن کفک الیسری تمام ظهر کفک الیمنی مما یماسه باطن الکف فلا عبرة بما بین الأصابع و لا بما زاد علی الکف سوی ما یتوقف علیه العلم کما یلزم مسح ما زاد الجبهة من أعلی و من أسفل لذلک و لا یبعد استحباب المسح من المرفق ثمّ تمسح بباطن کفک الیمنی تمام ظهر کفک الیسری علی ذلک النحو. و کما یلزم استیعاب ظاهر الممسوح بما یقتضیه استیعاب المسح عادة من دون تحرّی لما بین الاصابع و هو اصل

ص: 55

الأظفار. و لا یلزم استیعاب الماسح و الأحوط استیعاب ما قابل الممسوح من الماسح و یلزم البدأة فی المسح من الأعلی مستمراً به الی الآخر فلا تجزی البدأة من غیره و لا مسح أسفل قبل أعلی و لا المسح نکساً، و فی المسح عرضاً اشکال الأحوط عدمه و یکفی ضرب واحد للوضوء و الاولی بل الأحوط الضربتان، و للغسل ضربتان واحدة للوجه و اخری للیدین و یستحب ضرب کل ید لمسح اختها فتکون الضربات اربعة و لا یبعد استحباب تکرر الضرب ابتداء مرتین فتکون خمسة و لو تیمم لهما بضربة واحدة تیمماً و بضربتین واحدة للوجه و واحدة للکفین تیمماً آخر کان أحوط، و یکفی فی الاحتیاط أن یضرب واحدة للوجه و الکفین و أخری للکفین فقط و أقرب منه فی الاحتیاط محافظة علی الموالاة ضربة للوجه و ضربة للیدین فی کل من التیممین و الاحتیاط فی تعیین الضرب لأی عضو ضعیف.

ص: 56

المبحث الثالث: فی شروط التیمم

و هی عدة امور:

احدها: النیة مقارناً بها الضرب، و الأحوط مراعاتها حین المسح علی الوجه أیضاً و یعتبر فیها کما مرَّ تعیین العمل و الإخلاص. و یقصد هنا استباحة ما یتوقف علیه لا رفع الحدث به و فی اشتراط تعیین مبدله من وضوء أو غسل فی بیته وجهان اقربهما عدمه و إن ماهیته واحدة، و إن إختلاف بدلیته من عوارضه لا من مقاومته و ان زیادة الضرب فی بدل الغسل لا تنوع حقیقته کزیادة رکعتی التمام علی الصلاة القصریة و هو علی الأظهر تابع لمبدله فحیث یکون مبدله غسل جنابة أغنی به واحد و حیث یکون غیره من الأغسال افتقر الی تیمم آخر عن الوضوء. حیث أن الغسل و الوضوء لا تداخل فیهما لم یتداخل تیمماهما و حیث ان الاغسال تتداخل مع النیة تداخلت التیممات بدلها مع النیة أیضاً، و لو قیل بلزوم اعتبار نیة التعدد فی المبدل، فیکون التیمم بدلًا عن غسل واحد منوی فیه اغسال و لا یکفی تعدد النیة فی البدل بأن ینوی بتیمم واحد عن تیممات متعددة عن الاغسال لکان غیر بعید و احتمال عدم التداخل فیه مطلقاً أو القول بالتداخل فیه من دون نیة لاتّحاد طبیعته کالوضوء عن أحداث إفراط أو تفریط و الوجه ما ذکرناه.

ثانیها: المباشرة بنفسه الّا مع العجز فییمّمه غیره، و الأحوط بل الأقوی لزوم استعمال کفّی المنوب فی ضرب و مسح مع التمکن منهما لا النائب، و إن کان الأقوی عند بعض جوازهما معاً. و لا بد من اتحاد الکف الضاربة و الماسحة اختیاراً و اضطراراً علی الأظهر و لا یجزی تعددهما و إن کانت احداهما کفّ الشخص نفسه و لو تعذر تمام المسح بالکف الضاربة کرر الضرب لکف اخری و مسح الباقی و لو دار الأمر بین الضرب بلا مباشرة و الوضع مع المباشرة قدم الثانی و لو توقفت مباشرة الغیر مع العجز علی أجرة غیر مضرة بذلها و إن زادت عن ثمن المثل اضعافاً مضاعفة.

ثالثها: الترتیب بتقدیم الضرب علی الجبهة و الجبهة علی الکف الیمنی علی الکف الیسری، فلو ترک عامداً أو ساهیاً محتاراً أو مضطراً شیئاً من السابق، و کان أحد أفعاله عاد علیه و علی اللاحق ما لم تفت الموالاة فیستأنفه و ان کان جزء من الضرب أو المسح ففی الاکتفاء بالعود علیه أو لزوم استینافه تماما وجهان أحوطهما الثانی و لو کان بین السابق و اللاحق صحَّ السابق و عاد علی اللاحق فقط.

رابعها: الموالاة للمختار عامداً و ساهیاً و لیست شرطاً فی المضطر فی کل من التیممین علی نحو ما تلخص فی الوضوء سیما فی هو بدل من الوضوء فی وجه قوی بل هو الأقوی، و هی فیهما عبادة عن المتابعة العرفیة العادیة بنسبة حال المتیمم لا علی نحو ما تلخص فی الوضوء من حقیقة المولاة فیه.

خامسها: مباشرة بشرة الماسح لبشرة الممسوح، فلو حصل حاجب جزئی علی الماسح أو الممسوح لزمت ازالته. و مع التعذر للمباشرة لحصول حائل لا یمکن زواله أو لتعذر المماسة من دون حائل لضرر أو غیره قام الحائل مطلقاً جبیرة أو غیرها، اتصل اتصال الأجزاء أو لا مقام البشرة یمسح علیه و احتمال سقوط التیمم رأساً أو التفصیل بین ما یفتقر فی الطهارة المائیة من جبیرة و نحوها دون ما عداها و إن کان لکل وجه الّا ان الأوجه و الأحوط ما ذکرناه.

سادسها: تعذر الماء کلًا أو بعضاً لطهارته المکلف بها ان کانت وضوء أو غسلًا أو تعسره مع خشیة خروج وقت الفریضة أو وقت النافلة أو فوات المشروط بالطهارة للعلم

ص: 57

بعدمه أو عدم الوصلة الیه، و لو کان للعلم بعدم عثور علیه أو لذهول عنه أو نسیان و لا فرق بین جمیع ذلک و أن انکشف خلافه علی الأقوی أو العجز عن طلبه أو ثمنه أو ثمن الموصل الیه، من شراء أو اجارة أو کون الثمن حالًا أو مؤجلًا، ضاراً بحاله و إن لم یکن مجحفاً و لو فعل حراماً و اشتراه و لا ضرر فی تلفه وجب استعماله و سقط التیمم. و لو أجحف و لم یکن ضاراً فالأقرب لزوم بذله و تحصیل الماء أو لامتناع استعماله شرعاً أما لتعلق حق لغیر به و لا اذن شرعیه أو مالکیة مسقطة له و من ذلک افساد الماء فی المیاه المشترکة للجهة التی أعدت لها. و أما لخوف فوات الوقت عن بعض ما یجب فعله من الصلاة فیه ان کان کلّا فکلا، و ان کان بعضاً و لو رکعة فبعضاً لقصور الوقت عن استعماله أو عن مقدّمات تحصیله، أو عما یتوقف علیه استعماله من تسخین و نحوه و الأحوط هنا الاعادة و أما خوفاً من حدوث مرض له أو لمؤمن مخوف أو غیر مخوف و المدار علی صدق مسمّاه عرفاً و لا عبرة بالعوارض الیسیرة من یسیر زکام و سعال و صداع أو خوفاً من شدة المرض أو زیادته أو بطء برئه شده و بطئ، معتداً بهما أو تشویه خلقة کذلک. و المرجع فی الخوف من المرض الی التجربة أو اخبار العارف مسلماً أو غیره ثقة أو غیره مع حصول الخوف المعتبر من خبره أو خوف من عدو أو من عطش أو غرق أو حرق و نحوه، علی نفسه أو علی نفس محترمة مؤمنة أو نفس والدیه. و إن کانا کافرین علی الأقرب و لا عبرة بغیر المملوک من الحیوان، و أما المملوک الکافر و الحیوان المملوک أمکن ذبحه مع الانتفاع به و بدونه أو لم یکن فهما من المال و الأقرب فی المال إذا اخشی علیه التلف أنه مع الضر یجب حفظه و بدونه أن کان معتداً به عادة و حفظه التیمم و جاز تلفه و مع عدم الاعتداد لا یجوز مراعاة و أما فی صورة بذله من صاحبه فالأقرب دوران الحکم مدار الضرر و عدمه و فیما یأخذ من صاحبه بطریق القهر وجهان اقربهما إلحاقه بالثانی، و یجری ذلک بالنسبة الی مال الغیر إذا کان مؤمناً علی اشکال فی غیر الضار و نحو ذلک من الخوف علی العرض بل و علی الاعتبار له أو لمؤمن و لا یبعد ان الاعتبار حکمه حکم المال الغیر الضار فی جواز التیمم و عدمه. و المدار فی جمیع ذلک علی صدق الخوف عرفاً فلا عبرة بالاحتمالات البعیدة و یکفی تساوی الطرفین بل الاحتمال المرجوح إذا کان معتداً به عادة و یعتبر حصوله لمستقیم المزاج فخرابه لا عبرة بها. کما ان واهمة الجبان لا حقیقة لها الّا إذا اخیف بسبها ذهاب العقل و حصول مرض أو أدت الی حصول کلفة أو مشقة کلیة و الخوف المشکوک فی بلوغه الحد مع عدم التمکن من استعلامه و لو اضیق الوقت من الخوف و لواقع نفسه فی الخوف اختیار أجری علیه الحکم بعد وقوعه فیه. و إن کان قد فعل حراماً و لو تمکن من ازالته و لو ببذل المال الغیر الضار وجب و هل یجب السعی فی ازالته مع الاحتمال وجهان الأقرب فی المرض العدم دون ما عداه. و یجری ذلک جمیعاً فی سائر العبادات و شرائطها و مما یمنع من استعماله شرعاً و إن کان موجوداً حصول نجاسة فی بدن المصلّی أو غیر بدنه أو مسجده، و لا مطهّر لها سوی الماء و لم یکن الماء بإزالتها مع الطهارة الحدثیة فإنه یتعین تطهیرها بالماء لعدم البدل له و یلزم التیمم بدلًا عن الطهارة الحدثیة و لو عصی و ترک التیمم و تطهّر بالماء بطلت طهارته فی جمیع ذلک و مع الغفلة أو النسیان أو الجهل المعذور فیه ففی الصحة فیها جمیعاً أو البطلان وجهان و الأحوط الإعادة.

سابعها: کون ما یتیمم به ارضا تراباً أو غیره و إن کان الأفضل بل الأحوط الأول و لا فرق فی الأرض المتیمم بها بین ذات اللون الأصلی و العارضی و غیرها، و لا بین الرمل و السبخا ما لم تصل حد الملحیة و غیرهما و ان کان التیمم بهما مکروهاً بل ترکه أحوط و لا بین

ص: 58

عوالی الأرض و غیرها. و ان کانت العوالی لتنزهها أولی و لا بین تراب القبر و لو منبوشاً مرات و بین غیره ما لم یعلم نجاسته لو مزجه بأجزاء من المیت لم تستحل، و مع الشک فالأولی التنزه عنه و لا بین ما یکون اصله ارضاً أو لم یکن و استحال الیها و لا بین الجاف منها و المبتل. و إن کان مراعاة الأجف فالأجف اولی و لا بین المستعمل منها فی التیمم و غیره و ما خرج عن اسم الأرضیة لا یصح التیمم به اختیاراً سواء کان عن عمد أو نسیان أو علم أو جهل و لو مع العذر من دون فرق بین ما نبت فی الأرض و غیره و بین ما لا یکون من الأرض أو کان أصله منها و خرج عنها بالاستحاضة الأصلیة کما فی الکمائة و المعادن، و لیست هی عبارة عن ما فیه خاصة و نفع فإن فی الأرض قطعاً متجاورات و لا ما اختص منها باسم فإن للفصول أسماء، فضلًا عن الأنواع مع اتحاد جنسها، و لا ما زادت قیمته منها فإنَّ کثیراً من الطین یزید علی الملح اضعافاً بل المدار علی القیام فیها سلب و صدق الأرضیة عنها. فهی فی الأرض کالماء المضاف فی المیاه أو خرج عنها بالاستحالة العرضیة کاستحالة الطین ملحاً بالوضع فیه، أو استحالته رماداً بالاحتراق فرماد کل محروق لا یتیمم به، و مجرد الطبخ فی النار لا یخرجه عن الأرض و أن غیّرت النار خواصه و صفاته فالجص و النورة المطبوخان و الآجر و الخزف غیر خارجة عن الأرضیة و فی الجینّی و البلور و الشیشة وجهان أقربهما الخروج و الممزوج من الأرض و غیرها تابع لصدق الاسم. فما اغلب علیه اسم الخلیط أو سلب الاسمان لا یصح التیمم به و لو صدق علیه الاسمان فوجهان، و المشکوک فی ارضیته بمنزلة المعلوم عدمها و المشکوک باستحالته بمنزلة المعلوم أرضیته و فی لزوم الفحص مع التمکن من وجهان و الأقرب الحاق المشکوک فی معدنیته و ارضیته بالأول دون الثانی و المشتبه بین الأرض و غیرها، کالمشتبه بین المطلق و غیره و حیث تتعذر الأرض تعذراً عادیاً أو شرعیاً علی نحو ما مرَّ فی الماء. إلا أن حکم الغلوة و الغلوتین لا یجری فیما عدا الماء یجب التیمم بغبار الأرض مع استیعاب الکفین له أو ما یثیر منه و لا بد ان یکون أما علی ظاهر الغبار، أو علی محل متداخل فیه یثیر منه فلو ضرب علی ما فیه الغبار، دون اثارة أو علی ما لا غبار فیه و إن ثار الغبار من تحته لم یکن مجزیاً و مع التمکن من ظاهر الغبار و لو بنفض ما فیه الغبار و بروزه الی خارج ثمّ الضرب علیه، فالأولی تقدیمه بل ربما کان أحوط للاقتصار علیه فی ظاهر بعض الفتاوی و الأخبار، و لا فرق فیما یثیر منه الغبار بین الثیاب و عرف الدابّة و لبد السرج و غیرها تساوت فی کثرة الغبار و قلته أو اختلفت و إن کان الجمع مع التمکن بین الثیاب و العرف و اللبد احوط. کما أن الأحوط مراعاة الأکثر غباراً أو تقدیم غبار التراب علی غیره من غبار الأرض، و لو امکن جمع الغبار حتی یصیر تراباً من دون مانع شرعی و لا مشقة عادیة وجب، و مع تعذر الغبار علی نحو ما مرَّ یتیمم بالطین الممزوج من ماء مطلق و أرض و هی المعنی بقوله (علیه السلام): (صعید طیّب و ماء طهور) تیمماً علی النحو المعهود من التیمم، و لا حاجة الی الفرک بین الوضع و لا الی مسح احدی یدیه بالأخری الّا لرفع ما یحول من الطین عن المباشرة. و لعل من اعتبره اراد ذلک و لا الی یبسهما بل یکون مفسداً حیث یخل بالموالاة. و لا فرق بین أفراد الطین و أن کان مراعاة الأثخن فالأثخن أولی، و لو تمکن من تجفیف الطین من دون مانع شرعی و مشقة حتی یعود ارضاً وجب و مع تعذر الوحل و الطین علی نحو ما مرَّ یتیمم بالثلج و نحوه من برد و غیره من کلما جمد من الماء المطلق تیمماً علی النحو المعهود، سواء حصل باستعماله نداوة منه لا تصل حد الغسل او لا. و إن کان الأحوط مع حصول النداوة به الجمع بین التیمم و امرارها علی جمیع أعضاء الوضوء و اعضاء الغسل مع امکان تحصیل مسمی الغسل به بکسر أو تحریک أو تسخین و لو

ص: 59

دهناً وجب الأحوط فی هذه الصورة بعد التیمم و الصلاة و اجراء حکم فاقد الطهورین علیه و حکم المزج و الشک و الاشتباه فی هذه المراتب کحکمه فی المرتبة الأولی، و مع تعذر هذه المراتب عادة أو شرعاً أو تعسّرها لم یجز التیمم بما عداها من معادن و نباتات و غیرها. و یسقط وجوب من اداء الصلاة فی وقتها سواء کان التعذر نشأ علی اختیار أو غیر اختیار و حصل فی أثناء الوقت و استوعبه فإن القدرة علی الشرط الوجودی کالقدرة علی المشروط نفسه شرط وجوب للمشروط الّا ان تتقید شرطیته بحال التمکن لدلیل خاص و لا احتیاط فی فعلها علی الأظهر. و ان احتمل وجوبه بعض المتأخرین لأحتمال الحرمة الذاتیة غیر التشریعیة فیکون الاحتیاط بالترک، و کذا لا قضاء بعد التمکن من احد الطهورین علی من فقدهما فی تمام الوقت أو فی مقدار وقت التکلیف و ان کان فی الوقت قبله غیر فاقد کالحائض إذا طهرت فی اثناء الوقت و المجنون و یلحق بهما الکافر إذا لم یکن فاقداً حتی إذا اسلم فقد فإن حب الإسلام لما قبله مصیّر له بمنزلة من لم یکن مکلفاً، و المتمکن من أحدهما فی وقت لم یسع الفعل بمنزلة الفاقد تمام الوقت سواء کان فقدانه اضطراریاً أو اختیاریاً عن عذر أو غیر عذر. و أما مع مضی وقت یسع الفعل و التکلیف متعلّق فإنه یجب القضاء و لا یسقط برفع وجوب الأداء بعد عروض الفقدان و الأحوط القضاء فی الجمیع، و لو ترکبت هذه المراتب جمیعها أو بعض منها بالنسبة الی مجموع الضربتین أو الی اجزاء الضربة الواحدة ففی لزوم التیمم بها أو سقوطها وجهان اقربهما الأول. و علیه ففی دخوله فی اثناء المراتب أو عدة مرتبة خامسة وجهان اوجههما الأول و علیه فهل تتوسط بین المرتبتین المرکب منهما فتقدم علی اللاحقة و تتأخر عن السابقة أو تکون بمنزلة المرتبة اللاحقة فالمرکب منها و ما سبق علیها بمنزلتها أو تتأخر عن اجزاء المرکب علی اختلاف الترکیب خیرها أوسطها، و مقطوع بعض الأعضاء الأخبار یتیمم بالباقی، و لا یقوم غیره من الاعضاء مقامه و لا حاجة الی الاستعانة فی ضرب أو مسح مع قطع بعض الأیدی و ممنوع الاستعمال فی بعض الاعضاء الأقرب الحاقه بالمقطوع و لزوم التیمم بالباقی، و لیس کالطهارة المائیة فی سقوطها عند عدم التمکن من استعمال الماء لبعض الأعضاء لوجود البدل لها و عدمه فی التیمم. و لو لم یتمکن مما یتیمم به الّا بما یفی لبعض الید. فإن تمکن من الاستیعاب بتکرر الضرب لکل جزء مستقل أو تکرره لتمام الید حتی یستوعب أجزائها. و إن کان مراعاة تقدیم الثانی مع التمکن اولی لزم ذلک و الّا فالأقرب سقوطه و کان من فاقد الطهورین کالواجد لبعض الماء ثمّ انه یشترط فیما یتیمم به فی کل مرتبة ان یکون خالصاً غیر ممزوج بأشنان أو دقیق و نحوهما مما یخرجه عن اسم التراب أو الأرض أو اسم غبارهما أو اسم الطین أو الثلج، أما مع عدم الخروج و عدم امتیاز الأجزاء الممزوجة بحیث یکون الضرب علیها فلا بأس بالتیمم بها و لو مع التمکن من غیر الممزوج، و لو لم یتمکن الّا من غیر الخالص کان من فاقد الطهورین و ان یکون طاهراً حلالًا فغبار النجس لا غیره بهما اختیاراً و اضطراراً الّا ان یخرج عن التحریم بعد صیرورته غباراً و فی خروجه عن النجاسة وجهان و مع اشتباه الحرام بالحلال یلزم التجنب مطلقاً. أما مع اشتباه الطاهر منه بالنجس فیلزم اجتناب الجمیع مع التمکن من معلوم الطهارة و مع عدمه ففی لزوم اجتنابه کما فی الماء المشتبه أو لزوم استعماله احتیاطاً وجهان أقربهما الثانی، و فی لزوم اباحة المکان و محل التراب و غیره مما یتیمم به من أرض و غبار و غیرهما وجه هو الوجیه لا یعدوه الفطن البینة و شرطیة الخلوص و الطهارة واقعیة بخلاف شرطیة الإباحة فإنها شرط فی العالم المختار و الجاهل جهلًا غیر معذور فیه، سواء کان فی حکم أو موضوع، أما الناسی و المضطر و الجاهل المعذور فلیست هی شرطاً بالنسبة الیه. و فی اشتراط طهارة الماسح

ص: 60

و الممسوح مع الاختیار وجهان اقربهما العدم و احوطهما مراعاته و کذا فی اشتراط العلوق الوجهان اقواهما عدمه لا حین الضرب و لا بعده حال المسح، و یلزم نفضه إذا کان کثیفاً حائلًا عن المماسة و یستحب فی الخفیف و إن کان الأولی مراعاة بقاء شی ء منه الی تمام المسح.

ثامنها: دخول وقت العمل فی فریضة أو نافلة کذلک فلو تیمم قبله لأجل ذلک العمل بطل، نعم لو کان الوقت مضیقاً للعمل و محل مقدمته سابق علیه کما فی الصوم فإنه یتقدم علیه و یقارنه مقارنة عرفیة. أو کان متیمماً لصلاة سابقة أو لغیرها و لو ینقض تیممه بحدث أو بالتمکن من الماء و دخل وقت لاحقة کان تیممه باقیاً علی الصحة و یجوز به الدخول فی تلک الصلاة، و لو فی آخر وقتها و ان سبق علی وقتها بل جاز الدخول به فی الصلاة فی أول الوقت ما لم یعلم أو یغلب علی ظنه زوال العذر و یعتبر فی غیر الموقّت من واجب أو مستحب مطلقاً أو مقیداً حال، و تعلق الخطاب فلا یجوز التیمم قبله و فی المباحات ارادة الفعل فلا یجوز التیمم قبلها و لا یکفی فیه مجرد حصول القصد و لا یعتبر الاتصال الحقیقی بل المرجع فیه الی مقتضی العادة و لا یبعد مراعاة ذلک فی جمیع الغایات. و إن دخل وقتها أو تعلق التکلیف بها فلا یصح التیمم لها الّا عند ارادة فعلها، نعم لو تیمم لها و صادف التأخیر لم یکن به بأس و الأظهر ان هذا الشرط للمعذور و غیره فلو تیمم باعتقاد دخول الوقت فبان خلافه بطل و من علم بوجود الماء فی مکان لزمه طلبه مع الامکان، و عدم التعسّر بنسبة حال الطالب و زمان الطلب و مکانه و عدم فوت الوقت و کذا من تمکن من ایجاده بالقوة البشریة یلزمه ایجاده سواء کان بمزج أو بإحالة و لو لم یعلم لزمه ان یطلب الی أن یحصل القطع بالعدم أو یخشی فوت الوقت و کذا کل محتمل للتحصیل یلزمه السعی فیه الی أن یرتفع الاحتمال أو یفوت الوقت، و فی غیر الموقّت من الفوریات الی حین القطع أو یخشی فوت الفوریات و فی المطلقات و المباحات الی حین القطع بالعدم أو حصول الاتصاف بالفقدان و عدم الوجدان عادة و قد اکتفی الشارع لطفاً منه و تخفیفاً فی طلب الماء نفسه دون آلاته و مقدّماته فی الصحاری دون البلدان و القری و نحوها عن غیرها بأن یطلب فی الوقت لا قبله فی الطریق رمیة سهم من قدامه و أخری عن یمینه و أخر عن شماله. إن کانت الأرض ارض فیها جبال أو شجر مثلًا و لو کانت أرض سهلة فمقدار رمیتین من الجوانب الثلاثة بحیث یطلع علی خلوها من الماء، و لو اختلفت الأرض و عودة و سهولة فإن کانت باختلاف الجوانب تبع کل جانب مقدرة و کذا مع اختلاف الجانب الواحد و یحتمل دوران الحکم مدار الاسم و هو دائر مدار الأغلبیة و مع التساوی یحکم علیه بالغلوة و نصف و لو لم یکن مطلعاً علی جهة الخلف طلب فیها أیضاً فیکون طلبه من الجوانب الأربعة و الاولی، بل الأحوط ان یطلب فی الجهات علی وجه الاستدارة و احوط منه أن یکون طلبه فی کل جزء جزء منها لیطلع علی تمام ما دخل تحت الحد و لو طلب قبل الوقت اعاده بعده، ما لم یحصل له العلم بالعدم فإنه یسقط الطلب مع العلم بعدم الماء فی المقدّر، و هل یکلف مطلق الطلب أو الطلب فیما وراء المقدّر بمقدر مثله الظاهر عدمه و کذا یسقط حیث لا فائدة فیه لعدم اطلاع الطالب کما فی الظلمة الشدیدة، و حیث یکون أعمی و فی سقوط مطلق الطلب حینئذ عنه وجهان أقربهما العدم ما لم یقم غیره مقامه فیکتفی بطلبه مع الاطمئنان عن طلب نفسه و حیث یتعذّر أحد الجوانب یلزم الاتیان بالممکن منها و کذا مع تعذر بعض الجانب یأتی بالمقدور منه و لا یکلف تأخیر الطلب الی آخر الوقت. و ان قیل بتأخیر التیمم الیه فلا یلزم مقارنته مع التیمم و ان أجزناه فی اول الوقت و مع عدم المقارنة مع التیمم و تجدد احتمال حصول الماء، فی المقدّر ففی لزوم تجدید الطلب وجهان احوطهما ذلک و لا یسقط الطلب المقدر السعی فی طلب الماء لا من هذه الحیثیة فمن طلب المقدار و احتمل

ص: 61

وجود الماء فی رحله أو رحل رفقته لزمه التفحص عنه فیها و المدار فی غلوة السهم علی الوسط من السهم فی ید الرامی المتوسط معرفة و قوة فی حاله المتوسط و الزمان المتوسط حرارة و برودة و سکون الهواء موافقاً و مخالفاً مع الجذب المتوسط و لا حد لها بالمائة باع عشر المیل و لا بالثلاثمائة الی الأربعمائة ذراع و لا بالجزء من خمسة و عشرین جزء من الفرسخ الی غیر ذلک. و لو علم بعدم امکان حصول الماء فی الوقت أو غلب علی ظنه ذلک جاز له التیمم فی اول الوقت فی وجه قویّ و الأحوط لمن فرضه التیمم لعجز کان أو مرض أو غیرهما التأخیر الی آخر الوقت، و لو تیمم عن قضاء أو لنافلة مطلقة أو موقتة ضاق وقتها جاز له الصلاة فی أول وقتها بذلک التیمم ما لم یعلم زوال العذر أو یغلب علی ظنه زواله فیه فإنه یکلف الانتظار فی العمل فإن زال العذر انتقض التیمم و الّا بقی علی صحته، و ساغ الدخول فی العمل و مثله ما لو تیمم مع علم عدم الزوال أو غلبة الظن ثمّ انقلب اعتقاده قبل الدخول فی العمل فإن التیمم یبقی علی صحته و یکلف الانتظار بالعمل. أما مع علم الزوال أو غلبة الظن فإنه لا یقع التیمم صحیحاً فی الموقت و نحوه کصلاة الکسوف و إن استمر العذر و بان الخطأ فی الاعتقاد، و أما فی الاعتقاد و أما فی المطلقات واجبات أو مستحبات فوریات أو غیر فوریات طلب فیها التکرار کالصلاة المطلقة و الأذکار و الدعوات أو المرّة کقضاء الفرائض و الرواتب و صلاة الزلزلة، و منها القضاء عن الغیر بتبرع أو اجارة و کذا المباحات فالأقرب جواز التیمم عند ارادة فعلها و لا یکلف الانتظار، و الأحوط مراعاته بما لا یؤدی الی التهاون فی العبادات و لا تفوت به الحاجة فی المباحات و لو تساوی الاحتمالان فی زوال العذر و بقائه فالأقرب لزم الانتظار فی التیمم الی آخر الوقت فی الموقت. واجبة و مستحبة و یلحق به المحدود بحد غیر الوقت و أما المطلقات فالأرجح فیها المبادرة و ترک الانتظار، و من ذلک صلاة الجنازة عند حضور وقت الصلاة بل لا یبعد مشروعیة التیمم لها و ان انتفی شرط الفقدان و لا یصح الدخول به حینئذ فی غیرها و لا جریان مثله فی التیمم المنوّم و الأحوط فیهما عدم الفقدان و التمکن من الماء الترک کغیرهما من الغایات و لا یلزم الانتظار فی العمل مع سبق التیمم و صحته عند تساوی الاحتمالین، و لو احدث بالأکبر أو الأصغر المتیمم بدلًا عن الغسل الرافع للأکبر أو الأصغر أو تمکن من الماء فلم یغتسل اعاد التیمم عوضاً عن الغسل فقط فی الجنابة اذ لا وضوء معه.

و غسل غیر الجنابة له تیممان: احدهما عوض الوضوء و الآخر عوض الغسل و لو احدث اعادهما معاً و کذا لو تمکن من مائهما، أما لو تمکن من ماء الغسل فقط انتقض تیممه دون تیمم الوضوء، و لو تمکن من ماء الوضوء فلا یبعد عدم انتفاضه و الأحوط الوضوء ثمّ ان التمکن ناقض من حینه کالحدث فلا یؤثر فیما مضی و لو کان بعض العمل فإنه یصح و تلزم الطهارة الباقیة ما لم یکن شرطه الموالاة فیبطل ما مضی عنه و المدار فیه علی ما یمکن ایقاع الطهارة به، فلو تمکن منها فی اثناء الصلاة أو قبلها و لم یبق ما لم یسع الطهارة و الصلاة لم ینتقض تیممه بنسبة تلک الصلاة و هل ینتقض بنسبة غیرها الأقرب عدمه فلو عاد الی الفقدان قبل انتهائها بقی تیممه علی صحته و لا یلزم اعادته لعمل آخر، و کذا لو تمکن من الماء آناً لا یسعه الطهارة فیه علی اشکال و الأحوط الاعادة و لا فرق فی التمکن الناقض بین حصوله فی اثناء التیمم أو بعده، قبل العمل أو فی اثنائه، و یستثنی من ذلک خصوص الصلاة واجبها و مستحبها و قد حصل التمکن بعد الرکوع فیها فإن تمکن لا ینقض اثر تیممها لها و لغیرها ما لم یستمر التمکن الی ما بعد انتهائها و لا فرق فی ذلک بین امکان حصول المائیة، و فی اثنائها من دون منافاة و عدمه. و ان کان الأحوط اعادته فی الصورة الأولی لعمل آخر غیرها. و أما التمکن قبل

ص: 62

حصول مسمی الرکوع، و لو حال التشاغل فی مقدماته، فالأظهر نقضه للتیمم و بطلان تلک الصلاة و منه یظهر انه لیس المدار علی حرمة قطع العمل فیسری حکم الصلاة بعد الرکوع الی کل عمل حرم قطعه اصالة أو بالعارض. و إن وجد أن الماء فی أثنائه قبیل الماء الموجود الممنوع من استعماله شرعاً فلا تمکن و لا نقض لأن حرمة قطعه بعد فرض صحته و لا صحة بعد انتقاض طهارته، و متی أحدث فی أثنائه بحدث اکبر موجب للغسل و الوضوء أو للغسل فقط أو أصغر موجب لهما أو للوضوء فقط، کان التیمم عوضاً عن الوضوء، أو عن الغسل المنفرد أو المشارک للوضوء، أو أحدث فی أثناء غسل الجنابة کذلک اعادهما من رأس لزوماً فی الأول و احتیاطاً فی الثانی و الّا فالأقوی فی غسل الجنابة المضی مع حصول الحدث الأصغر أو الأکبر فی اثنائه، ما لم یکن جنابة فإنها تنقضه و تلزم اعادته و تجدید الوضوء فقط بعد الفراغ من الغسل ان کان اصغر موجباً له و تجدیده مع الغسل إن کان أکبر أو أصغر موجباً لهما و الأحوط مع ذلک الحدث بالأصغر بعده ثمّ الوضوء مستقلًا أو منضماً مع الغسل و أما فیما عدا غسل الجنابة من الأغسال الرافعة. فإن کان الحدث الواقع فی اثنائه من جنس ماء الغسل له فقد نقضه و لزم اعادته. و إن کان من غیر جنسه مضی غسله علی الأظهر و جدّد غسلًا فقط ان کان مما یوجب الغسل فقط، و لا حاجة الی وضوء ذلک الغسل الأول إذا لم یفعله و جدد غسلًا و وضوء إن کان مما یوجبهما و ان کان أصغر و یکفی بوضوئه عن وضوء الغسل الأول إذا لم یفعله وضوء فقط إن کان مما یوجبه فقط و یکتفی به و ان لم یتوضأ للغسل، و ینبغی الاحتیاط أیضاً فی اعادة باقی الأغسال الرافعة أیضاً مع وقوع الأکبر الغیر المجانس لأسبابها فی اثنائها و هو مع وقوع الأصغر فی اثنائها لا یخلو من وجه سیّما إذا کان الغسل رافعاً للأصغر کغسل المسّ، و کذا فی اعادة الأغسال الغیر الرافعة إذا وقع فی اثنائها حدث أکبر أو أصغر. و أما الوضوء فینتقضه و ینقض مقدماته المستحبة وقوع کل من الأکبر و الأصغر فی أثنائه، و فی اعادة صوریّ الوضوء إذا وقع فی أثنائه، وجه ضعیف و لو تعاقبت الأحداث قبل الاشتغال بالطهارة أو وقعت دفعة فإن کنَّ صغریات موجبها الوضوء سواء کانت من جنس واحد أو اجناس أو کبریات من جنس واحد أو اصغر موجبة الغسل کذلک تداخلت و کانت بمنزلة السبب الواحد لا توجب الّا اثراً واحداً ینوی به القربة أو رفع ماهیة الحدث أو جمیع تلک الأحداث أو حدثٍ معین من دون نفی ما سواه، فیرتفع الجمیع و لا یجوز تکرر الطهارات لها، و لا نیة طهارات لها بطهارة واحدة و لو نوی حدثاً و نفی ما عداه ففی صحة تلک الطهارة أشکال و هو نظیر ما لو نوی الطهارة و قصد عدم رفع الحدث. و إن کنَّ أصغر مع أکبر موجب للغسل فقط أو موجب مع الوضوء أو مع أصغر موجب للغسل أیضاً دخل الأصغر فیه دخولًا قهریاً و کان الغسل و الوضوء أو الغسل فقط رافعین له و لا یشرع له وضوء مستقل فعلًا و لا نیة و یجری فیه ما مرّ من نیة الخلاف و ان کنَّ کبریات مختلفة الجنس أو أکبر مع أصغر موجب للغسل لم تتداخل سواء کانت معها جنابة أو لا و سواء اتحدت صفتها من الوجوب و الاستحباب أو اختلفت بل یقع الغسل لما نواه منها و یبقی الباقی و لا یقع الغسل لشی ء منها ان نوی مطلق رفع الحدث، و لو نوی المتعدد منها اثنین أو أکثر و اوقع الغسل لذلک المتعدد وقع ما نواه و یکون العمل الواحد المنوی به عن الجمیع بمنزلة أعمال متعددة و یعطی فضل أعمال و لیس من باب اتحاد مطلوب الشارع و تعلّق خطابه بالطبیعة و الماهیة و الغایة خصوصیة الفرد کما فی التداخل القهری و لا من قبیل العفو و الإسقاط لما زاد علی الواحد بإیقاع ذلک الواحد منویة اسبابه المتعددة و لا من قبیل غایات العمل غیر

ص: 63

المقومة لحقیقته و طبیعته، فیکون من الصمائم و یعتبر فیها ما مرَّ فی الصمائم و تکون علی وفق الأصل فی کثیر من صورها.

و لو نوی رفع المتعدد من دون استحضار اکتفی به علی اشکال من لحوقه بنیة المطلق مع عدم الاستحضار، و لو نواه و أوقعه ثمّ احدث فی اثنائه من جنس أحد أسبابه نقضه بنسبة ذلک السبب و بالنسبة الی بقیة الأسباب یحکم بصحته علی ما مرَّ فوائد:

الأولی: حیث علم اشتراط المباشرة و المماسة و الموالاة و اعتبار الضرب و تمامیته و تعدد مراتب المضروب علیه. و إن هذه شرائط اختیار لا ینتفی التیمم بانتفائها عند الاضطرار، فصور الدوران بینها عدیدة و لا نص علیها بالخصوص و لا ضابطة لمعرفة الراجح بعد اشراکها فی شرطیة الاختیار، و لیس المرجع فیها الّا نظر الفقیه بمعرف الأهم منها و الّا فالتخییر و طریق الاحتیاط فی امثال ذلک غیر خفی.

الثانیة: إذا اجتمع أشخاص متعددون و کان الکل مکلفاً باستعمال ماء لطهارة حدثیة أو خبثیة، أو باستعمال الأرض کذلک، أو باستعمال غیرها من سائر مراتب التیمم، و لم یکن عندهم ما یکفیهم اتحد تکلیفهم بنوع الطهارة و صنفها، أو اختلف اتحدت غایاتهم أو اختلفت. فالذی یظهر إن ذلک أما أن یکون مختصاً بأحدهم اختصاص ملک أو اولویة فیلزمه استعماله و لا یجوز بذله لغیره، و لو بذله فهو آثم و یستعمل المبذول له أن کان بطریق الملک لانتقاله و حرمة التملیک لا تفسده و إن کان بطریق الإباحة فوجهان اقواهما ذلک و أما أن یکون مشترکاً اشتراک ملک أو أولویة أو اباحة استعمال، و تصرّف فیلزم کل واحد تحصیل اسهم اصحابه مع التمکن و لا یجوز لأحدهم التصرف و بدون اذن الباقین الّا إذا کان الاشتراک اشتراک أولویة و عصی بالتغلب فإن فی جواز تصرّفه وجهین اظهرهما المنع. فی مثل اولویة التحجیر و الجواز فی أولویة سبق الوقف و لا یجوز لأحدهم الأذن لغیره مع احتمال حصول تکملته من الباقین أو من خارج، و مع الیأس من التکملة لا یجب علیه البذل و یسوغ له ذلک الّا إذا اجتمع الجنب مع المیت أو مع المحدث بالأصغر أو معهما فإنه مع الاشتراک و عدم وفاء نصیب کان تکلیفه و عدم امکان استعمال الجمیع بطریق الاجتماع أو التعاقب فإنه یرجح بذله للجنب بقیمته أو مجاناً و احتمال لزومه لظاهر النص بعید لمنافاته تسلط الناس علی اموالهم و لعدم وجوب البذل مع استغناء صاحبه عنه، و فی تسریة ذلک الی ما یتیمم به و إلی غیر الوضوء من الاغسال و إلی غسل الأخباث غیر تغسیل المیت و إلی غیر الجنب من الاحداث الکبریات لتعلیل تقدیم غسل الجنب بأنه فریضة، لا یخلو من وجه، و أما أن یکون مباحاً فیلزم کل السبق الی حیازته و ملکه أو السبق الی استعماله و لا یجوز لأحد تقدیم غیره فی ذلک.

الثالثة: لو اتی بطهارتین کبراویتین أو صغراویتین أو کبری و صغری رافعتین أو مبیحتین أو ملفقا منهما مع کل واحدة عبادة قد تخلل بینهما حدث، و علم الخلل فی أحدهما حکم بصحة واحدة منهما و بطلان الأخری لا بطلانهما لعدم احراز الطهارة فیهما و لا صحتهما تمسکاً بأصل الصحة فی کل منهما، لضعف کل من الوجهین و لا یحکم بالطهارة فی کل منهما لتیقن الحدث و الشک فی الطهارة الرافعة، و ما یتخیّل من الحکم بالصحة لتجاوز الشک محله مدفوع بالعلم ببطلان واحدة، فیسقط اجرائه فیها و اجرائه فی واحدة منهما للزوم الترجیح من دون مرجح، ثمّ أن اختلفت العبادتان حقیقة و هیئة وجب اعادتهما معاً. و إن اتفقت هیئة و جنساً وجبت اعادة عبادة واحدة بنیة الجنس مع التقرب من دون تشخیص. و إن اتفقت هیئة و اختلفت حقیقة سواء اتفقت صفتها من الجمر و الإخفات أو اختلفت. ففی اعادة عبادة واحدة بتلک الهیئة منویّاً بها التقرب علی تلک الصفة أو مخیراً فیهما مع الاختلاف، أو اعادتهما معاً لعدم الاکتفاء

ص: 64

بنیة الجنس لعدم تقومه بدون فصله، و التردید فی النیة مفسد لها فلیس الّا اعادتهما بنیته وجهان، اظهرهما فتوی و روایة فی الصلاة الأول و هو علی الظاهر رخصة لا یمنع الثانی، و الأقرب عدم تسریته فی غیر الصلاة من انواع العبادات و لو علم بالحدث و شک فی تخلله و تأخره فلا یبعد الحکم بصحة العبادتین لعدم العلم ببطلان واحدة منهما لأحتمال تأخر الحدث عنهما و وقوع الخلل فی الطهارة الثانیة فیکونا صحیحین و حصول کل من الحدث و الطهارة بالنسبة الی العبادة الثانیة و الشک فی السابق و اللاحق منهما لا یقضی بطلانها بعد الفراغ منها و لو اتی بطهارتین حقیقیتین معهما عبادتان من دون تخلل حدث. و قد تیقن الخلل فی احدهما حکم بکونه متطهّر أو کانت عبادته الثانیة صحیحة لمصادفتها الطهارة الواقعیة و فی صحة العبادة الأولی وجهان اقربهما الصحة لحصول الشک فی الطهارة الاولی بعد تجاوز المحل. أما لو کانت احداهما صوریّة و الأخری حقیقیة فمع العلم یکون الأولی الصوریة بطلت عبادتها و حکم بصحة الثانیة و احتمال بطلانها لأحتمال بطلان طهارتها لا یؤثر بعد تجاوز المحل، و مع العلم بکون الصوریة الثانیة احتمل بطلانهما و صحتهما و لا تنفک إحداهما عن الأخری و حیث انه من الشک بعد الفراغ فالأقرب الحکم بصحتهما. و مع الشک فی سبق الصوریة أو الحقیقة فالأقرب الحکم بالصحة أیضاً و لو اتی بطهارتین حقیقیتین معهما عبادة واحدة ثمّ ذکر خللًا فی احداهما حکم بکونه متطهّراً و کانت عبادته صحیحة. ان لم یتخلل حدث بینهما. و ان تخلل کانت العبادة الثانیة محتملة الصحة لکون طهارتها محتملة الّا انه من الشک بعد التجاوز أیضاً فیکون الأقرب فیه الحکم بالصحة و لو کانت احداهما حقیقیة، و الأخری صوریة أو غیر رافعة الأغسال المستحبة أو فاسدة غیر صحیحة تخلل بینهما حدث أو لا فالأقرب صحة العبادة و الطهارة لأحتمال صحتهما و وقوع الخلل فی الصوری و هو کاف فی الحکم بالصحة بعد التجاوز، و ما یتخیل من الاقتصار فی الشک بعد التجاوز علی الشک فی أصل الشی ء لا ما علم حصوله، و شک فی محله فهو تقیید لعموم الأدلة من دون دلیل. و ای فرق بین الشک فی حصوله و بین سبقه و لحوقه و بین الشک فی محله و ما ذکرنا یعلم حال ما زاد علی الطهارتین، و حال ما زاد علی العبادتین، و حال تخلل الحدث بین الأکثر من

ص: 65

الطهارتین مع وحدة الحدث و تعدده. و به یتفاوت المعلوم فواته و المشکوک فیه کثرة و قلة فلیتأمل فی ذلک و یمض النظر مع الأخذ بالحائطة فی أغلب الصور.

المقصد الخامس: فی احکام النجاسات

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی تعدادها

اشارة

و هی عشرة:

أولها و ثانیها: البول و الغائط

خرجاً من الموضع المعتاد أو من غیره و المدار علی صدق الاسم عرفاً و لو یحکم الشارع کالخارج قبل الاستبراء.

و کونهما ما یحرم لحمه إذا کان له دم یخرج بقوة و لو صبیاً رضیعاً أو خفاشاً، و إما ما یرشح منه الدم رشحاً فبوله و خرئه طاهران.

و المعنی بحرام اللحم ما یعم المحرم بالأصالة کالثعلب و الأرنب و نحوهما و ما حرام بالعارض، کالجلّال و موطوء الانسان طیراً کان أو غیره، و حلال اللحم طاهر البول و الخرء و الأحوط فی ذرق الدجاج و الاجتناب سواء اعتید کله کالبقر و الغنم لو لم یکن معتاداً کالخیل و الحمیر و البغال، و الأقوی الکراهة فیهما و الأحوط التجنب فی الأبوال و المحکوم باجتنابه للشک فی حرمته لا یحکم بنجاسة بوله و خرئه علی الأظهر.

ثالثها و رابعها: [المنی و الدم]

المنی المحکوم شرعاً بصدق الاسم العرفی علیه کما فی المشتبه الخارج قبل الاستبراء، و الدم قلیله و کثیره من ذی النفس السائلة و لو مائیّاً کالتمساح، و منه دم العلقة و دم البیض علی الأقوی، و یستثنی من الدم ما یتخلف فی الذبیحة المحللة بغیر المحرم منها کالطحال و نحوه فما یبقی بعد انقطاع دم المذبح فی بطن الذبیحة و سائر اجزائها متصلًا باللحم أو منفصلًا عنه و لم یصبه دم المذبح و لا نجاسة غیره طاهر حلال ما لم ینفصل و الأحوط تجنّب من استعماله أکله و شربه کذلک، و أما ما تخلف فی المحرّم فالأحوط اجتنابه و الأقوی طهارته.

خامسها: الخمر و الفقاع و جمیع المائعات بالأصالة

. و إن جمدت بالعارض من المسکرات بمقتضی طبعها غالباً و المدار فیه علی ذهاب العقل مع بقاء القوة فلو کان مذهباً لهما أو للقوة دونه لم یکن مسکراً. و المدار علی صدق الوصف مع المیعان و لو فی آنٍ ما و أن عرض له بواسطة الترکیب، أما الجامد بالأصالة و أن عرض له المیعان و بقی علی السکر فلیس ینجس، و العصیر العنبی إذا غلی بنار أو غیرها و لو بنفسه و اشتدّ، و لا ملازمة بین الغلیان و الاشتداد علی الأظهر و المدار علی صدق اسم العصیر فلا بأس بالخل و أن غلا و اشتد و لا بالماء الملقی فیه بعض حبات لا تخرجه عن اسم الماء. و کذا غیره من المائعات و لا بما یغلو أو یشتد داخل الحبة و لا فرق فی العصیرین المعصور ماءه أو المدقوق و الممزوج بماء أو الخارج ماءه یتنقع أو غلیان بدون عصر و لا یلحق بالعنب الحصرم فلا یتبعه فی الحکم کما لا یشمله الاسم، و الظاهر طهارة العصیر التمری و العصیر الزبیبی مطلقاً و المحافظة علی الاحتیاط سیما فی الثانی اکلًا أو استعمالًا أولی.

سادسها: الکفار الأصلیون و التبعیّون

کأولادهم و اجزائهم المنفصلة حلّتها الحیاة أو لا و سقطهم ولجته الروح أو لا، و لو تعقب الإسلام فالظاهر بقاء حکم النجاسة علی الجزء

ص: 66

المنفصل حال الکفر، و کذا السقط المنفصل حینه، و یدخل فیهم الجاحد و المشرک و الشاک فیهما فی غیر فسحة النظر. و لو قیل بنجاسته فیها و معذوریته سیما فی الشک الابتدائی لا لطرق شبهةٍ بعد ذلک لم یکن بعیداً، و المعالی و المجسّم علی الحقیقة و المشتبه و المشبه کذلک و کذا کلما استلزم الجحود أو الاشتراک استلزاما بیّناً و لا عبرة بغیر البیّن و الجاحد لنبوة محمد (ص) کاهل الکتاب و نحوهم و المشترک فیها و الشاک فی ذلک، و کذا الجاحد للمعاد و الشاک فیه و لیس الأخذ عن دلیل شرطاً فی الإسلام و أن وجب و کذا معرف تفاصیل احوال المعاد و کیفیاته و الناصب و هو المبغض لأهل البیت (علیهم السلام) و أن لم تدین ببغضهم، و کذا الساب لله أو للنبی (ص) أو لعلی و للزهراء أو لأحد الأئمة (علیهم السلام) و کذا کلما فیه استخفاف بهم و استهانة من قول أو فعل، و المنکر للضروری الدین کصوم شهر رمضان، و الصلاة الیومیة، و الزکاة المالیة، و نحوها و لیس هذا کفراً لذاته بل حیث یستلزم انکار النبوة أو تکذیب النبی (ص) و کذا سائر القطعیات الّا ان الضروری یحکم بظاهره بذلک دون ما

ص: 67

عداه، و الهاتک لحرمة الإسلام کالبائل فی الکعبة أو علی القرآن استهانة بهما فلو فعله لا بقصدها عن غفلة أو اشتباه أو اکراه أو نسیان، لم یکن کذلک و کذا الهاتک لحرمة الأیمان کالبائل علی التربة الحسینیة علی الأقوی.

سابعها و ثامنها: الکلب و الخنزیر البریان و أجزاؤهما المنفصلة عنهما

. و إن لم تکن ذا حیاة و منها السقط قبل ولوج الروح، و الأقوی الحاق المتولّد منهما بهما و إن لم یصدق علیه الاسم و لا بأس بالبحریین و بالمتولد بین احدهما و بین حیوان آخر مع عدم صدق الاسم صدق علیه اسم آخر أو لا اسم له، و الأحوط الاجتناب سیّما فی القسم الثانی. و نجاسة الکافر و اخویه جاریة فی الشعر و الظفر و الظلف و نحوها و فی جمیع الأجزاء ظاهرة و باطنة علی الأظهر.

تاسعها: المیتة من کل ذی نفسٍ سائلة

و جمیع اجزائها نجسة من نجس العین، و لا ینجس من طاهر العین ما لا روح فیه کالشعر و الظفر و الظلف و نحوهما و کلما قطع من الحی کل ذی النفس السائلة، و کان مما تحلّه الروح بالأصالة نجس سوی الأجزاء الصغار التی تنفصل من الانسان و الحیوان و لا تسمی قطعة و الأحوط التجنب سیّما فی الحیوان.

عاشرها: عرق الجنب من محرم واقعی

و ان اعتقد الحلّ ما لم یکن معذوراً فی اعتقاده شرعاً و کذا المعذور فی فعله لإکراه أو غفلةٍ، کالزنا و نحوه و لو بالاستمناء و الحاق عرق وطئ الحائض و النفساء، و کذا کل وطئ حرم العارض لا یخلو من تأمل و الحقَ عدمه و لا فرق بین ما یحصل حین الجنابة أو بعدها قبل الغسل تماما مما یحصل فی أثناء الغسل فی العضو المغسول أو غیره یلحق به و لا یطهر بتمامیة الغسل بل لا بد له من مطهّر، و لا تنجس باقی رطوباته کالبصاق و نحوه، و أما عرق الإبل الجلالة و کل جلّال فالأقوی طهارته و الأحوط تجنبه و نعنی به المتغذی بعذرة الانسان حتی ینبت لحمه و یشتد عظمه و فی الحاق تغذیته بباقی النجاسات وجه قوی و الأقوی خلافه.

المبحث الثانی: فی الأسآر

سؤر کل حیوان یتبعه فی الطهارة و النجاسة فالفأرة و الثعلب و الأرنب و سائر الحیوانات مما عدا الکافر و الکلب و الخنزیر سؤرها طاهر، و کذا لعابها و فضلاتها و عرقها و جمیع رطوباتها و التنزه عن سؤرها لا یؤکل لحمه، و سیّما الجلّال و المسوخ و اکل الجیف من الخرم، فلبن أم البنت طاهر و ان کان التنزه عنه اولی.

المبحث الثالث: فی طریق الحکم بالنجاسة

تحصل النجاسة بالإصابة للنجس مع رطوبته المؤثرة أو رطوبة المصیب المتأثرة و لو لم تکن رطوبة فلا نجاسة للمصیب ساریة و لا غیر ساریة فی میتة و غیرها، میتة انسان و غیر فالنجاسة الحکمیة تحکّمیة و لو کانت نداوة لا یحصل بها تأثیر فکذلک و لا فرق فی النجس بین ان یکون نجس عین أو متنجساً زالت العین عن المحل أو لا. و لا بین معلوم النجاسة أو محکوم بها شرعاً و لو باستصحاب و مع ملاقاة الرطب للنجاسة فإن ما ینجس محل الملاقاة و لا تسری النجاسة الی غیره لسریان الرطوبة الّا إذا کان مائعاً عرقاً سائلة خبر. إن اجزاءه فإنه بملاقاة النجاسة ینجس جمیعه، و لا یحکم بنجاسة الشی ء الّا بالیقین عادة أو بأخبار صاب الید ملکاً أو وکالة أو ولایة أو عاریة أو بأذن شرعیة و لو من جهة الأذن الفحوائیة من المالک و لا عبرة بید الغاصب علی الأظهر و یعتبر فیه البلوغ و العقل دون العدالة و الایمان بل و الاسلام فی وجه قوی و من ذلک حریة الطفل بالنسبة الیه و إلی ثیابه علی الأظهر و لا تعتبر افادة المظنة، أو بشهادة العدلین و إن لم تفد الظن أو العدل الواحد فی وجه قوی مع افادة الظن و کذا

ص: 68

کل خبر یکون بمنزلته، و لا یثبت بالظن الّا فی المجتمع من غسالة الحمام ففیها اشکال و الأقوی عدم اعتباره و الأحوط ذلک و الّا عبرة بالشک الّا ما خرج قبل الاستبراء علی نحو ما ذکر و لا فرق فی ذلک بین الاشتباه فی الإصابة و بین الاشتباه فی نفس النجاسة فی حصولها أو فی الحاصل.

المقصد السادس: فی المطهرات

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی عددها، و هی اقسام:

احدها: المیاه المطلقة:

و هی التی تسمی ماء من غیر اضافة و تقیید بخلاف المیاه المضافة و هی التی یطلق علیها اسم الماء مقیداً قیداً مقوماً للحقیقة، کماء الورد و الصفصاف و نحوهما. لا ممیزاً بین أفرادها کما البئر و نحوه فإنهما لا تصح الطهارة بها و لا التطهیر و لا فرق فی المیاه المطلقة بین ماء البحر و غیره، و لا بین ما یرشح من الأرض أو یسیل منها و بین المتلون و غیره، باقیاً علی لونه أو تغییر بنباتٍ أو وسخ و نحوهما، و فی الماء المستحیل من الأجسام. و کذا المتصاعد من ماء مطلق أشکال و الأقوی فی الأول الحاقه دون الثانی، و لو خالطها شی ء طاهر طیناً کان أو غیره و زال اسم المائیة عنها خرجت عن حکم الماء و لو شک فی الزوال فکذلک فی وجه قوی و تفصیل الحال ان المشکوک فی اصله لا یحکم علیه بالإطلاق و منه المتصاعد المشکوک فیه و أما المشکوک فی زوال الاطلاق عنه بعد تحققه فإن کان الشک من حیثیة احتمال غلبة الممتزج و بقاء اسمه و صدقه فکذلک لا یحکم بإطلاقه و ان لم یکن من تلک الحیثیة فالأقوی بقاء حکم الاطلاق.

ثانیها: الشمس

و هی مطهّرة بإشراق عینها لا بحرارتها للأرض و ما یتصل بها مع زوال عین النجاسة عنها من جص و أحجار و نورة و قیر و نحوها، و للجدران و الأشجار و النبات و الثمار ما لم تقطع و إن حان قطعها، و جمیع ما یتعذر أو یتعسر نقله و للحصر و المفروشة و البواری فمتی کان شی ء منها رطباً و یبسته الشمس فقد طهر و بواطنها مع الجفاف بحرارة الشمس لا بعینها تابعة لتجفیف ظاهرها و ذو الظاهرین یعتبر تجفیف عین الشمس لکل منهما و لا یبعد الحکم بطهارة الباطن مع تجفیف عین الشمس للظاهر و إن جف الباطن بغیر حرارة الشمس و الأحوط اعتبار ذلک و لو کان شی ء مما ذکر یابساً رش بالماء لیصیر رطباً و تجففه الشمس و لو جففت بغیر الشمس أو بالشمس و غیرها. بحیث لا یقال جففتها الشمس لم تطهر و کذا لو شک فی کون الجفاف منها أو من غیرها، و أما الثیاب و الأوانی التی یمکن نقلها فلا تطهر بالشمس.

ثالثها: الأرض

حجراً أو تراباً أو رملًا أو غیرها الطاهرة الیابسة علی الأحوط الأقوی فیهما، و القول بعدم اشتراط الطهارة و الیومیة قوی و لا بأس بالرطوبة الیسیرة التی لا یحصل منها تعد عرفاً کما لا تأمّل فی عدم التطهیر بما خرج عن الأرضیة کالوحل، و هی مطهّرة لما یباشرها و یماسّها من باطن القدم و النعل و الخف و حافاتها المتصلة بها سواء تنجست فی حالة المشی أو غیرها، و کل ملبوس فی القدم بالمشی علیها أو المسح بها من دون مشی حیث تکون الأرض ممسوحة أما لو کانت ماسحة فأشکال و عدم التطهیر به حینئذ لا یخلو من قوة.

ص: 69

و فی الحاق القبقاب وجهان أقواهما الالحاق و فی خشبة مقطوع الرجل وجه قوی فی الالحاق و الأقوی خلافه، و أما اسفل العکاز فالظاهر عدم جری الحکم فیه و الأحوط فی الثلاثة التجنب.

رابعها: ذهاب الثلثین

فإنه مطهّر للعصیر و الأوانی و ثیاب المباشرین سواء ذهب بالنار أو بالشمس أو بهما مع الغلیان و بدونه، و لو ذهب بغیرهما مع الغلیان فالأحوط اجتنابه، الریّاح کنفس و بدونه الأقرب و لو امتزج مع العصیر غیره و ذهب ثلثا المجموع أجزی فی التطهیر.

خامسها: زوال التغییر بالنجاسة

عن المعصوم بالمادة کالجاری و ماء البئر و ماء الحمام و نحوه إذا کان متصلًا بالمادة و زال تغییره و لو شک فی أصل المادة حکم بعدها، أما لو عملت و شک فی انقطاعها حکم ببقائها علی أشکال أما الماء الذی کان متصلًا بها فإنه یحکم ببقاء عصمته استصحاباً لحالة و تظهر الثمرة فیما لو تنجّس بالتغییر فإنه لا یحکم بتطهیر المادة له بعد زوال التغییر له مع عدم الحکم ببقائها و فی عدّ هذا القسم من المطهّرات تسامح فإن المطهّر هو المادة المتصلة.

سادسها: النزح

کما لو تغیر ماء البئر و لم یزل تغییره الا بنزح جمیع الماء فإذا نزح بتمامه طهّرت، و لیس النزح مطهّراً لها ما لم یحدث ماء جدید یطهّرها و لعل فی عده مطهّراً أیضاً مسامحة و علی المشهور تطهّر البئر ینزح المقادیر الموظفة و یکره مطهّراً مستقلًا علی رأیهم، و الأقوی الاستحباب فیها جمیعاً لاستعمال الماء لا تعبّداً محضاً.

سابعها: خروج الدم المذبح تماما ینبه حال الذبیحة

، فإنه باعث علی طهارة الدم المتخلف فی ذبیحة مأکول اللحم فی الأبعاض المأکولة منها و فی ذبیحة غیر المأکول و غیر المأکول من ذبیحة المأکول اشکال، و الأقوی النجاسة فی الأول و الطهارة فی الثانی و لو لم یخرج منها دم أو خرج منها شی ء و منع الباقی أو قطع منها لشی ء قبل انقطاع دم الذبیح فالأقرب عدم الحکم بالطهارة و یلحق بدم المذبح دم النحر و هل یلحق ما عداه من دم الخارج من الصید و الممتنع و التردیة وجهان، احوطهما العدم ثمّ ان عد هذا القسم من المطهّرات مبنی علی نجاسة النجاسات فی الباطن و هو قوی.

ثامنها: إسلام الکافر

فإنه متی أسلم طهّر ذاتاً و طهّر جسده عن نجاسة الکفر السابقة عما أصابه من فضلاته النجسة و کذا ما أصابه من المتنجسات و النجاسات بغیر الکفر مع زوال أثرها قبل الإسلام اشکال الأقوی ذلک و الأحوط تطهیره.

تاسعها: آلات الاستنجاء

فإنها مطهّرة من الغائط کما مرَّ.

عاشرها: زوال عین النجاسة

و أن أدخلت النجاسة من خارج من البواطن، فإن ذلک یطهّرها و لا یبعد عدم الحکم بتنجیس الباطن بالنجاسة الباطنة و الخارجة فلا بأس بابتلاع الریق المتصل بالدم إذا لم یصاحبه جزء منه ففی عدّ زوال النجاسة هنا مطهّراً مسامحة، و لو أصابت رطوبات الباطن نجاسة فی الباطن و إن کانت النجاسة قد دخلت من خارج و خرجت غیر متلوثة بها کانت طاهرة و کذا ما دخل طاهراً الی شی ء من البواطن و خرج غیر متلوث بالنجاسة بعد ما أصاب فیه نجاسة، کانت النجاسة داخلیة أو خارجیة أدخلت تلوث بها داخلًا ثمّ زال التلوث قبل الخروج أو لم یتلوث، و إن کان الأحوط التجنب و الأقوی انه کما لا یتنجس الباطن لا تنجس النجاسة الباطنیة للخارج فالرطوبات الخارجة و الماء الخارج و أن اتصل بها طاهرة، أما لو دخل نجساً و خرج، أو خرج متلوثاً بالنجاسة فإنه نجس.

حادی عشرها: زوالها عن الحیوان الصامت مطلقاً

نفسه دون ما یتعلق به من لجام و رجلٍ و نحوهما الانسان مطلقاً صغیراً کان أو کبیراً عاقلًا أو مجنوناً مؤمناً أو غیر مؤمن

ص: 70

لبدنه. و فی الحاق ما اتصل به وجه الأحوط خلافه مع علمه أو علم ولیه بکل من الموضوع و الحکم و غیبته و فی الحاق النوم و الغفلة و العمی بها اشکال الأقوی عدمه، و احتمال التطهیر و إن کان ضعیفاً و فی ذلک اشکال و الاکتفاء بالغیبة مطلقاً قوی الا مع احتمال التطهیر ففی عدها من المطهرات مسامحة.

ثانی عشرها: الاستحالة

کصیرورة النطفة حیواناً و الخمر خلًا و کذا العصیر بانقلابه خلًا و إن لم یذهب ثلثاه و الکلب ملحاً و العذرة دوداً أو رماداً أو دخاناً أو نحو ذلک بعلاج أو علاج فإنها تطهّر هی و محالها و ما حلَّ فیها علی الأقوی و الأحوط التجنب مع حلول شی ء من خارج هذا ان عمت الاستحالة، و لم یبق منها شی ء و الا نجس المستحیل باتّصاله مع غیره و بقیت المحال علی نجاستها، و أما صیرورة الحطب جمراً أو فحماً و الطین خزفاً و العصیر دبساً و الحنطة دقیقاً أو عجیناً أو خبزاً أو نحو ذلک فلیس من الاستحالة و المرجع فیها الی صدق الاستحالة و الخروج عن الحقیقة عرفاً فلا یعتبر فیها الانقلاب الحقیقی، و تکون مبنیة علی مسئلة حکمیة و لا یکفی فیها مجرد تغییر الاسم و الخروج عن اطلاق الاسم السابق.

ثالث عشرها: الانتقال

کانتقال دم الانسان و نحوه الی البعوضة و نحوها مما لا نفس له فإن ذلک یطهره.

رابع عشرها: استبراء الجلال من الحیوان المحلل

بما یخرجه عن اسم الجلل فإن ذلک یطهّر بوله و خرئه الحاصلین فیه حالة الجلل. أما ما حدث بعد زوال الجلل فذلک طاهر فی نفسه و یحصل استبراء الناقة بأربعین یوماً و البقرة بعشرین و الأربعون أحوط و الشاة بعشرة و البطة بخمسة و الدجاجة بثلاثة و الأحوط مراعاة العرف بعد اکمال العدد.

خامس عشرها: الاتصال

فإن الأقوی طهارة رطوبات الکافر المتصلة به و کانت منه لاتّصالها به عند اسلامه.

سادس عشرها: الانفصال

فإنه تطهر الرطوبة الباقیة علی المغسول بانفصال ماء الغسالة عنها و کذا الماء المتخلف فیه و أن انفصل بعد ذلک لنفسه أو بعلاج.

سابع عشرها: الاستعمال

فإنه تطهر آلات العصیر و آلات نزح البئر و ثیاب المباشرین و جوانب البئر و محل العصیر إذا طهر. و ثیاب مغسل المیت و بدنه عمل اشکال فیهما و الأقوی عدمه، و إنما یطهّر تبعاً للمیت و زمرته و کذا جمیع الثیاب التی یغسل فیها المیت علی الأقوی.

ثامن عشرها: التبعیة

فإن أولاد الکفار تطهّرهم تبعیتهم للأبوین و للمالک المسلم و الأولی ادخال القسم الذی قبله و القسم الخامس عشر مع شرطیة الاتصال فی هذا القسم، و ترک عدّ أولاد الکفار منه. فإن التبعیة فی الإسلام لا فی التطهیر فیدخلون تحت مطهّر الإسلام اصلیاً کان أو تبعیاً، و فی الحکم بتبعیة أولادهم الأموات فی زمان الکفر

ص: 71

سیّما قبل الدفن وجه، الأقوی خلافه و فی تبعیة ثیاب الکافر المتنجسة بنجاسة الکفر لا بغیرها وجه قوی.

تاسع عشرها: التیمم للمیت

مع تعذر استعمال الماء فإنه یطهره فی وجه قریب ما لم یوجد الماء و وقت الغسل باق فتعود حینئذ النجاسة.

المبحث الثانی: فی احکام المیاه

و هی قسمان:

1 مطلقة: و هی التی یطلق علیها اسم الماء بغیر إضافة و بها یحصل التطهیر.

2 مضافة: و هی التی لا یطلق علیها اسم الماء إلّا بالإضافة الی شی ء کماء الورد و الصفصاف و الهندباء و نحو ذلک سواء بقی علی طعمه و رائحته أو سلب ذلک منه و هذه تنجس بوقوع النجاسة فیها قلیلها أو کثیرها و لا یجوز التطهیر بها عن الأخباث و لا عن الأحداث، و لا مطهّر لها الّا الإلقاء بالماء الجاری و نحوه فیستحیل فیه و إن بقیت الرائحة و الطعم و لا یکفی مجرد الاتصال و لا مسمی الامتزاج و یجری ذلک فی سائر المائعات و المدار فی تطهیر الکر لها علی انقلابها الی الاطلاق قبل نقصان مقدار الکر و خروج جزء منه عن الاطلاق سواء انقلب الجمیع أو البعض، وقع فی الکر أو وقع الکر علیه صادف الانقلاب ملاقاة الکر دفعة أو حصل الانقلاب تدریجیاً، بملاقاة الزائد فی المطلق علی مقدار الکر. أما لو لم ینقلب الی الاطلاق و قد نقص مقدار الکر لم یحکم بطهارته و حکم بنجاسة المطلق مع عدم علوه و انحداره.

و أما المیاه المطلقة فجمیعها ینجسنَّ بالتغییر بالجسّ و بوقوع عین النجاسة فیها و لا عبرة بما یکون عن المجاورة و أن وقعت النجاسة قبل التغییر أو بعده، مع الشک فی التغییر أو الشک فی سببه لم یحکم بالنجاسة به، و مع العلم بوقوع النجاسة و التغییر بها و الشک فی سببه فوجهان احوطهما التجنب و مع اشتراک الوقوع و المجاورة فی التغییر فالظاهر الطهارة أیضاً. و لا عبرة أیضاً بالتغییر بالمتنجس الّا إذا غیّر بما فیه من وصف النجاسة وصفاً قد اکتسبه المتنجس من حلول النجاسة فیه لا بمجاورته، و یعتبر أن یکون المتنجس ممازجاً للماء. أما لو لم یکن کذلک فلا عبرة بتغییر الماء بما اکتسبه المتنجس من وصف النجاسة کما لا عبرة بتغییره بما اکتسبه الطاهر من وصف النجاسة کما لو تغیّر الماء برائحة نجاسة اکتسبها من حلول جسم ظاهر فیه و کذا لا عبرة بالتغییر بالنجس إذا لم یکن بصفاته نفسه أصلیة أو عارضة لها لذاتها. کنتن المیتة سواء غیره الی صفة جدیدة أو الی صفة حلّت فی النجس لم تکن من صفاته، و الشرط فی التغییر ان یکون بأحد الأوصاف الثلاثة اللون أو الطعم أو الریح و المدار فی ادراکها علی المتعارف فلا عبرة بقوی الادراک و لا ضعیفه علی الأقوی، و لا اعتبار بوصف الرقة و الغلظة و نحوهما ما لم تغلب علی الماء فتسلبه اسمه سواء سمی باسم النجاسة أو خرج عن الاسمین معاً. علی الأقوی و ان یکون محسوساً فلا اثر للمقدر ما لم یکن منع من تشخیصه و تمییزه جواره لمساوٍ له فی الوصف کالدم و بعض الصبغ الأحمر فإن علم أن الدم یستقل بالتغییر فلا یفید عدم تشخیصه و یحکم بتنجیسه سواء کان ذلک الوصف فی النجاسة أو فی الماء و یقدر حاله حین مجاورته للمساوی له أو حین وقوع النجاسة فی الماء أو فی کل وقت بحسبه و لعل الأخیر أظهر. و أما الصفات الأصلیة فیهما فلا یقدر عدمها و مع زوالها لا یقدّر وجودها الّا مع حصول الغلبة السالبة لصدق المائیة، فالأقوی التنجیس. و أما لو وقعت فیها نجاسة غیر مغیّرة. فإن کانت لها مادة من الأرض کالجاری، و النابع من الأرض کالبئر و العین غالباً، فإن الغالب فیهما عدم انقطاع المادة و الرشیح و جمیع ما مادته صادرة من

ص: 72

بطن الأرض و لم یعلم انقطاعها و إن علم کریته و إن شک فیها أو لم یکن کراً فأشکال مع عدم العلم ببقاء المادة و الأحوط التجنب کما إن الأحوط فی البئر مطلقاً ذلک أو کان کراً أو متصلًا بما یبلغ کراً کماء الحمام و بعض الحیاض المتصلة بالکر أو یحصل من مجموعهما کر و أن کان ماء حمام. و إن کانت تطهیر ما فی الحیاض الصغار موقوفاً علی کون المادة کراً کما إن الشأن فی غیره کذلک فلا ینجسنَّ بمجرد الملاقاة مع مساواة السطوح أو اختلافها اختلاف تسنیم أو انحدار من دون فرق بین وقوع النجاسة فی الأسفل و وقوعها فی الأعلی فإن اتصال الماء کافٍ فی وحدته علی الأقوی و وحدته عاصمة له عن النجاسة الخارجة و أما حکم التطهیر و التنجیس فذلک مخصوص بالعالی و لا یؤثر السافل شیئاً منهما فی العالی فمتی کان شی ء مما ذکر، أو کان الماء نازلًا من السماء کماء المطر الجاری من میزاب أو غیره أو غیر جار قبل نزوله الی الأرض أو بعده حال تقاطره، أو

ص: 73

کان متصلًا بشی ء من المذکورات مع العلو أو السفل أو التساوی، فإنها لا تنجس بمجرد الملاقاة و ینجس القلیل من غیر ما ذکر بملاقاة النجاسة قلیلة کانت أو کثیرة.

و الکرّ بالوزن عبارة عن اثنی عشر وزنة و أربع حقق و نصف، و الوزنة فی عرف الیوم عبارة عن أربع و عشرین حقة، و الحقة عن أربع اواق، و الأوقیة عن سبعین مثقالًا صیرفیة فمدار معرفة الوزن علی المثاقیل و یختلف ذلک باختلاف الماء خفة و ثقلًا ورقة و غلظة و مع اختلاطه بما لا یخرجه عن اسم الاطلاق، احتمل ملاحظة الوزن بدونه و الاکتفاء بالوزن معه و التفصیل بین الأجزاء البینة و غیرها و هو غیر بعید و بالمساحة ما بلغ مکسرة سبعة و عشرین حصة، کل حصة طولها شبر، و عرضها شبر، و عمقها شبر، و ذلک یحصل بما إذا کان طول الماء ثلاثة اشبار، و عرضه ثلاثة اشبار، و عمقه ثلاثة أشبار، أو بما یکون بهذا المقدار. و الأحوط مراعاة کون المکسر ثلاثة و اربعین شبراً الّا ثمناً و یتقدر بثلاثة أشبار و نصف طولًا، و ثلاثة و نصف عرضاً، و ثلاثة و نصف عمقاً، أو ما یکون بهذا المقدار. و هذا الطریق أصلی کسابقه فیتخیر المکلف بالاختیار بأیهما شاء و مع الاختبار بهما اخذ بما وافق منهما و لیس الوزن أصلًا و لا الحکم بالتخییر فی البناء و العزم فیتعین علیه ما بنی علیه و یختلف حال المکلفین باختلاف اختبارهم بل متی حصل أحد الطریقین کشف عن الکر واقعاً و لکن غیر بعید. و إن عدم موافقة احدی الطریقین امارته ظاهریة علی عدم الکریة فتقطع استصحابها مع الشک فی بقائها و لا یلزم الاختیار فی کل منهما و یحتمل المدار علی نقض الامارة السابقة فلو حکم أولًا بکریته بالوزن لم ینقضه الّا الاختیار بنقصان الوزن، و کذا فی المساحة و لو اخبر بهما فلا ینقضهما الّا الاختیار بنقصانهما و مع العلم بأحدهما ینقضه بالاختیار بنقصان أحدهما، و المرجع فی الأشبار المذکورة الی المتوسطة المتعارفة و التقدیر فیهما تقریب فی أصل الاعتبار لعدم ضبط الاشبار و طریقة وضعها و لا الأعاییر و طریقة الوزن بها، و تحقیق فیما قضی فیه الاعتبار بعد حصوله لا تقریب فلا یتسامح و لو بالشعرة من الشبر و لا القیراط من الوزن و مع حصول الاختلاف بالاختبار أخذ بالموافق سواء تعدد المختبرون. و إن تکرر من الشخص الواحد.

المبحث الثالث: فی تطهیر المیاه

تطهّر المیاه المعتصمة بالمواد مع العلم بوجود المادة لا مع الشک فی انقطاعها علی الأقوی کالجاری، و ماء المطر، و مطلق النابع من الأرض، و المتصل الکر بمجرد زوال التغییر لأنه متی زوال التغییر حکمت المادة بتطهیره، و الأحوط أیضاً مراعاة ما یحصل فیه الامتزاج جدیداً بعد زوال التغییر، و أما الکر حیث لا مادة له فلا یطهّر بمجرد زوال التغییر لأن الکرّ إذا سبقته النجاسة قبل کریّته أو بعدها لا تؤثر فیه کریته و یکون مع التغییر کحال القلیل أی غلبته، و طهارتهما موقوفة علی زوال التغییر و الاتصال بالمنبع و الکر إذا کان ماءه متصلًا أما مع تفرقة و اتصال الأجزاء المتفرقة دفعة فلا یبعد الحاقه أیضاً و الأحوط اجتنابه أو الجاری و نحوه کالمطر و لا یکفی فی اتصاله علی الأظهر وقوع القطرة الواحدة و القطرتین بل لا بد من التقاطر العرفی و لا یبعد اعتبار ذلک فی مطلق الحاقه بالجاری و الکثیر فیکون لماء المطر حالتان، حالة کالقلیل و حالة کالکثیر، و یشترط علو المطهّر أو مساواته فلو سفل و کان الماء منحدراً لم یطهر السافل ما علا و اتصل به من الماء القلیل و المنبع المتصاعد فی أسفل الماء مع عدم انحدار الماء ملحق بالمساوی. و کذا الماء الفائر من شاذروان مع الانحدار یطهر ما اتصل به و ما سفل دون ما علا، و الأحوط فی التطهیر مراعاة الامتزاج بذلک و احوط منه فی الکر القائه دفعة عرفاً و إن کان من متفرّق علی أشکال هذا ان استولی التغییر علی تمام

ص: 74

الماء أو علی بعضه بحیث لم یبقَ مقدار الکر سالماً، أما لو بقی مقدار الکر سالماً من الطرف الآخر کفی زوال التغییر و لو کان السالم فی الطرفین و بهما یتم الکر و التغییر فی الوسط فإن قطع عمود الماء بحیث لا یبقی من الماء شی ء سالم واصل بین الطرفین فقد نجس الکل و الّا طهر بمجرد زوال التغییر. و ان کانت الکریة لا تتم بالطرفین بل بهما و بما تحت الوسط من غیر المتغیر و کذا الحال فی الجاری و نحوه و القلیل ینجس سواء وقع علی النجاسة أو وقعت النجاسة علیه، أو اتصلا مع تساویهما، أو علوّ النجاسة علو تسنیم، أو انحدار لا مع اسفلیتها. فإن السافل لا ینجس العالی مع عدم قرار الماء، فماء غسالة النجاسة قبل طهارة المحل نجسة تغیّرت أم لم تتغیر، انفصلت عن المحل أو لم تنفصل لم تثمر فی التطهیر أو أثمرت فی الغسلة المطهرة أو الأولی من الغسلتین.

ص: 75

نعم، ما تخلّف فی المحل بعد انفصال ماء الغسالة عادة بعصر أو غیره و صدق اسم الغسل عرفاً فإن الأقوی طهارة المحل المشتمل علیه و طهارته. و إن انفصل بعد ذلک و لو قیل بالعفو عنه ما دام فی المحل و نجاسته بعد الانفصال لکان له وجه ثمّ إن نجاسة ماء الغسالة لا عفو فیها علی الأقوی قبل الانفصال و بعده فینجس ما یلاقیها و لا یطهر ما لاقته بانفصالها عنه الّا فیما اتّصل بالمحل اتصالًا عادیاً و لو حین الغسل، کالید العاصرة و آلات التثقیل و نحوها فإنه یکفی فی طهارته بعد ملاقاتها له مجرّد انفصالها عنه و من ذلک الأجزاء الطاهرة فی المغسول إذا جری علیها ماء الغسالة و انفصلت عنها و کذا الاجزاء المغسولة إذا عاد الیها ماء الغسالة بعد انفصالها عنه الی جزء آخر و قبل انفصالها عن المغسول تماماً. فإنه بعد عودها و تنجیزها ذلک الجزء یطهّر الجزء بانفصالها مرة ثانیة ایضاً، و أما فیما عدا ذلک فلا بد من تطهیره عنها و لو کان المحل بعد انفصال ماء الغسالة عنه و عودها الیه و تکفی مرة واحدة فی الغسلة الأولی و الأخیرة و لا حاجة الی التعدد مطلقاً و ان کان الأحوط ذلک فی الغسلة الأولی حیث یکون المأمور به غسلتین فهی کالمحل قبل طهارته فتتبعه فی سقوط العصر لا کالمحل قبلها و لا قبل الغسل و لا کالمحلّ بعدها و لا بعد الغسل. و اذ تبین أن نجاسة ماء الغسالة مفتقرة فی التطهیر فلیعلم ان ذلک مقصور علی النجاسة المکتسبة من نجاسة المحل السابقة أما لو کان الماء نجساً قبل الغسل به أو اصابته نجاسة من خارج و هو فی المحل حال الغسل به فلا یکون مطهّر أو لا یستثنی من ماء الغسالة المنفصل الّا ماء الاستنجاء. فإنه طاهر یحل شربه لا موروداً لها و یزیل خبثاً و لا ینجس ما یلاقیه و لیس نجساً معفواً عنه کما قیل ما لم یتغیر بالنجاسة بأحد الأوصاف الثلاثة، و فی الحاق مطلق التغییر و لو بالثقل و الغلظ وجهٌ هو الأحوط و الأقوی خلافه أو یکون الغائط مصحوباً بالدم و کذا البول مصحوباً به أو بمنیّ أو تصبه نجاسة خارجیة و لو کانت نجاسة الید الناسیة من المحل بعد انفصالها. أما مع الاتصال فلا یلحق بالنجاسة الخارجیة و فی شمول ذلک لإصابة النجاسة للمحل النجس لا للطاهر وجه الأقوی خلافه مع عدم بقاء عین النجاسة الخارجیة حین الاستنجاء، و اتحاد النجاستین حکماً أو کانت نجاسة الاستنجاء أغلظ أما مع غلظ النجاسة الواردة فإن کانت أصابت عین النجاسة کبول أصاب غائطاً فی المحل فلا حکم له بعد ذهاب العین و أن اصابت المحل. فالظاهر بقاء حکمها و ترفع حکم ماء الاستنجاء مع أن الأحوط فی صورتی الاتحاد و ورود الخفیفة تجنب ماء الاستنجاء و لا فرق فی النجاسة الخارجیة بین ان تکون من خارج أو غائطاً یتجاوز المخرج تجاوزاً فاحشاً، و کذا البول و لا یشترط فی طهارته زیادة علی ما ذکر خلوة من اجزاء النجاسة ظاهرة کانت أو غیر ظاهرة. و ان انفصل وقع فی محل آخر و هی مصاحبة له فلا فرق بین الغسلة الأولی و الثانیة و أن کان الأحوط الاجتناب مع ظهور الأجزاء و سیّما مع مصاحبتها بعد الوقوع فی محل آخر و جمیع الماء طاهر مطهّر للخبث، ورد الماء علیه أو ورد علی الماء اللیث، و مع الأول دون الثانی فی القلیل علی الأقرب، و أما الحدث أکبره و أصغره فماء الاستنجاء لا یرفعه و فی الاکتفاء به فی الأغسال المندوبة و الوضوءات الغیر الرافعة وجهٌ قوی و الأقوی خلافه، و ماء غسالة الجنب یقوی ارتفاعه بها و الأحوط تجنبها فی الماء القلیل مع انفصالها عن بدن المغتسل بعد الغسل بها فی الغسلة الأولی فلا بأس بالماء الکثیر و لا یجرّ الماء من عضو الی عضو و لا رمس عضوٍ عقیب آخر و لا بالارتماس و لا بالغسلة الثانیة بعد اکمال الغسل و قبله علی تأمل فی الأخیر و فی تجنب الماء المتقاطر علیه من الغسالة ما کان مستهلکاً لها احتیاط ضعیف. و لا اشکال فی غسالة الوضوء و باقی الأغسال فإنها طاهرة مطهّرة للحدث و الخبث، و ینبغی الاحتیاط فی جمیع الأغسال الرافعة للأکبر و إن

ص: 76

کان فی الجنابة اشدّ و کذا فی استعماله فی الوضوءات و الأغسال الغیر الرافعة و إن کان ضعیفاً.

المبحث الرابع: فی کیفیة التطهیر بالماء الجاری

و نحوه مما لا ینجس الّا بالتغییر فیکفی استیلائه علی المتنجس مع زوال العین و لا حاجة فیه الی جریان الماء من جزء الی جزء آخر، بل یکفی الإصابة علی اشکال و لا الی تعدد فی بول أو ولوغ لا تعدّد تحقیقی و لا تقدیری کتعاقب الجریان، فالجاری و المنحدر من الماء التحریک فی الراکد و الأحوط ملاحظة التعدد و لو تقدیراً، و أحوط مراعاة التحقیقی و لا یحتاج فیه أیضاً الی عصیر. و الأحوط العصر و لا الی تراب علی اشکال و الأقوی لزومه و تطهّر به جمیع المتنجسات مما ترسب فیه النجاسة و أن تعذّر عصره کالأرض الرخوة فیطهّر منها ما وصل الیه الماء حال کثرته، من ظاهرها و اعماقها علی حسب نفوذ الماء و کذلک ما لا یرسب فیه کالأوانی و نحوها و المدار فی الرسوب و عدمه علی نفوذ الأجزاء المائیة و عدمها، و ما تنفذ فیه الرطوبة فقط فلیس مما یرسب فیه و هو قابل للتطهیر بالقلیل و لا عصر فیه علی الأقوی، و أما التطهیر بالقلیل فلا یقع فیما یرسب فیه ماء الغسالة و لا یعصر و لا تخرج غسالته کالأرض الرخوة و نحوها و یقع فیما لا یرسب فیه ماء الغسالة و لا یعصر و لا تخرج کالأرض الصلبة و أجزاء البدن و نحوهما و یکفی فیها الصبّ مع انفصال ماء الغسالة عن المحل عادة و لو بمعونة صبّ ماءٍ علیه یزیله، و لا حاجة الی الدلک و الفرک ما لم یتوقف علیه ازالة النجاسة فیلزم حینئذ و الأحوط الدلک مطلقاً و الحکم باستحبابه قویّ و أما ما یرسب فیه و یمکن اخراجه بالعصر فیجب عصره باللّی. إن أمکن علی المعتاد بنسبة المعصور رقة و غلظة و کبراً و صغراً و لا یعتبر حال العاصرة قوة و ضعفاً، و الّا یمکن ذلک کفی الغمر أو التثقیل أو غیرهما مما یخرج ماء الغسالة و مع التعذر تسقط الطهارة بالقلیل و یغسل من البول مرتین تحقیقیتین و لا یکفی التقدیریتان، و فی الاستنجاء منه تجزی المرة و الأحوط الحاقه بغیره فی لزوم المرتین و یعصر مرتین. إن کان مما یعصر بعد کل غسلة عصرٌ و لو قبل بالاکتفاء بعصر واحد اخیراً لم یکن بعیداً، أو یغمر أو یثقل. کذلک إن کان من قسیمیه و الأحوط أن یکونا بعد الغسلة الازالة و من غیره مرة واحدة غسلًا و عصراً و هی مجزیة، و الأحوط ان تکون ثانیة بعد غسلة الازالة و لا عصر فی بول الصبی الذکر إذا لم یتغذ بالطعام و کان عمره دون الحولین فیکون الشرط کلا الأمرین علی الأظهر. بل یکتفی فیه الصب علیه و هو أنما یتحقق باستیعاب الماء للمحل فلا یکفی فیه البعض و لا استیعاب الرطوبة و البلّة و لا یعتبر فیه الانفصال عن المحل و لا الانتقال من محل الی آخر کما فی الغسل، و لو عصره طهر المحل بمجرد انفصاله عنه. أما مع عدم العصر فلا یظهر إلّا بعد الجفاف و هل یسقط التعدد فی بول الصبی وجهان أقربهما نعم، و أحوطهما ذلک و المدار فی التغذیة علی حصولها عرفاً فلا یکفی الدواء و النادر من الغذاء و المشترک غذائه من غیر المتغذی بالطعام حیناً یستمر حکمه، و إن رجع الی غذاء الحلیب علی الأظهر و المراد بالطعام کلما عدا الحلیب من الانسان حتی مثل السکر و حلیب غیر الانسان و نحوهما، و کذا الحلیب لو عمل و امتزج بسکر و نحوه علی تأمل فی الجمیع و یجب غسل الإناء من ولوغ الکلب بلسانه من مائع فیه لتمام محل المائع أو لطعه الإناء نفسه لمحل اللطع فقط ثلاث مرات، الأولی بالتراب لمحل اللطع و الأقوی اشتراط طهارته و تحریکه و لا یکفی مجرد وضعه و القائه و الأحوط الدلک به رطباً أو یابساً إذا المدار علی الاسم و اثنتان بالماء، و لا یجزی عن التراب غیره من دقیق و اثنان و نحوهما مع تعذر التراب یبقی الاناء علی حکم النجاسة و لا یسقط حکم التعفیر و یکتفی بالغسلتین و لا یقوم غیره

ص: 77

مقامه عند التعذر، و لا ینتقل الفرض الی غسل ثالث بالماء و مع فساد المحل بالتعفیر و لو خضّاً من دون ذلک فلا یبعد مساواته لفقد التراب و إن کان القول بسقوط التعفیر فیه لا یخلو من قوة و تعدد الولوغ لا یقضی بتعدد التعفیر و لا الغسل الّا أن یحصل فی أثناء الغسلات للأول فیحتاج الی الاعادة لما وقع کما ان اجتماع البول معه و کذا کل نجاسة مع اخری اصابا المحل دفعة أو تعاقبا علیه قبل الغسل لا تقضی بتعدد الغسل بل تدخل الخفیفة فی الغلیظة، و الأحوط الخنزیر سبع بالماء و احوط منه مجامعتها الثامنة بالتراب، و کذا الاحتیاط بالسبع فی اوانی الخمر بل و کل مسکر و کذا فی موت الجرذ فیها و موت الفارة و الأقوی فی الجمیع استحباب السبع و لو قیل به فی الکلب الّا أن أولهنّ بالتراب لم یکن بعیداً و یکفی فی غسل الإناء من غیر ما ذکر المرة و الأحوط ثلاث مرات و دونه فی الاحتیاط المرتان، و لا احتساب للغسلة الغیر المزیلة لعین النجاسة فیما یطلب فیه تعدد الغسل وجوباً و استحباباً و کیفیة غسله. أما بوضع الماء فیه و تحریکه بحیث یباشر جمیع اجزائه ثمّ یکفئ ثلاثاً، أو بصب الماء علی باطنه بحیث یأتی علیه کله کذلک و لا یشترط الکفاءة علی الأظهر و لو مع التمکن منه بل یکفی اخراج الماء و لو بآلة تنزحه و یعتبر فی الآلة طهارتها و لو أدخلها بخسة، و لو من ملاقاة ماء الغسالة و انفصالها، ثمّ عودها فالأقوی عدم التطهیر حینئذ بانفصال ذلک الماء، و لو انفصل بکفاء بعد ذلک و یطهّر المتنجس بزوال العین و لا یضر بقاء الوصف کاللون و الرائحة مثلًا و لا یحکم بنجاسة الشی ء. الا بالعلم أو ما قام مقامه و قد مرّ الأقرب عدم اعتبار خبر ذی الید فی النجاسة بعد انتقال العین الی ید غیره و سیّما بعد المباشرة أما لو اخبر و العین فی یده حکم بنجاستها و أن انتقلت الی الغیر و کان المخبر بالنجاسة غیره، و لا یحکم بطهارته بعد العلم بالنجاسة الّا

ص: 78

بالعلم القطعی، و لیس المراد به علی ما یظهر فی امثال ذلک ما احال العقل و العادة خلافه و لا ما تطمئن به النفس. و إن کان الطرف المقابل احتمالًا معتبراً، بل المدار علی ما تجزم به النفس عادة و یکون الاحتمال المقابل له عندها من الأوهام الضعیفة الساقطة عن درجة الاعتبار و لا فرق فی ذلک بین العلم القطعی أو الشرعی بالتطهیر، کأخبار صاحب الید المسلم أصیلًا کان أو وکیلًا فی التطهیر أو غیرهما علی ما مرَّ فی قبول خبر غیر المؤمن حملًا لخبره علی الصحة کفعله فی الطهارة وجه قریب أو شهادة العدلین أو العدل الواحد أو الغیبة فیما تکون له مطهّرة کما تقدم أو نحوها، و لا یجوز اکل النجس و شربه فلا بد من اجتناب الأوانی النجسة إذا تعدّت نجاستها الی المأکول و المشروب بل لا یجوز مجرد ابتلاعه و ادخاله الجوف سواء کان نجساً عیناً أو متنجساً و فی لزوم قیئه بعد الابتلاع وجه الأقوی عدمه و کلما یحرّم اکله یحرّم اعطائه للأکل علی الأظهر فلا یجوز اعطائه للجاهل بالنجاسة و لا لغیر المکلف و لا للمستحل و لو معذوراً باجتهاد أو تقلید فیحرم علی مجتهد نجس شیئاً و علی مقلدیه ان یعطوا ذلک للأکل الی مجتهد استحل اکله أو الی مقلدیه، و یجب اجتناب أوانی الذهب و الفضة دون غیرها و أن غلت اثمانها و الممزوج منهما ملحق بهما علی الأظهر، الّا ان هذین یحرم استعمالهما فی الأکل و الشرب و لا یحرم المأکول نفسه بخلاف السابق، و مطلق استعمال أوانی الفضة و الذهب بل مجرد قنیتهما حرام فیجب کسرهما و زوال هیئتهما و لو من غیر المالک و لا ضمان علیه للهیئة بل و لا للمادة إذا توقفت تلف الهیئة علی تلفها أو تلف شی ء منها، و المدار علی الصدق العرفی فی الآنیة من دون فرق بین الصغیر و الکبیر و ما یظرف فیه الدواء و الطیب و غیره و لا تصدق علی موضع فص الخاتم، و کذا کلما التصق بمظروفه من مرآة و رأس قلیان و موضع ماءه و قاب الساعة الأسفل دون ما عداه و لا یبعد خروج ما جرت العادة بعدم وضع شی ء فیه و اتخذ کذلک عن صدق الآنیة، و کذا ما اتخذ علی عدم انفصال مظروفه عنه و أن لم یکن ملتصقاً و کذا القنادیل غالباً، و ما کان منها آنیة لا یخرج عن حکمها لما فیه من تعظیم الشعائر کما یتخیل و کذا العوذ و الاحراز. فإن ما کان منها آنیة الأقوی عدم استثنائه من الحکم و الأقرب ان المنیة و القصد تأثیراً فی الصدق العرفی فیما لا یکون أصل وضع هیئته علی الآنیة فیکون منها مختص لیس للنیة فیه مدخل و منها مشترک یتوقف تشخیصه علی المنیة و کأنه من هنا لا یحرم وضع الملتصقات قبل التصاقها و کذا ما یخرج بالترکیب عن کونه آنیة قبل ترکیبه و یکره استعمال المذهب و المفضض فی أکل و شرب و غیرهما علی تأمل فی الأخیر، و یشمل ذلک المطلی کلّا أو بعضاً معتداً به و المصاغ علیه مع الالتصاق کلّا أو بعضا کذلک و المضبب بضبةٍ معتدّ بها و فی شموله لذی الحلقة و الممزوج بهما اشکال لا یبعد عدمه و یلزمه اجتناب موضع الذهب و الفضة کالضبة و نحوها فی الأکل و الشرب لا فی مطلق الاستعمال. و ان کان الأحوط ذلک فلا یباشرها بفمه بوضعها داخل الفم أو بمباشرة الفم من خارج و لو وضع الفضة فی فمه و إن کان للأکل و الشرب و لکن فی غیر الإناء فلا بأس به و لا کراهة.

المقصد السابع: فی لباس المصلی

اشارة

و فیه مباحث:

ص: 79

المبحث الأول: فی مقداره و کیفیته

و یعتبر فیه أن یکون ساتر للعورة و هی مع عدم الضرورة فی الصلاة مطلقاً و فی غیرها مع وجود الناظر المدرک أو احتماله احتمالًا معتداً به عدا الأزواج و ملک الیمین، عبارة عن الذکر ظاهره و باطنه و ما نبت فیه من لحم أو غدد الأصلی أو المشتبه کما فی ذکر الخنثی المشکل و فی العارض وجهان أقواهما الالحاق، و الدبر حلقته کذلک و لا یلحق فضائهما بهما، و البیضتین و یدخل فیهما الجلد المحیط بهما و ما نبت فیه و ما خرج عن هذه الثلاثة لیس من العورة. و إن وجب ستر ما اتّصل بها من باب المقدمة و یستحب استحباباً اکیداً ستر ما بین السرة الی الرکبة بل هو أحوط و الاحتیاط الی نصف الساق ضعیف و یستحب ستر العاتقین فی الصلاة و لو صلی و هما مکشوفان وضع علیهما و لو حبلًا بل یستحب فیه ستر جمیع البدن عدا الظاهر منه بل لا یبعد فی غیرها کذلک. و فی المرأة فی غیر الصلاة عن الناظر المحرم غیر الزوج و مالک الیمین و کذا الطفلة البالغ سنها خمس سنین، و فی الثلث احوط عبارة عن الفرج و الدبر و یجری فیهما ما مرّ، و فی الصلاة واجبها و مستحبها و اجزائها المنسیة و سجود السهو و کذا عن کل ناظر اجنبی عبارة عن جمیع بدنها و فی الحاق الخنثی المشکل بها وجهان أقواهما ذلک فی الصلاة دون الناظر و یدخل فی البدن الرأس و الرقبة و جمیع ما نبت فیه شعر و غیره و أن خرج عن محاذاته الّا مقدار ظاهر الوجه و فی الحاق الباطن من المستثنیات الخارجة عن معتاد النظر إشکال الأحوط عدمه، و یراد من الوجه هنا مجموع ما یسمی وجهاً عرفاً و هو أوسع من وجه الوضوء علی وجهٍ الأقوی خلافه و إن تحدید الشرع کاشف عن معناه اللغوی و العرفی فیکون المستثنی هو المحدود بذلک الحدّ، و الکفین ظاهرهما و باطنهما، و القدمین کذلک علی الأقوی و إن کان الأحوط ستر الباطن فیهما بل سترهما مطلقاً و لا فرق فی استثناء ذلک بین الحرة و الأمة. و إن اختصت الأمة بحکم الرأس و لا یتجاوز إلی ما عدا هذه و ما نبت فیها و یلزم ستر ما استرسل علیها من غیرها و کذا ستر شی ء منها من باب المقدمة لستر غیرها، و رأس الأمة التی لم یتحرر منها شی ء مکاتبة مطلقة أو مشروطة لم یؤد منها شی ء أو مدبرة أو ام ولد حی أو میت أو غیرها و شعر الرأس و الرقبة إلی أصلها داخلان فی الرأس، و الصبیة التی لم تبلغ لیسا من العورة أیضاً فی الصلاة فقط لا بالنسبة إلی الناظر و الأولی فیهما الستر سیّما فی أم الولد حیاة ولدها الا مع اشتباه الحرائر بالإماء فالأقرب الکراهة و ربما کان ترک ستر الرأس مطلقاً فی الإماء أوفق بالاحتیاط، و لا بد ان یکون ساتر اللون الأصلی أو المکتسب و یختلف الستر بحسب شدة اللون و ضعفه و بحسب المقارنات من ضیاء شمس و غیرها و بحسب حدة نظر الناظر و ضعفه فی الناظر و یرجع إلی متعارف الناظرین بالنسبة إلی الصلاة ما لم یکن حدید النظر موجوداً فیجب الستر عنه حینئذ من حیثیة الصلاة و لو کان الناظر مما یحل له النظر و مثل ذلک ما لم لو أدخلت المرأة رأسها تحت ثیاب زوجها تنظر الیه فإن الأقرب عدم الاکتفاء به فی الصلاة، و لا یضر الحجم مرئیاً داخل الثیاب أو معها مع إن ستر الحجم فی العورة الحقیقة بالنسبة إلی الصلاة أحوط سیّما فی الصورة الأولی و یجب الستر عن الناظر من أی جهة حصل النظر، و فی الصلاة من الجانبین و من جانب الیمین و الشمال و من جهة الأعلی حال قیام و جلوس و رکوع و سجود سواء ظهرت عورته للغیر أو لنفسه، فیجب

ص: 80

ص: 81

ص: 82

ص: 83

ص: 84

ص: 85

ص: 86

ص: 87

ص: 88

ص: 89

ص: 90

ص: 91

ص: 92

ص: 93

ص: 94

ص: 95

ص: 96

ص: 97

ص: 98

ص: 99

ص: 100

ص: 101

ص: 102

ص: 103

حینئذ شد الأزرار مع توقف الستر علیها و مع احتمال الانکشاف و یکره حلها، و لا یجب من جهة الأسفل إذا لم یکن ناظر من جهته و لا فی مکان معدّ للنظر کأن یقف علی شباک أو روشن فلا یجب لبس ما یستر الأسفل من السروال و نحوه و استحبابه لیس بالبعید، أما مع وجود الناظر محللًا أو محرماً فیجب الستر من جهته و مع الاستعداد وجهان. أقواهما و أحوطهما لزوم الستر، و لا فرق فی وجوب الستر فی الصلاة بین وجود الناظر المدرک و غیر المدرک المحلل و المحرم و بین عدمه مترقباً أو غیر مترقب، و لا بین حصول الظلمة المانعة عن الرؤیة و بین عدمها بخلاف الستر فی غیر الصلاة فإنه لا یجب الّا مع حصول النظر من الناظر المدرک المحرّم أو ترقبه و یجب حینئذ العلم بحصول الستر أو ما قام مقامه من استصحاب أو شهادة عدلین أو خیر عدل فی وجه قوی و سیّما فی معرفة الساتریة لا فی حصول الستر و یأثم مع عدمه و فی الاکتفاء هنا بما تطمئن به النفس من ساتریة الساتر أو حصول الستر به وجه لیس بالبعید. و أما فی الصلاة فلو صلی أو صادف جزء من صلاته و هو غیر مستور بزعمه لکل من العورة أو بعضها عمداً أو جهلًا منه بوجوب الستر أو بکیفیته شرعاً أو فی مشکوک أو مظنون ظناً غیر معتد به شرعاً بستره شکاً أو ظناً مقارنین لما یفعله کلًا أو جزء مع التفطن لحاله حین الفعل و ان سبقت له حالة القطع ثمّ تغیرت و لو مع عدم استحضار دلیل القطع علی إشکال. الّا أن یکون الشک فی بقاء الثابت و بعد دوامه العلم بتحققه. فإنه لا یلتفت الیه و لو قبل الدخول فی العمل بطلت صلاته، و إن انکشف الستر بعد ذلک واقعاً، أما لو لحقا العمل أو سبقاه و لکن حین التلبس به کان ذاهلًا فالأقرب صحة فعله فیهما و لو زعم الستر فبان خلافه من اصله لجهل بموضوع أو نسیان أو حصل الانکشاف بعد زعمه المصیب و هو لا یعلم به أو ذهل عن الستر و غفل عنه أو ذهل عن حکم الستر أو حکم کیفیته لم یکن من عزمه الدخول فی الصلاة علی حاله الأول فیهما أو کان أو خطأ فی الحکم الشرعی، خطأ معذوراً صادف ذلک جمیع الصلاة أو بعضها بمدة طویلة أو غیر طویلة لجمیع العورة أو بعضها بأن الخطأ فی الاثناء أو قبل حصول الستر مع التمکن من الستر من دون منافٍ، و بدونه و یلحق به المعتقة فی الأثناء إذا کانت مکشوفة الرأس و المتمکن من الساتر فی الأثناء بعد دخوله فی الصلاة فاقداً

ص: 104

و کذا لو بان الخطأ فی اثناء العمل بعد حصول الستر لما کان غیر مستور أو انکشف الستر للعورة کلّا أو بعضاً فی الأثناء بغیر اختیاره. فالظاهر الصحة فیما لو کان ترک الستر عن عدم علم به و لم یصادف العلم بعدمه فی الأثناء حالة عدمه و فیما عدا ذلک من جمیع الصور الباقیة وجهان اقواهما و احوطهما الظاهر مع سعة الوقت للإعادة، و مع الضیق صادف العمل الوقت الاضطراری أو قبله الّا ان یکون دخل فی العمل فی وقت لا یسع الصلاة مع الستر، و منه ما إذا حصل الانکشاف فی اثناء الصلاة فی آخر الوقت منه مختاراً عن عذر، و الأحوط الإعادة فی جمیع صور الصحة و القضاء ما لم یصادف العمل عدم التمکن واقعاً من الستر و فی الحاق عورة المرأة بعورة الرجل و باقی بدنها بالعورة فی الحکم بالصحة اشکال الأقوی ذلک و فی صور البظر الأحوط الاتمام ثمّ الاعادة، و لو تمکن من ستر البعض فقط احدی العورتین أو بعضاً منهما فلا ریب فی لزومه عن الناظر. و أما فی الصلاة فالظاهر لزومه غیر أن ستر العورة الواحدة لا یبعد تقدیمه علی ستر البعض من الأخری و علی ستر البعض منهما و ستر القبل مقدم علی ستر الدبر المستور بالألیتین حیث یکون مستوراً بهما و حیث لا یکون کذلک فلا تقدیم لازم بالنسبة إلی الرجل، و فی اولیّته بالنسبة إلی الناظر وجه قریب، و کذا اولویة الذکر علی الأنثیین و بالنسبة إلی المرأة لا یبعد لزومه فی الناظر أیضاً و المرأة تقدم ستر عورتها الحقیقیة أو بعض منها علی باقی بدنها بالنسبة إلی الناظر علی الأقوی، و فی الصلاة فی وجه قوی و الحکم بتبعیته حکم الصلاة لحکم النظر مطلقاً وجه غیر بعید، و لا فرق بین حصول الستر بالثوب الواحد أو بمجموع الثیاب الرقاق. و ان کان فی الصلاة الأولی حصوله بالثوب الواحد، و یستحب تعدد الثیاب للمرأة فی الصلاة بلبس درع و خمار و ملحفة تشتمل علی جمیع بدنه فوقهما لا یبعد استحباب تعدد الثیاب للرجل أیضاً و التعمم و لو فعل ذلک مع عدم نیّة خصوصیة الاستحباب کان أولی.

المبحث الثانی: فی جنسه

و یشترط فیه امور:

أحدها: أن یکون لباس المصلی الساتر للعورة مما یعتاد لبسه جنسا و هیئة کثیاب القطن و الکتان و الصوف، و لا یجزی اللیف و الخوص و نحوهما مما لا یکون معتاداً جنساً و لا هیئة و کذا معتاد الجنس دون الهیئة کالتستر بالقطن و الصوف و الکتان قبل وضعها بهیئة الثوب و کذا مغزولها قبل نسجه کل ذلک مع الامکان و فی معتاد الهیئة دون الجنس اشکال، الأقوی الاکتفاء به فلا یجزی التستر بما ذکر من اللیف و الخوص و غیرهما من معادن و نباتات الا إذا جعلت بصورة الثوب و إن لم تکن مبنیة علی الدوام کثوب من حشیش أو ورق.

ثانیها: أن لا یکون لباس المصلی الساتر و غیره ما تتم به الصلاة أو لا تتم من شعر غیر مأکول اللحم، و لا من جلده، و لا من صوفه و وبره سواء کان غیر مأکول اللحم بالأصالة أو بالعارض. کالجلال و الموطوء حتی صوفهما و شعرهما النابتان قبل الجلل و لا یدخل فیه ما عرض تحریم آکله من حیثیة موته و لا فرق فی غیر المأکول بین أن یکون قابلًا للتذکیة أو لا، ذا نفس سائلة أو لا، حیّاً أو مذکی أو میتاً من السباع أو غیرها بریاً أو بحریاً، و إن لا یکون فیه و لا فی البدن الشی ء من فضلاته من رطوبات و البان و أبوال و أروان و مع زوال عینها، و لو بالجفاف یزول المنع و أن بقی أثر النجاسة فی النجس منها و لا شی ء من اجزائه دخلت فی اللباس أو اتصلت به خارجة عنه، و یستثنی منه ما کان من الانسان لنفسه و لغیره و الاحتیاط فی الأول لا وجه له و فی الثانی ضعیف، أو ما کان من حیوان صغیر لا لحم فیه کالبق و الذباب و القراد ودود القز و الزنابیر و نحوها فلا بأس بالعسل و الشمع، و کذا العقارب

ص: 105

و الخنفساء و العنکبوت و ما شاکلها مما لا لحم فیها و لا ینصرف اطلاق الأکل الیها و إن کان الاحتیاط فی غیر ما قامت ضرورة العسرة و الحرج فیه أو قام الدلیل علیه و القزّ ان عد من فضلات غیر المأکول و دم البق و البرغوث لا ینبغی ترکه و الحاق کل ذی نفس سائلة کما قیل و إن کان له وجه و فی روایة السکونی عن الصادق (ع): (

ان علیاً کان لا یری بأساً بدم ما لم یذکّ یکون فی الثوب فیصلی فیه الرجل

) یعنی دم السمک دلالة علیه الّا أن الأوجه ما ذکرناه. فإن صدق الأکل و اللحم علی کثیر من غیر ذی النفس اولی منه فی کثیر من ذی النفس و لا مخصص للأدلة اجماعاً و نصاً و خروج البعض غیر معلوم الجهة فلا یحکم باشتراک غیره معه، و اللؤلؤ لو کان من غیر المأکول فهو مما ذکرناه و یلحق الصدوق الروایة بوهنها و ضعفها و اعراض الاصحاب عنها و فی مکاتبة ابن الریان ما یدل علی أفضلیة ازالة دم البق مع جواز الصلاة فیه، و فی دم البراغیث و ربما یتخیل سریان الأفضلیة إلی الجمیع. الّا أن یقول أن للبق خصوصیة من جهة سرعة انتقال دم الانسان فتکون الافضلیة للتنزه عن دم الانسان لا لغیر المأکولیة، و لذا وقع فیها بلفظه الطهر و کذا یستثنی ما کان من جلود الخزّ و شعورها الخالصة الغیر مغشوشة بوبر ارانب أو ثعالب أو غیرها مما لا یصح الصلاة بشی ء منه فالمغشوش بالإبریسم لا بأس به و فی الحاق سائر فضلاته بجلوده و وبره وجه قوی، قد ارشدت الیه بعض الأخبار الّا ان الأحوط خلافه، و الخزّ قد اختلفت فیه کلمات العلماء و الأخبار أشد اختلاف و القول بإجراء الحکم علی ما یسمی خزّاً بحسب ما اشتهر و تعارف. و إن لم تعرف أصل حقیقته من أنه بری أو بحری ذو نفس سائلة أو لا غیر بعید بل لا یبعد من أنه نوع خاص من کلب الماء یکون فی اماکن مخصوصة فیعتبر فی جلده دون شعره التذکیة لأنه مما یذکی علی الظاهر ثمّ انما یستثنی من غیر المأکول هو ما ذکرناه فقط دون ما کان من الثعالب و أرانب و سمّور و فنک و غیرها، و کذا ما کان من السنجاب و الحواصل الخوارزمیة فی وجه قوی بل هو الأقوی، و الأحوط و لو قیل بتعیینهما عند الضرورة و تقدیمهما علی ما عداهما من غیر المأکول لکان له وجه، و لو کان غیر المأکول کلّه میتاً أو حیّاً أو بعضه محمولًا و لیس بملبوس و لا ملتحق باللباس، فالأقوی جواز الصلاة به و الأحوط الترک ثمّ إنه قد ورد النص بالنهی عن الصلاة فیما یلی جلود الثعالب و قد فسّر فی الأخبار بما فوقها و ما تحتها و فی بعضها. إنه الذی یلصق بالجلدی فیکون ما تحتها و فی بعض العبارات ما فوقها و هو منزّل أما علی الکراهة مطلقاً أو مع احتمال تساقط شی ء علیه، و أما علی صورة العلم بالتساقط فیبقی النهی علی حقیقته و التنزّه عنه بل عن کلما یلی جلد غیر المأکول أولی و أحوط.

ثالثها: أن لا یکون اللباس الساتر و غیره فی الصلاة تحریماً و شرطاً و فی غیرها من لباس الذهب أو المذهب تمویهاً أو تنبیتاً أو لحماً تتم به الصلاة أو لا تتم، و لا فرق فی الذهب بین أن یکون خالصاً أو ممزوجاً مزجاً لا یسلبه الصدق، و لو قیل أن تحریم الذهب فی اللباس دائر مدار صدق اسم اللبس عرفاً لما یعد لباساً أو لا، و لا یحرم بدون ذلک کما هو أیضاً من أدلة التحریم فتوی و نصاً و فی الصلاة یکفی فیه صدق الصلاة فی شی ء منه. و إن لم یدخل تحت مصداق اللبس أو اللباس کما فی غیر المأکول لکان له وجه فکثر افراد المذهّب و الزرّ و نحوه مما لم یتصل اتصال الجزء باللباس و وضع الحلی أو ما لم یعتد لبسه بغیر طریق اللباس لا یحرم فی غیر الصلاة و فی الصلاة یکون مبطلًا. إلّا ان الأقوی مراعاة ذلک فی الجمیع. و إن طلاق النهی عن الصلاة فی شی ء منه هنا و فی الحریر منصرف إلی اللبس لکونهما من الملبوس عادة للظرفیة الظاهرة فی اللبس قد خرجت فی غیر المأکول لإطلاقها

ص: 106

علی الأرواث و الألبان و الشعرات مع فهم الاصحاب فی المقامین ذلک و لذا یظهر منهم کظاهر الأدلة اتحاد حکمی اللبس الصلاة فیهما، فتکون الصحة فی الذهب و الحریر فی صورتین و البطلان فی واحدة و فی غیر المأکول الصحة فی واحدة و البطلان فی اثنتین، و حینئذ فلا یحرم ما یوضع فی البواطن من أسنان و غیرها من الذهب بخلاف غیر المأکول. فإنه لا تفاوت فیه بین الباطن و الظاهر علی تأمل من انصراف الأدلة إلی الظاهر أیضاً و إن لم یکن الحکم فیه مقصوراً علی اللباس فقط و لا علی اسم اللبس و هو وجه غیر بعید و یعتبر فی اللباس بل فی مسمی اللبس أن لا یکون مما ذکر.

أو من الحریر و منه القز و الدیباج حیث یکون المصلی رجلًا أو خنثی مشکلًا و لا یحرم علی الخنثی مجرد اللبس علی الأظهر، و لا بأس علی النساء لبساً و صلاة فی الثلاثة المذکورة و إن کان الأحوط فی الصلاة للنساء اجتناب الحریر، و یعتبر فی الحریر أن یکون خالصاً محضاً، و لا بأس بالحریر المخلوط مع ما تصح للصلاة به إذا خرج عن اسم الحریر الخالص سواء کان خلط اجزاء و لو بلغ الخلیط العشر أو خلط خیوط بأن یکون السّدا مما تصح الصلاة به أو اللحم کذلک أو الخلط فی کل منهما و لا عبرة بخلط الخیاطة و لا خلط التطریز و لا خلط الطرائق و لا خلق الالتحام و الاتصال کالبطائن و الحشو فإن جمیع ذلک لا یخرجه عن الخلوص و لا بأس أیضاً بما لا تکون له سعة یمکن احاطتها بعورة المصلی الذکر تماماً بحیث یمکن أن یصلی به وحده فی الاختیار غالباً، لا بنسبة عورة المصلی کالقلنسوة و التکة و نحوهما، و إن تعدد و اتصل بما یصلی به وحده کطریقة أو علم من ثوب أو عمامة و غیرهما و الأحوط التجنب فیما لا سعة له مما یصدق علیه اسم لبس الحریر الخالص صدق علیه اسم اللباس أو لا، فإذا کانت له تلک السعة لم تصح به الصلاة و لم یسع لبسه و إن کان لا یفی ببعض عورة المصلی و مع الشک فی السعة یحکم بعدمها و إن کان الأحوط التجنب الا مع العلم بعدم السعة و لو کان المانع عن الصلاة به وحده وقته لا صغر حجمه فلا یجوز لبسه و کذا لو کان المانع کونه غیر معتاد الهیئة فإنه لا یجوز لبسه أیضاً، و لو کان مما یمکن الصلاة به بعد التصرف به کجعل طوله فی عرضه أو العلاج فی تمطیته صحت به الصلاة ما لم یتصرف به، و کذا تصح الصلاة بالواسع لو تصرف به فصار بحیث لا یمکن الصلاة به وحده و لو أمکنت الصلاة به بالإدارة مرات لم تصح الصلاة به و لو بدون ادارة ما لم یحتج إلی ادارة کثیرة خارجة عن المعتاد تسلبه صدق تمامیة الصلاة به. کخیط و حبل طویلین لو استدار الستر فإن الأظهر جواز الصلاة به و لو حال استدارته، بل حال کونه هو الساتر لا غیره و لو امکن الصلاة به بتعلیقه بخیط أو بخیاطة طرفیه و نحو ذلک مما لا یتوقف الستر به إلی علاج. و انما یتوقف مکثه علی معالجة فالأقوی البطلان و بالجملة فمدار التحریم فی الحریر و بطلانه الصلاة. إنما هو علی صدق اللبس عرفاً و أن لم یصدق علیه الثوب و لا الثیاب و لا اللباس فیحرم لبس الحریر قبل غزله و لبس مغزوله قبل نسجه، و لا بأس بما لم یکن ملبوساً لباساً کان أو غیره و ان اتصل بالملابس کحریر أو قطیعة منسوجة یتصل بالثیاب و لیست منها و إن کانت مما تتم بها الصلاة و کالزر و نحوه، و کذا لا بأس بحمله و إن تمت الصلاة به و لا بخیوطه مخاطاً بها أو مطرزاً و فی المجتمع منها فی التطریز حتی صار کثوب التصق وجهان أقواهما، نفی اللباس لعدم الاستقلال فلا یدخل تحت المصداق و الأولی التنزه عن الجمیع و لا یستثنی من ذلک سوی ما لا تتم به الصلاة. فما کان منه لا بأس به مستقلًا و لا بأس بعمله و لا بمکفوفه و لا راد علی عرض أربع أصابع فالأحوط اجتنابه و ما لم یکن منه ففیه اللباس مکفوفاً أو غیره ثمّ ان هذا الشرط و الذین قبله یستوی فیها العالم و الجاهل المعذور و غیره، و الناسی

ص: 107

و المتذکر، و الحاصل له فی أثناء الصلاة و قبلها، و لو بإلقاء علیه فتلزم الاعادة للجمیع فی الوقت و خارجه.

رابعها: ان لا یکون مغصوباً و کذا کل منهی شرعاً عن لبسه و استعماله و التصرف به لتعلق حق مخلوق به أو خالق، و لو بحصول ضرر بلبسه تعلم مغصوبیته و عدم الاذن الشرعیة فی استعماله أو تجهل جهلًا لا عذر فیه شرعاً، و القول بالبطلان للصلاة و لو بمصادفة جزء منها قوی مع العلم و الجهل الغیر معذور فیه شرعاً فی حکم أو موضوع، أما مع الجهل المعذور فیه شرعاً أو الغفلة و الذهول عن حکم أو موضوع أو نسیانهما مع اعتقاد الخلاف فی الحکم، لا مع شکه فیه فالأقوی الصحة. و ان کان الأحوط الاعادة سیّما فی الوقت و فی متعمد الغصب لبساً و نسیانه عند الصلاة وجهان أقواهما البطلان لدورانه ظاهراً مدار الحرمة العقابیة و هی متحققة حین الصلاة و أن کان الاستلزام العقلی یتبع الحرمة الخطابیة، و کذا الوجهان فیما لو حصلت الأذن بالبقاء حین الصلاة فلا ریب فی الصحة. و إن قلنا ببقاء حکم الغصب من الضمان ثمّ ان بطلان الصلاة فی المغصوب ثابت من غیر فرق بین أن یکون بعض الثوب وقت السجود تحت بعض المساجد أو وقت القیام أو الجلوس تحته، أو یکون هو الساتر للعورة أو بعضها أو هو بعض الساتر کأحد ثیاب یحصل بمجموعها الستر أو أحد الافراد الساترة کأحد ثیاب یحصل الستر بکل واحد منها کان هو المتصل بالعورة أو غیره أو یکون مما تتم به الصلاة أو یصدق علیه اسم اللبس و اللباس عرفاً، أو لا یکون شیئاً من ذلک و لو لا الاحتیاط و الإجماع منقولًا بل محصلًا و روایة تحف العقول المعتضدة بالشهرة و الأصل المقرر بوجوه و ما یظهر من التتبع ان الصلاة هی أفضل أحوال المکلف و انها أقدس و أطهر من غیرها. و إن ما حرم لبسه و حرمت الصلاة فیه و ما یتخیل من أن أفعال الصلاة استعمال و تصرف فیما حرم استعماله لتحرکه بحرکتها و أکوانها هی أکوانه المحرمة لکان للبحث فی ذلک مجال الّا أن البحث فی الصورة الأولی لخیال الفضل خال عند ذوی الفضل و البحث فی الصورة الثانیة حیث یتعین للشرطیة بعدم استلزام النهی عن الشرط إذا لم یکن عبادة النهی عن مشروطه غیر وجیه فی الشرائط الشرعیة لحکم النهی علی دلیل الشرطیة ظاهراً فیکون الشرط غیر المنهی عنه. مع أن ذلک لو تم لتم فی الشرائط السابقة لا لمقارنة حیث تبقی علی شرطیتها، و لا تخرج عن ذلک لضیق وقت و نحوه لانحلال النهی فی المقارنة إلی الآخر بأبطال العمل إذ لا یقع بدون شرطه فیکون العمل منهیاً عنه لذلک یحکم بفساده و من التأمل فیما ذکرناه تبین أن حکم الحمل فی المغصوب حکم لبسه علی الأقوی. و انه لا فرق بین الیسیر منه و الکثیر المتمول منه و غیر المتمول غصب حال عدم تموله أو خرج بعد ذلک و لا بین الظاهر منه و الباطن ما لم یخرج عن الملکیة فیجب التخلص منه مع الإمکان، و لو بفیئه و مع عدم امکان التخلص و لو شرعاً کعظم مغصوب جبریه و یحصل ضرر من قلعه فالأقرب عدم جواز الصلاة به مع سعة الوقت و سیجی ء فی المکان ما له دخل فی المقام.

خامسها: أن یکون اللباس فی الصلاة ساتراً أو غیره طاهراً شرعاً فلو لم یحکم بطهارته سواء لم یحکم بنجاسته کما فی المشتبه فی النجس المحصور أو کان نجساً عیناً أو متنجساً غیر معفو عنه و تعمد الصلاة به مع العلم بالنجاسة الشرعیة و العلم بحکمها أو الجهل فیهما أو فی أحدهما. مع عدم العذر الشرعی و کان ملبوساً لا متصلًا به و أن صدق علیه اسم اللباسیة بل و الثوبیة الّا فی المیتة فالمنع له وجه لقول الصادق (ع) فیها لا تصل فی شی ء منها مع أن الصحة فیما لا یعد استعمالًا و انتفاعاً أقوی و لا محمولًا و إن کان نجساً عیناً و فی مرسل ابن سنان ما یرشد إلی لزوم اجتناب المحمول إذا کان مما تتم به الصلاة و ربما اومت الیه بعض

ص: 108

عباراتهم و الأقوی دورانه فیما خرج عن البدن مدار صدق اللبس و أن لم یکن للباس معتاد. و المرجع فی ذلک إلی الصدق العرفی و علی الشک یبنی علی عدم مسمی تحقق اللبس هل یعتبر فی الملبوس هنا و فی الحریر و الذهب و غیر المأکول ان یکون مما یقلد البدن فی جزء من اجزاء الصلاة وجهان الأقوی، عدم اعتباره ما لم یتجاوز تجاوز فاحشاً أخرجه عن شمول صدق اللبس، و کذا الحکم فی المغصوب الّا ان یتحرک بحرکة المصلی فی الصلاة فإنه یحکم ببطلانها و ان خرج عن صدق اللبس و یعتبر أن یکون لبسه اختیاراً لا اضطراراً من أی جهات الاضطرار مع التمکن من الطاهر أو التطهیر لجمیع النجاسة أو بعضها فی اللباس الواحد، أو فی لباسین بطلت صلاته واجبة أو مستحبة و اجزائها و لزمته الاعادة فیما یلزم إعادته منها، و یستحب فیما یستحب فی الوقت و خارجه، و کذا إن کان عالماً أو جاهلًا جهلًا غیر معذور فیه و کان من نیته الصلاة فیه أو من نیته نزعه أو لا نیة له، و قد ذهل حال الصلاة أو نسی و صلی سواء تفطّن لصلاته فیه أو ذکر فی أثناء الصلاة أو یعدها فی الوقت الاختباری او الأضطراری أو بعده و کذا لو علم صلاته به أو قامت عنده حجة شرعیة فإنه یلزم اعادتها علی کل حال مع التمکن من الطاهر حین صلاته التی صلاها و لو صادفت آخر الوقت، أما إذا لم یعلم بالنجاسة حصولها أو حاصلها أو اصابتها سواء علم حکمها أو جهله کان من نیته عدم النزع لو اصابته تلک النجاسة أو لا، کانت النجاسة سابقة علی الصلاة و لم یعلم بها حتی دخل فی الصلاة صادفت تمام الصلاة أو بعضها و زالت أو وقعت فی اثناء الصلاة و زالت قبل تمامها أو لا فإن علم بعد الفراغ منها. أو فی اثنائها بعد زوال النجاسة مضت صلاته. و لا اعادة علیه لا فی الوقت و لا فی خارجه. و ان کانت مع ظن النجاسة أو الشک فیها و ترک البحث و التفحص الاعادة و فی الوقت و خارجه أولی و أحوط بل الاعادة مطلقاً فی الوقت أحوط و أولی الاعادة خارجة لا تخلو من الفضل و الاحتیاط فیها ضعیف، و لو علم فی أثناء الصلاة بنجاسته سبقت علی حال علمه صادفت أول الصلاة أو فی أثنائها و کانت الصلاة ممکنة بالطاهر و الوقت متسعاً لاستینافها، فالأقوی البطلان امکن نزعه فی اثناء الصلاة و التستر بغیره مما هو علیه أو یلبسه من خارج مع الافتقار إلی فعل مناف أو بدونه أو لم یمکن نزعه فی أثنائها و لو من جهة توقف النزع علی فعل مناف أمکن تطهیره من دون فعل مناف أو لا، و الأحوط نزعه أن أمکن و قد کان علیه غیره أو لم یکن و لکن لا یستلزم التستر بغیره فعلًا منافیاً أو امکن تطهیره کذلک ثمّ اتمام الصلاة و الإعادة أما مع مصادفة النجاسة له فی اثناء الصلاة دون اختیاره فالأقوی الصحة مع الضیق و یلزمه الابدال أو التطهیر أن أمکن من دون فعل مناف و الإتیان ببقیة الصلاة و مع امکانهما، أخذ بالأقصر زماناً و مع السعة الأقرب البطلان، و الأحوط اتمام الصلاة مع التطهیر أو الأبدال ثمّ الإعادة و لو قیل بالصحة أیضاً أخبار عمل علیها کثیر من الأصحاب لکان قریباً. و لو کان الوقت غیر متسع للاستیناف فالأقوی الصحة و یلزم الأبدال أو التطهیر مع الإمکان، و مع عدمه یسقط لصحة الماضی من الصلاة مع الجهل و صحة الباقی للضیق و أما مع عدم التمکن من الطاهر فلا تأمل فی الصحة فی جمیع ما مضی بناء علی جواز الصلاة بالنجس. و أما بناء علی لزوم الصلاة عریاناً جری فیه ما مضی صحة و بطلاناً علی اختلاف صور الجهل و النسیان و المصادفة فی الأثناء سعة و ضیقاً ثمّ ان مورود الفتوی و الروایات صورتا الجهل و النسیان. و بقیت صور آخر منها الصلاة فی النجاسة عن جهل بالحکم مع العذر الشرعی کاشتباه فی تقلید أو اشتباه حصل لمجتهده أو لواسطته الذی بینه و بین مجتهده، و منها الصلاة فیها مع العلم بها و التعویل علی التطهیر بحجة شرعیة کشهادة العدلین، و اخبار ذی الید، ثمّ انکشف

ص: 109

اشتباهها. و منها الصلاة فیما طهره بنفسه ثمّ بان بقاء النجاسة و منها الصلاة فی نجاسة علم ببقائها متخیلًا العذر فیه لخوف أو ضرر أو ضیق وقت و نحوه فبان خلافه و لم أرَ للأصحاب فیها نصباً بالخصوص و ربما یقال ان ظاهر اطلاق الشرطیة المتکررة فی کلماتهم المتفق علیها فیما بینهم و مقتضاها المستفاد من اطلاق الأوامر بغسل النجاسة و ازالتها مع الاحتیاط بطلان الصلاة فی جمیع ذلک و قد یستنهض له بروایة ابی بصیر الدالة علی الاعادة مع العلم و عدم العلم إذا علم بها. و فی مقابلها التمسک بظاهر الأمر القاضی بالصحة و الأجزاء و حدیث رفع الخطأ القاضی برفع جمیع ما یلزمه و جمیع ما ذکر من الخطأ مع ما یرشد الیه. فی روایة سماعة فی الناسی حیث قال: یعید صلاته کی یهتم بالشی ء إذا کان فی ثوبه عقوبة لنسیانه، و فی الأخبار المفصلة بین النظر إلی النجاسة و طلبها فلا اعادة بعد ذلک و عدم النظر فعلیه الاعادة ما یؤذن بسقوط الاعادة فی کثیر من هذه الصور. و یؤید ذلک ما یظهر من بعض الأخبار، ان عدم الاعادة مترتب علی نفی العلم حین الصلاة و فی الصحیح إلی میسر قال: (

قلت لأبی عبد اللّه (ع) امر الجاریة فتغسل ثوبی من المنی فلا تبالغ فی غسله فأصلی فیه فإذا هو یابس، قال اعد صلاتک، أما انک لو کنت انت غسلت لم یکن علیک شی ء

)، دلالة علی الاعادة مع أخبار ذی الید بالتطهیر و عدم الاعادة مع تطهیره هو بنفسه، الّا أن یقول أن الجاریة لم تخبره بل عوّل علی مجرد فعلها أو أنه اطلع علی غسلها فکان الظن بخلاف خبرها و قبوله لیس طریقاً شرعیاً، و طریق الاحتیاط لا یخفی و لعل البناء علی الصحة فی جمیع ذلک أقوی ثمّ إن الاکراه السالب للاختیار و الاضطرار الجامع له فی التقیة و غیرها عذر مسوغ للصلاة مع فقد شرط اللباس فی جمیع الشرائط المذکورة، و تتقدر الضرورة بقدرها و قد تتلفق انواعها فی أبعاض الصلاة کل ذلک مع الاطمئنان ببقاء العذر تمام الوقت أو الشک فیه مع الاطمئنان بزواله، فلا یکون ذلک عذراً صادف ابتداء العمل أو حصل فی أثنائه فیحکم حینئذ ببطلان العمل المصادف فقد الشرط فی الأثناء من غیر اختیار مع التمکن من اعادة الصلاة مع الشرط الّا فیما إذا کان الإکراه عن تقیة و لم ترتفع و المانع باق بعدها، فالأقرب الصحة مطلقاً، و کذا فیما إذا کان الإکراه فی غصب فی ابتداء الصلاة أو فی اثنائها و بادر إلی النزع من دون مناف و لو علی التصرف لا فی خصوص الصلاة فله الصلاة به مع سعة الوقت ما لم یستلزم تصرفاً زائداً علی الأقرب و لا فرق فیما ذکر من شرط النجاسة بین انواع النجاسات و لا بین مقادیرها قلیلها و کثیرها، و انما یعفی عن الدم خاصة ما لم یکن بسعة الدرهم بنسبة حال الدم إن کان کثیفاً أو خفیفاً و لا عبرة بتکرار الدم علی المحل الواحد، إما ما کان بسعة الدرهم أو ازید فلا یعفی عنه سواء کان فی الوزن قد رخّصه أو أقل و المدار فی الدرهم علی البغلی و هو الدرهم الکسروی الوافی الذی هو عبارة عن ثمانیة دوانیق فیکون درهماً اسلامیاً و ثلثا، و الإسلامی هو ما حدث فی زمان عبد الملک أو الثانی من جمیع الطبریة الخفاف و العبدیّة و تسمی البغلیة الثقال و قسمتها نصفین: متساویین فیکون ستة دوانیق وسعته غیر معلومة علی التحقیق و المحقق منه ما هو بسعة الدینار، بل هو أوسع من الدینار، و لو اعتبر قدر أخمص الراحة و هو ما ینخفض من باطن الکف أو قدر عقد الإبهام الأعلی لم یکن بعید أو الأحوط خلافه. و إنما یعفی عما نقص عن الدرهم إذا لم یکن من حیض محکوم به شرعاً و لو فی أیام الاختیار و لو بان خلافه بان العفو عنه. و إن جری علیه أحکام الحیض أو لا و لو صلی به ناسیاً لم یکن یلزمه الاعادة بعد ذلک و لو بان انه منه جری علیه الحکم من حینه. و فیما مضی یکون ملحقاً بصور العذر السابقة و یجری فیه ما مرَّ و لا یلحق بدم الحیض الدماء الخارجة من المرأة بل یقتصر علی ما کان منه من استحاضة أو نفاس علی الأقوی

ص: 110

و ربما أرشد الیه تغییر القطنة و الخرقة فی المستحاضة. و الإجماع علی مساواة النفساء للحائض فی الأحکام الّا ما استثنی، و حینئذ فلا یعفی عما کان منها، أو من دم نجس العین أو دم غیر المأکول اللحم عدا دم الإنسان لنفسه أو لغیره و ان کان لا یبعد فی دم الغیر إن الأفضل ازالته أو دم من ظاهر العین و مأکول اللحم. و إن عرض لها النجاسة و عدم المأکولیة بالموت، ثمّ ان ما ذکر من استثناء نجس العین قول معروف لا نری علیه دلیلًا بل أدلة العفو شاملة له و الإجماع منقول علی عدم استثنائه و ما یتخیل من انصراف ادلة العفو إلی حیثیة نجاسة الدم لا إلی العفو عنه من حیثیة نجاسةٍ احری، و دم نجس العین فیه حیثیتان ذاتیتان أو من حیثیة ملاقاته لنجاسة اخری من الأجزاء الباقیة فهو و أن عفی عنه من حیثیة لا یعفی عنه من اخری و هو کما لو انضم إلی الدم نجاسة اخری مبنی علی قابلیة النجس لتعدد حیثیة النجاسة، و هو فی محل المنع بل ربما ظهر من التتبع فی أفراد النجاسات و تداخل أحکامها و حیثیاتها عدمه و مجرد قابلیتها للشدة و الضعف و لو قلنا به لا یقضی بتخصیصها کما هو الشأن فی غیر ذلک مما یتخیل التفاوت فیه و کذا ما یدعی من خروج ذلک عن الأفراد المتعارفة فلا تشمله ادلة العفو لا وجه له فإن مثل هذا التعارف لا یقید اطلاقاً من دون فهم الأصحاب أو شهرة علی الحکم تنظم معه و توهن الاطلاق و لعل الأقوی عدم الاستثناء. و إن کان الأحوط ذلک و أما دم غیر المأکول فیستثنی فی وجه قوی لو لا اعراض الأصحاب عنه لظهور اختلاف حیثیة المنع فیه فلا تشمله أدلة العفو الظاهرة من حیثیة النجاسة فیکون کالدم الظاهر من غیر المأکول و کنجاسته من غیر المأکول فیما لا تتم به الصلاة و لو لا تعرض کثیر منهم لنجس العین لحمل اطلاق الأصحاب علی مراعاة حیثیة النجاسة و یکون اطلاقهم فی غیر المأکول کافیاً فی حکمهم بالمنع و لو منع ذلک الظهور لکان دلیل غیر المأکول معارضاً لدلیل العفو. و الترجیح فی جانب غیر المأکول لطرحته بالعموم و ظهور حیثیة المنع فیه فیتعین حمل دلیل العفو علی مراعاة حیثیة النجاسة فیه و لو سلّم التکافؤ بقی علی حکم لزوم اجتناب الدم و اجتناب کل نجاسة و بناء علی ذلک یدخل فیه دم الکلب و الخنزیر من حیثیة عدم المأکولیة لا من حیثیة نجاسة العین و یستر الحجم فی العورة الحقیقة بالنسبة إلی الصلاة احوط سیّما فی الصورة الأولی و یجب الستر عن الناظر من أی جهة حصل النظر و فی الصلاة من الجانبین و من جانب الیمین و الشمال و من جهة الأعلی حال قیام و جلوس و رکوع و سجود سواء ظهرت عورته للغیر أو لنفسه، فیجب حینئذ شد الأزرار مع توقف الستر علیها و مع احتمال الانکشاف و یکره حلها، و لا یجب من جهة الأسفل إذا لم یکن ناظر من جهته و لا فی مکان معدّ للنظر کان یقف علی شباک أو روشن فلا یجب لبس ما یستر الأسفل من السروال و نحوه و استحبابه لیس بالبعید. أما مع وجود الناظر محللًا أو محرماً فیجب الستر من جهته و مع الاستعداد وجهان اقواهما و احوطهما لزوم الستر، و لا فرق فی وجوب و یبقی دم الکافر مبنیاً علی ما سبق و کذا دم المیتة أن ادخلناها فی نجس العین لعروض النجاسة العینیة لها ایضاً، و لو اصابته نجاسة لم تصب محله أو اصابت محله بقیت عین النجاسة فیهما أو ذهبت فلا عفو علی تأمل فی ذهاب العین فی الصورة الأولی لعل الأقوی بقاء العفو لعدم تأثیرها شیئاً، فلا یبقی لها حکم بعد ذهابها، و یجری العفو فیه سواء کان فی الثوب أو البدن و إن کان الأحوط فی البدن ازالته و الأفضل فیها ذلک، و لا یجری العفو فیما تنجس به من المائعات إذا اصابت بدن المصلی أو ثیابه نقص مجموعهما عن درهم أو زاد بقیت عینها أو ذهبت. و فیما إذا کان المائع دماً طاهراً وجهان أقواهما عدم العفو ایضاً، و أما ما اتصل به فی محل الإصابة کالقیح و الرطوبة و العرق المقارن له فإن اصاب الدم دون المحل و قد ذهبت عین ما اتصل به فالعفو

ص: 111

یسری الیه أما مع بقائها أو اصابة المحل ففی الرطوبات الصادرة من الانسان غالباً و کانت من محل الإصابة یسری العفو الیها فی وجه قوی و الأحوط احتساب ما زاد من المقدار و فیما عدا ذلک الأقرب المنع، و الأجزاء المتفرقة من الدم المعفو عنه تفرض مجتمعة سواء کانت فی الثوب الواحد أو فی ثیابٍ متعددة أو فی البدن أو فیهما. فإن کانت بحیث تبلغ الدرهم فما زاد فلا عفو علی الأقوی و الّا جاء العفو و مع الشک فی البلوغ فالأقوی العفو و کذا لو شک فی الدم الواحد و لا یجب الاختیار و الأحوط التجنب، و لو کان الثوب کثیفاً جداً بأصل صنعته أو بالتصاق شی ء به کتطریز و نحوه أو بالتصاق ثیاب بعضها مع بعض حتی عدّت ثوباً واحداً. فإن أصاب کل جانب منهما خالٍ عنه دم مستقل اتصلا أو لم یتصلا احتسبا دمین و أن أصاب الدم الثوب من جانب واحد و ان تکرر و اخترقه الدم فالأحوط احتساب ما فی الجانبین بمنزلة الدمین و کذا لو تجاوز فی الکثافة، فالأحوط احتساب ما فی الوسط دماً ثالثاً بل لو لم یخرق الجانب الآخر احتسب ما فی الجانب و الوسط دمین، و بحسب التجاوز فی الکثافة یحتسب ما فی الوسط دماً متعدداً و الأقوی احتسابه دماً واحداً فی الجمیع الّا ان تنفصل الثیاب الملتصقة بعد اتصالها فإنها تحسب دماء متعددة و لو اتصلت بعد انفصالها بقیت علی حکم التعدد و الأقوی تسریة العفو إلی محل الدم بعد ذهاب عنه و ان کان الأولی بل الأحوط تظهیره، و کذا یعفی عن دم الجروح و القروح لصاحبها کثیراً کان الدم أو قلیلًا صغاراً کانت الجروح و القروح أو کباراً ظاهرة أو باطنة. قدم البواسیر و الشقاق منه، و کذا دم البکارة خرج الدم منها بعلاج أو بدونه التی یشق التحرز بتطهیر و بغیره عنها أو عن بعض دمها دون البعض الآخر أو لا یشق سواء کانت فی محل الجرح أو محاذیة له أو بعیدة عنه وصل الدم الیه من دون اختیار أو اصله اجنبی أو الشخص نفسه. و إن کان الأولی التنزّه عنه فی القسمین الأخیرین مع تعمد ذلک من دون التجاء الیه و سواء کان الدم فی الثوب أو البدن، و الأفضل بل الأحوط غسل الثوب مع عدم المشقة فی کل یوم مرة، و الأولی مراعاة النهار و تشطیر الزمان و فی تسریة ذلک إلی البدن وجهٌ و یقوم الأبدال مقام الغسل و یستمر العفو فیهما ما داما غیر برئین و لو صحَّ القرح أو الجرح فلا عفو ما لم لو یصح و دمه سائل أو غیر سائل أو انقطع دمه فترات بحیث یمکنه غسله أو انقطع مستمراً لکنه فی معرض الخروج فالعفو باقٍ و الأحوط الازالة و لو برءا عن خروج الدم و لم یحصل البرء منهما فلا عفو علی الأقرب و إن کان للعفو وجهٌ و لو شک فی البرء فالأقرب العفو، و لو شک فی أصل وجودهما أو انفجارهما و خروج الدم منهما فلا عفو عما یراه من الدم، و لو علم بحصول دمٍ منهما و شک فی دم أنه من دمهما أو من غیره فالأقرب عدم العفو و کذا لو شک فیما دون الدرهم أنه من دم معفو عنه أو من حیض و نحوه ما لم یشک فی اصل نجاسة الدم. فالأقرب فی الحکم بالطهارة فلو شک فی کونه دماء معفواً عنه أو دماً طاهراً بنی علی الطهارة و لو قیل بذلک مع تساوی العلم بحصول سببهما أو الشک أما مع العلم بحصول سبب أحدهما، و الشک فی سبب الآخر فیحکم بأنه من المعلوم لکان له وجه و یجری فیما اتصل بهذا الدم ما مرَّ فی المتصل بالأقل من درهم و العفو هنا عن القیح و الرطوبات المتصلة به أولی، و حیث استثنی من نوع النجاسة و مقدارها ما مرَّ من الدم خاصة، کذا یعفی فی محالها من أی نجاسة کانت میتة أو غیرها من حیثیة النجاسة. أما لو قارن مانعیته عدم المأکولیة فلا عفو عما لا تتم الصلاة به لصغره ذاتاً أو بعمل صیّره قطعة واحدة عرفاً لا لجعله بکیفیة عارضة لا تتم الصلاة به معها کالعمامة و لو أخیطت بکیفیتها علی الأظهر و لا لمانع شرعی غیره کعدم اعتیاد هیئته و لا لرقته کالقلنسوة و التکة و نحوهما. اتحد ما لا تتم به الصلاة أو تعدد قارب بعضه بعضاً أو لا ما لم یدخل الجمیع تحت

ص: 112

اسم الشی ء الواحد کان فی محاله أو خارجاً عنها فإن النجاسة لا تؤثر فیه منعاً و لو کان فیه دم و فی غیره دم ناقص عن الدرهم لم یکمل دمه دم غیره الناقص و یجری العفو فیهما. و المعتبر فی تمامیة الصلاة به و عدمها حالته التی هو علیها کما تقدم فلو أمکن ستر العورتین به بوضع شی ء من الطول بالعرض أو بالعکس فلا یخرج عن کونه لا تتم الصلاة به و الأحوط اجتنابه و فیما مرّ فی الحریر غنیّة عن اعادة البحث هنا و الأفضل ازالة النجاسة عنه مطلقاً و یستثنی من عموم العفو عمّا لا تتم به الصلاة نصّا و فتوی القطعة من المیتة إذا کان منتفعاً بها لنهی الصادق (ع) عن الصلاة فی شسع نعلٍ. و عن الصلاة متقلّد السیف و هو یعلم أن فیه جلد میتة و فی الحاق المبانة من الحی بذلک وجه قریب و کذا خرقة المستحاضة فإن الظاهر لزوم تطهیرها أو تغییرها عند کل صلاة و ان کانت لا تتم بها الصلاة دون ما عداها مما یصیبه دم الاستحاضة. و لا تتم به الصلاة و لا یلحق بها حفیظة المسلوس و المبطون فلا یجب تطهیرها أو تغییرها إذا کانت مما لا تتم بها الصلاة و حینئذ فیلزم فی الحفیظة وضع ما لا تتم به الصلاة مع الاکتفاء به عن الکبیرة و لا یجوز وضع حفیظة تتم بها الصلاة و لا یلزم ذلک فی خرقة المستحاضة بل لها أن تضع کبیرة و إن أمکن الاکتفاء بالصغیرة و حیث یحتاج الی الاستذکار بخرقة و إلی وضع حفیظة کبیرة لا یمکن التحفظ بدونها، یعفی أیضاً عن خرقة المستحاضة و حفیظة المسلوس و المبطون المستدام، و کل مستدام خروج النجاسة منه منیّاً او دماً فإنه لا بد من جعل حفیظة له أیضاً. کل ذلک مع حصول التخفیف للنجاسة إلَّا فمع عدم الفائدة الأقرب سقوط الوجوب و یدور العفو فی ذلک مدار مشقة التحرر بدونها و یلزم مراعاة الفترات علی تأمل فی المستحاضة و مع مفاجأته فی الأثناء یستمر العفو من حیثیة الخبثیة و إن لزم اعادة الوضوء فی بعضها و کذا یعفی عن ثوب المربیة لا بدنها و لا ثوب المربی و لا الخنثی، أما کانت المربیة أو غیرها، و الأم الغیر المربیة لا یشملها العفو علی تأمل من جهة ظاهراً لدلیل الأم. و إن لم تربِّ و عنوان الأصحاب بالتربیة اتحد الثوب أو تعدد مع الاحتیاج الی الجمیع قمیصاً کان الثوب أو غیره للمربیة للولد و الظاهر إرادة الذکر. فلا تدخل الأنثی و لا الخنثی تغذی بالطعام او لم تغذَ اتحد الولد أو تعدد. فإنها تجتزی فی الیوم و اللیلة بغسلة لا بالصب علیه فیما إذا لم تغذِ الولد بالطعام علی

ص: 113

إشکال مرة واحدة تقع فی الیوم لا فی اللیل علی الأظهر عند وقت بحیث لا یعلم تنجیسه قبل الدخول فیها و الأحوط مراعاة الجمع بین الصلاة مع الإمکان بدون نجاسة و التأخیر آخر النهار مع امکان جمع الأربع صلوات، مع عدم النجاسة أحوط و الجمع مع العلم بالنجاسة أولی لحصول الخفة للنجاسة حال الصلاة إذا لم یکن عندها غیره، مما لها الأذن فی استعماله ملکاً أو إجارة أو عاریة أو إذن فحوائیة و کان مما یمکن الاکتفاء به فی اللبس سواء کان مما یسوغ الصلاة اختیاراً أو لا سواء، تمکنت من تحصیله بأحد هذه الطرق أو لا. و فی المتمکنة فی الشراء أو الإجارة و لا مانع لها من ذلک سوی حب المال و نحوه لا تخلو من إشکال و یخص العفو ما أصاب الثوب من نجاسات الولد لا الخارجة عنه. و یختص البول و الغائط من بین نجاساته بل الأحوط و الأقوی الاقتصار علی خصوص البول و یلحق به المتنجس من الولد بالبول إذا أصاب الثوب برطوبة علی إشکال. ثمّ أن الغسلة یجتزی بها للصلاة الماضیة و اللاحقة مع حصولها فتصلی المبدئة بالتربیة بالنجاسة الی حین الغسل. و أما مع حصولها فتبطل اللاحقة و یحتمل فی السابقة الصحة و البطلان و لو قیل بالفرق بین السابقة التی سبقها غسل قبلها کمبدئة التربیة لکان له وجه الأقوی الصحة إلَّا مع العزم علی عدم إیقاع الغسل و التطهیر، و إن کان البطلان مطلقاً أحوط، ثمّ أن هذا الشرط من شرائط لباس المصلی، کما هو شرط فیه شرط فی بدنه من دون تفاوت بین شعره و إن استطال. و إن لم یتحرک بحرکة و بشربة و المدار علی ظاهر البدن لا باطنة علی الأظهر، فلا بأس فی الصلاة بنجاسة أدخلت فی الباطن من دم غیره.

المبحث الثالث: فی فقده.

إذا فقد الساتر الجامع للشرائط المعتاد هیئة لکل العورة أو بعضها فی کل الصلاة أو أبعاضها فقداً عادیاً أو شرعیاً، و حصل معتاد الجنس کصوف أو کتان أو قطن أو غیر معتادهما، کلیفٍ أو شجر أو نبات تستر به. و فی الترتیب بینهما وجه و إلّا تستر بالطین و نحوه إن أمکن. و فی الحاق الستر لجهة الأعلی أو غیرها بیده أو ید غیره للحله شرعاً أو الشعر کذلک من شعر لحیته أو رأس أو عانة بالمراتبة الثانیة أو الثالثة أو عدمهما مرتبة مستقلة مترتبة علی الثانیة أو الثالثة أو سقوطها رأساً فی الصلاة و إن لزمت عند وجود الناظر و اکتفی بها و لو مع التمکن من غیرها. أوجه ظاهر الفتوی و الروایات فی عد الفاقد لما عداها من العاری الأخیر، و مقتضی الأمر بالتستر و ترک الرکوع و السجود فی صلاة العاری قیاماً و قعوداً، لئلا یفوت ستر الألیتین للدبر. و أمر الباقر (ع) یجعل المرأة یدها علی فرجها، و وضع الرجل یده فی سوأته و نهیه عن الرکوع و السجود مع الجلوس فیبدو ما خلفهما، و إطلاقه عن الستر علی الستر بالألیتین للدبر لزوم الستر، و هو الذی یقتضیه الاحتیاط أیضاً، و منه یظهر لزوم الستر فی حفرة ضیقة متصلة بالبدن أو حبّ کذلک أو تابوت و نحوه لأجل الصلاة. و فی الستر بماء کدر أو بمائع غیره وجهان لا یبعد عدم لزومه، و کذا الدخول فی حفیرة واسعة تسعه للرکوع و السجود، و مثلها الفسطاط الضیق و البیت کذلک لیس من التستر للصلاة بشی ء. و إنما یلزم عند خوف الناظر، و یجری فیها ما یجری فی الصلاة عاریاً، و من عوّل فیها علی مرسل بن نوح اقتصر علی خصوص الحفیرة و استثناه من حکم العاری و ربما الحق بعضهم بها غیرها فقد تبیّن أن الستر فی الصلاة بما لو کان ناظر متصل به لستر عنه لا یسقط علی حال مع الإمکان و لا یدخل تحت حکم العاری و لو قیل بلزوم الستر بذلک مع اجزاء حکم العاری علیه لکان له وجه. و أما تقدیم الساتر المعتاد هیئة فیقضی به اطلاق الستر المنصرف الیه و ادلة الصلاة بالثوب و الثیاب و الدرع و الملاحف و نحوها و کونه المعهود مع الاحتیاط،

ص: 114

و أما تقدیم الحشیش و الورق و نحوها علی ستر الید و الألیتین فقد علمت وجهه مما تقدم و إما تقدیمه علی الطین و نحوه فلعله للأقربیة إلی الستر المعتاد المدعی فهمها من الاطلاق عند تعذر الفرد الغالب کما هو الشأن فی سائر المطلقات أو شمول لا یسقط المیسور بالمعسور للأجزاء العقلیة، کالحسیة مع فتوی جماعة من الاصحاب، و لا أقل من الشک فیقضی بد دلیل الاحتیاط و أما صحیحة علی بن جعفر الواردة فی الحشیش فلا دلالة فیها نفیاً و اثباتاً. و إن کان موردها غرق متاعه و بقائه عریاناً و أما ترتیب بعض الخصوصیات الباقیة فلیس علیها دلیل. و إن کان الأولی بل الأحوط مراعاة الأقربیة إلی الهیئة المعتادة فی الستر هذا مع التمکن من الستر فإن فقد الجمیع الساتر لکل العورة أو بعضها صلی رجلا کان أو امرأة من قیام أن لم یره أحد و یطلع علی عورته أو بعضها و لو عن غیر قصد من الرائی أو یترقب حصوله أو حصول الرؤیة منه علی اشکال و فی الحاق محلل النظر وجه لا یبعد عدمه و لا عبرة بالاطلاع علی بقیة بدن المرأة غیر العورة حتی ما یستتر منه بالجلوس، و مع ستر حلقته بالألیتین یصلی مومیاً لرکوعه و سجوده حال قیامه و لا یلزمه الجلوس حال الایماء السجود سواء انکشفت العورة حال جلوسه أو لم تنکشف، بل لا یبعد المنع فی کلا الصورتین و لو قیل بالجواز فی الصورة الثانیة لکان له وجه و لو کانت الخلقة منکشفة علی کل حال ففی لزوم الرکوع و السجود وجهان، أقواهما ذلک هذا إذا امن المطلع، و الّا صلی جالساً کذلک و لو مع التمکن من القیام حال ایماء الرکوع، و کذا یسقط القیام بین اتمام الرکوع و السجود. و إن تمکن منه مع الستر و مع الأمن فی رکعة دون اخری جری علی کل حکمها و کذا فی الرکعة الواحدة یتحری حال الأمن و عدمه علی الأظهر فقد تحصل من التأمل فیما ذکر أن الستر عن الناظر مقدم علی سائر أفعال الصلاة فلو توقف ذلک علی استلقاء علی بطنه سقط القیام و الجلوس معاً علی الأظهر و الستر فی الصلاة مقدم علی الرکوع و السجود و ما ورد من أن العراة المأمون یرکعون من جلوس و یسجدون مطرح لعارضته ما هو اقوی منه أو مؤول أو یخص مورده بل و مقدم أیضاً علی الجلوس بین السجدتین و فی حال التشهد و التسلیم، أما لو لم یعارض الستر ذلک فالأقوی سقوط الجلوس بین السجدتین تبعاً للسجود دونه حال التشهد و التسلیم فإنه یلزمه ذلک، و القیام مقدم علی الستر فی الصلاة و لو بالمعتاد علی اشکال فمع الدوران بینهما یقدم القیام و لو قیل بالتخییر لکان له وجه الّا أن الأقوی نظراً إلی ادلة القیام عامة مع ما ورد فی العاری مطلقاً مع روایات التفصیل المؤیدة بالشهرة ما ذکرناه و حینئذ فمع التمکن من محل یأمن فیه و محل لا یأمن فیه لزمه الصلاة فی الأول محافظة علی القیام، و لا یبعد الاقتصار فی ذلک علی خصوص الغرض أما النفل فیقدم فیه حال الستر و یتعین الجلوس و لا یلزم فی ایماء السجود فی الجلوس تحری المساجد من وضع الیدین و الرکبتین و الابهامین مع التمکن. و إن کان الأولی ذلک و کذا لا یلزم الانحناء إلی حد لو زادت علیه لبدت العورة بل یجتزی بمسمی الایماء بالرأس و لا یلزم تحریک البدن تبعاً له، و الأحوط بل الأقرب کون الایماء فی السجود أخفض منه فی الرکوع و کذا یلزم فی ایماء السجود حال الجلوس أن یرفع شیئاً إلی جبهته مما یسجد علیه علی حسب الاختیار و الاضطرار و فی الحاق غیر الجبهة بها هنا مما یقوم مقامها اضطراراً وجه و لو أمکنه التستر فی حفرة عن الناظر، و کذا بکل حاجب یحجب عن النظر لزمه ذلک من حیث الناظر و لا یبعد لزومه حینئذ من حیثیة الصلاة فتفسد الصلاة بترک ذلک عمداً و حیث تبین اشتراط أصل الستر و شرائط الساتر و کان المجموع ستة فصور الدوران الآحادیة حینئذ خمس عشرة، و منه یعلم حال الثنائیة و ما زاد علی ذلک فإن دار الأمر بین التکشف و عدم الاعتیاد قدم غیر المعتاد و کذا لو کان بین عدم الاعتیاد و بین فقد احد الشرائط

ص: 115

الأربعة الباقیة و إن کان بین المغصوب و التکشف أو بینه و بین غیر المأکول أو الحریر و الذهب أو النجس قدّم ما سواه علیه، و ان لم یتمکن الّا من الحریر و نحوه الذهب و جلد المیتة و غیرهما مما حرم لبسه لنفسه تحریماً خالقیاً و لو لنذر أو حصول ضرر، و کذا ما حرم للصلاة و کان من وبر أو جلد غیر مأکول اللحم و أمکنه النزع صلی عریاناً مع عدم وجود الناظر أما مع وجوده فالأقوی تقدیمهما علیه حیث لا یکون یمکن تستره بالجلوس الّا حیث یکون التحریم ناشئاً عن الضرر فإنه یبقی عاریاً و حیث یعین علیه اللبس للمحرم لنفسه. و یدور الأمرین أفراد المحرمات قدم الأخف حرمته علی الأشد من التقدیم ما خالف النذر علی الحریر و نحوه. و مع عدم العلم بالتفاوت تخیّر. و إن تمکن من الثوب النجس قدمه علی ما سبق من الحریر و نحوه و ما کان من غیر المأکول علی الأظهر فیه و تخیّر کذلک بین الصلاة به و الصلاة عریاناً و لو مع تعیین الجلوس حیث لا یؤمر من المطّلع و له الصلاة ملفقة منهما و لا فرق فی ذلک بین عدم حصول نجاسة فی البدن أو مع حصولها، فیکون الدوران بین تخفیف النجاسة و ترک الستر و من هنا یظهر أن الصلاة به یلزم مراعاة التخفیف ما أمکن فیقدم قلیل النجاسة علی کثیرها و الواحد علی المتعدد، و فی مراعاة شدید النجاسة مع ضعیفها وجهٌ هو الأحوط و علیه فمع الدوران بین کثرة النجاسة و شدتها ففی تقدیم أیهما أو التخییر اوجه لعل الأقوی مراعاة القلة و لو حصل من لبس النجاسة نجاسة اخری خارجة عن اللباس کتلویث فی البدن. احتمل بقاء التخییر و الأحوط الاقتصار علی الصلاة عاریاً و هو لا یخلو من قوة، و حیث لا قائل معلوم من الأصحاب بتعیین الثوب النجس و القائل بتعیین الصلاة عاریاً جمع کثیر بل ادعی علیه الاجماع و هو الأوفق بمقتضی الشرطیة فالمتمکن منه فاقد للساتر و وجوده کعدمه شرعاً کان الثانی أحوط و أحوط منه نظراً إلی ظواهر الأخبار الجمع بین الصلاة عاریاً و الصلاة بالثوب النجس. و حکم جماعة بأفضلیة الثوب النجس و هو غیر بعید من ظاهر الأدلة و أفتی بعضهم بلزوم الاعادة إذا صلی بالثوب النجس ثمّ تمکن بعد ذلک من الطاهر و هو أحوط و استحب آخرون القضاء و هو غیر بعید من ظاهر الخبر و مع الدوران بین ما حرمته ذاتیة و بین غیر المأکول قدّم الثانی ثمّ إن شرط الستر و شرائط الساتر ان حصل القطع بوجودها فاستمر فلا یبحث و إن لم یستمر و بان الخلاف ففی شرط غیر المأکول و الحریر و الذهب یحکم بالبطلان و فی أصل الستر و المغصوب و النجس قد علم حکمها مما تقدم و أن حصل الضن یبنی علیه مطلقاً من لا طریق له إلی العلم غالباً کالأعمی و فاقد حاسة اللمس و من لم یحکم یکن کلًا بنی علی الظن الناشئ من امارة شرعیة. و منها أخبار العدل الواحد وذی الید و لو فی معرفة الماهیة و لو مع التمکن من العلم علی الأظهر و فیما عدا ذلک من سائر الظنون فالأقرب الحاقها بالشک. و إن حصل الشک فیها فإن کان مع العلم بحالة سابقة لم یعلم بحدوث حالة سابقة مغایرة لها بنی علی الحالة السابقة و لحقها الحکم بالصحة و البطلان ما لم یتوقف دماها علی أمر ینفی بالأصل کالطهارة الموقوف دوامها بعد الموت علی شرط التذکیة المنفی بالأصل أو تقم حجة شرعیة تعبدیة. و إن لم تعد المظنة علی ما ینافی ذلک فیدور الحکم مدارها کما فی شهادة العدلین مطلقاً و اخبار ذی الید فی الطهارة و النجاسة و فی الملکیة و عدمها و الأذن من المالک و عدمه و حصول الید من الانسان علی ما شک فی ملکیته له فإن الأظهر عدم مراعاة الظن فیها جمیعاً. و إن کان لم یعلم بالحالة السابقة أو علم و نسی أو علم و علم حالة أخری مغایرة و شک فی التقدم و التأخر فهناک صور:

أحدها: لو شک فی أصل الستر بنی علی عدمه.

ص: 116

ثانیها: لو شک فی الغصب فإن کان الشک فی الأذن أو الشک فی ملکیته و ملکیة الغیر فإن لم تقم حجة شرعیة فکذلک. و إن قامت فإن کانت ید الغیر أو شهادة عدلین حکمت بالحل و ان علم بوجود المغصوب و حصل الاشتباه معه یحصر أو غیره و إن کانت ید شخص نفسه فالأظهر إنه مع الاشتباه یجری فیه ما سیجی ء من التفصیل بین المحصور و غیره.

ثالثها: لو شک فی نجاسة الثوب مثلًا أو البدن بنی علی الطهارة الّا فیما حکم الشارع بنجاستها کالملاقی للرطوبة الخارجة قبل الاستبراء، و یجری فی الثوب ما سیجی ء من التفصیل بین الحضر و عدمه.

رابعها: و لو شک فی کونه حریراً أو ذهباً أو جلد غیر مأکول اللحم أو صوفه أو عظمه أو شیئاً منه لم تصح الصلاة به سواء کان الشک بین فرد من الحریر محصور اتحد فیهما أو تعدد فیهما أو اتحد فی أحدهما أو تعدد فی الآخر و کذا الذهب و غیر المأکول أو کان بین أفراد غیر محصورة فیهما و لا عبرة بحصر الأجناس و عدمه. إنما المدار علی حصر الأفراد و عدمه أو کان بین فرد من غیر الحریر محصور فی أفراد من الحریر غیر محصورة. أما لو انعکس الحال بأن کان فرد الحریر محصوراً و افراد غیره مما لبسه غیر محصورة فالأقوی صحة الصلاة به، و عدم الالتفات إلی هذا الشک، هذا بالنسبة إلی الصلاة الموقوفة صحتها علی العلم بحصول شرطها من اجتناب أجناس مخصوصة لم یجعل الشارع أصلًا فیها و لا ضابطة یرجع الیها مع الاشتباه و الأصل الموضوعی فیها متعارض متساقط أما بالنسبة إلی اللبس فیما یحرم لبسه و کذا بالنسبة إلی الصلاة حیث یکون المنع فیها تابعاً للتحریم کالمغصوب. فالظاهر قصر التحریم و یتبعه البطلان علی الصورة الأولی و الثالثة لحصول العلم بالحرام فیهما أو لانعقاد الإجماع کذلک أو لظاهر النصوص الواردة فی الجزئیات الکثیرة أو لسقوط حکم أصل البراءة و الإباحة الشرعی و العقلی لحصول التعارض فیه القاضی بلزوم الاجتناب، أما الصورة الثانیة فالأقوی سقوط حکم التحریم فیها کالرابعة و حیث أن الشارع قد جعل الطهارة أصلًا یرجع الیه عند الاشتباه و الأصل الشرعی بمنزلة العلم کان الحکم فی مشکوک النجاسة فی الصلاة، کحکم المشکوک فی جواز اللبس فیمنع منه فی الاولی و الثالثة یجوز فی الثانیة و الرابعة، و مما ذکرنا یتضح لک حکم الشک فی کثیر مما مضی و سیأتی هذا کله فیما لم یقم دلیل شرعی خاص علی جواز الصلاة فیه. أما ما قام فیه الدلیل فیتبع مورده و قد قامت السیرة و العسر و الحرج علی إنه لو اشتبه فی المتصل بالثیاب أو البدن من غیر

ص: 117

المأکول أو فی الجزء من الثیاب مع أصدق الاسم بدونه فلا بأس بالصلاة به و لا یلزم ازالته و ازالة ما لم تحصل المظنة بکونه من ذلک. فإن الأقوی حینئذ عدم استثنائه و بطلان الصلاة فیه و الأحوط فی الجمیع الترک، ثمّ ان ما ذکر وحدة المشکوک فیه أو تعدده و عدم العلم بوجود القابل أولا، و أما لو تعدد و علم بحصول القابل فی ضمن المتعدد و اشتبه القابل للصلاة بغیره فإن امکن الصلاة بغیر المشتبه لزم ذلک و لم تجز الصلاة بالمشتبه اذ الاحتیاط أنما یشرع مع عدم التمکن من اصابة الواقع بدونه و إن لم یمکن ذلک فیه و لا فرق فی الاشتباه علی الظاهر بین الشک و حصول الظن الّا ان یکون معتبراً شرعاً فإن کان الاشتباه فی فردین متحدین أو فی افراد قابلة الصلاة متعددة و فرد واحد غیر قابل، صلّی کل صلاة واحدة واجبة أو مستحبة علی الأظهر من مشروعیة مثل هذا الاحتیاط فی المستحبات صلاتین و لا یسوغ ازید من ذلک و لو تعدد کل من القابل و غیر القابل، أو تعدد غیر القابل و اتحد القابل صلّی صلوات بعدد غیر القابل و زاد صلاة واحدة یعلم فیها مصادفتها القابل. إلّا إذا کان الغیر القابل أو بعض أفراده المغصوب بالنسبة إلی الرجال و النساء فإنه یسقط وجوب الصلاة عنهم عن اللباس و علیهم الصلاة عراة حتی علی القول بصحة الصلاة معه لو تعمد الاثم و فعل و کذا الحکم فی کل مشتبه بالحرام إذا تابا بالنسبة إلی من حرم علیه فإن تعلق التحریم به لخصوصه جری علیه الحکم. و إن حرم علیه لکونه امرأة و کان ذلک مما یحرم علی النساء کلبس ذی الرّجل لها، أو حرم لکون ذلک مما یحرم علی الرجل کلبس ذی النساء و الحریر و ما فیه الذهب بالنسبة إلی الرجال فإن علیهم الصلاة عراة حینئذ و لو تعمّد و افعل ذلک بطلت صلاتهم فی جمیع ما ذکر علی الأظهر، و کذا لو وقعت واحدة منهن عن ذهول أو الجمیع عن ذهول إلّا واحدة عمداً وجبت الإعادة فی الوقت و القضاء خارجه سواء تفطّن فی الأثناء أو استمر الذهول إلی تمام الصلاة علی اشکال فی الأخیر نظراً إلی أنه شک فی صحة العمل بعد الفراغ منه، و الأقوی الأول أجزاء لهذا المشکوک فی نظر الشارع بمنزلة المعلوم فیسقط القضاء و الإعادة فی المشتبه المغصوب و نحوه مع الصلاة ذاهلًا. و فیما یجب فیه التعدد لو فعل واحده مع الذهول لا یسقط عنه الإتیان بالباقی و من هنا یظهر فیما نحن فیه قوة لزوم الإعادة بعد التمکن من لباس قابل و مع عدمه الإعادة عاریاً لو ذهل عن الجمیع و لزوم القضاء فیه و فیما مرَّ لو ترک الجمیع أو البعض عن نسیانٍ أو عمدٍ و یلزم فی القضاء کالإعادة مرة واحدة و لا حاجة إلی التعدد فی القضاء. و مع عدم اتساع الوقت فیما مرَّ لفعل الجمیع أتی بالممکن و لا قضاء و جمع بینه و بین الصلاة عاریاً إن تمکن مع الاشتباه بغیر النجس و الأصلی عاریاً فقط و هو غیر بعید فی الصورة الأولی أیضاً و مع الاشتباه بالنجس یصلی بالممکن علی الظاهر فلو تلف بعض المشتبه فإن کان بتلفه قد ارتفع العلم بوجود القابل فالأظهر رجوعه إلی حکم المشکوک فیه ابتداء مع الحصر من أنه بمنزلة المعلوم فیترک و یصلی عاریاً فی غیر النجس و احتمال لزوم الصلاة به مع الصلاة عاریاً له وجه و یتخیر فیه فی النجس. و إن لم یرتفع العلم رجع حکمه إلی ما مرَّ ثمّ أن مدار الفقد فی الساتر علی عدم امکان التستر عادة أو شرعاً و لو لحصول ضرر من بذل المال فی شرائه و تحصیله و مع عدم حصول الضرر فلا یبعد سقوط الوجوب مع الإجحاف و مع عدم الإجحاف و لو زاد علی ثمن المثل و لا تنتقل مرتبة منه إلی مرتبة ثانیة مع التمکن من سابقتها و فی سقوط حکم التعدد فی محل الاشتباه مع حصول التمکن ببذل الزیادة علی ثمن المثل وجهان، أقواهما ذلک و عدم مشروعیة الاحتیاج حینئذ و لو کان ممنوعاً شرعاً من ملکیة الساتر فملکه لزم التستر به، و فی الحاق بذل المال دفاعاً أو قبول الهبة

ص: 118

و العاریة و الصدقة بالتمکن وجهان معلومان اقواهما نعم، فی حق من لا غضاضة علیه فی ذلک.

المقصد الثامن: فی مکان المصلی

و هو عبارة عن الفراغ الذی یشغله المصلی أو جزء منه فی تمام الصلاة أو فعل منها أو جزءه أو یستقر علیه کذلک و لو بوسائط، و شرائطه عدیدة:

أولها: کونه مباحاً الصلاة به و الکون فیه حالها و ان کان غاصباً متعدیاً فأعادها و لو اباح المالک الصلاة علی فرض بقاء المنع عنه و رفع یده عنه فالأقرب إنه لا إباحة و لا فرق فیها بین ان تکون عن ملکیة عین أو منفعة أو اذن من المالک أو وکیله أو ولیه فعلیة أو قولیة صریحة أو ظاهرة أو قطعیة محققة أو مقدرة بعد فرض العلم، و لا یشترط معرفة المالک و الولی و یشترط فی اذن الولی کونه مما له الأذن فیه شرعاً کالوکیل، فالولی الإجباری له الأذن ما لم تحصل مفسدة و الحاکم و الوصی یأذنان مع المصلحة فی مال الأطفال، و کذا فی مال المجانین و السفهاء علی الأظهر مع احتمال الاکتفاء فیه برفع المفسدة و کذا الوصی فی مال الثلث و فی مال الغائب یتولی الحاکم رفع المفسدة لا غیر فیکون اذنه معتبراً فیها فقط فلا عبرة حینئذ بمجرد العلم بإذن الولی. و إن علم تعدیته و یکفی العلم بإذنه مع احتمال الموافقة الشرعیة و لا یکفی العلم برضا المولی علیه مع فرض زوال الحجر عنه و یعتبر اذن الحاکم فیما له الولایة علیه من الحقوق العامة و یکفی فیها عدم المفسدة، و کذا یعتبر فی الأوقاف اذن المتولی العام أو الخاص فیما یتوقف رجوعه إلی المتولی و الّا کان کالمباحات انما مدارها علی الأذن الشرعی و لو فعل حراماً فی أصل الملک ثمّ ملک لم یکن بأس فی الصلاة فیه و کذا لو فعل حراماً فی الاستئذان ثمّ جعلت الأذن بل لو حرمت الأذن شرعاً لم یمنع من جواز التصرف بالأذن المالکیة الّا أن تقوم بفصل لم یحصل فهناک تنتفی بانتفائه کالأذن المجامعة للبیوع و الإجارات الفاسدة و کذا الأوقاف و الصدقات فیحتاج إلی اذن أخری و کما یفتقر إلی اذن المالک یفتقر إلی اذن صاحب الحق سواء کان له الانتفاع کالحجر أو لیس له کالمرتهن عنده و فی الحاق من سبق إلی الوقف بذلک وجه قریب و أن احتمل خلافه، فلو صلّی فی مکان مغصوبة أرضه و فی حکمها الدابة و السفینة و نحوهما أو فضائه أو فراشه أو مغصوب شیئاً منها عالماً بالغصب مع العلم بالحکم أو جهل غیر معذور فیه و مع التذکر و النسیان حال الصلاة إذا تعمد اللبث علی نحو ما مرَّ فی اللباس، و یکفی الغصب عدم العلم برضا المالک أو ولیه بطلت صلاته و لو صادف کون من اکوانها ذلک فعلًا کان أو مقدّمته، و لو کان مستحباً کما لو غضب بجلسة الاستراحة أو بوضع المسجد المستحب، أما لو شمّر یده إلی فضاء مغصوب سواء کان حال قنوت أو حال رفع إلی تکبیرة أو غیر ذلک فأشکال و البطلان قوی، و کذا لو کان الغصب فی سقفه و جدرانه مما یکون جزء منها و لو جصاً مملوجاً علیها لاستلزامه حرمة الفضاء حاذی محل الغصب أو بَعُدَ عنه ما لم یکن بعداً فاحشاً لا یصدق معه التصرف کسور البلد. أما ما یکون زینة فیها من نقش و غیره، ففی الحاقه وجه، الأقرب عدمه و فی حکمه بیت الشعر و نحوه و أطنابه و حباله و أوتاده و کذا ما یدل علیه أو یوضع ساتر فی وسطه، و یقوی الحاق سرج الدابة و وطائها و نعالها، حیث تکون الصلاة علیها و حیث أن بطلان الصلاة بفوات شرط الاباحة تابع لثبوت التحریم فیها خطابیاً أو عقابیاً لاستلزامه له استلزاماً عقلیاً أو ظاهریاً أو لانعقاد الاجماع فیه محصلًا و منقولًا أو لدلالة بعض الأخبار

ص: 119

علیه، کما مر فی اللباس و یزیده ما ورد فی تحلیل المساکن لصحة العبادة کان المدار علی تحقق الحرمة و الإثم الشرعی و ما یستثنی مما یحکم فیه بالصحة. فهو استثناء منهما و هما دائران مدار صدق التصرف و الاستعمال و الانتفاع عرفاً کل بحسبه و لو لم یحصل صدق اسم المکان و متی حصل الشک فی ذلک کان الأوفق عدم الحکم بالبطلان و من هنا لم یخص هذا الشرط خصوص الصلاة بل هو جار فی عبادة افتترت إلی حیّز استلزمت صدق التصرف المحرم و لو بواسطة مقدماتها القریبة، و لا فرق فی الأمراض الغیر المعلوم اذن المالک بها بین الدور و العقارات و البسیطة الضیقة منها و الواسعة الغیر متسعة.

و أما الصلاة فی الأماکن المغصوبة و ما لا یعلم اذن المالک بها المتسعة فجائزة لغیر الغاصب ما لم یعلم کراهة المالک لذلک للعلم برضا المالک فتکون من الفحوی أو الحاقاً لهذا الظن، بالظن الناشئ من ظواهر الأفعال فیکون من شاهد الحال للإجماع أو السیرة أو لزوم الجمع، حیث یتوقف علی الأذن مثل ذلک، هذا إذا لم یتجاوز الاتساع بحیث یحصل من المنع عنه ضیق للمسلمین و مشقة و تعطیل لمارّتهم و استطراقهم، أما إذا وصل الاتساع إلی ذلک فالذی یظهر سقوط حق المالک و حصول الأذن من المالک الأصلی الحقیقی و لا عبرة بمنع المالک الصوری و کراهته و فی أجزاء ذلک فی حق الغاصب نفسه وجهان الأقوی عدمه عقوبة له، و لو حبسه ظالم فی مکان مغصوب علی هیئة لا یسعه غیرها و لو خوفاً، صلی فیه علی تلک الهیئة صلاة واجبة أو مستحبة و لو اختلفت هیئات حبسه راعی أقرب الهیئات إلی الصلاة و صلّی علیها، أما لو حبسه لا علی هیئة خاصة تخیّر فی أی هیئة شاء تقع الصلاة علیها و یلزمه مراعاة أقل الهیئات تصرفاً علی حسب امکانه و ساغت له الصلاة ما لم تستلزم الصلاة تصرفاً زائداً علی أصل الکون و لو دار الأمر بین التصرف فی الفضاء بقیام و التصرف فی الأرض بجلوس أو اضطجاع تخیّر، و لو خرج من المغصوب بعد ان کان عاصیاً بدخوله و بقائه و صلّی فی خروجه عند ضیق الوقت مومیاً لرکوعه و لسجوده بالعینین و مستقبلًا القبلة بحسب امکانه صحت صلاته و الأحوط الاعادة، و لو صلی قبل الضیق و الحال هذه حیث تسوغ له الصلاة ماشیاً فالأقرب البطلان للاستلزام الظاهری بین الحرمة العقابیة و البطلان و یدفعه حال الضیق، أما مع السعة فلا و کذا تصح صلاته مع السعة خارجاً حیث لا حرمة عقابیة فی خروجه لدخوله بأذن المالک أو عن اضطرار أو غفلة ثمّ خرج نوراً مع التفطن و التمکن و لو أذن المالک له بالدخول فصلی الداخل أو صلی بأذن فحوائیة أو عن غفلة أو اضطرار ثمّ منع المالک فی اثناء العمل فالأقوی القطع و البطلان مع سعة الوقت و الصلاة خارجاً مع ضیقة و لو اذن فی الصلاة ثمّ منع فالأقرب المضی علی الصلاة مع السعة و الضیق من دون قطع و لا خروج لإسقاط حق المخلوق المعرض لحق الخالق ابتداء و استدامة بإذنه فی الدخول و الصلاة و تقییده بقید الشرع.

ثانیها: أن یکون مما یستقر علیه فیما یلوم فیه الاستقرار من رکوع أو سجود بقدر الذکر الواجب أو قیامه حال القراءة أو بعد الرکوع أو قبل الرکوع بعد القراءة علی قول أو جلوس بین السجدتین، فلا تصح الصلاة علی مثل بیدر التبن أو الرمل و نحوهما مما لا یحصل علیه استقرار، أما ما لا یحصل به استقرارا فی بقیة أفعال الصلاة مع حصول القرار فی المکان فلا أری به بأساً الا ان یدخل تحت الفعل الکثیر أو الماحی للصلاة، و من هنا لو کان مضطرباً اول الوقوف قبل الدخول فی القراءة أو أول السجود قبل التلبس فی الذکر الواجب ثمّ استقر جاز الّا مع بطؤه، و الأحوط اجتنابه و هذا الشرط کالذی قبله جاریان فی الصلاة الواجبة و المستحبة.

ص: 120

ثالثها: فی خصوص الفریضة بالأصالة و لو کانت صلاة کسوف أو بالعارض علی الأظهر و هو أن لا یکون سفینة و لا حیواناً مما یتحرک بحرکة سائرین مطلقاً أو واقفین مضطربین أمکن الاتیان بأفعال الصلاة فیهما تماماً حتی الاستقرار و الطمأنینة فإنها لا تنافی الحرکة العارضة بسیر السفینة عرفاً، و کذا الاستقبال أو لم یمکن هذا بالنسبة إلی الدابة و نحوها من المحامل لا تأمل فیه علی اطلاقه سفراً و حضراً للإجماع محصلًا و منقولًا للأخبار المعتبرة و فیها الصحیح مع أنه ربما یدعی عدم امکان الاستقرار و الطمأنینة فیها لحصول الاضطراب بحرکة الحیوان المنافی للاستقرار، و هو غیر بعید و کذا بالنسبة إلی السفینة مع عدم استیفاء الأفعال و الشرائط تحکیماً لأدلتها مع موافقة الاحتیاط و الاخبار المسوغة للصلاة فی السفینة مطلقاً معارضة بمثلها مع إنه لا صراحة فیها بکون السفینة سائرة. و إن أشعر بعضها بذلک لما فیها من التشبیه بصلاة نوح فالحکم بأن للسفینة صلاة أخری مغایرة للصلاة شرائط و اجزاء فی غایة البعد، و أما مع الاستیفاء فالذی یقضی به کثیر من الأخبار المانعة عن الصلاة فی السفینة و الملزمة للصلاة خارجاً مع ما ورد أن المحمل بمنزلة السفینة مع الشک فی حصول شرط الاستقرار و الطمأنینة الثابت نصاً و فتوی لأحتمال زوالهما بحصول هذه الحرکة العارضیة مع دلیل الاحتیاط و دعوی بعض الاساطین أنه ظاهر الأصحاب. إنما هو المنع و لزوم الصلاة خارجها و ما یعارضها مما دلَّ علی جواز الصلاة فی السفینة، فمنزل علی الاضطرار کما یشهد به أن مورد اکثرها عدم امکان استیفاء الأفعال و عدم امکان الاستقبال و ربما کان فی تشبیهها بصلاة نوح (ع) کما اشتمل علیه کثیر منها ارشاد إلی ذلک، و مما ذکرنا یظهر قوة بطلان الصلاة لو صادفت حرکة السفینة ما لا یشترط فیه الاستقرار أیضاً مع احتمال تحقق الفعل الکثیر فی ذلک أیضاً هذا کله مع الاختیار، و لو تعذّر فعلها علی الأرض لمرض أو خوف و لو علی مال نفسه أو مال مؤمن من غیره و لو یسیراً معتداً به صحَّ، و لو تمکن من بعضها علی الأرض و تعذر البعض الآخر فالظاهر سقوط حکم الأرض بل تقدم الصلاة علی الراحلة و السفینة و یسقط التلفیق الا عند الضیق و یجری فی کل منهما أفعال الصلاة و أجزائها علی حسب الإمکان بالنسبة إلی الفرد الواحد و الأفراد المتعددة و فی لزوم تحری السیر بطء و سرعة وجه قریب و کذا فی تقدیم السفینة مطلقاً علی الراحلة و تقدیم الراحلة مع التمکن من القیام علی المشی، أما بدونه فیقدم المشی علی الأظهر و یلحق بالسفینة جمیع ما یمشی علی وجه الماء و بالراحلة جمیع ما یمشی علی وجه الأرض و لا یبعد الحاق ما یمشی فی الهواء بالسفینة و کذا یلزم أن یتحری المصلّی القبلة الاختیاریة أو الاضطراریة بقدر امکانه معهما أن أمکن و الّا دار إلی القبلة حیث یتوجهان إلی غیرها. الّا مع لزوم ما یمحو الصورة فلا یبعد سقوطه و لا فرق فیما یتحری به بین الکثیر و القلیل قولًا و فعلًا فیجب التحری و لو بتکبیرة الإحرام. بل ربما یقال بلزوم ذلک و لو ببعضها أو بشی ء من القراءة أو بعض الأفعال أو مقدماتها، و روی أنه إذا عصفت الریح بمن فی السفینة و لم یقدر علی الدوران إلی القبلة صلّی إلی صدر السفینة، و کذا روی لزوم التحری للرجل لا یدری این القبلة. فإن لم یدر صلی نحو رأسها و العمل بها علی جهة الاستحباب قوی و کذا یلزم الإتیان بالممکن من کل فعل و من مقدماته فیلزم الانحناء إلی الرکوع ما أمکن و أن لم یصل حد الراکع و کذا إلی السجود و یلزم وضع ما أمکن من المساجد. و إن یرفع إلی جبهته أو ما قام مقامها ما یسجد علیه اختیاراً أو اضطراراً، و فی الأخبار بعد الاحتیاط و شمول لا یسقط المیسور بالمعسور دلالة علیه ایماء و تصریحاً و لو کانت السفینة واقفة أو الراحلة کذلک فلا بأس

ص: 121

بالصلاة علیها، مع التمکن من أفعال الصلاة و شرائطها و لم تکن فی معرض الحرکة قبل تمام الصلاة و لو احتمالًا و أدلة المنع غیر شاملة لهذه الصورة لانصرافها إلی السائرة أو ما کانت فی معرض السیر و مع الشک فی حصول الحرکة فی الاثناء و التمکن من الصلاة فی غیرها وجهان من الاستصحاب و من شمول أدلة المنع الّا ما علم أو اطمأن ببقائه، و عدم حصول النیة مع عدم الاطمئنان بتمام العمل فالأوجه الأول للقدح فی شمول أدلة المنع لذلک و منع عدم حصول النیة مع التردید بحصول البناء و الأقدام علی أحد الطرفین و لو سلم ذلک فالبناء علی الاستصحاب یدفعه و لو تمکن من بعض الصلاة فیها مستقرة لزمه أن یأتی منها بما امکن مع الاستقرار ثمّ أن صور الدوران حیث یحصل الاضطرار بین الافعال بعضها مع بعض و بینها. و الشرائط کالقبلة و السر و الاستقرار و بین الشرائط بعضها مع بعض و بین الکثرة فی فواتها مع وحدة الجنس و القلة و بین الوحدة فی الفائت و تعدده و بین الشدة فی بعضها و الضعف کثیرة لا حصر لها، و الأدلة و الفتوی خالیة من اکثرها فلا مرجع فی ذلک فیما خلی استنباطه من الادلة الّا إلی نظر الفقیه فیما یری اهمیته فی نظر الشارع قدمه و عند التساوی حکم بالتخییر. و حیث أن فوات الاستقرار کسائر أحوال الاضطرار و الصلاة معه عن صلاة ذوی الاعذار کان من اللازم تأخیر الصلاة مع الاطمئنان و المظنة بزوال العذر الا حیث یکون الاضطرار للتقیة فإن الأقوی جواز المبادرة فیها و الأقوی جواز المبادرة بالصلاة، مع العلم و الاطمئنان ببقاء العذر و الاحتیاط لا یخلو من وجه و کذا مع الشک فی الزوال و البقاء فلا یبعد جواز المبادرة ایضاً، و الأحوط تأخیر الصلاة مع إمکان الأرض و الاستقرار فیها أو فی غیرها إلی آخر الوقت.

رابعها: فی الفریضة فقط و هو أن لا تکون فی جوف الکعبة و لا علی سطحها اختیاراً کما هو مقتضی جعلها قبلة و مقتضی أدلة الاستقبال و تولیته الوجه و التوجه من کتاب و سنة فإنها ظاهرة فی کون المستقبل خارجاً عن المستقبل و أن کان یکفی فی صدق ذلک استقبال جزء منها و مقتضی الأخبار المتکثرة، المشتملة علی الصحاح الناهیة عن صلاة المکتوبة و النافیة لصلاحها فی الکعبة و الناهیة عن الصلاة علی ظهرها الموافقة للاحتیاط المؤیدة بالإجماع المنقول. و بما ورد من الصلاة فیها إلی أربع جوانب إذا اضطر إلی ذلک و ما ورد فی الذی تدرکه الصلاة و هو فوق ظهر الکعبة انه ان قام لم یکن له قبلة و لکن یستلقی علی ذلک قفاه و یفتح عینیه إلی السماء و یقصد بقلبه القبلة التی فی السماء البیت المعمور و لا معارض لذلک سوی بعض الاخبار غیر صحیحة قابلة للحمل علی النافلة أو الاضطرار و لکن حیث ان الاصحاب مع ظهور مدرک التحریم اعرضوا عنه و أفتوا بالکراهة کان القول بها و عدم الخروج عما اشتهر بینهم و تلقوه بالقبول غیر بعید، فإن صلی فی جوفها اضطراراً أو نفلًا صلی إلی أی جانب من جوانبها و إن صلی علی السطح اضطراراً أو صلی نفلًا قدّم بین یدیه شیئاً منها.

خامسها: أن لا یجتمع فیه صلاة رجل و امرأة دون الصبی و الصبیة الممیزین علی أقوی الوجهین. و ان قلنا بشرعیة صلاتهما فلا بأس بصلاة الصبی مع الصبیّة و صلاة الرجل مع الصبیة و صلاة المرأة مع الصبی، و أما الخنثی فإن الزمناها بالاحتیاط جری علیها حکم المرأة إذا کانت مع الرجل و حکم الرجل إذا کان مع امرأة و حکم المرأة و الرجل لکل من الخنثیین إذا کانت خنثی مع خنثی. و إن أجرینا الأصل فیها جری علیها حکم المماثل فی الصور الثلاث و الأقوی فی شرائط العبادة مراعاة الأول و یعتبر صحة الصلاتین عند الاجتماع لولاه و اقترانهما بدایة و فی الحاق اقترانهما فی الاثناء و هما صحیحتان. و إن سبقت إحداهما الأخری

ص: 122

فی الوجود وجهان أقواهما ذلک إذا کان عن اختیار لعموم الحکم للأجزاء و لو قیل بلحوق الحکم لصلاة من کان سبب الاجتماع دون صلاة من لم یکن سبباً لکان له وجه، فلو کانت احداهما فاسدة من غیر حیثیة الاجتماع لم تؤثر فی الصحیحة شیئاً الا مع عدم العلم بالفساد فتحرم الصحیحة أو تکره للأقدام کما لو اعتقد وجود الصلاة المنافیة و صلّی و لم یکن هناک مصلّی و یکفی فی العلم بفسادها اخبار فاعلها سبقها أو لحقها، و لو اعتقد الفساد فبانت الصحة أو لم یعلم بوجود مجتمع معه ثمّ علم فلا تحریم و لا کراهة إذا بان بعد الفراغ، و علی القول بالشرطیة فالأقوی انه علمی و اذا انکشف فی الأثناء فإن أمکن الافتراق فوراً و هو علی حال صلاته تعلّق الحکم بالمتمکن منهما. و إن لم یتمکن من الافتراق إلی مضیّ الوقت سقط الحکم فی حق المتمکن، و أما مع التمکن من الافتراق فی الوقت فبناء علی الکراهة یسقط حکمها و بناء علی الشرطیة یقوی القطع و الأبطال و بناء علی التحریم وجهان من تعارضه مع حرمة ابطال العمل و لو سبقت احداهما ثمّ ابتداء بالثانیة حین الاجتماع، فالأقرب لحوق الحکم کراهة أو تحریماً أو شرطیة للثانیة فقط، و لا یلحق الأولی شیئاً و لو صحت الثانیة لاضطرار أو عدم علم بقیت الأولی علی حکمها أیضاً ان لم یتمکن صاحبها من الافتراق من دون منافٍ و یحتمل انتقال حکم الثانیة الیها مع التمکن من ایقاعها من دون اجتماع بناء علی الشرطیة، و هو وجه قریب و لا فرق فی الصلاتین بین اتحادهما فرضاً أو نفلًا أو تغایرهما و الرکعات الاحتیاطیة منها و کذا الأجزاء المنسیة، و لا یدخل سجود السهو علی اشکال، ثمّ أن هذا الحکم لیس علی اطلاقه بل لا یجتمع صلاة رجل و امرأة الّا و الرجل مقدم علیها و لو بعقبیه أو بمنکبیه لتحقق الخلفیة بذلک. و فی معناه ما فی صحیح زرارة من الاستثناء من صلاة المرأة بحیال الرجل أن یکون قدّامها و لو بصدره و کذا ما فی خبر عمار من نفی البأس عن صلاة المرأة خلف الرجل و أن أصابت ثوبه. و ما فی مرسلتی ابن فضال و ابن بکیر من نفی البأس إذا کان سجود المرأة مع رکوع الرجل و لعل المراد به محاذاة موضع سجودها لما یسامت رأسه عند الرکوع لا ما یسامت رکبتیه و ان صرح به فی روایة ابن سالم فیما إذا أمّ الرجل المرأة الّا أنه لیس فیها ذکر الرکوع فیحتمل ارادة الرکبتین حال الجلوس و هو قریب من مسامتة الرأس فی الرکوع فمحمول علی فضیلة و ما ورد من اعتبار الشبر فی الفصل أو هو أو عظم الذراع أو عظم ذراع أو ما لا یتخطی أو قدر موضع رحلٍ. فإن نزل علی صورة التقدم فمحمول، أما علی المثال أو علی اختلاف الفضیلة فی مقدام التقدم و حیث لا تقدم یثبت الحکم فی الجهات الثلاث و یسقط الحکم إذا کانت فوقیة أو تحتیة بحیث لا یحاذی جزء من بدن احدهما جزء من بدن الآخر فی فعل من أفعال الصلاة لعدم صدق الحذاء و الجنب و الحیال فیها و عدم انصراف الاطلاق الیها أو کان بینه و بینها عشرة أذرع بذراع الید من موقفه إلی موقفها و لو لوحظ موضع سجوده إلی موقفها فی صورة تقدمها حتی تصدق البینونة فی جمیع أحوال الصلاة کان اولی و اعتبار الأکثریة من العشرة فی موثقة عمار للعلم بتحققها و لا یلاحظ هذا المقدار فی الفوقیة و التحتیة، لا بالنسبة إلی جهة العلو مستقیماً و لا بالنسبة إلی ما سامته فیسقط بعد العلو رأساً الا حیث یمنع الرؤیة فیکون کالحاجز و لا یراعی من محل السافل إلی محل العالی تسریحاً أو یکون بینهما ما یمنع الرؤیة فی جمیع أفعال الصلاة، کما هو ظاهر مورد الفتوی و الروایات من اطلاق الحاجز و الستر و الحائل و روایة قرب الاسناد النافیة للبأس فی الحائط الطویل و القصیر و روایة علی بن جعفر النافیة للبأس عن صلاة رجل فی مسجد حیطانه و امرأة تصلی حیاله یراها و لا تراها ما ینافی ذلک و تنزیلهما بعید، و المدار علی صدق الحائل و الحاجز فلا فرق بین غمض عینیه و من لم یغمض و لا بین الظلمة من غبار و دخان و نحوهما

ص: 123

و عدمهما و لا فرق بین الاعمی و البصیر و اللیل و النهار، و کل من تأخر بالصلاة عن صاحبه أو اقترنت صلاته مع صاحبه اعاد الصلاة فی الوقت و قضاها خارجه بناء علی الشرطیة من غیر فرق بین الزوجین و المالک و مملوکته و المحارم و الاجانب صلت المرأة بصلاة الرجل أو منفردة، و علی القول بعدم الشرطیة یلحقها حکم التحریم و الکراهة کذلک و یسقط جمیع ذلک مع الاضطرار إلّا أنه بناء علی الشرطیة هو عذر کسائر الاعذار فیعتبر فیه الاطمئنان بعم الزوال و احتماله، أما مع الاطمئنان بالزوال فلا یقع العمل صحیحاً الّا مع التقیة. و إن کان الاثم مرفوعاً، و من هنا بان إن ضیق المکان لیس من الاضطرار المسوّغ مع سعة الوقت بناء علی الشرطیة و التحریم بل و لا یرفع الکراهة و ما ورد منه فی مکة فأما لخصوصیة فیها أو لبیان حال الاضطرار فیها. و إنه لا تنفک الرجال فیها عن النساء و حینئذ یتخیر کل منهما فی تقدیم صلاته، و فی صحیحة ابن مسلم ما یدل علی تقدیم صلاة الرجل، و یظهر ذلک أیضاً من روایة ابن بصیر و هما منزلان علی الاستحباب و لا یخص المحمل کما هو موردهما و لا یبعد الحکم بالأفضلیة لها. إن تقدم الرجل و أن کان المکان لها مختصاً أو مشترکاً و حیث ورد نفی البأس عن صلاة الرجل و المرأة تصلی بحذاه و ورد أنه لا ینبغی ذلک الظاهر فی الکراهة، و وردت الرخصة فی مکة و أنه انما یکره فی سائر البلدان و دلّت الروایات المعتبرة و فیها الصحیح علی جواز صلاتهما إذا کان بینهما قدر شبر أو بینهما ما لا یتخطی أو قدر عظم ذراع أو قدر موضع رجل أو شبر أو ذراع مع التصریح فی بعضها بأن المرأة علی یمین الرجل بحذاه، و علی جواز صلاتهما مع وجود الحائل الذی لا یمنع الرؤیة کان الأقوی إن ذلک علی الفضل و الاستحباب لا علی الفرض و الایجاب اذ به یحصل الجمع بین الأخبار مع أن شدة اختلافها فی أصل الحکم و الحائل و البعد قرینة ارادة الاستحباب و اختلافها باختلاف مراتبه بل ارادة الکراهة عند عدمه علی اختلاف مراتبها و ربما کانت الأکثریة فی جانبها. و إن کان الأحوط المحافظة علی التجنب للأخبار الکثیرة الدالة علی المنع منطوقاً و مفهوماً و ربما ظهر من بعضها الحکم بالبطلان مع الاجماع المنقول و دلیل الاحتیاط هذا فیما إذا صلیا معاً و لو صلی أحدهما و الآخر قائم أو نائم أو جالس فلا بأس محللًا کان أو محرماً.

خامسها: طهارة المکان فی موضع الجبهة بمقدار اللازم من السجود و الاولی مراعاة جمیع المسجود علیه منها سواء تعدت النجاسة، و کانت غیر معفو عنها أو لم تتعدّ و سلامته من النجاسة المعفو عنها و غیر المعفو المتعدّیة بنجاسة لا یعفی عنها إلی محل لا یعفی عنه فی غیرها مساجد کانت أو غیرها فلا تضر نجاسة محل البدن المشتملة علیه الثیاب أو العاری مع عدم رطوبته، إذا صادف یبس الثیاب و یبس البدن أو حصل فاصل یمنع وصول الرطوبة، و کذا لا یضر إذا تعدّت نجاسة یعفی عنها کما دون الدرهم من الدم أو کان دم جرح أو قرح أو تعدّت إلی محل یعفی عنه کالتکة و القلنسوة، و أما موضع الجبهة من القدر اللازم فی السجود و الأحوط مراعاته مطلقاً فلا بد من کونه طاهراً شرعاً، و لا یکفی عدم الحکم بالنجاسة کما فی المشتبه المحصور و لو وضع علی النجس عیناً أو متنجساً طاهراً و سجد علیه فلا بأس به و ان فعل حراماً بوضعه بل و إن فعل حراماً ببقائه فی حین السجود کوضع التربة الحسینیة علی نجاسة ساریة بل و غیر ساریة علی اشکال فی ذلک ما لم یستلزم السجود انتفاعاً محرماً کوضع المسجد علی جلد میتة فالأقرب البطلان.

سابعها: مساواة موضع القدمین عند الوقوف علیهما و لا عبرة بحال السجود علیهما و إن کان الأولی بل الأحوط مراعاة ذلک فی الحالین و لو تفاوت موضع القدمین احتمل مراعاة ما به، یحصل الزیادة و مراعاة الناقص و الأحوط الأول و لو اختلف محل القدم الواحد فالمدار

ص: 124

علی محط الثقل، و موضع الجبهة فی الذکر الواجب و غیره فی صلاة الجالس یحتمل سقوط تلک و مراعاة القدمین فی السجود و مراعاة محل الجلوس و لعل الأول اظهر و مراعاة الحالین الأخیرین مطلقاً احوط و مع التفاوت فی موضع الجبهة علواً أو انخفاضاً یراعی المحل الناقص اذ به یحصل محل مسمی السجود شرعاً، و عدم ارتفاع موضع الجبهة علیه فی غیر التسریح بیّناً أو غیر بیّن ما لم یتجاوز حتی یخرج الساجد علیه عن مسماه و الأحوط فی البیّن منه الصادق علیه اسم العلو و عدم التساوی اجراء غیر المسرح علیه فیراعی عدم الارتفاع بأکثر من أربعة أصابع عرضاً مضمومة لزیادته علی اللبنة المنفی عنها، البأس فی الأخبار علی ما یظهر من النظر فی الآثار مع إن الجری علی الطریقة المألوفة و ما دل علی اعتبار التساوی مع دلیل الاحتیاط قاض باعتبار ذلک فلا یقتصر بالمنع علی ما یخرج بالعلو عن مسمی السجود و الأحوط مراعاة ذلک الاشتراط أیضاً فی هذا الارتفاع التسریحی إذا کان زائداً أو الأفضل مراعاة صدق التساوی مطلقاً، بل ربما کان أحوط و لا یضر هبوطه عنه و ان کان بأکثر من لبنة ما لم یخرج عن مسمی السجود عملًا بظاهر الفتوی و اطلاق الروایات و الإجماع المنقول و الأفضل مراعاة اللبنة بل هو أحوط لما دل علی اشتراط التساوی مع ظاهر موثقة عمار، و الأولی مساواة أمکنة المساجد و عدم الاختلاف هبوطاً و ارتفاعاً فی التسریح و غیره و جعله بعض الاصحاب أحوط و ربما یظهر من بعضهم مساواة بقیة المساجد لموضع القدم فلا یجوز ارتفاع الجبهة علیها بأکثر مما ذکر

ص: 125

و یجوز انخفاضها عنها، و حیث أن البعد بین الامام و المأموم و مراعاة مکانه من خواص الجماعة لم یجعل من شرائط المکان علی الاطلاق.

ثامنها: أن لا یتقدم تقدم مسامته بأن یکون بین یدی المتقدم علیه و ذاک خلفه کما هو ظاهر الأخبار، و فی شموله للمتقدم إذا کان فی جانبه کتقدم المأموم علی الامام وجه ربما ظهر من بعضهم ارادته، و کما لا یتقدم لا یقف و لا یجلس من دون فرق بین أن یکون فی غیر حال الصلاة أو حین الصلاة کلًا أو بعضاً ابتداء و استدامة واجبة أو مستحبة علی قبر المعصوم (ع) موضع مرقده أو موضع حفرته و الأحوط اعتبارهما معاً و المراد بالمعصوم نبینا (ص) و أحد الائمة صلوات اللّه علیهم أجمعین و فی الحاق قبر الزهراء سلام اللّه علیها و قبور الانبیاء الماضین وجه بناء علی الاستحباب و کونه من الآداب و لو قیل بالوجوب. فالأظهر عدم الإلحاق لعدم شمول أدلة المنع له و یتمشی الحکم فی القرب و البعد ما لم یحصل بعدٌ یمنع من رؤیة القبر نفسه بحسب حال الرائی و فی الحاق رؤیة الصندوق و الشباک وجه الأقوی عدمه و کذا یمشی فی غیر المصر و المبصر مع وجود ما یمنع من الرؤیة من ظلمة و نحوها أولا الا مع الحاجز المانع للرؤیة الرافع لسوء الأدب و فی الحاق مثل البردة و الإزار و الإنسان وجه فلا تعدّ الشبابیک فاصلة و لا الصندوق الشریف و لا ثوبه و لا یکفی فی الحائل، و البعد ما یکفی فی الصلاة بین القبور أو الیها ثمّ ان هذا الحکم مقطوع برجحانه فتوی و روایة و هو من التعظیم للشعائر و الأخلاق الکریمة، الّا أن الحق أن ذلک من الآداب المحبوبة دون الواجبات المفروضة لفقد دلیل الوجوب مع أن ظاهر الاصحاب علی عدمه و ما ورد من نفی الجواز عن الصلاة بین یدی قبر الامام و الأمر بالصلاة خلفه، و النهی عن التقدم علیه فضعیف عن اثبات الوجوب بعد اعراض الاصحاب عنه و عدم فهمهم الوجوب منه فینزل علی الفضیلة و الإرشاد علی مقتضی الأدب المحبوب. کما یرشد الیه التعلیل بأن الامام لا یتقدم علیه و أما القیام علی نفس القبر و الجلوس علیه فلا یبعد الحکم بتحریمه لما فیه من الإهانة و الإذلال، و أما الصلاة محاذیاً لقبورهم (علیهم السلام) یمیناً أو یساراً. فالأقرب الحکم برجحانه کما تقتضیه الأدلة فتوی و روایة، و لکن ینبغی المحاذاة لأول جزء من القبر لا یتخلف خلفه منه شی ء فی جمیع افعال الصلاة فالأولی التأخر عنه بیسیر، أو الصلاة إلی جانبه و لعل ما ورد من النهی عن التساوی منزّل علی ذلک أو أن غیره أفضل منه و أما الصلاة خلفها فلا اری فیه بأساً. کما جری علیه طریقة الامامیة و نطقت به اخبارهم و اطلاقات القبر و القبور لا تنصرف إلی قبورهم و ما ورد من نهی النبی (ص) عن اتخاذ قبره قبلة فمراده منه أما جعله کالقبلة فی التوجه الیه من أی جهة کانت أو النهی عن قصد التوجه الیه و مواجهته لا مجرد تقدیمه و تبعیته کما فی امام الجماعة و الفرق ظاهر.

تاسعها: أن یکون مما یمکن امکاناً عادیاً أو شرعیاً أداء افعال الصلاة به اللازمة أن کانت فی فریضة أو نافلة، فلو کان المکان ضیقاً أو فیه مانع بحیث لا یتمکن فیه من اداء الواجبات فلا تصح فیه الا حیث یکون المانع التقیة فالأقرب جواز الصلاة به مع التمکن من غیره بل لا یبعد رجحانه.

عاشرها: أن یکون مطمئناً فی بقائه علی قابلیة الصلاة أو شاکاً ما لم یظن خلافه فلو وقفت السفینة و الملّاح یعالجها فلا یبعد أن حکمها حکم السائرة، و لو قیل بجواز الاقدام ما دام

ص: 126

احتمال البقاء و عدم صدور المانع احتمالًا معتداً به غیر وهمی و لو ظن بالوقوع لم یکن بعیداً تمسکاً بالاستصحاب، و لا قدح فی النیة فی ذلک و جمیع الموانع المذکورة فی المکان عدا الغصبیة مفتقرة عند ضیق الوقت لتمام الصلاة لا لقدر الرکعة فقط و عدم التمکن من المکان الجامع للشرائط.

المقصد التاسع: فی الأوقات المقدرة الیومیة فرائض أو نوافل

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی بیان الأوقات للفرائض و نوافلها

التی سنّها الشارع و رتّبها مکملة لها و قد جعلها ضعف الفرائض لکل رکعة منها رکعتان و ندب الیها و اکّد فی الحث علیها، و هی مشروعة لمن فعل الفریضة أو لم یفعلها و هی أوقات خاصة فلا تصح فی کل وقت. الّا أن منها وقتاً إجزائیاً لا یجوز المتقدم علیه و لا التأخر عنه لغیر عذرٍ و منه فضلیّ قد جعل له حداً به یحصل التوصیف، و قد یتحد و یتعدد مرتباً فأول الظهر زوال الشمس و هو میل نصفها الشرقی عن خط نصف النهار إلی الجانب الغربی و هو اول وقت الفضیلة، و الاجزاء و ما فی بعض الاخبار من القدم و الذراع بعد الزوال. فإنما هو لمکان النافلة لا تحدید لأجزاء الظهر و لا لفضیلته أن کان مخاطباً بالنافلة أو غیر مخاطب و یستمر وقته إلی أن یبقی مقدار أداء العصر القدر الواجب منه بنسبة حال المکلف من قصر و اتمام و سرعة و بطؤ و تمام أجزاء و نقصها، و لا عبرة بحال الشرائط وجوداً و عدماً، و کذا لا عبرة بما یلزم تکراره من جهة باب المقدمة. إنما المدار علی الفرض الواقعی و تتعین صلاة الظهر فی وقت المکرر من العصر و ینقص من مکرر العصر ما تقع صلاة الظهر به. واحدها أو مکررها فیقدم مکررها علی مکرر العصر أیضاً و یکون الباقی للعصر إلی ان ینتهی اداء الفرض الواحد، فیتعین حینئذ للعصر و لا قضاء علی الظاهر لمکرر العصر حینئذ و لا لما بقی من مکرر الظهر و ما کان مخیراً فیه بین القصر و الإتمام یتعین فیه مراعاة القصر و حینئذ یخرج من وقتیة الظهر مقدار أداء الواجب من العصر واقعاً بأقل افراده بالنسبة إلی من لم یصل العصر مکلف بالظهر أو غیر مکلف و إلی من صلاه علی أشکال فی الأخیر و فی خروج ذلک عن وقتیة القضاء للظهر کخروجه عن الادائیة وجهٌ قریب کما هو ظاهر من فرع علی الاختصاص بطلان من صلی الظهر فی وقت العصر ناسیاً أو ظاناً السعة. فإن نیة الادائیة و القضائیة غیر مقوّمة و الأقرب خلافه لعدم ما ینهض علی ذلک و ربما کان فی لزوم من ادرک من آخر الوقت خمساً صلاة الظهر و العشائین إرشاد إلی ذلک و إذا مضی مقدار ما یؤدی به صلاة الظهر علی نحو ما مرَّ علی تأمل فی مراعاة حال الشرائط هنا. و فی تسریة الحکم من أول الوقت إلی کل وقت تعلّق به الوجوب فیثبت الاختصاص لمن افاق فی الاثناء أو طهرت فیه وجه غیر بعید و ربما یستند له بلزوم الترتیب و شرطیته مطلقاً الّا ما علم خروجه و لیس معنی الاختصاص فی الوقتیة سوی ذلک و حیث یمضی مقدار أداء الظهر دخل وقت العصر أجزاءً و فضیلیاً و ما فی الروایات من القدمین و الذراعین فإنما هو للنافلة لا تحدیداً للأجزاء و لا الفضیلة، و یستمر للمختار و المضطر إلی الغروب أو إلی مضی مقدار أداء الصلاة فیمن أدرک رکعة و قد صلی علی وجه و المراد بالغروب فیه ما سیجی ء و أن کان الأحوط هنا مراعاة الغروب الحسّی، فلا یتأخر عنه اختیاراً و مع الصلاة فیه ینوی القربة من دون تعیین أدائیة أو قضائیة، و یدخل وقت المغرب بانتهاء النهار و دخول اللیل و یتحقق ذلک بغروب

ص: 127

الحمرة المشرقیة و زوالها من جانب الشرق و هو ربع الفلک الشرقی لا نصفه حتی یراعی من جانب القبلة و عکسها ذلک إلی ان تتجاوز قمة الرأس إلی الجانب الغربی، کما نصّ علیه فی بعض الاخبار و افتی به بعضهم و هو مقتضی النسبة المشرقیة و لو قیل أن المدار علی هذه الحمرة المعهودة و زوالها بذهابها عن محلها المعتاد لکان وجیهاً، و لا عبرة بالحمرة الغیر المعتادة الناشئة من عارض کارتسام الحمرة المغربیة فی غیم أو قتام أو یرتسم منها حمرة فی جانب الشرق کما لا عبرة ببقاء الصفرة و البیاض بعد ذهاب الحمرة و صلاة الرضا (ع) إذا اقبلت النجم من الشرق محمول علی الأفضلیة، و علی بیان الرخصة أو ارادة الحمرة أو ابتداء ارتفاع السواد فإنه ملازم لذهاب الحمرة و کذا قول الصادق (ع) فی وقت المغرب: (

اذا تغیرت الحمرة فی الأفق و ذهبت الصفرة

)، و یستمر وقت المغرب إلی أن یبقی من انتصاف اللیل مقدار صلاة العشاء علی نحو ما مرّ و وقوع صلاة المغرب عند بقاء الأربع بناء علی القول به لیس من الوقت بل هو من المزاحمة فی وقت العشاء کمزاحمة الظهر لوقت العصر فیمن أدرک خمساً و ما زاد من الانتصاف لمن أدرک رکعة بمقدار أداء الباقی فلبس من الوقت. و إن وجب الفعل فیه علی الأوجه و أن احتمل جعله وقتاً للمضطر کما مرَّ، و اذا مضی بعد غروب الحمرة المشرقیة مقدار ما یؤدی به المغرب علی نحو ما مضی دخل وقت العشاء الاجزائی للمختار و صاحب العذر و أما الفضلی فیدخل بغیبوبة الشفق و هو الحمرة دون الصفرة و الکدرة و البیاض من الجانب الغربی، بل مراعاته لغیر ذی العذر أحوط، و یستمر إلی انتصاف اللیل علی النحو السابق و بعد انتصاف اللیل إلی الصبح وقت للمضطر فی المغرب و العشاء علی الظاهر من أخبار قد عمل علیها جماعة من الاصحاب و لا ینافیها تجدید الآیة الشریفة و الأخبار المتکثرة حملًا لها علی اصل الوقت الموظف المختار فیه، و هو أوفق بالاحتیاط و إن کانت اصالة الشغل لا تجری فیه و کذا فی کل وقت متأخر شک فی توقیته لثبوت الصحة علی کل حال و لزوم التقدیم ینفی بالأصل، و مع مصادفة ما لا یسع المغرب و رکعة من العشاء آخر اللیل یتعین العشاء بناء علی التوقیت و الأحوط حینئذ بعد صلاة العشاء اعادته، و المغرب مرتباً بعد ذلک و یدخل وقت صلاة الفجر بظهور الفجر الصادق من أسفل الأفق و هو الفجر الثانی المعترض المنتشر لا الأول الکاذب المستطیل إلی فوق المستدق اسفله کذنب السرحان، و المراد بظهوره مجرد بدوه لا أسفاره و أضائته حسناً و أن کان الأفضل مراعاة ذلک علی الأظهر، و أما الانکشاف التام حتی یقرب ظهور الحمرة فالتأخیر الیه مناف للفضیلة و المدار فی الظهور علی الغالب المعتاد لا علی حدید النظر لا فی حقه و لا فی حق غیره و لا علی ضعیف البصر أو الادراک و لا عبرة بالعوارض المانعة عن الظهور کغیم و قتام و غیرهما فیکفی العلم بوجوده واقعاً فیما کان معتاد الأفق کعارض ضوء الکواکب وضوء القمر الظاهر مراعاة الظهور بنسبته و لا عبرة بالواقع، و یستمر للمختار و ذوی الأعذار إلی طلوع شی ء من قرص الشمس و لا عبرة بظهور الحمرة من جانب المغرب و من اضطر إلی التأخیر أو تعمده. و إن آثم بالتأخیر من مقدار أداء الفرض تامّاً أو صادف التکلیف کصبی بلغ أو مجنون افاق أو حائض طهرت فأدر من آخر الوقت المختص أو الوقت المشترک بین الظهرین و العشائین لمن صلی الفرض الثانی أو لم یصله رکعة تامة بنسبة حال المصلی سرعة و بطئ اللازم منها اختیاراً من قراءة و رکوع و سجود لزم الإتیان بها و لا یکفی مجرد ادراک الرکوع و لا الرفع منه و لا السجود من دون اکمال السجدتین و فی اعتبار الرفع من السجود وجهان لعل الأقرب عدمه هنا لتوقف الحکم علی ادراکها لا علی الفراغ منها و الرفع غیر متوقف علیه الأول. و إن توقف الثانی و کذا لا یکفی الذکر الاضطراری و القراءة

ص: 128

کذلک و ترک الاستقرار ما لم یکن أصل صلاة المصلی اضطراریة فی نفسها فإن المدار علی حال المصلی فیها و ربما انتهت إلی تکبیرة و یعتبر فی ادراکها ادراکها مع شروطها المشروطة فی حالتی الاختیار و الاضطرار کالطهارة من الحدث، و أما شرائط حال الاختیار من طهارة خبث و لباس و نحوهما مع تحقق شرطیتها بنسبة حال المصلی فهل یعتبر فی ادراک الرکعة ادراکها معها و بدونها لا ادراک لها و یکون المدرک لها بدونها کالمدرک بعض الرکعة أو لا یعتبر ذلک لقیام مدرک الرکعة مقام مدرک الفرض فی الوقت و المدرک للفرض یلزمه الاتیان به، و یسقط عنه اعتبار تلک الشرائط مع الضیق أو یفصل بین من ابتدأه التکلیف فیراعی فیه ادراک الشروط حالة الاختیار و بین من سبقه الخطاب فلا یراعی فیه ذلک عند الضیق لتوجه الخطاب الیه أو لا فلا تسقط الصلاة عنه علی حال و مدرک الرکعة مدرک للصلاة أوجه ظاهر کثیر منهم الثانی لاقتصاره فی الادراک علی الطهارة و به صرح بعض و علیه تنطبق ظاهر اجماعاتهم المنقولة، و صرّح آخرون بالأول و إنه لا فرق بین الطهارة و غیرها و لعل الثانی أقوی و أن کان الثالث لا یخلو من قوة و لا دار الأمرین بالإتیان برکعة اختیاریة الأجزاء و الشرائط، و بین تمام الفرض بصلاة اضطراریة ناقصة الأجزاء و الشروط فالأقرب الثانی، و إنه لا یجوز التأخیر کما هو مقتضی الخطاب و التوقیت و جعل المدرک للرکعة مدرکاً للصلاة کما فی الروایات لا منافاة فیه لتعلیق الحکم علی حین الادراک لا قبله. و إنما مفادها، و ظاهر الاجماع علی العمل بمضمونها لزوم ایقاع الفعل و لزوم القضاء مع عدمه و مزاحمة ذلک الوقت لسائر الواجبات و صیرورة ما زاد وقتاً و قد نقل علیه الاجماع فیحکم بالأدائیة فیه و ینوی کذلک و یکون مسقطاً لمن التزم بالإیقاع اداء، و من هنا تبین أن من أدرک الوقت رکعة فکأنما أدرک الوقت للصلاة تامة کله، و لو قیل بتسریة ذلک إلی الوقت الفضیلی أیضاً لکان له وجه و لا وجه للحکم بتسریته فی غیر الفرائض الیومیة من واجبات أو نوافل یومیة أو غیرها و لو أدرک اقل من رکعة لم یجب الایقاع و أن کان أکثرها و لو أوقع کما فاته من الفرضین لزمه الترتیب و لا یلزمه القضاء مع ادراک ذلک فقط و الحکم باستحباب التأدیة حینئذ لظاهر بعض الأخبار و استحباب القضاء لفتوی بعض الأصحاب غیر بعید، و هذه أوقات الأجزاء فی الفرائض للمختار و ذوی الاعذار.

و أما الفضیلة فوقت الظهر، ینتهی إلی بلوغ زیادة الظل و هو الفی ء الزائد مثل الشاخص فیکون منضبط لا اختلاف فیه مکاناً و لا زماناً و الشاخص بنسبة فلا یحصل اختلاف و اعتبر جمعٌ من الأصحاب المماثلة بین الفی ء الزائد و الظل الباقی حین الزوال، و هو مخالف لظاهر الأدلة مع عدم امکان عمومه لسائر الأمکنة لانتفائه حیث یعدم الظل رأساً و قصوره علی قدر الاداء، حیث یبقی منه یسیر لا یفی مماثله لإیقاع الصلاة فیه و مساواته لقدر الاداء حیث یبقی منه ما یفی مماثله بقدره علی أنه لا انضباط له لاختلافه باختلاف الفصول و الأمکنة اختلافاً فاحشاً بیّناً یبعد جعله مدار للحکم الشرعی و من هنا بان إن تفسیر الظل علی الوجه الأول لما یشمل الزائد و الباقی من المستبعد أیضاً و ان کان هو من الأدلة أظهر لعدم حصول الانضباط به أیضاً و ربما کان فی بعض الأمکنة لا یبقی لزیادة الفی ء علی الظل السابق حتی یساوی الشاخص قدر المعتد به. و فی بعض الأخبار ما یدل علی انتهاء الوقت بالقدمین و هما المعبر عنهما بالذراع و ربما عبر عنه بالقامة أیضاً کما أنه قد یعبر عن قامة الرجل بالذراع بعکس ذلک فیکون موافقاً لأخبار المثل فی بعض آخر منها التحدید بأربعة أقدام و یعبر عنها بالذراعین. و المراد بالقدم قدم الانسان المستوی کنی به عن سبع الشاخص لکونه سبع القامة غالباً و الظاهر أن التحدید بالأقدام و الأذرع. إنما هو للفی ء الزائد لا لمجموعه و الظل الباقی

ص: 129

فیکون منضبطاً متعلقاً فی جمیع المحال و فی الاخبار اختلاف کون الحد نهایة الوقت أو انه حدّ للتأخیر فعند الحد تقع الصلاة و قد عمل بکل منهما بعض من الاصحاب و ظاهرهم إرادة إرادة التحدید للتوقیت و جمع بعض بینها و بین ما دل علی المثلیة بجعل القدمین آخر الوقت الفضیلی و الأربعة آخر الوقت الاجزائی و المثل آخر الوقت المضطر و الأقرب بعد الحکم بجعل غایة الفضیلی المماثلة کما هو المشهور روایة و فتوی حمل القدمین و الأربعة علی اختلاف مراتب الفضیلة فیکون لفضیلی الظهر مراتب ثلاث متفاوتة فی الفضل و به یحصل الجمع بین الأخبار و ما یتخیل من الجمع باختلاف حال النافلة. فبعید و تنتهی الفضیلة فی وقت العصر إلی مثلیه و یجری فیه ما مر فی الظهر و قد جدّ فی مقابل القدمین هناک بالأربع هنا و لیس فی مقابل الأربع تحدید. و إنما ورد فی التحدید فی بعض الاخبار بالستة أقدام و فی بعضها بالستة و نصف و ربما نزلت علی أقدام الفی ء تنزیلًا لمجموعه منزلة القامة فیبقی علی الأول من غروب الشمس قدم و فی الثانی نصف قدم و یکون ذلک تحدیداً فی مراتب الاجزائی أو بالنسبة إلی من یرید الصلاة بوظائفها و لو حمل علی ما بعد المثل الأول فیوافق روایة المثلین مع بقاء قدم أو نصف قدم لأداء الصلاة لم یکن بعیداً أو کذا حمله علی فضیلتی للعصر فوق الاربعة، و أقل من المثلین لا یخلو من وجه، و تنتهی الفضیلة فی المغرب إلی غروب الحمرة المغربیة، و ما ورد فی الاخبار من التحدید بربع اللیل و ثلثه، فالظاهر أنها مراتب فی الاجزائی خارجة عن الفضیلی، و تنتهی الفضیلة فی العشاء بعدها إلی ثلث اللیل و فی بعض الاخبار تحدید وقتها بالربع و هو منزل علی مرتبة أولی فی الفضیلی فیکون للعشاء فضیلان مرتبان کما ان له إجزاءین سابق و لاحق و تنتهی الفضیلة فی الصبح إلی طلوع الحمرة المشرقیة بعد الفجر علی اختلاف سرعة ظهورها و بطؤه. و فی الأخبار التحدید بتحلل الصبح السماء و الظاهر لمراده ذلک منها هذا کله فی اوقات الفرائض اجزائیاً و فضیلیاً. و أما النوافل فلها اوقات موظفة لا یجوز التقدیم علیها و لا التأخیر عنها و ما ورد من ان النافلة کالهدیة متی اتی بها قبلت، فمراد منه نوع النافلة لا صنفها و وقت نافلة الظهر من الزوال إلی أن یبقی من فضیلة الظهر مقدار أربع رکعات علی حسب حال المصلی و لا یجوز تقدیمها علیه و لا تأخیرها عنه بعنوان الوقتیة، و لو فعلها کذلک مع الاشتباه صحت قضاء و احتمال البطلان بعید و إن کان عن غیر اشتباه معذور فیه فعل حراماً بنیته و فی بطلانها أو وقوعها قضاء وجهان جاریان فی کل صلاة شرع قضاؤها و قد صلیت خارج الوقت بنیّة الأدائیة و ما ورد من أن صلاة النهار ست عشرة رکعة فی أی ساعات النهار شئت أن تصلیها صلیتها و ان صلاة النهار أی النهار شئت ان شئت فی اوله و ان شئت فی وسطه و أن شئت فی آخره. و إن نافلة النهار ست عشرة رکعة متی ما نشطت، انما النافلة مثل الهدیة متی ما أتی بها قبلت فمحمولة علی الرخصة فی التقدیم لمن خاف الفوات و القضاء لمن فائته، و قول الکاظم (ع): (

نوافلکم صدقاتکم فقدموها ان شئتم

) لا منافاة فیها صریحاً و الأصل فی الخروج عن ظاهرها أدلة التوقیت مع أعراض الاصحاب عن العمل بمضامینها ثمّ أن امتداد النافلة بامتداد فضیلتی الفرض إلی مقدار أدائه صریح بعضٍ من الاصحاب، و هو اوفق بالتوقیف فی العبادة و مقتضی عدم مزاحمة النافلة للفریضة و لکن النظر فی ظواهر الأدلة لوقت النافلة مع اطلاق کثیر منهم الامتداد إلی نهایة الوقت فالقول به غیر بعید.

و یمتد وقت نافلة العصر إلی ان یبقی من فضیلتها مقدار أداء العصر، و یجری فیه ما مرَّ فی نافلة الظهر، و الأولی مراعاة القدمین و قریب منهما الذراع فی نافلة الظهر و اربعة اقدام و قریب منها الذراعان فی نافلة العصر بل الأقرب أن ما مرَّ أجزائی للنافلة و هذا فضیلتها

ص: 130

و الأولی بل الأحوط أن لا یؤخرها عن ذلک و القول بتبعیة اجزائی النافلة لآخر فضیلتی فریضة و فضیلی النافلة الباقی المراتب فی فضیلتی الفریضة غیر بعید.

و وقت نافلة المغرب إلی غروب الحمرة المغربیة کما أفتی به الأصحاب و نقل علیه الإجماع و یرشد الیه ما تومی الیه أدلة نافلة الزوال من تبعیة النافلة لفضیلی الفریضة. و ربما استنهض بعضهم علی ذلک بالنهی عن الثقل وقت الفریضة و هو ضعیف و لو لا ما ذکرناه لکان مقتضی ظاهر أدلتها الاتیان بها بعد المغرب متی ما وقع فی وقته.

و وقت الوتیرة ممتد إلی فضیلتی العشاء بل إلی إجزائیة لما دل علی وقوعها بعد العتمة و لو قیل أنها تصلی قبل النوم فی أی وقت شاء لم یکن بعیداً للشک فی کونها نافلة لها، مع اطلاق ما دل علی أنه لا یبیت بغیر وتر، و الأولی مراعاة أداء الفرض بل فضیلیة مع قبلیة النوم، و أول وقت نافلة اللیل و المراد بها ما یعم الوتر من انتصافه و هو زواله ما ورد من نفی البأس عن فعلها من أول اللیل إلی آخره الّا أن أفضل ذلک إذا انتصفت اللیل، و کذا ما روی أنه فی أی وقت صلی فهو جائز فمحمول علی العذر لما دلَّ علی التوقیت بالانتصاف قولًا و فعلًا و نهایة و یمتد وقتها إلی طلوع الفجر الصادق و ما روی من صلاتها بعده لا دلالة فیه علی التوقیت، بل هی رخصة علی القضاء مطلقاً و أن زاحمت الفرض و النهی عن اتخاذ ذلک عادة أو لمن أصابه عذر فقط. و کلما قرب فعلها من الفجر فهو أفضل فالثلث أفضل من قبله و الربع أفضل منه و السحر افضل الجمیع و أحب صلاة اللیل الیهم آخره و تتأکد الفضیلة فی الشفع و الوتر و خصوصاً بعد الفجر و لو عدَّ ذلک وقتاً فضیلیاً لها لم یکن بعیداً من النظر فی الأخبار و ما ورد من ان فی اللیل ساعة لا یصلی و یدعو اللّه فیها الا استجاب له کل لیلة و انها هی إذا مضی نصف اللیل إلی الثلث الباقی فلا منافاة فیها، و لا حاجة إلی التمحل فیها بحمل الساعة علی الساعة وصول کف الخضیب سمت الرأس، و لو قیل باستحباب ذلک لمن صلاها مجتمعة أما مع صلاتها متفرقة فالأولی الاشتغال بها من نصف اللیل و الّا فمن ثلثه لم یکن بعیداً ثمّ إن نوافل الرواتب کل رکعتین منها عبادة مستقلة فمن فعل البعض کان له أن یترک الباقی نوی ذلک أول الدخول فی العمل أو عرض له فی الاثناء و کذا لو ضاق وقتها الا عن بعضها اتی به و لا یسقط فعله و قضی الباقی ان کان کلّف بها أجمع و الّا سقط قضائه و یقضی ذلک البعض لو لم یأت به و لا تشخیص لأجزاء النوافل فلا تتعین بالأداء فلو نوی رکعتین مطلقاً أجزاء و لو عیّنها بالأول أو الوسط أو الآخر مع الاتیان بالجمیع أو عدم الاتیان بالبعض فی اول الوقت أو آخره أو وسطه لغت النیة، و لا یستثنی من ذلک الا ثلثیه الوتر فالظاهر انها عبادة مستقلة تتلخص بنیتها و لو أتی بها مع السعة بنیة التقدیم و عکس الترتیب فسدت و لو أتی بها مستقلة من دون سابقها من غیر نیة ففی الصحة وجهان لا یبعد عدم المشروعیة بها و أما مع ضیق الوقت فالأقرب التخییر بینها و بین ما سبق علیها و أیها فعل قضی الآخر. و إن الإتیان بالوتر افضل بل ربما یظهر من صحیحة ابن وهب سقوط قضاء ما عدا الوتر و انه یفعل ذلک مع نافلة الفجر یکتب له بصلاة اللیل و الأولی حملها علی ارادة الرخصة فی ترک القضاء و الحث علی الإتیان بالوتر و لو اوتر ثم بانة السعة فی أثنائها أکملها رکعة و أضاف الیها ما بقی من صلاة اللیل، و أوتر علی روایة و أن بانت السعة بعد الفراغ اتی بما فاته من صلاة اللیل و تمت له الأولی اعادة الوتر و المدرک لشی ء من وقت النافلة إن کان قدر رکعةٍ أو رکعتین أو أزید لا یتجاوز حکم الأدائیة إلی ما بعد الوقت و لکن فی نافلة اللیل یزاحم الفجر بها علی سبیل الفضل و الاستحباب فلا ینافی الرخصة بصلاتها تماماً بعد الفجر، إذا صلّی اربع رکعات رفع رأسه من سجودها الأخیر أو لا عمد إلی صلاتها فقط ابتداء لعلمه یضیق الوقت أو فاجئه الفجر عند

ص: 131

ذلک أو علم بمفاجأته بعد الدخول فی الصلاة و الأظهر مراعاة أن لا یکون أوتر سواء کان الوتر من الاربعة أو خارجاً عنها کما إذا صلی اربعة ثمّ بان له الضیق فأوتر و الاقوی انه إذا لم یدخل فی الثالثة أو دخل فی الثالثة فلا مزاحمة لبقیة النافلة. و إن کان تتمة الرکعتین بعد الدخول فیهما یزاحم بها و لا یسوغ له قطعهما و ابطالهما و یعتبر فی المزاحمة عدم خروج فریضة الصبح عن وقتها الفضیلی و لعل من اعتبر التخفیف عن ذلک و الّا فلا دلیل علی لزومه و لو قیل بأولویة محافظة علی المبادرة بالفریضة لم یکن بعیداً و لو صلی الأربع رکعات من جلوس زاحم الفریضة لباقی و لو من قیام و لو صلی من جلوس یجعل کل رکعتین عوض رکعة من قیام ففی الثمانیة منها تحصل المزاحمة و فی الأربع وجهان اقربهما الاکتفاء بها فی المزاحمة، و یتخیر فی الباقی بین القیام و الجلوس بجعل رکعتین برکعة أو رکعة برکعة و حیث کانت صلاة اللیل من افضل النوافل، و أهمها شرع الشارع قضائها عند فواتها کغیرها من الرواتب لعذر أو غیر عذر و یجوز تقدیمها للشاب و الشیخ الکبیر و المسافر و المریض و من به علة خوفاً من المشقة، و کذا کل من یخاف عروض المانع عن الاتیان بها فی الوقت کما یقتضیه التعلیل بخوف الفوت و بخشیة عدم القیام آخر اللیل ان فات النصف فأوله و آخره جائز و لا یعنی بفواته بالأول الا خشیة الفوات، و یرشد الیه التعلیل فی جواز صلاة المسافر و المریض فی اول اللیل بالاشتغال و الضعف و الرخصة فی الصیف فی اللیالی القصار و تدل علیه الروایات المسوغة بإطلاقها للصلاة اول اللیل و لو خاف عروض المانع عن البعض فقط. ففی جواز تقدیم الجمیع وجه و الأحوط الاقتصار علی ما یخشی عروض المانع له و لو تغیّر اجتهاده لم یجز له الإکمال و لو قدم الصلاة ثمّ صادف الوقت ففی مشروعیة الاعادة وجهان أقواهما ذلک و لا یشرع القضاء ان صادف الوقت و لم یفعل فیه و یتخیر ابتداء ذلک و التأخیر فیقضیها و بین تقدیم بعض و تأخیر بعض و القضاء افضل و هو داع علی التنبّه من النوم کما فی الخبر بل فی صحیح ابن وهب قصر و الرخصة للنساء فی الصلاة أول اللیل إذا ضعفن و ضیّعن القضاء.

و وقت نافلة الفجر طلوع الفجر الکاذب و کأنه المعبّر عنه بسدس اللیل الباقی، و فی خبر ابن مسلم. و لذا عدت من صلاة اللیل و یمتد إلی طلوع الحمرة بامتداد فضیلتی الفجر و ربما اعتبر إلی مقدار اداء الفرض کما مرَّ و یجوز فعلها قبله إلی نصف اللیل بعد نافلة اللیل تامة و لو اشترط عدم الفصل الظاهر الأمر بالحشو بهما صلاة اللیل لکان قریباً و لا یبعد الحکم بأن ذلک لیس مجرد رخصة، بل الاتیان بها حشواً مع نافلة اللیل أفضل من تأخیرها الّا ان ذلک لیس من التوقیت کما یرشد الیه الأمر بالإعادة فی الوقت، و لا یقتصر بها علی خصوص النوم بل هی مستحبة مطلقاً الا أنها تخص ما بین الفجرین فلا تعاد بعد الفجر الثانی و لو قیل باستحباب اعادتها عند الفجر الصادق و أن وقعت حشوا بعد الفجر الکاذب لکان له وجه و لا یشترط فی صلاتها فی وقت یسع صلاة اللیل ایقاعها بعدها فلو صلاها بعد الفجر الکاذب و لم یصل صلاة اللیل لم یکن به بأس و هل یعتبر الترتیب بینها و بین صلاة اللیل فلا تصلّی و من نیة صلاة اللیل بعدها و لو صلاها غیر ناوٍ و صلاة اللیل لم یکن له أن یصلی صلاة اللیل وجهان اقربهما عدمه. و الأوقات کلها عدا الوقت الضیق للحاضرة مع العلم لا مع الجهل علی الأقرب فإنه و سائر الأوقات قابلة للقضاء فرضاً أو نفلًا لفرض أو نفل، و لنوافل الابتداء و ذوات الأسباب علی کراهیة فی ایقاع المبتدأة فی بعض الاوقات کما سیجی ء تفصیله، و تضیق الوقت لأداء الواجبات فی غیر الحاضرة لا یدفع القابلیة و لو مع العلم بناء علی ما حقق مع عدم استلزام الأمر بالشی ء النهی عن الضد، الّا حیث تکون منفعة الزمان مملوکة

ص: 132

للغیر فحینئذ لا یقبل الزمان لإیقاع العبادة المستحبة من دون اذن المالک و فی الموسعة وجهان أقربهما الجواز، ما لم یحصل المنع و یدل علی أصل الحکم بعد اطلاق أدلة النوافل و اطلاق قضاء رواتبها عموم ما دل علی قضاء النوافل فی أی ساعة شئت. و إن قضائها ما بین طلوع الشمس إلی غروبها و ما دل علی قضائها فی اوقات الفرائض و علی قضائها قبل قضاء الفرائض و ما رؤی من نفی البأس عن التطوع قبل الفریضة و من الاذن بصلاة نافلة فی وقت فریضة و ما فی صحیحة ابن یزید من تحدید وقت الفریضة المنهی عن التطوع فیه بما إذا أخذ المقیم فی الإقامة فیکون النهی لفوات الجماعة و ما ورد عن التنفّل بین الأذان و الإقامة برکعتین علی اطلاقهما و فیما ورد من استثناء العذر من النهی عن صلاة الرجل النافلة فی وقت الفریضة و عدول المنفرد إلی النفل لأدراک الجماعة و قول الصادق (ع) فی صحیحة ابن مسلم: (

إن الفضل أن تبدأ بالفریضة مع الأذن فی سائر التطوعات غیر الصلاة

) و الصلاة أهمها ارشاد إلی ما ذکرناه، و حیث قد وردت روایات فیها الصحیح بالنهی عن التطوع فی وقت الفریضة، و الأمر بالابتداء بالمکتوبة قد عمل علیها کثیر من الاصحاب بل أکثرهم کان الأحوط أن لا یتطوع بشی ء من الصلوات لا غیرها من أصناف التطوعات و إن ورد النهی عن مطلق التطوع للکشف عنه فی الأخبار الباقیة مع فهم الاصحاب الصلاة و علیه شی ء من الصلوات الواجبات بالأصالة مؤدات أو مقضیات دون سائر المفروضات غیر الصلوات و دون الصلوات الواجبات بالعارض من اجارة و نذر و قضاء عن میت، و لو اقتصر فی الاستثناء علی الإجارة لکان له وجه و یشتد الاحتیاط فی المؤدات فی وقتها الفضیلی و الأجزائی سوی ما استثنیناه من فعل الرواتب فی

ص: 133

أوقاتها. أما فعلها بعد خروج وقتها فی أجزائی الفریضة فترکه أشد احتیاطاً کما یظهر من التدبّر فی الأخبار و یستثنی منه أیضاً مزاحمة بعض النوافل للفرائض کنافلة الفجر و کذا کل رکعتین من النوافل إذا شرع فیهما فإنه یزاحم الفرض بإکمالهما فنافلة المغرب إذا دخل فی الثالثة و قد ذهب الشفق زاحم بها العشاء و أن لم یکن فرضها، و کذا نافلة الزوال اذن فی مزاحمتها الظهر فمتی شرع فیها و لو عن علم بضیق الوقت أتم الرکعة منها أو لم یتم و إن کان مراعاة الرکعة فی مزاحمة بقیة الرکعات أولی أحوط، زاحم بها فضیلة الظهر بل و اجزائه و لو فات وقتها و لا حاجة فیها إلی التخفیف و إن کان المحافظة علیه أولی و لا المبادرة فی ایقاعها بل تمتد حینئذ بامتداد الوقت الإجزائی و أن کان مراعاة المسارعة أولی، و یجری ذلک فی نافلة العصر أیضاً الّا ان المحافظة علی الرکعة هنا أشد للاقتصار فی الروایة فیها علی خصوص الرکعة، و کنافلة اللیل لمن صلی الأربع علی ما مرَّ و کذا لمن لم یصل أربعاً و إن لم یدخل فی شی ء منها رخصة فی المزاحمة علی الأظهر کما تقدم.

المبحث الثانی: فی طریق معرفتها

روی الصدوق بأسانیده عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) إنه قال: (

إنما جعلت الصلوات فی هذه الأوقات و لم تتقدم و لم تؤخر لأن الأوقات المشهورة المعلومة التی تعم أهل الأرض فیعرفها الجاهل و العالم أربعة

) و عدَّ غروب الشمس و سقوط الشفق و طلوع الفجر و زوال الشمس، و کذا إذا تأملت فی حدود الأوقات الفضیلة و حدود أوقات النوافل لم ترها الّا شیئاً معلوم محسوساً لصاحب النظر و غیره الّا أن النصف من النهار و النصف من اللیل لما لم یکن له علامة بینه یدرک بها حال حصوله و یشترک بها سائر الناس کل منهم علی نسبة نهاره و لیله و فصله الّا مراعاة ما یسیر فی الأفق و قسمة سیره فإن حرکته مضبوطة متساویة و کان وجود النهار بوجود الشمس تابعاً لسیرها، کان المرجع فی نصف النهار إلی سیر الشمس و صار الوقت زوالها و دلوکها و هو میل وسطها علی خط نصف الأفق و لما کان ذلک الخط غیر ظاهر فلا یعرف تجاوز الشمس عنه الّا بعد مدة طویلة یعلم بتجاوز نصف النهار فیها ضبط له طرق یدرک منها ذلک بغیر فاصلة طویلة، مخلّة و مجرد مضی القدر الیسیر و الفاصلة الغیر المعتد بها لتحقق العلم بذلک غیر مخل کما هو الشأن فی العلم بسائر اوقات العبادات و اسبابها من صلوات و غیرها. و تلک الطرق التی یعرف بها الزوال قطعیّة کاشفة عنه لا حاجة فیها إلی الرجوع إلی الأدلة و لا إلی النظر فی الأخبار.

أحدها: یعرف الزوال بنصب الشاخص المعتدل فی أرض معتدلة طال الشاخص أو قصر و فی المرسلة عن الصادق (ع) انه قال: (

تبیان الزوال أن تأخذ عوداً طوله ذراع و أربعة فی الارض

) و لعله (ع) أخذ الأوسط لأضبطیته من الطویل و أسرع لمعرفة الزیادة من القصیر فإن حدث له ضل بعد العدم کما فی بعض البلاد النادرة نادراً و لذا ترک فی الروایات و أکثر العبارات أو حدثت زیادة فی الظل و هو المعبر عنه بعدم النقص إذ لا واسطة بینهما واقعاً علی الأظهر فإنه لا رکود للشمس، و ما فی الأخبار فمراد منه معنی آخر و لا یدرک عدم النقص ظاهراً الّا بحصول الزیادة فقد دخل وقت الظهر الذی هو مدار أقدام المکلف علی العمل فیه و الّا فیعلم دخوله قبل ذلک لأن بروز الظل و الزیادة إلی الحس تستدعی زمناً سابقاً فینکشف سبق الوقت.

ثانیها: طریق الدائرة الهندیة و هو معلوم و ربما کانت أسرع بیاناً لمعرفة الزوال الا أنها فی منعدم الظل لا تکون طریقاً فلا عموم لها.

ص: 134

ثالثها: میل الشمس إلی الحاجب الأیمن لمن تکون قبلته علی نقطة الجنوب و کذا ما یقاربها من جانب المشرق الّا ان هذه ابعد مدة مما سبق فإنه لا یعرف بها ذلک الّا بعد مضی زمن کثیر مع توقفه علی العلم بکون القبلة علی ذلک الخط و النقطة.

رابعها: ما فی صحیحة ابن سنان من استعلام ذلک بالأقدام و هو مع قصره علی بعض الأماکن و استلزامه، مضیّ زمان کثیر للأستعلام و ربما کان الاستعلام ببعض العادیات أقرب منه تضمن ما یشکل الاعتماد علیه.

و یعرف الغروب بغیاب الحمرة المشرقیة کما مرَّ و انتصاف اللیل بملاحظة ما یطلع عند الغروب و یغرب عند الفجر من الکواکب، کالقمر و بعض النجوم السیارة فی بعض الاوقات ففی مثل ذلک یعلم بوصولها إلی محل زوال الشمس و هو کبد السماء، و کذا یعرف الثلث و الربع و الثلثان بالمقایسة إلی ذلک و فی روایة المروزی عن العسکری (ع) قال: (

إذا انتصف اللیل ظهر بیاض فی وسط السماء شبه عمود من حدید تضی ء له الدنیا

). و یعرف الانتصاف أیضاً بالثوابت و السیارة حیث لا تقطع الأفق لیلتها لو لاحظها وقت الطلوع إن کان عند الغروب أو لاحظ محلها التی هی فیه عند اول رؤیتها عند المغرب، و رأی بعدها عن المشرق و لاحظها عند الفجر و رأی نسبتها إلی المغرب و قسم مقدار سیرها بخیاله کان الانتصاف ببلوغ نصف المسافة و کذا لو لاحظ دور الفرقدین أو بنات نعش علی الجدی و قسمها بخیاله، عرف ذلک و ما یمضی من غروب الشمس إلی حین رؤیة الکواکب لا بد من مراعاته و إدخاله فی النسبة و کذا یعرف الانتصاف و نحوه بملاحظة الساعات و ارباب الاعمال و ربما أفادت القطع فی بعض المقامات، ثمّ أن الأوقاف فی الواجبات و المستحبات أسباب لتعلق الخطاب و التکلیف فلا خطاب قبلها و بمصادفتها ابتداء و استدامة لقابلیة التکلیف للمکلف بتوجه الخطاب، و یتعلق التکلیف و یکون مراعیً بمضی قدر یسع الفعل المکلف به بنسبة حال المکلف من أجزاء و شرائط و لو من جهة الضیق فیما شرع سقوط بعض الأجزاء و الشرائط لأجله مع بقاء قابلیة التکلیف و یستمر ذلک الخطاب مع تلبسه بالفعل الواقع فیه علی حسب تعلق التکلیف به إلی تمامه و ینقطع بعده سواء کان الوقت مضیّقاً أو موسعاً فعل فی أوله أو آخره أو وسطه و ان یتلبس بالفعل فإن کان الوقت مضیقاً بالأصل أو بالعارض انقطع ذلک الخطاب بمضی جزء منه و عصی بالتأخیر ان کان واجباً و ان لم یکن مضیّقاً بقی ذلک الخطاب مستمراً علی التوسعة فیکون له التأخیر فی جمیع أجزاءه و لو فاجئه الموت حینئذ قبل الدخول فی العمل أو فی اثنائه قبل تمامه و کذا لو عرض له ما یسقط معه التکلیف من جنون أو حیض أو نسیان أو فقد للطهورین مع استمراره إلی آخر الوقت لم یکن عاصیاً بتأخیره و إن لزمه و لزم ولیّه القضاء و تسقط التوسعة بالعلم بالبقاء مقدار یزید علی الفعل و یلزم المکلف المبادرة و کذا العلم بحصول المسقط للتکلیف من هلاک و نحوه فإنه یتضیق به الوقت و تلزم المبادرة و یقوم الظن فی ذلک مقام العلم سواء کان عن حجة شرعیة اولا فی شأن من تکلیفه الرجوع إلی المظنة کالأعمی و نحوه أولا، و لو جعل المدار فی الضیق علی خوف إلا تضاف فیما نهایة وقتیة ذلک و کذا فی سائر الاوقات و حصول المسقطات لم یکن بعیداً، فیحکم بالضیق حینئذ بمجرد احتمال ذلک احتمالًا معتداً به لتعذر حصول المظنة فی أمثال هذه غالباً و ربما نزلت المظنة الواقعیة فی کلام کثیر من الأصحاب و المنقول علیها بالإجماع علی ذلک کإطلاقهم المظنة فی مقام خوف الضرر و لعل المستند فی أصل الحکم ظاهر تقیید التوسعة عادة و عرفاً بذلک کما یقتضیه النظر فی ظاهر الأوامر و احوال الأمرین و لو قیل أن مقتضی الطلب المبادرة و التوقیت لا ینافیها و شمول الأذن فی التأخیر لمثل ذلک مشکوک فیه، فیحکم

ص: 135

بعدم جوازه لکان له وجه و علی کل حال فلا یبقی للتمسک بالاستصحاب للوقت و للحالة فی عدم المبادرة وجه بعد استظهار ذلک من الخطاب، و حال المخاطبین و أن کان بالنسبة إلی بقاء الوقتیة و الحکم بها لا یبعد البقاء علی حجیته، فلو عصی و أخّر أتی بالفعل أداء ما لم یعلم خروج الوقت فیلزمه المبادرة بالفعل حینئذ و أن کان ظن الخروج عملًا بالاستصحاب و لو ضاق الوقت عن الاختیاری جزءاً و شرطاً بنسبة حال المکلف فهل یلزم المبادرة و ترتفع التوسعة الأقوی ذلک و حینئذ فیحرم من المکلف بعدد دخول الوقت ما یؤدی إلی فقد الشرط الاختیاری من طهارة اختیاریة و حکم لبأس و نحوهما و یلزمه المبادرة إلی الصلاة حیث یعلم بحصول العذر فی أثناء الوقت أو یظنه أو یخافه الّا عذر التقیة فلا یبعد استثنائه و لو ظن الضیق فبادر و صلی أو تأخر و صلی فی اثناء ذلک الوقت أو خروج الوقت فصلّی ثمّ بان خطأ ذلک الظن، صحّت صلاته أن نوی بها الأدائیة أو وقعت بنیة القضائیة أو بنیة مطلقة، هذا بالنسبة إلی انتهاء الوقت و أما ابتدائه فلا بد فیه من الجزم و الیقین العادی و لا یجوز التعویل فیه علی الظن و التخمین و من تعذّر علیه العلم رأساً کالمحبوس أخذ بأقوی الظنون و مع فقده تخیّر و لا یلزمه تحری الفاصلة بین الصلوات بحیث یحتمل کل فی صلاة مصادفة الوقت و لا یعلم بحصول واحدة فی غیر الوقت و لو تردد فی وقتین احدهما بین کونه وقتاً أو سابقاً، و الآخر بین کونه وقتاً أو لاحقاً تعین الإیقاع فی الثانی من شق علیه العلم أو تعذّر فی أول الوقت و أن تمکن من تحصیله فیه و کان العارض غیر علة السماء کما فی الأعمی و العاجز عن الرؤیة لخوفٍ أو اقعاد أو عاجزٍ عن المعرفة یسأل أو یتطلب الأمارات أو ینتظر حتی یحصل له الیقین أو الظن الذی تطمئن به النفس لقضاء السیرة و الطریقة

ص: 136

برجوع العمیان و الجهال و إلی غیرهم و متابعتهم لمن سواهم و اقتضاء نفی العسر و الحرج فیما دل علی الاکتفاء بأذن المؤذنین و إنهم اضناء المؤمنین و الاعتماد علی اذان المخالفین دلالة علی ذلک، و فی اخبار الاکتفاء بالمظنة فی حال الغیم ارشاد الیه و ان کان العارض علة فی السماء کما فی یوم الغیم و لیلته یکتفی فی الکل بالمظنة، و الأحوط الانتظار إلی حین الیقین. ان لم یکن فی التأخیر احتمال الخروج عن الوقت و فی لزوم تحری أقوی الظنون سوی ما یحصل من التأخیر و الانتظار وجه الأقوی عدمه و فی الاکتفاء بصیاح الدیک ثلاثاً، و صیاحها و تجاوبها دلیل علی عدم لزوم ذلک و مثله العلل السماویة الحاجبة عن الرؤیة للمحل الذی یعرف به الوقت، فی مکان لا یمکن فیه ازاحة العلة و لو بطلب مکان آخر من دون مشقة و لا یبعد لحوق بعض العلل الأرضیة العامة کظلمة من دخان یعم البلد أو غبار من حیواناتها کذلک أو ضیاء من حریقه یعم بالسماویة حیث لا یشق طلب مکان آخر یمکن الاستعلام فیه و مع عدم العلة کما فی یوم الصحو، لا بد من العلم للمتمکن للأصل و العمومات و الإجماع منقولًا بل محصلًا و الروایات الخاصة و عبارة المقنعة کروایة اسماعیل ابن ریاح لا منافاة فیها و عبارة النهایة غیر صریحة فیها و روایات الاعتماد علی أذان المؤذنین بعد معارضتها بما سبق، و بما رواه علی بن جعفر من عدم الاجتزاء بأذان الفجر حتی یعلم انه قد طلع محمولة، أما علی التقیة کما یشعر بها بعضها المصرح بالاعتماد علی أذان المخالفین أو علی حال العذر و منه حال جهال الناس و نسائهم و أعوامهم الذین لا یهتدون إلی معرفة الوقت، أو علی حال حصول العلم و الیقین بانضمام امارات و قرائن أو یراد بها التهیئة و الاقدام و مباشرة المقدمات و هو قریب من اخبار الائتمان للمؤذن و اخبار الحسنة لکل من یصلی بأذانه فإن ذلک کاف فی صدقها و اعتماد الکاظم (ع) فی الحبس علی الغلام ظاهر فی غیر مقام التمکن و لو صلی و الحال هذه بطلت صلاته مع العلم بالحکم أو الجهل الغیر معذور فیه شرعاً و إن صادفت الوقت بجزئها أو تمامها.

و فی الاکتفاء بشهادة العدلین بل العدل الواحد بل کل ظن قام الدلیل علی حجیته شرعاً، وجه قوی و الأقوی هو ما ذکرناه لظاهر الفتوی و بعض الأخبار و لا اقل من الشک بعد ذلک فی شمول دلیل حجیته هذه الظنون فیتعین العمل بالعمومات.

المبحث الثالث: فی الخطأ

لو دخل فی جزء من الفریضة أو النافلة فی غیر ما استثنی قبل الوقت باعتقاده و صادفت الوقت واقعاً بتمامها أو بجزئها أو لم تصادف شیئاً منه متعمداً الصلاة عالماً بحکمها أو جاهلًا جهلًا غیر معذور فیه شرعاً بطلت صلاته، و فی الجهل المعذور به الأقوی الصحة مع المصادفة تماماً و کذا فی جمیع من اقدامه علی العمل اقدام مشروع و تتحقق منه النیة لا کالمکره سواء کان بقطع أو ظن أو نسیان أو غفلة، و ذهول مع قطع سابق بعدم الوقت أو شک. کذلک و یحکم بالبطلان مع الجهل المعذور به و النسیان و الغفلة إذا لم یصادف الوقت بجزء منها و کذا لو صلاها ظاناً لدخول الوقت أو عالماً به فانکشف خلافه ما لم یدخل علیه الوقت فی أثنائها، فإن دخل الوقت فی اثنائها و لو بمقارنة جزء منها و لم یعلم بذلک الا بعد الدخول فی الوقت صحت صلاته فی صورتی القطع و الظن عن اجتهاد أو تقلید و الأحوط الاعادة أن تعقب العلم بالدخول تمام العمل. و ان علم فی أثنائها کان الأحوط اتمامها و الاعادة أما لو علم قبل الدخول بطلت و أن علم مصادفة الوقت بجزء منها و لا فرق فی الوقت بین المختص و المشترک، کما هو مقتضی اطلاق الفتوی و الروایة و صریح جماعة و فیما عداهما من الصور الباقیة الأقوی البطلان للأصل و الاحتیاط و مقتضی التوقیت نصاً و فتوی ما دلَّ علی بطلان

ص: 137

الصلاة قبل الوقت الظاهر فی اشتراط ایقاع الفعل تماماً و روایة ابن ریاح المنجبرة بالشهرة لا دلالة فیها علی ما عدا الصورتین الاولیتین و الاستناد إلی اقتضاء الأمر، الاجزاء بعد ظهور الشرطیة فی الواقعیة من أدلتها القاضیة بها غیر مجزٍ لعدم الأمر حینئذ حقیقة و صورة الأمر تقضی بإجزاء صوری مثله لا باجزاء حقیقی کما فی الأمر الحقیقی، و من قدم العصر علی الظهر ادائیین أو مقضیین، أو العشاء علی المغرب کذلک عمداً بطلت صلاته المقدمة فی سعة الوقت و ضیقه و صحت المتأخرة ما لم تصادف بتمامها وقت الاختصاص جاهلًا بالحکم جهلًا غیر معذور فیه أو عالماً به و لو قدم ظهراً أو مغرباً فاسدین ثمّ صلی العصر و العشاء و قد علم بفسادهما أو جهله جهلًا غیر معذور فیه کان من المقدم عمداً، و لو قدم اللاحقة علی السابقة ناسیاً و فی الحاق الجاهل المعذور بحکم الترتیب و الجاهل کذلک بفساد الصلاة السابقة و الذهل عن الصلاة الأولی أو عن الحکم الشرعی و المستند فی وقوع السابقة إلی امارة شرعیة تبین خطأها بالناسی وجه الأقرب عدمه، و الاقتصار علی الناسی فی غیر صورة الذهول عن نفس الصلاة لا عن الحکم لشمول النسیان لها عرفاً، و کان قد ذکر فی أثناء الصلاة و لو قبل التسلیم عدل إلی السابق فوراً أو ما لم یوقع جزء من الصلاة، فلو أوقع جزء قبل العدول حیث لا تجدد له نسیان بطلت و مراعاة الفوریة أحوط بل اقوی و لیکن العدول بنیته جعلًا لما سبق من عمله من السابقة و ایقاعاً لما بقی منها، بل یکفی جعله لما سبق و یکون الباقی تابعاً غیر محتاج إلی نیة مستأنفة، و هل یکفی فیه نیته لما بقی لا یبعد عدمه سوی نوی الخلاف فیما سبق أو خلی عن النیة و لا بد فی العدول من امکانه فلو تجاوز محله کما لو دخل فی رکوع الرابعة من العشاء لم یکن له العدول إلی المغرب، و مع جلوس الثالثة له ذلک و کذا بعد الدخول فی قیام الرابعة علی الأظهر و مثل ذلک ما لو کانت السابقة قصریة و اللاحقة تمامیة، ثمّ أن اطلاق العبارة ککثیر من العبارة قاض بجواز العدول و أن وقعت اللاحقة فی الوقت المختص بالسابقة قبل مصادفة جزء منها للمشترک، و به صرّح بعضهم و الأقوی خلافه إذ العدول، انما یقلب العمل الصحیح إلی غیره و لا یصحح الفاسد و أدلة العدول لا تنهض علی مثل هذا الفرد أما لو ذکر بعد المصادفة کان العمل صحیحاً و لو ذکرها بعد الفراغ فإن صلی العصر أو العشاء فی وقت الاولیتین تماماً و ذلک قبل مضی زمان یمکن ان یصلی فیه الظهر أو المغرب بطلت صلاته و الأحوط الاتمام مع مصادفة الجزء و الاعادة، و ان صلاها فی الوقت المشترک صحت علی کل حال لاحقة و یستأنف السابقة و لیس له أن ینویها بعد الفراغ منها سابقة حیث یمکن ذلک کما فی الظهرین المتحدین قصراً و تماماً و ما فی حسنة زرارة من أنها تنوی السابقة بعد الفراغ فإنها أربع و یعاضدها روایة ابن مسکان فمطرحة أو مأولة لمنافاتها القواعد الشرعیة من الاتیان بصلاتی عصر و اسقاط الظهر، أو جعل نیة الفرض غیر مقومة له مع اعراض الاصحاب عنها و أن نقل عن نادر احتماله و لو ذکرها بعد تجاوز محل العدول. فإن کان فی الوقت المختص بطلت و ان کان الذکر فی المشترک سواء کانت کلها فیه أو صادقته بجزء منها صحت علی ما وقعت لجامعیتها للشرائط من وقت و غیره و شرطیة الترتیب قد رفعها النسیان نصاً و فتوی و العدول لا أمر به مع تجاوز المحل فلا حاجة إلی مستند للصحة و تکلف مدرک لها، و لو صلی الظهر أو المغرب فی وقت العصر أو العشاء و هو مقدار ما یؤدی به صلاتهما من آخر الوقت فإن کان عالماً أو جاهلًا غیر معذور فالحکم ما مرَّ من البطلان لظاهر الفتوی و الاختصاص و مقتضی قوله (ع) فی مضمرة الحلبی و لا یؤخرها فتفوته فیکون قد فاتته جمیعاً. مع احتمال الصحة هنا لخیال أن الاختصاص، إنما یمنع من الأداء و أما القضاء فکغیره من العبادات الباقیة مجانسة أو غیر مجانسة و اقتضاء الضد قاض بالتحریم لا

ص: 138

البطلان و أن صلی مع العذر الشرعی، فالأقرب الصحة کما مرَّ، و تقع قضاء و الاختصاص یکفی فی صدقه صورة العمد مضمرة الحلبی فیه و من ادرک خمس رکعات فما زاد من آخر الوقت أتی بالفرضین معاً علی الترتیب ظهراً و عصراً و مغرباً و عشاء، و کذا من ادرک ثلاثاً فی الظهرین القصرین و اربعاً فی المغرب و العشاء القصری و لو نسی الترتیب فأتی بالملاحقة صحت و یتعین علیه الاتیان بالسابقة فی وقت الرکعة الباقیة أو لا یصح بل یلزم التأخیر أو یتخیر أوجه أوجهها الأخیر و یجری علی الرکعة الواقعة فی المشترک ما مرَّ فیمن أدرکها فی المختص من الاکتفاء باضطراریها أو اضطرار شرائطها أو لا بد من ادراک الاختیاری فلا یزاحم مختص اللاحقة اضطراری الرکعة إلی غیر ذلک ما مرَّ.

و لو أدرک مقدار أربع رکعات فقط حضراً أو رکعتین سفراً و لو اختیاریة و بالاضطراری یدرک أزید من ذلک أتی بالأخیرة أن کانت عصراً أو عشاءً، و قضی الاولی بعدها و احتمل بعضهم فیمن ادرک اربع العشاء الاتیان بها و بالمغرب و هو مخالف للنص و الفتوی مع انه لم یدرک من الصلاة السابقة رکعة یزاحم بها وقت اللاحقة فیکون ایقاعها فی اربع ایقاعاً فی المختص و هو غیر سائغ. و ما یتخیل من ان ادراک الرابعة للعشاء القاضی بصیرورة ما بعدها وقتاً صیّر لثلثه الأول للمغرب فغیر وجیه لدوران الحکم علی حال الادراک لا حال العلم به و حینئذ فتبنی المسألة علی أن من ادرک الخمس صلی الفرضین لأدراک الرکعة من الظهر فی المشترک، أو لأدراک الرکعة الأخیرة للعصر فیبقی الباقی للظهر فعلی الأول تختص الأربع عشاء لعدم ادراک رکعة من المشترک تزاحمه علی الثانی، یصلی المغرب و العشاء لأدراک الرکعة الأخیرة

ص: 139

للعشاء و قد علمت قوة الأول و ضعف الثانی و قد بنی العلامة ذلک علی وجه هو احد وجهین نقلها الشهید من تخریجات العامة و من أدرک من أول الوقت أو فی أثنائه مقدار الأربع فقط ان کانت رباعیة و الّا فمقدارها ثمّ جاءه العذر الشرعی الرافع لمقتضی التکلیف سقط عنه فرض الأخیرة و مضت الاولی أن أداها و لزمه القضاء مع عدم التأدیة. ان کان ادرکها اختیاریة بأخف ما یتمکن و لو قصراً فی مواضع التخییر و إن نوی التمام و صادفه العذر فی اثنائه مع شرائطها الاختیاریة لفاقدها. إن کان مختاراً و الّا فعلی حسب تکلیفه بأخف ما یتمکن منه و واجد الشرط یسقط عنه مراعاة الوقت له و فی ادراک الاضطراری للضیق وجهان الأقوی ذلک و متی ادرک ناقصاً عمّا کلف به سقط عنه القضاء قلَّ المدرک أو کثر و هو کمدرک ناقص الفرض آخراً من دون امکان تکملته من خارج الوقت فإنه لا قضاء علیه أیضاً و لا خطاب له بالأداء، و الأحوط القضاء مع ادراک الأکثر و استحبه العلامة مطلقاً و ربما أیده اطلاق بعض الأخبار و حیث مضی أن الأقوی عدم الفرق بین المشترک و المختص. و إن کان الاقتصار علی المختص قصراً لما خالف الأصل علی موضع الیقین لا یخلو من وجه و ان الصلاة فی غیر الوقت مع مصادفته، انما تصح للظان دون الناسی کأن من أتی بشی ء من الأخیرة فی وقت الأولی ناسیاً ثمّ ذکر بعد دخول وقت الثانیة فالأقوی البطلان و لو کان ظاناً لدخول وقت الثانیة فالأقوی الصحة و الأحوط الإعادة.

خاتمة

تشتمل علی مقامات:

أحدها: قد تطابق العقل و النقل کتاباً و سنة و اجماعاً علی رجحان المبادرة بکل مطلوب طلباً ایجابیاً أو ندبیاً بعد تعلق الطلب سواء کان موقتاً أو مطلقاً ما دام الطلب باقیاً فی کل جزء جزء من الزمان، و تتأکد المبادرة بتضاعف مراتب الطلب و من ذلک الفرائض الیومیة و رواتبها فی اوقاتها الفضیلیة و الأجزائیة و لکثرة اهتمام الشارع بها و حثه علی ایقاعها، خصّها زیادة علی الواجبات و المستحبات و غیرها بأن جعلته الفضیلة فی أول أوقاتها حتی نهی عن التأخیر عنه و وصف فی الکتاب العزیز الغافل عنها التارک لها فی أول وقتها و المتأخر عنه لا لعذر بأنه ساهٍ کما ورد به التأویل عن اهل التأویل و قد اتفقت النصوص حتی عدت مستفیضة أو متواترة الفتوی علی ذلک و المراد بالأولیة علی ما یظهر هی الأولیة العرفیة فالتشاغل بالمقدمات مع القریبة الفاصلة الغیر طویلة غیر مخل و الفصل الطویل مخرج عنها. و إن کان مع التشاغل بالمقدمات و الشرائط فتفوت فضیلة الأولیة و إن امتثل خطاب المبادرة إذا بادر من اول الوقت إلی المقدمات و منه یظهر الحکم باستحباب تهیئة المقدمات جمیعاً قبل الوقت اذ خطاب الفضیلة بأول الوقت یکون من المضیق، فیستدعی تقدیم المقدمات علی الوقت و لیس کذلک خطاب المبادرة فإنه یتوجه بعد توجه الخطاب علی حسب الإمکان، و قد استثنی الأصحاب من عموم الأفضلیة مواضع اقتصر فیها بعض و زاد آخرون حتی تجاوزوا بها العشرین و التحقیق أنها أربع یرجع ما ذکروه الیها و یعم کثیراً مما لم یذکروه.

أحدها: ما إذا عارض واجباً مضیقاً فإنه بناء علی صحة الموسع و عدم اقتضاء الأمر النهی عن الضد تسقط الفضیلة عند المعارضة لرجوع الأمر بالأول إلی خطاب استحبابی مضیق. و هو لا یمکن اجتماعه مع أمر ایجابی بالضد مضیق کما لا یمکن اجتماع امرین

ص: 140

ایجابیین مضیقین أو استحبابیین کذلک و کذا کلما استلزم الفعل فی أول الوقت و لو فی تحصیل مقدماته فعلًا محرماً خارجیاً أو فی الصلاة مفسدا کان أو غیر مفسد فإنه تسقط الفضیلة بذلک و مع احتمال التحریم و دوران الأمر بین جلب النفع و دفع الضرر فکذلک تسقط الفضیلة فی جمیع مقامات الاحتیاط فی التأخیر کما فی ذوی الأعذار و غیرهم و کذا فیما إذا کان فعله فی أول الوقت منافیاً لمقتضی الاحتیاط، فی أجزاءه و شرائطه أو فی امور خارجة احتیاطاً فی موضوعات أو احکام فإنه یرجح التأخیر و الإتیان بمعلوم السلامة، کما یقتضیه ادلة الاحتیاط عقلًا و نقلًا و التأخیر لمن علیه قضاء فریضة منه فلا یحکم باستحباب التأخیر لنفسه من دون نظر إلی الاحتیاط علی الأظهر و کذا التأخیر للظان مع امکان حصول العلم له بالانتظار.

ثانیها: ما إذا عارض مستحباً آخر مضیقاً و کان ذلک المستحب أهم فی نظر الشارع أو مساویاً لفضیلة أول الوقت فإنه تسقط الفضیلة فی التقدیم، و تکون الفضیلة فی التأخیر فی الصورة الأولی و یحکم بالتخییر فی الصورة الثانیة و هذا فی غیر ما دلَّ الدلیل علیه لا ضابطة له سوی نظر الفقیه علی حسب اختلاف مراتب المستحبات بحسب الزمان و المکان و المفاعل و العوارض، و بحسب انفرادها و اجتماعها و هذا باب واسع کثیر لا حصر له و ان ذکر منه التأخیر للنوافل الرواتب، و التأخیر للصائم إذا کان ثمّ من ینتظره، و التأخیر لقضاء حاجة المؤمن و التأخیر لأدراک فضیلة الجماعة. أما التأخیر لزیادة المأمومین فلعل الأقرب خلافه و أن ظهر بعضهم ذلک و فی التأخیر للحرّ فی المسجد دلیل علی أهمیة المسجدیة و هو غیر بعید و سیما المساجد المعظمة علی اختلاف مراتبها و المشاهد المحترمة و خصوصاً إذا قارنت الجماعة و لعل تأخیر صلاة المفیض من عرفات إلی المزدلفة من ذلک و کذا التأخیر حیث یستلزم التقدیم مشقة علی المصلی فإن مراعاة حال المؤمن فی الشارع أهم مما عداه، کما ترشد الیه احادیث التأخیر للحر، و کذا التأخیر عند وضع الطعام لما فیه من منافاة الاحترام للطعام و کذا تأخیر الفریضة عن سنة الأحرام علی ما نسب إلی المشهور و فیه اشکال من جهة المدرک و نحو ذلک ما إذا أرد الأمر بین فضیلة التقدیم و وقوع الصلاة علی حالة اخری فإنه یراعی فیها الأهمیة. علی نحو ما مرَّ و من ذلک ترجیح التأخیر لأدراک الإقبال فی الصلاة و فراغ البال و منه تأخیر الصائم إذا نازعته نفسه و تأخیرها مع مدافعة الأخبثین و نحوهما، و کذا تأخیر المسافر الصلاة إلی دخول البلد لأدراک فضیلة التمام و علی حسب شدة الاهتمام قد یکون احتمال ادراکها اهم من المبادرة و التقدیم، کما فی تأخیر الصلاة للمسلوس و المبطون و المستحاضة فیجری إلی کل مستدام الحدث بل و کذا کل مستدام الخبث و کذا الکل محتمل زوال العذر فإن الأظهر رجحان التأخیر لأحتمال ادراک الشرائط الاختیاریة التی وضفت أصل العبادة و شرعت معها.

ثالثها: ما إذا وضف الشارع لها فضیلیاً متأخراً فإن ادراک ذلک الوقت أفضل من المبادرة فی أوله و منه تأخیر العشاء إلی غیبوبة الشفق. و تأخیر صلاة اللیل إلی الثلث بل إلی ما قرب من الفجر، و فی حصول الفضیلة لأول الوقت الإجزائی لمن أراد أن یعمل فیه و لا یتأخر إلی الفضیلی، و کذا استحباب المبادرة فی کل جزء منه أو رجحان التأخیر و إنه کلما قرب إلی الفضیلی أرجح وجهان أقربهما الأول. و إن کان الثانی لا یخلو من قوة و نظیر ذلک توصیف الشارع للوتیرة أن تکون خاتمة للنوافل فتأخیرها عن اول وقتها لتکون خاتمة أولی.

رابعها: التأخیر فی مواضع المزاحمة بالنوافل کما فی نافلة اللیل و نافلة الظهر و العصر فإنه و إن کان أهمیة فیها بعد خروج وقتها أعلی أداء الفرضین و لکن ذلک لنص الشارع فیه.

ص: 141

خامسها: کما یجب قضاء الفرائض و یستحب المبادرة فیه حال الذکر کذا یستحب قضاء الرواتب، و قد ورد الحث الأکید علیه و أن اللّه عز و جلَّ یتعجب من القاضی و یباهی الملائکة به و یشهدهم أنه قد غفر له و ورد فی الناسی أنه یقضی بقدر علمه أو یقضی حتی یری أنه قد زاد علی ما علیه و فی العاجز عن القضاء أن یتصدق عن کل رکعتین من صلاة النهار بمدّ و کلّ رکعتین من صلاة اللیل بمدّ و مع عدم القدرة یتصدق لکل اربع رکعات و مع عدم القدرة أیضاً مدّ لصلاة اللیل و مد لصلاة النهار، و کذا یستحب المبادرة و التعجیل فیه علی حسب الامکان فإن امکن فی نهار الفوات أو لیلته قضی فیهما و الّا قضی ما فی اللیل نهاراً و ما فی النهار لیلًا و إلّا قضی فی المماثل و ما ورد من الأمر به محمول علی عدم الإمکان و ربما حمل علی التقیة، و فی موثقة عمار منع القضاء للفریضة و النافلة نهاراً فی السفر و هو متروکة، و لا یلزم بفوات الفرائض عن عمداً أو غیر عمد شی ء سوی الاستغفار فی العمد و فی بعض الاخبار الغیر الصحیحة أن من نام عن صلاة العشاء إلی نصف اللیل قضاها و أصبح صائماً و لعل المراد به تعمد النوم مع العزم علی عدم الیقظة أو عرفة ذلک من حاله حتی یکون النوم محرماً فیوافق عدا الصوم عقوبة و الأمر مع القضاء بالاستغفار فی مرفوعة ابن مسکان. و مقتضی ذلک أن من نام إلی الصبح لا یکلف الصوم ذلک الیوم بل ربما یظهر منها ان من ترک القضاء لا یأتی بالصوم، و فی لزوم القضاء للصوم علی تارکه مبادراً و لو متراخیاً وجه و الأظهر استحباب ذلک موافقة للمعظم بل المجمع علیه فإجماع المرتضی علی وجوب الصوم لا نعرف وجهه.

سادسها: قد مضی الحکم بقابلیة الاوقات للصلوات کلها عدا أوقات الفرائض الحاضرة المضیقة و ما یظهر من بعض القدماء من المنع فی خمس أو ثلث لبعض

ص: 142

الصلوات فمتروک عند أصحابنا. کما انه مشهور عند المخالفین ربما یحمل کلامهم علی شدة الکراهة کحمل ظاهر کثیر من الأخبار علیها ان لم یظهر منها التقیة أو علی ارادة صلاة مبتدعة، و أما الکراهة فی الجملة للصلوات الموسعة کراهة عبادة فی خمسة اوقات عند طلوع الشمس و عند غروبها عندیّة عرفیة من حین الطلوع بذهاب صفرتها و إلی حین الغروب و هو غروب الحمرة المشرقیة، و بعض الاصحاب حدّدوا عندیة الطلوع بذهاب حمرتها و عندیّة الغروب بذهاب صفرتها و فی بعض الأخبار ما یقضی بتحدیدها إلی حین ارتفاعها و صفائها و کذا تکره عند قیامها الّا فی یوم الجمعة و بعد صلاة الفجر لا وقته إلی حین طلوع الشمس و بعد صلاة العصر أیضاً لا وقته إلی حین الغروب، و حینئذ فقد یجتمع الوقتان مما لا تأمل فیه نصاً و فتوی، و ربما اومت بعض عبارات إلی نفیها و یشم من بعض أخبار ذلک و أن اظهار جمیع ذلک للتقیة انما الخلاف و البحث فی تعیین المکروه من الصلوات و الأقرب للأصل و الاطلاقات و العمومات و مقتضی الجمیع بین الروایات مع الشهرة بین الاصحاب قصر الحکم علی النوافل الأصلیة المبتدئة فلا کراهة فی الفرائض الموسعة الأداء منها و القضاء فرضاً بالأصل أو بالعارض و کذا فی النوافل بالعرض فلا تکره الفریضة المعادة نفلًا لاحتیاط أو لجماعة علی الأظهر، و کذا فی قضاء نوافل الرواتب و کل نافلة ذات سبب اختیاری أو غیره زمانی أو مکانی أو فعلی وقع السبب فی أوقات الکراهة أو قبله سبق السبب أو لحق فلا کراهة فی رکعتی الزیارة الواقعة من بُعد و أن کانت قبلها، و لا فی صلاة الاستخارة و نحوها و کذا لا کراهة فی صلاة من تظهر فی هذه الاوقات أو قبلها للرکعتین المندوبتین عقیب الطهارة سببها و ابتداء الخطاب بالسبب و اطلاق الامر به لا یخرج للصلاة عن کونها ذات سبب إلی المبتدئة و خیال الفرق فی ذوات الاسباب بین ما یکون المبادرة إلی مسبباتها مطلوبه، فترتفع الکراهة و ما لا تکون فتبقی الکراهة و إن استوجهه بعضهم الا إن الوجه غیر وجیه، و هنا مباحث اخر تأتی ان شاء اللّه فی القضاء.

ص: 143

المقصد العاشر: فی القبلة

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی بیانها

القبلة موضع الکعبة من تخوم الأرض إلی عنان السماء و لا عبرة بالجدران و لا برؤیتها، و یکفی أی جزء من اجزائها، و الحجر جزء منها علی الأظهر و إن کان الأحوط ترک ما زاد علی ستة أذرع منه و أحوط منه ترکه مطلقاً و کونها قبلة فی الجملة متفق علیه بین المسلمین بل من ضروریات الدین، و الذی یظهر من الکتاب و السنة أنها شرّفها اللّه کبیت المقدس قبل نسخه قبلة لجمیع العالم یستوی فیها الدانی و القاصی المشاهد و غیره المتمکن و غیره لا یشترک معها غیرها من مسجد حرام أو حرم إلّا ان الشی ء کلما بعد اتسعت دائرة استقباله عرفاً و صدق علیه الاستقبال حقیقة، کاشتراک الناس فی رؤیة الشمس و القمر و الکواکب علی حد سواء و لا عبرة بالمداقة الحکمیة و فرض خطوط التوازی فی الصدق العرفی، و کلما عسر تحرّیه للبعد عنه یتسامح فی استقباله و یکون صدق الاستقبال له عادة و عرفاً. إنما هو علی حسب ما یتحراه المستقبل من مرتبة العلم إلی الظن إلی الشک إلی الوهم کما هو غیر خفی فالاتساع فی القبلة فی البعد من حیثیة الاستقبال لا من حیثیة الاتساع بالقبلة و الّا فالقبلة عین واحدة لا زیادة فیها و لا نقص، و هذا هو المعنی بما اشتهر بینهم من انه یستقبل البعید جهتها فلیست الجهة امراً سواها و انما عنی بیان کیفیة الاستقبال فالبحث عن تفسیر الجهة و نقل الاختلاف فیه و اطالة الکلام فی النقض و الابرام تطویل من دون طائل و لعل من جعل القبلة لأهل الحرم المسجد الحرام و الحرم قبلة لأهل الدنیا تمسکاً ببعض اخبار ان بقیت علی حقیقتها ربما خالفت الضرورة عنی أیضاً ذلک باعتبار عن الخارج عن محاذاة هذه قد علم خروجه عن مسامتة الکعبة، و من تلک الأخبار یستعاد سعة دائرة القبلة و أن المدار علی صدق الاستقبال العرفی و لیس الامر فیها مبنیاً علی المضیق و المداقة کما هو المستفاد من فحاوی کلمات الأصحاب و یدلّ علی ذلک الشطریة فی الآیة الکریمة و عدم اعتناء النبی (ص) و امیر المؤمنین (ع) و الائمة

ص: 144

الطاهرین (علیهم السلام) و سائر المسلمین بضبط القبلة و وضع العلامات، و بناء الابنیة، و نصب الامارات، و کفاک أن غایة تحری العارفین الرجوع إلی الهیئة و لم تزل آراء اربابها فی ذلک مختلفة و اختیاراته مضطربة و بنائهم فیها فی معرفة العین و التعیین علی الحدس و التخمین و علاماتهم التی ضبطوها انما هی علی مهب الأهویة و وضع النجوم و هی محل للتفاوت و الاختلاف الفاحش و ان المساجد القدیمة کمسجد الکوفة بعض المشاهد المشرفة المنورة بنیانها القدیم لیست علی وفق الاعتبار، و قوله (ع) فی خبر السکونی فی تفسیر قوله تعالی: بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ هو الجدی، و علیه بناء القبلة و نحوه قول الصادق (ع) علی اختلاف ما ورد فی وضع الجدی أشد اختلاف علی أن وضع الشخص الواحد له مرتین مما لا یتحد و جعله من التحقیق فی تقریب تکلّف ابین شاهد علی الاهتداء به إلی القبلة، کالاهتداء به و بسائر النجوم إلی معرفة الطرق فی برٍّ و بحرٍ و ذلک مبنی علی التوسعة لا یضر فیه الانحراف الیسیر یمیناً أو یساراً أو یرشدک إلی ذلک صلاة مسجد القبلتین فإنه لم یکن قبل ذلک علی الظاهر علامات الکعبة و دلائل و یومی الیه الحکم بأن ما بین المشرق و المغرب قبلة و ربما کان فی حکمهم باستحباب التیاسر فی القبلة و فی الأخبار الدالة علیه تبینه و ارشاد الیه. و حیث تبین أن مدار الاستقبال علی العرفی و انه لا بدّ له من العلم بالعین فی مکان یظن أو یحتمل اصابتها کان اللازم تحری ذلک السمت و تلک الجهة التی فیها العین فإن تمکن من معرفة الجهة بملاحظة النجوم أو بالاختیار بالسیر و العلامات فی الطرق، أو بملاحظة قواعد الهیئة أن کان من أهلها. فإنه قد ادعی افادتها بالیقین بالجهة فیها و یکون استقبال اهل کل اقلیم إلی رکنهم، و إلّا اکتفی بالعلامات المنصوبة من قبل الشرع أو التی اعتبرها اهل الهیئة أو التی اشتهرت بین اهل ذلک القطر من المسلمین من أعراب أو اهل بلاد و تلک کوضع الجدی خلف المنکب الایمن حال ارتفاعه و انخفاضه علی ما اشتهر بینهم بکونه حینئذ علی دائرة نصف النهار کالقطب بخلاف ما لو کان منحرفاً نحو المشرق و المغرب أو اطلق بعض ذلک و ادعی عدم جودة هذا الشرط، و کذا جعل المغرب علی یمینه و المشرق علی یساره فی کل یوم بحسبه فیکون کل مشرق مع مغربه و یستقبل ما بینهما، فلا حاجة حینئذ بالتقیید بالاعتدالین الموقوفة معرفته علی استخراج حظ الاعتدال و ذلک لا یعرفه الا أوحدی الناس، و جعل عین الشمس عند الزوال علی طرف الحاجب الایمن و المراد أول الزوال کما هو ظاهر العندیّة فیوافق العلامة الثانیة دون الأولی اذ ذلک موافق لوضع الجدی بین المکتفین لا بوضعه علی المنکب الایمن و أن أرید و لو بعد الزوال بمدة وافق العلامة الأولی دون الثانیة و حیث بان الاختلاف بین هذه العلامات اشکل جعل کل ذلک فی أواسط العراق لا ان یبنی علی المسامحة، و لو بلغ التفاوت هذا المقدار و هو غیر بعید و من هنا جعل بعضهم العلامة الاولی لأواسط العراق کالکوفة و بغداد و ما والاهما و العلامتین الاخیرتین لأطراف العراق الغربیة، کالموصل و سنجار و ما والاهما، و أما اطراف العراق الشرقیة کالبصرة و ما والاها فهی أزید انحرافاً من الاطراف الغربیة إلی المغرب و لذا یجعل الجدی فیها علی الخد الایمن، و علامة الشام و ما والاها جعل الجدی خلف المنکب الایسر و جعل مغیب سهیل علی الیمنی و طلوعه بین العینین و مهب الصباء علی الخد الایسر و مهب الشمال علی الکتف الایمن و جعل بنات نعش حال غیبوبتها خلف الاذن الیمنی و علامة الیمنی و ما والاها جعل الجدی بین العینین، و سهیل وقت غیبوبته بین الکتفین و مهب الجنوب علی اسفل الکتف الیمنی و علامة أهل

ص: 145

المغرب جعل الجدی علی صفحة الخد الأیسر و غیر ذلک من العلامات التقریبیة التخمینیة التی اعتبروها.

المبحث الثانی: فیما تعرف به القبلة

و المرجع فی هذه الأمور مع البعد الذی یتعذر الاختبار معه بالمشاهدة و یتعذر أو یتعسر الاختبار بالسیر و الامارات و العلامات فی النجوم و علامات البرّ إلی معرفة علماء الریاضی، و لا یجب علی غیر العارف تعلم العلم الریاضی و إن تمکن من ذلک بلا مشقة بل یکتفی بالتقلید کما فی الأحکام الشرعیة و یعتبر فی المقلد هنا من البلوغ و العدالة و المعرفة بفنّه ما یعتبر فی المقلّد فی المسائل الشرعیة، و مع تعددهم و العمل بإختلاف آرائهم یتعین الرجوع إلی الفاضل منهم و الأحوط هنا أیضاً مراعاة المظنة بالتقلید و لا یکتفی بمجرد التعبدیة و یجب کفایة تعلّمه حیث لا طریق إلی التقلید فیه و لا مسقط وجوب ذلک لا مع التعذر أو التعسر و یکتفی غیر العارف بل و العارف و لا یلزمه الاختیار و النظر بقواعد الهیئة. و لا بالعلامات الموضوعة المعروفة إذا دخل بلاد أمن، و بلدان المسلمین المؤمنین و غیرهم ان یتعرف حالهم فی الاستقبال و یوافقهم علیه أما من محاریب مساجدهم أو من وضع مقابرهم أو ذبح ذبائحهم أو نحو ذلک، و لو اختبر خالف ذلک اختباره أو کانت العلامات الموضوعة مخالفة لذلک عوّل علی نظره و العلامات لا ان یستند فعل المسلمین إلی وضع محراب معصوم أو فعله أو حفر قبر بحضرته و لم یعم احتمال التقیة منه (ع) فی جمیع ذلک و لو دار الامر بین تقلید العارف المختبر و الرجوع إلی هذه قدم الرجوع إلی هذه فإنها من الاجتهاد ما لم یعلم خطأها و الاشتباه فیها. و الأعمی و نحوه ممن یشق علیه المعرفة و النظر و لو کان لجهل فیه و بقلّة بصیرة یقلّد فی الاستقبال و العلم بالقبلة و لا حاجة إلی معرفة کون حکمة ناشیاً عن نظر أو عن اطلاع بالعلامات أو اجتهاد فیها أو اطلاعه علی أحوال المسلمین، و لیس التقلید فی حقه علی الظاهر تعبدیاً کما فی تقلید المجتهد حکماً و موضوعاً کما یرشد الیه قول ابی جعفر (ع) فی جواب من قال: (

أصلی خلف الأعمی؟ نعم إذا کان له من یسدده

) و أنما مداره علی حصول المظنة من دون التقلید اجزأت أیضاً و لو حصل التقلید من دونها لم یجز، و کانت صلاته غیر صحیحة و أن أصاب الواقع و لا لا یلزمه تحرّی اقوی الظنون و لا تقدیم الظن الاجتهادی علی التقلیدی و لا لزوم الرجوع إلی الأعلم و الأعدل مع تعدد المقلدین کما یلزمه تحری القطع و الیقین فإن العسر و الحرج فیهما حاصل بالنسبة الیه مع ما دل فی الروایات علی الاکتفاء فی صلاته و الصلاة خلفه بمجرد توجیه القوم له. نعم، إذا حصل له ظن لم یجز له العدول إلی اضعف منه، فلو علم باختلاف الفاضل و المفضول و کان ظنه فی جانب المفضول لم یجز له تقلید الفاضل و الظاهر اکتفاؤه بمجرد الظن حتی الظن الضعیف و لا یلزمه زیادة الطلب و إن کان مع عدم المشقة فی طلب ما زاد، و الأحوط مراعاة الظن المتوسط حیث لا مشقة فی تحرّیه و لا یکتفی بمجرد الرجحان و لا عبرة بالظن الناشئ من خبر الکافر و لا خبر غیر البالغ و لا تعتبر العدالة و لا الایمان هنا فی الخبر علی الأظهر، و لا الحریة و لا الذکورة و من لا یشق علیه المعرفة و النظر لم یکن له التقلید مع التمکن من الاجتهاد بالنظر إلی قواعد الریاضی إذا کان عالماً بها، أو بالنظر إلی العلامات و الامارات المرشدة إلی ذلک أو بتعرف احوال المسلمین فإن افاده التقلید ظناً اقوی من اجتهاده للأصل و ظاهر النص و الفتوی و الرجوع إلی الاخبار بأصل القبلة أو بالعلامة لا عن اجتهاد فیهما أو الاخبار بأحوال المسلمین من الاجتهاد و لیس من التقلید و لا یلزمه إذا کان نائباً بعیداً عن المشاهدة طلب العلم بالقبلة و ان تمکن من تحصیله و لا طلب العلم بالعلامات الموضوعة لمعرفة الجهة و لا العلم بأحوال المسلمین أو بما

ص: 146

نصبه المعصوم (ع). بل یکفی الظن الغیر التقلیدی بالنسبة إلی السلیم و لو تعارضت طرق الظن اخذ بالرجح و لو کان ناشئاً عن اخبار مخبر فیقدم الخبر بأصل القبلة أو بالعلامة إذا لم یکن عن اجتهاد، أو بأحوال المسلمین علی اختباره بأصل القبلة أو بالعلامات أو بأحوال المسلمین إذا کان اوثق عنده من اختباره و نظره و لو مع اختلاف جهتی الخبر و الاختبار فیعول علی الخبر بالعلامة. و إن کان الاشتباه بأصل القبلة إذا قوی الظن بأصل القبلة من الأخبار بتلک العلامة و هکذا طرق الظن الباقیة و الأحوط طلب العلم بالقبلة أولا، ثمّ طلب العلم بالعلامات، ثمّ طلب العلم بأحوال المسلمین و ما استقروا علیه، ثمّ طلب الاقوی فالأقوی من الظنون و یدل علیه قول ابی جعفر (ع): (

یجزی التحری أبداً إذا لم یعلم این وجه القبلة

)، و ما فی مضمر سماعة فی صلاة من لم یرَ الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: اجتهد رأیک و تعمد القبلة جهدک، و قول الصادق (ع) عن آبائه: (

لو لم یکن الدلیل علیها موجوداً حتی تستوی الجهات کلها حینئذ فله أن یصلی باجتهاده

) حیث أحب و اختار حتی یکون علی یقین من الدلالات المنصوبة و العلامات المثبوتة، و فی دلالتها بحث و من هذه الروایات و ما تقدم فی الوقت و قضاء الطریقة یظهر إنه علی کل حال لو تعذر علیه العلم اول الوقت صلی بالظن و کذا لو تعذر علیه الظن الأقوی صلی بالأضعف و لا یلزمه الانتظار بل لا یبعد عدم رجحانه فی القبلة، و من لا یعرف القبلة و لو عن تقلید فیکون التقلید مرتبة ثالثة بعد العلم و الاجتهاد لا مرتبة ساقطة و هو نوع من التحری و الجهد عند تعذر الاجتهاد ان دار شکه بین جهتین صلی صلاتین الیهما أو بین ثلاث جهات صلی ثلاث صلوات إلی ثلاث جهات. فإن جهل بالمرة صلی إلی أربع جهات أربع صلوات، و لا

ص: 147

یکتفی بصلاة واحدة إلی أی جهة شاء لدلیل المقدمة مع النص المخبر بالشهر و اصالة الشغل و لا تحری القرعة هنا لعدم الاشکال مع التمکن من الاحتیاط و لمخالفتها النص مع ظاهر الاجماع علی الغائها فی العبادات و یجزی ذلک فی صلاة الجنازة و فی ما یشترط فیه الاستقبال ما لم یکن تکراره متعذّر کالذبح و الدفن و الاحتضار و المراد بالجهات الجهات المتقابلة من الامام و الوراء و الیمین و الیسار، فلو حصل الشک فی أجزاء جهة واحدة لم یکلف الصلاة المتعددة و أجزأت صلاة واحدة و لعل ما ورد مما ظاهره الاجتزاء بصلاة واحدة للتحیر حیث یشاء و أینما توجه محمول علی ذلک و لو حصل الشک فی الجهات لم تجز الصلوات المتعددة إلی اجزاء الجهة الواحدة تباعدت أو تقاربت، و لو لا ما وردت من الصلاة إلی أربع جوانب و الصلاة إلی أربع وجوه مع تأیده بالشهرة و أقربیته إلی الاحتیاط لأمکن الاقتصار علی ثلاث صلوات استناداً إلی حصول العلم بالفراغ بذلک للعلم بمصادفة صلاة منها مع تثلیث الجهات و جعلها علی هیئة المثلث إلی ما بین المشرق و المغرب و هو قبلة، و التربیع لا یزید علی الحکم بمصادفة ذلک و یمکن القول بأن التربیع تخفیف لما قضت به المقدمة للنص و لیس ما بین المشرق و المغرب قبلة للمتحیّر بل قبلة للمخطئ ثمّ إن لزوم التعدد هنا کسائر باب المقدمة تابع لحصول الشک ابتداء، فلو صلی بعلم أو یظن ثمّ حصل له الشک و الوقت باق لم یکلف التعدد بل لا یشرع له، و لو حصل الشک فی الأثناء فالأقرب عدم لزوم التعدد أیضاً و الأحوط ذلک و کذا لو صلی غافلًا أو ذاهلًا و لم تسبق له حالة شک فالاکتفاء بتلک الصلاة الواحدة ما لم یعلم عدم مطابقتها قوی و کذا تابع لاستمرار الشک فلو انقلب علماً أو ظناً تبعهما الحکم سواء تعلقا بما فعل سابقاً و لو إلی ما بین المشرق و المغرب فیجزی به أو بما لم یفعل فیلزم الاتیان به و لو رجعا إلی الشک لزمه حکم الشک ما لم یحصل الفعل بعدهما فی الصورة الثانیة فإنه لا یلتفت حینئذ إلی الشک و لو ضاق الوقت عنها اتی بالممکن مخیراً فی ایقاعه إلی أی جهة شاء و ادرک الرکعة قائم مقام ادراک الغرض و لا قضاء عن الساقط، و لو فات عن عمد و لو قیل بلزوم القضاء مع ترک شی ء منها و لو واحدة اختیاراً فی آخر الوقت لکان له وجه فیلزم القضاء علی من صلی شیئاً منها ثمّ ترک الباقی مع السعة، و الأحوط تأخیرها إلی الضیق بحیث لا یبقی من الوقت ما یزید عن مقدار أربع صلوات لا سیّما مع رجاء المعرفة بل الأقوی لزوم ذلک مع رجاء المعرفة للشک فی دلیل الاحتیاط مع رجاء اصابة الواقع و عدم ظهور اطلاق النص و الفتوی لشمول ذلک، و یجری ذلک فی سائر باب المقدمة، و لو قصّر فأخر حتی بقی وقت واحد أجزأت و لا قضاء و لا بانت السعة فی الوقت، لزمه الاتیان بالباقی و لا یأثم بالتأخیر مع ظن المعرفة و یأثم مع عدم رجاء المعرفة و مع ظن عدمها و احتمال المعرفة یبعد الاثم سیّما مع صفة الاحتمال و عدم قوته و قد تقدم فی مباحث اللباس و الوقت ماله دخل فی المقام فلیراجع.

المبحث الثالث: فی وقوع الخطأ

لو دخل فی الصلاة دخولًا مشروعاً مع الخطأ بالقبلة سواء کان دخوله عن قطع بابها أو ظنّ أو تقلید أو لکون الصلاة أحد الصلوات المأمور بها مقدمة و لانحصار الآمر بها إلی أی جهة شاء أو کان وقوعها عن جهل بالقلبة معذور فیه لاشتباهه بالاجتهاد بالأخذ عن الدلیل الشرعی أو بالتقلید، و ظهر له الخطأ بالقبلة فی اثنائها فإن کان بین المشرق و المغرب إلی جهة القبلة أما ما بینهما إلی عکسها فلحق بهما أو بالاستدبار علی أحد الوجهین و إن کان الأظهر الأول صحت صلاته و انحرف الی القبلة و لو ببعض التسلیم و یلزم الانحراف فوراً و لا یجوز البقاء و إن لم یصادف فعلًا من أفعال الصلاة کما هو الشأن فی باقی الشرائط علی

ص: 148

الأظهر و قد نصت علیه هنا موثقة عمار و یجری ذلک فی الناسی للقبلة و الغافل و المضطر راکباً أو ماشیاً أو غیرهما لتقیة أو غیره و الجاهل یحکم الاستقبال جهلًا معذوراً فیه ثمّ ان التعبیر بما بین المشرق و المغرب هو الموافق لمتون الاخبار و قد عبّر به بعض الاصحاب و فی عبارات بعض ما بین الیمین و الشمال و تظهر الثمرة فیما لو کانت القبلة علی نفس المشرق و المغرب و فیما لو کانت قربته من أحدهما بعیدة عن الآخر فیختلف حال کل من البعید و القریب صحة و بطلاناً علی اختلاف التعبیرین و احتمال ارجاع الأولی إلی الثانیة لیس أولی من العکس و استبعاد سقوط ذلک حیث تکون القبلة نفس المشرق و المغرب مع خلو الأخبار و کلمات الأصحاب عن التعرض له و الحکم بالصحة مع کثرة الانحراف فی مقام و الحکم بالبطلان مع قلته فی آخر و کذا الحکم مع اختلاف جانبی المشرق و المغرب

ص: 149

فیکون الانحراف إلی جانب و ان کثر غیر مضر و إلی جانب الأخر مع قلته مضراً محض استعباد و لا دلیل علی کون علّة الحکم کثرة الانحراف و قلته کما یظهر ممن عبّر و جعل الحکم معلقاً علی الانحراف الیسیر و الکثیر فالرجوع إلی ظاهر الاخبار غیر بعید و ان کان مراعاة الیمین و الشمال و تنزیل ما فی الاخبار مما بین المشرق و المغرب علی الغالب من حال الرواة للاستبعاد المذکور و مع فهم کثیر من الأصحاب ذلک لا یخلو من قوة و فی خبر ابن عمار ما یومی الیه حیث انه سأل عن الانحراف عن القبلة یمیناً و شمالًا فأجاب فیکون المدار علی آخر المشارق و المغارب الشتائیة أو أخرها صیفیة علی اختلاف الاستقبال و لعل هذا بناء علی العمل بظواهر الاخبار اظهر بمضی صلاته. و إن ما بین المشرق و المغرب قبلة و حینئذ فلا حاجة إلی البحث عن ان المراد بالمشرق و المغرب الاعتدالیان أو ای مشرق و مغرب و ان نفس المشرق أو المغرب أو مستدبر القبلة أعاد الصلاة ذات الوقت و غیرها فی الوقت و خارجه بعد قطعها سواء بقی من الوقت بقدر ادائها أو اداء رکعة منها أو لم یبق، و یجری ذلک فی جمیع ما مرَّ و فی المضطر وجهان أقربهما الصحة مع عدم بقاء وقت یسع الفعل و البطلان مع بقائه و فی المتسع للرکعة اشکال و لو ظهر له عدم الاستقبال بعد الفراغ و کان مستدبراً للقبلة أعاد فی الوقت و قضی خارجه إذا ظهر له ذلک فی الوقت المتسع لأداء العمل أو اداء رکعة منه، بلا تأمل فی جمیع ما مر سوی المضطر إذا ارتفع عنه العذر. فإنه لا اعادة علیه و إذا ظهر فی خارجه لا اعادة فی غیر الناسی و الغافل و الجاهل بالاستقبال و أما هؤلاء فإنهم یعیدون مطلقاً علی الأقوی لقضاء شرطیة الاستقبال و أدلته مع أن ادلة السقوط لا تشمله لظهورها فی الاشتباه و الإلحاق بالمشتبه المخطئ قیاس و دلیل رفع النسیان لو لم یظهر منه الاثم و عمّ فهو لا یقاوم عموم ادلة الاشتراط و لو قصر ذلک علی المجتهد فلا یعم من صلی و هو غیر عالم بها کصلاة المتحیّر لظواهر بعض الأخبار القاضیة بأن سقوط القضاء للاجتهاد و التحری مع دعوی انصراف الباقی منها الیه لم یکن بعیداً و یقضی احتیاطاً و فی الوقت الغیر المتسع وجهان أظهرهما عدم لزوم الاعادة لانصراف الوقت فی الأخبار لما یسع العمل و لو ظهر له الخطأ فی القبلة فی أثناء الوقت، و لکن لم یذکر ایقاع الصلاة علیها حتی خرج الوقت ففی لزوم الاعادة وجهان أظهرهما من الأخبار عدمها و أن کان إلی المشرق و المغرب أعاد فی الوقت علی نحو ما مرّ لا فی خارجه و فیما بین المشرق و المغرب حکم المستقبل لا اعادة علیه لا فی الوقت و لا فی خارجه فی جمیع ما مرَّ لا یخص ذلک المخطئ لعموم دلیله و جعل ذلک حداً للقبلة ثمّ أن المدار فی الظهور فیما مرَّ علی حصول العلم أو قیام البینة علی تأمل فی الأخیر. أما لو کان بطریق المظنة من اجتهاد أو تقلید أو اخبار فلا عبرة به بعد الفراغ قوی علی الحالة التی دخل فی الصلاة و هو علیها أو ساواها أو ضعف عنها، الّا إذا کانت الحالة السابقة حالة شک و قد طرء الظن ففی أجراء حکم القطع علیه وجه الأقوی خلافه أیضاً و أما مع حصول المظنة فی الاثناء فالأظهر اجراء حکم القطع علیها صحة و بطلاناً فلو تغیر قطعه أو اجتهاده الذی دخل فی الصلاة علیه إلی اجتهاد الیمین أو الشمال أو الاستدبار و هو فیها بطلت و إن کان إلی ما بین المشرق و المغرب وجب الانحراف مع الحکم بالصحة.

المبحث الرابع: فیما یوجب الاستقبال

یجب الاستقبال فی صلوات الفرائض اصالة بالعارض و فی أجزائها المنسیة و سجود السهو، و یشترط فی صلاة النوافل. و یجب فی وضع المیت عند الاحتضار و بالقبر، و یشترط فی الذبح و النحر، و انما یلزم الاستقبال فی جمیع هذه مع الإمکان فلو تعذر صحت هذه الأفعال بلا

ص: 150

استقبال و فی لزوم استقبال ما بین المشرق و المغرب عند تعذر القبلة وجه غیر بعید و اطلاق بعض الأخبار یدل علیه بل و لزوم تقدیم الیمین و الشمال علی الاستدبار و مراعاة الأقرب فالأقرب منهما إلی القبلة، و مما بین المشرق و المغرب الیها لا یخلو من وجه فلو اضطر إلی صلاة السفینة أو الراحلة أو ماشیاً لزمه الاستقبال فیهما مهما أمکن و مع التعذر یستقبل فی تکبیرة الاحرام و قد تقدم تمام البحث فی ذلک فی مبحث المکان و لا یلزم ذلک فی النافلة بل یصلیها حیث توجه فی السفر و الحضر اختیاراً أو اضطراراً فإنه ثمة وجه اللّه و یومی للرکوع و للسجود اخفض منه و لا یلزم فیها رفع المسجد بل و لا الرکوع و السجود و أن کان متمکناً منهما و استحبابهما غیر بعید و لا الاستقبال بتکبیرة الاحرام. و إن استحب ذلک بل هو أحوط و الأقرب استحباب الاستقبال حال الرکوع و السجود أیضاً و کشف الوجه حال السجود

ص: 151

و استحباب استقبال رأس الدابة و صدر السفینة، هذا فی جمیع النوافل و أجزائها علی أی هیئة کان المصلی، الّا إذا کان واقفاً مستقراً فإنه یجب علیه الاستقبال فی تلک الافعال جزءاً أو کلًا و فی وجوبه مع الوقوف و الاستقرار. و إن لم یصادف فعلًا من افعالها وجهٌ قوی اقتصاراً علی المتیقن من وظائف العبادات ثمّ إن الاستقبال من حیث ذاته فضلًا عن مقارناته متّصف بالأحکام الخمسة فکما یلزم فیما ذکر یحرم عند التخلی علی ما مرَّ، و یکره عند الجماع، و یستحب للدعاء و القضاء و لسائر الأفعال من العبادات علی وجه بل الأقوی استحبابه فی نفسه مطلقاً لقوله (ص): (أفضل المجالس ما استقبل به القبلة)، فیسقط عن حکم الاباحة و أن وقع من دون نیة و لم یستحق علیه ثواباً و یکون متصفاً بالأربعة الباقیة.

المبحث الخامس: فی کیفیة الاستقبال

لیس للاستقبال حقیقة و لا حدّ شرعیان، و انما هو موکول إلی العرف علی اختلاف الهیئات للشخص من قیام و قعود و اضطجاع و استلقاء علی القفا و الوجه، و رکوع و سجود و المشکوک فیه لا عبرة به و بمقتضاه.

یجب الاستقبال بالوجه و مقادیم البدن کالصدر و البطن و نحوهما فلو استقبل بالوجه فقط لم یکن مستقبلًا، و کذا لو استقبل بما عداه دونه و لو تعاکس النصف الأعلی و الأسفل قدم الأعلی و لو تعاکس الوجه مع غیره فالأقرب مراعاة الوجه و لا یلزم الاستقبال بالأطراف، و الأحوط الاستقبال بالقدمین أیضاً حالة القیام و الاضطجاع و هو فی الاضطجاع اشد، أما الیدان فیضعهما کیف شاء و یجری ذلک فی جمیع أنواع الاستقبال.

المقصد الحادی عشر: فی کیفیة الصلاة الیومیة الواجبة الاختیاریة

و عدد رکعاتها قصریة و حضریّة أدائیة و قضائیة علی الاجمال، و منه یعرف أقل المجزی فتأمل فیه، و فی المجزی عند المخالفین و سیّما الحنفی و تبصّر فیه؟ یُنبئکَ أن دینهم صادر عن ابتداع و اختراع و لیس صادر عن رب حکیم و نبی مطاع، إذا اراد الصلاة بعد حصول شرائط التکلیف و قد أحرز شرط الاسلام و الایمان و أتی بالشرائط المذکورة من الطهارة عن الحدث بشرائطها، و الطهارة عن الخبث، و الساتر بشرائطه و لاحظ المکان و لاحظ شروطه، و الوقت و القبلة، قام أخذاً عن الطریق الشرعی من اجتهاد أو تقلید ناویاً للصلاة المعینة نوعاً لا وصفاً و هیئة الّا مع تعدد الأفراد فیفتقر إلی ما یحصل به التمایز قاصداً وجه اللّه و التقرب الیه مقارناً للتکبیر من أوله إلی آخره مقارنة داع لا احضار و لو قیل بالاکتفاء بالمقارنة لأول التکبیرات الست، لم یکن بعیداً قائلًا اللّه اکبر ثمّ یقرأ الحمد و سورة مستقراً فی قراءته و تکبیره ثمّ یرکع مطمئناً قائلًا: (سبحان ربی العظیم و بحمده) مرة أو ثلاث مرات أو خمسة أو سبعة، و فی جری الحکم إلی الاثنتین و الأربع و الست وجهان الأقوی ذلک أو بقول اکثر من ذلک و لو تجاوز الثلاثین و بلغ الستین، أو بقول: (سبحان اللّه) ثلاثاً و لا یکتفی بغیر التسبیح من الذکر مطلقاً و لا بذکر خاص و لا بالأقل من ذلک و الأحوط التسبیحة الاولی التامة مع التثلیث، ثمّ یرفع نفسه منتصباً مستقراً ثمّ یهوی إلی السجود ساجداً علی سبعة أعضاء: الجبهة، و الکفین، و الرکبتین، و طرفی ابهامی الرجلین مستقراً واضعاً للجبهة علی ما یصح السجود علیه قائلًا: (سبحان ربی الأعلی و بحمده) مرة أو ثلاثة أو خمسة أو سبعة أو أکثر أو یقول (سبحان اللّه) ثلاث مرات ثمّ یرفع رأسه حتی یجلس منتصباً مستقراً ثمّ یسجد مرة أخری و یصنع کما صنع فی الاولی ثمّ یقوم و یقرأ الحمد و السورة و یصنع فی الرکعة الثانیة کما صنع فی الرکعة

ص: 152

الاولی فإن کان فی ثنائیة کالصبح و صلاة السفر تشهد و سلم بأن یقول: (أشهد ان لا اله الا اللّه وحده لا شریک له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله اللهم صل علی محمد و آل محمد السلام علیک ایها النبی و رحمة اللّه و برکاته) إلی هنا علیکم و الأحوط الإتیان بقول: و رحمة اللّه و برکاته، و الأحوط الإتیان (بالسلام علینا و علی عباد اللّه الصالحین) سابقاً علی السلام علیکم و أن کان فی الثلاثیة کالمغرب قام بعد التشهد قبل التسلیم و قرأ الحمد وحده سراً أو قال بدله: (سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الا اللّه و اللّه اکبر) محافظاً علی اللفظ العربی مرة أو ثلاث مرات، ثمّ یرکع و یسجد و یفعل ما مرَّ، فإذا رفع رأسه تشهد و سلّم، و إن کانت رباعیة ترک التشهد و التسلیم بل یقوم بعد رفعه من السجود یأتی بالرابعة علی نحو الثالثة فإذا رفع رأسه من السجدة الاخیرة تشهد و سلم علی

ص: 153

النحو السابق، و هذا المقدار کاف فی الصلاة و اذا أضاف الأذان و الإقامة و التکبیرات الست و القنوت و السلام علی النبی فقد فعل ما هو الأفضل و اهتدی إلی الصلاة من بابها.

المقصد الثانی عشر: فی ذکرها مفصّلة و یتبعه الاذان و الاقامة

اشارة

و فیه مباحث:

المبحث الأول: فی الأذان و الإقامة

و هما مشروعان ضرورة وحیاً من اللّه عز و جل عندنا فی الفرائض الیومیة الخمس حضراً و سفراً و صلاة الجمعة، و مستحبان مؤکدان فیها خارجان عنها لا واجبان عیناً و لا کفایة من دون فرق بین مؤداتها و مقضیتها و بین جماعتها و فراداها و بین المغرب و الغداة منها و غیرهما و بین کون المصلی ذکراً أو انثی، الّا أن الاقامة أشد استحباباً و علیه ما ظهره الوجوب و فعلها احوط و کذا هما فی المغرب و الغداة و فی الجماعة و فی الأداء و حیث یکون المصلی ذکراً أشد استحباباً مما قابله حتی قیل بالوجوب فی خصوص المغرب و الغداة مطلقاً أو فی خصوص الرجال و قیل به فی الجماعة مطلقاً أو فی خصوص الرجال و صرح بعض بانعقادها بهما، و إن التارک لهما لا جماعة له فی المبسوط مضی الصلاة و فوات فضیلة الجماعة بدونهما و جعله فی الدروس تفسیراً للقول بالوجوب و حکم بتأکدهما جماعة فی الجهریة مطلقاً و أوجبهما بعض فی الجمعة، و یعتبر فیهما نیة القربة لأنهما عبادتان من دون فرق بین الاذان الصلاتی مع الانفراد و الجماعة و الأذان الاعلامی فلو اذن أو اقام بلا نیة لم یکن مجزیاً و استحبابهما مع الانفراد عینیّ و فی الجماعة و الأذان الإعلامی یحتمل ذلک و ان المکلف به متعدد و لا ینافیه السقوط و حصول الرخصة عن الباقی مع فعل البعض و یحتمل الکفایة و إن المکلف به منحد. و إن کان المکلف عاماً، و بعد تحقق الفعل من البعض یرتفع الخطاب لعدم بقاء محله و اظهر الوجهین الأول ثمّ أن العبادة و ملاحظة القربة فیها لا تمانع تعلق الاستیجار بها و تعلق ملک آخر بها علی العامل لها و انما یمانع الوجوب ذلک فلا تتعلق الاجارة بالواجبات و أن لم تکن من العبادات، و کذا یمانع الاجارة و یدافعها اختصاص النفع بالأجیر فما کان من المستحبات نفعه مختص بالأجیر و لا یعود منه نفع علی المستأجر لم یصح الاستیجار و لا أخذ الأجرة علیه کما فی المباحات من الأعمال حیث تکون کذلک و أما ما عاد منه نفع علی المستأجر. و إن کان مستحباً فلا مانع من الاستیجار و أخذ الاجرة علیه الا ما قام فیه الدلیل علی منعه و الأذان و الاقامة بعد الحکم باستحبابهما احتمل جعلهما من الصورة الثانیة حیث أن نفعهما أخروی فیخص العامل المباشر و ثمرة و ثمرة السقوط فی الجماعة حکم شرعی تابع للسماع و کذا التنبیه فی الأعلامی من الأغراض التابعة فلا یکون ذلک من المنافع المقصودة بالأصالة المسوغة لأخذ العوض و احتمل جعلهما من الصورة الثالثة للإجماع منقولًا بل محصلًا و النص المنجبر بالشهرة متناً و سنداً علی حرمة أخذ الأجرة علی الأذان و الاقامة اولی منه لعدم الکلفة فیها و علی کل حال فلا یجوز اخذ الأجرة علیهما کسائر العبادات التی یحرم الاستیجار علیها من دون فرق بین أخذها من بیت المال و غیره، نعم لا بأس باعطاء المؤذن اعلاماً و جماعة و اعانته و مساعدته سواء عین قدر العطیة أو لا لاشتغاله بمصلحة من مصالح المسلمین و قیامه بمهم من مهماتهم بل یستحب ذلک و هو من التعاون علی البر و التقوی و منه إذا لم یحصل متبرّع بالمال رزق من بیت المال من المال المعدّ لصالح المسلمین لا من المال المعین الّا حیث یدخل تحت الوصف، فیجوز اعطائه منه و المدار فیه

ص: 154

علی ما یکون فیه مصلحة للمسلمین من وجود مؤذن لا یأخذ شیئاً و عدمه، و من الاحتیاج إلی التعدد و الکثرة و عدمهما أو الاحتیاج إلی الاتصاف بصفات الکمال فی المؤذنین و لا عبرة بالغنی و الفقر و یختصان بالفرائض الیومیة و منها الجمعة و لا یشرعان صلاة و اعلاماً فی غیرها بل یقال الصلاة ثلاثاً بالنصب أو بالرفع أو بالتفریق فی صلاة العیدین للأعلام أو فیه، و فی صلاتها جماعة أو فیهما و فیها فرادی و لعل الأول من لفظ ینادی فی الخبر أظهر و استحب بعضهم ذلک فی کل صلاة مفروضة و قصرة بعض علی الجماعة فیها و سرّاه آخرون إلی المندوب جماعة کالاستسقاء و هو غیر بعید إن لم یقصد الخصوصیة و قصد مجرد التنبیه و الاعلام و لو مع حضور الجمیع لأجل التهیؤ و الاقبال و استشکلا العلامة فی صلاة الجنازة و غیر بعید أنها کذلک إذا صلیت جماعة، و اذن فی ترک الاذان مع بقاء استحبابه و الترک رخصة أو الحکم بکراهته کراهة عبادة أو الحکم بتحریمه علی اختلاف الآراء فیه یوم الجمعة لمصلی العصر مع الجمعة أو الظهر جامعاً أو مفرقاً بنافلة أو مدة زمان أو مع عدم صلاة واحدة منهما علی وجه، و المصلی العصر فی عرفة فی یومها و هو المعنی بقوله مع الحاج من دون فرق فیه القضاء بین الجمع و التفریق بل و صلاة الظهر و عدمها أو العشاء فی المزدلفة مع الحاج أیضاً لا مطلقاً علی الأقوی علی نحو ما عرفه، و للجامع بین الصلاتین المؤداتین المبتدئتین جمع فی وقت الأولی أو وقت الثانیة کان الجمع لازماً أو مأذوناً فیه أو مرجوحاً کما إذا تعمد ترک التنفّل فی محل استحبابه و جمع بین الفرضین و لا یکفی فی الجمع مجرد ترک التنفّل مع حصول الفاصلة المعتبرة عادة و ان کان التنفّل غیر سائغ، کما فی صلاة السفر الذی یظهر بعد امعان النظر فی ادلة الأذان و ادلة السقوط فی الثلاثة الأول و فی مطلق الجمع مقتضی حکمة مشروعیته و التأمل فی کلمات الأصحاب سقوط الأذان الإعلامی للفرض الثانی، حیث یسقط التفریق الأعلام بفوات التوقیت و یکون الاذان له محرماً غیر مشروع صادف اتصاله مع الفرض الأول أو انفصاله عنه ویتعیّن الأذان للفرض الأول و ان وقع فی وقت الثانیة و حیث لا یسقط التفریق و یحصل الجمع یسقط التکرار للأعلام أیضاً ما لم تصادف کل صلاة وقتها فنفع الأولی بآخر وقتها و الثانیة بأوله لیکون لکل أذان، و فیما عدا ذلک لا یشرع التعدد یکون الاذان الإعلامی لذات الوقت فإن جمعهما فی وقت الأولی کان أذان واحد لها و لو صلاها بلا اذان لم یشرع الأذان الإعلامی للثانیة قبل وقتها و إن انفصلت الثانیة عن الأولی أو حصل التفریق بالنافلة و ان جمعهما فی وقت الثانیة کان الأذان لها و أن حصل الفصل و التفریق و لو صلی الأولی بلا اذان اذّن للثانیة، و أما الأذان الصلاتی فهو باق علی مشروعیته مطلقاً لا یسقط علی حال الا ان فی الثلاثة الأولی مکروه مع عدم الفصل المعتد به و فی الجمع لا کراهة، و انما الترک اذن و رخصة فتکون أقلیة الثواب و لا یبقی ذلک الحثّ و التأکید، و أما مع الفصل بنافلة و غیرها فالأذان باق علی استحبابه، و کذا اذن فی ترک الأذان بل و ترک الاقامة لمرید الصلاة جامعاً اماماً أو مأموماً أو منفرداً علی الأظهر من الفتوی و فی الروایات دلالة و تنبیه علیه، و قد سمع اذان مؤذن آخر للصلاة أو اقامته جماعة أو منفرداً و لم یتکلم السامع فی الاقامة و بعدها بل و فی الأذان علی ما یظهر من روایة ابی مریم و لو لا اعراض الاصحاب عن اعتباره و یستثنی اذان منفرد اراد الجماعة إماماً أو مأموماً فإنه لا یکتفی بذلک الأذان لتلک الجماعة کما یقتضیه خبر عمار المبحرة بالسهرة محصلة و منقولة بل بظاهر الاجماع و الملازمة بین هذه و الصور الباقیة فی محل المنع فلا تعارض بین الادلة و لو سمع البعض دون البعض احتمل الأجزاء به و الاکتفاء بسماع البعض و عدم الاجتزاء رأساً و الاکتفاء بما سمع و الاتیان بما لم یسمع و هو الأقرب لما فی صحیحة ابن سنان، فیمن اراد

ص: 155

الصلاة بأذان من نقص أذانه انه یتم ما نقص من اذانه و فی اجتراء سامعها بالأذان الملفق منهما، و کذا اجتراء الجماعة به وجه غیر بعید الّا ان الأقوی خلافه و کذا لو قصد واحد تبعیض الأذان فذکر البعض أو ذکر البعض و ترک الباقی عن عمد فأکمله آخر ففی الحاقه بالناس وجه الأقوی عدمه و عدم مشروعیة مثل ذلک، فلا یجزی کل منهما بالأذان الملفق و لا الغیر بأذانهما المشترک ثمّ أنه یستحب اعادة الأذان و الإقامة للسامع بعد سماعه مع التمکن عملًا بعموم ادلتهما مع ظاهر اطلاق الاجزاء فی روایة ابی مریم و روایة عمرو ابن خالد و فی قوله فی صحیحة ابن سنان. و أنت ترید أن تصلی بأذانه علی ذلک یستثنی منه اعادة المأموم أو الامام لسامع اذان و اقامة جماعته التی یرید الصلاة معها فإن القول بعدم مشروعیة الاعادة لقیام المؤذن و المقیم مقامهم أقرب بل لا حاجة إلی سماع المأموم سواء ادرک الجماعة، و لم تدخل فی الصلاة أو دخلت و لا یشرع له الاعادة الا حیث تکون صلاته خلف من لا یقتدی فإنه یؤذّن لنفسه و یقیم، و ان سمعها إذا کان غیر صحیحین شرعیین، و إن خشی فوات الصلاة خلفه اجتزی بقد قامت الصلاة إلی الآخر و لیست القراءة و أن کانت واجبة اهم من الأذان و الاقامة أو بعضها کما هو ظاهر النص و الفتوی، مع منع الوجوب قبل الدخول فی الصلاة فلا یکون فی معارضة المستحب للواجب و أُذِنَ أیضاً علی سبیل الرخصة مع بقاء الفضل ترک الأذان الصلاتی لقاضی الصلوات المشروع لها الأذان تعدّدَ نوعها أو اتحد فإنه یؤذن فی اول الورد و یقیم إقامة، إقامة فی البواقی و لو لم یأذن فی اوله و اذن فی أثنائه فالحکم فی البواقی بعد الأذان ذلک و ذکر الأول فی الأخبار و الفتوی مثال علی الظاهر فی قیام سماع الأذان فی اول العدد أو صلاته جماعة و ان لم یسمعه مقام الأذان له وجه غیر بعید، و حیث ان الرخصة بعد ادلة الأذان موقوفة علی الدلیل و المتیقن من النص و الفتوی. انما هو الرخصة مع الجمع کان متی فضل بینهما بزمان معتد به أو صلاة اخری لا یؤذن لها اعاد الأذان، و فی تسریة حکم الجمع بین المبتدءین بین المبتدءین من الأذن فی المسقوط للأذان إلی الجمع بین الأدائیة و المقضیّة و الجمع بین المعادتین و المعادة واحدهما وجهان، أقواهما ذلک فی سقوط اذان الصلاة لا فی سقوط الاذان الإعلامی لصاحبة الوقت و کذا اذن فی ترک الأذان و الاقامة مع کراهة الاتیان بهما لمرید الجماعة أو المنفرد إذا دخلا مسجداً أو غیره و ذکر المسجد فی بعض مع کون الجماعات فیه غالباً لا یقیّد المطلق منها و قد صلّت الجماعة الاولی اتحدت الصلاتان نوعاً و وصفاً أو اختلفتا کان من قصد الداخل الدخول مع تلک الجماعة أو اذّنت تلک الجماعة و اقامت أو کانا ساقطین عنها مع مشروعیة الأذان و الاقامة لفرضها، أما لو تعمدت ترکهما أو کانت فی صلاة استسقاء مما لا یشرع فیها ذلک فلا یجری فیه الحکم و لا فرق بین دخول الداخل فی أثناء صلاة الجماعة أو بعد فراغها و فی الحاق المصلی مع الجماعة اماماً أو مأموماً ثمّ اراد صلاة اخری منفرداً، و أما ما لیس لتلک الجماعة وجه قریب أما إذا کان اماماً مع الجماعة الأولی فلا تسقط الاقامة و ان سقط الأذان للجمیع و یشترط فی ذلک ان یکون الجماعة لم تتفرق عن مکان صلاتها و لا عن هیئتها، و انصرفت عن مکان صلاتها مجتمعة أو بقیت فی مکانها علی غیر هیئة الصلاة جری علیها حکم التفرق و المدار فیه علی الصدق العرفی فلا یصدق مع انصراف أیّ قدر منها و لا یلزم انصراف الجمیع و روایة ابی علی لا دلالة فیها علی ان الصلاة کانت جماعة و إن المنع عن الأذان من أجلها بل ربما کان من اجل التقیة مع ان البعض المنصرف غیر متعین القدر و العادة غالباً قاضیة بأنه الأکثر و ان الباقی للتسبیح القلیل و ربما یقول ان لانصراف الامام و انصراف الصف الأول أو حصول التفرق فیه، زیادة مدخلیة فی الصدق العرفی و ذکر الصف فی روایة ابی بصیر أما لذلک أو یراد منه

ص: 156

تمام الجماعة و فی بقائها علی هیئة الصلاة مع طول المکث غیر متشاغلة بالتعقیب اشکال الأقرب اجراء حکم التفریق علیه قصراً فی ترک الأذان و الاقامة علی محل الیقین و لا فرق فی الأذان الساقط هنا بین الصلاتی و الاعلامی الّا حیث تکون الجماعة الأولی للصلاة الأولی قبل دخول وقت الثانیة و المرید للصلاة الثانیة بعد دخول وقتها فإن الأقرب عدم سقوطها الأذان الإعلامی فقط و الأذان صلاتیاً و اعلامیاً وقته و کذا وقت الاقامة بعد دخول الوقت للصلاة تابعین لها توسعة و تضییقاً، و لا یجوز تقدیمهما علیه و لا تأخیرهما عنه إلَّا تبعاً للقضاء من الصلاة و رخص فی الأذان الاعلامی تقدیمه قبل الفجر الصادق لغرض الأعلام فلا رخصة فی السبق الکثیر المفوّت للغرض و لا حدّ له و کلما قرب إلی الفجر أولی و یستحب اعادته أیضاً بعده و ربما کان الأحوط ترکه و یلزم لزوماً شرطیاً للعامد و الساهی المحافظة علی الترتیب بینهما بأن یکون الأذان تماماً قبل الدخول فی شی ء من الإقامة فلو اقام ثمّ اذن ناویاً تقدیمها و تأخیره فالأقرب الغائهما مع احتمال صحتها و الغائه و الغائها، و صحته ثمّ یقیم بعده و لو أقام غیرنا و التقدیم ناسیاً الأذان أو متعمداً ترکه ثمّ اذن بعده مقتصراً علیه فالأقرب الغائه أو صحتها. و إن أذن مع قصد الاقامة بعده فالأقرب صحته أیضاً و مشروعیة اعادة الاقامة و قد دلّت علیه فی الناسی موثقة عمار فیمن نسی الأذان حرفاً حین فرغ من الأذان و الاقامة قال یرجع إلی الحرف الذی نسیه و لیقله و لیقل من ذلک الحرف إلی اخوه و الحاق العامد فیه غیر بعید و لو أقام ناویاً التقدیم ثمّ اذن من دون نیة الاقتصار علیه فالأقرب الحکم الغائها و صحته فیقیم بعده، مکتفیاً به و یشترط الترتیب أیضاً بین فصولها فإن اختل أعاد ما یحصل معه الترتیب فیلغی اللاحق إذا اتی به سابقاً و یکتفی بالسابق الواقع بعده ثمّ بعاد علی اللاحق الّا ان ینوی بالسابق صفة التأخیر فیلغی و یعاد علیهما مرتباً و لو نسبهما معاً جمیعاً أو نسی الإقامة فقط لذلک أو نسیها بعض الاذان حتی دخل فی الصلاة فلا یرجع الیهما ان کان رکع و وصل إلی محل الرکوع و الّا رجع، و لا رجوع مع نسیان الأذان فقط کلًا أو بعضاً و لا مع نسیان بعض الاقامة فقط أو نسیانه مع جمیع الأذان أو بعضه و لا مع تعمّد ترکهما أو ترکها و لو عن اکراه أو عذر شرعی متی ما دخل فی الصلاة و لو قیل انتهاء تکبیرة الاحرام علی اشکال و الأحوط ان لا یرجع بعد الدخول فی القراءة بعد الدخول فی الصلاة مطلقاً و الّا فصّل مع الرجوع ان یصل علی النبی و آله أو یسلم علیه قبل ان یقیم، و یستحب الاستقبال فی الأذان بقسمیه و فی الاقامة فی الجماعة و مع الانفراد و یتأکد فی الاقامة بل هو فیها أحوط و لا فرق فی ذلک بین الإبتاء و الاستدامة خلافاً لأبی حنیفة حیث استحب الأذان بالمأذنة فی الأذان بل یتأکد فی فصلی التشهد من الأذان و کره بعض من الأصحاب الالتفات یمیناً و شمالًا خلافاً للشافعی حیث استحبه فی الأذان یمیناً فی قول حی علی الصلاة، و یساراً فی قول حی علی الفلاح و قریب منه روایة دعائم الاسلام و هی منزلة علیه علی التقیة و هل المار فی الاستقبال و سائر مستحبات الهیئات علی حال التلفظ فلا عبرة بما بین الفصول و المدار علی حال التشاغل بهما وجهان أقربهما الثانی و کذا یستحب فیهما ترک الاعراب بالجزم فلا یکفی الادغام و الروم و الاشمام فی آخر کل فصل مع الوقف علیها و لو درج فالأولی الأعراب علی الأظهر تقدیماً لحال المعتبر فی أصل اللسان علی المعتبر شرعاً من الاسکان و یستحب الفصل بینهما لفاعلهما دون فاعل احدهما و سامع الآخر، و دون سامعهما مثلًا من اهل الجماعة فی وجه قوی بل الأقوی للأصل و جمیع ما دل علی الفصل نصاً و فتوی ظاهر فی المباشرة و لاستمرار طریقة اهل الجماعة علی عدم اعتبار الفصل و یحصل الفصل بسکتة و هی المعبر عنها بالنفس، و لم نعثر علی ما یدل علی الفصل بها فی غیر المغرب أو جلسته و المدار علی

ص: 157

ما یسمی جلوساً و قعوداً، و فی بعض الاخبار جلسته یمس الأرض فیها بیده و لعله اشارة إلی أقل مسمی الجلوس و هی اکد استحباباً فی الصلاة التی لیست قبل اقامتها صلاة، أو بسجدة و قد روی القول فیها: (

ربی لکل سجدت خاضعاً خاشعاً ذلیلًا

) و فی اخری (

لا اله الا انت ربی سجدت لک خاضعاً خاشعاً

) أو خطوة أو صلاة رکعتین لا اقامة فیها فرضاً أو نفلًا راتبة أو غیر راتبة و ربما کان الفصل فی صلاة الظهر و العصر و الصبح بالصلاة. و إنها رکعتان الراتبة أشد استحباباً و کادّا و قد یقول أن الفصل بذات الإقامة محصّل للوظیفة أیضاً بالنسبة إلی الفرض الثانی و فی المغرب یقتصر علی السکتة و الخطوة تبعاً لما قالوه، و فی روایة سف ما یمسی ینفی الفصل بالقعدة و یدل علی الاقتصار علی الفصل بالنفس و الّا فالأخبار عموماً دالة علی الفصل فی المغرب برکعتین أو جلوس أو سجود و القول عند الجلوس: (

اللهم اجعل قلبی باراً و رزقی داراً و اجعل لی عند قبر نبیک اقراراً و مستقراً

) أو دالة خصوصاً علی الفصل بالجلوس فقد روی عن الصادق (ع): (

ان الجلسة بین الأذان و الإقامة فی صلاة المغرب من السنة

)، و روی انه أذن وقت المغرب و جلس و دعا بدعاء امیر المؤمنین (ع) لیلة بات علی فراش رسول اللّه (ص) و هو: (

یا من لیس معه رب یدعی و یا من لیس فوقه خالق یخشی و یا من لیس دونه اله یتقی و یا من لیس له وزیر یؤتی و یا من لیس له بواب ینادی یا من لا یزد علی العطاء الّا کرماً وجوداً و یا من لا یزداد علی عظم الجرم الّا رحمة و عفواً صل علی محمد و آل محمد و افعل بی ما انت اهله فأنک اهل التقوی و اهل المغفرة اهل الجود و الخیر و الکرم

)، و فی الخبر أیضاً (

ان الجالس بین اذان المغرب و اقامته کالمتشحّط بدمه فی سبیل اللّه

)، و الجمع باختلاف مراتب الاستحباب أو باختلاف الوقت سعة و ضیقاً غیر بعید و أما الفصل بالخطوة عموماً و خصوصاً فلم یعثر علی ما یدل علیه سوی ما فی الفقه الرضوی فی خصوص المنفرد، انه یخطو تجاه القبلة خطوة برجله الیمنی ثمّ یقول (بالله استفتح و بمحمد (ص) استنجح و اتوجه اللهم صل علی محمد و آل محمد و اجعلنی بهم وجیهاً فی الدنیا و الآخرة و من المقربین)، و ورد الفصل بتسبیح أو کلام، و روی ان الذی یجری من التسبیح قول الحمد لله و لعل المحصل من ذلک ان مسمی الفصل مستحب و ان غایته مقدار اداء الرکعتین و أن ما بینهما مجز فیه، و یستحب الترتیل فی الأذان بالوقوف علی آخر فصوله و اطالة الوقف فیها، و المد فیه فی مواضع مده و عکسهما فی الإقامة بما یسمی حدواً و لا یخرجها عن النهج المشهور فی العربیة من حصول مسمی المد و مسماة الوقف و لو أعرب وقفاً أو سکن درجاً فالأظهر فیهما الصحة و ان اشتهر معه لمنع المنع و لو سلّم فهو من عوارض المتکلّم غیر داخل فی هیئة الترکیب و الکلام العربی و لا یتغیر بسببه المعنی فلیس من اللحن، أما معه فالأقرب البطلان و الإعادة و مع التقرب فیه بالملحون یکون تشریعاً محرماً سواء اخل اللحن بالمعنی عادة أو اعراباً أو لم یخل کنقصان الهاء من لفظ الجلالة و الصلاة و الحاء من الفلاح علی الأظهر للشک فی شمول أدلة الأذان، و المتیقن منها ما کان بالصیغ الخاصة علی النهج العربی و اللسان الأصلی و ما فی الأخبار من الافصاح بالهاء و الألف فی الأذان، إن أرید به مجرد التلفظ کان من ذلک و الأمر علی ظاهره و تشترک فیه الإقامة و إن أرید به زیادة الأطهار کان ذلک من مستحبات الأذان و لعل الترتیل یشمله و فی الاکتفاء بأذان المئوف اللسان مع الصحة وجهان اقربهما ذلک و یؤیده ما اشتهر من لثغة بلال حیث یبدل الشین سینا، و کذا یستحب ان یکون المؤذن صلاة اعلاماً و المقیم جماعة و فرادی فیهما علی حال الصلاة من القیام و الطهارة من الحدث و ترک الکلام. و أما بقیة أحوال الصلاة من الطهارة الخبثیة و الستر و شرائط الساتر و من عدم التلبس بمانع من موانعها غیر الکلام من اکل و شرب

ص: 158

و ضحک و بکاء و فعل کثیر، فلا تری دلیلًا علی اعتباره فی الأذان و النص و الفتوی خالیة منه، و أما فی الإقامة فاعتبار ذلک غیر بعید أو لاقتصار الأصحاب علی تلک الأحوال و عدم تعرضهم لما عداها لما روی عن الصادق (ع): (

ان المقیم هو فی الصلاة

)، و ذلک قاض بجریان احکام الصلاة جمیعاً بل قاض بلزوم ذلک فیها و اشتراطها، و من أجل ذلک ما ورد فی خصوص تلک الأحوال ما ظاهره الشرطیة و المنع من الاقامة علی غیرها حکم بعض بلزومها و استقربه بعض المتأخرین فی الطهارة و بعض فیها و فی القیام لفقد العارض فیهما و أفتی الأکثر بالاستحباب فیهما خصوصاً فی الاقامة حملًا لتلک الادلة علی شدة الاستحباب و تأکده فیهما و ربما أوجب القیام بعض فیهما فی الجماعة کالاستقبال و لو لا فهم الأکثر فی القیام و الطهارة مما دلَّ علی الأمر بهما فی الاقامة و شرطیتهما فی الاستحباب و خصوصاً فی وظائف المستحبات بعد الأصل لمکان القول بالاشتراط من ظواهر الاخبار غیر بعید و ما اودی فی الاقامة ماشیاً إلی الصلاة لا ینافی اعتبار الصیام، و أما الکلام فبعد الحکم برجحان ترکه فی کل من الأذان و الاقامة المعروف عند الاصحاب کراهته فی الاقامة و خصوصاً بعد قد قامت الصلاة جمعاً بین ما دل علی الاذان و نفی البأس عنه مع اطلاقه فی بعض التصریح به بعد الاقامة فی آخر و ما دل علی تحریمه بعد قول قد قامت الصلاة الّا لتقدیم، امام فی بعض و تحریمه بعد اقامة الصلاة الّا لذلک فی آخر و لعله قد زاد فی الاقامة قول قد قامت أیضاً و قد عمل علی الثانی جمع من الاصحاب و لا یخصّ هذا الحکم کراهة أو تحریماً خصوص المقیم بل یعمه منفرداً و جماعة و کذا سائر الجماعة الذین اقام لهم من امام و غیره و فی اجراء الحکم فی محل سقوط الاقامة وجه لیس بالبعید و کره بعض الکلام بین الاذان و الاقامة فی صلاة الغداة کما روی فی المجالس ان اللّه کرهه حتی تقضی الصلاة و نهی عنه و هو متروک فی کلام الأکثر، مع تعرضهم لحکم الکلام فیهما و لا یبعد تأکید الاستحباب فی غیر ترک الکلام من الأحوال السابقة مطلقاً بعد قول قد قامت الصلاة و الأظهر شدة کراهة الکلام فی المنفرد بعد قول قد قامت الصلاة حتی حرمه بعض فیها و اجازه فی المنفرد و ادعی عدم تعرض الاخبار لذلک و هو قول متروک، و یستحب اعادة الاقامة لمن تکلّم فی اثنائها و بعدها عمداً و سهواً و المحدث فی اثنائها بالأصغر و الأکبر و فیما بینهما لا حاجة به إلی اعادتهما بعد الوضوء و الطهارة الّا إذا طال الفصل و مجی ء الصورة و کذا متی ما محیت الصورة حتی لا یعد مؤذناً و مقیماً فإنهما یعادان، و أما ما وقع منهما حالة الحدث ففی الأذان لا دلیل علی استحباب اعادته و استحبابه معهما لا یقضی بذلک، و فی الاقامة قد ورد النص بإعادتهما و ربما یستظهر منه الاعادة بمجرد وقوعه فی اثنائها یرشد الیه ما مرَّ من ان المقیم فی صلاة فالحکم به قوی، و أما من جعل الطهارة شرطاً فی الاقامة فیلزمه الحکم باعادة ما صادف من الفاظها الحدث، و أما لزوم اعادة ما عدا إذا تعقّبه الحدث فوجهان مبنیان علی المراد من الاقامة هل هی الألفاظ أو مدة التشاغل بهما و الوجهان جاریان فی المفهوم من الاخبار و بالجملة الأحوط الاقامة مطلقاً مع حصول الفصل المخلّ و بدونه و یختص ذلک شرطاً و اعادة علی الأظهر فی المباشر دون السامع بل و استحباباً کما فی سائر المستحبات، و یجری ما ذکرناه فی الحدث بناء علی الشرطیة فی کل مبطل لا یجامعهما کالردة و النوم و الإغماء و الجنون و السکر لو احدث بعد الاقامة فالظاهر عدم الاعادة لا استحباباً و لا لزوماً عند مشترط الطهارة و کذا لو فعل أی مبطل کان أو بطل صلاة بحدث أو غیره فإنه لا یعید الإقامة ما لم یکن المبطل کلاماً و لو تکلم ساهیاً فی الصلاة ثمّ فسدت صلاته ففی الاستحباب اعادة الاقامة وجهان و لو قیل برجحان الاعادة مطلقاً الحاقاً بالکلام و استظهاراً، مما دل علی أن

ص: 159

المقیم فی صلاة بناء علی إرادة إن المقیم فی صلاته التی أقام لها لا مطلق الصلاة فبکون کأن مبدأ صلاته أول اقامته لکان له وجه.

و یحرم علی المرأة إسماع الأجانب فی أذان و إقامة و یبطلان حینئذ و لا یجوز أذانها لأعلام الأجانب و لا لجماعتهم و کذا یحرم علی الخنثی اسماعها اجانب الرجال و فی اسماع المرأة الخنثی الأجانب و اسماع الخنثی الخناثی الأجانب وجهان اقربهما، الجواز بل الجواز فی اسماع الخناثی لأجانب الرجال لو لا ظاهر الأصحاب من تکلیف الخنثی بأشق التکلیفین غیر بعید و لو عذرت فی اسماعها اکتفت بهما و لا یکتفی السامع أن کان سماعه عن عمد و قلنا بتحریمه و لو فی مثل ذلک و أن کان سماعه لا عن عمداً ما قلنا بعدم تحریم السماع مطلقاً مع عدم اللذة أو قلنا بعدم تحریمه مع الحاجة و هذا منها کسماع الأذکار و الأدعیة، فالأقرب عدم الاکتفاء به قصراً فیما خالف الأصل من الاکتفاء و السقوط علی غیر أذان الاجنبیات و اقامتهن مع ان الظاهر الفتوی علیه أیضاً و فی الاکتفاء بأذانهن و اقامتهن حیث لا حاجة إلی السماع کمن ادرک الجماعة بعد مضی الأذان و الإقامة أو أدرکهما بعد الفراغ من الصلاة و کان الامام رجلًا و بقیة الجماعة نساء محارم و الإمام و الجماعة رجال الکل محارم للمؤذنة و المقیمة وجهان أقربهما العدم أیضاً ثمّ أن الحکم بتحریم الاسماع فیما نحن فیه ظاهر الأصحاب علیه و مقتضی کلام جماعة نقل الاجماع أیضاً علیه و لا یبعد تحریمه مع عدم الحاجة الیه مطلقاً و لیس لحرمة السماع بل الأقوی عدم حرمة السماع مطلقاً کما هو مقتضی السیرة المستقیمة، بل و عدم الاستماع أیضاً مع عدم اللذة و ما یتخیل من التلازم بین حرمة الاستماع و حرمة السماع من الطرفین فهو فی محل من الطرفین و الملازمة عقلیة و ظاهریة منفیة من الجانبین و یستحب أن یکون المؤذن للأعلام و الجماعة عدلًا و یجتزی بأذان الفاسق صبیاً رفیع الصوت و حسنه أیضاً، بل یستحب لکل مؤذن اعلاء صوته ما لم یجهد نفسه فإن المؤذن یغفر له مد صوته و یشهد له کل شی ء سمعه، و یستحب له وضع إصبعیه فی اذنیه فإنه من السنة و کذا یستحب ان یکون مبصراً أو اعمی له من یسدده و لعل الأول ارجح بصیراً بالأوقات التی یؤذن لها، عارفاً بها و سیّما فی مغرب شهر رمضان و صبحه، فصیح اللسان بإظهار حروف الأذان و سلامته من اللکنة و اللثغة، امیناً من کل الجهات ثمّ أن استحباب اتصاف المؤذن بذلک أما مبنی علی تأکد الخطاب و شدته بالنسبة إلی المتصف. و إن اشترک الجمیع فی اصل الخطاب أو علی رجوعه إلی الحاکم إذا نصب مؤذناً و المسلمین إذا ارتضعوا شخصاً علی ان یکفهم متصفاً بهذه الصفات و ربما یقول باستحباب تقدیم غیر المتصف للمتصف و إن کان الأذان له مستحباً و رجحان عدم معارضته بل یجوز منع غیر المتصف مع وجود المتصف القائم به، و ان المتصف أحق به و ان کان لو فعله غیر المتصف یکون صحیحاً مجزیاً و مع تعدد المتصفین لوحظ الراجح من الصفات و الأشد منها و مع التساوی اقرأ فیما بینهم حیث لا یمکن التعدد دفعة لا مرتباً کما لو ضاق الوقت و کذا لو کانت الجماعة واحدة فالأقرب عدم مشروعیة التعدد فیها من شخص واحد أو متعدد من دون خلل فی الأذان الاول کحصول فصل أو رجحان للأذان الثانی، و أما الأذان الاعلامی فمع حصول ثمرة للتعدد دفعة أو مرتباً لم یکن به بأس علی الأظهر و ان لم یکن له ثمرة فالأقرب عدم مشروعیته و کذا أذان المنفرد لا یشرع تعدده و مثله الاقامة لا یشرع تعددها فرادی أو جماعة و یعتبر فی المؤذن اعلاماً و جماعة ان یکون متحداً فلا تجزی الشرکة، و کذا فی اذان المنفرد الّا فی ما مرَّ من بعض صور و کذا بالإقامة و لو قیل بعدم الاستثناء فیها مطلقاً لاختصاص النص بالإرادة و هو ظاهر فیما لا یعم الاقامة لکان وجیهاً، و کذا یعتبر فی أذان الصلاة جماعة و فرادی ان یکون للصلاة

ص: 160

و کذا الاقامة فلا یجتزی للجماعة بأذان و اقامة من لم یکن قاصداً للصلاة، و کذا لا یجتزی السامع له عن الأذان و الإقامة و یجزی قصد النیابة عن المصلی و لا یشرع التوکیل فیه علی الأظهر و أما الأذان الاعلامی فإن قصد معه أذان الصلاة جماعة أو فرادی لحقه حکم أذان الصلاة. و إن تجرد للأعلام لم یعتبر فیه ذلک و صحَّ صدوره من یرید الصلاة و غیره و لا اعتداد بأذان المجنون و کذا الاقامة حال جنونه اطباقیاً أو أدواریاً و السکران حال سکره لا فی أول النشوة و مبادئ نشاطه، و غیر المؤمن کافراً کان أو مخالفاً أو غیرهما من فرق الشیعة الغیر مؤمنین لعدم صحة عبادات غیر المؤمن مطلقاً مع دلالة بعض الأخبار علیه و لا ممانعة بین الکفر و التلفظ بالشهادتین، اذ لیس مجرد التلفظ اسلاماً مع ان کفر المنتحلین للاسلام مجامع لهما فلا فرق بین الاعلامی و غیره و لو فقد غیرهم و جعل احد هؤلاء لمجرد التنبیه لم یکن به بأس و لیس من الأذان، بل یکون کالتنبیه بغیر الأذان بل بسائر الاصوات لو اعدت له، و یعتد بأذان الممیز من اطفال المؤمنین فی اعلام و جماعة و کذا الإقامة لتحقق القصد و صحة عباداته و المدار فی الممیز علی حصول المعرفة و التمییز من دون فرق بین کراهة البلوغ و عدمه، و یستحب للمؤذن الأعلامی أن یعلو علی مرتفع تحصل به ثمرة الاعلام علی اختلاف القری و البلدان و الأذان فی المنارة لا استحباب فیه لذاته و لا کراهة علی الأظهر ما لم یخش منها التطلع علی دور المسلمین و ربما حرم.

و السنن کثیرة قد مرَّ کثیر منها فی الأذان و الإقامة و فی الفصل بینهما و فی أحوال المؤذن و منها ان لا یدخل فیهما غیرهما من فصولهما أو من خارج منهما مستحباً لذاته کان، کالذکر و الشهادة لعلی بإمرة المؤمنین أو بالولایة و الشهادة بأن محمداً (ص) خیر البریة و الشهادة لعلی و اولاده (علیهم السلام) بالإمامة، و کذا البراءة من اعدائهم أو لا یکون کذلک کقول: الصلاة خیر من النوم فی غداة و غیرها و تکریر الحیعلات، و لو اعتقد مشروعیة شی ء من ذلک کان فاعلًا حراماً مشرعاً و قد نقل عن المفوضة (لعنهم اللّه تعالی) انهم وضعوا اخباراً و زادوا فی الأذان الشهادة لعلی بالإمرة و الولایة لمحمد (ص) بأنهم خیر البریة، و فی بعض الاخبار ان الصلاة خیر من النوم بدعة بنی امیة (لعنهم اللّه) و لو فعل شیئاً من ذلک لا بإدخاله صورتیهما و جعله ظاهراً من فضولهما فیکون معتبراً لهیئتهما الشرعیة ظاهراً، و لا باعتقاد المشروعیة فیه لم یکن فیه بأس و لحقه حکم نفسه من رجحان لذاته کما فی الذکر و الشهادة أو لغایته کما فی تکریر الحیعلات لتنبیه الجماعة أو البعض منها أو اباحته ما لم یکن کلاماً فی اثناء الاقامة أو بعدها فإنه مکروه علی ما مرَّ بما ذکرنا، یحصل الجمع بین الاخبار و مراعاة الکیفیة المتلقاة من النبی (ص) و الأئمة الاطهار (علیهم السلام) و منها استحباب الاذان المشروع صلاتیاً أو اعلامیاً لمرید الصلاة و غیره فلا یحکی اذان غیر المؤمن و لا اذان لم ینو به القربة و لا اذان سقطت مشروعیته و یحکیه إلی الحاکی علی أی حالة کان، و لو کان علی الخلا فإنه یزید فی الرزق لجمیع فصوله من دون ابدال الحیعلات بالحولقة فی الخلا و غیره، و فی روایة المعبرة عن ابی عبد اللّه (ع): (

انه من سمع المؤذن بقول اشهد ان لا اله الا اللّه و اشهد ان محمداً رسول اللّه (ص) فقال: مصدقاً محتسباً و انا اشهد ان لا اله الا اللّه و ان محمداً رسول اللّه (ص) اکتفی بهما عن کل من ابی و جحد واعین بهما من اقرَّ و شهد کان له من الآخر عدد من انکر

ص: 161

و جحد و عدد من اقر و شهد

)، و تسقط الحکایة علی الأظهر فی الصلاة، و لو حکی ما ذکر منه و حوقل بعد الحیعلة لا بقصد الحکایة بل بقصد الذکر فی الصلاة، کان حسناً و لو عارضت الحکایة الدخول فی الصلاة أو التشاغل بقراءة القرآن أو بدعاء أو ذکر قدم الحکایة مع عدم فوات تلک و مع فواتها نظراً إلی الأرجح فیقدم، و المدار فی الحکایة التابعة العرفیة فلو سبقه أو تشاغل بالأذان بعد فراغ المؤذن منه أو تشاغل بأوله و المؤذن بآخره لم یکن حاکیاً و قائلًا مثل قوله. و لو سمع البعض دون البعض حکاه و لا یلزمه الاکمال و کذا لو سها عن حکایة البعض أو تعمد ترکها حکی الباقی و منها استحباب الدعاء عند سماع أذان الصبح و سماع اذن المغرب بقول: (اللهم انی أسألک بإقبال نهارک و ادبار لیلک و حضور صلاتک و اصوات دعائک ملائکتک ان تتوب علی انک انت التواب الرحیم) فإن من قال ذلک ثمّ مات من یومه أو لیلته مات تائباً، و منها استحباب مغایرة المؤذن للمقیم علی ما یظهر من مداومة علی (ع) و الصادق (ع) علی ذلک و استحباب جلوس الامام عند الاقامة و استحباب قیام المأمومین بعد قول قد قامت الصلاة فإن جاء امامهم و الا اخذ بید رجل من القوم و قدّم و استحباب الصلاة علی النبی (ص) لذاکره أو ذکره ذاکر عنده فی أذان و غیره بل هو أحوط و الاکتفاء بالصلاة مرة عند تکرار ذکره دفعة کما فی الشهادتین غیر بعید و إن کان الاولی تعددها و استحباب ترک التنفّل للجماعة بعد أخذ المقیم فی الاقامة بل کراهة. و إن لم یستلزم فوات بعض الصلاة جماعة و استحباب ترک الخروج من المسجد عند سماع الأذان بل کراهته، و إن الخارج بغیر علة منافق الّا ان یرید الرجوع الیه ثمّ ان فصول الأذان ثمانیة عشر فصلًا، التکبیر أربعاً، و الشهادة بالتوحید و الشهادة بالرسالة وحیة علی الصلاة وحی علی الفلاح وحی علی خیر العمل و التکبیر و التهلیل مرتین فی جمیع ذلک.

و فصول الاقامة سبعة عشر، بإسقاط مرتین من التکبیر الأول و مرة من التهلیل و زیادة قد قامت الصلاة مرتین بعد الحیعلات قبل التکبیر الأخیر فیکون مجموعهما خمسة و ثلاثین فصلًا و روی سبعة و ثلاثین بجعل التکبیرات الأول فی الاقامة اربعاً

ص: 162

أیضاً، و روی ثمانیة و ثلاثون بجعل التهلیل فی آخرها مع ذلک مرتین و نقل ذلک قولًا عن الاصحاب و روی اثنان و اربعون بإضافة مرتین من التکبیر فی آخرهما و روی ستة و ثلاثون بجعل الاقامة کالأذان، و روی ثلاثة و ثلاثون باسقاط تکبیرتین من أول الأذان، و فصل بن الجنید فی تهلیل الاقامة بین اتیانها بعد الأذان فیوحّد و من دونه فیثنی و المشهود روایة و فتوی بل المجمع علیه نفلًا و تحصیلًا و الکیفیة المتلقاة عملًا انما هو الأول من دون زیادة و نقصان و لیس الأمر علی التخییر کما یظهر من بعض هذا مع الحضر و عدم العذر و السفر، فالأقرب جواز قصرها و الاکتفاء بالمرة الواحدة فیهما و لا فرق فی کیفیة الأذان و الاقامة بین الرجال و النساء و ما ورد من اجتزائهن بالتکبیر و الشهادتین أو الشهادتین حسب فلیس ذلک منهما بل رخصة لهن فی ترکهما دون الرجال و اکتفاهن بذلک.

المبحث الثانی: فی القیام

و هو واجب فی الواجب من الصلاة الواجبة اصالة أو بالعارض و لو باستیجار أو معاطاة أو امر مالک أو والدین علی تأمل فیما یکون الوجوب الشرعی تابعاً فیه لطلب المخلوقین و یستثنی من ذلک ما یتعلق بسبب الوجوب فیه علی حالة غیر القیام کالمنذورة من جلوس ان اکتفی برجحان الأصل، و لو مع مرجوحیته عوارض الصفات أو حیث یکون الجلوس راجحاً لعارض من العوارض فالأقرب الوجوب مع الجلوس و خیال منافاة طبع الوجوب للجلوس، فلا یتعقد النذر و نحوه مع قید الجلوس بل و لا تنعقد الاجارة مع اشتراط لا دلیل علیه بل المستند فی لزوم القیام مع الوجوب العارض عموم دلة القیام من اصل و سیرة و تأسی و کتاب و سنة، و المتیقن من الرخصة فی الجلوس فیها النافلة اصلًا و بالعارض و فیما یکون أصل مشروعیته علی الجلوس کالوتیرة إذا وجبت وجهان، أقواهما تعلّق الوجوب علی ما شرعت له و ما یصل من رکعات الاحتیاط من جلوس خارج بالنص من أحد القسمین و هو شرط فی النوافل إذا کانت مشروعیتهما علی الوجوب فالمعتادة نفلًا من الصلاة الواجبة و صلاة الجماعة و العیدین حال استحبابهما حکمها حکم الفرائض فی ذلک، و مستحب فی النوافل اصالة و بالعارض حق فی صلاة الوتیرة علی الأظهر و إن کان اصل مشروعیتهما علی الجلوس ما لم یعرض له عارض الوجوب أو عارض لمرجوحیته و کذا یستحب القنوت فی الصلاة الواجبة، و اتصاله بالقیام الواجب متوسطاً بین قیام القراءة و القیام المتصل بالرکوع لا یقدح فی الحکم باستحبابه، و کذا قیام السورة و لو قیل باستحبابها و قیام ما زاد علی الذکر الواجب و هو فی حال النیة و تکبیرة الاحرام و قبل الرکوع متصلًا به مع ذلک و کن فی الصلاة للأصل و الإجماع و المنقول و ظاهر الأخبار النافیة لحقیقة الصلاة مع عدم القیام و ینصرف إلی المتعارف منه فی الصلاة لا إلی مجرد نفی الماهیة و خروج بعض الأفراد منه. انما هو للنص بل تخیل بعض بقائها علی العموم و الحکم بالرکنیة علی الاطلاق و انما فوات حکم الرکنیة فی بعض الاحوال للدلیل کما فات حکمها فی زیادة رکوع الجماعة و سجودها ثمّ أن هذه الأدلة سوی الأصل لا تنهض علی الحکم فی الرکنیة بالنیة لخروجها عن الصلاة و فی اجراء الأصل بعد ضبط الشرائط و ترک تعرض الاصحاب لذلک ما لا یخفی مع ان النیة بناء علی الداعی، و اشتراط مقارنته لتکبیرة الاحرام لا یعقل فیها حال منفصل عن التکبیرة یلحظ فیه القیام، و من هنا تأمل بعض فی اشتراط القیام فیها فضلًا عن رکنیته و طالب بدلیله بعد ان نفی الاجماع عنه و جعله بعض أقوی، نعم علی الإحضار ربما تصوّر فیها ذلک و کذلک بناء علی عدم اشتراط المقارنة کما إذا صادفت أحد التکبیرات الست مع الجلوس ثمّ ذهل عنها و اوقع تکبیرة الاحرام من قیام فإنه یتصور فیها ذلک، حال متمایز عن حال التکبیر الّا ان اطلاق الرکنیة أیضاً علی قیامها حینئذ

ص: 163

کإطلاقها علیها من باب المسامحة، و أما قیام حالة التکبیرة و قبل الرکوع فهو رکن لو اخل به عمداً أو سهواً بأن کبّر و أوقع حرفاً منه مع عدم القیام أو رکع لا عن قیام بطلت صلاته، و لو زاد فکذلک و استلزم زیادته زیادة التکبیرة و الرکوع لأن الرکن ما کان حالة التکبیر، و ما کان عنه یرکع لا ینافی نسبة البطلان الیهما و جریان حکم الرکنیة علیهما اذ علل الشرائع لا منافاة فی اجتماعهما و لیس کالعلل العقلیة بل ربما یقول بأن الرکوع لا عن قیام لیس برکوع، فیکون نقصه أیضاً مستلزماً لنقص الرکوع کالزیادة، و لا منافاة فی حکم برکنیته أیضاً و کأنه من ذلک ترک فی بعض الأخبار عدة فیما تعاد الصلاة من اجله للاکتفاء بعد الرکوع عنه.

و أما القیام فی حال القراءة و ان کانت سورة طویلة و بدلها و أن کان الفرد الأکثر و کذا بعد رفع الرأس من الرکوع واجب غیر رکن لا تبطل الصلاة بزیادته و لا بنقصانه و هو فی وصف الیقین و التخییر تابع لوصف القراءة و وصف بدلها بهما و فیما خرج عن القراءة من المستحبات، ان کان بعد القراءة کالقنوت و الدعاء و التکبیر تابع لها و ان کان شرطاً فیهما فیکون مستحباً و ان کان قبل القراءة من دعاء و تکبیر بعد الافتتاح أو فی أثناء القراءة و استعادة من نار فالأقرب وجوبه لوجوب القیام قبله و بعده و المنع من الهوی فی الاثناء الوجوب ما یقع حاله، فلو وقف عن القراءة و سکت و ان کان بنفس طویل یخرجه عن صدق حال القراءة و سکت و ان کان بنفس هنا کالقیام حال سکوته متصفاً بالوجوب أیضاً ثمّ إن القیام لا حقیقة له شرعیة بل المرجع فیه إلی العرف و اللغة و هو فیهما عبارة عن الانتصاب بنصب فقاد الظهر مع انتصاب الأرجل فالانحناء الغیر الیسیر فی الظهر و الأرجل و المیل کذلک إلی احد الجانبی مناف له، و قد ورد فی الاخبار الانتصاب و اقامة الصلب و الاعتدال و الکل بمعنی فلو باعد بن الرجلین تباعداً فاحشاً بما یخرجهما من الاعتدال لم یکن قائماً فی صحیحة حماد أن الفصل اکثر شبر و هو منزل عن الفضل کما سیجی ء و یعتبر فی القیام بعد تحقق مسمّاه ان یکون علی الطریقة المستمرة و الکیفیة المتعارفة و الهیئة المتلقاة من صاحب الشرع لانصراف المطلق فی لسان الشرع إلی متعارف اهله فی محله و هو الصلاة هنا و ان لم یکن فی غیره کذلک و تأسیاً بصاحب الشرع و عملًا بیقین البراءة، فلا یکفی القیام علی الرجل الواحدة کما یظهر من الاخبار و نقل علیه اتفاق الاصحاب و کذا لقیام علی اطراف الاصابع ظاهراً و باطناً و فی بعض الاخبار، و نقل علیه اتفاق الاصحاب و کذا القیام علی اطراف الاصابع ظاهراً أو باطناً و فی بعض الاخبار دلالة علیه، و کذا لقیام علی عقب القدم و دفع الباقی، و هل یعتبر الاعتماد علی القدیر تماماً کما یعتبر الوقوف علیهما کذلک الاقرب العدم لعدم قیام دلیل علیه و فی الاخبار دلالة علی جواز الاعتماد علی احد الرجلین و ربما یدعی قضاء السیرة به سیّما عند اطالة القیام و من اعتبره من الاصحاب ربما عنی بالاعتماد مجرد الوقف، و الأحوط اشتراکهما فی الاعتماد و أن کان مساواتهما فی حط الثقل غیر معتبر و الأفضل بل الأحوط نصب العنق لقوله (ع): (

النحر الاعتدال فی القیام أن یقیم صلبه و نحره دماً

) نقل عن ابی الصلاح من استحباب ارسال الذقن إلی الصدر لم نعثر علی مستند، و لو طأطأ الرأس یسیراً بما لا ینافی اقامة النحر فلا بأس، و ربما کان فی استحباب النظر عند القیام إلی موضع السجود کما سیجی ء دلالة علیه و یلزم فیه الاستقلال بحیث لا یکون المصلی حالته مستنداً إلی شی ء آخر من انسان أو جدار أو عصی أو غیرها استقل ذلک الشی ء به أو کان جزء العلة لما مر من الأصل و التأسی و التعارف و قضاء الصحیحة المنجبرة بالشهرة بل بظاهر الاجماع منقولًا و محصلًا مع منافاة الاستناد للخضوع و التذلل و ما ظاهر المنافاة من نفی البائس عن الاستناد إلی الحائط و الاتکاء علی العصی، و نسب إلی ظاهر بعض العلل به لا یقاوم ما ذکره و هو

ص: 164

منزل علی الاستعانة من دون حطّ الثقل بحیث لو زال الاستناد لسقط، و یمکن حمل البعض منه علی حال الضرورة و البعض علی النافلة و من النظر، و فیما ذکرناه فی ادلة لزوم الاستقلال یظهر وجه الحکم ببطلان الصلاة مع عدم اختیاراً مع العمد، أما مع النسیان فالظاهر الصحة و الأظهر عدم لزوم الاستقلال حال النهوض إلی القیام کما فی الصحیحة و أن کان الأحوط ترکه، و لو توقف علی الاستناد أو الاعتماد و اعتمد و لا یسقط حکم القیام و عن الشافعی سقوطه و حینئذ فیلزم تحصیل ما یتوقف علیه الاعتماد الموقوف علیه تحقق القیام الواجب، و لو لم یکن عنده ما یعقد علیه و توقف تحصیله علی الشراء و الاستیجار اشتراه أو استأجره مع القدرة و عدم الضرورة و کذا لو توقف علی الاستعارة و الاتهاب و الالتماس من شخص أن یستند علیه ما لم یکن فی طلب ذلک نقص و غضاضة، و لو قدر علی القیام فی البعض رکعة أو بعضها قام فیه للزوم الاتیان بالمقدور و عدم سقوط المیسور بالمعسور نصاً أو فهماً عرفیاً من الخطاب مع موافقته للاصل و ظاهر الفتوی، و ربما کان فی صحیحة جمیل دلالة علیه و لو قدر علی قیام دائر وقوعه بین الابعاض قدم المقدّم مع التساوی فی الرکنیة أو عدمها أو سبق الرکن لتعلق الخطاب به، فیجب فعله إلی خبر الفجر فیسقط و حینئذ فتقدم الرکعة الاولی علی الثانیة و المقدم من القراءة علی المتأخر و التکبیرة علی ما عداها و لو کان السابق غیر رکن و اللاحق رکناً کما لو دار وقوع القیام حال القراءة أو خبر الرکوع فوجهان مما مرّ، و من أهمیة الرکنیة و ما یستأنس له من ان القیام عند الرکوع قاض باحتساب الصلاة من قیام و هذا اقرب و اظهر فی الفتوی، و لو أقام من القراءة سکت حتی یستقر و أن علم عدم تمکنه من القراءة تماماً مع القیام محافظة علی شرطیة الاستقرار فی القراءة، و منه یعلم لو قعد عن القراءة أن یلزمه السکوت ما لم یستقر فی جلوسه خلافاً لبعض الأساطین إذ لا دلیل علی تقدیم الحالة التی بین الجلوس و القیام علی حالة الاستقرار نعم، مع دوران الصلاة بین حال القیام من دون استقرار کالصلاة ماشیاً أو الاستقرار من دون قیام کالصلاة جالساً ففی ترجیح أو التخییر بینهما اوجه و للأصحاب قولان فی تعیین الراجح منهما اقربهما ترجیح حال القیام علی حال اوصافه و شرائطه من دون استقرار و استقلال و ربما کان فی روایة المروزی دلالة علی تقدیم المشی علی الجلوس و أن الجلوس لا یقع الّا من لا یتمکن من المشی مقدار صلاته الّا إذا ادی ترک الاستقرار إلی محو صورة الصلاة، فالأقرب مراعاته علی حال القیام و لو دار الأمر بین ترک الاستقلال و ترک الاستقرار قدم جانب الاستقرار لما فی ترکه من البعد عن هیئة الصلاة. و عن حال الخشوع و الخضوع و لو امکنه القیام إلی الرکوع بعد ان کان حاجزاً عنه حال القراءة أو قادراً و أخّره إلی حین الرکوع قام الیه ان تعقبه رکوع، أما مع عدم التمکن من الرکوع فلا یلزم قیام بعد القراءة و فی لزوم الطمأنینة فی هذا القیام وجهان اقربهما العدم، و أحوطهما تحصیلًا لیقین البراءة و اخذاً بالمتیقن ذلک لو امکنه اعادة القراءة فیه لم یجب بل لا یستحب لفقد الدلیل، و لو عجز عن الاعتدال قام منحنیاً إلی امامه أو ورائه أو مائلًا إلی أحد الجانبین مستقلًا فی ذلک حیث لا یمکنه الاستناد و لو وصل انحنائه إلی حد الرکوع أو ادنی منه و یقدّم علی حال الجلوس منتصباً لظاهر الفتوی، مع قاعدة عدم سقوط المیسور بالمعسور و لو لأشکال الحکم به من الأخبار حیث لم تشتمل علی واسطة بین القیام و الجلوس إلّا ان یدعی دخول الانحناء مطلقاً تحت القیام أو دخوله له، حیث لا یمکن سواء صدقاً أو حکماً فإن المخلوق کذلک و من اصابه عارض فانحنی ظهره فقیامه ذلک ضرورة و هو غیر بعید و لو دار الأمر بین الانحناء و الاسناد، قدّم الاستناد ما لم یستلزم الخروج عن حد الاعتدال أیضاً باستناده علی قفاه و یکون من الانحناء فیتعین علیه الانحناء مع الاستقلال

ص: 165

حیث یتمکن منه، و لو عجز عن الانحناء و قدر علی القیام و لم یقدر علی الرکوع و السجود قام و اومی لرکوعه و سجوده برأسه عاجلًا سجوده، أخفض من رکوعه أو بالعینین مع عدم التمکن من الرأس أو بالعین الواحدة مع التمکن فیهما و لا یسقط عنه القیام، و کذا لو قدر علی أحدهما و عجز عن الآخر قام و أتی بالمقدور منهما و أومی بدل الآخر و لو امکنه الانحناء بما لا یصل إلی حد الراکع ففی لزومه زیادة علی الایماء وجه قریب و کذا لو أمکنه تکرار الرکوع ففی لزومه عرض السجود وجه غیر بعید و حینئذ فهل یلزم فی الصورة الأولی الاقتصار علی أقل الرکوع و فی الرکوع حتی یکون الرکوع الکامل لأنه اخفض من الأول للسجود وجهان الأقرب الا کما لو لم یتمکن الّا من أقل مسمی الرکوع فإنهما یتساویان فیه و لا یجوز نقصانه للرکوع و لو دار الأمر بینهما أو أحدهما و بین أصل القیام قدم جانب القیام و قدم بعضهم حالهما معللًا بالأهمیة بل حال السجود وحده و لعله اراد غیر الرکن من القیام أما الرکن منه فأهمیة الرکوع و السجود منه ممنوعة و هو مع ذلک سبق منهما فالقول بتقدیمه اقرب و ربما کان فی لزوم القیام عند فقد الساتر مع امن المطلع دلالة علیه و احتمال التخییر فی ذلک أو التفصیل بین الدوران منهما فیقدمان لحصول التعارض بین رکنین و رکن واحد، فیقدم جانب المتعدد و الدوران بین احدهما فیقدم القیام علیه و التخییر لا یخلو من وجه و لو دار الأمر بینهما أو أحدهما، و وصف القیام من استقلال و استقرار قدم جانبهما علی اشکال من جهة سبق تعلّق الخطاب بالوصف و فی الحاق الدوران بینهما أو احدهما و بین الاعتدال بالدوران فی اصل القیام أو وصفه وجهان اقربهما الاول و أن صدق القیام معه مجاز و ربما اومت العبارة الیه إلی الثانی و یومی أیضاً لعدة الانحناء من القیام قوله فإن عجز من القیام و المعنی بالفجر هنا، و فیما سبق ما یعم نفی القدرة أو حصول المشقة العادیة من مرض أو غیره و خوف حدوث المرض الشاق أو المخوف عادة و کذا شدته أو طوله کذلک أو خوف من احد علی النفس أو العرض أو المال و المرجع فی معرفته بالنسبة إلی نفی القدرة و حصول المشقة إلی الشخص نفسه بل الانسان علی نفسه بصیرة و هو اعلم بما یطیقه و بالنسبة إلی الخوف من العدو و إلی حال نفسه. إن کان مستقیم المزاج غیر متهور و لا و هام و کان ذا خبرة بحدوث العوارض بتجربته و اطلاع. و الّا رجع إلی غیره من ذوی الخبرة و المعرفة و المستقیمین و لا حدّ للعجز المسوغ بل المدار علی تحققه و تجدیده فی العجز عن القیام بما لا یتمکن من المشی مقدار زمان صلاته مخالف للفتوی، و ظاهر الاخبار و مقتضی الاعتبار اذ لا ملازمة بین العجز عن القیام، و عدم التمکن من المشی وجوداً و عدماً و روایة المروزی الواردة فی خصوص المریض مع ضعف سندها ضعیفة الدلالة علی المدعی بل هی ظاهرة فی تقدیم المشی علی الجلوس کما مرّ، و حیث یحصل العجز عن جمیع ما مرَّ جلس بالنص و الاجماع المنقول و المحصّل مستقلًا للأصل و المنهی عن الاستناد مطلقاً مع کونه المتعارف و منتصباً غیر منحن للأصل، و کونه أقرب إلی هیئة الصلاة مع اشتراطه فی مبدله و هو القیام، و الّا فمعتمداً و یلزمه تحصیل ما یتوقف علیه ذلک أو منحنیاً و لا یعتبر هیئة خاصة فی الجلوس و لا یختص بکیفیة دون اخری بل المدار علی تحقق ماهیته کیف اتفق حتی مع مدّ الارجل و بسطها کما ورد فی صلاة الجالس و صلاة المحمل نعم، یستحب الربع فیه کما ورد به النص و افتی به الاصحاب و نقل علیه الاجماع و فسّره الاصحاب هنا، و نقل عن جمیعهم بنصب الفخذین و الساقین علی هیئة جلوس المرأة فی الصلاة و انه نوع من القرفصاء، و علل بعض فضله بقربه من القیام و انه لا تأباه مادة اللفظ و لا صورته مع اعترافه بعدم الظفر له بنص من اهل اللغة بل المنقول عن اهل اللغة و المدعی علیه فضاء العرف ما نقل علی صریح الثعالبی

ص: 166

فی فقه اللغة من انه جمع القدمین و وضع احدهما تحت الأخری و ربما یقال، إن التربع فی العرف وضع الرجل واحدة تحت اخری و فی بعض الاخبار ما یدل علیه و کیف کان فلا بد من المصیر إلی ما فهمه الاصحاب و فسروه به سواء جعل حقیقة ذلک أو کان أحد أفراد المتواطئ کما یظهر من بعض اهل اللغة أو کان معنی مجازیاً له و لا حاجة إلی تحقق الاجماع فی مقام تفسیر اللفظ و بیان المراد به و یلزم الجالس الرکوع و یجری علیه احکامه، و یکفی صدقه و مسمّاه بالنسبة إلی الجالس، و هو أوله أن ینحنی بحیث یصیر بالنسبة إلی القاعد المنتصب کاول رکوع الراکع القائم بالنسبة إلی القائم و آخره ان یکون النسبة بینه و بین السجود لنسبة آخر الرکوع القائم إلی سجوده و هذا یحصل بمحاذاة الجهة ما قد ألم الرکبتین و محاذاة الجهة موضع السجود و أزید من هذا و فی جریان حکم الأفضلیة فیه فیما قابل الافضل من رکوع القائم منه و هو علی الظاهر محاذاة الجهة موضع السجود فإنه بنسبة انحناء القائم ان یستوی ظهره و عنقه وجه لیس بالبعید و لا یعتبر وراء حصوله شی ء من رفع الفخذین عن الارض و رفعهما عن الساقین و رفع البطن عن الفخذین و رفع الساقین عن الارض لعدم تعلق الوجوب بها حال القیام حتی یستصحب بقائها و تکون من المیسور المستطاع بل هی من المقارنات لرکوع القائم فتسقط بسقوطه و تحصل مقارنات رکوع الجالس معه، و لو امکن الجالس أن ینهض إلی حدّ انحناء الرکوع من قیام وجب و ان لم یتمکن من القیام و الانحناء له سواء جعلناه رکوعاً حقیقیاً أو لا، أما لو امکنه النهوض إلی حالة دون الحالة التی یحصل بها مسمی الرکوع فأوجه المنع و اللزوم و التخییر اقربها الاخیر و یستحب للجالس خبر رکوعه أن یتبنی رجلیه، کما دل علیه النص و الفتوی و هو علی ما فسّره بعضهم أن یفرشهما تحته و یقعد علی صدرهما بغیر اقعاد و حینئذ فیکون فیه دلالة علی عدم رفع الفخذین عن الساقین و عن الارض و علی عدم فضیلة الرکوع جالساً مع تحاذی جبهته موضع سجوده. و لعل الأظهر انه مجرد فرشهما و یستحب حین تشهده ان یتورک علی ما أفتی به الأصحاب، و قضی به عموم النص، و ما نقل عن بعض من استحباب الربع لا یعرف وجهه. و أما سجوده فکسجود القائم و أن شق علیه الجلوس أو عجز عنه اصلًا اضطجع نصاً کتاباً و سنة و اجماعاً محصّلًا و منقولًا و ما فی بعض الاخبار من الاستلقاء عند تعذر الجلوس مطّرح لضعفها سنداً و عدم مقاومتها لما هو اقوی منها أو منزلة علی حال تعذر الاضطجاع أو محمولة علی التقیة و لیکن الاضطجاع علی الجانب الایمن فإن عجز فعلی الأیسر کما هو الظاهر من الفتوی و الأخبار، و هو الموافق للأصل بعد لحکم بتقدیم مسمی الاضطجاع علی الاستلقاء کما هو ظاهر الکتاب و السنة. و اقربیته إلی الاستقبال فالقول بالتخیر بین الجانبین و الحکم بأفضلیة الایمن ضعیف و أضعف منه سقوط الایسر و الانتقال من الأیمن إلی الاستلقاء و ان قضت به بعض الاخبار و الغیر المعتمدة فإن عجز استلقی نصاً و اجماعاً محصلًا و منقولًا محافظاً علی الاستقبال فی جمیع الاحوال، و تختلف هیئة الاستقبال باختلاف الاحوال فیکون حال اضطجاعه علی الایمن کحال الموضوع فی اللحد مستقبلًا بمقادیم بدنه، و کذا المضطجع علی الایسر و حال المستلقی کحال المحتضر مستقبلًا بوجهه و باطن قدمیه بحیث لو جلس کان مستقبلًا و حینئذ فلا یجوز ثنی الرجلین حال الاضطجاع و الاستلقاء، و لا رفعهما بل و لا بثنی واحدة و رفعها و لا یجوز الانتقال إلی حالة بین الجلوس و الاضطجاع و الاستلقاء فضلًا عن لزومها لقربها إلی هیئة الجالس، و یلزم الرکوع و السجود فی هذه الاحوال نصاً و فتوی و هو مقتضی الامر بالصلاة المرکبة من ذلک فتنصرف إلی کل بنسبة حاله، و یکون رکوعه مع تعذره قائماً و جالساً بل مع تعذر الانحناء مطلقاً و لو مع الاضطجاع و الاستلقاء، و سجوده مع تعذر صیرورته علی هیئة

ص: 167

الساجد و لو بوضع مسجده علی شی ء مرتفع یضع جبهته علیه بل مع تعذر وضع جبهته علی ما یصح السجود علیه و لو بانبطاح علی بطنه من دون اعتماد، مع التمکن من باقی المساجد أو بعضها و بدونه بایماء رأسه و یلزم فیه ما یلزم فیهما من الذکر و الطمأنینة، و یکون سجوده اخفض من رکوعه و ان کان غریقاً أو متوحلًا و اعتبر بعض فیهما کون رکوعهما اخفض من یُجعل تغمیضهما رکوعاً و فتحهما سجودهما و هو غیر جیّد الوجه، فإن عجز عن الایماء بالرأس فبالعینین کذلک و إن کان غیر مبصر یجعل تغمیضهما رکوعاً و فتحهما رفعاً منه و تغمیضهما سجوداً اولًا و فتحهما رفعاً منه و تغمیضهما سجوداً ثانیاً و فتحهما رفعاً منه و لا یکلف الفتح حالة القراءة و التشهد. و إن لزمه الفتح قبل التغمیض للرکوع عوض القیام المتصل به و لا زیادة تغمیض السجود علی تغمیض الرکوع و ان کان الأحوط ذلک و لو عجز عن العینین و اکتفی بالعین الواحدة و لا تکفی الواحدة اختیاراً و لو عجز عن التغمیض أو عن الفتح و امکنه تحریک العینین فالأقرب عدم لزومه کما لا یلزم تحریک غیرهما من بقیة الاعضاء، بل یلزمه اجراء الذکر علی لسانه محضراً لکل منهما فی محله علی باله فإن عجز احضرهما و احضر ذکرهما علی باله و یلزم حاله ایماء السجود رأساً أو عیناً وضع ما یسجد علیه علی الجبهة للأصل و لأنه المیسور و لظاهر بعض الاخبار فی المضطجع من دون تخصیص بالإیماء بالرأس و الظاهر مساواة المستلقی معه و لا یلزم فیه البدلیة بل یکفی مجرد حصوله فی محله ما لم ینو الخلاف فیه، و یجری علیه حکم الرکنیة للأصل و مقتضی البدلیة فتبطل الصلاة بنقصه و زیادته عمداً و سهواً الّا انه یراعی فی المراد منه نیة البدلیة فلا یحکم بالبطلان مع زیادة ایماء الرأس أو العین، إذا لم ینو فیه لبدلیة الرکوع و السجود علی الأظهر لعدم تشخیصه الّا بالحکم الشرعی تبعة لنیة اصل العمل أن صادف محله المأمور فیه و الّا فبالنیة و لا یتشخص بدونها و لا یکلف حالة الایماء بالسجود وضع المساجد و الاعتماد علیها لخلو الاخبار و کلام الاصحاب منه و ان کان الأولی ذلک لأنه میسور، و اذاً قد تبینت مراتب الصلاة اعلاها و ادناها و انه لا یجوز الانتقال إلی دنیا مع التمکن من العلیا و یلزمه الانتقال الیها مع العجز عن العلیا فلیعلم ان ذلک استدامی کما هو ابتدائی متی تجدد عجز فی اثناء الصلاة انتقل عما هو علیه إلی الأدنی فالأدنی و ان تجددت قدرة انتقل إلی الأعلی فالأعلی، و کل فعل وقع مع شرائطه مضی أن تجاوز عنه أو کان بعد علی هیئته من دون استئناف له فی المرتبة الثانیة و الاستمرار به الیها. و ان کان إلی العلیا و أن وقع من دون شرطه فإن تجاوز عنه مضی ان کان رکناً أو غیر رکن دخل فی رکن أو لا و لا یلزم اعادته فی المرتبة العلیا و لا یعاد الفعل لفوات شرطه إذا لم یکن الشرط فعلًا مستقلًا من أفعال الصلاة و ان لم یتجاوز عنه و کان علی هیئته، فإن لم یمکنه الاستمرار علیه و استلزم الاستئناف و تجاوز عنه و مضی أیضاً و ان امکنه الاستقرار علیه لزمه المضیّ فیه و الاتیان بالشرط و هو علی هیئته سواء کان من المرتبة الدنیا إلی العلیا أو من العلیا إلی الدنیا رکناً کان کما فی الرکوع و السجود قبل الاستقرار و الذکر فیهما فإنه یستمر علی انحنائه حتی یحصل من استقرار و ذکراً و غیر رکن کما فی القیام بعد الرکوع، إذا لم یحصل مع استقرار فإنه یستمر انتصابه إلی خبر الجلوس و یجلس مستقراً ثمّ یسجد بخلاف ما لو خرج من حالة إلی حال الهوی فإنه یمضی إلی السجود من دون جلوس و ان نسی الفعل حتی انتقل إلی المرتبة الثانیة لزمه الاتیان بالفعل فیما لم یکن دخل رکن فیمضی أو تبطل الصلاة، و یتخیر فی النوافل بین القیام و الجلوس نصاً و اجماعاً و منقولًا بل محصلًا و المخالف معلوم مسبوق بالإجماع ملحوق به، و إن کان القیام أفضل و لا فرق فی ذلک بین الصلاة جمیعها أو فی کل رکعة منها أو فی اجزاء الرکعة

ص: 168

الواحدة فلو قام فی رکعة و جلس فی اخری أو فی اجزاء الرکعة الواحدة فلو قام فی رکعة و جلس فی اخری أو قام فی بعض الرکعة و جلس فی باقیها سبق القیام أو لحق، لم یکن به بأس و یدل علیه صریحاً فی القیام اللاحق فی بعض الرکعة ما سیجی ء و یتخیر فی حال

ص: 169

الجلوس بین احتساب رکعة برکعة أو برکعتین برکعة مع استطاعة القیام فی غیر الوتیرة و الّا فمع عدمه لا یشرع التضعیف و فی الوتیرة کذلک و مع رجحان الجلوس لعارض وجهان اقربهما، عدم سقوط التضعیف و لا یبعد عدم تشخیص النیة لذلک فلا یسقط استحباب التضعیف و ان احتسب رکعة برکعة کما یحسب له الرکعة تامة و ان قصد الرکعتین برکعة فیعطی ثواب نافلة اللیل و نافلة الزوال و غیرها لمصلیها کذلک و انما ذلک للوظیفة التامة و لو قیل بالتشخیص لکان له وجه، و یسقط التضعیف مع القیام للرکوع و تحسب من صلاة القائم و ان کان لا یبعد نقصان اجرها عن الصلاة تماماً من قیام و فی اشتراط الاستقلال و الانتصاب فی جلوسها وجه قریب و یستحب فیه التربع و فی رکوعه ثنی الرجلین کما مرَّ فی جلوس الفریضة، و لا یشرع فیها الاضطجاع و الاستلقاء مع القدرة علی القیام بل مع العجز عنه و القدرة علی الجلوس أیضاً فی وجه قریب، و لو وجبت بنذر و نحوه وجب القیام کما تحقق سابقاً و یستحب فی القیام قبل الرکوع ان یفرق الرجل بین قدمیه من الاصبع إلی شبر و أفضله ثلاثة اصابع و ان تجمع المرأة بین قدمیها و ان یستقبل بأصابع الرجلین جمیعاً القبلة، و لا یبعد الحاق القیام بعد الرکوع فی ذلک و ان یسدل الرجل منکبه و یرسل یدیه علی فخذیه ملتصقتین بهما مضمومتین الاصابع حتی الابهام قبال رکبتیه و یکره تشبیک الاصابع، و تضم المرأة یدیها إلی صدرها لمکان ثدییها، و ینبغی ان ینظر المصلی فی القیام مطلقاً إلی موضع سجوده نظر خضوع لا نظر تحدیق و أن یکون الاعتماد فیه علی کلتا الرجلین و فی الاخبار ما یدل علی مراعاة هذه الوظائف فی القیام للنهی قبل الدخول فی الصلاة بل ربما أومت إلی مراعاته فی قیام الاقامة و الأقرب مساواة النافلة للفریضة فی هذه الوظائف و إن کان مراعاتها فی الفرض أهمّ.

المبحث الثالث: فی النیة

و هی القصد إلی ایجاد الفعل و ایقاعه مع سبق التردد و بدونه و مع المیل و المحبة و بدونهما مع المقارنة للفعل و بدونها علی الأظهر، فتکون اعم من العزم و هی من لوازم کل فعل اختیاری و لا تنفک عنه حین ایقاعه و لا یمکن التکلیف به بدونها و ما یجزی من الافعال بلا قصد ونیة فهو من سقوط التکلیف بوقوعه لا من الاتیان بالمکلف به و یلزمها تعین المقصود، فإن غیر المتعیّن لا یمکن قصد ایقاعه و طلب ایجاده لعدم امکان وجوده فالمبهم بین فردین أو افراد محصورة أو غیر محصورة لا یمکن القصد الیه لعدم امکان وجوده خارجاً و ما ورد من الاکتفاء به فی مقامات خاصة فذلک اکتفاء بالصورة للدلیل و لیس لتحقق المقصود و وجوده و کذا یلزمها معرفته بوجه فإن ما لا یعلم من کل وجه و ان کان متعیناً واقعاً لا یعقل القصد الیه کما ان طلب المجهول من کل وجه فی الاعیان غیر معقول بل یلزمها تعیین المقصود و تشخیصه، فإن کان نوعاً لزم تعیینه من بین الانواع. و إن کان فرداً لزم تشخیصه من بین الافراد و القصد إلی کل دائر بین الافراد لا یجدی مع کون المطلق بل مورد الحکم الشرعی الوضعی و التکلیفی نوعاً خاصاً أو فرداً مشخّصاً فإنه لا یؤثر ما لم یتشخص فی ضمن المطلق، و المطلق لا مشخّص له فی الافعال مع الاشتراک سوی النیة و التشخیص بعرض محتمل التعلق بالأنواع المتغایرة أو الافراد المتمایزة، کعرض المطلوبیة أو کونه مثل فعل فلان لا تقوم الماهیة أو الفرد المطلق من حیث الخصوصیة و لا یخرجه عن التردید و الابهام فیما اوقعه. فلا بد فی النیة من تعیین المقصود و تمییز المطلق حتی یتحقق وقوعه و ایجاده فإنه لا یقع و لا یوجد حینئذ من دون القصد إلی حقیقة المطلق نعم، مع تعذر معرفة الحقیقة المطلوبیة أو الفرد المطلوب ینتقل الحکم إلی الکلی الدائر بینهما، فیلزم ایجاده و القصد الیه من دون ملاحظة الخصوصیة، و التردید فیها المؤدی إلی الابهام و هو اقرب طریق إلی الامتثال

ص: 170

و لیس التعدد مع عدم العلم بتحقیق کل منهما فلا یمکن قصده و طلب ایجاده اولی من الاتیان بالکلی الممکن انطباقه علی کل منهما، الّا حیث لا یمکن اجتماعهما فی محل واحد کرعاه من تمام مع خمس أو اعمال متباینة الاجزاء فإنه یلزم فیها التعدد، و یکون القصد إلی ایقاع تلک الصورة القابلة لإیجاد تلک الحقیقة فیها کافیاً فی الامتثال فقد تبیّن ان اللازم تعیین المطلق و ما هو مورد الحکم و الخطاب و لا یلزم غیر ذلک فلا حاجة إلی تعیین افراد المطلق، بل و لا إلی انواعه حیث یکون الطلب و الحکم متعلقین و موردهما حقیقة تلک الافراد. و هی تلک الأنواع و مع تعلق الحکم بالخصوصیات و توجه الخطاب الیها من نوع أو فرد کما لو تعددت الافراد لزم تعیین ما یشخص کل فرد بأس شخص کان بعد تشخیص الماهیة المطلوبة و تعیینها ثمّ ان افعال العقلاء لا بد لها من داعی یکون هو المحرک علی ایجادها، و غایة و غرض هو الباعث علی ایقاعها و الا فهی سفه و عبث ملحقة بالأفعال الغیر الاختیاریة و لا یترتب علیها اثر و لیست مورد للأحکام الشرعیة أو داخلة تحت خطاباتها و الغرض أما ان یکون من الثمرات الدنیویة أو مجرد العبودیة، و الطاعة المترتبة علیها الثمرات الأخرویة و هو فی الاحکام الشرعیة تابع للغایات التی أعدها الشارع و الثمرات التی من اجلها شرع ذلک و حکم بها فما کان غرض الشارع فیه الاول فهو من المعاملات و ما کان الثانی فهو من العبادات فلا بد للموجد للعبادة و الموقع للمعاملة ان یکون غرضه فی ایجادها. و المحرک له فی ایقاعها هل لغرض من الخطاب بها و الغایة التی من اجلها شرع الشارع و ذلک فی العبادات داخل فی حقیقة العبادة و ماهیتها بل ادخل فی حقیقة الطاعة و الامتثال و الانقیاد من فعل المأمور به، و لم یکن المحرک له علی فعله قصد العبودیة بل فعله بلا قصد أو بقصد غیرها لم یکن بعد عابداً و لا فعله عبادة و لا یعدّ مطیعاً متمثلًا منقاداً بل ربما یقال ان قصده فی عمله ثمرة متغایرة لثمرة الأمر به و لغایة الحکم به و مشروعیة لا تخرجه عن السفه و العبثیة، أو لا تحسب تلک غایات و لا تعد ثمرات و لا ینبغی للعاقل الرشید ان یفعل الشی ء و یتحمل مشقة عمله الّا للغرض الذی اعدّ له و الغایة التی جعل لها و الثمن التی لا تحصل بدونه فقد ظهر ان کلًا من العبادة و المعاملة مفتقرة إلی القصد و تعیّن المقصود و تعیینه، و إلی حصول محرک و داعٍ إلی العمل و الایجاد و ان ذلک المحرک و الداعی هو الثمرة المعدة لها و الأغراض المشروعة هی لأجلها و انه لا فرق بینهما فی ذلک و انما الفارق اختلاف الثمرة و الغایة فما کانت الثمرة فیه العبودیة و الانقیاد، و ان ترتب علیه بعض الأغراض الدنیویة بالعرض فهو عبادة و ما کانت الثمرة فیه العبودیة و الانقیاد و إن ترتب علیه بعض الأغراض الدنیویة بالعرض فهو عبادة و ما کانت الثمرة فیه أمراً دنیویاً و ان طلب فیحصل فیه قصد العبودیة و الطاعة بالبیع فهو معاملة و ربما أطلق علی کل ما یحصل فیه قصد الطاعة، اسم العبادة من عبادة أو معاملة و من هنا تبین ان التعیّن و التعیین و قصد العبودیة و الطاعة من لوازم النیة الملازمة للأفعال الاختیاریة، و لیست داخلة فی حقیقتها فلا یتمسک حینئذ فی إثبات هذه بقوله (ع): (

لا عمل الّا بنیة

)، و قوله (ع): (

انما الاعمال بالنیات

)، و قوله (ع): (

لکل امرئ ما نوی

) فیتخصص العمل بالعبادات بل یبقی علی عمومه، و النفی فیها اعم من نفی الحقیقة فتثبت اشتراط القصد إلی الفعل فقط، الّا مع ضمیمة الملازمة السابقة فیمکن الاستدلال بها علی اشتراط جمیع ذلک و کان هذا وجه ما اشتهر من الاستدلال بها أو یدعی ثبوت حقیقة شرعیة للنیة و انها فی عرف الشرع مرکبة من ذلک کما یظهر من کلام کثیر حیث یفسرونها و یجعلونها عبارة عن مجموع ذلک و یمکن ان یقول. إن بقائها علی معناها بعید فی کلامه (ص) و کلام الائمة (علیهم السلام) لقلة الفائدة و الثمرة فی افادة ذلک و أین جوامع الکلم من ابراز هذا المعنی الظاهر الغیر الخفی لدی الذکیّ

ص: 171

و الغبی فتعیّن ارادة امر آخر وراء ذلک، فیؤخذ منه بالیقین بعد الاجمال للشک فی جزئیة الجزء و لیس الّا مراعاة ما ذکرناه مع ان فی تتمة بعض هذه الاخبار ما یدل علی ارادة الغایات للأفعال و الاغراض، لا مجرد القصد إلی الفعل و یرشد الیه أیضاً قوله (ص) لأبی ذر: (

لیکن لک فی کل شی ء نیة حتی فی النوم و الأکل

)، و مما یستدلّ به علی اعتبار قصد القربة بعد الاستنهاض بما ذکرناه جمیع ما دل علی لزوم الاخلاص و الأمر به و أنه فیه الخلاص من کتاب و سنة، و یستظهر من الأمر بالعبادات و وجوب الطاعة و لزوم المتابعة و من قوله تعالی وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِیَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حیث جعل غایة الامر العبادة و مع ذلک ضم الیها الاخلاص إن الأصل فی کل مأمور به بعد قصده قصد القربة فیه و العبودیة. و إن لم یعلم انحصار الثمرة فیه بذلک و انه شرّع لأجل غایة أخرویة بل لو علم ان مشروعیته لأجل اغراض دنیویة و ان المقصود منه ثمرات غیر أخرویة، لکن یلزم فیه مع ذلک قصد القربة الّا ما اخرجه الدلیل و ان خرج عن اسم العبادة غالباً فللعبادات اطلاقات ثلاث ما کانت الثمرة فیه أخرویة و ما اشترط فیه قصد القربة، و ما حصلت فیه القربة و بالجملة لا ریب أن استحقاق الثواب علی الاعمال موقوف علی قصد القربة فیها بعد قصدها کما یقضی به العقل و النقل و حصوله فی بعض المقامات بدونها، کما فی مکارم الاخلاق فهو من التفضّل و الاحسان بل لا یبعد الحکم باستحقاقه علی مجرد العزم و النیة. و إن لم تصادف العمل و ان قضت به الادلة من ذلک کاشف عن الاستحقاق و أنها هی روح العمل و قوامه و بها تتضاعف مراتب الاعمال و درجات العاملین. و ان الاعمال بانضمامها الیها علة الخلق و الایجاد کما نطق به التنزیل فی قوله تعالی: وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلّٰا لِیَعْبُدُونِ و أن قصد العبادة و الطاعة و الانقیاد قبل حین العمل بل قبل تعلق التکلیف حین سماع الخطاب معلقاً فضلًا عن حال العمل و حینه واجب علی المکلّف و هو اصل العبودیة لا یجوز التغافل عنه و مناسبه کما لا یجوز قصد سوی ذلک، و انها شرط العمل متوقفة صحته علیه و محکوم بفساده بدونه و انه بعد التأمل فیما ذکرنا لا مجال للمناقشة فی ذلک و خلو کلام کثیر من القدماء عنه. انما هو لبداهیته و عدم الاحتیاج إلی التنبیه علی حکمها مع لزوم حصولها من کل عابد و کله مطیع و ممتثل لا تنفک عنه فقد ظهر، و قد تبین انها أما عبارة عن القصد و تعیین المقصود و کونه خالصاً لوجه اللّه تعالی شرعاً حقیقة و استعمالًا أو اصطلاحاً أو عبارة عن مجرد القصد و تلک لوازم أو شرائط شرعیة ثمّ الخلوص لوجه اللّه أما لأهلیته أو جزاء لشکر نعمته و مهما دفع نقمته و عن علی (ع): (

ان عبادة الشکر عبادة الاحرار أو طلب العبد رفع منزلته الروحانیة أو طلباً لرضاه

) و فی الفرق بینهما تأمل و ان ارید المنزلة الحسیة اشکل الفرق بینه و بین رجاء الثواب أو خوفاً من سخطه أو رجاء لثوابه و هی فی روایة هارون عن الصادق (ع): (

عبادة الاحرار

) و فی روایة بن ضبیان عبادة التجار أو خوفاً من عقابه و هی عبادة العبید، و ما فی الکتاب و السنة من الترغیب قاض بالاکتفاء بهما و فی الروایات الخاصة و اخبار من بلغة ثواب علی عمل دلالة علیه و السیرة القاطعة شاهدة به فإنه ابن الأوحدی من الناس من تصفیة نفسه لما فوق ذلک من المراتب فضلًا عن عامة الخلق و من تری یقدم النار علی الجنة لو جعلت النار فی رضاه، و الجنة فی سخطه مع ان ادلة الاخلاص من کتاب و سنة شاملة له و لا ینافیه کل من الرجاء و الخوف بل یؤکدانه فما نقل عن ظاهر المشهور من بطلان العبادة بهما، حتی ادعی علیه الاجماع لا یعرف وجهه الّا ان ینزل علی قصد الاشتراط و المعاوضة الحقیقیة، فیکون منافیاً

ص: 172

للإخلاص و مقتضی العبودیة و المملوکیة و لا یکون العبد حینئذ متقرباً إلی المولی راجیاً رحمته و خائفاً من سطوته بل معاوضاً و مرشیاً أو لما ترکب من ذلک من الاثنین أو الثلاثة ترکب استقلال فیکون کل منهما داعیاً مستقلًا أو ترکیب جزئیة فیکون المجموع داعیاً واحداً إلی غیر ذلک من داعی المحبة، و قد ورود أنها عبادة الاحرار أو داعی الحیاء أو داعی الهیبة للجلال و العظمة و الکبریاء ثمّ ان هذه جمیعاً و دواعی للتقرب و الطاعة و الامتثال و موافقة الأمر و الإرادة أما لو جعلت دواعی للفعل من دون قصد الامتثال و العبودیة. فإن کان الفعل لیس من ذاته الخضوع و التذلل لم یعقل قصد التقرب به من دون ملاحظة حیثیة الطلب و الارادة و یکون ایقاعه بدون قصد ذلک خالیاً من قصد التقرب و حقیقة العبادة و إن کان الفعل من ذاته ذلک و هو داخل فی العبادة من دون ملاحظة الأمر به و الطلب، فالأقرب الاکتفاء بقصد التقرب بالفعل لأجل هذه من دون ملاحظة المطلوبیة و ان ذلک اکمل فی العبودیة و الخضوع و أغرف فی الحب و التذلل، و لو قصد التوصل بطاعة اللّه إلی الأمور الدنیویة، فیکون التقرب لرجاء خیر الدنیا أو للخوف من شرها صحَّ لعدم منافاة الاخلاص و لأنهما من الرغب و الرهب و فی تخویف اللّه عزَّ و جل بما فعل بالقرون السابقة و الأمم السالفة دلالة علی ذلک، و الأحوط الترک و سیّما فی الخاص منهما فی غیر الثمرات المنصوصة و الاغراض الواردة و کذا الأولی فی الخاص منهما فی الأمور الأخرویة فی غیر ما ورد النص به، و لا بأس بأن یلاحظها تبعاً لمن ارادها، و کذا لو استقل غیرها بالداعی و ان کانت هی مستقلة أیضاً معها و المراتب تختلف باختلاف المطالب و اعلاها الأهلیة ثمّ المحبة ثمّ طلب الرضا ثمّ الخوف من السخط ثمّ شکر النعمة ثمّ الحیاء ثمّ الهیبة ثمّ طلب الثواب ثمّ الخوف من العقاب و ادناها طلب خیر الدنیا، و الخوف من شرها و لا حاجة بعد قصد القربة بالامتثال و الطاعة إلی نیة الوجوب. و الندب داعیاً للفعل و غایة له و هما المعبر عنهما بالوجه لعدم الدلیل علی اعتباره بل ظاهر مجموع الأدلة بعد امعان النظر فیها بنفیه کما لا حاجة إلی نیة مراتب الوجوب و الندب شدة و ضعفاً و الحکم به لا یعرف مستند و ما استند له و لا یعرف وجهه فلا طائل فی التعرض له، و کذا لا حاجة الیهما قیداً أو صفة بعد تشخیص العمل و تعیینه بدونهما و لا إلی القضاء و الاداء و القصر و الاتمام مع تعیّن احدهما و بدونه کما فی مواضع التخییر و یبقی علی الخیار إلی اتمام العمل، و إلیهما وقع و لو من دون قصد کما لو کان مجزیاً و نحوهما من کم أو کیف أو جهة عارضات للمقصود إذا لم یتوقف علیها التعیین و التشخیص لمورد الحکم و متعلق الخطاب و الأسباب فی صلاة النوافل، من وقت أو مکان أو فعل من مشخصات العمل یلزمه القصد الیها فی لزوم قصد الاطلاق فی المطلق منها أو یکتفی بمجرد القصد إلی صلاة رکعتین من دون قصد سبب خاص وجهان اقربهما الثانی و ان ذلک کاف فی ایقاع حقیقة المأمور به و مع اختلاف الهیئة لزمه القصد الیها. إن لم یخصها اسماً خاصاً کصلاة، فیکفی القصد الیها اجمالًا من دون استحضار تلک الهیئة و أما اسباب الوجوب العارضة فلیست مشخصة للعمل مقوّمة لحقیقته من حیث تعلقها بل ان تعلقت بمعیّن لم یقبح إلی قصدها، و یکفی قصد المعین عن قصدها الا حیث یکون السبب اجارة و نحوها فإنه لا یحسب من عمل الاجارة بدون القصد لها و تبطل الاجارة لفوات محلها و انما یقع العمل صحیحاً و ان تعلّقت بمطلق لزمه القصد، إلی السبب و لا یتشخص العمل بدونه و یبقی مشغول الذمة الّا حیث یکون سبب الوجوب أو مخلوق کأمر الوالدین و المولی فإنه یکفی فی امتثاله مجرد وجود الماهیة المطلوبة من دون قصد السبب علی الأظهر، و یکون خطاب الشارع تابعیاً له غیر مستقل فلا یکون مورده خاصاً و متعلقه معیناً فلو نوی الوجوب و الحال هذه فی مقام الندب غایته فی ابتداء

ص: 173

العمل أو فی اجزاءه، و بالعکس صحت للجاهل و الناسی لاعتقاد الرجحانیة و المطلوبیة مع العلم بعدمه لاغیاً إذ لا یعقل القصد إلی ما یعلم عدمه و خیال. إن الغاء قصد الوجه مع کونه داعیاً و محرّکاً مؤد إلی الغاء قصد التقرب الذی هو معلوله فینحل إلی عدم قصد القربة من الأصل ضعیف اذ الفرض تحقق القربة و الانقیاد و الطاعة و هل یحرم هذا القصد الأقرب عدمه و لیس من التشریع المحرم و انما یحرم الاعتقاد مع الجهل الغیر المعذور به شرعاً کما هو الشأن فی سائر الأحکام و حینئذ فلو انقلب حکم الفعل فی الأثناء، من وجوب إلی ندب أو من ندب إلی وجوب أو انکشف خطأ النیة الابتدائیة فی الأثناء و کان معذوراً فیها لم یحتج إلی تغییرها و تجدیدها و بناء علی اعتبار الوجه یلزم ذلک فی الصورة الأولی و یبطل ما مضی فی الصورة الثانیة کما یلزم اعادة العمل لو و انکشف الخلاف بعد تمامه اذ اعتبار الوجه شرط واقعی لا علمی و لو نوی صفة فی غیر محلها من صفة وجوب أو ندب أو ادائه أو قضائه مع قصد التقرب بالطاعة من دون مراعاة و هو خاص مناف لم یکن به بأس. أما لو نوی فی عمل واحد کقصر فی موضع التمام أو تمام فی موضع القصر بطل العمل لاستلزامه عدم نیة تمام العمل فی الأول، و ادخال ما لیس منه فیه فی الثانی و لو کان الکم مخیّراً فیه فی مواضع التخییر أو للتخییر فی نفسه کالتخییر بین القصر و الإتمام للتخییر بین نیة الاقامة و عدمها لم یتعین احد الفردین بمجرد نیته بل له العدول، فی الصورة الأولی ما دام العدول ممکناً و بعد تجاوز محله ینتفی العدول کما لو سلّم علی الثانیة أو رکع فی الثالثة أما لو دخل فی قیامها فالأقرب بقاء محل العدول هنا فیه و له العدول فی الصورة الثانیة ما دام وقت العدول بسببه باق و هو فی نیة الاقامة علی الظاهر مستمر إلی تمام اول صلاة و حینئذ فإن رجع من نیة الاقامة قبل الدخول فی رکوع الثالثة عدل بها إلی القصر و صحّت الصلاة. و ان کان بعدها بطلت الصلاة و لزمت الاعادة و ان خالف نیته من دون عدول کما لو نوی القصر و أتم ساهیاً و بالعکس فوجهان بل قولان اقربهما البطلان و انه من نیة الخلاف فلا یتبع الفرد المنوی خلافه الأصل کما لو وقع بلا نیة علی ما مرَّ و الأحوط عدم الأبطال و الاعادة، و الأحوط مراعاة الوجه، و یغنی عن مراعاة لصفة للعمل و لا یغنی القصد إلی الصفة عن مراعاة الوجه لعدم الملازمة بین کون الفعل واجباً و کون المحرک علیه و الداعی له الوجوب و کذا فی الندب و من فصل فی العبودیة إلی مرتبة یکون المحرّک له و الداعی مجرد الارادة و الطلب، و لا یمیز بین الواجب و الندب لم یتمکن من مراعاة الوجه غایة و سقط عنه الاحتیاط و النیة بکل من جزئهما قصد الفعل و قصد التقرب خارجة من حقائق الاعمال الشرعیة و غیرها داخلة فی اسمائها و مصادیقها و ما وضع الحقائق الشرعیة الّا کالأوضاع اللغویة و العرفیة و من المعلوم الضروری و الظاهر البدیهی تعلّق النیات بالأعمال و هی خارجة عنها و صدق اسمائها علی المنوی و غیره صدق واحد، و لا فرق بین اسماء العبادات و غیرها و دخول الصحة فی اسماء العبادات لا یقضی بدخول النیة فیها، کما هو الشأن فی سائر الشرائط بل هی خارجة عن اطلاق لفظ العبادة أیضاً. و کون العبادة عبارة عن العمل التقرب به لا یقضی بدخول النیة أیضاً فی حقیقتها و حیث انتفت جزئیتها انتفت رکنیتها الّا انها هی بحکم الرکن تبطل الصلاة بترکها عمداً و سهواً و کذا الشأن فی سائر العبادات أو لکونها من الشرائط الواقعیة و متصلة بالعمل اتصال الأجزاء اطلق علیها کثیراً اسم الرکنیة، و لا یجزی علیها حکم الرکنیة فی الزیادة حتی علی القول بالجزئیة لصحة العبادة مع تکرارها عمداً و سهواً قولًا واحداً کما لا تأمل فی عدم تعلق النیة بها و ان کانت جزءٍ للزوم التسلسل و من اجل بساطتها و عدم انفکاکها عن العمل فلا تستقل بزمان سقطت ثمرة الخلاف بین القول بالجزئیة و الشرطیة و لا یتفرع

ص: 174

علیها احکام شرائط الصلاة من ستر و استقبال و قیام، و کذا شرائط بقیة العبادات و حکم نذر العمل فی وقت معین و الاستیجار علیه الّا ان تجعل الثمرة علمیة، و ینوی الصلاة الواحدة الواجبة و المستحبة جملة اجمالًا أو تفصیلًا أما لو تعددت فلا یلزم نیتها کذلک و ان دخلت تحت اسم واحد کنافلة الزوال و نافلة اللیل و کذا الشأن فی سائر العبادات فإنه تلزم النیة جملة فی کل عمل متحد منهما، فلا یصح نیة الأجزاء من دون نیة الجملة بأن ینوی شیئاً فشیئاً، سواء کانت بشرط لا أو لا بشرط علی الأظهر لعدم انصراف اطلاق العبادة و العمل إلی الجزاء و عدم تعلق الأمر بها مطابقة فلیست مورد الخطاب و متعلق الحکم أولا و بالذات فلا تکون محل الطاعة و الانقیاد و الامتثال الّا ثانیاً و بالعرض مع انَّ الشک فی الصحة کاف فی عدمها، و یصح نیة الوجوب فی الصلاة الواجبة و کذا فی سائر الأعمال الواجبة، و لا یضر دخول المستحبات فیها لدخولها تبعاً و تغنی نیة الوجوب عن نیتها حتی علی القول باشتراط الوجه فی وجه قریب فیکون للتابع حکم غیر المستقل أو ینوی الوجوب فی الواجب منها و الندب فی المندوب، و لا یخل ذلک بالمقارنة لاتّحاد العمل أو ینوی الوجوب فی الصلاة و لا یضر فعل المستحبات لأن نیتها حین فعلها فینوی الندب فیها و لا یضر توسطها بنیة مستقلة بین الأجزاء الواجبة و لیس فی الصلاة المستحبة اجزاء واجبة، و حرمة قطع النافلة بعد الدخول فیها لا یقتضی وجوبها، فنیة الندب لا اشکال فیها و لا حاجة إلی تجدید النیة حینئذ بعد الدخول فیها، بل تکون نیة الوجوب حینئذ مخلة علی القول باشتراط الوجه، و لو نوی فی الفریضة المشتملة علی المندوبات مطلق التقرب إلی اللّه تعالی و کان اسلم و اسلم منه نیة الوجوب فی الواجب و الندب فی المندوب مع التقرب إلی اللّه بالجملة مع التفصیل فی الأجزاء الواجبة و المندوبة أو الإجمال فیهما، و لا یلزم نیة الأجزاء للعمل الواحد بعد نیة الجملة لتعذر ذلک أو تعسّره مع حصول الامتثال و الطاعة عرفاً بدونه و عدم انصراف اطلاق العمل إلی اجزاءه فلا دلیل علی اعتبار نیتها، أو لأن نیة الجملة نیة الأجزاء للأجزاء فإن فعلها مستند إلی نیة اصلها و متولد عنها و ان حصل الذهول و النسیان فهی من قبیل الأفعال التولیدیة الغیر الخارجة عن کونها اختیاریة مؤثرة و کفی بالصدق العرفی شاهداً علی ذلک، فلو محیت صورة الداعی فی اثناء العمل و صدرت اجزائه لا عن قصد رأساً أو عن قصد الخلاف من دون عمد لم یکن به بأس ما دام متشاغلًا بالعمل سواء تفطن لذلک فی اثنائه أیضاً أو بعد الفراغ منه، و فی الأخبار و فیها الصحیح ما یدل علی ذلک فی صورة قصد الخلاف لا عن عمد و سیأتی التعرض لها أما مع عدم التشاغل و انفصال اجزاءه فالأقرب لزوم تجدید النیة للمنفصل لعدّه عملًا مستقلًا حینئذ و لیس للنیة الابتدائیة فیه تأثیر، و لا بأس بنیة کل جزء عند فعله أیضاً نیة بلا شرط لعدم منافاتها نیة الجملة بل الأقرب رجحان ذلک لتأکیدها نیة الجملة و کونها اکمل فی العبودیة و الطاعة أما لو نوی الجزء بشرط لا فإن کان فی الجزء الأول بطل العمل لإلغائه نیة الجملة. و إن کان فیما عداه من الأجزاء فهو من نیة القطع فی ثانی الحال و سیجی ء الکلام فیه فقد ظهر مما ذکر ان الأعمال المستقلة مفتقرة إلی نیات متعددة لا تغنی عنها النیة الواحدة و إن انضمّت الأعمال بعضها إلی بعض، الّا ان یستمر الداعی فیصادف کل عمل حین فعله و ذلک هو تعدد النیة، و إن العمل الواحد مفتقر إلی نیة واحدة و لا یلزم نیة اجزاءه و حینئذ فمدار وحدة النیة و تعددها علی وحدة العمل و تعدده و المرجع فی وحدة العمل و تعدده. إلی نظر الفقیه فی عرف اهل الشرع و لسانهم و المشکوک فیه یبنی علی تعدده و لزوم تجدید النیة فیه، و الأحوط ادخاله فی النیة ابتداء و تجدیدها عند فعله و لا یضبط ذلک بجواز الانفکاک و عدمه، فإن اجزاء العلم قد تقبّل الانفکاک و العملین قد یشترط اتصال احدهما بالآخر و لا بوحدة الاسم و تعدده فإن الحج

ص: 175

و صوم شهر رمضان و غیرهما من النوافل و الصوم المستحب اسمائها متحدة و هی اعمال متمایزة. و إن اجزاء الصلاة متمایزة و هی من العمل الواحدة و التعدد باعتبار وحدة محله و تعدده عرفاً کما فی الزکاة و الخمس و النذور و الکفارات یکون تابعاً له فی الصدق و یتبعه حکم النیة و لا بد من الجزم فی أصل النیة و فی نیة الجملة و تمام العمل علقها أو علق القصد إلی تمام العمل بأمر غیر معلوم التحقق و لو کان مظنوناً موهوماً عدمه افسدها و التعلیق علی معلوم الوجود لیس من التعلیق و لو قصد إلی فعل لم تطمئن نفسه بحصوله أو بالتمکن من ایقاعه کلًا للعلم بحصول المانع أو فقد الشرط أو الظن بهما أو الشک فیهما شکاً معتداً به لم یؤثر ذلک القصد لعدم الجزم فیه المحقق لتحقق القصد فإنه لا قصد مع عدم الجزم و لا فرق فی ذلک بین ما یکون مقتضی الأصل عدمه کما فی المانع أو لا کما الشرط. فإن الأصل لا یجدی مع حصول التردد و عدم الاطمئنان، و کونه حجة شرعیة لا یقضی بحصول الجزم و امکان الأقدام علی العمل و تحقق القصد الیه، نعم لو ضاق وقت العمل و لم یعلم بحصول المانع و کان مقتضی الأصل بقاء التکلیف و تعلق الخطاب ظاهراً کلّف بالأقدام علیه و القصد الیه إلی حصول منافیه و ذلک کافٍ فی نیته و الامتثال به فیصحّ الصوم المعین ممن ظن السفر فی نهاره بل ممن نواه و تصح صلاة من ظن الحدث فی اثنائها عند ضیق الوقت، و کذا لا بد من استدامة النیة حکماً إلی تمام العمل بکل جزئیها من القصد إلی نفس العمل و قصد التقرب به و ذلک بأن لا یقصد خلافهما عمداً. فإن قصد الخلاف عمداً قاطع لحکم النیة الأولی و ما یقع بعده لا یکون من ذلک العمل و لا یقع متقرباً به الّا حیث تجدد له النیة أما مع السهو فلیس بقاطع کما مرَّ و لیس القصد إلی الخلاف عمداً بمجرده مبطلًا للعمل قاضیاً بفساد ما مضی منه و بعدم تأثیر النیة المجددة لما یأتی منه الّا حیث یستلزم ذلک فساد الجزء القاضی بفساد الکل کما فی الصوم و الاعتکاف و الاحرام و دعوی کون الصلاة من ذلک، دعوی حالیة عن الدلیل بالنسبة إلی انائها فیکون خروج آن فی اثنائها عنها مفسداً لها أو بالنسبة إلی اجزائها فیکون فساده مستلزماً لفسادها، و لا یقوم مقامه غیره من دون ملاحظة کونه مما ینافی الصلاة أو لا کما یلاحظ ذلک فی الأعمال الخارجة الصادرة فی أثنائها و لزوم اتصالها لا یقضی بأزید من موالاتها عرفاً و عدم فعل المنافی فی اثنائها أو کان ایقاع تلک الاعمال الواقعة عقیب قصد الخلاف، أجزاء أو غیرها مبطلة للعمل کما إذا استلزمت فعلًا کثیراً فی الصلاة و استلزمت کلاماً أو ذکراً محرماً فیها فیراعی فی اجزاء الصلاة ما یراعی فی غیرها من العمال الخارجة عنها الواقعة فی أثنائها، و الأحوط الاعادة مع فساد الجزء فیها مطلقاً و یستثنی من ذلک ما یخل بقصد القربة و هو القصد بالعمل لمخلوق عام أو خاص حاضراً أو غائب الشی ء أو جنی و فی الملک تأمل و لا فرق فیه بین ان یکون مستقلًا أو منضماً معها و لا تبعاً، فلو نوی بالفعل الریاء فی الاثناء و قد عمل شیئاً من العمل بعده ابطل، کما فی الابتداء سواء کان العمل مبنیاً علی الاتصال کما فی الصلاة ام لا فیبطل ما مضی منه و لا یجدی استئناف ما یأتی بنیة مستأنفة لظاهر ادلة الریاء و صدق انه عمل لغیر اللّه و لو روی الریاء و لم یعمل بعده شیئاً ثمّ رجع إلی قصد القربة فوجهان لا یبعد الصحة، و إن کان البطلان لا یخلو من وجه سیّما فی العمل المتصلة اجزاءه.

نعم لیس فی مجرد الخطور من دون استقرار محذور فی صلاة و غیرها فإن الخطرات النفسانیة لا اثر لها و لیست مورداً للتکلیف اذ هی من الأمور الاختیاریة و لا یبطلها و لا غیرها من العبادات، الریاء المتأخر و هو بالحقیقة لیس منه اذ لا یعقل القصد حقیقة إلی ما مضی، و لا العجب مطلقاً فی الاثناء أو تأخر أو تقدم و ان کان من اعظم المحرمات و لو قیل بإفساده

ص: 176

مع عدم التقدم و فی الاثناء بل و مع التأخر، فیکون عدمه من الشرائط المتأخرة لم یکن بعیداً من ظاهر الأخبار و لا یبطل الریاء غیر العبادات المشروطة بالقربة بل لا یحرم فی کل ما لم ینو فیه التقرّب، و کذا العجب و فی خصوص بذل المال للریاء و السمعة لا یبعد التحریم مطلقاً و أن اختص الفساد بما یکون مشروطاً منه بالقربة، أما لو قصد فیه التقرب و لم یکن من شرطه ذلک فهما محرمان فیهما لحصول الشرکة بعبادة اللّه و لا ابطال، و لو نوی القطع أو تردد فیه فإن کان فی ابتداء الصلاة أو غیرها فسدت النیة و وقع العمل بلا نیة لمنافاتها نیة الجملة فی الأول و الجزم فیها فی الثانی و ان کان فی الاثناء فإن وقف فی الصلاة عن القراءة و غیرها من أجزائها. و کذا فی غیرها عن اجزاءه و کان ذلک لتوهم فساد الصلاة أو غیرها، فعلم الصحة و لا اشکال فی الصحة مع عدم الفصل الکلی فیما یخلّ فیه ذلک کالصلاة و لا ینقطع حکم النیة الأولی بعد العلم بالصحة و لا یحتاج حینئذ إلی تجدیدها بل یعود حکم النیة الأولی بمجرد العلم بالصحة و عدم نیة الخلاف مثله ما لو اعتقد خلاص العمل ثمّ بان خلافه، و لو لم یقف و قرأ أو اتی بجزء غیرها فی صلاة أو غیرها لتوهّم فساد أو بدونه و کان قد نوی القطع فی الحال کان ما أتی به غیر ملحق بالعمل و انقطع حکم النیة عنه نیة القطع حالًا و هو عمل مستقل فیجری علیه حکم الفعل المستقل الواقع فی أثنائه. فإن کان فعله ما یبطل ذلک العمل عمداً و سهواً ابطله کذلک هنا، و إن کان ما یبطله عمداً لا سهواً جری فیه ذلک أیضاً علی اختلاف حال السهو و العمد، و إن کان مما لا یبطل مطلقاً لم یؤثر شیئاً و حیث لا یحکم بالبطلان احتاج إلی تجدید النیة لتمام العمل و لا یجدی ایقاعه تبعاً للنیة السابقة الا حیث یکون نیة القطع لتوهم الفساد فإنه بمجرد العلم بالصحة یعود حکم النیة الأولی و لا یحتاج إلی تجدیدها کما مرّ و ان نوی القطع فی ثانی الحال أو علّقه علی أمر ممکن فالأقرب بقاء حکم النیة الأولی مع الذهول عن النیة الثانیة و لا یعارض العزم حکم النیة السابقة و یحتمل انقطاع حکم النیة السابقة من حین الغرم و لزوم تجدیدها و فسخ الغرم و لو فعل من دون تجدید فسد و یفسد ما مضی فی الصلاة و نحوها و یحتمل انقطاعها عند محل القطع المنوی لا قبله و لزوم تجدیدها حینئذ فلو فعل حینئذ ذاهلًا لم یکن ما فعله ملحقاً بالعمل و کان عملًا مستقلًا و الأقرب صحة العمل مع التردد فی الاثناء حالًا و فی ثانیه من توهم الفساد و بدونه وقع عمل بعده أو ترتفع أو ینقطع حکم النیة الاولی و تبقی مستمرة إلی نیة الخلاف و الأحوط الاعادة لو نوی القطع لتوهم الفساد و قد عمل بعدها جزء، و کذا لو نوی القطع أو کان تردده لا لذلک فالأحوط الاعادة و الأقرب الصحة مع تجدید النیة فیما لو نوی القطع و حیال ان ذلک من توزیع النیة علی الأجزاء لقطع النیة السابقة بنیة القطع ضعیف بعد حصول النیة إلی الجملة ابتداء و مصادفتها لتمام العمل، و لو نوی القاطع فلا یبعد الصحة مطلقاً مع کونه فی الحال و ثانیة و عدم انقطاع حکم النیة بذلک بل هی مستمرة إلی حین صدور القاطع و أولی منه لو تردد فی القاطع و لو قیل بالحاق نیة القاطع حالًا بنیة القطع لکان له وجه، و لا یجب فی نیة الصلاة و غیرها احضار المنوی بل یکفی مجرّد وجود القصد و الداعی و حصولهما. و إن کان غیر متفطّن لهما کما هو الشأن فی سائر الأفعال الاختیاریة، نعم لو غلب النسیان علی العامل حتی محیت صورة القصد و الداعی سواء قام مقامهما غیرهما أو کان العمل صادراً عن غیر اختیار فسد ذلک العمل، و کذا لا یجب القصد إلی الصلاة منفصلة حین النیة کما هو الشأن فی سائر الأعمال العادیة و الشرعیة حین نیتها بل یکفی الاجمال، و من ذلک یعلم عدم لزوم معرفة التفصیل فی الصلاة و غیرها قبل الدخول فیها و کذا عدم لزوم معرفة الحقیقة و الماهیة بکنهها التی لا یعرفها الّا اوحدی فضلًا عن سائر المکلفین، إذ لا دلیل علی اشتراطهما بعد تحقق

ص: 177

القصد إلی العمل بدونه فهو کاف فیه المعرفة الاجمالیة غیر مفتقراً إلی ذلک إذ بها یتشخّص العمل و تتمیز الطبائع و الماهیات بعضها عن بعض، فمن نوی الصلاة من لا یعرف حقیقتها فلا بأس، و کذا لو نوی الصلاة من لا یحسنها و آخر حوله مطمئناً به بعلمه أولًا فأولًا فلا بأس و من هنا و ما مرَّ من عدم اشتراط الوجه یظهر عدم لزوم معرفة الواجب فی الصلاة من مستحبها، و کذا فی سائر العبادات بعد العلم بأصل المطلوبیة و الرجحان الکافی فی حصول النیة و تحققها، و لزوم معرفة ذلک عند ضیق الوقت لإسقاط المستحب و لا اتیان بالواجب لا یقضی بلزوم معرفته مطلقاً کما ان معرفة ما یسقط من الواجبات عن الضیق لا تأمل فی لزومها و الّا لزمت معرفة جمیع الأحکام قبل الاحتیاج الیها و ذلک بدیهی البطلان، و لا یقول به احد حتی القائل بوجوب الاجتهاد عیناً و یلزم مقارنة النیة للعمل و لما اتصل به اتصال الأجزاء حتی عدَّ من العمل عرفاً فیلزم مقارنتها فی الصلاة لأول تکبیرة الأحرام، و لا یکتفی بآخرها و لا بمقارنة أی جزء منها و لا یعتبر المقارنة لها تماماً و کون التحریم بتمامها لا ینافی کون اولها اول الصلاة و لا یکفی مقارنتها للمستحبات السابقة علی الصلاة. أما لانفصالها و خروجها عنها کما یقضی به اطلاق الصلاة أو لقیام الدلیل علی ذلک و لیس اشتراط عدم التقدیم لدخول ذلک فی حقیقتها کما مرَّ، بل لظاهر المصاحبة المستفادة من الأخبار و ظاهر خالیة الاخلاص للعبادة و للأصل مع ان تقدیمها قاض بصدور الفعل دون قصد، و لا داعی فیکون من الافعال الغیر الاختیاریة أو من أفعال السفهاء علی ما مرَّ و أما عدم تأخیرها عن تمام العمل أو عن بعضه فلما مرَّ مع أنه مناف لحقیقتها و لا یعقل القصد إلی ما وقع فیکون تأخیرها قاضیاً بصدور العمل بلا نیة أو صدور جملة بدونها، و بالجملة فجمیع ما دلَّ علی اعتبار النیة لجملة العمل قاض باعتبار مقارنتها من دون تقدیم و لا تأخیر الّا انه قد یستثنی فی الصلاة من حکم التأخیر عن ابتداء العمل لا عن تمامه و الخلاف فیه نادر کما مرَّ بالنظر إلی قصد حقیقته لا إلی قصد التقرب به فإنه لا یعدل من غیر العبادة و ذلک بعد فرض صحة ما عمله أولًا، إذ الفاسد یصححه العدل و عدّه مواضع العدول:

أحدها: ما لو نوی صلاة فذکر إحدی سابقه، و کانت تلک الصلاة المنویة حین الذکر باقیة علی الصحة مصادفة لغیر الوقت المختص بغیرها عدل من الملاحقة إلی السابقة، أما لو ذکر و هی فی الوقت المختص بغیرها کما لو صلی العصر فی الوقت المختص بالظهر ثمّ ذکر قبل دخول الوقت المشترک بطلت الصلاة، و لا عدول و کذا لو فسد العمل لزیادته فیه کمن نوی مغرباً ثمّ رکع فی الرابعة ثمّ ذکر ان علیه رباعیة سابقة. فإن صلاته حینئذ فاسدة و لا عدوله، و کذا إذا لم یعلم ما قام الیه بعد الدخول علی الشرطین السابقین و دار أمره بین السابقة و اللاحقة غیر السابقة فإن کانت هی الواقعة ابتداء کان تعیینها فی الاثناء مؤکداً لذلک و ان کانت اللاحقة کان تعیینها السابقة عدولًا سواء کان متوافقین عدداً و هیئة أو مختلفین مؤداتین لصلاتین أو معادتین لزوماً أو احتیاطاً فی وجه قریب أو مختلفتین فی ذلک کان یدخل فی العصر أو فی العشاء ناسیاً أو ذاهلًا أو معتقداً صحة ما مضی أو معتقداً وقوعه بأمارة شرعیة تبیّن خطاها علی تأمل فی الصورتین الأخیرتین، و یذکر الظهر أو المغرب و فی الحاق العمد لجهل بالترتیب جهلًا معذوراً فیه أو لذهول عن حکمة شرعاً أو لاعتقاد ضیق وقت اللاحقة ثمّ تبین خطأ ذلک وجه غیر بعید، أما مع العمد لا لذلک کما لو تعمد الاحتیاط فی اللاحقة فلا تأمل بعدم جواز العدول أو مقضیتین اصلیتین أو احتیاطیتین أو مختلفتین کمن علیه مقضیة سابقة و لاحقة و نوی اللاحقة عن نسیان منه أو ذهول أو اعتقاد بوقوع السابقة لأمارة شرعیة أو اعتقاد بصحتها أو جهل بالتعدد أو بالترتیب نفسه علی تأمل فیما عدا

ص: 178

الصورتین الأولیتین أو مقضیة و مؤداه علی نحو ما مرَّ، بأن دخل فی المؤداة ناسیاً للمقضیة أو ذاهلًا أو معتقد الصحة أو الوقوع لحجة شرعیة علی تأمل فیها، فذکر المقضیة أو تفطن لها أو انکشف فساد معتقده و حیث لا نحکم بالعدول مع العذر مطلقاً بل نقضه علی خصوص التأسی و لعله یشمل الذاهل عرفاً اقتصاراً بما خالف الأصل علی مورد النص و الفتوی، لو فسّر به إلی کلّ من اعتقد وقوع السابقة اعتقاداً مشروعاً و قد اخطأ به تنقیحاً المناط الحکم أو فهماً للمثالیة فی الناسی باعتبار غلبة فهل یحکم بصحة اللاحقة مع الانکشاف فی أثنائها و یتمها لاحقة نظراً إلی عموم أدلة اشتراک الوقت و المتیقن من اشتراط الترتیب انما هو بالنسبة إلی العامد فی ابتداء العمل فیبقی ما عداه علی الصحة من دون فرق بین الانکشاف فی الأثناء أو بعد تام العمل أو یحکم بالبطلان فهما نظراً إلی مقتضی شرطیة ترتیب البطلان مطلقاً مع عدمه، و انما خرج الناسی فإن عمله صحیح سواء ذکر فی اثناءه فیعدل أو استمر النسیان إلی تمامه و یبقی ما عداه محکوماً بفساد عمله وجهان. اقواهما الأول و ربما یفرق بین الانکشاف فی الأثناء فیحکم بفساده لتعمد ترک الترتیب ببعض العمل بعد الحکم بصحته و الحکم بعدم جواز العدول فإنه لا یصح لاحقاً و قد تعمّد سبق جزءه علی السابق و بین عدمه إلی تمام العمل ثمّ ان ظاهر الأمر یجعلها الأولی و الأمر بأن ینویها و یعتبر الأصحاب بالعدول انه یجعل ما عمله اولًا مع تتمه هو العمل الثانی، أما لو نوی انّ ما مضی من اللاحق و ما یأتی من السابق فسد عمله و لم یقع عن شی ء منهما، و لو نوی ما یأتی من السابق و غفل عن الماضی فوجهان أقربهما البطلان و لو عکس فجعل ما مضی من السابق و غفل عما یأتی فالأقرب الصحة و یکون الباقی تابعاً للماضی و حینئذ لا بد ان یکون للماضی من العمل قابلیة جعله من العمل السابق، أما لو لم یکن کذلک لم یمکن العدول فی جمیع الصور الماضیة و منه یعلم ان کل ذلک ما لم یتجاوز محل العدول فلو کانت الفائتة صبحاً و قد صلی الثالثة تامة أو دخل فی رکوعها، أو مغرباً و قد صلی الرابعة کذلک فلا عدول لعدم امکانه، إذ کما لا یعدل الّا من صحیح لا یعدل الّا إلی صحیح هذا إذا کانت الزیادة رافعة للصحة فی العمل السابق أما لو تکن کذلک کما فی زیادة القیام فإنها مغتفرة لغیر العامد فلا تمنع من جعل ما مضی المشتمل علیها من العمل السابق فإنه یصح العدول بعد القیام الزائد و یهدم حین الذکر وقت القیام فی وجه قوی و الأقوی خلافه اقتصاراً علی المتیقن فی العدول مع ان اعتقاد الزیادة لا یخرجها عن الفساد و الفاسد لا یعدل الیه، و العدول ببعض ما عمله لا بتمامه خلاف مقتضی العدول فلا یمکن العدول حینئذ، کما فی زیادة الذکر و فی صحیحة زرارة عن ابی جعفر و ان کنت ذکرتها و قد صلیت من العشاء الآخرة رکعتین أو قمت فی الثالثة فانوها المغرب ما یرشد إلی ما ذکرناه و لو شک فی اصل النیة أو قصد فی القربة حتی کبّرَ کلًا أو دخل فیها لم یلتفت و بنی علی الصحة، و الأحوط فی الصورة الثانیة الرجوع إلی التکبیر و لا فرق فی ذلک بین العلم بحالة حال القیام و انه للصلاة ولوجه اللّه و العلم بحاله. و إنه لغیر ذلک و عدم العلم بحاله رأساً لأنه شک فی عمل سابق بعد الدخول فی لاحق فلا یلتفت الیه نصاً و فتوی، و لو شک فی تعیینها بنی علی ما قام الیه علی ما افتی به جماعة من الاصحاب و ظاهرهم الاقتصار فی ذلک علی خصوص الصلاة فلا یتسری إلی سائر الأعمال و خصوص القیام الیها، فلا یتسری إلی غیره من الاعمال السابقة علیه و لا القائمة مقامه و عموم ذلک للقیام اتصل و انفصل و لو تشاغل فی اثنائه بأعمال غیرها و عدم الفرق فیما قام الیه بین ان یکون صحیحاً أو فاسداً لا یقع. فإنه یبنی علی ما قام الیه و فی مستند الحکم اشکال. فإن ما یستنهض علیه من الأخبار لا ینهض بعد التأمل فیها علی ذلک بل موردها أنه لو عدل بنیته فی الأثناء ناسباً إلی غیر ما ابتدأ العمل

ص: 179

علیه ثمّ ذکر و لو بعد الفراغ کان البناء علی ما ابتدأ علیه و افتتح الصلاة به من فرض أو نفل و ما ذکر به فی القیام فی بعض معبّر به عن الدخول فی الصلاة کما هو ظاهر السیاق و هذا حکم من احکام الاستدامة غیر ما نحن فیه و من هنا أطلق بعض لزوم الاستیناف مع تحقق النیة و الشک فی الفرضیة و النقلیة و یمکن الاستنهاض علی ذلک باستصحاب بقاء النیة إلی حین العمل فیعم الحکم الصلاة و غیرها و القیام و غیره. و إن المدار حینئذ علی العلم بالنیة السابقة و هو غیر بعید و لو لم یعلم ما قام الیه فإن کان الشک فی التعیین فی اثناء الصلاة و لم یمکن العدول فظاهراً کثیر البطلان و مقتضاه جواز القطع أیضاً، و لا یخلو من بحث و لو قیل بحرمة القطع لمصادفة الصحة الواقعیة، و لزوم استیناف کل من العملین المشکوک فی تعیین ما عمله لأیهما بل مع اشتراکهما فی الهیئة کظهر مع عصر غیر مرتبین یکتفی بالإتیان بواحد دائر بینهما لم یکن بعیداً و یکون ایقاعه بقیة العمل بنیته السابقة، و إن لم یعلمها حال ایقاعه و ان کان الشک بعد الفراغ حکم بصحة ما عمله ثمّ ان کان العملان مرتبین فالأقرب الحکم بأن ما عمله هو السابقة و ان هذا من الشک بعد الفراغ، و إن لم یکونا کذلک أتی بعمل واحد ینو به عما فی ذمته ان اتحدا و الّا اتی بالعملین معاً و اذا تجاوز محل العدول اتمها لاحقة علی نیتها و اتی بالسابقة، و لا یحکم بفسادها استصحاباً للصحة مع ما دل علی صحة عمل الناسی للترتیب من نص أو اجماع و ما ورد من الأمر بالعدول لا یشمله و منه یظهر ضعف البطلان نظراً إلی فوات شرط الترتیب مع استمرار النسیان إلی تمام العمل و لا حصول العدول فی الأثناء القاضیین بالصحة للدلیل و لا عدول مع عدم مشروعیته الترتیب فلا یعدل من فوائت غیر الفرائض و لا حواظرها من بعضها إلی بعض و لا منها إلی فوائت الفرائض و حواضرها و لا بالعکس. و إن أمکن فیها العدول لعدم الأمر بالترتیب و ان سبق سبب بعض علی بعض و لزوم المبادرة إلی العمل لفوریته أو لضیق وقته لیس من الترتیب و لو قلنا بلزوم تقدیم سابقة السبب کما احتمله بعض فلا تحکم بالعدول لو قدّم اللاحقة ناسیاً لفقد الدلیل علیه فی غیر الفرائض، و فی الحکم بالصحة علی القول به مع عکس الترتیب و الذکر فی الاثناء أو بعد الفراغ من العمل أو الحکم بالبطلان القصر دلیل الصحة علی الفرائض وجهان و کذا لا عدول فی غیر الفرائض من النوافل مقضیاتها و موداتها و إن شرع الترتیب کما فی بعض مؤداة النوافل الرواتب و ما نقل عن الاصحاب من التصریح بالجواز لم نعثر علیه و لم تقف علی مستند له، أو الظاهر ارادة مجرد الجواز و الّا فاللزوم لا وجه له سواء کان من نیة ایقاع السابقة أو لا و لیس هذا مما یتسامح فیه فی السنن و الاستناد إلی فحوی قوله (ع): (

انما هی اربع مکان أربع بعید فی النوافل

) فالأقرب عدم صحة العدول فیها و هل یشرع فی مقتضیاتها الترتیب رجحاناً أو شرطاً حتی لو قدم المؤخر بعنوان التقدیم أفسد الظاهر عدمه و انه فی القضاء بالخیار، و لیس العدول فرضاً فی الفرائض الّا حیث یجب الترتیب فلا یجب حینئذ الّا فی المؤداتین المرتبتین کالظهرین و العشائین أو المقضیتین مع وجوب الترتیب بینهما، و حینئذ فمتی اخل به و قد أوقع جزء من الصلاة عامداً قلیلًا أو کثیراً فسدت الصلاة و ان اخلَّ به و لم یبادر الیه مع عدم ایقاع جزء منها و کان ذلک عن عذر کتذکر الحکم الشرعی فلا اشکال فی الصحة. و إن کان لا عن عذر ففی البطلان وجهان و لو قیل بالفرق بین نیة عدمه فتبطل الصلاة و إن رجع إلی نیة العدول و بین عدم نیته فتصح لکان له وجه و أن أخلَّ بنیته نسیاناً فإن تتم العمل مضی علی نیته لأصل العمل و ان ذکر بعد ذلک ذکر من حینه و صحَّ عمله أما من المؤداة إلی المقضیة فعلی الندب ظاهراً لندبیة الترتیب و عدم وجوبه و حیث لا ینویه و یوقع جزء لم یکن له العدول و لو عدل بعد ذلک و عمل بعد نیته عدوله فالأقرب البطلان و أن نوی

ص: 180

خلافه ثمّ نواه قبل ایقاع جزء من العمل، فالأقرب الصحة و أولی منه فی الصحة إذا لم ینو خلافه، و لا یعدل من مقضیته إلی مؤداة ضاق وقتها المختص، أو فی غیره أو لم یضیق و یلزم قطع المقضیة إذا کانت فی الوقت المختص بالمؤداة أو وقع بعضها فیه و قد بقی حین یذکره من وقت المؤداة ما یمکن ادراک رکعة منها فیه لاقتضاء الاختصاص حرمة ایقاع مجانسه أو بعض منه فیه، بل ایقاع ما عداه مطلقاً فتفسد کل عبارة تعمّد ایقاعها فیه و لیس لاقتضاء الضدّ حتی یبنی الفساد علیه. أما لو لم یبقی رکعة ففی وجوب القطع وجهان اقربهما، ذلک أیضاً لتعمد ایقاع جزء من غیره فیه و کفی بالأصل قاضیاً بالفساد و لو اوقعها تماماً فی الوقت المختص أو بعضاً منها فیه و قد ذکر بعد الفراغ، فالأقرب الصحة و لا ینافیه الاختصاص و البطلان لدعوی عدم قابلیة الوقت المختص لإیقاع غیره مما یجانسه فیه، لا یخول من وجه و کذا یلزم قطعها مع ضیق وقت المؤداة إذا بقی منه ما یمکن ایقاع المؤداة فیه أو ایقاع رکعة منها، أما لو لم یبق ذلک فتصح المقضیة و یستمر علیها و یحرم قطعها مع ضیق عدم المؤداة و کذا لا یعدل من مؤداة سابقة قد أوقعها فی الوقت المختص باللاحقة إلی لاحقة علی الأقوی و یقع باطلة فیلزم قطعها و ان لم یبق من الوقت مقدار رکعة للاحقة و لو صادف بعض السابقة فی الوقت المختص باللاحقة فإن علم ادراک رکعة من اللاحقة ابعد کما السابقة لزم الاکمال و لا عدول و ان لم یعلم ذلک قطع السابقة سواء بقی مقدار رکعة للاحقة من حین قطعه أو لم یبق و القول بصحة العدول من السابقة إلی اللاحقة فی کل من الصورتین نظراً إلی قول ابی جعفر (ع) فی الصحیح: (

بعد الأمر بأن ینوی العصر ظهراً ثمّ یصلی العصر فإنما هی اربع مکان اربع

)، و قد افتی به بعض الأصحاب، لا یخلو من وجه و لا یجوز العدول عن فرائض الصلوات إلی مثلها فی غیر ما ذکر کما مرَّ و لا یجوز من النوافل إلی الفرائض و أن کانت مرتبة و قول الشیخ بوجوب الاتمام علی الصبی إذا بلغ فی اثناء الصلاة بغیر المبطل لیس مما نحن فیه، لعدم استلزام وجوب الاتمام بمعنی حرمة القطع وجوب الجزء الباقی و علی فرض وجوب الباقی فلیس ذلک من العدول لعروضه بعد أن کان نفلًا اولًا کما یعرض الوجوب فی الاعتکاف و نحوه، و علی فرض العدول إلی الوجوب بأن ینوی العمل من اصله کذلک فهو عدول من صفة إلی صفة و العمل متحد و لیس عدولًا من نافلة إلی عمل آخر فریضة کما هو الفرض فلا یستثنی من عموم ذلک شی ء و لا یجوز العکس أیضاً و هو العدول من الفرائض إلی النوافل و قد استثنی من ذلک ثلاث صور احدها فی الجماعة کما علیه المشهور نصاً أو اجماعاً منقولًا إذا کان قد دخل فی الصلاة محرماً ثمّ دخل الامام المقتدی به و اشتغل بواجبات الصلاة علی رأی یوافقه الاحتیاط و الذی یظهر من الأخبار الحکم به عند الاقامة، و استقر به بعضهم و هو الأقوی، و یعتبر ان یکون قد خاف السبق و لو برکعة أما لو علم عدم السبق مع کمال الفرض فلیس له العدول بل یکمله و یدرک الجماعة، و لو علم الفوات مع کل من النفل و الفرض احتمل لزوم اکمال الفرض، و عدم جواز العدول و العدول إلی کل النفل ثمّ القطع و قطع الفرض من دون عدول عدول أقربها و أحوطها الأول و لا فرق فی الفریضة المعدول بها بین ان تکون هی فریضة الامام أو غیرها و بین ان تکون من الفرائض الیومیة أو غیرها من المؤداة، أو غیرها فی المسجد أو غیره لکن یعتبر فی الفریضة المعدول بها مما یؤتم بها مع فرض الامام و یکون القصد إلی الاتمام بها لا بغیرها و کذا یعتبر فی جواز العدول ان یکون بحیث لم یتجاوز المحل بالدخول فی الثالثة و یحتمل مراعاة الدخول فی رکوعها و الّا فمع مجرد القیام یعدل إلی النفل و یهدم فإن تجاوزه أتم وجوباً بلا عدول عن الفرض، و اعادها جماعة و احتمل العدول إلی النفل تحصیلًا لفضیلة الجماعة و ان زاد علی

ص: 181

عدد النوافل الأصلیة و العدول بالرکعتین مع ابطال الزائد و التسلیم فیقطع الرکعة الثالثة أو الرابعة لو کان فی اثنائها و قطعها بلا عدول و استضعافاً لدلیل حرمة قطع الفریضة فی مثل ذلک و الأقوی ما ذکرناه لموافقة الأصل مع أدلة حرمة القطع.

ثانیها: لناسی سورة الجمعة فی یوم الجمعة لمصلی الجمعة و کان قد قرأ (قل هو اللّه احد) بلغ نصفها و أن تجوزه و أکملها ذکر ذلک فی اثنائها أو بعد الفراغ منها قبل الرکوع أو بعده، أو لم یبلغه عملًا بإطلاق الصحیحة و قیده بعضهم بالتجاوز حملًا لما دل علی العدول من التوحید إلی الجمعة علی عدم التجاوز، و ما دل علی العدول إلی النقل علی صورة التجاوز حیث الجأت الضرورة لعدم امکان العدول بالسورة و هو تقیید للأخبار من الجانبین من دون دلیل و لا منافاة بین جواز العدول فی السورة و جواز العدول فی الصلاة إلی النفل فالأولی العمل بهما علی اطلاقهما و ما عن الفقه الرضوی من عدم جواز العدول و بعد قراءة نصف السورة مطلقاً إلی الجمعة و التوحید اقوی افراد السور فبعد فرض الاعتماد علیه و مقاومته یکون معاوضاً لإطلاق ادلة العدول من التوحید إلی الجمعة، و لا معوضة له مع دلیل العدول إلی النفل فیبقی علی اطلاقه کإطلاق الفتوی به حتی ادعی انه مخالف لما علیه الأصحاب، و سری الحکم بالعدول الصدوق إلی ظهر الجمعة و إلی کلّ سورة بلغ نصفها و لعل مأخذه دخول الظهر تحت اطلاق الجمعة و ان العدول إلی النفل حیث لا یمکن العدول فی السورة و ذلک أنما یکون بعد بلوغ النصف، و اذا ثبت فی التوحید العدول إلی النفل و عدم المضی فی السورة، و الاستمرار علی الصلاة ففی غیرها بطریق أولی و لا یخفی ضعفه و بناء علی تسریة الحکم إلی الظهر کما یقتضیه اطلاق عبارة المتن انما یصح ذلک إذا لم یتجاوز محل العدول إلی النفل لعدم امکانه حینئذ و یدل علیه قوله فی الصحیحة و یتممها رکعتین.

و ثالثها: لناسی الأذان و الاقامة معاً و الإقامة وحدها إذا کان قد دخل و لم یرکع أو لم یقرأ علی اختلاف الرأیین فی قطع الصلاة علی ما افتی به جماعة من الاصحاب. و لم نعلم له مستنداً و الاستناد إلی جواز القطع و العدول اولا منه لا یعرف وجهه اذ المساواة فضلًا عن الأولویة فی حیّز المنع، و حیث قلَّ العامل به بالصحیحة فی ناسی سورة الجمعة و قالَ الحاکم بالعدول فی ناسی الأذان و الاقامة مع عدم المستند له کان الأحوط ترکه لنسیان الجمعة و الأذان و الاقامة بل الأقوی عدمه فی ناسی الأذان و الإقامة.

و مما سبق یعلم أن الحاصل هو أن العدول لا یجوز الّا فی مواضع مخصوصة لا یقاس علیها و هو بالنسبة إلی حقیقة المأمور به مقصود علی المواضع المذکورة لا یتجاوزها، و قد استظهر بعض متأخری المتأخرین جوازه المطلق طلب الفضیلة معللًا باشتراک العلة الواردة فی النصوص علیه و المعنی بها کل فضل یفوت بعدم العدول سواء رجع إلی المعدول منها کوصف الجماعة أو کونها مقروءاً فیها سورة الجمعة أو کونها بأذان و اقامة أو کان امراً خارجاً متعلقاً بها، کفضل التقدیم فی المرتبات، و أما ما کان خارجاً رأساً فلا أظن أحداً یحتمل جوازه اذ الأفضلیة مرجحة بعد ثبوت المشروعیة و لیس مجرد طلبها یشرع الحکم الشرعی و یثبته مع أن العدول لا یبعد أنه من الأبطال المحرم و کیف یسوغ ارتکاب المحرم لطلب الفضیلة، و أما استند الیه من العلة فاستنباطها فی محل المنع و ان صادف طلب الفضیلة جمیع مواضعه فضلًا عن ان تکون منصوصة، و أما العدول من عوارض العمل بعضها إلی بعض فهی مع دخولها فی النیة و ملاحظتها فی العبادة الأصل فیها عدم جوازه، و عدم ثبوته و مشروعیته أیضاً و قد استثنی منه مواضع باعتبار عارض الإمامیة و المأمومیة و البحث یأتی

ص: 182

فیه فی محله و ان کان ذلک من العدول أو من قطع النیة السابقة و حدوث نیة لاحقة لبقیة العمل و بعد ان تبین ان النیة عبارة عن القصد من دون مدخلیة للفظ فیها یعلم ان التلفظ بها لیس إلّا کسائر الکلام یحرم فیما یحرم فیه الکلام و یباح فیما یباح فیه و ربما رجح لبعض العوارض فیرجح التلفظ بها إذا هان علی الخواص و استقرار القصد، کما یعرض لبعض أهل الوسواس و فی بعض مواضع من العبادات ما یدل علی رجحان التلفظ بنیتها فیها، و یحرم التلفظ بالنیة معتقداً إن اللفظ هو النیة و کذا مع قصد القربة باللفظ حیث یخلو من الرجحان و بدون ذلک یکره فی الصلاة لأنه کلام بعد قول: قد قامت الصلاة، و الأحوط الترک کما مرَّ و استحب بعضهم الاقتصار فی النیة علی القلب و هو غیر بعید کما هو شأن افعال العبید و المأمورین و ربما کان اقرب إلی الخضوع و حیث ان المار فی النیة علی وجود القصد و حصول الصورة فی النفس و انه لا یخل بها الّا محوها رأساً و نسیانها اصلًا لم یکن للخطأ اللفظی و السبق الخالی تأثیر و انما البناء علی ذلک القصد و تلک الصورة فلو قام لنافلة أو لغرض فسبق خیاله أو لسانه إلی غیره، و لو قام لصلاة الظهر مثلًا فسبق لسانه أو خیاله إلی العصر فالبناء علی ما قام له مع بقائه، و استمراره إلی خبر الدخول فی الصلاة و کذا الشأن فی سائر الأعمال و للنیة مباحث أخر کبحث الضمائم فیها و بحث تدخل الأعمال قد تقدمت فی مباحث الوضوء فلیراجع.

ص: 183

المبحث الرابع: فی تکبیرة الأحرام

و هی أول أجزاء الصلاة واجبة و مندوبة و الدخول فی اول جزء منها دخول فیهما فیلاحظ جمیع شرائطها فیها، و تفسد بدونها علی حسب شرائط صلاتها فلو کبّر للفریضة جالساً أو هاویاً أو منحنیاً أو صادف بعض منها ذلک بطلت صلاته و ان بطلت أیضاً لعدم مصادفة النیة ذلک بناء علی اشتراطها و لا تکون نافلة و لا بد من قصد الافتتاح بها فلو قصد تکبیراً غیرها لم یثمر شیئاً و وقع باطلًا أن کان من تکبیرات الصلوات تکبیر رکوع أو غیره و لو قصده و قصد غیره معه بطل أیضاً. و إن کان المحل قابلًا لهما کما فی تکبیر المأموم خیر رکوعه سواء کان الغیر واجباً کتکبیر الرکوع علی القول بوجوبه أو لعروض الوجوب بسبب النذر و نحوه أو لم یکن واجباً لأنه من التداخل بین العملین المستقلین واجباً و مستحباً أو واجبین، و هو منفی بالأصل و یمکن القول بالاکتفاء فی خصوص تکبیرة الرکوع للمأموم مع مجیئه مبادراً و الإمام راکع لروایة معاویة بن شریح و موثقة عمار مع نقل الشیخ، بالاجماع علیه و لا حاجة إلی حمل کلام الشیخ و الروایة علی سقوط تکبیرة الرکوع هنا و أن یکون له ثوابه لإثباته بصورة التکبیر عند الرکوع مع ان للتداخل مع النیة نظائر فی الشرع و ما یتخیل من وجود معارض له فی الأخبار کصحیحة البقباق و نحوها خیال ضعیف و هی ظاهرة فی عدم القصد إلی الافتتاح بتکبیرة الرکوع مع انها مطلقة و لیس فی کلام الأصحاب صراحة ینفی ذلک حتی یوهن العمل بالخبر مع وجود عامل بمضمونه و لواقع التکبیرة عقیب قصد الصلاة من دون تعیین لها، و لا قصد فصریح بعض الحکم بالبطلان و هو مبنی علی الفرق بین تکبیرة الافتتاح و سائر اجزاء الصلاة فإنه لا یشترط فیها القصد و التعیین لحقیقتها لا فی واجبها و لا مستحبها و ان نیة اصل العمل کافیة فی تعیین العمل المشترک من اجزاءه إذا وقعت فی محالها و فی فیق اشکال و کذا فی الفرق بین أول جزء من عمل و سائر اجزاءه، و هی رکن تبطل الصلاة الواجبة و المستحبة بزیادتها و نقصها عمداً و سهواً و فی جمیع الأحوال للأصل و الاجماع المحصّل و المنقول و للأخبار الصحیحة و غیرها القاضیة بذلک فی صورة النقص، و لا فارق بینه و بین الزیادة و ما فی الأخبار الصحیحة و غیرها مما ینافی ذلک من المضی فی الصلاة لمن کان من نیته أن یکبّر و من الاجتزاء بتکبیرة الرکوع لمن نسی تکبیرة الافتتاح، و من الفرق بین ذکرها قائماً فیکبّر و ذکرها بعد الرکوع فیمضی فی صلاته و من الفرق بین ذکرها قبل الرکوع فیکبر ثمّ یقرأ و یرکع بین ذکرها فی أثناء الصلاة فیکبّرها فی قیامه، و بین ذکرها بعد الصلاة فیقضیها فلا شی ء علیه مطرحة أو محمولة علی التقیة أو مؤولة ثمّ المعنی بزیادتها ان تزاد منویّاً بها الافتتاح صاحبة نیة الصلاة أولا و کانت مقصودة لتلک الصلاة فلو قصد بها صلاة اخری سهواً فالأقرب عدم أبطالها، و یرشد الیه تکبیر رکعات الاحتیاط و انما یحصل الأبطال بها إذا صادفت الصلاة صحیحة لعدم ابطالها الباطل فلو صادفت الصلاة باطلة صحت کالمبتدأة، و انعقدت الصلاة مع مصاحبتها للنیة و الّا بطلت لفقد النیة، ونیة الافتتاح لا تستلزم نیة الصلاة بل هی من نیة الجزء و حینئذ فإن قلنا ببطلان الصلاة بمجرد نیة القطع صحت کل تکبیرة وقعت بعد نیة القطع و من فرض التلازم بین نیة الافتتاح ونیة الخروج کانت کل تکبیرة صحیحة و تنعقد بها الصلاة، و إن قلنا بعدم البطلان کما هو المختار أو وقعت التکبیرة من دون نیة للقطع ان عقد انفکاک نیة تکبیرة الافتتاح فی الاثناء عن نیة الخروج و القطع بطلت الثانیة و فسدت الصلاة و صحت الثالثة، و هکذا بالنسبة إلی کل وتر و شفع، و تبطل الصلاة بترک القیام فیها کذلک أیضاً لما مرَّ من رکنیته فیها، و صورتها المتلقاة من الشارع المتیقنة الاجزاء و الصحة اللّه اکبر بفتح همزة اسم الجلالة و مد لامه، و ادغامه و ضم

ص: 184

هائه سالمة من الاشباع المؤدی إلی زیادة الواو و فتح همزته اکبر و یائه سالمین من المدّ المؤدی إلی زیادة الألف مع تسکین الکاف، و الوقوف علی رائه، و لو کبّر بغیر هذه الصیغة بترجمة أو غیرها أو بدل الاسم الأعظم بغیره و لو بالأسماء المختصة أو بدل اکبر أو عرّفها فقال الأکبر، و ما نقل عن ابن الجنید من کراهة التعریف شاذ نادر أو عکس الترتیب أو اخلَّ بحرف و لو بهمزة الجلالة مع الوصل بکلام سابق من نیة أو غیرها أو الوصل بدعاء. و إن کان ذلک علی النهج اللغوی و لو تلفظ بها مع الوصل فوجهان الصحة نظراً إلی الاتیان بالهیئة المعتبرة و البطلان نظراً إلی انه من اللحن لقطع الهمزة فی مقام الوصل فلا یصح و الأقوی الأول لمنع اللحن فیها بل اللحن فی السابق علیها لا فیها بعد لزوم القطع فیها شرعاً، و الأحوط التجنب أو زاده و لو حرف اشباع قصد به معنی مغایراً کأن یقصد بهمزة قبل لفظ الجلالة الاستفهام أو بأکبار جمع أکبر، و هو الطیل أو لا دخل فی الکلمة کإشباع الهاء من لفظ الجلالة و الهمزة و الیاء من اکبر بما یؤدی إلی زیادة الألف و الواو و أن ساغ ذلک فی اللغة فی بعض المقامات أو لم یدخل کزیادة واو أو متحرکة بین لفظ الجلالة و اکبر فی زیادة المد فی لفظ الجلالة، بما یؤدی إلی زیادة الف اخری وجهان لا یبعد الصحة و الأحوط البطلان، أو زاد کلمة سابقة أو لاحقة دخلت فی النیة أو غیّرت الهیئة کمجرور أو مضاف الیه أو فی ما بینها لتغییرها الهیئة مطلقاً و هو مدار البطلان و لیس دائراً مدار اللحن فقط أو نقصها أو ادغم غیر المدغم کالراء مثلًا أو فک المدغم کاللام، أو غیّر شیئاً من الهیئة الخاصة بتحریک ساکن و لو الراء من اکبر علی اشکال و الأقوی عدم البأس کما استحب ترکه جماعة من الأصحاب بل تأمل بعض من متأخری الأصحاب فی استحبابه لفقد الدلیل علیه، و ما روی عنه (ص): (التکبیر جزم) فأستظهر انها روایة عامیة أو تسکین متحرک و لو الهاء من لفظ الجلالة أو تغییر حرکة بطلت صلاته مع العمد و السهو و ان ذکر بعد تجاوز محل النسیان لفوات الرکن الذی هو تمام الهیئة المعتبرة بفوات الجزء، و لو ترک تفخم اللام و الراء أو مد الالف فی الفی الجلالة أو همزة اکبر امدّ لا یتأکد منه الف أو اشبع الباء فی اکبر کذلک جاز لعدم لزوم مراعاة ذلک فی الکلام العربی و لم یکن مغیراً للهیئة و الأحوط خلاف ذلک و یجب التعلم عن من یحسنها، و لو توقف علی المسیر إلی بلد بناء بعد دخول الوقت وجوباً متوسعاً إلی ان یضیق الوقت بقدر الصلاة و التعلم و یجب قبل دخول الوقت علی من علم عدم التمکن بعده و لو ترک التعلم و صلّی اول الوقت فعل حراماً و فسدت صلاته و ان لم یصلی حتی ضاق الوقت عصی و اتی بالممکن و صحّت صلاته و لا اعادة و الأحوط الاعادة، و مع رجائه لا تصحّ الصلاة قبل الضیق و لو صلی فسدت و ان انکشف عدم امکان التعلم فإن تعذر استقلاله بالنطق نطق بها ناطق حرفاً حرفاً و نطق خلفه من دون تغییر الهیئة ان امکن و الا اتی بالحروف مقطعة، و ان لم یتمکن من الجمیع اتی بالممکن، و لا یکتفی به علی الأظهر بل یرجم عن الباقی أو یحرک به لسانه مع القصد الیه و ان تعذر الکلّ ترجمها بلسانه أو ترجم البعض مع عدم التمکن من الکل و حرّک بالباقی لسانه و اشار و لا ترتیب فی التراجم بل تتساوی جمیع اللغات و ان کانت اولویة تقدیم العبرانیة أو السریانیة بل تقدیم الفارسیة أو تقدیم لغته أو لسانه علی ما عداها، لا یخلو من وجه و مع التعذر رأساً کما فی الأخرس یحرک بها لسانه و یشیرها بإصبعه و بغیره لا یکتفی بالحرکة عن الاشارة علی الأظهر، و مع عدم التمکن من حرکة اللسان اکتفی بالإشارة کل ذلک بعد ان یعتقد بها قلبه قاصداً لفظها مع عدم التمکن أو لفظ ترجمتها مع عدمه و لا یجب معرفة معناها و قصده و لو قیل بلزوم قصد المعنی مع عدم الاتیان باللفظ حتی مع الترجمة لکان له وجه، و لو لم یتمکن من شی ء من ذلک ففی سقوط الصلاة عنه أو لزومها

ص: 185

بدونه وجهان اقربهما الأول و لو تمکن من سائر الاذکار فهو کغیر المتمکن و لا یلزمه الاتیان بها، و لو تمکن من ذکر یؤدی معناها کقیام اسم من اسماء اللّه المختصة أو غیرها مقام لفظ الجلالة أو قیام اعظم و اجل بدل اکبر ففی لزومه مقدماً علی الترجمة أو مؤخراً عنها، قبل ما بعدها أو مؤخراً عنها و عما بعدها أو سقوطها رأساً اوجه و قد صرّح بعض بالأول منها و الأقرب الأخیر و مستند الحکم بعد الاجماع محصلًا و منقولًا. و روایة السکونی فی تلبیة الأخرس و تشهده و قراءته القرآن فی الصلاة أنه تحریک اللسان و اشارته بإصبعه و تصفح احواله فی عبادته و معاملاته، و کذا أحوال من لا یقدر علی النطق بالعربیة عموم التکلیف بالصلاة فتکون افعالها کل بنسبة حاله کما یقضی به الفهم العرفی و یؤید بحدیث لا یسقط المیسور بالمعسور، و لا یصلح مستنداً لذلک مما لا یتعلق بأجزاء المکلف به الحسیّة و من هنا یظهر عدم الحکم بالصحة بالنسبة إلی الغیر المتمکن من حرف و نحوه بل یقصر الحکم بالنسبة إلی العاجز الغیر القادر الّا مع التقیة فتصح الصلاة فیها، و یجب تحقیق الذکر اللسانی فلا یکفی التصویر النفسی و لا مجرد حرکة اللسان من دون خروج الحروف و اظهارها لعدم صدق التکبیر، و لا الذکر و الکلام علیه، و یعلم ذلک بأسماع نفسه تحقیقاً أو تقدیراً و یرشد الیه الأخبار الناطقة فی القراءة و ما یعارضها مطّرح أو مؤول و الأولی فی کل صلاة یومیة بل فی کل فرض و نفل عملًا بإطلاق الأخبار کما هو مقتضی اطلاق فتوی الاکثر، و صریح جماعة للإمام و المأموم و المنفرد و ان کان الاستحباب فی الإمام اقل تأکیداً من غیره کما هو نص الأخبار، و ما نقل عن ظاهر بن الجنید من قصره الاستحباب علی المنفرد شاذ نادر و صریح الأخبار فی الامام یرده ان یکبّر سبعاً مع تکبیرة الأحرام فیکون ستاً سواها و دون ذلک فی الفضل الخمس و دونهما الثلث و مع معارضة ما هو اهم منها کإدراک القراءة للمأموم و ادراک ذکر الامام لا یسقط استحبابها و ان کان الاتیان بما عارضها أرجح و فی استحباب الاثنتین و الأربع و الست من النظر فی الأخبار اشکال فلا ینبغی التقرب بخصوص هذه الاعداد الشفعیة بل الأحوط عدم نیة الخصوصیة فی التکبیرات نفسها مع العزم علی الاتیان بها شفعاً و قصراً استحبابها بعض علی الفرائض الخمس و بعض الفرائض و بعض علی اول کل فریضة و اولی نافلة الزوال و اولی نافلة المغرب و اولی صلاة اللیل و الوتر و الإحرام، و زاد بعض الوتیرة فتکون سبعاً و جعل بعض مکان الاحرام منها الشفع و لم نعثر للجمیع علی مستند، و ما فی بعض الأخبار الغیر المعتمدة من الأمر بها فی مواضع مخصوصة و لا دلالة فیه علی الحصر، نعم وجود الخلاف فی بعض الأفراد بضعف الاستحباب فیه کما أن الأمر فی بعضها بخصوصه یؤکده و یستحب الدعاء بینها بالمأثور فبعد الثالثة: اللهم انت الملک الحق .. الخ، و بعد الخامسة بدعاء: لبیک و سعدیک .. الخ، و بعد السادسة بدعاء: یا محسن قد اتاک المسی ء .. الخ، و روی أیضاً قراءة ربّ اجعلنی مقیم الصلاة و من ذریتی .. إلی آخر الآیة و یستحب قبلها بعد الاقامة بدعاء: یا محسن .. الخ، و بدعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة .. الخ، و بعدها بدعاء التوجه و لا بأس بالإتیان بالتکبیرات السبع ولاء کما فی موثقة زرارة، و یتخیر فی جعل ایها شاء تکبیرة الاحرام الأولی أو الأخیرة أو احدی الوسطیات کما یقتضیه اطلاق الاخبار و الفتوی و صرّح جماعة بأفضلیة الأخیرة و ربما ظهر من بعض تعیین ذلک و لم یعرف لکل منهما مأخذاً الّا ان الأفضلیة یکفی فها فتوی الفقیه الواحد فضلًا عن المتعددین مع عدم المعارض و عدم العلم بالخطإ فی المدرک مع انه ربما کان فی الأمر بدعاء التوجه عقیب السابقة مع الأمر به عقیب الواحدة اشارة إلی ذلک و یؤیده أقوی تأیید اسقاط التکبیرات بعد تکبیرة الأحرام فی الصلاة التی علمها الصادق (ع) لحماد و مع اشتمالها علی سائر المستحبات

ص: 186

القولیة و الفعلیة من بعد تکبیرة الاحرام دون المستحبات السابقة علیها، و کذا ما فی صحیح زرارة من عدة تکبیرات الصلاة بعد الاستفتاح بإحدی و عشرین تکبیرة و ما فی غیره من الأخبار بأن فی الصلوات الخمس خمساً و تسعین تکبیرة: منها خمس تکبیرة القنوت فإنها ظاهرة فی کون التکبیرات الست لیست واقعة فی الصلاة و ما ذلک الّا لکون الأخیرة تکبیرة الأحرام، فالحکم بالأفضلیة هو الوجه و صرّح جماعة من متأخری المتأخرین بتعیین الأولی و استنهض بعض بأخبار لا اشارة فیها بعد التأمل و النظر علی رجحان الأولی فضلًا عن الدلالة المعتبرة فی الحجیة علی تعیینها. و أما خبر زرارة و حفص الواردان فی تعلیل السبع بإبطاء الحسین (ع) عن الکلام فجعل النبی (ص) یکرر التکبیر لأجله إلی ان انتهی إلی سبع و جرت السنة بذلک فهی فضیلة فعل النبی (ص) و کرامة للحسین (ع) لم یعرف وجهها فربما کانت کل واحدة تکبیرة احرام و ربما کانت الأول هی المستحبات و قد نوی بالسابقة الأحرام، و صادف کلام الحسین (ع) معها أو نوی الأحرام فی اثنائها مع ان کون فعل النبی (ص) علة المشروعیة للسبع لا یلزم منه کون مشروعیتها علی ذلک النحو الذی وقع قبلها مع اطلاق دلیل المشروعیة، علی انَّ مثل هذا لا ینهض فی اثبات الوجوب و یصلح مقاوماً لإطلاق الأدلة و الفتوی ثمّ أنه لا بد من تعیین واحدة منها تکبیرة احرام و یقارن نیة الصلاة معها و لا یجزی مقارنتها للمستحب السابق منها کما مرَّ فلا یکفی نیتها فی ضمن المجموع و لا فی عدد خاص منه کالثلاثة و الخمسة و لا یکتفی بنیة الصلاة عن تعیینها فتنصرف الأولی منها إلی تکبیرة الأحرام لتعدد الفرد القابل لها و لا مشخص لها سوی النیة و هذا بخلافه مع الوحدة فإنَّ فیه الوجهین السابقین و لا یکفی نیة المجموع أو الخمسة أو الثلاثة کلها تکبیرة الأحرام فیکون من المخیّر فیها بین الواحد و الأکثر کما فی مستحبات الرکوع و السجود للأصل و الإجماع و ظاهر الأخبار الدالة علی وحدة تکبیرة الأحرام مع ان فی الأمر بإجهار الإمام بواحدة و الأمر بالأسرار بالست أقوی دلالة علی ذلک، و یرشد الیه بأوضح طریق ما فی الخبرین السابقین المعللین للسبع بإبطاء الحسین (ع) و الصلاة التی عملها لحماد و ضبط اعداد تکبیرات الصلاة، و بالجملة فبطلان ذلک من القطعیات و اوضح البدیهیات فإنه من المعلوم الذی لا شک فیه و لا شبهة تغیر فیه عند سائر المسلمین من سالف الأزمان و الأعوام الخاص منهم. و العام ان الدخول فی الصلاة و تحریمها لیس الا بتکبیرة واحدة لا بأکثر. و إن من اوقعها فقد دخل فی الصلاة و حرم علیه القطع و المنافیات و ان التخییر الوارد فی عدد هذه التکبیرات و ان نهایتها السبع انما هو للفضیلة و الاستحباب علی اختلاف العلل الواردة فی ذلک فأمال الیه بعض المتأخرین من التخییر و جنح الیه آخر لظهور بعض الأخبار فیه لا یلتفت الیه و هو منهم (رضوان اللّه علیهم) من اعجب العجیب، نعم لو لا الإجماع علی مقارنة النیة لتکبیرة الأحرام لادعی ظهور الأخبار فی دخول هذه التکبیرات فی الصلاة و أنها من اجزائها المستحبة و ان الصلاة تفتتح بها فیجتزئ بمقارنة النیة لها و لیس کالمستحبات الخارجة عنها من اقامة و دعاء کما اجتزی فی نیة الوضوء بذلک، و یستحب رفع الیدین بها فی فرض و نفل و کذا بکل تکبیرة و ان کان فیها اکد کما هو فتوی المعظم بل هو المجمع علیه و نفی الخلاف فیه بین اهل العلم. و یدل علیه صحیحة علی ابن جعفر النافیة لزوم الرفع علی غیر الإمام و لا قائل بالفرق و تعلیل الرضاء بأنَّ رفع الیدین ضرب من الابتهال و التبتل و التضرع، فأحب اللّه ان یکون العبد فی وقت ذکره له متبتلًا متضرعاً مبتهلًا، و بأن فی رفع الیدین احضار النیة و اقبال القلب علی ما قال و قصد و ما روی أنَّ لکل شی ء زینة، و زینة الصلاة دفع الأیدی عند کل تکبیرة و ترک التعرض له فی صلاة حمّاد الظاهر فی عدم وقوعه و عداده فی سلک الآداب و المستحبات و ما

ص: 187

فی الأخبار من حکایة الفعل فی بعض و الأمر به فی آخر فی مقام تعلیم هیئته و بیان کیفیته لا یقاوم ما ذکر فقول المرتضی بالوجوب فی جمیع تکبیرات الصلاة مدعیاً علیه الإجماع بعد عدم امکان بقائه علی ظاهره فی المستحبات من التکبیر و لا فی تکبیر الصلاة المستحبة لا بد من حمله علی شدة الاستحباب فی مقام الرد علی المخالفین أو عدم الالتفات و هو اعرف بما ادعاه و لا یستحب الرفع فی ادعیة التکبیرات، و کذا فی سائر ادعیة الصلاة سوی القنوت ثمّ ان مقطوع الکف و المخلوق بدونه یستحب له رفع الباقی، و کذا مقطوع الذراع و المخلوق بدونه لإطلاق الأیدی فی أکثر الأخبار و ذکر الکف فی بعضها لا یقیده مع قضاء التعلیل به و مع عدم التمکن من رفعهما مع وجودهما و بدونه فالأقرب رفع واحدة منهما لأنه المیسور مع قضاء التعلیل به أیضاً، و مع التمکن ففی استحباب رفع الواحدة وجهان الأقوی عدمه و لا فرق فی ذلک بین الرجل و المرأة و من کانت یده تحت ثیابه أو ظاهرة و بین الإمام و المأموم و المنفرد و ان کان الحکم فی الإمام اکد و الرفع لأحد لأول مراتبه علی الأظهر، بل یکفی تحقق مسماه کما یقتضیه اطلاق الأمر به و فعل هیئة خاصة منه و الأمر بها فی الأخبار و الاقتصار علی ذکرها فتوی و لا یقضی بالتقیید لعدم المنافاة بین استحباب المطلق و افضلیة المقیّد و لیس فی العرف ما یدل علی التقیید، و أول الفضیلی فیه بلوغ النحر کما فی الروایة عن علی (ع) فی تفسیر النحر أن معناه رفع الأیدی إلی النحر و یدل علیه فعل الصادق (ع) حیث رفع یدیه لسفل من وجهه قلیلًا کما فی صحیحة معاویة بن عمار، و أفضل من ذلک محاذاة الوجه و کونه حیاله و قباله سواء کانت تحت الأذنین کما فی صحیحة صفوان انه رأی ابا عبد اللّه (ع) إذا کبّر فی الصلاة یرفع یدیه حتی یکاد یبلغ اذنیه، الّا أن یراد عینهما لا محاذاتهما أو مسامتا لشحمیتهما فیکون حبال الخدین کما فی صحیحة زرارة و لا تجاوز یکفیک اذنیک أی حیال خدیک و لعل هذا مأخذ من اقتصر علی شحمتی الأذنین أو مسامتاً لهما، کما اطلق فی الفقیه الرضوی و آخر مراتبه الطرف الأعلی من الأذنین للنهی عن تجاوزهما فی اخبار متعددة لا محیص عن العمل بها فتکون مقیّدة لإطلاقات الرفع و اطلاقات محاذاة الوجه و الجمع بینهما بحمل النهی علی مکروه العبادة بعید مع ان التقیید أولی من خروج النهی عن معناه و لا یبعد ان المدار فی التجاوز و المحاذاة علی طرفی الإبهامین لا علی اطراف الأصابع و لا علی اصل الکفّ، و یشیر الیه ما فی الفقه ثمّ هل یقضی ذلک بفساد الرفع من أصله و فوات الفضیلة رأساً أو یکون أما بالفضیلة و انما فعل حراماً بالتجاوز حیث یقصد التقرب به ما لم یکن قد ضمَّ القصد إلی التجاوز مع القصد إلی اصل الرفع فیحرم للتشریع. و إن لم تفسد الصلاة به علی الأظهر وجهان و الأقوی الثانی فلو کانت یداه مرفوعتین إلی غایة الرفع اضطراراً بحیث لا یمکن وضعهما ثمّ رفعهما فهل یسقط حکم الرفع أو یکلف النیة جعلًا أو یکلف الرفع مع تجاوز غایته اوجه اقربها الأخیر قصراً للنهی علی بیان الغایة للرفع مع الإمکان ثمّ ان اقتران شی ء من الرفع مع جزء من التکبیر صریح الأخبار، فلو دفع فی غیر وقت

ص: 188

التکبیر قبله أو بعده لم یکن مشروعاً و یحرم التقرب به و لا فساد للصلاة و القول بابتداء الرفع خیر الإرسال علی التخییر أو التعیین کما هو ظاهر النقل عن القائلین به مع ندرته و مخالفته للأصل مخالف لنص الأخبار و کذا ظاهر کثیر من الأخبار لاشتمالها علی الرفع عند التکبیر، أو علیه حین الافتتاح و الأمر به إذا کبّر و وجود الفاء الدالة علی التعقیب فی کثیر منها مقارنتها بالابتداء و قوله (ع) فی صحیحة معاویة بن عمار رأیت ابا عبد اللّه (ع) کبّر و رفع یدیه ظاهر فی ذلک أیضاً، فالقول بابتداء التکبیر عند انتهاء الرفع تعییناً مع ندرته أیضاً مما لا وجه و استظهره بعض المتأخرین من قوله (ع): (

اذا افتتحت الصلاة فأرفع یدیک ثمّ ابسطهما بسطاً ثمّ کبّر ثلاثاً

) بحمل إذا افتتحت علی ارادة الافتتاح فهو غیر ظاهر بل الظاهر انسلاخ ثمّ فی ثمّ کبر عن معنی التراخی کما فی ثمّ ابسطها، و یکون مفادها المقارنة أیضاً و لو سلّم فغایة ما یدل علیه تأخیر التکبیر عن ابتداء الرفع لا علی ما ذکر و حکم فی المعتبر و المنتهی بأنه لو کبّر ناسیاً ثمّ ذکر الرفع. فإن ذکره فی اثناء التکبیر رفع و ان ذکره بعد انتهائه لم یرفع و ربما یلحق به غیر المتمکن مطلقاً لعدم سقوط المیسور بالمعسور بل لو قیل أن مصادفة البعض من التکبیر مع الرفع ادراک لبعض الوظیفة حتی فی صورة العمد لم یکن بعیداً و أما مقارنة کلَّ من التکبیر و الرفع بالانتهاء فیکون الرافع عند التکبیر مبتدأ بالرفع بابتداء التکبیر منتهیاً بانتهائه فقد افتی به جماعة من الأصحاب و ادعی علیه الشهرة و فی المعتبر و المنتهی فی تکبیرة الرکوع انه قول علمائنا و لم نعثر علی ما یدل علیه بخصوصیة من الأخبار و ما عللوه به من انه لا یتحقق رفعهما بالتکبیر الّا بذلک علیل لعدم وجود هذه العبارة فی الأخبار مع صراحتها و الأظهر انه ان أرید تحصیل توقف تحصیل الوظیفة علی ذلک و عدم المشروعیة بدونه فهو فی حیز المنع و الطریقة المألوفة بین المسلمین تأباه. فإن المقارنة و ان کانت عرفیة فی الانتهاء کما هی فی الابتداء، و لیست حکمیة الّا ان المواظبة علیها نادرة الوقوع و الأخبار ان لم تکن ظاهرة فی الخلاف فهی مطلقة لا دلالة فیها علی المدعی بوجه و ان ارید تحصیل الفضیلة. و ان ذلک اکمل الأفراد فهو مسلم و کفی فیه النسبة إلی علمائنا مع انه الفرد الأکمل مطلقات الأدلة القاضیة بوقوع الرفع عند التکبیر و حینه و عقیب البدأة به بل لو قیل بالاکتفاء بمصادفة بعض من الرفع مع بعض من التکبیر و ان سبق احدهما علی الآخر فلا یلاحظ مقارنتهما فی الابتداء و لا فی الانتهاء و لا حصول التکبیر تماماً فی اثناء الرفع و ان سبق أول الرفع و لحق آخره لم یکن بعیداً من اطلاق الأخبار، و لا یقیّده ما ظاهره المقارنة الابتدائیة بل محمول علی الفضل و افضل منه مراعاة المقارنة الانتهائیة و استحب الاصحاب بضم الاصابع عدا الإبهام حین الرفع، و فی الإبهام قولان استحباب الضم أیضاً و استحبابا التفریق و لعل الثانی اعرف، و لم نجد فی الأخبار ما یدل علی شی ء من ذلک الّا انه فی الذکری بعد ان حکم بضم الأصابع و نقل الخلاف فی الابهام جعل فرقته أولی و نسب اختیاره إلی ابن ادریس تبعاً للمفید و ابن البرّاج قال و کل ذلک منصوص و هو اعرف بما ادعاه، و لعله عنی بذلک ما ظاهر المعتبر و المنتهی و تبعهم بعض المتأخرین الاستناد الیه من وصف صلاة الصادق (ع) حیث ارسل یدیه علی فخذیه قد ضم اصابعه و ضعفه ظاهر و ضم الاستصحاب الیه اضعف، و فی در البحار ضم الابهام مع بقیة الاصابع و فرقة الخنصر و هی مهجورة و یستحب مدّ الاصابع و هو علی المعنی الظاهر ببسط الکفین المأمور به فی روایة الحلبی، و کذا یستحب الاستقبال بباطن الکفین القبلة کما فی روایة منصور بن حازم و جمیع تکبیرات الصلاة مستحبة عدا تکبیرة الاحرام وفاقاً للمعظّم بل ادعی علیه الاتفاق و هو الموافق للأصل و لظاهر کثیرة من الأخبار عموماً و خصوصاً و خلاف ابن ابی عقیل و سلّار علی ما نقل عنهما فی تکبیرتی

ص: 189

الرکوع و السجود، و صاحب الفاخر فی احدی تکبیرتی السجدتین لظاهر الأمر فی کثیر من الأخبار ضعیف لاشتمالها علی الآداب و المستحبات مع عدم مقاومتها لما ذکر و فی الذکری استقرار الإجماع علی خلافها و حمل کلامهم علی شدة الاستحباب غیر بعید.

المبحث الخامس: فی القراءة و بدلها

و فیه:

الفصل الأول: فیما یجب منها لیست القراءة و لا شی ء منها رکناً کما علیه الفتوی و صریح الأخبار، و المخالف نادر غیر معلوم و مستنده من الأصل و ظاهر نفی الحقیقة لا مقاومة له و وجوبها فی الجملة فی فرائض الصلوات و لزومها فی نوافلها مجمع علیه و الأصل و التأسی و الأخبار البیانیة و غیرها شاهد به، و ما حکم به بعض من عدم وجوب الفاتحة فی النوافل فغیر صریح فی الخلاف لأحتمال ارادة الوجوب الحقیقی لا الشرطی و نقل عن ابن عقیل انه من قرأ فی صلاة السنن فی الرکعة الأولی، ببعض السورة و قام فی الرکعة الأخری ابتدأ من حیث بلغ، و لم یقرأ بفاتحة الکتاب و هو نادر متروک، و الواجب منها فی کل فرض ثنائی یومی و غیره و فی الرکعتین الأولیتین من الفرائض الرباعیة و الثلاثیة قراءة الحمد و السورة تامتین و هو فی الجمع مجمع علیه منصوص و فی السورة هو المشهور و نقل علیه الاجماع فی لسان جماعة، و یدل علیه بعد الأصل و الصلاة البیانیة و التأسی لما نقل عن فعل النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) ذلک ما ورد من النهی عن قراءة اقل من سورة، و لزوم اعادة الصلاة علی تارک البسملة فی السورة بعد الحمد و کراهة ابی الحسن (ع) بعض السورة و نفی البأس عنه فی النافلة و الأمر بقراءة المسبوق برکعتین فی کل رکعة مما ادرک خلف الامام فی نفسه بأم الکتاب و سورة و ما دلّ مفهوماً علی البأس فی صلاة الرکعتین الأولیین بفاتحة الکتاب من دون حاجة تعجل به أو شی ء یتخوف منه، و ما دل علی التخییر بین الصلاة معها فی المحل و الصلاة بدونها فی الأرض و عموم الکتاب علی وجه و استنهض بعض ما دل علی تحریم العدول من الجحد و التوحید إلی ما عداهما غیر الجمعة فالقول بالاستحباب أو التردد فیه لأصل البراءة و الأخبار قائلة بعضها للحمل علی النقل و آخر للحمل علی الضرورة و عدم التمکن مع موافقتها المذاهب العامة حتی صار ذلک کالشعار لهم و اعراض أکثر الأصحاب عن العمل بها لا ینبغی ان یقول علیه و لا یلتفت الیه، ثمّ ان المدار فی تمامیة قراءتهما علی قراءتهما بحروفهما و بهیئتهما علی نحو ما انزلنا و انشئهما منشئهما، و تکلم بهما موجدهما فلا یکفی مجرد الموافقة للکلام العربی فیما یدخل فی هیئة الکلمات من حروف و حرکات و سکنات و تشدیدات و قصر و مدّ و امالة بل لا بد من متابعة الهیئة التی نزلت و قرأ بها النبی (ص) أو أحد الأئمة (علیهم السلام) من دون نظر إلی تغییر المعنی و عدمه اذ لم یعدّ لأداء المعنی بأی طریقة اتفقت الفاظه بل لوحظ فیه النظم الخاص و الهیئة المخصوصة و الاسلوب المعین، و لا یلزم تحصیل القطع علی الظاهر فی ذلک بل یکفی فیها الظن الناشئ عن خبر الواحد کما یکفی فی اثبات الوضع و الموضوع له فیجوز القراءة بالسبع و ان ناقش بعض تواترها بل و بالعشر لأدعاء بعض التواتر فیها أیضاً، و بما نقل عن النبی (ص) أو احد الائمة بطریق غیر مهجور و أما ما خرج عن هیئة الکلمات و کان من عوارض التکلم کالقطع و الوصل و الوقف و الدرج، و ما یترتب علیها من ادغام مدّ و اشباع و عدمها فالأقرب الرجوع فیه إلی قواعد العربیة أما التزامه اهل اللسان حتی عدَّ ترکه لحناً و خروجاً عن اللسان العربی التزم و ما استحسنوه استحسن، و لا یلتزم بالتزام القراء ذلک لعدم الدلیل علی لزومه و مجرّد التزامهم لیس ملزماً مع تحقق

ص: 190

صدق القرآنیة و الاتیان بنظمه و اسلوبه بدون ذلک، نعم حیث یثبت القراءة به یثبت استحسانه و ان لم ینص علی استحسانه أهل العربیة متابعة لما صدر عن النبی (ص) و أما عوارض الاصوات العارضة لخصوص الحروف من جهر و همس و ترقیق و نحوها فلا یلزم شی ء منها ما لم تدخل فی مخرج الحرف و لیست الّا کعوارض الصوت نفسه من تحسینه و ترقیقه و مدّه، و لا یلزم المتابعة فیها و حیث تعیّن لزوم مراعاة الهیئة کما صرّح به کثیر و نقل علیه الإجماع فی کثیر من مؤداة بل الإجماع فیه مطلقاً محصّل، و ما حکی عن السیّد من کراهیة اللحن و جعل العلامة شرطیة الأعراب اقوی القولین لا یقدح فیه و هو قول متروک، فلو أخلَّ بحرف أو حرکة أو تشدید بفکه أو نقصان حروفه أو سکون أو بدل حرفاً بغیره و ان کان الضاد بالظاء متعمداً فسدت تلک الکلمة و بطلت صلاته من دون خلاف، و نقل علیه الإجماع فی الإخلال بالحرف و الإخلال بالأعراب و هو مع المضی فی الصلاة ظاهر لنقصانها حینئذ بنقص جزء منها فتبطل، و أما مع تدارکها قبل المضی فی القراءة و بعدها فمع نیة الجزئیة بالناقص أو نیتها بالقراءة اللاحقة قبل تدارک الکلمة السابقة فبطلان الصلاة للنهی عن تلک الکلمة الناقصة و النهی عن الزیادة فتکون من الکلام الغیر المغتفر بالصلاة فتبطل الصلاة به و أن أتی بالناقص لا بقصد الجزئیة و لم یمض فی قراءته أو مضی غیر قاصد الجزئیة فیما اتی به. فإن قلنا بوجوب قراءة القرآن علی الوجه الصحیح و حرمتها بدونه کان ما اتی به محرماً فیکون مبطلًا أیضاً و ان قلنا بجوازه و لم یکن قد خرجت الکلمة بتغییر هیئتها إلی کلمة اخری مهملة أو مستعملة و لو فی القرآن فی غیر ذلک المحل فوجهان من بقاء صدق القرائیة و زوالها فیکون من الکلام و لا یبعد الفرق بین القصد إلی الإخلال من اول الکلام و الاتیان ببعض الکلمة بعد الإخلال الواقع فی اثنائها و بین حصول الإخلال بعد القصد إلی الصحیح، و لم یتعقبه بعض من الکلمة فیحکم بالبطلان فی الصورتین الأولیتین للخروج عن القرائیة و لا اقل من الشک فی صدقها و هو کاف فی البطلان و الصحة فی الأخیرة لصدق القرائیة علی ما صدر منه. و إن تعمد الاخلال بعد ذلک و کیف کان فالأقرب تقیید البطلان حیث یکون ناشئاً من جهة الکلام باشتمال الکلمة المختلة علی حرفین، فلو کانت حرفاً واحداً لم یحکم البطلان الا حیث یجی ء من جهة الزیادة، و یجری جمیع ما ذکرناه علی الأظهر فی النافلة بالنسبة إلی الحمد و یجری فی السورة حیث یخرج عن القرائیة و یکون من کلام الآدمیین، و الجاهل بالحکم حیث لا یکون معذوراً، و کذا الجاهل بالموضوع حیث یکون کذلک کالعامد تبطل الصلاة بفعله و یلزمه الاعادة فی الوقت و خارجه، و لو اخل فی ادغام بین کلمتین حیث لا یکون واجباً أو وقف علی الکلمة الأولی حیث لا یجب الوصل أو مد بینهما أو صناعة من صناعات القراءة کما إذا وقف مع الحرکة أو وصل مع السکون لم تبطل لعدم مخالفة الهیئة المعبرة، و عدم خروجه عن القانون العربی اللازم فی لغتهم و لسانهم، و الأحوط تجنب ذلک و مراعاة هیئة القراءة المسنونة فی التکلم کهیئتها فی الکلمات، و یجوز للمریض الذی یشق علیه قراءة السورة علی کل حال أو ما یشق علیه فی حال واجب من أحوال الصلاة کالقیام فتترک هی و لا تترک تلک الحالة مع الاتیان بها علی تأمل و الخائف الحاصل له الخوف بسبب قراءتها و إن لم یکن من اجلها لتقیة أو غیره، و المستعجل الذی اعجلت به حاجة یضرّ فواتها به لا مطلق الحاجة. و ان اطلقته الحاجة فی بعض الأخبار و اطلق الاستعجال أو اعجال شی ء فی آخر منها و خائف رفع الامام رأسه عن الرکوع قبله فی الرکعة الأولی للمأموم أو غیرها الاقتصار علی الحمد و قد نقل الإجماع علی الثلاثة الأولی و دلّت علیها النصوص و الظاهر انه مع التمکن من بعض السورة فی الثلاثة یجب ذلک أیضاً، و لا تسقط رأساً و فی الرابع قد قضت به النصوص

ص: 191

و افتی به الاصحاب، و الذی یظهر من الأخبار عدم اختصاص الصورة بذلک بل یجری فیها و فی الحمد بنسبة ما یؤدی إلی فوات رکوع الامام و لعله من اجل ذلک لم یذکر اکثر الاصحاب هذه الصورة فی جواز ترک السورة و فی سقوط السورة أو بعضها لضیق الوقت عن ادراک الفرض تامّاً أو عن ادراک رکعة منه وجهان نقل عن العلامة فی النهایة احتمالهما و نقل عن ظاهر التذکرة العدم، و لم نعثر علیه و یظهر من بعض المتأخرین دعوی اتفاق الأصحاب من غیر خلاف یعرف علی سقوطها و ربما دخل تحت اطلاقهم الضرورة و هو غیر بعید استظهاراً من أخبار السقوط المثالیة أو حکماً بالأولویة من الاعجال أو ادخالًا فی الاستعجال المنصوص علی السقوط معه و حینئذ فلو دار الأمر بین الاتیان برکعة تامة فی الوقت و الاتیان بأکثر منها فیه مع سقوط السورة أو بعضها قدّم الثانی، و لو توقف الادراک علی سقوط بعض سورة من احدی الرکعتین سقط و تعیّن ذلک فی الأخیرة و لو توقف علی سورة واحدة من احداهما أو سورة، و بعض اخری لزمه ذلک و اتی بالباقی و هل یتخیّر فیه أو یتعین فی الأخیرة الأقرب الثانی، و یجری ذلک فی الصورة السابقة و فی لزوم توزیعها أو البعض الباقی منها علی الرکعتین معاً وجه لیس بالبعید الّا ان الأوجه الإتیان بالباقی فی رکعة واحدة و سقوطها رأساً عن الأخری، و البسملة آیة منها بالإجماع محصلًا و منقولًا بالنصوص المتظافرة بها کان الحمد سبعاً و قد ورد انه ما انزل اللّه کتاباً الّا و فاتحته (بسم اللّه الرحمن الرحیم) و من کل سورة الّا براءة کما علیه المعظم و نقل علیه الإجماع و خلاف ابن الجنید علی ما نقل عنه انها فی الحمد بعضه و فی باقی السور افتتاح متروک و صریح الأخبار و رسمها فی المصاحف ینفیانه واصل الشغل تقتضی بلزوم قراءتها فیها و ما فی بعض الأخبار من عدم لزوم قراءتها محمول علی التقیة کما هو ظاهر فی بعضها أو منزل علی النفل أو مأول أو مطّرح و لا حاجة إلی درّها بعدم الدلالة علی نفی الجزئیة، و تکون قاضیة بعدم وجوب قراءة السورة کلًا لمنافاتها ما دلَّ علی وجوب السورة سابقاً، و کل السور إذا لم یتعین فعلها بعارض نذراً و استیجار أو نحوهما أو یتعیّن ترکها لخوف و نحوه مجزیة فی الفرائض کما یقتضیه اطلاق النص و الفتوی، و لا تتعین بقلة النقص فی السورة إذا لم یمکن اکمالها فلا یتعیّن تقدیم الصغیرة علی الکبیرة و لا بکثرة المقرر منها فلا یلزم تقدیم ما یمکن القراءة منها امکن اکثر و لو ساوی عدد سورة أخری الّا الضحی و ا لم نشرح و ا لم ترَ و لإیلاف فإن کل واحدة منها لا تجزی قراءتهما فقط کما علیه النص و الفتوی و ما ظاهر بعض الأخبار خلافه محمول علی ما حمل علیه، ما دلَّ علی الاجتزاء ببعض السورة من التقیة أو النفل أو حال الضرورة، فیسقط الاستنهاض بها حینئذ علی المتعدد و لأنها بعض سورة و مجموع الأولیتین سورة واحدة و کذا مجموع الأخیرتین کما علیه المعظم و جعله فی الفقیه روایة و رواه فی الهدایة مرسلًا عن الصادق (ع) و نسب الروایة فی المجمع و الشرائع عن اصحابنا و رواه فی المجمع عن العیاشی عن أحدهما فی الأخیرتین و جعله فی الاستبصار فی الأولیین عند آل محمد و فی التذکرة و التحریر و نهایة الأحکام علی ما نقل عنها. ان ذلک قول علمائنا و لا نری معارضاً لذلک سوی الرسم فی المصاحف و توسطة البسملة التی هی علامة انقطاع السورة کما فی الأخبار و ظاهر الاستثناء من الجمع بین السورتین فی الرکعة الواحدة فی روایة المفضل و هی لا تصلح مقاومته فإن الرسم بعد ثبوت کونه من فعل المعصوم (ع) أو تقریره من دون تقیة امارة ظنیة علی التعدد لیست صریحة فیه، و ما دلَّ علی انقطاع السورة بالبسملة مخصص بدلیل الوحدة کما فی بسملة سورة النمل و الاستثناء محمول علی الانقطاع، کما هو فی عبارة

ص: 192

المتن أو علی التجوّز فی اطلاق السورتین ملاحظة للسورة فالقول بالوحدة لا محیص عنه و یتبعها احکامها من لزوم قراءتهما فی الرکعة الواحدة و تحصیل ثواب السورة علی قراءتهما و جریان حکم العدول فیهما بل لا یبعد اجراء حکم الوحدة علیهما حتی فی اطلاق النذر و الاجارات و حینئذ، فلو نوی الأولی منهما فقط بقصد الجزئیة ناسیاً و کان فی المحل اکملها الأخری و لو نوی الثانیة ابطلها و عاد الأولی أو إلی السورة غیرها، و لو تعمد ذلک فسدت صلاته مع قراءة حرفین منها فصاعداً و أن أکملها بالأخری فی الصورة الأولی و فی وجوب البسملة بینهما علی القول بالإیجاد قولان اقواهما ذلک للأصل و لا ثباتها فی المصاحف و لدخولها فی عدد آیاتهما و لأن ظاهر الحکم بوحدتهما انما هو علی هیئتهما المرسومة، و هو مع بسملیتهما و لا بمانعة بین الوحدة و توسط البسملة کما فی النمل، و کذا انما یجزی من السورة فی الفرائض حتی علی القول باستحباب السورة ما عدا سور العزائم الأربعة للأصل و النهی عن قراءتها فیها نصاً و فتوی و نقل علیه الإجماع علی لسان جماعة من الأساطین، و لاستلزام قراءتها فیها المحرم و هو أما فعل المنافی للصلاة القاطع لها و هو السجود، أما لأنه من الفعل الکثیر أو لإخلاله بوضع الصلاة و هیئتها أو لخصوصیة فی الأجزاء الواجبة من الصلاة أو لخصوصیة فیه لدلالة النص علی الأبطال به أو تأخیر الواجب الفوری، و هو السجود اللازم فوراً مع کون السبب فی تعلقه اختیاریاً فلا یدفعه کون المانع من تأخیر السجود و هو الصلاة شرعیاً فلا یمانع الفوریة، و لیس التحریم فی الصلاة عندنا خیر السجود الواجب لفعل أجزائها الواقعة عقیب السجدة لمضادتها لها و یکون الفساد ناشئاً من ذلک فتبنی علی مسألة الضد و یقوم استظهار المنع و حینئذ فالقول بفساد قراءتها تامة مع العمد مما لا محیص عنه و قول ابی علی انه مع قراءتها فی الفریضة یومی و اذا فرغ قرأها و سجد مع عدم صراحته فی الجواز مع العمد متروک، و لو قرأ شیئاً منها غیر السجدة فعلی ما هو المختار من وجوب اکمال السورة و حرمة القراءة بین السورة، و مما زاد علیها فلا ریب بفساد الصلاة بذلک و ان قلنا بعدم لزوم الإکمال أو قلنا بجواز القرآن فوجهان، اقربهما الجواز لعدم الدلیل علی تحریم قراءة السجدة و قوله (ع) فی روایة زرارة لا یقرأ بشی ء من العزائم بعد تعلیله فإن السجود زیادة فی المکتوبة ظاهر فی ارادة التمام، و نقل عن ابن ابی عقیل المنع من قراءة بعض السورة فی الفریضة و قراءة سورة فیها سجدة مع قوله بعدم وجوب السورة و العزائم الأربع هی سورة اقرأ و سورة النجم و سورة حم السجدة و سورة الم تنزیل، إجماعاً محصلًا و منقولًا و النصوص متظافرة و یستثنی أیضاً من السور المجزیة فی الفرائض ما یفوت الوقت الموظف أو ما عرض له الضیق بطن الوفاة و نحوه بقراءته، سواء فات عن ادراک الفرض تماماً أو لأدراک رکعة منه أو ازید فلو فرد من العزائم احدها أو دخل فی شی ء منها أو قرأ ما یعلم أو یغلب علی ظنه فوت الوقت بقراءته عمداً أو اشتغل بشی ء منه بطلت صلاته. إن بان خلاف معتقده من اتساع الوقت و لو کان ناسیاً فذکر فی الاثناء قطع العزیمة و قرأ غیرها ان لم یکن قراءة السجدة بلغ النصف أو تجاوزه أو احتمال عدم الرجوع مع تجاوز النصف ضعیف لمنع العموم علی تجاوز النصف أو بلوغه مع ان مورد العدول حیث یمکن اکمال السورة و تکون من افراد المأمور به، أما لو تعذّر ذلک عقلًا لعدم معرفة الباقی أو شرعاً کما فی نحن فیه فخارج عن مورد العدول و یکون ما وقع منه قد انکشف زیادته و یلزمه امتثال الأمر بالسورة مع بقاء محلّها و اضعف منه احتمال المضی و عدم لزوم الرجوع مع عدم بلوغ النصف نظراً إلی ان حکم الابتداء غیر الاستدامة، و کذا لو کان ناسیاً فوت بقراءة سورة أو ظاناً اتساعه و تبیّن له الخلاف فی اثنائها و لما یمضی الوقت و لا یمضی لو قرأ أقصر منها

ص: 193

استبدل بالصورة الطویلة اقصر منها و لو تبین له بعد مضی الوقت ففی لزوم العدول إلی غیرها أو عادتها وجهان اقربهما العدم و ان تبیّن له. و الحال أنه أن قرأ غیرها مضی الوقت سقط عنه حکم السورة و یقرأ ما تیّسر و لا یجوز له العدول من تلک السورة مع تجاوز النصف. و ان لم یسعه اکمالها فی جوازه قبل بلوغ النصف وجهان مبنیان علی أنه مع تعذر، و السورة الکاملة یلزم قراءة ما تیسر من سورة واحدة أو یجتزی ببعض الصورتین و الأحوط بل الأقرب الأول، و لو قرأ السجدة ساهیاً فتفطن بعد الفراغ منها قبل إکمال السورة لو بعده قبل الرکوع أو بعده، أتم الصلاة و هل یلزمه اعادة السورة فی الصلاة ما دام لم یرکع وجهان اقربهما عدمه. و إن النهی عن قراءتها للزومها تعمّد زیادة السجود لا لعدم قابلیتها رأساً، و الأحوط اعادتها بعد الفراغ منها و مع التفطن فی اثناءها الأحوط الإکمال حذراً من العدول بعد تجاوز النصف، و الاعادة علی کلا الوجهین لا یسقط عنه السجود رأساً لحصول سببه و لا یجوز له السجود فی اثناء الصلاة لمنافاته لها، و یسجد بعد الفراغ منها فوراً و فی بعض الأخبار الأمر بالإیماء من دون تعرض للسجود بعدها و العمل بها لو لا ترک العمل بها غیر بعید و الجمع بین الایماء و السجود بعدها أوفق بالاحتیاط، و کذا یجری البحث فیما لو استمع من امام مخالف یقتدی به أو إمام ناس أو من غیر امام بل و لو سمع علی القول بلزوم السجود عنده ایضاً.

و أما النافلة فقراءتها فیها مع العمد سائغة للنص المعتضد بالأصل و الفتوی، و لم نعثر علی مخالف فیه بل استظهر بعض نفی الخلاف و نقل علیه آخر ظاهر الإجماع، و یسجد لها فی اثناء الصلاة کما أفتی به الأکثر، و علیه الجمل اطلاق ما ورد من الأمر بالسجود فی اثناء الصلاة و فی التعلیل بمنع قراءة العزیمة فی الفریضة بأنَّ السجود زیادة

ص: 194

ص: 195

ص: 196

ص: 197

ص: 198

ص: 199

ص: 200

ص: 201

ص: 202

ص: 203

ص: 204

ص: 205

ص: 206

ص: 207

ص: 208

ص: 209

ص: 210

ص: 211

ص: 212

ص: 213

ص: 214

ص: 215

ص: 216

ص: 217

ص: 218

ص: 219

ص: 220

ص: 221

ص: 222

ص: 223

ص: 224

ص: 225

ص: 226

ص: 227

ص: 228

ص: 229

ص: 230

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

ص: 235

فی المکتوبة و لو وجبت النافلة بنذر أو شبهه فالأحوط ان یصنع ما یصنع فی الفریضة من أفعال و تروک و اقوال فیقرأ فیها سورة کاملة و لا یقرأ فیها سورة عزیمة و تفصیل الحال ان معارض الصلاة اما ان تکون منافیة لحقیقتها و ماهیتها من دون نظر الی صفة من صفاتها أو تکون منافیة لوصف الفرض و الإیجاب فلا یجتمع حقیقة الوجوب مع شی ء منها أو تکون منافیة لإطلاق الوصف بالوجوب لا لنفس حقیقته أو تکون منافیة للوجوب الأصلی الّا لمطلق الوجوب أو لا تکون منافیة لشی ء من ذلک فما کان من الأول قضی ببطلان العمل، و ما کان من الثانی قضی ببطلان الواجب و امتنع وقوع العمل متصفاً بصفة الوجوب و فی کلا الصورتین امتنع تعلق النذر و نحوه به لتعلقه فی الأول بالفاسد و منافاته لمتعلقه فی الثانی فیبطل فی کل منهما، و أما الثالث فبعد الاتصاف بالوجوب یکون منافیاً له و متی اوقعه علی ذلک الوجه یکون باطلًا و لا مانع من تعلّق النذر و نحوه به لصیرورته واجباً علی تلک الهیئة مقیداً و حینئذ فلو نذر الهیئة بعد نذر الأصل و تعلق الوجوب لم یصح، و کان من النذر علی عمل غیر صحیح و هو من النذر علی محرّم، و أما الرابع فیبطل فیه الواجب الأصلی دون ما وجب بالعرض و المشکوک فیه من هذه الخمسة یقدم فیه الأول فالأول، فالمشکوک بین کونه منافیاً و غیر منافٍ بحکم منافاته الحقیقة المشکوک بین منافاته حقیقة الوصف و منافاته له بعد طرق و عروضه یحکم بمنافاته حقیقة، و المشکوک بین منافاته مطلق الوصف الطارئ و منافاته خصوص الوصف الأصلی و الوجوب الذاتی یحکم بمنافاته لمطلق الوصف و ما نحن فیه من نقص السورة و کونه عزیمة و قد ثبتت منافاته فی الجملة و قد تبیّن انه غیر منافٍ حقیقة العمل و لیس مانعاً من موانعه و إنما الاحتمال فیه بین الصور الثلاث الّا أن ظاهر بعض الروایات الدوران بین الاولیتین منها. و إن احتمال اختصاص ذلک بالفرض الأصلی لیس احتمالًا و هو غیر بعید لما فیه من تقیید اطلاق النص و الفتوی بعد الأصل المذکور و یحتمل التفصیل بین العزیمة و السورة الناقصة، فیحکم بمنافاته العزیمة لطبع الوجوب و حقیقة فلا ینعقد النذر علی نافلة مقروء فیها ذلک لظاهر حکمهم بمنافاة زیادة السجود للمکتوبة و الفریضة و لا یحکم بمنافاة نقصان السورة الّا بعد الاتصاف بالوجوب فیمنع من قراءة سورة ناقصة فیها و أما النذر لصلاة یقرأ فیها ذلک فلا مانع منه سواء اخذ فیها

ص: 236

بشرط لا أو لا بشرط الّا أنه فی صورة لا بشرط لا یبعد حینئذ عدم الاکتفاء بها بل یجب اکمالها تمام السورة ان کان ما نذره من سورة واحدة، و أما مع کونه من سور متعددة لا من سورة لا یمکن اکمالها فیتحمل لزوم الاتیان بسورة کاملة معه أیضاً و یحتمل التخییر بناء علی حرمة القرآن فی الفریضة و استلزام ترکها تبعیض السورة و هو منهی عنه أیضاً فیدور الأمر بین محذورین فیتخیر و یحتمل لزوم الاقتصار علی المنذور و عدم جواز الاکمال لاستلزامه القرآن فی الفریضة و التبعیض غیر منافٍ لاقتضاء النذر له فیکون کالمنذور کذلک فإنه یسقط فیه الإکمال فیه و لا یخلو من قوة.

الفصل الثانی: فی کیفیة القراءة و بدلها من التسبیح، و المراد بالتسبیح بدل القراءة فی ثالثة المغرب و اخیرتی الظهرین و العشاء فإنه یتخیّر فیها اجماعاً، و نصاً بین الفاتحة وحدها، و لا یجوز قراءة السورة و لا بشی ء منها معها بنیة الجزئیة نصاً و فتوی و من فعل ذلک عمداً أو جهلًا بطلت صلاته، و بین التسبیح إماماً کان أو منفرداً و کذا لو کان مأموماً فی جهریة أو اخفاتیة و القول بتحریم القراءة فی اخیرتی الاخفائیة و القول بنفیها و نفی التسبیح فی الأخیرتین و القول بالتخییر بینهما و بین السکوت مردودة بظاهر الأخبار و صریحها المنجبرة بظاهر فتوی الأکثر، و ما دل علی المنع من القراءة خلف الامام فالظاهر انصرافه الی ما یتعین القراءة فیه للإمام و کانت الصلاة به قسمین جهریة یحصل معها السماع و الإنصات، و الا یحصل و اخفاتیة و ذلک فی الاولیتین دون الأخیرتین و ما ورد بخصوصهما و انهما تبع للأولیین نادر فیطرح فی مقابلة ما یعارضه و یأول و لا فرق فی التخییر بین من قرأ فی الأولیین أو قرأ فی واحدة أو بینهما فیهما عملًا بإطلاق الأدلة و الفتوی و ما ورد من الأمر بالقراءة فی الثالثة لناسیها فی الأولیین و الأمر بقضاء القراءة الفائتة فی الأولیین فی الأخیرتین لا مقاومة له، و لم نعثر علی عامل به مع ما فی الأولی من الأمر بالقراءة فی رکعة و فی الثانیة من الأمر بذلک علی جهة القضاء مع اشتمالها علی قضاء التکبیر و التسبیح فیتعین حمله علی التقیة أو علی الأفضلیة و الأولویة، و من اجل ذلک مؤیداً بعموم لا صلاة الّا بفاتحة الکتاب جعل بعض القراءة احوط و هو غیر بعید ثمّ أنه بعد الحکم بالتخییر بین القراءة و التسبیح فهل هما متساویان مطلقاً؟ و القراءة افضل مطلقاً أو التسبیح افضل مطلقاً أو القراءة افضل للإمام و فی غیرها متساویان أو القراءة افضل للإمام و المساواة للمنفرد و التسبیح افضل للمأموم أو القراءة، افضل للإمام و التسبیح افضل للمنفرد أو التسبیح افضل للإمام إذا تیقن لیس معه مسبوق و القراءة للمأموم و للإمام إذا تیقن دخول مسبوق أو جوّزه و التخییر للمنفرد أوجه بل اقوال منشأها اختلاف الأخبار و اضطراب الإفهام بطریق جمعها و معرفة الراجح منه، و الذی یظهر لی منها بعد إمعان النظر فیها. ان الوظیفة فی الأخیرتین و أصل المشروعیة فیهما هو التسبیح و انه اول ما فعله النبی (ص) فیهما فی صلاة المعراج و انه لیس فیهما قراءة، و إن القراءة شرعت بدلًا عنه و اطلاق الأصحاب بدلیته عن القراءة، انما هو من حیث اصل مشروعیتها فی الصلاة و انها من أجزائها الأصلیة فی کل صلاة الا لخصوص الأخیرتین فلا منافاة و ان الإتیان بأصل الوظیفة هو الأفضل للإمام و غیره بل نهی عن القراءة فیهما. و إنه الذی استمر علیه فعل علی (ع) و فعل الرضا (ع) فی سفر له من المدینة الی مروٍ ما ورد من الأمر بالقراءة للإمام و أفضلیة القراءة مطلقاً محمولة علی التقیة کما ورد فی مکانیة الحمیری نسخ القراءة للتسبیح أو یحمل علی افضلیتهما لا لخصوص محلها بل من حیث کونه قرآناً لا تنافی افضلیة التسبیح من حیث الخصوص، و حمل افضلیة التسبیح علی من لم تسکن نفسه الیه علی بعده لا یتأتی فی فعل النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام)، و ما فی روایة علی بن حنظلة

ص: 237

من الحکم بالمساواة مأوّل أو مطّرح لضعفها و عدم مقاومتها و فی الروض امکان القول بأحوطیة التسبیح للخلاف فی الجهر بالبسملة، و فی الأخیرتین وجوباً و تحریماً فلا سلم القارئ من الخلاف بخلاف التسبیح فإن اثنی عشر فیه مجزیة إجمالًا، و لا یجزی مقام التسبیح ذکر سواه للأصل و النصوص المتظافرة و ظاهر الإجماع فما استوجهه فی المعبّر و مال الیه بعض متأخرین المتأخرین و جعله آخر احتمال من الاکتفاء بمطلق الذکر لظاهر اطلاق ما فی اول روایة علی بن حنظلة و اشعار خبر عبید بن زرارة و کونه طریق جمع بین الأخبار، ما لا وجه له لضعفها دلالة و ضعف الأولی سنداً و لو فرض الصحة و الدلالة لا مقاومة لها و الجمع بذلک طرح للأخبار من دون معارض، و المجزی من التسبیح هو قول: (سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الا اللّه و اللّه اکبر) مرة واحدة کما افتی به جمع کثیر من الأساطین و دلت علیه اخبار متکثرة فیها الصحیح و ما فی صحیحتی زرارة ان الذی فی الأخیرتین انما هو تسبیح و تکبیر و تهلیل و دعاء ذلک لعدم القائل بسقوط التحمید الّا من یجتزی انما هو تسبیح و تکبیر و تهلیل مطلق بمطلق الذکر، و قد علمت ضعفه و هو المعنی بالدعاء، و کذا ما صحیحة الحلبی المشتملة علی التکبیر و التحمید و التسبیح لعدم القائل بسقوط أیضاً و لعل المقرر منه الإشارة الی التسبیح المعهود لا بیان الکیفیة، و إذا اشتملت علی عکس الترتیب المنافی لسائر الأخبار و لصریح الفتوی سوی ما نقل عن ابن الجنید من اکتفائه بذلک مع تثلیث التسبیح، و قد نقل أیضاً عن سعید و هو قول نادر و علی ذلک یحمل أیضاً جمیع ما دل علی الاجتراء بمطلق التسبیح و ما فی خبر ابی بصیر ان ادنی ما یجزی من القول فی الأخیرتین قول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه متروک، و لم نعثر علی قائل به سوی ما نقل عن بن سعید انه خیّر بینه و بین التسع و الأربع و الثلاث و هو نادر و قبل بالتسع مکررة مع اسقاط التکبیر و هو المنقول عن حریز و بالعشر مکررة مع زیادة التکبیر مرة فی أی الثلاث أو فی خصوص الثالثة کما یظهر من نقل بعضهم و هو المعروف عند الاواسطة من الاصحاب و لیس علیهما دلیل معتبر لاضطراب المتن فی روایات التسع مع منافاتها لجمیع ما دل علی اعتبار التکبیر، و ما دل علی الاکتفاء بالواحدة و العجب من بعض انه جعله اکثر و اصح اخباراً و انه مختار قدماء المحدثین الآنسین بالأخبار المطلعین علی الأسرار. و لعدم الوقوف علی ما یدل علی العشر سوی ما یتخیل من الجمع بین ما دلَّ علی التسع و بین روایات الأربع أو یحمل التکبیر الوارد فی روایات التسع بعدها علی تکبیر التسبیح لا تکبیر الرکوع و ضعفهما غیر خفی الّا انه أوفق بالاحتیاط، و الأحوط نه تکریرها ثلاثاً فتکون اثنی عشر لفتوی جماعة به مع موافقته الأصل و ما فی الفقه الرضوی و صحیحة زرارة فی موضع من السرائر و خبر الضحّاک فی بعض النسخ، و نقل عن ابی عقیل استحباب السبع أو الخمس و ان ادنی التسبیح ثلاث فی کل رکعة و لم نعثر علی دلیل علیه الّا انه لا بأس بإیقاع مثله فی استحباب ذکر اللّه و لا تشرع فی التسبیح بسملة و لا یجب الاستغفار و ظاهر الأدلة تنفیه بل هو المعلوم من مجموعها و فی المنتهی الأقرب عدم الوجوب، و ربما شعر ذلک بوجود قائل و فی الکفایة لو ضمَّ الاستغفار الی التسبیحات کان احسن و هو احسن لقوله (ع) فی صحیحة عبید تسبیح و تحمّد و تستغفر لذنبک و هی و أن کانت واردة فی اخیرتی الظهر الّا ان الظاهر عدم الفرق و لا یبعد شمول الاستغفار للتوبة و لو اقصر فی القصد الخصوصیة علی الاستغفار کان اولی بل لو اتی به من دون قصد الخصوصیة لترک التعرض له فی الأخبار و کلام الأصحاب کان اولی ثمّ ان الزائد علی القدر الواجب علی اختلاف الأقوال عدا الاستغفار هل یوصف بالوجوب التخییری أو بالاستحباب وجهان بل قولان ظاهر کثیر الثانی، و صرّح بعض بالأول و هو ظاهر من حکم بالتخییر بین

ص: 238

القلیل من التسبیحات و الکثیر و ادعی فیه انه المشهور و نسب الی ظاهر النص و الفتوی و فی جریان الوجهین بالاستغفار وجه و بنی الوجهین جماعة علی ثبوت التخییر بین الأقل و الأکثر فمن اجازه نظراً الی ان صدق الماهیة من القلیل من الأفراد، و الکثیر صدق واحد کصدقها علی کل من الفردین المتغایرین و انطباق الفرد علیها انطباق واحد. إن کان متحداً أو متعدداً و لا تعدد للماهیة بتعدد حکم بالوجوب هنا و من منعه نظراً الی عدم البدل عن الزائد و الناقص هو مطلوب لنفسه علی کل حال فلا یقوم بدلًا من غیره، ونیة الاقتصار علی الناقص لیست داخلة فی المأمور به و مقومة له حتی یختلف حال الناقص وحده و حاله منضماً الی الزائد فیکون الناقص مع قید الوحدة بدلًا عن نفسه و عن الزائد، و نظراً الی تحقق الامتثال و حصول المأمور بإیجاد الناقص فیسقط الخطاب و الوجوب و بعد السقوط لا وجه لاتّصاف الزائد بالوجوب و إلی أن الزائد محکوم باتصافه بالاستحباب قولًا واحداً و الاستحباب و الوجوب لا یجتمعان لتضاد الأحکام الخمسة جمیعاً حکم بالاستحباب هنا و الذی یظهر بعد إمعان النظر. أن التخییر بین الأفراد ان کان فی واجب أو مستحب، اما ان یکون من جهة توجه الخطاب الی الطبیعة و تعلق الطلب بالماهیة الکلیة أو من اجل تعلّق الطلب بنفس الأفراد، و توجه الخطاب اولی خصوصیاتها علی سبیل البدلیة و التخییر فإن کان الأول جری التخییر فیما بینها نفسها و جری فی القلیل منها مع الکثیر مع تغایر الهیئة و اختلاف الکیفیة کما فی التخییر بین القصر و الإتمام أو ایقاع الکثیر دفعة فتخیّر بین الصدقة بالکثیر دفعة أو الصدقة بالقلیل، و یکون احدهما بدلًا عن الآخر و تحصل القربة بإیجاد الماهیة و ایقاع الطبیعة المطلوبة و وجودها فیهما علی حد سواء بل الأقرب انه لا قلیل و لا کثیر بل الکثیر فرد واحد فی الوجود للطبیعة و انما الکثرة فی متعلقه فیکونان من الفردین المتغایرین و أما مع بقاء الکثیر تدریجیاً سواء کان مما لا یمکن ایقاعه دفعة کما إذا کان المأمور به من انواع الکلام أو یمکن فیه کلا الحالین، کما فی البذل للمال و لکن اوقعه المکلف علی سبیل التدریج فالأقرب عدم جریان التخییر فیه و یکون ایقاع الزائد بمجرد الأمر بالطبیعة تشریعاً فی واجب أو مندوب تحقق الامتثال و فراغ الذمة بالإتیان بالناقص فلا یبقی الخطاب متعلقاً به لو لا ذلک للزم انه فی جمیع الخطابات المطلقة من واجبة و مستحبة، لو بقی المکلف متشاغلًا طول دهره لامتثال امر منها لم یکن به بأس و هذا ضروری البطلان فلا فرق بین الإتیان بالناقص مع نیة انفراده فی عدم جواز الإقدام و الإتیان بفرد آخر، الّا مع توجه خطأن و امر جدید و بین الاتیان به مع نیة الاتیان بغیره معه و ان جاء التخییر من اجل تعلّق الخطابات بالخصوصیات سواء کانت افراد الماهیة متحدة أو ماهیات متغایرة، فأما أن لا بنص علی التخییر بین القلیل و الکثیر بل حصل التخییر بین الأفراد نفسها أو بنص علی ذلک فإن لم ینص فالأظهر عدم التخییر بین القلیل و الکثیر لا فی دفعته و لا فی تدریجیته و لو نوی القربة بمجموع الافراد دفعة بنیات متعددة احتمل فساد الجمیع و صحة واحد لا بعینه و فساد الباقی، و لو اوقع المجموع تدریجاً صحّ الأول و فسد الباقی و لو بان فساد الأول لم یجز الثانی الّا حیث تحصل القربة بالثانی مع الغفلة عن الاول و النسیان فیقع مجزیاً. و ان نصّ علی ذلک فأما ان یکون بصریح الایجاب أو بظاهر الأمر فإن کان بصریح الایجاب فالظاهر الحکم به و یکفی فی البدلیة وقوع القلیل منفرداً فإن وقوعه فی ضمن الزائد غیر وقوعه مع الاستقلال فیکون القلیل منفرداً فرداً و الکثیر منضماً فرد آخر و حصول الامتثال بالقلیل لأصل التکلیف لا ینافی تحقق الامتثال بالکثیر لخطاب التخییر، و وصف الکثیر بالاستحباب لیس بمعناه المصطلح حتی یکون مضاداً بل المراد به مطلق الاولویة و الرجحان فلا مانع من الحکم بالتخییر فیبقی ظاهر الوجوب علی حاله. و إن

ص: 239

کان بظاهره الأمر احتمل حمله علی الاستحباب و حمله علی الوجوب التخییری و لعل الأول فیما إذا ورد الأمر بالقلیل تارة و ورود الأمر بالکثیر بأمر مستقل اخری کما فیما نحن فیه من التسبیح أقرب و علی کل من وجهی الوجوب و الاستحباب لا یتعین الناقص بنیة النقیصة و لا الزائد بنیة الزیادة بل له مع نیة الزیادة استحباباً أو وجوباً و الاقتصار علی الناقص و العدول الیه و سقوط التکلیف به و مع نیة الناقص الإتیان بالزائد استحباباً و وجوباً، و یکون الزائد بعد وقوعه مع الناقص فرداً للواجب و لا تأتی حینئذ بناء علی الوجوب التخییری نیة الاستحباب فی الزائد بل متی صحّ وقوعه کان علی جهة الوجوب و حینئذ فله قطع الزائد و ابطاله علی کل من الوجهین أیضاً و ان دخل فیه و یکون الناقص مجزیاً فإن الاجتراء بالنافی لا ینافی تحقق الامتثال و وصف الوجوب التخییر للزائد بعد وجوده و وقوعه، و مثل القطع ما إذا وقع الزائد علی هیئة لا تجامع الوجوب و تنافیه فانه یسقط عن الفردیة و یتعین الناقص لها و هل للمکلف بناء علی الوجوب ایقاعه کذلک مع نیة الجزئیة و عدم نیة الذکر المطلق أو لا وجهان الأقرب الثانی لحصول التشریع و لا کذلک بناء علی الاستحباب. و به حصلت ثمرة الوجهین و مما یبتنی علیهما علی الأظهر ما إذا أفسد أول الافراد مع عدم علم المکلف بذلک و وقع الثانی أو الثالث صحیحاً فبناء علی الوجوب یجتزی بما وقع صحیحاً و بناء علی الاستحباب لا یجتزی به و یلزم اعادته لو اوقعه بنیة الاستحباب و لو اوقعه ذاهلًا احتمل الاجتزاء المصادفة محل الوجوب مع قابلیته لذلک لعدم نیة الاستحباب فیه و احتمل العدم و لعل الأول اقرب و ان کان الثانی احوط و مما ذکرنا یظهر انه لا یشرع بعد اجتماع الحمل مع التسبیح، و من جمعهما بقصد الجزئیة فقد ابطل و کذا لو قصد التقرب بأحدهما و بعض الآخر و لو قصد احدهما و دخل فیه فهل یجب اکماله أو یجوز العدول الی الآخر، و سیّما الی الأفضل لبقاء التخییر ما لم یکمل احد الفردین و لا دلیل علی حرمة قطع مثل ذلک و لعل هذا أقرب. و إن کان عوده الی الفرد الذی دخل فیه من اوله بنیة الجزئیة الأقرب عدم جوازه و لو عاد بطل عمله و کذا لو اکمل احد الفردین ببعض الآخر فإن التلفیق فی فردیّ المخیّر لیس مورداً للتخییر، فلا یشرع من دون دلیل و لو فعل أحدهما من غیر قصد اجتزی به بنیة اصل العمل و لا یجوز العود الیه و لا فعل الآخر مع قصد الجزئیة و لو قصد احدهما فسبق لسانه الی الآخر احتمل الاجتزاء به و انه کغیر المنوی فیتخیر بین المضی و العدول الی الآخر و احتمل العدم و انه من المنوی فیه الخلاف فلا یقع جزءاً، و یلزم اما العود الیه أو العدول الی غیره و لعل الأول اقرب و ان نیة فرد لا تستلزم نیة عدم الجزئیة فی الآخر و الأولی العدول و أولی منه العود بقصد القربة المطلقة و یلزم المسبّح فی الواجب منه ان یکون محافظاً علی العربیة و الألفاظ الخاصة لوروده کذلک فی الادلة فتتبع مع ان العبادة توقیفیة یقتصر فیها علی مورد الیقین، و العاجز یأتی بالممکن و هل یکتفی به أو یأتی بذکر بدل غیر الممکن منه فی محله. إن کان أولًا فأولًا و ان کان أخیراً أو وسطاً فکذلک أو یلزم تکراره أوجه أقربها الأول و الأحوط الجمع بین الأخیرین فإن لم یتمکن یأتی بالذکر مطلقاً عوضه و هل یلزم فیه مراعاة قدر الواجب أو یکتفی بمسمی الذکر وجهان أحوطهما الأول و أقربهما الثانی، و الأخرس یشیر و یعقد بقلبه و یحرک لسانه بالحروف أن أمکن. و الّا فبدونها کما فی القراءة للأصل بعد العلم ببقاء التکلیف بالصلاة و لظاهر الاجماع خصوصاً و عموماً و لأنه بعد الحکم باشتراک التکلیف و الخطاب ینصرف الخطاب فی الفرد الذی یتعذر ایقاعه الی القرب مجاز بالنسبة الیه، کما فی الخطاب المخصوص و ربما استدل علیه بعدم سقوط المیسور بالمعسور و هو لا وجه له فی الإشارة، و فیما عداها لا یخلو من نظر، و فی روایة السکونی فی الأخرس قراءته للقرآن فی الصلاة

ص: 240

تحریک لسانه و اشارته بإصبعه و الظاهر ان خصوص الأصبع مثال، و لعل ذکر التحریک و الإشارة اعنی التعرض لعقد القلب للعلم بأنهما للقراءة فیستلزمان عقد القلب فإن الظاهر ارادة عقده صور الألفاظ فیلزم عقدها جمیعاً مع التمکن و الّا فبالبعض و الّا یعقد بحمل القراءة بقصد کون هذه الحرکة حرکة قراءة لتتمیز عن حرکة غیرها، و الّا حیث لا یعقد شیئاً من ذلک سقط عنه و کلّف مجرد التحریک بأن یکون علی ما یراه من المصلین من حرکة اللسان و الشفة و أما عقد المعانی بالقلب فهو ملازم لعقد صور الألفاظ للعالم بها و أما لزوم معرفتها حتی یعقدها بقلبه و لا یکتفی بعقد صور الألفاظ فلا دلیل علیه کما لا یلزم ذلک فی الصحیح لا یلزم فی الأخرس و إن کان الأحوط مراعاة ذلک مع التمکن و احتمال لزوم اظهار الصوت مع التمکن منه عند تحریک اللسان، لا یخلو من وجه و جعل بعضهم فی بکم الأخرس الممنوع من النطق لآفة فی لسانه أو لخوف و نحوه و هو غیر بعید و وجهه یعلم مما ذکرناه و سیجی ء فی الأخبار ما یشیر الیه.

و یلزم فی التسبیح الترتیب و خلاف ابن الجنید و مستنده من ظاهر صحیحة الحلبی مرّت الإشارة إلیه و إلی ضعفه و لم نعثر علی معتبر للتسبیح مکتف بعکسه سواه و سوی ظاهر النقل عن بن سعید، نعم المکتفون بمطلق الذکر أولی لهم الاکتفاء بذلک و قد مرَّ ضعفه، و کذا یلزم فیه أیضاً المتابعة اخذاً بالمتیقن نصاً و فتوی و جریاً علی الطریقة المعهودة و عملًا بظاهر الأمر بالکیفیة المخصوصة و کونه الفرد المتعارف لإطلاق الأمر بالتسبیح، و أما القراءة فیلزم فیها الترتیب بین الحمد کملًا و ما یقرأ من السورة بقصد الجزئیة وجوباً و استحباباً فی الفرض علی اختلاف الرأیین، إن کلًا فکلا أو بعضاً فکذلک و کذا فی النافلة للأصل و لأنه المنقول عن النبی (ص) و افعال الائمة (علیهم السلام) و لما دلّ علی لزوم المبدئة بها و أنه لا صلاة الّا ان یبدأ بها و لا قراءة حتی یبدأ بها و انه انما بدأ بها دون سائر السور لأنه لیس شی ء من القرآن و الکلام جمع فیه من جوامع الخیر و الحکمة ما فی جمع فی سورة الحمد و ربما استنهض بعضهم ذلک علی وجوب السورة لتوقف صدق البدأة علی ما یقع تارة بعده، و فیه ما لا یخفی، و کذا یلزم الترتیب بین ابعاضها کلمات أو آیات لما مرَّ من الأصل و نقل علیه الإجماع و لعل الاجماع فی ذلک کله محصل، نعم حیث لا تجب السورة کما فی النفل أو الفرض علی القول به جاز ان یقرأ اللاحق فیها، و لو قرأ السابق بعده بنیة قراءة السورة لم یجز و لو قرأ لا بنیة ذلک بل بقصد الجزئیة فوجهان اقربهما عدمه و انه لیس الجزر الّا ما قرأ اولا مرتباً فلو قرأ آیات من سور متعددة أو من سورة واحدة غیر مرتبات لم یکن جزء سوی الآیة الأولی، و لو کان الواجب بعض السورة لعدم امکان الإکمال ففی تعیین قراءة اول السورة أو التخییر فی أی جزء منها وجهان احوطهما و اقربهما الأول و حیث یلزم الترتیب فی ذکر أو قراءة بین صورها أو آیاتها أو کلماتها، فمتی اخلَّ بشی ء من السابق و أتی باللاحق بقصد الجزئیة عمداً فعل حراماً و بطلت صلاته لمصادفته فی غیر محله فلا یکون جزءاً ونیة الجزئیة حینئذ فیکون من التشریع المحرم المبطل للعمل و هو ظاهر فتوقف، فلا یکون جزء ونیة بعضهم بخیال ان النهی متوجّه الی امر خارج عن الصلاة فلا یکون موجباً لبطلانها و متی تدارک اللاحق بعد السابق حصل الامتثال و الخروج عن العهدة ضعیف و اضعف منه التفصیل بین ما إذا کان عازماً علی اعادتها فتصح أولا فتبطل، و لو فعل ذلک لا بنیة الجزئیة لم یکن به بأس الّا حیث تفوت به الموالاة أو یحصل به قرآن، کما لو قدم السورة أو بعضها علی الحمد بناء علی تحققه بدون الجزئیة فتحصل الحرمة فقط لو هی و البطلان معاً و إن أتی باللاحق ساهیاً عاد علی الفائت ان لم یکن اتی به بعد اللاحق و کان یجب ایقاعه و الّا لم یلزم اعادته، ثمّ اتی بما

ص: 241

بعده ان کان یجب ایقاعه کل ذلک، ما لم یدخل فی رکن فإن دخل فی رکن مضی و لا شی ء علیه لزوماً، و یستحب له سجود السهو بل هو أحوط کما سیجی ء و یلزم فی القراءة أیضاً الموالاة بین الحروف و الکلمات و الآیات للأصل و التأسی و انصراف الأمر بالقراءة و قراءة الفاتحة و السورة و هی مختلفة عرفاً ففی الحروف یخلّ فیها أدنی فصل، و یکون مغیّر الهیئة الکلمة و ترکیبها و فی الکلمات یفتقر فیها أزید من ذلک و فی الآیات یعتبر فیها الفصل الطویل، فلو سکت سکوتاً طویلًا أو قصراً مخلًا بصورة القراءة بطلت أیضاً و فی مراعاة الموالاة بین الحمد و السورة زیادة علی الموالاة بین افعال الصلاة وجهان أقربهما العدم، فلا یخلّ توسط الدعاء و الذکر. و انما یخلّ السکوت الماحی لصورة الصلاة و الأحوط مراعاة ذلک و أنهما من الفعل الواحد و لو قیل بلزوم الاتصال العادی فی القراءة و إن لم یخلّ ترکه بصورة القراءة اخذاً بالمتیقن و جریاً علی الطریقة المعهودة اتجه التفصیل حینئذ فی البطلان بین العمد و غیره، فتبطل فی صورة العمد دون ما عداه لتحقق حقیقتها و العذر فی ترک شرطها. و حیث تبطل القراءة من دون بطلان الصلاة یلزم اعادة ما بطل منها مع السهو و الغفلة حیث یکون لازماً و لو الحمد فی النافلة و یرجّح حیث یکون راجحاً و أن کان کلمة فکلمة و إن کان أزید منها فأزید و إن کان آیة فأیة و أن کان سورة فسورة و أن کان تمام القراءة علی احد الوجهین فتمامها. و أما مع العمد فیما یجب فعله ففی بطلان القراءة فقط، و لزوم الإعادة کما فی السهو أو بطلان الصلاة للنهی عن تلک القراءة الموجب للفساد أو لاستلزام القطع الزیادة المنهی عنها وجهان و ربما ظهر من بعض الحکم بالفساد بمجرد نیة قطع القراءة اقربهما الأول لعدم الدلیل علی حرمة الأبطال ونیة المعاد نیة للجزء المأمور به فقد بعد بطلان ما عمله، و کذا نیة الجزء الذی ابطله فلا تشریع فی نیتهما الّا ان یکون قد قصد أو لا التقرب بجزء یبطله بعد ذلک، فإن ذلک من التشریع و حینئذ فلا فرق بین ابطالها بسکوت أو ذکر و نحوه، نعم لو قلنا بحرمة قطع القراءة و ابطالها مع القول بلزوم اعادة ما بطل و صحة الصلاة لتعلق النهی بأمر خارج من حیث کونها عملًا فلا یقضی بفساد الصلاة لکان له وجه فیما إذا کان القطع بالسکوت لا بالذکر و نحوه لحرمته حینئذ فتبطل الصلاة به. و الجهر واجب علی الرجال للأصل و النص الصحیح و غیره المعتضد بالشهرة محصلة و منقولة و للإجماع المنقول و الآیة الشریفة بعد عدم امکان ابقائها علی ظاهرها لم تکن ظاهرة فی المخالفة بل محتملة لإرادة مجموع الصلوات لا جمیعها و یکون السبیل بین الجهر العالی و الإخفات الخفی هو الجهر فی الجهریة و الإخفات فی الاخفاتیة و جعلهما من السنة الجهر فی صلاة اللیل، و الإخفات فی صلاة النهار لا یقضی بالاستحباب و دعوی ظهور السنة فی النفل ممنوع أن لم تکن اظهر فی الخلاف مع قرب حمل الصلاة علی خصوص النافلة و صحیحة علی بن جعفر حملها مع اضطراب سؤالها، علی ارادة التخییر فی اذکار الجهریة و قنوتها قریب مع انها موافقة لمذهب العامة و وجود عامل بها من اصحابنا لا یأبی حملها علی التقیة فالقول بعدم الوجوب ضعیف، و کذا یجب علی الخناثی المشکلة أخذا لها بأشق التکلیفین و هو أن لم یقم علیه اجماع أو یعلم باستقراء جزئیات احکامها فی عبادات و معاملات و أحکام، لا تخلو من اشکال و أجراء أصل الشغل و تحکیمه علی اصل البراءة مع الشک فی المکلف الّا فی المکلف به غیر جیّد الوجه و من هنا حکم فی الذکری بالتخییری لها و جعل الجهر لها فی مواضع الجهر اولی إذا لم یستلزم سماع من یحرم اسماعه، و ینبغی لمن اوجب الجهر تقییده بذلک أیضاً تغلیباً لجانب الحرمة علی الوجوب، و أما المرأة فلا جهر علیها فی محل الجهر و أن لم یسمعها الأجانب، کما افتی به الأصحاب و نقل علیه الإجماع و دلّت علیه روایة قرب الاسناد و یسوغ لها الجهر

ص: 242

مع عدم سماع الأجانب، کما صرّحوا به لحصول الامتثال معه و أن کان الأفضل ترکه کما صرّح به بعضهم و لعل فی کون صوتها عورة دلالة علی ذلک بل الأحوط ذلک لأن المألوف من صلاة النساء و المتیقن فیها الاخفات و فی خبری علی بن جعفر و ابن یقطین. ان المرأة إذا امّت النساء حدّ رفع صوتها بالقراءة و التکبیر بقدر ما تسمع و الظاهر أنها بضم ما نسمع من الأسماع لا من السماع المحقق لنفس القراءة و اظهر منها ما قرب فی الاسناد. انها تجهر بقدر ما تسمع قراءتها و لو لا ترک الأصحاب الحکم بمضمونها لکان العمل بها و لو علی طریق الأفضلیة متعیناً و لو اسمعت الأجانب بطلت صلاتها للنهی عن قراءتها القاضی بالبطلان و لیس النهی عن مقارن خارج کما تخیّله بعضهم، و مناقشة بعضهم فی تحریم اسماعها الأجانب و وجوب اخفاء صوتها بردّه اتفاق الأصحاب محصّلًا و منقولًا علی انَّ صوتها عورة یجب اخفائه عن الأجانب و أما الاخفات فی محل الاخفات، فالأقرب وجوبه علیها کما هو ظاهر الأکثر لتخصیصهم انفرادها فی حکم الجهر و یدل علیه بعد الأصل اصالة اشتراکهن مع الرجال فی التکلیف فما اشعرت بع بعض العبارات من ثبوت التخییر لها، و مال الیه جمع من متأخری المتأخرین لأنه لا دلیل علی وجوب الاخفات ضعیف و انما یجب الجهر فی القراءة فی أولتی الصبح و العشائین و الإخفات فی البواقی من أولتی الفرائض الیومیة و اخیریتها ادائیة أو مقضیة قضت فی اوقاتها أو فی اوقات غیرها، فصلاة النهار تقضی اخفاتاً لیلًا و صلاة اللیل تقضی نهاراً جهراً و العبرة فی القضاء بحال القاضی لا بحال المقضی عنه فلو قضی الرجل عن المرأة وجب علیه الجهر فی الجهریة، و لو قضت المرأة عنه تخیّرت حیث لا یسمعها الأجانب و وجب علیها الاخفات مع سماعهم لظاهر الفتوی و الأدلة، ان صفتی الجهر و الإخفات لیسا من عوارض الصلاة لذاتها فیتبع فیها القضاء الاداء بل هی من عوارضها من حیثیة الفاعل فتکون تابعة لحاله، و یکفی فی أصل الحکم اطلاق الأصحاب حکم الجهر و الإخفات للرجل و المرأة من دون تقیید و لا تعرض احد منهم فهو ظاهر فی اجماعهم علی ذلک عدا صلاة الجمعة اجماعاً محصلًا و منقولًا و النصوص المتطابقة علی ذلک منها، و ظهرها للإمام و غیره وفاقاً لجماعة عملًا بالنصوص الدالة علی ذلک و حملًا لما عارضها علی الرخصة أو التقیة تامة یستحب فیها الجهر و الإخفات فی الظهر أحوط، سیّما لغیر الامام، کما ان الجهر فی الجمعة احوط لعدم نص اکثر الأصحاب علی الاستحباب و ظاهر الأدلة الایجاب ثمّ ان القراءة نوع من التکلم و التلفظ، فلا تتحقق ماهیتها الّا بحصول الصوت المحقق لخروج الحروف من مخارجها فلا یکفی حدیث النفس، و لا مجرد حرکة اللسان و الشفة من دون صوت یکون به الحرف حرفاً و فی قول الصادق (ع) فیما رواه زرارة: (

لا یکتب من القراءة أو الدعاء الّا ما أسمع نفسه

)، و قوله فیما رواه الحلبی بعد السؤال عن القراءة و ثوبه علی فیه لا بأس بذلک إذا اسمع اذنیه الهمهمة دلالة علی ذلک، و أما ما فی صحیحة علی بن جعفر (ع) عن اخیه (ع) قال سألته عن الرجل یصلح له ان یقرأ فی صوته و یحرّک لسانه فی لهواته من غیر ان یسمع نفسه؟ قال: لا بأس ان لا یحرک لسانه یتوهم توهماً لا دلالة فیهما علی صدق القراءة بذلک و ما دلت علیه من الاکتفاء بذلک فی الصلاة معارض بما مرَّ، و بما دلَّ علی الأمر بالقراءة من کتاب و سنة و أجماع و من أجل ذلک حملها الشیخ علی من یصلی مع قوم لا یقتدی بهم لقول الصادق (ع): (

یجزیک من القراءة معهم مثل حدیث النفس

)، و قول الکاظم (ع) فیمن یصلی خلف من لا یقتدی بصلاته، و الإمام یجهر بالقراءة: (

اقرأ لنفسک و ان لم تسمع نفسک فلا بأس

) و لو حمل علی مطلق الضرورة لکان أعم و ربما اشعرت هذه الأخبار بعدم لزوم التحریک للسان و حملها علی عدم امکانه بعید عن ظاهرها

ص: 243

فالقول بعدم لزومه فی غیر ما ورف اللسان غیر بعید و الجهر و الإخفات صفتان للقراءة عارضتان للصوت متضادتان لا تجمعهما مادة، و لذا وقع التفصیل فی الصلاة بین الجهریة و الإخفاتیة القاطع للشرکة و هما معلومان عرفاً لکل منهما مراتب، و أدنی مراتب الاخفات قدر ما یسمع نفسه تحقیقاً أو تقدیراً إذا کان سمعه علی الاستقامة تحقیقاً أو تقدیراً مع جوهریة الصوت فی ذلک أو بسمع البعید و أن خلا الصوت عن الجوهریة و لا یکفی فیه مجرد اسماع الغیر لعدم انفکاکه مع شدة قرب الغیر عن اسماع نفسه، و یدل علی ذلک سماع من صحب الرضا (ع) ما یقوله فی الأجزاء من التسبیحات، و لا حدّ لأعلاه فی صدق حقیقته و أن کان اعتبار عدم الخروج عن المعتاد فی الصلاة أخذاً بالمتیقن و جریاً علی المعهود و للشک فی انصراف القراءة و صدق الصلاة مع ما ورد من تفسیر الجهر المنهی عنه فی الآیة برفع الصوت شدیداً غیر بعید و أعلی مراتب الاخفات ما یخرج به الی حدّ الجهر، و کلمات الأصحاب فی ذلک مختلفة فیظهر من بعض عدم التضاد بینهما و أن بینهما عموماً من وجه یجتمعان فی اسماع القریب فإنه اقل مراتب الجهر و اعلی مراتب الاخفات و یظهر من آخرین انه لیس للإخفات مراتب. و إنما هو مرتبة واحدة عبارة عن اسماع الشخص نفسه فما زاد جهر و ما نقص لیس بقراءة و یظهر من بعض أن المدار علی جوهریة الصوت و همسه مع مراعاة الأسماع لنفسه و الاستماع لغیره و یلزم منه حینئذ ثبوت الواسطة بینهما و یظهر من بعض ان المدار علی جوهریة الصوت مع اسماع الغیر، فما أسمع نفسه مع الجوهریة علی فرض وقوعه و بدونها و ما اسمع الغیر من دون جوهریة الجمیع اخفات، و ربما أشعر کلام بعض ان المدار فیهما علی جوهریة الصوت و همسه و لیس لأسماع الغیر و عدمه مدخلیة و یلزم علی هؤلاء ان من اعلن صوته من دون جوهریة فیه. و إن سمع النائی البعید لیس من الجهر و حیث انهما لم یحدا بحد شرعی و لا کانت لهما حقیقة شرعیة و وجب الرجوع فیهما الی العرف فالأصوب ما ذکرناه، و لا ینافیه کلمات الأصحاب لأنهم فی مثل ذلک علی الظاهر کأهل اللغة لیس المقصود کشف المعنی و بیان حقیقته بل الإشارة الی مصداق اللفظ و تمییزه عما عداه فی الجملة و تکون معرفة الحقیقة موکولة الی العرف فیرتفع التنافی بین کلماتهم، و لذا نری ان قدماء الأصحاب و اواسطهم لم یعنوا للکلام فی مثل هذه الموضوعات باباً و لا یعتنون فیها بالخلاف، و نقل الأقوال و فتح باب الاستدلال و ان اختلفت کلماتهم اشدّ الاختلاف فی التفسیر و التأویل و حینئذ فلا تأبی الإجماعات المنقولة فی کلماتهم ما ذکرناه مع ان ظاهر أکثرها. إنما هو علی حدّ الاخفات و ادنی مراتبه و یجبان فی القراءة فی الاولیین و یجب الاخفات فیها فی اخیرتی الجهریة کالعشاءین و الإخفاتیة کالظهرین أو بدلها کتسبیح الأخیرتین، کما علیه المعظم للأصل و ظاهر الفتوی و ظاهر کثیر من الإجماعات المنقولة علی اصل حکمی الجهر و الإخفات بل یظهر من بعض انه ادعی الإجماع علیه مع ان ظاهر ادلة التخییر مساواتهما و قیام أحدهما مقام الآخر علی نحو واحد و لعل من تمسک بالتسویة بین المبدل و المبدل منه. إنما عنی ذلک فلا یدفع بخلوّ الأخبار من ذکر البدلیة و ما ینقل عن بعض الحشویة من لزوم الجهر فهو محض خلاف و عناد لا أثر له فیما نقل عن النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) و الکلمة منفعة علی خلافه مع انه لم یحکم فیه بالإخفات کان من الأذکار المخیر فیها بینهما و ما یستنهض له بحدیث العیون من ان احمد بن علی صحب الرضا (ع) فکان یسمع ما یقوله فی الآخرین من التسبیحات فهو علی ضعفه و هجره لا دلالة فیه علی الجهر کما مرت الإشارة الیه و فی صحیح علی بن یقطین ما یؤید کلام المعظم فی الامام فیکون معارضاً لذلک أیضاً لعدم الفارق بین الامام و غیره، و لأن الظاهر ان صلاة الرضا (ع) کانت علی جهة

ص: 244

الامامة و حیث وجب کل من الجهر و الاخفات فی الصلاة من حیث ذاتها فکانا شرطاً فیها و کانا صفتین للقراءة التی هی جزئها منوعین لها و مقوّمین لحقیقتها و تحریم احداهما قاض بتحریمها و بطلانها، فلو تعمد الاخفات فی موضع الجهر و الجهر فی موضع الاخفات بطلت صلاته و یدل علیه صحیحتا زرارة احداهما منطوقاً و الأخری مفهوماً الّا فی البسملة. فإن الجهر بها فی موضع الاخفات سواء کان اولیتین أو اخیرتین مستحب للإمام و غیره منفرداً و مأموماً و قد عدَّ من شعار الشیعة و ادعی تواتر الاخبار انه لا تقیة فیه و عدّه ابو الحسن الثالث (ع) من الخمس التی هی علامة المؤمن و ورد عدّه فیما تعرف به شیعة علی (ع) و عدّه فیما نال به شیعة علیّ الدرجة العالیة یوم القیامة و ورد اجهار الرضا (ع) بها فی جمیع صلاته باللیل و النهار و جعل فی روایة الثمالی هو ذکر الرب عزَّ و جل. و إن الإمام إذا لم یجهر بها رکب الشیطان علی کتفیه، و روی فی الصحیح عن الصادق (ع): (

انه صلی معه ایاماً فإذا کانت صلاة لا یجهر فیها بالقراءة جهر فیها ببسم اللّه الرحمن الرحیم

)، و روی عن الاعمش عنه أن الإجهار ببسم اللّه الرحمن الرحیم فی الصلاة واجب و من أجل ذلک مع عموم دلیل الاخفات ما فی صحیحة الحلبیین من التخییر بین القراءة سراً و جهراً فی بسملة الحمد حکم المشهور باستحباب الجهر فی موضع الاخفات مطلقاً، و لخصوصیة بعض ما ذکر کالصحیحة و روایة الثمالی فی الامام قصر بعض الحکم علیه و لخیال انصراف الاطلاق الی أولتی الظهرین من قصر آخر الحکم علیه و واجب الاخفات فی البواقی و لظاهر هذه الأدلة مع الصراحة بالوجوب فی روایة الأعمش اوجبه بعض، و لأجل ذلک مع خیال الانصراف الی الأولیتین اوجبه آخرون فیهما و لا یجوز الاخفات فیها فی موضع الجهر عند القائلین بوجوبهما و لا نعرف فی ذلک خلافاً و روایة الأعمش محمولة علیه أو علی ارادة مجرد الثبوت من الوجوب ثمّ أن الجاهل بالحکم حیث لا یکون معذوراً ملحق بالعامد فی البطلان و عدم المعذوریة بل لا زال یطلقون علیه وصف العامد الّا فی صورة القصر و الإتمام کما سیجی ء. ان شاء اللّه و الّا فی هذه الصورة إذا کان جاهلًا بوجوب ذلک فتصح بلا خلاف و فی التذکرة الاتفاق علیه بعد ان نفی الخلاف عنه فی المنتهی، و احدی صحیحتی زرارة قاضیة علیه و مفهوم صحیحته الأخری لا مقاومة له مع ان عموم المفهوم ینصرف الی الغالب و لیس علی حدّ عموم المنطوق و الأقرب استثناء هاتین الصورتین من حکم البطلان لا من عدم المعذوریة فی لزوم التعلم بل یجب علیه ذلک و هو فاعل حراماً بترکه و ان حکم بصحة الصلاة، و ما فی صحیحة زرارة من انه لا شی ء علیه لا ینافی ما ذکرناه لانصرافه الی الصلاة و لیست الصحة الانقلاب التکلیف مع الجهل و تغییر الحکم الشرعی الواقعی بسببه الی التخییر مطلقاً أو الی اختلافه باختلاف معتقد المکلف فمعتقد الجهر یکون حکمة ذلک، و لو فی موضع الاخفات و لو خافت فی موضع الاخفات کما لو خافت فی موضع الجهر و لیس الحرمة فیه من حیثیة الأقدام المنافی للقربة بل من حیث مخالفته للخطاب الشرعی و التکلیف الواقعی، و کذا معتقد الاخفات و معتقد التخییر یکون حکمة ذلک کما فی بقیة الأذکار المخیر فیها لأن العلم الی طریق الامتثال و الاتیان بالمکلف به فلا یکون مورداً للخطاب و التکلیف و انما الجبل عذر رافع للإثم، و التحریم رافع للحکم الوضعی من الشرطیة، فیحکم بصحة العمل لذلک و ینبئک عنه اطلاق الأصحاب المعذوریة علیه و خیال بقاء تحریم القراءة مع الحکم بالصحة و موافقة الأمر مما لا وجه له، بعد کون الممانعة فی اجتماع الأمر و النهی عقلیة لا عرفیة، و کذا الأوجه للحکم بالتحریم و البطلان مطلقاً و سقوط القضاء و الاعادة تخفیفاً من الشارع لاستبعاده مع أن ظاهر الفتوی و النص لنفی المسألة فیه القاضی بعدم التحریم و عدّ من لا یدری فیه مع الناسی

ص: 245

و الساهی ظاهر فی رده ثمّ ان علم حکم الجهر و الإخفات و جهل محلهما لا من عذر أو علم بحکمهما و محلهما و جهل موضوعهما جهلًا غیر معذور فیه فهل یحکم بصحة صلاته نظراً الی شمول النص و الفتوی أو یقتصر فی الحکم بالصحة علی من جهل أصل الجهر و الإخفات قصراً لما خالف الأصل علی محل الیقین وجهان لعل الأقرب الأول، فیما إذا کان معتقداً الصحة خلاف الواقع تعییناً أو تخییراً جهلًا اما مع شکه و اقدامه، فالأقرب الاسم و البطلان لعدم اقدامه علی مشروع و ان لم یخالف الواقع بل صادفه، و لو خالف نسیاناً أو کان جاهلًا فی حکم أو موضوع جهلًا معذوراً فیه أو کان مضطراً لخوف و ان لم یکن لتقیة أو غیرها فأولی بالصحة و صحیحة زرارة صریحة فی الساهی و الناسی و لو تذکرا و ارتفعت الضرورة أو علم بعد الجهل بقسمیه فی أثناء القراءة، و لو فی اثناء الکلمة الواحدة مضت قراءته للحکم بصحتها و لا اعادة و لا سجود سهو و لا یجب فیما عدا القراءة و بدلها من التسبیح جهر، لا اخفات بل یتخیر فی الأذکار الباقیة بین الجهر و الإخفات للأصل حیث لا براءة یقینیة و لظاهر الإجماع بل صریحه و لقول ابی الحسن الکاظم (ع) فی جواب سؤال علی بن یقطین عن التشهد و القول فی الرکوع و السجود و القنوت للرجل ان یجهر به ان شاء جهر و ان شاء لم یجهر و ربما ظهر من السؤال. إن الاخفات کان هو المعروف المألوف و یستحب للإمام اسماع من خلفه کما یستحب للمأموم عدم اسماعه الامام، و کذا لا یجابره فیما عدا الفرائض الخمس من فرض و نفل راتب و غیر راتب، و لکن یستحب الجهر فی نوافل اللیل المشروعة فیه و ان لم تکن راتبة فی اظهر الوجهین، فالإخفات فی نوافل النهار کذلک، و فیما صادف فعله لیلًا أو من قضاء أو صلاة زیادة و نحوها وجهان الأقرب الحکم بالاستحباب لعدم دخولها فی اطلاق صلاة اللیل و صلاة النهار التی هی مستند الحکم و الأصل یقتضی عدمه و ربما یستحب ذلک فی غیرها لعارض الامامة و لا یجبان فیها للأصل و ظاهر الفتوی و ما فی الموثق من جواز الجهر نهاراً، و إن وجبت بنذر و نحوه فإن الوجوب العارضی لا یزید علی الأصلی، و لو شرط فی النذر کیفیة خاصة حیث تکون راجحة أو غیر مرجوحة أو مطلقة مع رجحان اصلها أو یفصل بین ما تکون مورد النذر، و الأصل یجب تبعاً فیلزم رجحانها و بین ما تکون صفة و النذر علی أصلها فتلزم و أن لم تکن راجحة بل لو کانت مرجوحة و هو غیر بعید فذلک أمر آخر کما لو عرض الوجوب لدفع ضرر أو نحوه أو الاستحباب لعارض خارجی من العوارض. الفصل الثالث: فی بقیة أحکامها، و هی امور:

أحدها: قول (آمین) و ما فی معناها بعد الفاتحة و فی أثناء الصلاة مطلقاً، و کذا کل ذکر أو دعاء أو قرآن لم یقم فیه دلیل الخصوصیة بعنوان القربة علی جهة استحبابها علی الخصوصیة أو الوجوب کذلک نوی الجزئیة للصلاة أولا تشریع، و کلما کان ففعله، حرام کنیته، و کذا کل محرم من الکلام مفسد للصلاة للأصل و لدخوله تحت الکلام المفسد مع خروجه عن دلیل الرخصة للذکر و الدعاء و القرآن و ربما یقال ان ایقاعه بنیة الجزئیة مغیّر لهیئة الصلاة المأمور بها و إن لم یدخله فی نیتها ابتداء فلا یکون اثبات للمأمور به و منه أمکن الحکم بفساد الصلاة بإدخال کلما خرج عنها من قول أو فعل بل ربما یتسری الحکم بالفساد مع زیادة کل قول أو فعل لم تأت به الرخصة لا خصوصاً و لا عموماً. و ان لم یقصد به الجزئیة بل و الأقصد التقرب الّا ما اخرجه الدلیل کقلیل الأفعال لغیر المنوی به الجزئیة و بدون ذلک فی آمین بخصوصها لا ما ادی معناها فالأحوط ترکها و اعادة الصلاة بفعلها الّا مع التقیة للأصل و الإجماع المنقول علی التحریم مرة و علی البطلان اخری و للصحیح فی المأموم الناهی عن

ص: 246

قولها و لا فارق مع ورود النهی بالنسبة الی غیره فی روایة الحلبی و حسنة زرارة عن ابی جعفر (ع) و مطلق فی مرسلة دعائم الإسلام و روی عن الصادق (ع) إنما کانت النصاری تقولها و جعل فی الفقیه ذلک علة عدم الجواز و اعتضاد ذلک بالشهرة المستظهرة حتی کادت تکون اجماعاً قد سبق المخالف و لحقه و یکفیک أن الأرشد فی ترکها مداومة العامة علیها و مواضبتهم حتی صارت شعاراً لهم، و قد روی عنهم (علیهم السلام) عن رسول اللّه (ص): (لا تزال أمتی و علی شریعة من دینها حسنة جمیلة ما لم تکن صحة آمین)، و ما فی احدی الصحیحتین جمیل مما ظاهراً الجواز بل الاستحباب أن قرأت بطریقة التعجب فی طرح أو محمول علی التقیة، کما هو ظاهر ترک الجواب بل الاستحباب أن قرأت بطریق التعجب الی هنا فی صحیحة معاویة بن وهب حیث قال قلت لأبی عبد اللّه (ع) أقول آمین إذا قال الامام غیر المغضوب علیهم و لا الضالین؟ قال: هم الیهود و النصاری، و ربما ارجع الضمیر فی هم الی من قال آمین مکبناً علی العامة بالیهود أو مریداً ان بقولها مندرج فی عدادهم، و منخرط فی سلکهم فتکون الصحیحة ظاهرة فی التحریم و قد استند جماعة فی التحریم و الأبطال یکون آمین من کلام الآدمیین، و لیس ذکراً و لا دعاء و لا قرآناً و هو مبنی اما علی ان اسماء الأفعال اسم للفظها لا لمعناها فلا تکون آمین دعاء بل اسم للدعاء و الاسم غیر المسمی أو علی انها مشترکة بین معان فلا یتعین للدعاء و کلاهما فی محل المنع بل الظاهر من معناها الدعاء و الظاهر من أسماء الأفعال ارادة المعانی ما هو المحقق عند المحققین و لو سلم الاشتراک فهو بین ذکر و دعاء لدورانها بین کونها من اسماء اللّه تعالی فتکون ذکراً أو بمعنی اللهم استجب أو کذلک فلیکن أو کذلک فأفعل أو بمعنی استجب فقط و الکل دعاء، و لو کانت مشترکة بینهما و بین الکلام فبالقصد تتعین و لو قلنا بوضع اسم الفعل للفظ أمکن القول بعدم خروجه عن الدعائیة مع الدلالة علی لفظ خاص من الدعاء، و مما ذکرنا ظهر ان الاقوی لزوم ترکها بعد الفاتحة و أنها مفسدة للصلاة، بل ظهر ان الأحوط ترکها فی جمیع افعال الصلاة و قد تسری بعض الی منع (اللهم استجب) و ربما یعلل بلزوم سبق دعاء علیه و لا دعاء اذ ما سبق مقصود به القرآنیة و لا یشترک الدعاء و منع المقدمتین ظاهر. فإن طلب الاستجابة قد یکون ابتدائیاً و انما اختص هنا لسبق صورة الدعاء و قصد الدعاء بالقرآنیة لا منافاة فیه و لیس من استعمال المشترک فی معنییه.

ثانیها: العاجز عن أصل القراءة أو عن بعض کیفیاتها الواجبة و لو لضیق الوقت عن التعلم، و ان کان الضیق عن اختیار و قد حصر الاثم یأتی بالمقدور منها کما بلا خلاف کما فی سائر الاذکار و قد مرَّ دلیله فیما نقص عن الآیة وجهان بل قولان اقربهما لزوم القراءة و هل یلزم الاتیان ببدل من غیر المقدور أم قولان. أحوطهما الأول و ربما ادّعی الشهرة بین المتأخرین علیه و علیه فیقدم القراءة و لو مکررة علی غیرها من الأذکار و فی تقدیم المکرر علی غیره من القرآن أو تقدیم غیره علیه أو التخییر اوجه أقربهما الأخیر، و إن کان الأحوط فی الحمد التکریر و هل المقدور منها کیفاً کالقراءة لحناً حکمه حکم المقدور منهما فیلزم الإتیان به أو حکمه حکم غیر المقدور فیجری علیه حکم العاجز علی القراءة وجهان أقربهما الثانی، فإن عجز قرأ من غیرها فیقرأ السورة بدل الحمد و لا یتخیّر بینها و بین الذکر للأصل فظاهر الأمر بقراءة ما تیسر و علیه الشهرة تحصیلًا و نقلًا و یکرر السورة الواحدة أن لم یعرف غیرها، و مع معرفته غیرها له تکریرها بنیة البدلیة عن الحمد ونیة الاستقلال و الأولی عدمه و الإتیان بغیرها و مع عدم معرفة سورة واحدة لفق المأتی به من سور و لو من کلمات متفرقة ما لم یخرج نظمها عن افادة المعنی و مع معرفته وجهان الأقرب مراعاة التوالی فی الآیات

ص: 247

و عدم الاکتفاء بها متفرقة و الا یلزمه اتمام السورة الواقعة بدلًا من الحمد، و لا تعدد الآیات بل تکفی الآیة الواحدة و هل یلزمه مساواة المأتی به منها مع الحمد من دون زیادة و نقص، و أما المساواة علی الحروف أو یجزی مساواة الکلمات أو الآیات اوجه أحوطهما الأول و یقرأ الحمد بدل السورة فتقع مکررة، و یلزم حینئذ اکمال الحمد لأنه سورة و لا یکتفی منه بمقدار قصر السورة، و لو قیل بسقوط السورة حینئذ فلا یلزم الاتیان ببدلها من الحمد و کذا مع قدرته علی بعضها لا یلزم الاتیان ببدل عن الباقی لا من الحمد و لا من سورة لکان هو الوجه لسقوطها مع الاضطرار و هذا منه و لذا جعل العنوان کثیر من الاصحاب الفاتحة لا مطلق القراءة، اما لو عجز عن أصل القراءة، فإن کان فی سورة فالأقرب عدم لزوم الأبدال و ان عجز فی الحمد سبّح و ذکر اللّه بمقدارها و فی الصحیح فی رجل دخل الاسلام لا یحسن ان یقرأ القرآن أجزأه ان یکبّر و یسبح و یصلی و زاد کثیر التهلیل معهما حتی نقل علیه الشهرة و فی الذکر و التکبیر و ظاهر بعض التحمید و التسبیح و التهلیل و التکبیر و جعل فی کری تعیین ما یجزی فی الأخیرتین من التسبیح وجهاً لثبوت بدلیته من الحمد فی الأخیرتین، و فیه روایة عامیة عن النبی (ص) مع زیادة الحوقلة و لیس فی المقام ما یستند الیه سوی الصحیح المزبور فالعمل به کماً و کیفاً أقرب فی الفتوی، و إن کان الأخذ بما ذکره الاصحاب من مراعاة القدر و ما افتی به بعضهم من زیادة التمجید و التهلیل احوط و اقرب للتقوی و الأولی عدم نیة الخصوصیة فیما زاد، و لا تصح الترجمة مع التمکن من الذکر العربی و احتمال تقدیمها أو التخییر بینهما احتمالان ضعیفان و فی وجوبها مع عدم التمکن منه وجه قوی الأقوی خلافه و فی وجوب ترجمة الذکر مع عدم التمکن منه وجه قریب، و الفرق بین ترجمتی القرآن و الذکر غیر خفی علی المتأمل، و مع عدم التمکن من الذکر ففی وجوب القیام بقدر القراءة وجه افتی به بعضهم و الأقرب عدمه لعدم الأمر بالقیام الّا تبعاً للقراءة فیسقط بسقوطها، و یلزم فی القراءة الواجبة حمداً و سورة، التعلّم للکل مع التمکن و الّا فالبعض بقدر الامکان بعد دخول الوقت و فی لزومه قبله مع العلم بعدم التمکن بعده وجهان أقربهما ذلک لإطلاق الأمر بالتعلّم و اجراءه مجری مقدمات المضیّق بالأصل، و مع عدم امکان التعلم و لو لبعض یجب علیه الصلاة جماعة مع حصول شرائطها أو وقوف من یقرأ له مطمئناً بقراءته و لا یشترط التعدد بل و لا العدالة و البلوغ و الایمان، و هو یتبعه و هل هما علی التخییر أو الترتیب وجهان بل کل ظاهر بعض اقربهما الثانی و منه یظهر وجه الترتیب بین لزوم التعلم و وقوف من یقرأ له و لا ترتیب بین الوجوب جماعة و لزوم التعلم فی صحة الصلاة بل یغنی التمکن من الجماعة عنه اختیاراً، و لو قیل بلزوم التعلم مطلقاً لنفسه بقدر الإمکان لم یکن بعیداً و یقدم مع الامکان جمیع ذلک علی القراءة فی المصحف للأصل مع الشک فی الاطلاق و کون القراءة فی المصحف علی خلاف المعهود و خبر الصیقل معارض بروایة الحمیری و الإطلاق بدفعه یقیده شیوع الفرد و یلزم حیث تجب القراءة، القراءة فیه علی مصباح لزمه ذلک ما لم یضر بحاله، و لا فرق فیما ذکر بین الفریضة و النافلة و لو قیل بتسریة جمیع ما ذکر الی الأذکار الواجبة بل و إلی القراءة المستحبة و الأذکار المندوبة مع قصد الموظف منها فی فرض أو نفل لم یکن بعیداً و أن کان الاقتصار فی ذلک علی القراءة الواجبة فی الفرائض خاصة و به یحصل الجمع بین الخبرین لا یخلو من وجه و ربما کان ظاهر الفتوی علیه و من اخذ فی التعلم أو ترکه عاصیاً آخر صلاته الی ضیق الوقت مع احتمال التعلم و لیس کسائر الأعذار إذ مع بقاء وقت له لا خطاب بالصلاة الناقصة. أما مع العلم بعدمه فلا یبعد صحة الصلاة قبل الضیق و الأحوط التأخیر الیه

ص: 248

و الأخرس یعقد بقلبه و یلوک بلسانه و یشیر کما افتی به جمع من الاصحاب و قضت به روایة السکونی، و قد مرَّ الکلام فیه و فی دلیله باب الذکر بدل القراءة و من فی لسانه آفة کالألثغ و الألیغ و نحوهما یجب علیه السعی فی إصلاحه مع التمکن و یجری فیه ما مرَّ فیمن لا یعرف القراءة و لو توقف صلاحه علی معالجته بدواء ففی لزومه وجه، و مع عدم التمکن من الاصلاح أو عند الضیق یلزمه الصلاة علی حسب قدرته فتکون صحیحة مجزیة الّا انه فی صورة عدم التمکن یسقط عنه وجوب الاتمام منه کما یسقط عن الأخرس و نحوه و فی صورة الضیّق یلزمه عدم الائتمام، کما فی صحیح اللسان الذی لا یمکنه التعلم و ربما ظهر من بعض الأخبار أن لم نحملها علی ارادة الصحة ان من لا یقدر علی اصلاح لسانه و یقرأ و یدعو علی تلک الحال ترفعه الملائکة علی حال الصحة و علیه ینزّل ما أشتهر ان سین بلال عند اللّه شین.

ثالثها: لا یجوز الجمع بین سورتین متحدتین أو متغایرتین فصل بینهما أو بین ابعاضهما الحمد أو شی ء منه أو لحقاه، و لا بین سورة و بعض سورة و کل ذلک ممنوع فی الفریضة مفسد لها، و لا بأس به فی النافلة عدا تکرار الحمد، و کذا السورة سابقة علیه و فی الجمع مع الأذکار و الأدعیة الغیر المنصوصة حتی یسوّغ فیها قصد الجزئیة اشکال، و لو کرر السورة بنفسها تماماً من دون فاصلة الحمد بینهما و مع فصل الحمد اشکال و کذا لو کرر سورة غیرها فالأقرب المنع و الفساد و ان کان قاصداً تلاوة القرآن لا جزئیة الصلاة المنهی عن قراءتهما فی الرکعة و النهی عن القرآن فی الفریضة و الأمر بإعطاء کل سورة حقها من الرکوع و السجود، و ظاهر إجماع المرتضی و کونه خلاف المعهود من فعل النبی (ص) و التابعین له فی اصالة الشغل بعد التأمل فی اطلاق الفتوی و النص غنیة عن طلب الدلیل، و دعوی تنزیلهما علی قصد الجزئیة کما هو ظاهر بعض حتی جعله موضع الخلاف تحکم علی قصد الجزئیة کما هو ظاهر بعض حتی جعله موضع الخلاف تحکم و فی تکرار الحمد نفسه تماماً لا بقصد الجزئیة اشکال منشؤه الشک فی صدق الصورة علیه و لو کرر بعض السورة بنفسها غیر قاصد الجزئیة فلا بأس و ان کان الأحوط ترکه أیضاً ما لم یخرج بالإطالة أو لکثرة التکرار علی هیئة المصلی فتبطل لمحو الصورة و کذا لا بأس لو قرأ البعض من السورة من حیث انه قرآن و لو جمع بین السورة و بعضها بقصد الجزئیة فإن قصدها بهما ابتداء أو قصد الجزئیة بالبعض بعد اکمال السورة أو فی اثنائها فعل حراماً و أن کان مشروعاً و صلاته باطلة. و إن قصد الجزئیة بالسورة بعد قراءة البعض المقصود به الجزئیة من جهة العدول فی محل الجواز جاز و فی القصد الابتدائی الی العدول فیقصد الجزئیة بالبعض و یعزم علی العدول منه الی سورة اشکال.

رابعها: یجوز العدول من سورة الی أخری، و ان ترمی عدوله علی اشکال ضعیف ما لم ینو القربة بالعدول فیکون مشروعاً لعدم الدلیل علی رجحانه و لو فعل ذلک فالأظهر صحة الصلاة. و ان اثم بالتقرب بالقطع لرجحان المعدول الیه فلا تشریع فی الجزء بل هو متعلق بأمرٍ خارج، و حینئذ فحیث لا یقصد التقرب لم یکن فیه اثم ذاتی لعدم الدلیل علی حرمة قطع السورة و ما یتخیل انه عمل و ابطاله محرم ضعیف لمنع کبراه و حدیث لا تبطلوا اعمالکم منزّل عن التجوز و ارادة الصلاة منه و لیس من العام المخصوص للزوم کون الخارج أضعاف الباقی، و لا اثم تشریعی لبقاء الأمر بالسورة قبل اکمالها فمتی أوقع المعدول الیها أتی بها بنیة الجزئیة و لیس الأمر بها بمنزلة الأوامر فیکون ایقاع الجزء مسقطاً للتکلیف به. و یتعین حینئذ الاتیان بالباقی لبقاء التکلیف به فقد بان إن جواز العدول مطلق فی السورة مطلقاً و هو مقتضی

ص: 249

الأصل و یدل علیه بعد ذلک ما ورد من الأذن فی الرجوع مطلقاً ما لم یرکع و هذا الحکم فی النافلة علی اطلاقه علی الأظهر لا یستثنی منه شی ء و یستثنی منه فی الفریضة صور:

أحدها: فیما یتعلق بمقدار المقروء، و هو ما إذا تجاوز النصف عامداً أو ساهیاً قصد قراءة تلک السورة أو قصد غیرها فقرأها ناسیاً لا عن قصد أو نسی ما قصده اولًا و قرأها عن قصد أو قرأها ذاهلًا فإنه یحرم علیه العدول للإجماع بقسمیه. و فی روایتی الدعائم و نوادر البزنطی علی ما حکاه فی الذکری دلالة علیه و لو عدل ناسیاً ثمّ ذکر رجع الی محل العدول، و أتم السورة ما لم یرکع لإطلاق النص و الفتوی. و لو لم یرجع بطلت صلاته کما لو تعمد العدول و دخل فی غیرها فإن صلاته فاسدة، و إن رجع الی محل العدول و الأحوط المراعاة فی العدول ما لم یبلغ فی السورة نصفها اخذاً بالمتیقن فی فراغ الذمة و لفتوی کثیر من الأصحاب به حتی نسبة بعض الی الشهرة، کما نسب آخرون ما اخترناه الیها، و فی الفقه الرضوی دلالة علیه کما أن فی أول عبارته دلالة علی ما اخترناه. و فی روایة علی بن جعفر (ع) عن أخیه دلالة علی جواز العدول و مع بلوغ النصف عند ارادة سورة و قراءة غیرها فإنه یعدل الی ما أراده و کذا صحیحة الحلبی و ابی الصباح و ابی بصیر کلهم عن الصادق (ع) صریحة فی جوازه مع العدول ناسیاً، و ظاهرهم عدم القول بالفرق بین هذه الصورة و حمل التعبیر ببلوغ النصف علی إرادة المجاوزة لعدم العلم بالنصف غالباً الّا بعد المجاوزة فیکون رداً الی ما اخترناه اولی من العکس، و القول بالجواز فی العدول حتی یبلغ فی السورة الثلاثین لو قیل به لا یخلو من و هو للأصل و موثقة عبید بن زرارة الناصة علی جواز رجوع من اراد سورة فقرأ غیرها ما بینه و بین أن یقرأ ثلثیها، و حملها علی مجاوزة النصف بعید فظهر ان الأقوی ما اخترناه، و الأحوط ما ذکرناه و المدار فی التصنیف علی الحروف کما مرت الإشارة الیه و إن کان مراعاة الکلمات و الآیات وجه.

ثانیها: فیما یتعلق بالسور و العدول و هو جائز فی کل سورة الّا فی التوحید و الجحد فلا یجوز العدول منهما الی غیرهما مطلقاً، کما علیه المعظم للإجماع المنقول و أصالة الشغل إذ بعد القول بتحریمه یکون مفسداً للعبادة و ترکه شرطاً فیها فیکون بعد فتوی الأکثر بالمنع مشکوکاً فی جوازه فیدخل تحت المشکوک فی مانعیته و للروایات المعتبرة و فیها الصحیح الناهیة عن الرجوع فیهما فالقول بالکراهة و التوقف لا وجه له، و کذا الحکم بالتحریم و عدم الفساد لأن النهی عن العدول نفی عن ترک المعدول منه و نهی عن قراءة المعدول الیه و کل منهما قاض بالفساد فتعین القول بتحریم العدول من کل منهما و کونه مفسداً الّا الی سورة الجمعة و المنافقین کما علیه الفتوی و ادعی علیه الإجماع المرکب، و هو أن کل من أجاز العدول من التوحید أجازه من الجحد، و فی روایة علی بن جعفر دلالة ظاهرة علیه و ما فی الروایات الباقیة من الحکم بجواز العدول من التوحید و عدم التعرض للجحد و عمل بمقتضاها بعض فأقتصر فی الجواز علی التوحید و أبقی الجحد علی عموم المنع فلعله من باب التنبیه علی الأدنی بالأعلی أو لأنه الموظف فی القراءة و الغالب فیها فیختص بالذکر منه الأذن فی شریکه بالمنع و تختص الرخصة فی العدول الیهما فی یوم الجمعة دون سائر الأیام و دون لیلتها مغرباً و عشاء. و ما سراه بعض الی العشاء لخیال دوران الحکم مدار فضیلتهما فهو ممنوع صغری و کبری مع حصول التفاوت فی مراتب الفضیلة، و لا یعلم دورانه مدار أی مرتبة منها و دون صبیحتها لعدم قراءة المنافقین فیها و عدم الحث التام و المواظبة علی قراءة الجمعة فیها فلا ینصرف الأمر بالرجوع الیهما فی یوم الجمعة الی الصبح، بل المتیقن منه ارادة ما یعمل فی ظهریهما و فی صلاة الجمعة و الأقرب الاقتصار فی العدول من الجحد

ص: 250

و التوحید علی عدم مجاوزة النصف کما مرَّ حینئذ به جماعة و ادعی علیه الشهرة أخذاً بالمتیقن من اخبار العدول المسوّقة التخصیص حکم المنع من العدول منهما لا لعموم الأذن و الرخصة. و فی الفقه الرضوی ما یدل بعمومه علی ذلک و یدل علیه أیضاً استثناء أحد من الأصحاب العدول الی الجمعة و المنافقین من حکم المنع بعد مجاوزة النصف و من البعید المنع منه فی جمیع السور، و الأذن فی ذلک فی خصوص الجحد و التوحید الممنوع من العدول منهما فی أنفسهما فیکونان أقوی من غیرهما فی حدّ ذاتهما و أضعف فی مقابلة الجمعة و المنافقین و من اجمل من الأصحاب و أطلق الأذن هنا فقد و کل التقیید بعدم مجاوزة النصف الی اطلاق الاشتراط فی اصل العدول لسیاق الرخصة بعد المنع مطلقاً و قد استدل بعض المحققین علی ذلک بالجمع بین الروایات المسوغة للعدول مطلقاً من الجحد و التوحید الی الجمعة و المنافقین، و بین الصحیحة القاضیة بأن من صلی الجمعة و قرأ التوحید فإنه یتمها رکعتین ثمّ یستأنف بحمل الصحیحة علی صورة التجاوز للنصف و تقیید الروایات بعدم التجاوز و لا یخفی ما فیه و قد مرت الإشارة الی ضعفه فی مباحث النیة. ثمّ أنه لا فرق فیما ذکر بین ان تکون قراءة الجحد و التوحید عن عمد و قد سبق قصده الی غیرهما أولا عن ذهول أو نسیان بعد ان کان قاصداً قراءة الجمعة و المنافقین أو قراءة غیرها، فإنه یجوز العدول منهما الیهما مطلقاً کما هو ظاهر الفتوی و یقتضیه اطلاق روایة الدعائم و روایة علی بن جعفر عن اخیه المنقول عن قرب الاسناد و المسائل و ما فی الموثق و الصحیح من الأذن فی العدول لمن أراد قراءة الجمعة ثمّ قرأ التوحید لا یقید ما ذکرناه، مع أن الظاهر الغاء الخصوصیة فی ذلک بعد الحکم بصحة القراءة و ان القصد السابق غیر مناف علی انّ القراءة بعد ارادة الغیر تجامع السهو و العمد، و إن کانت فی السهو اظهر فقصر الحکم علی خصوص السهو کما افتی بعض لیس وجیه الوجه. ثمّ أن ظاهر اطلاق الفتوی و الروایة جواز العدول من التوحید و الجحد الی کل من السورتین فی کل من الرکعتین و لو قیدت الجمعة بالرکعة الأولی و المنافقین بالثانیة فلا یجوز العدول من المنافقین فی الأولی و لا الی الجمعة فی الثانیة لم یکن بعیداً اقتصاراً علی المتیقن من الرخصة فی محل المنع و حصول الشک فی الاطلاق لأحتمال انصرافه الی ما هو الموظف من الجمعة فی الرکعة الأولی و المنافقین فی الثانیة، و حیث أن الحث و الطلب الأکید علی قراءة سورتی الجمعة و المنافقین حتی قیل بوجوبه لم یکن فی صلاة العصر کان الاحتیاط الاقتصار علی صلاتی الظهر و الجمعة بل الاحتیاط أخذاً بالمتیقن من الصلاة فی یوم الجمعة المروی فی صحیحة الحلبی مع تکرر الجمعة الظاهر فی صلاتها و صلاة الجمعة فی سائر الروایات الاقتصار علی صلاة الجمعة فقط سواء قبل بوجوب قراءتهما فیها او لا، و لا یعدل فی الجحد و التوحید من احدهما الی آخر فی وجه قوی لعموم ادلة المنع فتوی و روایة، و لو قیل بجوازه فیهما للأصل مع الاقتصار علی المتیقن من دلیل المنع و هو العدول الی غیرهما أو بالجواز من الجحد الی التوحید دون العکس لمزیة التوحید علی الجحد لکان له وجه الّا ان الأقوی ما ذکر.

ثالثها: العدول من الجمعة و المنافقین فی یوم الجمعة الی غیرهما من جحد أو توحید أو غیرهما لقوله (ص) فی روایة الدعائم، و کذلک سورة الجمعة أو سورة المنافقین لا یقطعهما الی غیرهما و فی الأذن بالعدول الیهما من الجحد و التوحید الممنوع من العدول منهما بل الأمر به دلالة ظاهرة علی عدم جواز العدول منهما. و إنهما غایة المعدول الیه و لعله اکتفاء بذلک ترک الأصحاب التعرض له و لم یستثنی صریحاً احد منهم ثمّ أن العدول انما یتحقق بعد تعیین المعدول منه و هو انما یتعیّن بالقصد الی السورة الخاصة سواء کان المقرر منها مختصاً أو

ص: 251

مشترکاً أو بقراءة المختص اما لو قرأ المشترک کالبسملة و لم یکن قاصداً سورة خاصة و لا اوقع بعدها مختصاً فلا یتحقق العدول و یکون له التعیین من حینه و لیس له الرجوع الی قراءة المشترک، کما انه لیس له الاکتفاء بالمشترک بعد تعیینه بالقصد أو وقوع المختص بعده إذا عدل الی سورة اخری بل لا بد من اعادته و مع عدم اعادته، یکون قد أتی بکل من السورتین المعدول منها و المعدول الیها ناقصتین فتبطل صلاته و هل لا بد من تعیین المعدول الیه حین العدول و یکتفی بمجرد القصد الی سورة غیرها، ثمّ هی بمنزلة المبتدأة اما ان تتعین بالقصد أو بعد ایقاع المختص منها وجهان أقربهما الثانی و ما یسوغ العدول مرة و یرجح مرة و یحرم اخری فعلی المختار من وجوب اکمال السورة یجب العدول مطلقاً مع نسیان شی ء من السورة التی دخل بها و لم یمکنه استحضاره من دون فصل مخلّ تحصیلًا للواجب، و لصحیحة بن عمار و الأمر فیها بقراءة التوحید لغالبیة حفظه لا لخصوصیة فیه و ما فی صحیحة زرارة من التخییر للخاطئ فی سورة بین ترکه مکان الخطأ و مضیّه فی القراءة و بین ترکه تلک السورة و التحول منها الی غیرها فمحمول علی النقل أو علی التقیة و هل یجب العدول مع التمکن من التبعیة فی القراءة من دون منافٍ وجهان اقربهما ذلک سیّما قبل مجاوزة النصف، و لم تکن المعدول منها مما نهی عن العدول فیها و کذا الوجهان مع التمکن من تکرار المنسی فیعلم فیه الإصابة الّا ان الأقرب هنا عدم الوجوب و جواز الإتیان به مکرراً فیتعین حینئذ التکرار فیما منع من العدول فیه و یتخیر بینه و بین العدول فیما جاز فیه. الّا أن یکون المکرر محتمل الخروج عن القرآنیة فیجب العدول حینئذ، و کذا یجب العدول مع کون السورة عزیمة أو طویلة لا یسعها الوقت إذا دخل فیهما دخولًا مشروعاً، و یجب أیضاً إذا کانت السورة منذوراً علی ترکها و إن تجاوز النصف أو منهیاً عن اتمامها لخوف أو نحوه أو کان قد نذر قراءة سورة غیرها أو کان مستأجراً علی قراءة سورة غیرها، فإنه بعدول الی المنذورة و المستأجر علیها مطلقاً علی الأظهر.

خامسها: من أراد التقدم أو التأخر أو الی احد الجانبین قیاماً أو جلوساً خطوة أو خطوتین أو أقل أو أکثر ما لم یصل الی حدّ الفعل الکثیر و کان فی فریضة سکت عن القراءة فی حرکته للأصل، و لوجوب القرار فی القیام الواجب عند القراءة کما مرَّ سابقاً و لأمر الصادق (ع) فی خبر السکونی بالکف عن القراءة فی مشیه حتی یتقدم الی الموضع الذی یرید ثمّ یقرأ. و هل یلزم ذلک للمأموم حال قراءة الامام وجهان احوطهما ذلک و مع التمکن من الجر، فالأقرب وجوبه و المنع من رفع الأرجل للأصل و تحصیلًا للقیام علی القدمین و جعله بعض روایة.

سادسها: لا یجب فی البسملة تعیین السورة المتعینة بنفسها کالفاتحة و السورة المنذورة و المستأجر علیها أو لأنها أقصر سورة، و الوقت لا یسع سواها أو لعدم حفظ غیرها و الوقت لا یسع لتعلم سواها لتعیّن الجزء حینئذ فی نفسه و القصد الیه و تعیینه یغنی عن نیة الجملة کما هو الشأن فی سائر الأجزاء المعینة فإن القصد الی الجملة یقضی بإیقاعها فی محلها. و ان لم یحصل القصد الیها عند الشروع فیها فلا حاجة الی تعیینها بل یکتفی بتعیینها بنفسها بأحد الأسباب المقتضیة له، أما مع عدم تعیّنها فی نفسها و دورانها بین أفراد کل منها قابل للجزئیة ففی الاجتزاء بنیة الجملة عن تعیینها و تشخیصها مع اتباعها بما یعین کونه جزء لها و عدمه لقابلیة کل فرد منها للجزئیة فلا تشخصه نیة الجملة وجهان بل قولان، و ظاهر الأکثر علی الثانی و هو قوی لو قام دلیل علی انحصار التشخیص بالنیة و ان غیر المتعیّن إذا لم ینو بالخصوص لم تتشخص أو حصل الشک فی ذلک اخذاً بالمتیقن من السورة و المتیقن من فراغ الذمة من الصلاة فلا یکفی فی دفعه عدم تسلیم مدخلیة النیة فی صیرورة البسملة جزء من

ص: 252

السورة و لا التمسک بأصالة العدم لا بأصالة عدم الوجوب، و لکن مقتضی الصدق العرفی فی اطلاق السورة و تحقق الامتثال للأمر بقراءتها انه کما تشخص النیة المشترک منها بسملة أو غیرها یشخصه ایقاعه بالمختص بعده مع الذهول عنه و قابلیته لصیرورته جزءاً من ذلک المختص سواء نوی السورة فی الجملة و لم یعینها أو لم ینوها و دخلت نیتها فی نیة الجملة. و لو لا ذلک للزم اعتبار النیة فی جمیع الألفاظ المشترکة فضلًا عن الآیات و هو ظاهر البطلان و لا یلتزم به احد علی الظاهر، و یدل علی ذلک أیضاً روایة الحلبی و ابی الصباح و ابی البصیر کلهم عن الصادق (ع) و روایة علی بن جعفر (ع) فی کتاب المسائل عن أخیه، و ما فی الصحیح و الموثق المانعین عن الرجوع من التوحید بعد ان زاد قراءة غیرها فقرأها فإن ظاهرها جمیعاً صحة السورة المقروءة من دون نیة و حمل الأولیتین علی النسیان و الخطأ فیما قرأه من السورة مع القصد الی السورة الثانیة التی اکملها و حمل البواقی علی القصد الی السورة بعد ان کان قصداً غیرها علی بعده تخصیص بلا دلیل، فقد ظهر ان الأقوی عدم لزوم تعیین السورة المعینة و غیر المعینة و ان کان الأحوط تعیینها فی غیر المعینة، الّا إذا اغنت العادة عن التعیین بحیث انه لو سأل ما ترید ان تقرأ؟ قال: السورة الفلانیة، فإن الداعی حینئذ و القصد الیها مقارناً للابتداء بها موجود متحقق. و إن لم یکن مستحضراً لها و هو کاف فی تحقق النیة و تشخیصها، فهو حقیقة معیّن فی نفسه غافل عن تعیینه و لو ذهل عن العادة رأساً حتی محیت صورة الداعی عنه لم تثمر شیئاً کما لو سبق القصد قبل الدخول فی الصلاة أو حینه أو بعده ثمّ نسیه حتی ذهبت صورته رأساً حین التشاغل بها، فإنه لا یؤثر فی تشخیصها شیئاً و لو نسبه بعد البسملة فقرأ سورة اخری أو نسی العادة بعدها فقرأ غیر معتادة لزمه الرجوع الی السورة التی بسمل لأجلها أو اعادة البسملة لسورة غیرها بحیث یسوغ له العدول کما لو استحضر حین البسملة سورة و بسمل ثمّ نسی و قرأ سورة اخری غیر ما بسمل لأجلها. فإنه یلزمه ذلک و حیث کان الأحوط التعیین فی غیر المعینة فحینئذ لو لم یعیّن فی موضع الإبهام کان الأحوط له الرجوع من أی سورة کانت و فی أی محل کان و التعیین أو العدول مع بقاء محله فیما یعدل منها، و یستحب التعوذ بالله عزَّ و جل من الشیطان حین تلاوة القرآن خارج الصلاة و سرّاً فی الصلاة جهریة و اخفاتیة واجبة و مندوبة للإمام و غیره کما علیه الشهرة محصلة و منقولة و نقل علیه الإجماع و علیه استمرت الطریقة و ما فی روایة من سدیر من اجهار الصادق (ع) فهو حکایة فعل مرة واحدة فلا منافاة قبل الفاتحة حین قراءتها و یدل علی رجحانه الکتاب و السنة و الإجماع و القول بالوجوب لظاهر الأمر نادر غریب مسبوق بالإجماع و ملحوق به و نقل الإجماع علی خلافه مع أنَّ فی بعض الأخبار صراحة بجواز ترکه فلا یلتفت الیه و یختص الحکم فی الرکعة الأولی للأصل، فظاهر الفتوی و ربما ظهر من بعض دعوی الإجماع علیه و فی صحیحة الحلبی ایماء الیه و الرکعة الواحدة کالأولی و لا یبعد الحاق رکعات الاحتیاط بالصلاة المستقلة فلیستحب فی اولها و واحدتها التعوذ أیضاً و یکفی فیه مجرد الالتجاء الی اللّه تعالی من الشیطان الرجیم، و الأولی الاقتصار علی لفظ التعوذ بأی صیغة منه و ذکر لفظ الجلالة متعوذاً بها من الشیطان باسمه و الأولی منه ان یأتی بلفظ اعوذ بالله من الشیطان الرجیم، کما فی الحدیث النبوی و لعل الاستعاذة المأمور بها عبارة عن قول ذلک و الأولی اضافة السمیع العلیم الی ذلک کما فی روایة البزنطی و روایة دعائم الإسلام و فی الفقه الرضوی و جعله فی تفسیر العسکری انه القول الذی ندب اللّه الیه، و أمر به عند قراءة القرآن و لو أضاف الیه و أعوذ بالله ان یحضرون کما اشتملت علیه روایة من سدیر کان حسناً. و فی مضمرة سماعة استعیذ بالله من الشیطان الرجیم ان اللّه هو السمیع العلیم، الّا أن موردها

ص: 253

فیمن قام فی الصلاة فنسی فاتحة الکتاب و لعلها الخصوصیة فی النسیان فتعمّ کل ناس اراد تذکر ما نساه، و قد نقل ذلک عن بعض خطب امیر المؤمنین (ع) و فی روایة هشام بن سالم عن الصادق (ع):

استعیذ بالله السمیع العلیم من الشیطان الرجیم اعوذ بالله ان یحضرون.

إن اللّه هو السمیع العلیم، و قد اضاف القاضی علی ما نقل عنه ان اللّه هو السمیع العلیم، الّا ما فی روایة البزنطی و متابعة مثله فی مثل ذلک لا بأس به و الأولی عدم نیة الخصوصیة فیه، و کذا یستحب سؤال الرحمة إذا قرأ آیة الرحمة و النجاة من العذاب إذا قرأ آیته لمرسل بن عمیر فی العبد إذا صلی، الّا ان فیه ذکر الجنة و ذکر النار و فیه التعوذ من النار، و لإجماع الخلاف الّا ان فیه الاستعاذة من العذاب و کذا فی صحیحة الحلبی قال سألته عن الرجل یکون مع الامام فیمر بالمسألة أو بآیة فیها ذکر جنة أو نار قال لا بأس بأن یسأل عند ذلک و یتعوّذ من النار و یسأل اللّه الجنة و هی ظاهرة فی المأموم السامع لا فی القارئ، و فی خبر سماعة فیمن قرأ القرآن ینبغی له إذا مرّ بآیة من القرآن فیها مسألة أو تخویف ان یسأل عند ذلک خیر ما یرجو و یسأل العافیة من النار و من العذاب، و قریب منه روایة علی بن ابی حمزة و عن الرضا (ع) انه کان یکثر باللیل فی قراءة من تلاوة القرآن إذا مرَّ بآیة فیها ذکر جنة أو نار بکی و سأل اللّه الجنة و تعوذ من النار، فإذا قرأ مثل: یا ایها الذین آمنوا أو یا ایها الناس قال: لبیک ربنا، لمرسل بن ابی عمیر الّا انه مقصور علی هذین الخطابین من دون تعرض للمثل و لعله فهم منه المثالیة، و یستحب ترتیل القراءة فی القرآن صلاة و غیرها کتاباً و سنة و اجماعاً و اعتباراً لأنه اوقع فی النفوس و انسب بالخشوع فی القراءة و التفکر فیها و هو عبارة عن التمهل و الثانی فی القراءة و الترسل و التؤدة فیها و ان یکون القارئ محافظاً علی الوقوف الحسنة فی محالها. و إن جاز ترکه و فی الصحیح عن ابی جعفر (ع) التخییر بین قراءة الحمد و سورة بنفس واحد فی محالها و غیرها تارکاً لها فی غیرها قصر نفسه أو لم یقصر و ان جاز علی کل کلمة من المعطوف علیه بل و المضاف علی اشکال ما لم یکثر فیخلّ بالنظم و یلحق بذکر الأسماء المعدودة، و قد ادخله جماعة فی الترتیل و هو غیر بعید بعد جری العادة به و استحسان التکلم فیه فیغنی دلیل الترتیل عن دلیله و لعله المعنی فی قول امیر المؤمنین (ع): (

لا تهذه هذا لشعر و لا تنشر نثر الرمل

) و جعل ذلک الصادق (ع) تفسیراً لقوله تعالی وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِیلًا و بناء علی عدم دخوله فی الترتیل یشکل الحکم بالاستحباب الشرعی لمجرد استحسانه فی التکلم للتأمل فی الملازمة بینهما، الّا بمراعاة ذلک مع فتوی جمع من الاساطین به لا بأس بمتابعتهم فیه و قد روی محمد بن الفضیل و محمد بن یحیی عن الصادق (ع) کراهة قراءة التوحید بنفس واحد، و هو أعم من الوقف و بدونه الّا ان یجعل ذلک کنایة عن ترک الوقف، و روی عن النبی (ص) إنه کان یقطع قراءته آیة آیة، و یستحب أن یکون مبیّناً للحروف من دون مبالغة فیه بأن یمد مداً یشبه الغناء بیان یزید علی اخراج الحروف من مخارجها علی وجه تتمیّز و لا یندرج بعضها مع بعض بحیث یتمکن السامع من عدها، و الّا کان واجباً محققاً للقراءة لا مستحباً و ان فسّر الترتیل به کان الأمر ایجاباً فی الصلاة و غیرها علی الأظهر. و إن کان دخل فیه کان الأمر مقصوداً به مطلق الرجحان و التبیین من الترتیل علی ما مرَّ حینئذ به اهل اللغة و التفسیر و الفقهاء و یقتضیه التبادر العرفی و هو المروی عن أمیر المؤمنین (ع) فی تفسیره و لعله ملازم للثانی مع اخراج الحروف من مخارجها، فلا یعد مبایناً له و ان یکون متدبراً لمعانی القرآن للأمر به مع ما فیه من الوعظ و الزجر و الترغیب

ص: 254

و الترهیب و تصفیة النفس و تهذیب الأخلاق و التفکر فی المعارف الإلهیة و الطلب من الحضرة القدسیة، و عن أمیر المؤمنین (ع) و لکن افتزع به القلوب القاسیة و لا یکون همَّ أحدهم آخر السورة و کذا یستحب للقارئ فی فرض الصلاة و نفلها ان یکون ساکتاً بعد الفراغ من الفاتحة و بعد الفراغ من السورة لأن النبی (ص) کانت له سکتتان إذا فرغ من ام القرآن و اذا فرغ من السورة، علی ما فی روایة اسحاق بن عمار و فی روایة حماد الصبر هنیئة بقدر ما یتنفس بعد ان قرأ التوحید ثمّ کبّر، و لعله من هنا قیدهما بعض بالخفیفتین أو لأنهما کافیان فی تحقق ماهیة السکوت المأمور به، و منها یعلم عدم الاکتفاء بالسکوت مع عدم قطع النفس، و عن الصدوق إن النبی (ص). إنما سکت بعد القراءة لئلا یکون التکبیر موصولًا بالقراءة و لا یکون بین التکبیر و القراءة فصل و مقتضی ذلک استحباب السکوت عقیب الحمد فی الأخیرتین أو رکعات الاحتیاط أو حیث تسقط السورة فی نفل أو فرض و کذا عقیب البعض من السورة إذا اقتصر علیه فی فرض أو نفل و عقیب التسبیح فی الأخیرتین و الذکر القائم مقام القراءة فی الأولیتین و هو غیر بعید الوجه و لیس بین تکبیرة الافتتاح و الحمد سکتة مستحبة عند أصحابنا، و یستحب للقارئ فی الفرائض اختیار السور الموظفة فیها کالجمعة فی الأولی و المنافقین فی الثانیة فی الظهرین یوم الجمعة، کما علیه الفتوی و قضت به الأخبار قولًا و فعلًا و من اوجبهما فی الظهر للمختار بل نقل ذلک فیهما معاً أو نفی استحبابهما فیهما فقد افرط و فرط و خالف صریح الأخبار و لم یؤد الجمع بینهما حقه، و فی خبر الکنانی الأمر بقراءة الجمعة و التوحید فی صلاة عصر یوم الجمعة و لا یبعد حمله علی المرتبة فی الوظیفة، و الجمعة فی الأولی و الأعلی فی الثانیة فی عشائها کما علیه الأکثر و فی کرثی أنه أظهر و اشهر فی الفتوی و یدل علیه خبر الکنانی و غیره و فی مرفوعة حریز و ربعی الی ابی جعفر (ع) استحباب قراءة سورة الجمعة، و إذا جاءک المنافقون فی العتمة و هو المنقول عن ابن ابی عقیل و العمل بهما مع الجمع بینهما علی اختلاف الفضیلة غیر بعید، و فی روایة الحمیری ما یدل علی رجحان قراءة التوحید لیلة الجمعة الشامل لفرض المغرب و العشاء و هو متروک، و الجمعة فی الأولی و التوحید فی الثانیة فی مغربها و صبحها کما علیه الشهرة فی الثانی و قضت به الأخبار و علیه فتوی الشیخ فی الاقتصار و عمل یوم الجمعة و لیلة علی ما نقل عنه فی الأول، و یدل علیه خبر الکنانی و المشهور و مساواة المغرب للعشاء و یدل علیه روایة قرب الأسناد و غیرها، و عن الصادق (ع) (

إن الواجب علی کل مؤمن إذا کان لنا شیعة ان یقرأ لیلة الجمعة بالجمعة و سبّح اسم ربک الأعلی و فی صلاة الظهر بالجمعة و المنافقین، فإذا فعل ذلک فکأنما یعمل بعمل رسول اللّه (ص) و کان جزاءه و ثوابه علی اللّه الجنة

)، و نقل عن ابن بابویه و المرتضی قراءة المنافقین فی ثانیة الصبح و یدل علیه مرفوعة حریز و ربعی و روایتا العلل و العیون و عن الفقه الرضوی. اقرأ فی صلاة الغداة یوم الجمعة بسورة الجمعة فی الأولی و فی الثانیة المنافقین و روی قل هو اللّه احد و روی فیها بالجمعة و سبّح اسم ربک و فی روایة قرب الأسناد ما یدل علی رجحان قراءة الأعلی فی ثانیة الصبح و العمل بجمیع ذلک علی اختلاف الفضیلة غیر بعید، و لو عکس الترتیب فی جمیع ما مرَّ بأن قرأ الجمعة فی الثانیة فلا یبعد الإتیان بالوظیفة لعدم الصراحة بالتقدیم فی شی ء من الأخبار. کما صرّح به فی صلاة الجمعة و مجرّد تقدیم سورة الجمعة فی الذکر لا یقضی بتقدیمها و أن کان مراعاة التقدیم اولی لصراحة الفتوی به و اخذاً بالمتیقن من الأخبار کما للجمعة موظف فی فرائضها فلفرائض سائر الأیام موظف کالسور الطوال فی الصبح لقول الصادق (ع) فی صحیح بن مسلم (

الظهر و العشاء الأخیرة یقرأ فیهما سواء و العصر و المغرب سواء و أما الغداة فأطول

) ثمّ قال (ع): (

و أما الغداة فعمَّ

ص: 255

یتساءلون، و هل اتاک حدیث الغاشیة، و لا اقسم بیوم القیامة، و هل اتی علی الانسان

) و قوله (ع) فی صحیح القمر (

کان رسول اللّه (ص) یصلی الغداة بعمَّ یتساءلون، و هل اتاک حدیث الغاشیة، و لا اقسم بیوم القیامة و شبهها

)، و لقول العالم علی ما فی الفقه الرضوی اقرأ فی صلاة الغداة المرسلات و اذا الشمس کوّرت و مثلها من السور، و منها یعلم ان المستحب قراءة السور الطوال بنسبة السور القصار و المتوسطات التی فی آخر الکتاب العزیز، و لا یستحب قراءة السور الطوال بنفسها و لذا قدّرها جملة من الأصحاب بمطولات سور المفصل و نفی البأس عن قراءتها فی الفجر فی الدعائم علی ما نقل عنه و المعروف انه من سورة محمد (ص) و للعامة اختلاف فیه کثیر و لهم بعض أخبار فیه مختلفة و حیث خلت اخبارنا منه فلا ثمرة لإطالة البحث فیه و لا فائدة لنقل الخلاف و تختص من بین السور الطوال فی صبح الخمیس و الاثنین فی الأولی هل اتی علی الانسان و فی الثانیة هل اتاک کما هو المعروف بین الأصحاب و هو المروی من فعل الرضا (ع) لما اشخص الی خراسان و علله الصدوق بأن من قرأهما فی صلاة الغداة یوم الاثنین و یوم الخمیس وقاه اللّه شر الیومین، و روی ذلک فی المجالس عن العسکری (ع) فی قراءة هل اتی فی الرکعة الأولی من غداة یوم الاثنین، و روی عن ابی جعفر (ع) قال: (

من قرأ هل اتی علی الانسان فی کل غداة خمیس زوجه اللّه من الحور ثمانمائة غدوا و اربعة آلاف ثیب و حوراً من الحور العین و کان محمد (ص)

)، و من الموظف فی العصر و المغرب القراءة بقصار السور و فی الظهر و العشاء بالمتوسطات لصحیحی بن مسلم و القمی السابقین الدالین علی مساواة کل من الفرضین و استحباب صلاة الظهر و العشاء بسبّح و الشمس و ضحاها و نحوهما، و صلاة المغرب و العصر بالفتح و نحوها و من أجل ذلک قیّدهما الأصحاب بقصار المفصل و متوسطاته و فی الفقه عن العالم الأمر بقراءة إذا السماء انفطرت، و إذا زلزلت و مثلها فی الظهر و قراءة العادیات و القارعة و مثلها فی العصر، و قراءة التین و التوحید و مثلهما فی المغرب و من الموظف فی الفرائض نادی مناد یا عبد اللّه قد غفرت لک ما مضی فأستأنف العمل، و روی عن العالم انه قال عجباً لمن لم یقرأ فی صلاته انا انزلناه فی لیلة القدر و کیف تقبل صلاته و هو عام للفرائض و غیرها و قراءة التوحید فقد روی انها تعدل ثلث القرآن، بل روی من قرأ قل هو اللّه احد مرة واحدة فکأنما قرأ ثلث القرآن و ثلث التوراة و ثلث الانجیل و ثلث الزبور و هذه و ان کان مفادها رجحان قراءة التوحید لنفسها و هو لا یستلزم رجحانها لخصوص الصلاة و کونها موظفة فیها الّا ان قول النبی (ص) ذلک بعد قراءتها فی الفریضة کما سیجی ء یکشف عن کونه مرجحاً لها فی خصوص الفریضة، و روی ان من مضی به یوم واحد فیصلی فیه بخمس صلوات و لم یقرأ فیها بقل هو اللّه احد قیل له یا عبد اللّه و روی ما زکت صلاة لم یقرأ فیها بقل هو اللّه احد و هو شامل للفرائض و غیرها، و روی ان افضل ما یقرأ فی الفرائض انا انزلناه فی لیلة القدر و قل هو اللّه احد، و روی الکلینی عن ابی علی بن راشد قال: (قلت لأبی الحسن (ع) جعلت فداک انک کتبت الی محمد بن الفرج تعلمه ان افضل ما یقرأ فی الفرائض انا انزلناه و قل هو اللّه احد و ان صدری لیضیق بقراءتهما فی الفجر، فقال (ع):

لا یضیق صدرک فإن الفضل و اللّه فیهما

)، و هذا الحدیث و الذی قبله محملان لإرادة کل واحد منهما أو ارادة مجموعهما معاً و لعل الثانی اظهر و یؤیده ما روی فی العیون عمن خرج مع الرضا (ع) الی خراسان انه قال: (

ما زاد فی الفرائض علی الحمد و انا انزلناه فی الأولی و الحمد و قل هو اللّه احد فی الثانیة

)، و روی فی العیون أیضاً قال کان الرضا (ع) فی طریق خراسان قراءته فی جمیع

ص: 256

المفروضات فی الأولی الحمد و انا انزلناه و فی الثانیة قل هو اللّه احد، الّا انه استثنی منها صلاة الجمعة و صلاة الغداة یوم الاثنین و الخمیس قال الصدوق: و انما یستحب قراءة القدر فی الأولی و التوحید فی الثانیة لأن القدر سورة النبی (ص) و أهل بیته (علیهم السلام) فیجعلهم المصلی وسیلة الی اللّه لأنه وصل الی معرفته. و أما التوحید فالدعاء علی اثرها مستجاب و هو قنوت، و فی حدیث بن اذینة و غیره عن الصادق (ع): (

ان اللّه اوحی الی نبیه (ص) لیلة الإسراء فی الرکعة الأولی ان اقرأ قل هو اللّه احد فإنها نسبتی و نعتی ثمّ اوحی الیه فی الثانیة بعد ما قرأ الحمد أن اقرأ انا انزلناه فی لیلة القدر فإنها نسبتک و نسبة اهل بیتک الی یوم القیامة

)، و یمکن الجمع بینه و بین ما مرَّ بالتخییر أو ان تقدیم التوحید له صلوات اللّه علیه دون امته فأنهم یقدمون الوسیلة به و بأهل بیته، و لعل هذا اولی فی الجمع و یرتفع الشأن و فی الاحتجاج عن صاحب الزمان (ع) انه کتب الی محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحمیری فی جواب مسائله الثواب فی السورة علی ما قد روی، و إذا ترک سورة مما فیها الثواب و قرأ قل هو اللّه احد و انا انزلناه لفضلهما اعطی ثواب ما قرأ و ثواب السورة التی ترک و یجوز ان یقرأ غیر هاتین السورتین و تکون صلاته تامة، و لکنه یکون قد ترک الأفضل و هو ظاهر فی ثبوت هذه الخاصة لکل واحد منهما علی انفرادها و لا یشترط اجتماعهما و لا یبعد تعمیم الثواب للثمرات الدنیویة کالوقایة من شر یوم الاثنین لقارئ السورتین و هذه خاصة لهاتین السورتین عظیمة و مزیّة لقارئهما جسیمة و ذلک فضل اللّه یؤتیه من یشاء و من الموظف أیضاً فی الفرائض قراءة الهمزة بعد روی ان من قرأ فی فریضته الهمزة أعطی من الثواب قدر الدنیا و عن الصادق (ع):

من قرأها فی فریضة بعد عن الفقر و جلب علیه الرزق و یدفع عنه میتة السوء

، و نحو ذلک کقراءة الحدید و المجادلة فقد روی عن الصادق (ع):

من قرأها فی صلاة فریضة أو منها لم یعذّبه اللّه حین یموت ابداً، و لا یری فی نفسه و لا فی اهله سوء و لا خصاصة فی بدنه

، و قراءة الطلاق و التحریم فقد روی عنه ایضاً:

من قرأهما فی فرائضه أعاذه اللّه من أن یکون یوم القیامة ممن یخاف و یحزن و عوفی من النار و ادخله اللّه الجنة بتلاوته ایاهما و محافظة علیهما لأنهما للنبی (ص)

، و قراءة التغابن لقوله (ع):

من قرأها فی فریضة کانت شفیعة له یوم القیامة و مشاهد عدل عند من یجیز شهادتها ثمّ لا یفارق حتی یدخل الجنة

، و قراءة المدثر لقول الباقر (ع):

من قرأها فی الفریضة کان حقاً علی اللّه ان یجعله مع محمد (ص) فی درجته و لا یدرکه فی الحیاة الدنیا شقاء ابداً. إن شاء اللّه

، و قراءة ویلٌ للمطففین لقول الصادق (ع):

من قرأها فی الفریضة اعطاه اللّه الأمان یوم القیامة و لم تره و لم یرها و لم یمر علی جسر جهنم و لا یحاسب یوم القیامة

، و قراءة و السماء ذات البروج لقول الصادق (ع):

من قرأها فی فرائضه فإنها سورة النبیین کان محشره و مرفقه مع النبیین و المرسلین و الصالحین

، و قراءة و السماء و الطارق لقوله ایضاً:

من کانت قراءته فی فرائضه بها کان له عند اللّه یوم القیمة جاه و منزلة و کان من رفقاء النبیین و اصحابهم فی الجنة

، و قراءة لا اقسم بهذا البلد لقوله (ع) ایضاً:

من کانت قراءته فی فریضته بها کان فی الدنیا معروفاً أنه من الصالحین و کان فی الآخرة معروفاً ان له من اللّه مکانا و کان یوم القیامة رفقاء النبی و الشهداء و الصالحین

، و قراءة إلهکم التکاثر لقول الصادق (ع):

من قرأها فی فریضة کتب اللّه له ثواب اجر مائة شهید

، و قراءة الدخان لقول الباقر (ع):

من قرأها فی فرائضه و نوافله بعثه اللّه من الآمنین یوم القیامة و اظله اللّه تحت عرشه و حاسبه حساباً یسیراً و اعطاه کتابه بیمینه

، و قراءة ق لقوله (ع) ایضاً:

من ادمن فی فرائضه

ص: 257

و نوافله قراءتها وسع اللّه علیه فی رزقه و اعطاه اللّه کتابه بیمینه و حاسبه حساباً یسیراً

، و قراءة الممتحنة لقول السجاد (ع):

من قرأها فی فریضة و نوافله امتحن اللّه قلبه للأیمان و نوّر له بصره و لا یصیبه فقراً ابداً و لا جنون فی بدنه و لا فی ولده

، و قراءة الصف لقول الباقر (ع):

من قرأها و ادمن قراءتها فی فرائضه و نوافله صفه اللّه مع ملائکته و انبیائه و رسله إن شاء اللّه

، و قراءة ن و القلم لقول الصادق (ع):

من قرأها فی فریضة أو نافلة امته اللّه ان یصیبه فقراً ابداً و اعاذه اللّه إذا مات من ظلمة القبر

، و قراءة الحاقة لقول الباقر (ع):

اکثروا من قراءة الحاقة فإن قراءتها فی الفرائض و النوافل من الأیمان بالله و رسوله لأنها انما نزلت فی أمیر المؤمنین (ع) و معاویة (لعنه اللّه) و لم یسلب قارئها دینه حتی یلقی اللّه عزَّ و جلَّ

، و قراءة انا ارسلنا نوحاً لقول الصادق (ع):

أی عبد قرأها محتسباً صابراً فی فریضة أو نافلة اسکنه اللّه مساکن الأبرار و أعطاه ثلث جنان مع حسنة کرامة من اللّه و زوجه مائتی حوراً و اربعة آلاف ثیب

، و قراءة سورة المزمل فی العشاء الآخرة لقول الصادق (ع):

من قرأها فیها و فی آخر اللیل کان له اللیل و النهار شاهدین مع سورة المزمل و أحیاه اللّه حیاة طیبة

، و قراءة إِذَا السَّمٰاءُ انْفَطَرَتْ، إِذَا السَّمٰاءُ انْشَقَّتْ لقول الصادق (ع):

من قرأهما و جعلهما نصب عینیه فی صلاته الفریضة و النافلة لم یحجبه من اللّه حاجب و لم یحجزه من اللّه حاجز و لم یزل ینظر اللّه الیه حتی یفزع من حساب الناس

، و قراءة الأعلی لقول الصادق (ع):

من قرأها فی فریضة أو نافلة قیل له ادخل الجنة من أی ابواب الجنة شئت ان شاء اللّه

، و قراءة الغاشیة لقول الصادق (ع):

من أدمن قراءتها فی فریضة أو نافلة غشاه اللّه برحمته فی الدنیا و الآخرة و اتاه الأمن یوم القیامة من عذاب النار

، و قراءة الفجر لقول الصادق (ع):

اقرءوا سورة الفجر فی فرائضکم و نوافلکم. فإنها سورة للحسین بن علی من قرأها کان مع الحسین بن علی یوم القیامة فی درجته من الجنة أن اللّه عزیز حکیم

، و قراءة التین لقول الصادق (ع):

من قرأها فی فرائضه و نوافله اعطی من الجنة حیث یرضی ان شاء اللّه

، و قراءة أ رأیت الذی یکذب بالدین لقول ابی جعفر (ع):

من قرأها فی فرائضه و نوافله کان فیمن قبل صلاته و صیامه و لم یحاسبه بما کان منه فی الحیاة الدنیا

، و قراءة الکوثر لقول الصادق (ع):

من کانت قراءته انا اعطیناک الکوثر فی فرائضه و نوافله سقاه اللّه من الکوثر یوم القیامة و کان متحدثه عند رسول اللّه (ص) فی اصل طوبی

، و قراءة الفتح لقول الصادق (ع):

من قرأها فی نافلة أو فریضة نصره اللّه علی جمیع اعدائه و جاء یوم القیامة و معه کتاب ینطبق و قد اخرجه اللّه من جوف فیه أمان من جسر جهنّم و من النار و من زفیر جهنّم فلا یمر علی شی ء یوم القیامة الّا بشره و اخبر بکل خبر حتی یدخل و یفتح له فی الدنیا من اسباب الخیر ما لم یتمن و لا یخطر علی قلبه

، و قراءة الجحد و التوحید معاً فقد روی عن الصادق (ع) قال:

قرأت فی سورة الفجر ب قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و قُلْ یٰا أَیُّهَا الْکٰافِرُونَ و قد فعل ذلک رسول اللّه (ص)

، و عنه (ع) قال:

من قرأ قُلْ یٰا أَیُّهَا الْکٰافِرُونَ و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ فی فریضة من الفرائض غفر اللّه له و لوالدیه و ما ولدا و ان کان شقیاً محی من دیوان الأشقیاء و أثبت فی دیوان السعداء و احیاه اللّه سعیداً و أماته شهیداً و بعثه شهیداً

، و عن علی (ع) قال: صلی بنا رسول اللّه (ص) صلاة السفر فقرأ فی الأولی الجحد و فی الثانیة التوحید ثمّ قال: قرأت لکم ثلث القرآن و ربعه، و فی اخبار آخر ما یدل علی ان الجحد یعدل ربع القرآن و ربما ظهر فیها رجحان قراءتها فی الصلاة مطلقاً، و فی حکم العدول بالسورة ما ینبئ عن

ص: 258

شرفها و شرف التوحید و هذه الموظفات و أن تنافت ادلتها ظاهراً الّا بالجمیع بالتخییر فی کثیر و اختلاف الفضیلة مما ینبئ عنه خبر التوقیع أقرب طریق فیه و جمع بعضها بالتخصیص کما هو ظاهر علی مرجوحیته فی الجمع فی المستحبات مناف لکثیر من هذه الروایات مع عدم امکانه فی بعض من هذه الموظفات، الّا علی نوع من المحلات و من وظائف القراءة فی الفرائض الّا ان یقرأ بسورة واحدة فی الرکعتین من الفریضة و هو یحسن غیرها فإن فعل فما علیه قال إذا احسن غیرها فلا یفعل. و إن لم یحسن غیرها فلا بأس و لاشتماله علی النهی قد حکم بعض الأصحاب بکراهة ذلک و هو ظاهر من الزیادة المرویة فی قرب الاسناد و إن فعل فلا شی ء علیه و لکن لا یعود و فی روایة عمر بن یزید نفی البأس عنه قراءة السورة الواحدة فی الرکعتین من الفریضة إذا کانت أکثر من ثلاث آیات و هی محمولة علی شدة الکراهة و خفتها و حملها علی توزیع السورة الواحدة طرح لها لما مرَّ، و یبقی الأشکال مع دخوله البسملة و کونه آیة تامة فی وجود سورة هی ثلاث آیات و قد استثنی من حکم الکراهة التوحید فإنه لا بأس بقراءته فی الرکعتین لظاهر خبر حماد و لروایة زرارة عن الصادق (ع) و لقوله (ع) فی خبر صفوان: صلاة الأوابین الخمسون کلها بقل هو اللّه احد، و یستحب أن یختار قراءة السورة فی النوافل و إن تکون تامة و إن یقرأ بما وظف لها فقد روی عن الصادق (ع) فی صلاة الزوال أنه یقرأ فی الرکعة الأولی الحمد و التوحید و فی الثانیة الحمد و الجحد و فی الثالثة الحمد و التوحید و آیة الکرسی و فی الرابعة الحمد و التوحید و آخر البقرة آمن الرسول .. الخ و فی الخامسة الحمد و التوحید و الخمس آیات من آل عمران. إِنَّ فِی خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ الی قوله إِنَّکَ لٰا تُخْلِفُ الْمِیعٰادَ و فی السادسة الحمد و التوحید و ثلاث آیات السجدة إِنَّ رَبَّکُمُ اللّٰهُ الَّذِی خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ الی قوله إِنَّ رَحْمَتَ اللّٰهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ و فی السابعة الحمد و التوحید و الآیات من الأنعام وَ جَعَلُوا لِلّٰهِ شُرَکٰاءَ الْجِنَّ الی قوله وَ هُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ و فی الثانیة الحمد و التوحید و آخر سورة الحشر من قوله لَوْ أَنْزَلْنٰا هٰذَا الْقُرْآنَ .. الخ، و فی روایة المکفوف عنه أیضاً قراءة التوحید فی ثمان الزوال، و قد تضمّنت ان التوحید ثلاث آیات علی خلاف المعروف من عددها و هو مقتضی روایة صفوان الماضیة، و قد روی ابو بصیر عن الصادق (ع) انه قال: بعد، قال له: کیف أصنع بالثمان رکعات؟ قال له: خفف ما استطعت، و لا ینافیه ما رواه الحلبی و ابو بصیر عنه (ع) انه قال: تخفیف الفریضة و تطویل النافلة من العبادة اما حملًا للنافلة علی نافلة اللیل أو علی ارادة التطویل بغیر القراءة أو علی ارادته بنسبة تخفیف الفریضة أو علی ان کونه من العبادة لا یمنع رجحان غیره علیه، و لعل من هذه الأخبار حکم جملة من الأصحاب باستحباب قراءة قصار المفصل فی صلاة النهار، الا أنه لا دلیل فیها علی خصوص ما ذکروه مع ان موردها نافلة الزوال و ما ذکروه اعم منها و من نافلة العصر و روی عن الصادق (ع)، النهی عن ان یدع قراءة التوحید و الجحد فی رکعتین بعد المغرب و ظاهره الرکعتان الأولتان کما فهمه الأصحاب و حکموا بها فی ذلک، و إن التوحید فی الأولی و الجحد فی الثانیة کما صرّح بعضهم، و ادعی علیه انه عمل الأصحاب و رواه صریحاً فی الکافی، و روی الشیخ فی المصباح مرسلًا عکس ذلک و أفتی به بعض و ذکر بعض متأخری المتأخرین قراءة التوحید ثلاثاً فی الأولی و القدر فی الثانیة و به افتی فی المصباح مع الحکم فیه فی الثالثة بقراءة اربع آیات من اول البقرة و من وسط السورة وَ إِلٰهُکُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ الی قوله یَعْقِلُونَ ثمّ التوحید خمسة عشر مرة، و فی الرابعة آیة الکرسی و آخر سورة البقرة ثمّ التوحید خمس عشرة مرة، و روی عن العسکری (ع) إنه کان یقرأ فی الرکعة الثالثة من نافلة المغرب و أول الحدید الی قوله

ص: 259

وَ هُوَ عَلِیمٌ بِذٰاتِ الصُّدُورِ و فی الرابعة الحمد و آخر الحشر و ظاهره من دون قراءة سورة تامة فیهما، و روی عن الصادق (ع) بطریق متعدد و أنه کان یقرأ فی الرکعتین بعد العتمة بالواقعة و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و ظاهره قراءتهما فیهما و فی بعض الأخبار أنه یقرأ فیهما مائة آیة و لعل المراد فی کل واحدة منهما و ان المائة هی الواقعة و التوحید، و روی عن العسکری (ع) أنه کان یقرأ فی أولتی الوتیرة بعد الحمد آیة الکرسی و الجحد و فی الثانیة التوحید ثلاث عشر مرة، و روی عن الصادق (ع) بطریق متعدد إن من قرأ فی الرکعتین الاولتین من صلاة اللیل فی کل رکعة الحمد مرة و التوحید ثلاثین مرة و لیس بینه و بین اللّه ذنب و هو المروی عن فعل الرضا (ع)، و روی عن الصادق (ع) النهی عن أن یدع قراءة التوحید و الجحد فی رکعتین من أول صلاة اللیل و روی البدأة فی التوحید و الجحد فی رکعتین من أول صلاة اللیل و روی البدأة فی التوحید و فی الرکعة الثانیة بالجحد، و حکم جماعة من الأصحاب بتقدیم الجحد و قراءة التوحید فی الثانیة و جعل العکس روایة و نقل عن بعض الأصحاب قراءة التوحید فی الأولی ثلاثین مرة و فی الثانیة الجحد ثلاثین مرة و جعل شهیداً لکل حسنة و أن البحث فی الأفضلیة و ان الذی ینبغی للمجتهد ان یعمل بجمیع الاقوال فی مختلف الأحوال و هو جید، و الجمع بین الروایتین المتعارضتین باختلاف الوقت سعة و ضیقاً کما افتی به الشیخ فی المصباح غیر بعید و نقل عن بعض متأخری الأصحاب قراءة التوحید ثلاثین مرة فی الاولی و الجحد مرة فی الثانیة، و لم نعثر له علی مأخذ سوی ما یحتمل من عبارة بن ادریس

و روی عن الصادق (ع): ان رسول اللّه (ص) کان یقرأ فی آخر صلاة اللیل هَلْ أَتیٰ عَلَی الْإِنْسٰانِ

، و روی عن الرضا (ع) إنه بعد ان یقرأ فی کل من أولتی صلاة اللیل ما مرَّ یصلی صلاة جعفر أربع رکعات و یحتسبهما من صلاة اللیل ثمّ یرکع رکعتین اخیرتین یقرأ فی الأولی منهما الحمد و سورة الملک و فی الثانیة الحمد و هل اتی، و ذکر استحباب مثل الأنعام و الکهف و الانبیاء و یَس و الحوامیم فی ست نافلة اللیل غیر الاولیتین إذا کان علیه وقت کثیر فإن ضاق الوقت اقصر علی الحمد و التوحید،

و روی عن الصادق (ع) قراءة التوحید فی ثلاثة الوتر

، و روی عنه (ع) انه قال: کان ابی یقول: قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن و کان یحب أن یجمعهما فی الوتر لیکون القرآن کله

، و عنه (ع): انه کان بینی و بین ابی باب فکان إذا صلی یقرأ فی الوتر ب قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ فی ثلاثهن

، و روی ان من قرأ فی الوتر بالمعوذتین و التوحید قیل له ابشر یا عبد اللّه فقد قبل اللّه و ترک

، و روی عن العبد الصالح بعد سؤاله عن القراءة فی الوتر و نقل اختلاف الروایة فیه بین قراءة التوحید فی الثلاث و قراءة المعوذتین و فی الثالثة التوحید انه قال: اعمل بالمعوذتین و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ،

و روی قراءة الناس فی الأولی و الفلق فی الثانیة و التوحید ثلاثاً فی الثالثة،

و روی عن الصادق (ع): انه کان علی (ع) یوتر بتسع سور

، و لعل المراد به ما

ص: 260

روی عن النبی (ص) انه کان یصلی الثلاث رکعات بتسع سور فی الأولی التکاثر و القدر و الزلزلة و فی الثانیة العصر و النصر و الکوثر و فی الثالثة الجحد و تبت و التوحید

، و عن الفقه الرضوی انه قال: فی کل رکعتی الشفع سبح اسم ربک و فی الثانیة قل یا ایها الکافرون و فی الثالثة قل هو اللّه احد، و الجمع بین هذه الأخبار و باختلاف الفضیلة و لشذوذ بعضها کان الحکم بالأفضلیة لقراءة التوحید ثلاثاً و قراءته و قراءة المعوذتین و الأقرب تساویهما و العمل علی ما فی ادلتهما بالتخییر، و روی عن الصادق (ع) النهی عن ان یدع قراءة التوحید و الجحد فی الرکعتین قبل الفجر، و روی عنه (ع) انه قال: اما انا فأحب ان اقرأ فیهما بقل هو اللّه أحد و قل یا ایها الکافرون، و عنه (ع):

اقرأ فیهما فی الأولی قُلْ یٰا أَیُّهَا الْکٰافِرُونَ و فی الثانیة قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ

، و ذکر بعض الاصحاب انه روی العکس و ذکر أیضاً استحباب قراءة مطولات المفصّل فی نوافل اللیل، و لم نعثر علی مستند و ما ورد من اطالة التهجد فی اللیل و احیائه لا دلالة فیه علی الطول فی السور و لو دلَّ لدلَّ علی السور الطوال بنفسها، الّا أن یراد الرجحان النسبی و هو بعید، و قد مرَّ استحباب قراءة کثیر من السور فی مطلق النوافل،

و روی عن الصادق (ع): من قرأ قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ و آیة الکرسی فی کل رکعة من تطوعه فقد فتح اللّه له بأفضل أعمال الآدمیین الّا من اشبه أو زاد علیه،

و قد نقل الشیخ فی المصباح روایة استحباب ذلک فی کل رکعة من رکعات الزوال،

و عنه (ع): من قرأ العصر فی نوافله بعثه اللّه یوم القیامة مشرقاً وجهه ضاحکاً سنّه قریراً عینه حتی یدخل الجنة

، و عنه (ع): لا تملوا من قراءة إِذٰا زُلْزِلَتِ فإن من کانت قراءته فی نوافله لم یصبه اللّه بزلزلة ابداً، و لم یمت بها و لا بصاعقة و لا بآفة من آفات الدنیا فإذا مات امر به الی الجنة فیقول اللّه عزَّ و جل عبدی ابحتک جنتی فأسکن حیث شئت و هدیت لا ممنوعاً و لا مدفوعاً عنه،

هذا فی وظائف النوافل الرواتب و أما سائر النوافل فیبحث عن الموظف فیها عند البحث عنها کما سیجی ء مفصلًا فی روایة إن شاء اللّه.

المبحث السادس: فی الرکوع

و هو الانحناء الی حدّ یخرجه عن حدّ القائم، و لا ینتهی الی حد الجالس کما تقضی به اللغة و العرف، و أما أوجب الشارع فیه فتلک واجبات فیه خارجة عن حقیقة و لیس له معنی جدید شرعی مغایر للمعنی اللغوی، و لا من باب الخاص و العام کما هو الظاهر عبارات کثیرة لا حقیقی و لا مجازی و لیس القصد داخلًا فی ماهیته کما هو الشأن فی سائر الأحوال و الأفعال. نعم، لما کان بطلان الزیادة فی الأجزاء عمداً و فی الأرکان عمداً و سهواً اذ آثر مدار ایقاع ما هو جزء أو رکن و کانت الافعال مشترکة قابلة للوقوع علی جهات متعددة لا تشخصها للجزئیة الّا النیة المقارنة لها أو النیة المستمرة مع مصادفة ایقاعها فی محلها کان ایقاعها مع نیة الخلاف و ایقاعها بدون نیة فی غیر محلها لا یکون مجزیاً، و لیس الفعل حینئذ مأتیّاً به علی وجهه تامّاً و لا یجری علیها حکم الأبطال و الإفساد مع الزیادة الّا إذا دخلت فی الأفعال الکثیرة و لم یعتبر فی الهویّ الی السجود بعد الرکوع، الّا أن یقع علی هیئة الرکوع مع ان الغالب وقوعه کذلک و من اجل ذلک حکم الأصحاب بل ادعی علیه الاجماع و نفی عنه الخلاف انه لو قصد بهویه السجود أو لقتل حیّة أو لقضاء حاجة حتی انتهی الی حدّ الراکع، و لم یکن قدر رکع لم یجز ذلک رکوعاً و یجب علیه الرجوع و الانتصاب ثمّ الهویّ بقصد الرکوع أولا بقصد. و إن کان قد رکع لا یلزم منه زیادة الرکوع، و لا یحکم فیه بالبطلان أن وقع ذلک عمداً و سهواً،

ص: 261

و یجب وجوباً خطابیاً فی الصلاة الواجبة کتاباً و سنة و اجماعاً بل وجوبه فی الجملة ضروری وجوباً شرطیاً فی الصلاة المستحبة و هو فی غیر صلاة الکسوف و نحوها من صلاة الآیات فی کل رکعة مرة و فیها فی کل رکعة خمس مرات و هو رکن فی واجبها و مستحبها تبطل الصلاة بزیادته مطلقاً، کما علیه الفتوی للأصل باعتبار الشک فی ما نعنیه و لتغیّره الهیئة المأمور بها القاضی بعدم الامتثال لمقتضی الخطاب من الإتیان بالعمل علی وجهه و لما دل بعمومه من ان من زاد فی صلاته لم یعتد بها و استقبلها و علیه الاعادة، و فی الأخبار الکثیرة الاعادة بزیادة رکعة و لعل المراد منها الرکوع کما یرشد الیه فی مقابلة ذلک فی کثیر منها بعدم الإعادة بزیادة سجدة، و لأن من أبطل بنقصه ابطل بزیادته فی غیر الجماعة، و أما فی الجماعة فسیجی ء حکمه و کذا تبطل بترکه و نقصه عمداً اجماعاً و سهواً کما علیه المعظم للأصل باعتبار الشک فی شرطیته و لنقصان الصلاة المأمور بها بترکه فیها حتی عدَّ ثلاثاً لها وعد هو و السجود اول الصلاة و انهما فرض فیها و القراءة سنة یجزی ترکها لمن لا یحسنها فلا یکون التارک له مطلقاً ممتثلًا بالمأمور و للنهی عن اعادة الصلاة، الّا من خمسة و هو احدها و للأخبار المتضمن بعضها الأمر بالاستقبال الناسی الرکوع حتی یسجد و بعضها الأمر به لناسیه مطلقاً حتی یضع کل شی ء موضعه و بعضها الأمر بالإعادة لناسیه و بعضها الأمر باستیناف الصلاة للرجل، أیقن أنه ترک رکعة من الصلاة و قد سجد سجدتین و ترک الرکوع و بعضها ان اللّه فرض الرکوع و السجود و القراءة سنة، فمن ترک القراءة متعمّداً أعاد الصلاة و من نسیها تمت صلاته و لا شی ء علیه فی بعضها فمن نسی القراءة فی صلاته کلها قال أ لیس قد أتممت الرکوع و السجود قال: بلی قال: فقد تمت صلاتک إذا کنت ناسیاً، و ما نقل عن بعض الأصحاب من ان من نسی سجدتین من أی رکعة کانت حتی رکع اسقط الرکوع و اکتفی بالسجدتین بعده و جعل هذه الرکعة هی الرکعة الأولی و أفتی به الشیخ فی الجمل و الاقتصار، و ابن سعید فی الرکعتین الأخیرتین علی ما نقل عنهما فهو متروک نصاً و فتوی حتی قیل انه لم یعثر علی مستند و لعل مستنده روایة حکم بن حکیم أن سأل الصادق (ع) عن رجل ینسی من صلاته رکعة أو سجدة أو الشی ء منها؟ فقال: یقضی ذلک بعینه، قال: أ یعید الصلاة؟، قال: لا، الّا ان ظاهرها اعادة النفس فقط لا اعادته و ما بعده کما افتوا به و هی لضعفها عن مقاومة ما یعارضها مطّرحة أو محمولة علی بقاء المحل و قول الشیخ فی ط بعدم بطلان الصلاة بترکه فی الأخیرین سهواً، إن ذکره بعد السجود بل یسقط السجود و یرکع ثمّ یسجد لیس مما نحن فیه بل هو نفی لرکنیة السجود و ان زیادته غیر مضرة فلا یضر الدخول فیه لناسی الرکن کالداخل فی بقیة الاجزاء و قد نسی رکناً، و کما ان الرکوع رکن القیام الذی عنه ترکع رکن کذلک تبطل الصلاة بترکه عمداً و سهواً و قد مرّ الکلام فیه بما لا مزید علیه فی مبحث القیام و للرکوع واجبات و مستحبات، أما ما یجب فیه فهی أمور:

أحدها: الانحناء لمستوی الخلقة فی تناسق أعضائه، و ان کان هو غیر مستوی لطوله أو قصره و غیره کطویل الیدین أو قصیرهما یرجع الیه و ینحنی علی قدر انحنائه کما فی المستوی المقطوع الیدین انحناء بقدر ما تصل یداه الی رکبتیه و لو بأطراف أصابعه کما صرّح به جماعة و نسب الی مشهور الأصحاب و هو مقتضی اطلاق من عبّر بوصول الید بل و کذا من عبّر بالکف علی الظاهر لشموله الراحة و الأصابع و یدل علی ذلک قول ابی جعفر (ع) فی صحیحة زرارة: فإذا وصلت اطراف اصابعک فی رکوعک الی رکبتیک أجزأک ذلک، و روی ذلک فی المعتبر و المنتهی عن معاویة بن عمار و ابن مسلم و الحلبی و یؤیده ظاهر الاجماع المعتبر عن وصول الکفین الی الرکبتین و اجماع المنتهی و الذکر من وصول الیدین

ص: 262

الی الرکبتین الصادق بوصول رءوس الاصابع و ما فی کره من بلوغ الراحتین الی الرکبتین مدعیاً علیه الإجماع محمول علی ارادة الکف کما فسّره بعض أهل اللغة و یشعر آخر کلامه به من ان المدار علی ان تنال یداه رکبتیه و یؤیده استدلاله علی ما ادعاه بأنه لا یخرج عن أحد القیام الّا بذلک، و لا ریب أن البلوغ بأطراف الأصابع مخرج من حد القیام و به تحصل حقیقة الرکوع لغة و عرفاً و لا یحتاج الی ما زاد علیه کما انه بدونه لا تحصل حقیقته، و هو داخل فی حد القیام و بذلک یرتفع ما یظهر من کلامهم من المنافاة بین ادعائهم الإجماع علی بلوغ الید و الکف و استنادهم بما یدل علی تمکن الراحة مرة و ملأ الأکف أخری و ما یدل علی الاکتفاء ببلوغ أطراف الأصابع و کذا ما فی الأخبار من ظاهر المنافاة و ان مال یجمع الی الکشف عن ماهیة الرکوع، و لیس من اللازم فیه شی ء وراء ذلک و ان ما زاد من الوظائف المستحبة و حینئذ فقد تبین ان عدَّ ذلک من واجباته مسامحة و انه لیس له فی الشرع ماهیة زائدة علی مقتضی حقیقته لغة و عرفاً، و إن کان الأحوط مراعاة وصول راحتیه بالمعنی المتعارف و هو ما فوق الکف کما نقل عن بعض اهل اللغة تقصیاً من خلاف بعض متأخری الأصحاب و اخذاً بیقین البراءة فیما یخرج عن عهدة التکلیف، و لو مال بأحد شقیّه حتی امکن وصول احدی یدیه الی احدی رکبتیه دون الأخری أو اوصلهما الی رکبتیه بغیر انحناء کالانخناس بأن یخرج رکبتیه و هو مائل الی خلفه منتصب أو اوصلهما الیهما جامعاً بین الانحناء و الانخناس بحیث لو لا الانخناس لم تبلغ الیدان لم یکن راکعاً و المدار علی ما یسمی به راکعاً فلا یجزی ما سواه مع التمکن و مع التعذر یأتی بالمقدور و لا یسقط المیسور بالمعسور فیکلف بالانحناء ما امکن منه، و إن لم تبلغ غایته و بالمیل بأحد الشقین ما امکن منه أیضاً و ان لم تبلغ احدی یدیه الی احدی رکبتیه مع تعذر میلهما و لا یکلف بالانخناس عند تعذر ما سواه لخروجه عن اجزاء هیئة الرکوع فلیس من میسوره و مع الدوران بین الانحناء و عدم بلوغ غایته و بین المیل بأحد شقیه و بلوغ غایته فالأقرب تقدیم الثانی لقربه الی الحقیقة و اولی فی الخضوع، و لو اشترکا بعدم بلوغ الغایة قدم الأول لذلک أیضاً و هل یلزم فی انحناء الرکوع الاستقلال مع التمکن و لا یجزی الاعتماد علی شخص آخر أو عصاه أو جدار تأسیاً بفعل النبی (ص) و جریاً علی الطریقة المألوفة و اخذاً بالمتیقن من البراءة و هو مقتضی الصلاة البیانیة أو لا یلزم اخذاً بالإطلاق نصاً و فتوی وجهان اقواهما الأول، و علیه فعند التعذر یقدم علی ما سواه و یکلف تحصیل ما یتوقف علیه الاعتماد بشراء أو إجارة و مع تعذر الجمیع یکلّف الایماء برأسه و الا اومی بعینیه کما مرّ فی مبحث القیام، و فی روایة الکرخی ما یدل علی سقوط المراتب السابقة و ان من لا یمکنه الرکوع یومی برأسه نحو القبلة الّا ان العمل علی الأول فتنزل علی من لا یستطیع شیئاً منهما کما یرشد الیه السؤال عن رجل شیخ لا یستطیع القیام الی الخلا و لا یمکنه الرکوع و السجود، و من خلق علی هیئة الراکع أو کان کذلک لمرض أو کبر یزید فی الانحناء یسیراً، إن لم تکن الزیادة مخرجة عن مسمی الرکوع و قد أفتی به جماعة من الأصحاب تحصیلًا للمعهود فی صاحب الشرع فی الفرق بین حالتی القیام و الرکوع، کما أمر بالفرق بین ایمائی الرکوع و السجود و افتی کثیر بعد وجوبه لتحقق ماهیة الرکوع فلا یلزم الزیادة علیه، و انما یلزم ما امکنه من تحصیل هیئة القیام بتقلیل انحنائه أو انتصابه باعتماد و ما ذکر من تحصیل الفرق لا دلیل علی لزومه و لو نهض فإنما ینهض علی الرجحان و یکون حجة علی الاستحباب کما حکم به بعض و حیث ان البراءة الیقینیة لا تحصل الّا کان الأقوی لزوم الاتیان به و لو کانت الزیادة مخرجة عن مسمی الرکوع ففی لزوم الإتیان بها ترجیحاً للفرق أو لزوم ترکها ترجیحاً لحقیقة الرکوع أو التخییر اوجه اوجهها اوسطها، فإن لم یتمکن من یسیر

ص: 263

الانحناء الغیر المخرج عن مسمی الرکوع نواه رکوعاً و اکتفی به و لا حاجة فیه الی ایماء برأس أو عین و لو اتی به فارق بین القیام و الرکوع جاعلًا له فی حالة القیام بأن یومی الی الأعلی أو فی حالة الرکوع بإیمائه الی اسفل کان اولی و لو خلق منحنیاً علی هیئة متجاوزة حد الرکوع، فالأقرب لزوم الانحناء مع التمکن الی حد لا یصل الی هیئة سجوده و مع عدمه یلزمه الایماء و یجری نحو ما ذکر فی رکوع الجالس.

ثانیها: الطمأنینة، و هی السکون حتی یرجع کل عضو الی مقرّه و لا خلاف فی وجوبها بل نقل علیه الإجماع جمع کثیر و فی الأخبار کخبر قرب الأسناد عن الصادق (ع) و صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) و روایة البرقی فی المحاسن و ما رواه فی کرثی فی تعلیم النبی (ص) حیث قال: (ثمّ ارکع حتی تطمئن) بعد الأصل و دلیل التأسی دلالة علیه و ما فی روایة قرب الاسناد من نفی البأس عن رفع الید حال الرکوع و حک بعض الجسد لا منافاة فیه و لیست رکناً علیه الفتوی و فی قوله (ع): (

لا یعاد الصلاة الّا من خمسة

) دلیل علیه، و قول الشیخ فی الخلاف بالرکنیة لأصل حقیقتها لا مع تعیین مقدارها متروک فنوی و دلیلًا فلا یبقی بالأصل متمسک، و کما یجب مسماها بعد الوصول الی حد الرکوع تجب بمقدار الذکر الواجب للأصل و نقل جماعة الاجماع علیه و نفی عنه الخلاف و الأشکال بعض، و لو ذلک لکان الاکتفاء بمسماها و عدم تحدیدها لو قیل به وجبها لخلو الأخبار و ضعف ما استند الیه من توقف اداء الذکر الواجب فی الرکوع علیهما اذ مع عدم حصول تمام الذکر یکون بعض الذکر خارجاً عن الرکوع، أما أولًا فلأن الطمأنینة لیست مقصورة بنسبة حرکات الهوی حتی یکون حال الرکوع ملازماً بل یکون الشخص راکعاً و هو غیر مطمئن متحرک الی أحد الجانبین و ثانیاً لیس الرکوع هیئة واحدة بسیطة بل هی ذات جزئیات مرتبة فیکون الراکع راکعاً و هو منحدر و راکعاً و هو آخذ فی الرفع فلا توقف للذکر فی الرکوع علی هیئة الطمأنینة و اضعف منه الاستناد الی ما دل علی أن الذکر حد الرکوع و أن من رکع و ذکر فقد تم رکوعه و ذلک ادناه لعدم دلالته علی ازید من لزوم الذکر حال الرکوع ثمّ ان المراد فی الذکر الواجب علی ما یوقعه المکلف منه فی الرکوع. و إن اختلف طولًا و قصراً علی اختلاف المجزی فیه فیکون فی الزائد واجباً تخییریاً و علی أقل المجزئ منه فلو اختار الفرد الأکثر بناء علی التخییر بین الأقل و الأکثر لم تلزم الطمأنینة فیما زاد علی الفرد الأقل علی الأقرب، و الأحوط مراعاتها فیه تماماً و لو عیّن الواجب منه تبعه الحکم و لو کان وسط التسبیحات أو آخرها و لا یلزم الطمأنینة فی المستحب و لا یوصف بالوجوب فیه تأخر أو تقدم و الأقرب استحبابها فیه بل و فی دعاء الرکوع و فی وجوبها حال التنفس فی أثناء الذکر الواجب أو الوقف علی بعضه أو استحبابها وجهان اقربهما الأول سیّما حال السکوت بقدر التنفس الضروری، و لو ترک الطمأنینة فی الواجب أو بعضه عمداً، و إن وقع تمامه بعد الدخول فی حدّ الرکوع فسدت صلاته و سواء اعاده و هو راکع أو لم یعده حتی خرج عن حد الرکوع للنهی عن الذکر فیکون مفسداً و ظاهر بعض عدم الفساد إذا شرع فی النهوض قبل اکمال الذکر عامداً ثمّ اعاده و ایده آخر بأن المنهی، أما تقدیم الذکر أو النهوض و لا یؤثره شی ء منهما فساد الصلاة و قد علمت ضعفه و ان ترکها فیه سهواً. فإن تجاوز حدّ الرکوع اخذاً بالقیام مضی و لا اعادة علیه و کذا لو تجاوزه الی الجلوس، فإنه و أن وجب علیه الانتصاب لا یرجع الی الرکوع للزومه زیادته أیضاً و أن لم یتجاوز حدّه و کان باقیاً علی هیئة الراکع لزمه اعادة الذکر و الطمأنینة فیه لبقاء محله و لم یأت به مع شرطه فلا یکون مجزیاً و حینئذ، فلو لم یعد عمداً بطلت صلاته و لو قیل بمنع شرطیتها فی الذکر، و إنما هی واجب فیه من واجبات الرکوع و بعد وقوع الذکر الواجب لم

ص: 264

یبقَ لها محل یمکن تدارکه و لا تؤثر اعادة الذکر شیئاً لأن المعاد لیس واجباً و هی انما تجب فی الواجب فتدارکها غیر ممکن لکان له وجه الّا ان الأقوی و الأحوط ما ذکرناه، و لو ذکر و لم یعیّن الواجب فالأقرب الاجتزاء بمصادفتها الّا لأحد الأفراد و یکون المصادف لها هو الفرد الواجب و ان کان مع مصادفة الجمیع یکون الأول هو الواجب المفرّغ للذمة و المسقط للتکلیف و لو عجز عنها تمام الذکر أتی بها مع بعضه و لو عجز عنها مع الذکر سقطت فیه و یلزم المحافظة فیه علی هیئة الرکوع مع التمکن بأن یزید فی الانحناء حتی یأتی بالذکر راکعاً لوجوب الذکر فی الرکوع فلا یسقط بتعذر الطمأنینة فیه فما استقر به فی کرثی من عدم لزومه للأصل، و حینئذ یتم الذکر رافعاً رأسه بعید من مثله () و لو أمکنه الإتیان بها فی غیر الذکر مع التمکن منه حالة الرکوع و بدونه فالأقرب وجوبه و هل یلزم حینئذ فیها مراعاة مقدار الذکر الواجب أو یکفی مسماها الأقرب الثانی و لو تمکن منها باعتماد وجب ذلک مع العجز و یجب تحصیل ما یعتمد علیه و لو ببذل ثمن و اجرة لا تضر بحاله، و مع عدم العجز ففی الاجتزاء بها مع الاعتماد الوجهان و الأقرب لزوم الاستقلال.

ثالثها: الذکر اجماعاً محصلًا و منقولًا و الأصل التأسی و الصلاة البیانیة و الأخبار عامها و خاصها دالة علیه، و لا یجزی مطلقه بل یتعین التسبیح کما علیه الشهرة محصلة و منقولة و نقل علیه الإجماع للأصل و الأخبار الحاکیة عن صلاة النبی (ص) أنها کانت بالتسبیح و کذا صلاة ابی عبد اللّه (ع) و الآمرة بالتسبیح و یجعلها فیه و الحاصرة لما یجزی من الرکوع به و الجاعلة له انه حد للرکوع. و إن من لم یسبح فلا صلاة له و هو الذی فعله الصادق (ع) فی تعلیمه لحماد و ما فی بعض الاخبار من الاجتزاء فیه بقوله: لا اله الا اللّه و الحمد لله و اللّه اکبر، و إن کل هذا ذکر و عمل علیه جماعة من القدماء و المتأخرین و اجتزوا بمطلق الذکر و نفی الخلاف عنه بعض و اقتصر البعض علی الذکر المروی فهو مطرح لضعفه عن المقاومة أو منزّل علی حال العجز عن التسبیح و ما فی بعضها من الاجتزاء بقدر ثلاث تسبیحات لا صراحة فیه بإرادة مطلق الذکر لأحتمال الإرادة بالقدر من التسبیح أیضاً، و لا یجزی مطلق التسبیح عند من اعتبره قولًا واحد بل التسبیح المجزی و هو: سبحان ربی العظیم و بحمده مرة للمختار و المضطر کما هو المعروف عند الأصحاب، و الأخبار المتکثرة المعتبرة مصرّحة به، و فی خبر هشام بن سالم الفریضة من ذلک بإسقاط و بحمده تسبیحة و السنة ثلاث و الفصل فی سبع و القول بلزوم التثلیث مطلقاً للأمر به فی مطلق التسبیح فی بعض الأمر بخصوص هذه الصیغة فی آخر متروک، و کذا القول به فی المختار خاصة جمعاً بین الأخبار و الأخبار مطلقها منزل علی التثلیث فی التسبیحة الصغری کما صرّح به فی بعضها و خاصها منزل علی الفضیلة و الرجحان، و ما فی بعضها من اسقاط و بحمده لا یقاوم ما صرّح فیها به لکثرتها و موافقتها للاحتیاط و الفتوی مع عدم صراحة تلک بالنفی و علی فرض صراحتها لا تقاوم دلیل الأثبات و یستحب التسبیح ثلاثاً لما مر من الأمر به فی الأخبار و ما مرَّ من روایة هشام بن سالم و للأخبار الدالة علی الاجتزاء بالثلاث و الواحدة أو اکثر خمساً أو سبعاً کما افتی به بعض و یدل علی السبع ما مرّ من خبر هشام و فی خصوص الخمس لم نعثر علی مستند و نقل عن ظاهر عبارة الفقه ان الفضل فی تسع، و فی روایة ابی حمران و زیاد. إنه عد للصادق (ع) فی رکوعه اربعاً أو ثلاثاً و ثلاثین سبحان ربی العظیم، و روی احدهما و بحمده، و فی صحیحة بن تغلب إنه عدَّ للصادق (ع) فی الرکوع و السجود ستین تسبیحة و لم نعثر علی ما یقضی باستحباب الزیادة علی ذلک

و ما فی روایة العجلی قال: قلت لأبی جعفر (ع): ایهما افضل فی الصلاة کثرة قراءة و طول اللبث فی الرکوع و السجود؟ قال: فقال: کثرة اللبث فی

ص: 265

الرکوع و السجود فی الصلاة أفضل

، و فی روایة البرقی عن ابن اسامة علیکم بطول الرکوع و السجود، و فی مضمرة سماعة من کان یقوی علی ان یطول الرکوع و السجود فلیطوّل ما استطاع یکون ذلک فی تسبیح اللّه و بحمده و تمجیده و الدعاء و التضرّع،

و فی صحیحة زرارة سمعت أبا عبد اللّه (ع) یقول: (ثلاثة ان تعلمهن المؤمن کانت زیادته فی عمره و بقاء النعمة علیه، فقلت: و ما هن؟ قال: تطویل فی رکوعه و سجوده)

لا صراحة فیها باستحباب الزیادة لعدم تحدید الاطالة فیها مع أن رجحان الاطالة أمر غیر استحباب خصوصیة الزیادة فی الذکر و ظاهر الأصحاب الأعراض عن ذلک بل یظهر منهم عدم الحکم باستحباب ما زاد علی السبع فلا ینبغی الإتیان بما زاد علیها بنیة الخصوصیة و ما فی المعبر من ان الوجه استحباب ما لا یحصل معه السأم، الّا أن یکون اماماً و استحسنه بعض من تأخر عنه و استحب التکرار للإمام أیضاً مع علمه حبّ الاطالة من المأمومین ان عنی به من دون قصد الخصوصیة فی الذکر فهو غیر بعید لما ذکر من استحباب الاطالة و ان عنی به لخصوصیة فی تکرار التسبیح، فهو فی محل المنع و استظهر فی کرثی استحباب الوتر لظاهر الأحادیث و اعتذر عن عدّ السنین بعدم منافاة الزیادة علیه و لعله اراد بالأحادیث احادیث استحباب الوتر مطلقاً و الّا فلم نعثر علی حدیث یدل علی ذلک فیما زاد علی السبع. نعم، قد یستفاد منها و مما دل علی استحباب الأعداد السابقة استحباب ما بینها من الأعداد شفعاً کان کالاثنتین و الأربع فصاعداً و وتراً و یرشد الی ذلک قول ابی جعفر (ع): (

فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته و من نقص اثنتین نقص ثلثی صلاته

)، و الأقرب ان الزائد علی المرة مستحب و لیس بواجب مخیر بینه و بین الأقل و لو قیل بثبوت التخییر فی الثلاث دون ما زاد فإنه لیس من المخیر بینه و بین الأقل بل هو المستحب لم یکن بعیداً و هو ظاهر فی التأمل فی الأدلة، و لا یتعین فیه التسبیحة السابقة الکبری و یظهر من کثیر من الأصحاب تعیینه بل بتخییر بینها، أو سبحان اللّه ثلاثاً کما افتی به جماعة من الأصحاب حتی ادّعی فی المنتهی اتفاقاً لموجبین للتسبیح من علمائنا علی وجوب واحدة کبری أو ثلاث صغریات مع الاختیار و یدل علیه قول ابی جعفر (ع) فی الصحیح فی جواب ما یجزی من القول: فی الرکوع و السجود ثلاث تسبیحات فی ترسل و واحدة تامة تجزی، و ما رواه الصدوق فی الهدایة مرسلًا عن الصادق (ع) أنه قال: (بعد أن أمر بالتسبیح فی الرکوع بقول سبحان ربی العظیم و بحمده، فإن قلت سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه أجزتک)، و مضمرة سماعة قال: أما ما یجزیک من الرکوع فثلاث تسبیحات تقول سبحان اللّه، و صحیحة معاویة بن عمار قال: قلت لأبی عبد اللّه (ع) أخف ما یکون من التسبیح فی الصلاة؟ قال: ثلاث تسبیحات ترتیلًا تقول سبحان اللّه سبحان اللّه، و علیه یحمل علی ما دل علی لزوم التسبیح ثلاثاً بقول مطلق و لا تجزی الواحدة منها للمختار کما علیه ظاهر الفتوی للأصل و ما سمعته من الأخبار و ما یظهر من بعض الأخبار خلافه لا یلتفت الیه و هل تجزی للمضطر الأقرب فی ذلک لمرسلة الصدوق قال: و تسبیحة واحدة تجزی للمعتل و المریض و المستعجل مع اجماع المنتهی حیث قال و الاجتزاء بواحدة صغری فی حال الضرورة مستفاد من الإجماع و هو احد وجوه اکمل لما دل علی الاجتزاء بمطلق التسبیح، و بمطلق التسبیحة الواحدة و لیس فی کلام الأصحاب ما ینفی ذلک صریحاً و بعد التأمل فی ما ذکرناه من الاقوال و الأدلة یظهر ان المحافظة علی التسبیحة الکبری، و هو الاوفق بالاحتیاط و أحوط منه تثلیثها و من التأمل فی الأخبار و یظهر افضلیتها علی التسبیحات الصغریات و یلزم الذکر المسبح ان یکون محافظاً فی تسبیحه علی العربیة و الترتیب و الموالاة للأصل و ظاهر الأمر بالصیغة الخاصة، فإن مقتضاه مراعاة ذلک جمیعاً و علی القول بعدم لزوم الصیغ

ص: 266

المخصوصة و الاکتفاء بمطلق الذکر ففی لزوم مراعاة ذلک و عدمه لصدق مسمی الذکر بدونها وجهان و ان یکون اتیانه الاستقرار و الاطمئنان، فلو ذکر قبله عمداً أو دخل فیه و ان تمکن من اعادته أو فعل ذلک زماناً و امکنه اعادته، و لو یعده أو شرع فی الرفع قبل اتمام الذکر الواجب کذلک بطلت صلاته و قد مرّ الکلام فیه و یجب فیه رفع الرأس منه و من الانحناء عوضه حیث لا یصل حد الرکوع حتی یقوم منتصباً للأصل و الإجماع بقسمیه و الصلاة البیانیة و التأسی بما فعله النبی (ص) فی صلاة المعراج، و لروایة ابی بصیر عن الصادق (ع): (

إذا رفعت رأسک من الرکوع فأقم صلبک حتی ترجع مفاصلک

)، فلا یجوز الهویّ للسجود لا لعذر قبل الانتصاب و لو هوی و الحال هذه حتی تجاوز حدّ الرکوع عمداً بطلت صلاته. و إن رجع قبل دخوله فی السجود و انتصب ثمّ هوی و لو هوی ساهیاً و لما یدخل فی السجود وجب علیه الرجوع و الانتصاب ثمّ الهوی الی السجود و لو لم یرجع و زاد فی الهوی بعد ان ذکر بطلت صلاته و ما تجب الطمأنینة فی الرکوع تجب فی الرفع أیضاً للأصل و الإجماع محصلًا و منقولًا نفی عنه الخلاف بعض و فی تعلیم الصادق (ع) ما یدل علیه، و فی روایة ابی بصیر الثانیة صریحة فیه و یلزم الرجوع الیها مع السهو و احتمال عدمه لحصول القیام الواجب فلا یعاد الیه و هی بدونه لا تتحقق ضعیف، و انما یلزم ما لم یصل حدّ السجود فیمضی أو تبطل الصلاة علی اختلاف الرأیین و مع العمد تبطل صلاته و لیست رکناً لما مرَّ و خلاف الشیخ هنا أیضاً ضعیف و ظاهر الفتوی و النصوص اشتراک النفل مع الفرض فی ذلک و جمیع ما مرَّ و أن جمیع الاجزاء و الشرائط و الموانع انما هی للحقیقة و الماهیّة و لیست لصفة الوجوب فیها مدخلیة و خروج مثل السورة و شرطیة القیام و الاستقرار. انما هو لدلیل خاص و ما نقل عن العلامة فی النهایة أنه لو ترک الاعتدال فی الرفع من الرکوع و السجود فی صلاة النفل عمداً لم تبطل صلاته متروک و ما یلزم الرفع من رکوع القائم یلزم من رکوع الجالس و المضطجع و المستلقی الی حد الانتصاب فی القیام و یلزم فی الرکوع الإمام أیضاً بالرأس أو العین دفع ما نوی به علی الأقرب و فی لزوم الأخطار له مع عدم التمکن من الایماء وجهان أحوطهما ذلک، و لو عجز عن الطمأنینة فی الرکوع أو الرفع أو عجز عن الرفع حتی عن تحصیل ما یعتمد علیه و یستند الیه سقطاً و اتی بالمیسور من الرفع و فی لزوم الطمأنینة فیه وجه قریب و لو ادی رفعه الی ترک السجود قدم جانب السجود مع احتمال تقدیم الرفع و الایماء، و کذا فی لزوم الإتیان بالأقرب فالأقرب الیها و فی لزوم الایماء عوضه حیث یتمکن من الرکوع و لا یتمکن منه وجه قریب یقتضیه تعیین البراءة، و أما ما یستحب فیه امور:

أحدها: التکبیر له قبله و رجحانه مما لا خلاف فیه و الأخبار المتکثرة مصرحة به و جواز ترکه هو المشهور بین الأصحاب بل ادعی بعض اتفاقهم علیه قدیماً و حدیثاً الا ابن ابی عقیل مع امکان ارجاع کلامه الی ما ذکروه و ادعی الشهید فی کرثی استقرار الإجماع علی خلافه و یدل علیه قول ابی جعفر (ع) فی جواب السؤال عن الفرض فی الصلاة أو وقت الظهور فی القبلة و التوجه و الرکوع و السجود و الدعاء، ثمّ سأل عما سوی ذلک قال: سنته فی فریضة و قول الصادق (ع) فی روایة الاعمش و فرائض الصلاة سبع: الوقت، و الظهور، و التوجه، و القبلة، و الرکوع، و السجود، و الدعاء لا یقدح فیهما عدم ذکر القراءة و التشهد و قول الصادق (ع) فی جواب السؤال عن أدی ما یجزی من الصلاة فی التکبیر تکبیرة واحدة و حمله علی أن السؤال عن تکبیرة الافتتاح فیسقط الاستدلال به تقیید بلا دلیل و دعوی ظهور ذلک منها تحکم و استدل علیه أیضاً بقول أمیر المؤمنین (ع) فیما رواه محمد بن قیس اول صلاة أحدکم الرکوع، و فیه بحث ظاهر و ما فی الأخبار من الأمر به فبعد شیوعها و اعراض الأصحاب

ص: 267

عنها و اشتمالها علی کثیر من المستحبات یتعین حملها علی الاستحباب و من ذلک ظهر ضعف القول بالوجوب، کما افتی به بعض و انه لیس للتردد محل کما تردد آخرون و هل یلزم التکبیر حال الانتصاب فلو کبّر هاویاً قبل بلوغه حد الراکع بقصد الخصوصیة أو ابتداء به حال الانتصاب و اکمله فی الهوی مع استمرار لقصد الخصوصیة تشریعاً محرماً و فسدت صلاته أو لا یلزم ذلک و یجزی وقوعه فی الهوی وجهان مقتضی اطلاق کثیر الثانی، و به صرّح فی المختلف و یقتضیه کلام الشهید فی کرثی حیث قال بعد ان نقل حکم الشیخ بجواز التکبیر فإن أراد الجواز المطلق فهو متجه. و إن أراد المساواة فی الفضیلة فهو ممنوع و تبعه فی ذلک بعض من تأخر عنه و مقتضی صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) قال: (

إذا أردت ان ترکع فقل و أنت منتصب اللّه اکبر ثمّ ارکع

) الأول و هو ظاهر صحیحة حمّاد انه رفع یدیه حیال وجهه و قال: اللّه اکبر و هو قائم و رکع، و صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) قال: (

اذا أردت ان ترکع و تسجد فأرفع یدیک و کبّر ثمّ ارکع و اسجد

)، فالقول بتعیینه حال الانتصاب اقتصاراً علی المتیقن من العبادة أقرب، و ربما یحمل کلام الشیخ علی جواز التکبیر لا بقصد الخصوصیة أو علی جواز الهوی فیه بعد قصد الخصوصیة به ابتداء حال الانتصاب و عدم استمرار القصد بعد ذلک، و لعل اتجاه الشهید للجواز المطلق و منع المساواة فی الفضیلة. إنما عنی به قصد الخصوصیة و عدمها و یستحب فی التکبیر أن یکون رافعاً یدیه الی حذاء اذنیه و قد مرَّ الکلام فیه فی تکبیرة الأحرام بما لا مزید علیه.

ثانیها: قول سمع اللّه لمن حمده بعد الرفع و الانتصاب فإنما و لا خلاف فی رجحانها للإمام و المأموم قالها الإمام او لا و للمنفرد و ادعی علیه جماعة الإجماع و هو مقتضی اطلاق الأخبار، و ما فی صحیحة جمیل عن الصادق (ع) قلت ما یقول الرجل خلف الإمام إذا قال: سمع اللّه لمن حمده؟ قال:

یقول: الحمد لله رب العالمین

، لا حکماً منافاة لأحتمال رجوع ضمیر قال الی المأموم فیکون صریحة فی قول المأموم لها و علی فرضه رجوعه الی الامام لم تکن نافیة المستعملة عن المأموم. و إن أثبت الحمل له و علی فرض المنافاة فلا تقاوم ما دل علی استحبابها للمأموم بخصوصه من روایة و إجماع منقول المؤیدة باطلاق الفتوی و النصوص مع ما فی دلیل السنن من المسامحة و أما استحبابها بعد الانتصاب فهو المشهور بین الأصحاب و ظاهر الأخبار بل صریحها بعد الأصل قاض بذلک، و ما نقل عن بعض و استظهر من کلام آخرین انه یقولها عند الرفع فإذا استوی قائماً قال: الحمد لله رب العالمین لم نعثر له علی مستند و صریح الأخبار بنفی جوازه فضلًا عن تعیینه، و لو اتی بها حالة الرفع قبل الانتصاب بقصد الخصوصیة لم یکن مجزیة و یکون تشریعاً محرماً و تکون صلاته باطلة و فی صحیحة حماد ما یدل علی اعتبار الطمأنینة فیها و هو ظاهر الفقه الرضوی لقوله: ثمّ اعتدل حتی یرجع کل عضو منک الی موضعه و قل سمع اللّه لمن حمده، و حملها علی زیادة الفضیلة جمعاً أولی من التقیید الرجحان ذلک فی المستحبات علی التقیید کما هو ظاهر طریقة الأصحاب فیها مع اعراض الأصحاب عن التقیید فی خصوص ما نحن فیه و لیس للسمعلة رفع الیدین لعدم الدلیل علیه و خلوّ الأخبار و کلام الأصحاب عنه و لو فعله فیها بقصد الاستحباب فعل حراماً و کان مشرعاً، و الأقرب عدم بطلان الصلاة و هل یستحب الرفع للیدین عند الرفع من الرکوع فیبتدئ بابتدائه و ینتهی بانتهائه عند تمام القیام او لا یستحب ذلک قولان و ظاهر المعتبر الإجماع علی الثانی و کلام کثیر من الأصحاب حال من التعرض له بنفی و اثبات و هو ظاهر فی النفی و استقرب فی کرثی الاول الصحیحة معاویة بن عمار قال: رأیت أبا عبد اللّه (ع) یرفع یدیه إذا رکع و اذا رفع رأسه من الرکوع و اذا سجد و اذا رفع من رأسه من السجود و إذا أراد أن

ص: 268

یسجد الثانیة و صحیحة بن مسکان عن ابی عبد اللّه (ع) قال فی الرجل یرفع یده کلما اهوی للرکوع و السجود، و کلما رفع رأسه من رکوع أو سجود قال:

هی العبودیة و لأصالة الجواز و لعموم أن الرفع زینة الصلاة و استکانة المصلی و لا یخفی ضعف الاستدلال بأصالة الجواز فی توقیفی العبادة

، و کذا الاستناد الی العموم لظاهر ارادة العهد و هو الرفع عند التکبیر إذ لا معنی لعموم الرفع فی کل جزء من الصلاة، و أما الخبر أن فهما. و ان کانا صحیحین ظاهرین فی ذلک الّا انه لمعارضة ظاهر الأخبار الباقیة لهما کصحیحتی حماد و زرارة مع اعراض اکثر الأصحاب من العمل بهما و موافقتهما لمذهب اکثر العامة و لبعض أخبار رویت بطرقهم یضعف العمل بهما و یقوی حملهما علی التقیة و لا یستحب عند الرفع من الرکوع تکبیر کما هو مقتضی الأصل و ظاهر النص و الفتوی و فی المعتبر ظاهر الإجماع علیه، و من متأخری الأصحاب من أثبت استحبابه مستنداً فیه الی خبری الرفع و کأنه لما یستظهر من الأخبار من ملازمة الرفع للتکبیر و یمکن الاستناد له بخبر الحمیری عن المهدی (عجل اللّه فرجه) قال: (إذا انتقل من حالة الی حال أخری فعلیه التکبیر). و لو لا ما ذکرناه لکان مثل ذلک کافیاً فی ثبوت الاستحباب و لا یقدح فیه المناقشة فی الملازمة و الدلالة ینبغی المحافظة فی السمعلة علی الهیئة کما فی التکبیر، فإن غیرها. و إن بقیت علی کونها ثنائیة کما لو قال: حمد اللّه لمن سمع لم یکن آتیاً بالموظف و لو قصده مع ذلک بطلت الصلاة علی الأقرب، و کما تستحب السمعلة یستحب الجمع بینهما و بین الحمد لله رب العالمین، رواه زرارة فی الصحیح عن أبی جعفر (ع) مع زیادة اهله الجبروت و الکبریاء و العظمة لله رب العالمین، و رواه ابو بصیر عنه (ع) أیضاً مع زیادة الرحمن الرحیم بحوله و قوته أقوم و أقعد أهل الکبریاء و العظمة و الجبروت و رواه بن مسلم عنه (ع) فیما إذا کان وحده اماماً أو غیره و فی المعتبر بعد ان نقل الخلاف. و إن الامام و المأموم یقولان الحمد لله رب العالمین اهل الکبریاء و العظمة قال و هو مذهب علمائنا و لو نوی العاطس به الوظیفتین ففی فقد نفی عنه البأس فی کرثی لعدم تغیر الغرض بهذه النیة و لأصالة الصحة، و فیه نظر بناء علی اصل عدم التداخل فلا یقع لإحدی الوظیفتین و یکون فعله تشریعاً و مبطلًا للعمل، و لو قصد مطلق الشکر مع قصد الوظیفة الخاصة فالأقرب الصحة و الأقرب جریان هذه الوظائف من تکبیر و تسمیع و تحمید و رفع فی رکوع الجالس و المضطجع و المستلقی و ما قام مقامه من انحناء لا یصل حده أو ایماء، أما لو اتحد حال الرکوع ما حال الهوی أو حال الرفع ففی سقوطهما أو الإتیان بها عند نیة تلک الأحوال وجهان أقربهما الثانی و لا یبعد ان ترک قولنا ربنا لک الحمد مع الواو و بدونه للمأموم و غیره بقصد الخصوصیة اولی لشهرته بین العامة و اعراض اصحابنا عنه سوی ما نقل عن صاحب الفاخر فی المأموم و عن ابن جنید مطلقاً و خلوّ اخبارنا منه سوی ما نقله فی الذکری عن بن سعید بأسناده الی بن مسلم عن الصادق (ع): (

إذا قال الامام سمع اللّه لمن حمده قال من خلفه ربنا لک الحمد

) و حمله علی التقیة أو علی ارادة الذکر المطلق لأنه نوع تحمید غیر بعید و نقل فی الذکری عن بن عقیل انه قال و روی اللهم لک الحمد ملأ السماوات و الأرض و ملأ ما شئت بعد و عن بن الجنید انه استحب فی الذکر هنا بالله اقوم و اقعد و فی الفقه الرضوی قد سمع اللّه لمن حمده بالله اقوم و اقعد اهل الکبریاء و العظمة رب العالمین لا شریک له و بذلک امرت، و الأولی ترک قصد الخصوصیة فی جمیع ذلک و لو لم یجمع بین السمعلة و الحمدلة و اقتصر علی احدهما فالأولی الاتیان بالسمعلة للإمام و المأموم، و ینبغی للمأموم زیادة علی غیره المحافظة علی قول الحمد لله رب العالمین و لغیره علی قول سمع اللّه لمن

ص: 269

حمده و هی کلمة دعاء تضمّنت ثناء، و یستحب الجهر بها للإمام کسائر الأرکان و للمنفرد و ان تخیّر فی غیرها للأمر صحیحة زرارة و للمأموم الأسرار کغیرها.

ثالثها: ردّ الرکبتین الی خلف لصحیحة حمّاد.

و رابعها: تسویة الظهر للأمر بإقامة الصلب فیه فی صحیحتی زرارة عن أبی جعفر (ع) و ما روی عن الصادق (ع) قال:

لا صلاة لمن یعم صلبه فی رکوعه و سجوده

، و حکایة حمّاد فی صحیحة انه ردّ رکبتیه الی خلف حتی استوی ظهره حتی لو صبَّ علیه فطرة من ماء أو دهن لم تنزل إلَّا لاستواء ظهره، و ما روی کان رسول اللّه (ص) إذا رکع لو صبّ علی ظهره ماء لأستقر، و ما روی عن الصادق (ع)

إن علیاً (ع) کان یعتدل فی الرکوع مستویاً حتی یقال لو صب الماء علی ظهره لأستمسک

، و الذی یظهر أن هذا و ما بعده من المستحبات مستحب فی الرکوع مطلقاً حال الذکر الواجب و غیره مطلقاً.

خامسها: وضع الیدین علی الرکبتین لما فیه من زیادة الطمأنینة و للصحاح الثلث و غیرها و للتأسی و هذه و ان قضت بظاهرها الوجوب، إلّا أن تضمنها المستحبات و الإجماع محصلًا و منقولًا علی الاستحباب بعین الحکم به و لم نعثر علی مخالف فیه و فی استحباب وضع ما بقی من الذراع أو الزند المقطوع أو المخلوق من دون کغیره أو مشدودهما وجه قریب و مع عدم التمکن من وضع ما بقی ففی استحباب الانحناء بقدر ما یقبل محل القطع وجهان و الأقرب اختصاص هذه الوظیفة و ما قبلها بالرجال و أما النساء فیستحب لهن وضع الیدین علی الفخذین لئلا تطأتطأ کثیراً فترتفع عجزیتها و ان وجب علیها الانحناء بقدر ما تصل یداها الی رکبتیها کما فی الرجل تحقیقاً لمسمی الرکوع و لاشتراکها مع الرجل فی الأحکام.

سادسها و سابعها و ثامنها: تقدیم الیمنی فی الوضع علی الیسری لصحیحتی زرارة، و تبلع الکفین لهما مفرجات الاصابع للصحاح الثلاث الا ان فی صحیحة حمّاد ملأ الکفین من الرکبتین، و فی احدی صحیحتی زرارة التبلیغ بأطراف الأصابع فی عین الرکبة لا الراحة و هو مناف لما فی الفقه من لقم الرکبتین الراحتین، و لو قیل بالتخییر و ان الکل اداء للفضیلة لم یکن بعیداً و فی روایة الهذلی عن علی بن الحسین (ع) عن رسول اللّه (ص) قال: (و اذا رکعت فأنشر اصابعک) و ما فی روایة الحمیری مما ظاهره نفی کون تفریج الاصابع فی الرکوع سنة فمطرح، و مؤول لمعارضته ما هو أقوی منه مع اعتضاده بفتوی الأصحاب و لا یسقط میسور الوضع و التبلیغ و التفریج فی کفّ واحدة أو بعضها بمعسوره.

تاسعها: الدعاء قبل التسبیح بما فی صحیحة زرارة من قول: اللهم لک رکعت و لک أسلمت و بک آمنت و علیک توکلت و أنت ربی خشع لک قلبی و سمعی و بصری و شعری و بشری و لحمی و دمی و مخی و عصبی و عظامی و ما اقلته قدمای غیر مستنکف و لا مستکبر و لا مستحسر، و فی الفقه نحوه الّا ان فیه بعد لک رکعت زیادة و لک خشعت و بک اعتصمت و اسقاط بک آمنت، و فیه بعد و عظامی و جمیع جوارحی و ما اقلت الأرض منی غیر مستنکف و لا مستکبر لله رب العالمین لا شریک له و بذلک أمرت و العمل بالجمیع لا بأس به و أن کان المحافظة علی ما فی الصحیحة اولی.

عاشرها: الصلاة علی محمد و آل محمد لما رواه ابو حمزة قال قال ابو جعفر (ع):

من قال فی رکوعه و سجوده و قیامه اللهم صل علی محمد و آل محمد کتب اللّه له ذلک بمثل الرکوع و السجود و القیام

، و فی روایة الشیخ صلی اللّه علی محمد و آل محمد و ما دلَّ علی استحباب الصلاة علی النبی (ص) عند ذکره لا دخل له فی المقام فینبغی الاقتصار عند قصد

ص: 270

الخصوصیة علی احدی الصیغتین المرویتین لا مطلق الصلاة علی النبی (ص) و لا یختص ذکرها عقیب الذکر أو فی اثناءه أو قبله و ان کان الجری علی المألوف مع قصد الخصوصیة أولی.

حادی عشرها: مدّ العنق لما فی الصحاح الثلث، و ظاهره ارادة المدّ الموازی للظهر بحیث لا یکون مرفوعاً و لا منکوساً و قد روی ان علیاً (ع) کان یکره ان یحد رأسه و منکبیه فی الرکوع و لکن یعتدل، و روی أیضاً أن أمیر المؤمنین (ع) سئل ما معنی مدّ عنقک فی الرکوع؟ فقال:

تأویله آمنت بالله و لو ضربت عنقی

، و فی الفقه فإذا رکعت فمدّ ظهرک و لا تنکس رأسک، و روی أن أبا الحسن رأی من یصلی و ینکس برأسه و یتمدد فی رکوعه فأرسل الیه لا تفعل، و روی کان (ع) إذا رکع لم یضرب رأسه و لم یقنعه و لا قناع الرأس و إشخاصه، و روی انه نهی ان یدمج الرجل فی الصلاة کما یدمج الحمار و فسّر بأن یطأطأ الرجل رأسه فی الرکوع حتی یکون اخفض من ظهره و یظهر من هذا الخبر من الروایة عن ابی الحسن (ع) و من الروایة الأولی عن علی کراهة التنکیس کما هو ظاهر الفقه، و به صرّح فی کرثی و هو غیر بعید و ترک الأصحاب له لعله اکتفاء منهم باستحباب مدّ العنق.

ثانی عشرها: النظر الی ما بین القدمین لصحیحتی زرارة و ما فی الفقه الرضوی و ما صحیحة حمّاد من أنه غمض عینیه فهو، اما اشتباه منه لأن صورة الناظر کالمغمض فتخیل ذلک أو تجوّز منه لذلک و لو ممد علی التخییر أو علی ان المطلق التغمیض. فإن لم یفعل و أرادا لنظر فلیکن الی ما بین قدمیه لم یکن بعیداً الی غیر ذلک من استحباب التجافی فلا یضع شیئاً من أعضائه علی شی ء الّا الیدین لصحیحة حمّاد عن ابی عبد اللّه (ع) لما علّمه الصلاة، و لم یضع شیئاً من بدنه علی شی ء فی رکوع کلّ من رأیته یرکع و کان إذا رکع جنح بیدیه و نفی فی المنتهی الخلاف عن ذلک و لا یبعد اختصاص ذلک فی الرجل.

و أما المرأة فیستحب لها ان ینضم بعضها الی بعض کما فی جلوسها و سجودها و استحباب الصف بین قدمیه یجعل ما بینهما قدر شبر، کما فی صحیحتی زرارة و استحب ذلک فی کرثی بالرکبتین ایضاً، و لعله استظهر من التلازم بینهما و بین القدمین و یکره وضع الیدین معاً تحت الثیاب کلها فی الرکوع و غیره حالة الصلاة لروایة عمار

ص: 271

انه سئل الصادق (ع) عن الرجل یصلی فیدخل یده فی ثوبه فقال:

ان کان علیه ثوب آخر إزار أو سراویل فلا بأس. و ان لم یکن فلا یجوز له ذلک. و ان ادخل یداً واحدة و لم یدخل الأخری فلا بأس

، و نقل عن الحلبی کراهة جعلهما فی الکمین أیضاً و انهما تحت الثیاب اشد کراهة و هو مدفوع بالأصل مع ما فی صحیح بن مسلم عن ابی جعفر (ع) قال: سألته عن الرجل یصلی و لا یخرج یدیه من ثوبه؟ فقال:

ان خرج فحسن. و ان لم یخرج فلا بأس

، و نقل عن بعض استحباب بروزهما فی الرکوع أو فی کمّه لم نعثر علی مستند له و روایة عمار لا تؤدی ذلک و یکره قراءة القرآن فی الرکوع و السجود کما أفتی به جماعة من الأصحاب لروایة قرب الأسناد عن الصادق (ع) عن ابیه (ع) عن علی (ع) قال: (

لا قراءة فی رکوع و لا سجود أنما فیهما المدحة لله عزَّ و جل ثمّ المسألة فابتدلوا قبل المسألة بالمدحة لله عزّ و جل ثمّ اسألوا بعد

)، و روایة الخصال عن الصادق (ع) عن آبائه (علیهم السلام) عن علی (ع):

سبعة لا یقرءون القرآن: الراکع و الساجد و فی الکنیف و فی الحمام و الجنب و النفساء و الحائض

، و ما روی عن رسول اللّه (ص): (

انی قد نهیت عن القراءة فی الرکوع و السجود، فأما الرکوع فعظموا اللّه فیه و أما السجود فأکثروا فیه الدعاء، فإنه فمن أن یستجاب لکم

)، لکم و فی هذا و الخبر الأول دلالة علی استحباب الدعاء فی السجود و فی الأول دلالة علی استحبابه فی الرکوع أیضاً و قد نقل عن ابن الجنید نفی البأس عن الدعاء فیهما لأمر الدین و الدنیا من دون رفع الیدین فیما عن الأرض و الرکبتین و حکم فی المنتهی باستحباب الدعاء فی الدعاء فی الرکوع لأنه موضع اجابة لکثرة الخضوع فیه، و اقتصر فی المنتهی علی نفی استحباب القراءة فیهما من دون تعرّض لنفی الکراهة و ادعی انه وفاق و استشعر بعض متأخری المتأخرین من هذه الأخبار مع ترک بعض القدماء لهذا الحکم ان هذا الحکم انما هو من القامة و ان الأخبار خرجت مخرج التقیة، و هو غیر بعید و کره فی کرثی التطبیق فیه أیضاً و فسّره بجعل احدی الراحتین علی الأخری ثمّ ادخالهما بین الرکبتین و لم نعثر علی مستند له و لیس فی استحباب وضعهما علی الرکبتین دلالة علیه. فإن ترک المستحب لا یستلزم الکراهة و نقل عن ظاهر بن الجنید التحریم و احتمل علیه کلّا من البطلان لتعلق النهی و الصحة لتعلقه بوصف خارج و ذکره أیضاً فیه التباذخ و هو تسریح الظهر و اخراج الظهر و الانخناس الذی یکون معه تمام الانحناء الواجب، و هو تقویس الرکبتین و التراجع الی وراء و لم نعثر لهما علی مستند الّا ان متابعة مثله فی الأدب مع خروجه عن المألوف من الهیئة لا بأس به.

المبحث السابع: فی السجود

اشارة

و هو لغة الخضوع و الانحناء و شرعاً الخضوع بالانحناء المتعارف مع وضع الجبهة علی محل قرارها و لیس وضع المساجد، و لا خصوصیة ما یسجد علیه داخلًا فی حقیقته و لا تحدید بالانحناء بما یساوی موضع الجبهة محل القدمین أو یزید علیه بلبنة داخلًا فی ماهیة بل هذه واجبات فیه و شرائط له خارجة عنه کالذکر فیه و الطمأنینة و لیس اشتراطها مقوماً لطبیعته حتی یکون اسماً للصحیح کما فی أسماء العبادات و یکون حقیقة فی کل انحناء أو ایماء قام مقامه شرعاً کصدق الصلاة حقیقة علی ذات الایماء و الانحناء الغیر البالغ حدّ السجود، بل هو اسم شرعاً للأعم من الصحیح و الفاسد ککثیر من اسماء المعاملات الشرعیة و یکون من المطلق، و لیس من المجمل فیتمسک فی غیر الصلاة فی نفی شرائطه و واجباته بالأصل

ص: 272

و الأقرب انه اسم شرعی لما ذکرناه بطریق الحقیقة، و لیس مجازاً و لیس القصد فی الهوی الیه داخلًا فی حقیقته کما مرَّ فی الرکوع و لا هو شرط فیه.

نعم، لو قصد الخلاف کالقصد الی أخذ شی ء أو قتل حیة لزمه الرجوع الی القیام و الهوی و لو وصل الی حدّ السجود، و الحال هذه لم یجتزیه و هل تبطل الصلاة مطلقاً أو مع تکرر ذلک منه مرتین فی رکعة واحدة أو لا تبطل مطلقاً و یلزمه الرجوع و القیام ثمّ الهوی أوجه أقربها الأخیران و ان حکم البطلان بالزیادة تابع للحکم بجزئیة المزاد سواء قصدت أو وقع المزاد فی محلها من دون قصد، اما مع قصد الخلاف فهو کسائر الأفعال الخارجة عن الصلاة یتبع بها وصف القلة و الکثرة و وصف محو الصورة و عدمه کما فی الرکوع و لو قصد السجود فهوی بغیر اختیاره أو هوی بغیر اختیار و هو فی محله من دون قصد الیه فوجهان الاجتزاء به اکتفاء بالنیة السابقة من دون نیة الخلاف و عدمه لعدم تأثیر النیة السابقة فیه و عدم استناده الیها مع صدوره من غیر اختیار و هو اقرب، و لو هوی للسجود فسقط علی جنبه استدرک السجود و لو بانقلابه و لا یکلف القیام ثمّ الهوی بل و لا القعود و لو سجد فعرض الم القاه علی جنبه عاد الیه أیضاً ما لم یحصل فصل مخلّ و الا استأنفها أن تمکن من الإتیان بها علی وجهها و الا أتی بها اضطراریة و اتمها و وجوبه فی الصلاة الواجبة و شرطیة فی غیرها اجماع قضی به النص کتاباً و سنة قولیة و فعلیة بنوبة و امامیة بل ضروری، و یجب فی کل رکعة سجدتان نصاً و اجماعاً و هما رکن فرضاً و نفلًا فی الواحدة و الثنائیة و الثلاثیة و الرباعیة فی الاولتین و الاخیرتین للأصل و النص علی نحو ما مرّ فی الرکوع و الإجماع محصّلًا و منقولًا و خالف فی المبسوط فحکم بأن من ترک الرکوع ساهیاً فی الرکعتین الأخیرتین حتی سجد سجدتین أو واحدة منهما اسقط السجود و قام فرکع و تمم صلاته، و من ترکه فی الاولیتین من کل صلاة أو فی ثالثة المغرب بطلت صلاته و نقل عنه و نحوه فی الجمل و الاقتصاد و کتابی الأخبار و لظاهر الغاء خصوصیة ترک الرکوع نقل عنه بعض عدم الابطال بزیادة السجدتین فی احدی الأخیرتین من دون تقیید و لاستلزامه ظاهراً ابطال حکم الرکنیة فیکونان فی الرکعتین الأخیرتین کسائر الواجبات نقل آخر عنه عدم الأبطال بالإخلال بالسجدتین و ظاهره فی کل من الزیادة و النقص، و نقل فی المبسوط عن بعض الأصحاب القول بسقوط السجود و إعادة الرکوع ثمّ السجود بقول مطلق و نقله فی المنتهی عن الشیخ قولًا آخر و هو مقتضی کلامه فی النهایة و الحق علی بن بابویه الرکعة الثانیة بالرکعتین الأخیرتین علی ما نقل من عبارته و هی مطابقة لما نقل من عبارة الفقه الرضوی و تبعه علی ذلک بن الجنید علی ما نقل عنه، الّا أنه خیّر فیها بین البناء علی الرکعة الأولی التی صحّت له و بین الاعادة إذا کان فی الاولتین و کان الوقت متسعاً و جعل الثانی أحبّ الیه و یظهر من بعض متأخری المتأخرین الحکم بما حکم به الشیخ فی خصوص النافلة و مدرک الجمیع علی اختلاف الرأی فی الترجیح أو الجمع فی خصوص الرکعات أو باعتبار صفتی الفرض و النفل أو الحکم بالتخییر روایة محمد بن مسلم بل صحیحة عن ابی جعفر (ع) فی رجل شک بعد ما سجد انه لم یرکع قال: فإن استیقن فلیلق للسجدتین اللتین لا رکعة لهما فیبنی علی صلاته التمام، و هی لا تقاوم ما مرَّ لکثرتها و وضوح دلالتها و اعتضادها بالشهرة و موافقتها الاحتیاط فلا بدَّ من طرحها أو حملها علی التقیة و احتمل بعض حملها علی الاستیناف و هو علی بعده لا یتأتی فیما رواه فی مستطرفات السرائر لقوله فیها، و إن استیقن لم یعتد بالسجدتین اللتین لا رکعة معهما و یتم ما بقی من صلاته و لا سهو علیه و مناف لما فی عجزها، و إن کان لم یستیقن الّا من بعد ما فرغ و انصرف فلیقم و لیصل رکعة و سجدتین و لا شی ء علیه و ما فی صحیحة العیص عن الصادق

ص: 273

(ع) فی رجل نسی رکعة من صلاته حتی فرغ منها ثمّ ذکر أنه لم یرکع قال:

یقوم فیرکع و یسجد سجدتی السهو

، فهی مع مخالفتها لما حکموا به من اعادة المنسی و ما بعده محتملة لأن یراد بالرکوع الرکعة و هو اوفق بالنظم و التأدیة، ثمّ ان رکنیتهما لیس بمعنی رکنیة مجموعهما کما صرّح به بعض و ظاهر عبارات کثیر منهم و الّا فسدت الصلاة بترک واحدة منهما عمداً و سهواً لأنه بنقصان الجزء ینعدم الکل. فإن الماهیة المرکبة تنعدم بانعدام أی جزء منها و الاعتذار عنه بالخروج بالدلیل غیر مقبول لأن ذلک ابطال لحکم الرکنیة فیما دلَّ فیه الدلیل و حیث ان النقیصة هنا سواء مطلقة مغتفرة کانت الرکنیة أیضاً مطلقة منفیة فلا یکون ذلک عذراً بل تسلیم لنفی الرکنیة بالدلیل و ضعف منه أن ترک الرکن انما یبطل حیث یکون ترکاً بالکلیة لا ترک لأبعاضه فالرکن المرکب انما یبطل نقصه إذا لم یحصل شی ء من أجزاءه لما فیه من التحکم فإن الرکنیة إذا لحقت وصف الترکیب رجعت الی البساطة فالحکم بعدم الأبطال مع ذهاب وصف الترکیب نفی لرکنیة المرکب و یکون الاعتذار بذلک أیضاً تسلیماً لنفی الرکنیة و لیست أیضاً بمعنی رکنیة المسمی فلا ینتفی الّا بنفی کل من السجدتین، و الّا لفسدت الصلاة بزیادة الواحدة لحصول المسمی فی ضمنها فتحصل زیادة الرکن و الاعتذار بخروج بالدلیل کما فی زیادة الرکن فی الجماعة لا یشفی الغلیل علی نحو ما مرَّ، و منه یظهر الفرق بین ما نحن فیه و بین الزیادة فی الجماعة و اضعف منه الاعتذار بإرادة المسمی من سجدتی الصلاة فزیادة المسمی من غیرهما لا تکون مخلة و نقصه منهما یکون مبطلًا و حینئذ ینتفی حکم زیادة الرکن فیهما لعم المحل له الّا مع فرض ترک الرکوع و الدخول فی سجود الرکعة الثانیة انّ عدَّ ذلک منهما و یکون البطلان مستنداً الی نقص الرکوع و زیادة السجود معاً لاستلزامه عدم البطلان حینئذ بزیادة السجدتین فی الرکعة الواحدة، و هو مما لا یقول به احد بل رکنیتهما، بمعنی انه لو زادهما فی رکعة أو اخل بهما معاً عمداً و سهواً بطلت الصلاة و متی دخل شی ء منهما فقد فات محل المنسی قبلهما. فإن کان رکناً بطلت الصلاة و الّا مضی مع قضائه المنسی بعد تمام الصلاة أو بدونه، بخلاف ما لو اخلَّ بواحدة أو زادها سهواً فإنه لا تبطل الصلاة بذلک سواء کان فی الرباعیة أولیتها و أخیرتها و غیرها کما هو المشهور بین الاصحاب و قضت به النصوص عموماً فی الزیادة و النقص کما فی صحیح بن حازم و لا یعید الصلاة من سجدة واحدة و یعیدها من رکعة و خصوصاً فی النقص کما فی خبری ابی بصیر و اسماعیل بن جابر و غیرهما، و فی الزیادة کما فی خبر عبید بن زرارة و اللّه لا تفسد الصلاة بزیادة سجدة، و نقل عن الکلینی بطلان الصلاة بزیادة سجدة واحدة و بترکها مطلقاً و عن جماعة بطلانها بزیادة سجدة و عن ابن ابی عقیل بطلانها بالإخلال بها و عن التهذیب قطعاً و الاستبصار احتمالًا بطلانها بنقصان السجدة فی الأولتین دون الأخیرتین، و هو الموافق للمحکی عن المفید و نقله الشیخ عن بعض علمائنا من ان کل سهو یلحق الاولتین موجب للإعادة و لم نعثر للابطال بالزیادة علی مستند سوی الاصل و هو مدفوع بالنصوص المعول علیها، و أما الأبطال بالنقص مطلقاً فیدل علیه مرسل معلی بن خنیس انه سأل ابا الحسن (ع) فی الرجل ینسی السجدة من صلاته؟ فقال: و إن ذکرها بعد رکوعه اعاد الصلاة، و نسیان السجدة فی الأولتین و الأخیرتین سواء و هو علی ضعفه بالإرسال و بعد روایة بن خنیس عن الکاظم (ع) و ترک العمل محتمل الحمل علی السجدتین أو علی ارادة اعادة جزء الصلاة و هو السجدة، و أما الأبطال بالنقص فی الأولتین فقد احتج له بصحیحة البزنطی قال: سألت ابا الحسن (ع) عن رجل صلی رکعتین ثمّ ذکر فی الثانیة و هو راکع انه ترک السجدة من الأولی فقال کان ابو الحسن (ع) یقول:

إذا ترکت السجدة فی الرکعة الاولی و لم تدر واحدة أو اثنتین

ص: 274

استقبلت حتی یصح لک انها اثنتان و اذا کان فی الثالثة أو الرابعة فترکت سجدة بعد أن یکون قد حفظت الرکوع اعدت السجود

، و هی مع عدم مقاومتها لما مرَّ مع ما فی مرسل بن خنیس من التسویة بین الاولتین و الأخیرتین محتمل لأن یزاد بالواحدة و الاثنتین الرکعات و ذلک موجب لاستیناف الصلاة أو یراد بالاستقبال اعادة المشکوک فیه، و هو فی محله و قوله و اذا کان فی الثالثة و الرابعة یراد به بعد تجاوز المحل أو یکون ظرفاً لتیقن ترک السجدة فی الأولی و ما فی روایة الکلینی و روایة الأقرب الأسناد استقبلت الصلاة منزل عن استقبال جزئها أو ینزل علی استحباب استقبال الصلاة بعد تمامها. و نقل عن ابی علی انه احتاط بالإعادة ان ترک السجدة فی الأولتین و ان فی وقت و هو حسن أن عنی بالإعادة بعد تمام الصلاة من دون قطع و یجب فیه أمور:

أحدها: أن یسجد علی القضاء السبعة مجتمعة، و إن لم تقترن بابتداء الوضع و انتهائه فلا یجزی ما نقص عنها و لا یجب سواها اجماعاً محصلًا و منقولًا و النصوص مجملة و مفصّلة دالة علیه، و لا یجزی السجود علی بعض ثمّ رفعه و السجود علی غیره و إن قارن الجمیع سجود الجبهة و الأعضاء السبعة:

أحدها: الجبهة، و هو ما بین قصاص الشعر الی الحاجبین مسطحاً الی حدّ الجبینین و المدار فی ذلک علی مستوی الخلقة و غیره یرجع الیه، و نقل عن الأحمدی کراهة السجود علی نفس قصاص الشعر دون الجبهة و هو متروک و فی المنتهی أنه لا خلاف فی انه لا یجزی السجود علی نفس قصاص الرأس أو الخد أو ینزل علی ارادة التحریم من الکراهة أو علی إرادة ما حاذی القصاص من الجبهة، و ما فی خبر طلحة عن الصادق (ع):

أن علیاً (ع) کان یکره أن یصلی علی قصاص شعره حتی یرسله إرسالًا

، فمطرح أو محمول علی احد الوجهین و یراد بالإرسال التفریق و عدم الاجتماع و قول ابی جعفر (ع) لزرارة ما بین قصاص الشعر الی موضع الحاجب ما وضعت منه اجزتک مراد منه عموم اسمی أجزاء الجبهة، فلا عموم فیه للجبینین و علی فرض الظهور و فی العموم تخصیصه النصوص المجمع علیها و قول علی (ع) فی روایة عمار عن جعفر عن ابیه: لا تجزی صلاة لا یصیب الأنف منها ما یصیب الجبین، و نحوه قول الصادق (ع) فی روایة المغیرة عمن سمعه: لا صلاة لمن لم یصب انفه لما یصیب جبینه، لا دلالة فیها علی رجحان اصابة الجبین بل علی حصوله و لعله لعدم انفکاکه عن الجبهة غالباً و لو دلت، فإنهما تدل علی اشتراک الجبین مع الانف فی الحکم و هو فی الأنف الاستحبابی.

ثانیها: باطن الکفین و الأصابع داخل فیهما دون غیرهما تعییناً و تخییراً لصحة حمّاد قولًا و فعلًا و ظاهر صحیحة زرارة فی آداب السجود و لروایة العیاشی عن ابی جعفر الثانی فی تعلیله وجوب قطع ید السارق من مفصل أصول الأصابع و یترک الکف لروایة اسماعیل بن مسلم عن الصادق (ع) عن ابیه (ع) انه قال: إذا سجد احدکم فلیباشر بکفیه الأرض لعل اللّه یدفع عنه الغل یوم القیامة، مع شهرة العمل بین الأصحاب فظاهر الإجماعات المنقولة و خلاف ابن ادریس حیث جعل عوض الکفین مفصل الزندین. و نقل عن المرتضی و حمل العلم و العمل و عن القاضی فی شرحها نفی الخلاف عنه لم نعثر له علی مستند و اطلاق الید فی أکثر الأخبار کإطلاقه فی کلمات بعض الأصحاب لا دلالة فیه علی التعیین فینزّل علی الکفان لم یدع ظهوره فیه و الأحوط حینئذ الجمع بین الکفین و بینهما و دون ظاهر الکفین للأصل و لأنه المعهود و المألوف و ظاهر حکایة صلاة النبی (ص) من استقباله بیدیه و هو المنقول علی الأکثر، و نقل عن ظاهر علمائنا الّا المرتضی وجوب استقبال الأرض

ص: 275

بباطن راحتیه و استدل علیه جماعة بدلیل التأسی و هو حسن بعد ثبوت فعل النبی (ص) له و تردد فیه فی المنتهی.

ثالثها: عین الرکبتین و هو المعبر عنه بإطلاق الرکبة فلا یجزی جوانبها و لا ما عداها نصاً و اجماعاً.

رابعها: إبهاما الرجلین و اقتصر بعض علی ذکر القدمین و بعض اطراف أصابع الرجلین، و الکل مردود بصریح الأخبار و ظاهر الإجماعات المنقولة و ما فی روایة قرب الاسناد من اطلاق الأرجل فهی علی ضعفها مقیدة الإجماعات المنقولة و ما فی روایة قرب الاسناد و الأقرب الاقتصار علی طرفی ابهامی الرجلین للأصل و لسجود الصادق (ع) علی أنامل الإبهامین عند تعلیمه لحمّاد و لا فرق فی السجود علیهما بین ان یکونا ظهراً أو باطناً لإطلاق النص و الفتوی و العبرة فی السجود علیها جمیعاً بما یسمی سجوداً، و لا یلزم استیعابها قولًا واحداً سوی ما تردد فیه فی المنتهی فی الکفین و هو فی غیر محله و استحب فی کرثی الجمع بین الأصابع و الکف بعد ان نفی الوجوب عنه و ما فی صحیحة علی بن جعفر (ع) عن اخیه (ع) عن المرأة تطوّل قصتها و اذا سجدت وقعت بعض جبهتها علی الأرض و بعض یغطیه الشعر هل یجوز ذلک؟ قال: لا حتی تضع جبهتها علی الأرض، فهو محمول علی الفضل و الاستحباب کما افتی به جملة من الأصحاب أو منزل علی عدم کون الواقع علی الأرض من الجهة بقدر المسمی و استحب بعض الاستیعاب فی الجمیع لما فیه من المبالغة فی الخضوع، و لا حد لها بمقدار سوی ما حدد به ابن ادریس فی الجبهة من قدر الدرهم. و نقل عن الصدوق و استقر به هنا فی الذکری بعد ان وافق المشهور فی باب المکان و نقل عن ابن الجنید الاجتزاء بالدرهم مع العلة و هو یعطی لزوم الزیادة علیه مع الاختیار. و لا نری لهم مستنداً سوی الأصل و هو مدفوع بإطلاق بعض الأخبار و عموم بعض المنجبرة بعمل الأکثر و ما یستند لهم من صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) قال: الجبهة کلها من قصاص شعر الرأس الی الحاجبین موضع سجود، فإنما یسقط من ذلک الی الأرض أجزأک مقدار الدرهم و مقدار طرف الأنملة لظهور الاجزاء بأقل الواجب فهو اولی بأن یکون ردّاً علیهم لطرحتها بقدر الانملة و هو أقل من الدرهم، و حیث أفتی مثل هؤلاء الاساطین (رضوان اللّه علیهم) مع أن ظاهر الفقه الرضوی ذلک کان الأحوط ان لا ینقص فی الجبهة عن مقدار درهم و الظاهر ارادة البغلی منه و العبرة فی هذه الاعضاء بالأصل منها، و مع الشک بین الزائد و الأصلی یجب السجود علیهما و الخارج فیهما من روم و دم منها فیجزی السجود علیه ما لم یتدلی فلا یشمله اسم السجود علیها و مثل ذلک أظفار الإبهامین إذا طالت و خرجت عن المعتاد، و حیث بیّنا ان السجود شرعاً عبارة عن الانحناء الخاص مع وضع الجبهة علم انه لا یکفی الانبطاح مع الاختیار و إن وضعت الاعضاء السبعة علی الأرض و ان السجود یتحقق بوضع الجبهة و یرتفع بعدمه فمن ترک وضعها فلیس بساجد و وضعها. و إن ترک غیرها من الأعضاء کلًا أو بعضاً فهو ساجد و من زاد وضعها فقد زاد سجوداً و من زاد وضع غیرها من المساجد لم یزد سجوداً فنقص الوضعین للجبهة و زیادتها عمداً و سهواً مبطلان و نقص الوضع الواحد و زیادته مبطلان مع العمد غیر مبطلین سهواً. و أما باقی الأعضاء فنقصان وضعها و زیادته کلًا و بعضاً فی السجدتین و السجدة الواحدة غیر مبطلین مع السهو و نقصانه مع العمد مبطل و أما زیادته مع العمد فإن کان قبل وضع الجبهة أو بعد رفعها من الرأس فلا بأس بها ما لم تحصل منه کثرة فیکون من الفعل الکثیر، و إن کان حال وضع الجبهة فان کان بعد تمام الذکر الواجب فوجهان اقربهما الصحة و إن کان فی اثنائه فمع التشاغل به لا ریب فی البطلان لا للزیادة بل

ص: 276

لفوات الطمأنینة فیه و عدم مصادفة الذکر الواجب للسجود و المأموم به مع عدم التشاغل فالوجهان الّا ان البطلان هنا لا یخلو من قرب و مع الاضطرار الی الرفع حین التشاغل یلزم السکوت أن أمکن. و لو اندفعت الضرورة بالجبر تعینت علیه و فی الجبر اختیاراً و مع التشاغل وجوه الأحوط بل الأقرب عدمه لمنافاته الطمأنینة حالة الذکر و إن لم یکن متشاغلًا لم یجز له الجبر اختیاراً و مع الاضطرار یتعین علیه السکوت حالة ثمّ ان وجب السجود علی الاعضاء وجوب مطلق فیجب القیام به و السعی فی مقدماته من علاج أو بذل مال أو استیجار، فإن کان فی جبهته أو احد مساجده دمل أو نحوه و تعذّر أو عسر السجود علیه أو منعه مانع شرعی کخوف الضرر و امکن السجود علی بعض المسجد مما یلیه حفر حفیرة أو صنع نحوها من طین و اخشاب فی الجبهة أو منها أو من غیرها فی غیر الجبهة أو فیها مع عدم التمکن مما یصح السجود علیه، و سجد فیها لیقع بعض ما عدا الدمل علی الأرض فی الجبهة و علیها أو علی غیرها فی غیره الجبهة من المساجد أو فیها مع عدم التمکن من الأرض، و فی خصوص الجبهة صریح خبر الصادق (ع) و ما یظهر من الأصحاب من جواز السجود علی احد الجانبین و جواز الحفر فمنزل اما علی ارادة جانبی الجبهة لا الجبینین أو علی ان الحفر لاستقرار الرأس قراره کما إذا وضعت الجبهة و ان لم یصادف شیئاً منها محل السجود و علیه ینزّل قیده الحفر بعدم التمکن من السجود علی أحد الجانبین، و ما یظهر من بعض من ان الحفر مرتبة ثالثة وراء السجود علی الجانبین و وراء السجود علی الدفن فبإختلاف الإرادة من الحفر تلتئم کلمات الأصحاب و یرتفع استبعاد انه مع التمکن من السجود علی الجبهة کیف یتخیل جواز السجود علی غیرها أو یقدم علیها و حیث یتعذر سجود علی الاعضاء سقط وجوبه و لا یقوم غیرها مقامها و لا ینتقل الفرض الی الأقرب فالأقرب الیها للأصل و ظاهر الفتوی و لیس من میسور السجود علی العضو حتی لا یسقط بمعسوره بل هو تکلیف مستقل یفتقر الی امر مستأنف و یستثنی من ذلک طرفا الابهامین فإنه عند تعذرهما یسجد علی بقیة الابهامین علی الأظهر و حکم فی کرثی بأجزاء السجود علی بقیة الأصابع عبد تعذر السجود علیها لعدمهما أو قصرهما و لو قیل بالسجود علی طرف الباقی من القدمین عند تعذر الأصابع لکان له وجه و کذا الجبهة، فإن تعذر السجود علیها فعلی احد جبینیه کما هو المشهور بین الاصحاب بل ادعی نفی الخلاف فیه لیقین البراءة و لقربهما الی الجبهة و هما معاً کالعضو الواحد و السجود علیهما اشبه بالسجود علی الجبهة و فی الفقه الرضوی الأمر لمن علی جبهته علة لا یقدر علی السجود علیها بالسجود علی قرنه الأیمن، فإن تعذّر فعلی قرنه الأیسر دلالة علیه و ربما یحمل علیه فی موثقة اسحاق بن عمار من الحاجب الأیمن و الأیسر و لا بد ان یکون محافظاً علی الاستقبال فتضعیف بعض المتأخرین الحکم بذلک بانحراف الوجه عن القبلة و الخلو عن النص، و الإجماع ضعیف، و الأولی بل الأحوط لما فی الفقر الرضوی و موثقة عمار و هو المنقول عن الصدوقین فی الرسالة و المقنع تقدیم الأیمن أن أمکن. فإن تعذر فعلی ذقنه کما هو المعروف بین الاصحاب بل ادعی علیه الاجماع و یدل علیه موثقة اسحاق بن عمار و مرسلة الکلینی، و إن امر فیها بوضع الذقن علی الأرض لمن لا یقدر علی السجود لعلة فیها من دون تقدیم غیره علیه مع اطلاق السجود علیه فی الکتاب العزیز مسند به فی الموثقة و المرسلة، و ما نقل عن الصدوقین من تقدیم السجود علی ظهر الکف علیه متروک و لم نعثر له علی مستند سوی ما فی الفقه الرضوی، و کذا ما نقل عن بعض من تقدیم الأنف علیه و هل یلزم فی هذه المراتب مماسة البشرة لما یسجد علیه کما فی الجبهة وجهان الأظهر من الفتوی و الأخبار مع اصالة الشغل ذلک و فی لزوم کشف الشعر عن الذقن الوجهان اقربهما العدم و ان

ص: 277

کان الأحوط مع التمکن ذلک و لا یقوم الرأس و لا ما تحت الوجه من البدن مقامها و فی بقیة اعضاء الوجه من انف و حاجب و خد و غیرها وجهان ظاهر النص و الفتوی عدمه و ربما یستفاد لزومه بدلالة الایماء من الأمر بالسجود علی الذقن و هو غیر بعید و الاحتیاط یساعده فان تعذر السجود علی شی ء من ذلک انحنی بقدر امکانه حتی یصل الی حد السجود لأنه المیسور، و فی لزوم ما زاد علی ذلک منه الی مقدار اربعة اصابع وجه قریب و هل یلزم ما زاد علی ذلک مع التمکن منه وجهان، أقربهما العدم و أحوطهما ذلک، و رفع محل السجود الی جبهته فیضعها علیه لذلک و للأخبار الصحیح و غیره المعمول علیها مع حصول یقین البراءة و جعله فی المعتبر مذهب علمائنا و الأحوط مع التمکن مباشرته الرفع بنفسه دون غیره و مع تعذر الرفع یقتصر علی الانحناء و مع تعذر الانحناء یکلف بالإیماء بالرأس، و الا فبالعینین، و الّا فبواحدة و فی لزوم الایماء بغیرها من بقیة الاعضاء عند تعذرها وجه قریب و الأقرب عدم سقوط الرفع عند التمکن منه مع الایماء أیضاً لعموم ما مرَّ من ادلة الرفع و فی الاخبار ما یدل علیه بخصوصیة، و لو تعذر الایماء سقط و لا یسقط الأخطار و رفع محل السجود مع الإمکان و لو أمکن الایماء للرفع منه دونه لزم أیضاً علی الأقرب و احتمال سقوط الصلاة رأساً مع تعذر الایماء لا یخلو من وجه و فی تسریة ذلک الی باقی المساجد تبعاً للجبهة فتکون هیئتها فی السجود علی هیئتها أو تسریة الیها مستقلة و ان خالف الجبهة فیلزم وضعها علی محالها أن أمکن. و الّا فنزولها و رفع محالها و ان کان السجود بالجبهة انحناء أو ایماء أو سقوطه عنها رأساً فلا یجزی فیها لزوم قربها الی الأرض و لا رفع محالها الیها و لا الایماء مع وضع الجبهة و بدونه و لا وضعها علی محالها مع عدم موضع الجبهة أوجه أقربها الأخیر لخلو النصوص و الفتوی منه. و إن کان الأولی مراعاة ذلک و قد مرَّ تمام البحث فی الایماء فی مبحث القیام.

ثانیها: الانحناء بحیث یساوی موضع جبهته أو ما قام مقامها و موضع قدمیه أو محل قیامه و لو علی قدم واحدة أو علی غیر الأقدام من ارجله کالساق و الرکبة أو من خارج کخشبة الأقطع أو یزید علیه بأربع اصابع اصولها لا اطرافها من السبابة الی الخنصر مضمومة من مستوی الخلقة فما دون و الأفضل لموثقة عمار بل الأحوط لظاهرها و ظاهر فتوی بعض بمضمونها مراعاة ذلک بالنسبة الی الهبوط، و الأولی مراعاته فی جمیع المساجد جریاً علی المعتاد و استحبه فی الذکری و جعله فی الروض أحوط، و لعله من خلاف ظاهر العلامة فی النهایة من الوجوب بل الأولی اخذاً بالغالب المعتاد و مراعاة للآداب مراعاته فی جمیع البدن الواقع علی الأرض حال السجود أو الجلوس أو حالهما، و لو عجز عن الانحناء بهذا المقدار رفع محل السجود الی جبهته بوضعه علی مرتفع حتی تصل الیه و یقر قرارها، و الأحوط تعمیم الحکم فی القائم و المسرح لفتوی بعض به، و ربما ادعی شمول اطلاق الأدلة و الفتوی و قد مرَّ البحث فی ذلک مفصّلًا فی بحث المکان ثمّ انه قد صرّح جماعة من الأصحاب انه لو وقعت جبهته علی ما یزید علی اللبنة جاز له رفعها و السجود علی المساوی أو قدر اللبنة و جرّها من دون رفع الیها، و إن وقعت علی المساوی أو علی بلبنة و کان مما لا یصح السجود علیه جرّها و لا یرفعها و عللوا ذلک بلزوم زیادة السجود مع الرفع فی الثانی دونه فی الأول و صرّح بعض بأنها و ان وقعت علی ما یصح السجود علیه لم یجز دفعت، و إن وقعت علی ما لا یصح السجود سواء کان لارتفاع أو انحناء أو لغیرهما جاز رفعها و وضعها علی ما یصح السجود علیه و ادعی انه المفهوم من کلام الأصحاب و علله أیضاً بما مرَّ الّا انه جعل المدار فی زیادة السجود الممنوعة السجود الصحیح شرعاً و متی لم یکن صحیحاً شرعاً، لا ضیر فی

ص: 278

زیادته و لا مانع و الذی یظهر أن أدلة زیادة السجود تابعة لصدق مسماه و لا تخص الصحیح شرعاً و حیث تبیّن ان التحدید فی ارتفاعه باللبنة و تعیین ما یسجد علیه و نحو ذلک خارج عن حقیقته و ماهیته یظهر ان مدار جواز الرفع و عدمه علی حصول حقیقة السجود و عدمها، فإن وضع جبهته علی ما یسمی به ساجداً سواء کان قدر لبنة فما دون أو أزید مما یصح السجود علیه شرعاً أو لا، و لعدم الاستقرار علیه لم یجز رفعها و یتعین سحبها الی ما یصح السجود علیه و یلزم اعادة الذکر بعده ان کان ذکراً أو لا و یجوز تعمّد الوضع ثمّ الرفع فی الأول و الجزء فی الثانی و لو اضطر الی الرفع فی الثانی. فإن کان وضعه عن علم منه و اختیار بطلت صلاته و الّا فإن کان الوقت ضیقاً مضی و صلاته صحیحة، و ان کان الوقت متسعاً احتمل صحة الصلاة و مضیّه علی وضعه ترجیحاً للعکس و احتمل القطع و البطلان لدوران الامر بین مبطلین عمداً و لیس حرمة القطع من الاضطرار المغتفر فیه و هو وجه قریب و ان کان الوسط لا تخلو من قوة و علیه تنزل روایة بن حماد الآمرة برفع الرأس حتی یتمکن الساجد علی الحصی و به یحصل الجمع بینهما و بین صحیحة علی بن جعفر (ع) الآمرة بتحریک الجبهة و تنحی الحصی عنها و عدم رفع الرأس، و مما ذکرنا من التفصیل یحصل الجمع بین روایة الحسین بن حمّاد الآمرة برفع عند وقوع الجبهة علی مرتفع و بین صحیحة بن عمار الناهیة عنه إذا وضعت علی الجبهة و روایة الحسین بن حماد الآمرة بخر الوجه علی الأرض من غیر رفع بعد الأمر بتحویله الی مکان مستو إذا وقع علی حجر أو شی ء مرتفع و لا حاجة الی الجمع بما ذکروه مع خروجه عن القواعد الشرعیة.

ثالثها: الذکر و هو: سبحان ربی الأعلی و بحمده مرة أو أکثر أو سبحان اللّه ثلاثاً محافظاً علی الترتیب و الموالاة و الطمأنینة و الاستقرار بقدر الذکر الواجب فیه، و یدل علیه زیادة علی ما مر ما دل علی تمکین الجبهة و استمکان الساجد کل ذلک مع الاختیار و یسقط الجمیع مع الاضطرار، و یأتی حینئذ بالممکن و قد تقدم البحث فیه فی الرکوع و یجری فیه جمیع ما مرَّ خلافاً و دلیلًا و اختیاراً و تفریقاً فی واجبات الذکر و مستحباته.

رابعها: کون السجود اختیاراً بالجبهة أو ما قام مقامها علی الأرض باقیة علی حکمها مع بقاء الاطلاق علیها، و ان تغیرت بالعوارض و الصفات أو قیدت بالإضافة علی بعض الخصوصیات أو علی ما نبت فیها مع بقائها علی حالها کذلک و هذا الشرط متفق علیه عندنا و أخبارنا به متظافرة و لا یستثنی منه سوی الفرطاس و سیجی ء الکلام فیه و ما ورد فی جملة من الأخبار من نفی البأس عن السجود علی القبر مطلقاً فی بعض و فی خصوص التقیة فی آخر و فی صحیح ابن حازم القبر من نبات الارض فمطرح أو محمول علی التقیة أو علی حال الاضطرار أو علی غیر سجود الصلاة، و إن المراد بقیة الساجد عدا الجبهة و ما احتمله بعض متأخری المتأخرین من حملها علی الکراهة لا وجه بعد اتفاق الأصحاب علی خلافها و معارضتها للأخبار الصحیحة المانعة منه الموافقة للعمومات المتکثرة المقتصدة بالعمل و الاحتیاط و مخالفة العامة و لا یستثنی من عموم الارض شی ء بل یصح السجود علی کل ما صدق علیه هذا الاسم، و یعتبر فی بنائها مع الاختیار و أن یکون ما لا یوکل و لا یلبس فی العادة للأصل و النص و الإجماع محصلًا و منقولًا و علّله الصادق (ع) علی ما فی العلل بأن السجود هو الخضوع لله عز و جل فلا ینبغی أن یکون علی ما یؤکل و یلبس لأن ابناء الدنیا عبید ما یأکلون و یلبسون و الساجد فی سجوده فی عبادة اللّه عزَّ و جل، فلا ینبغی ان یضع جبهته فی سجوده علی معبود ابناء الدنیا الذین اغتروا بغرورها و خلاف المرتضی فی ثیاب القطن و الکتان نادر و ضعف و سیأتی التعرض له، فلا یجوز السجود علی ما لیس من الأرض

ص: 279

و لا من بنائها کالصوف و الشعر و الحریر و جمیع أجزاء الحیوانات من الجلود و غیرها و قد صرح بالصوف و أجزاء الحیوان فی صحیحة زرارة فالشعر و الطنافس فی روایة الحلبی و بهما و الجلد و الوبر و الأبریسم فی الفقه الرضوی و لا علی ما کان منها ثمّ خرج عن حقیقتها و صدق مطلقها علیه بالاستحالة صلته أو عارضته، کما إذا استحالت الی شی ء من المعادن و ان صدق علیها اسم الارض، بالإضافة و التقیید کالذهب و الفضة و الصفر و النحاس تراباً أو معمولًا، و الملح و القبر و البلور و فی عدها معادن سیما البلور و لا یبعد الحاق مطلق الزجاج به و انه خارج عن الأرضیة بالاستحالة کما فی مکاتبة ابی الحسن الماضی لا تصلِّ علی الزجاج لأنه من الملح و الرمل و هما ممسوخان، و العقیق و الفیروزج و نحوها و فی الفقه صرّح بالحدید و النحاس و الشبه و الصد و الرصاص بالزجاج و سائر الجواهر و استحالة هی أو بنائها رماداً و نحوه و امتزجت امتزاجاً سلبها الاطلاق وفقه المسألة. أنَّ ما علمت ارضیته و بنایته و علم بقائهما علی حالهما فلا ریب من جواز السجود علیهما و ما علمت عدم أرضیته و بنایته سواء کان من اصله کان أو علم استحالته و خروجه عنها بعد ان کان منها فلا ریب فی عدم جواز السجود علیهما، و أما ما شک فیه فإن کان الشک فی اصله لعدم العلم بحقیقته مع معرفة جنسه فیکون الشک فی مفهوم الأرضیة، و إن کان العلم بحقیقته لعدم معرفة جنسه فیکون شکاً فی المصداق سواء کان الشک بین الأرضیة و غیرها أو بینها و بین العدمیة فإن کان الشک فی الشرط کالعلم بعدمه و استحالة المعدن استحالة حکمة لا یتمسک بالاستصحاب لنفیها. و إن کان الشک فی عروض الاستحالة له قضی بالاستصحاب سواء کان الشک فی حقیقة شی ء فینفی الفقیه استحالته و لیس للمقلد التمسک به أو فی فرد خاص فینفیه العامل بالاستصحاب مجتهداً و مقلداً و یکون ذلک حجة له مع التمکن من فرد غیره و بدونه و ان کان الشک فی تغیر الصدق من جهة الامتزاج، فإن کان الشک فی غلبة أی الممتزجین علی الآخر سقط جواز السجود علیه و صار بمنزلة المعلوم عدمه لتعارض الأصلین فیه و ان کان للشک فی ذهاب صدق الترابیة من دون احتمال غلبة الممتزج فوجهان اقربهما جواز استعماله و التمسک بالأصل فی نفی الخروج عن حقیقة الأرضیة و النباتیة و ان حصل الظن بصدق الارضیة، فإن کان الظن فی المصداق لم یقول علیه نفیاً و اثباتاً و یکون حکمه کالشک لا للمجتهد و لا للمقلد و ان کان فی جانب المفهوم و الشک فی جنسه انه ارض أو نبات أو غیرهما، عوّل المجتهد علی ظنه فی حقه و حق مقلدیه و لا عبرة بظن المقلد فی ذلک و ینبغی الاحتیاط فیما لم یحصل به العلم و تختلف مراتبه بقوة ظن المجتهد و ضعفه و غلبة الظن بالاستصحاب و حصوله و عدمه، و من ذلک کان الأحوط تجنب الجص و النورة و سیّما بعد الأحراق، و صحیحة الحسن بن محبوب عن ابی الحسن (ع) دالة علی جواز السجود علی الجص و ظاهرة برفع مانعیة الأحراق و عن الرضا (ع) النهی عن السجود علی الصاروج و هو النورة و تردد فی کرثی فی الفرق بینه و بین الجص مع ورود النهی و الأقرب جملة الکراهة و الطین الأرمنی و المرمر و سیّما الأبیض و الدر و الحجر حجر النار و حجر الرحی و حجر المستحد و الخزف و الفحم علی مراتبهما فی قوة تأثیر النار و ضعفه لأحتمال خروجهما عن اصلهما و یظهر من بعض جواز السجود علی الخزف مع تسلیم خروجه بالطبخ عن الأرضیة و هو بعید، و لو قیل بخروج الدرّ عن الأرضیة و الحاقه بالجواهر لم یکن بعیداً و کذا خروج البورق و یضعف الاحتیاط فیما یستعمل من الطین للغسل، و أما الرمل و البخ و الحصی فلا بأس بهما من حیث ذاتهما و ان عرض لها المنع من جهة عدم الاستقرار و فی الأخبار کما مرَّ صراحة فی السجود علی الحصی و قد مرَّ ما له دخل فی المقام من الکلام فی مباحث التیمم، و کذا لا یجوز السجود علی ما کان من نباتها

ص: 280

و کان مأکولًا بالعادة للانسان غذاء أو طیباً کالهیل و الدارسین و نحوهما أو دواء کالزنجبیل و العناب و کثیر من البزورات فی جمیع الأوقات أو فی وقت مخصوص لکل انسان أو یخص الاطفال أو الشیوخ و یلحق به معتاد الشرب إذا جمد و أن لم یعتد أکله بعد الجمود و المعتاد اکله بعصره و شرب مائه أو ملبوساً کذلک لکل انسان أو لصنف خاص منه و لو للأطفال سواء اعتید للتوقی أو للسر و الزنیة فلا یجوز السجود علی المخبوز و المطبوخ المعتاد أکلها خبزاً و طبخاً سواء اعتید کلها قبل الخبز و الطبخ ایضاً، و لا کذا الحبوب المعتاد أکلها بعد الخبز و الطبخ من الحنطة و الشعیر و الأرز و نحوها. و کذا لمعتاد اکلها بدونهما من الفواکه و البقول المعتاد اکلها و أما لم یعتد أکله قبل کالخبز و الطبخ و لا بعدهما لا بأس بالسجود علیه، و إن خبز و طبخ فاعتیاد الأکل علی هیئة و صفة و کذا اللبس مانع من السجود علیه قبل جعله بتلک الهیئة و الصفة و بعد انتقاله عنهما الی غیرهما و ان لم یعتد اکله و لا لبسه علیهما لصدق الوصف العنوانی علیه عرفیاً فیدخل فی عموم المنع نصاً و فتوی و هو مقتضی اصالة الشغل فلا یجوز السجود علی الحبوب قبل طبخها و لا علی القطن مغزولًا و غیر مغزول قبل نسجه. نعم، لو کانت الهیئة و الصفة خلقیتین و لا جفلیتین تبعهما المنع فیجوز السجود علی الحبوب و الثمار قبل بلوغها حد الأکل علی اشکال و أما علی الورد و الحشیش مما هو اصل للحبوب و الثمار، و لم یکن معتاد الأکل فلا اشکال فی جواز السجود علیه و لو ترکب مع المأکول فی أصل خلقته جزء لا یؤکل، فإن کان منفصلًا عنه و غیر داخل فی اسمه فالذی یظهر جواز السجود علیه مستقلًا و منضماً مع المأکول کما فی السنبل و نحوه و إن کان الأحوط مع الانضمام الترک لروایة

الخصال عن ابی بصیر و محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال: قال امیر المؤمنین (ع): لا یسجد علی کدس حنطة،

و لا تتغیر الّا ان یحمل علی ارادة المجموع من الطعام بعد دیاسته لا قبلها و ان کان منفصلًا عنه، الّا انه داخل فی اسمه کما فی قشور الجوز و البندق و الفستق، و کذا الرمان و البصل فالأقرب عدم جواز السجود علیه منضماً لشمول اسم المأکول له تبعاً، و إن کان الأحوط ترک السجود علی قشر الجوز و البندق و نحوها مع استقلالها خصوصاً مع ضعف الفاصلة و شدة الاتصال کما فی قشر النومی و النارنج و الرقی و البطیخ، و کذا نوی التمر و المشمش و الانجاص و حب القطن و نحوها منفصلًا و فی جواز السجود علیه متصلًا وجه لصدق التمریة و نحوها علی الخالی من النوی و الأحوط خلافه و المعتاد اکله منضماً کما فی قشر القثاء و الباقلاء و اللوبیا و الماش و العدس لا یجوز السجود علیه مستقلًا و إن لم یعتد اکله کذلک، و لا بأس بأوراق الاشجار و ثمارها من غیر المأکول و لو کان المرکب متصلًا اتصال الجزء لا یتمیز کما فی قشر الحبوب من الحنطة و الشعیر و الدخن، و کان باقیاً علیها لم یصح السجود علیه. نعم، لو انفصل فلا بأس علی وجه فیجوز السجود علی النخالة، و الأحوط بل الأقوی تجنبها و ربما یدعی ان ظاهر الاصحاب علی ذلک و ما حکم به العلامة فی المنتهی و کرة من جواز السجود علی الحنطة و الشعیر معللًا له تارة بکونهما غیر مأکولین و اخری بحیلولة القشرین المأکول و الجبهة فهو متروک و غریب من مثله و روایة الخصال مصرحة بخلافه و قد علمت ضعف ما علل به ورد بعض العلة الثانیة أیضاً بمنع کون القشر غیر مأکول فإن العادة فی الصدر الأول جاریة علی اکل الحنطة و الشعیر غیر منخولین و نقلَ ان اول من نخل الدقیق معاویة مع ان الأجزاء الصغار من النخالة لا تفارق الدقیق فتکون مأکولًا بالعادة، و هو مؤید لما اخترناه من منع السجود علیها مع الانفصال، و مما ذکرنا علم جواز السجود علی التین و القصیل و اکمام القطن مع الانفصال و عدمه و فی جواز السجود علی قشر الأرز مع الاتصال وجه ضعیف و من اجازه فی الحنطة و الشعیر اجازه هنا أولی

ص: 281

و مع الانفصال وجه قوی کما فی قشر الجوز و طریق الاحتیاط فتوی و عملًا فی امثال ذلک غیر خفی، و کذا لا یجوز السجود علی القطن خارجاً عن اکمامه أو فیها و الکتان قبل عمله و بعده منسوجین أو قبل نسجهما، أو مغزولین أو قبل غزلهما للأصل و الإجماع محصلًا و منقولًا و النص عموماً و خصوصاً و ما نقل عن المرتضی فی الموطیات من جواز السجود علی ثیابهما و جنح الیه بعض من تأخر عنه فهو متروک حتی منه فی سائر کتبه. فإنه قد وافق فیها المعظم و نقل عن بعضها الاجماع و نقل عن الناصریة الإجماع علی المنع من السجود علی کور العمامة و لو حمل کلام الفقیه فی اجوبة بعض المسائل علی التقیة لم یکن بعیداً، و ما فی روایة داود الصرمی من جواز السجود علیها من غیر تقیة و فی مکاتبة الصنعانی من جوازه علیها من غیر تقیة و لا ضرورة و فی مرسلة بن حازم من الأمر بجعلهما بینه و بین الثلج عند السجود علیه، و فی روایة یاسر الخادم من انکاره علی عدم السجود علی الطبری قائلًا به: أ لیس هو من نبات الأرض فمصرّح لعدم مقاومته لما مرَّ سنداً و عملًا و احتیاطاً و مخالفة للعامة أو منزّل علی سجود غیر الصلاة أو علی سجود غیر الجبهة أو علی حال الضرورة کما هو ظاهر فی المرسلة و نفیها فی المکاتبة لا بنفیه، فإن للضرورة مراتب أو علی حال التقیة و هو لا یتأتی فی المکاتبة و روایة داود أو محمول علی التقیة فی الحکم و لا ینافیه قوله (ع) من دون تقیة و هو محمل قرب لاشتهاره بین العامة حتی صار من شعارهم عدم السجود علی الأرض، و نقل عن العلامة فی النهایة انه قرب السجود علیهما قبل غزلهما و هو غریب مناف لإطلاق الفتوی و النصوص و روایة تحف العقول علی ضعفها و هجرها لیست صریحة فیهما، و أغرب من ذلک ما فی التذکرة حیث استقرب عدم جواز السجود علی الکتان قبل غزله و نسجه و استشکل فی جواز السجود علی الغزل و جعل المنشأ انه غیر الملبوس و الزیادة فی الصفة. و کونه حینئذ غیر ملبوس و لو عرض للمأکول و الملبوس آفة فی أصله اخرجته عن الوصفین فالأقرب بقاء حکم المنع مع بقاء الاسم کما لو عرضت له بعد ذلک، و لا بأس بعودهما فی جواز السجود کما فی سائر اعواده و ورود ما یؤکل و یلبس و الأحوط تجنب حَبهما إذا تجرد عنهما و لم یلابسه جزء منهما، و أما ما یؤکل غیر معتاد کبعض النباتات و بعض الثمار أو یلبس کذلک کاللباس المتخذ من الخوص و اللیف و لا یبعد الحاق الجلجل بهما فلا بأس بالسجود علیهما و لو علی المتخذ للأصل و المصنوع منه لباساً بخلاف ما لو کان مأکولًا من النباتات کالبصل و الکراث و الفجل و الرشاد و الخس و النعناع و اللونیة و الحلبة و الکرفس و الشبنت و لا فرق بین ما ینبت منه لنفسه أو یزرع، و أما ما لا یؤکل اصلًا أو یؤکل نادراً عند الضرورة أو فی غیرها کالبطنج و الخبازی و الهندباء و کالبابونج و الحمیض و نحوهما فلا بأس بالسجود علیها و إن کان بعضها لا یخلو من احتیاط، و کذا ما نبت علی الماء کبعض النباتات سواء کان له اصل فی الأرض أو لا اصل له، و الأحوط فی الثانی الترک و لو اکل فی اقلیم دون آخر أو فی زمان ثمّ عدل منه جری علیه حکم المنع فی سائر الأزمنة و الأقالیم مع العلم بذلک و مع الشک، بنفی الأصل بالأصل فیسجد علیه و لا یجب فیه البحث و الاستعلام و لو اعتید اکله فی بلاد خاصة کما اعتید فی النجف اکل بعض النباتات أو لبسه کذلک أو عند قوم مخصوصین کما ینقل عن السودان، فالأقرب عدم اجزاء حکم المنع و ان الندرة فی الأشخاص و الأمکنة کالندرة فی الأحوال و هو بمنزلة اعتیاد الشخص الواحد لأکل شی ء و لبسه، فإنه لا عبرة به فی المنع حتی فی حق المعتاد عنده ذلک ثمّ ان هذا الشرط مختص بالجبهة اما بقیة المساجد فلا بأس بوقوعها علی أی شی ء کان ارضاً أو نباتاً مأکولًا و ملبوساً و غیرهما أو غیرهما حتی علی ما لا یصح لبسه فی الصلاة کالحریر و جلد غیر

ص: 282

المأکول و الأخبار المتکثرة صریحة فیه و الإجماع منعقد علیه و السیرة قاضیة به، و لا یبعد نفی الافضلیة فیها بل الجمیع متساوٍ فی وضعها علیه و هو شرط فی المختار ساقط عند الاضطرار من تقیة أو حر أو برد أو خوف مؤذ حیة أو عقرب أو غیرهما بلا خلاف و یدل علیه صریح الاخبار و هل یلزم تحری الاقرب فالأقرب فیما تندفع به التقیة و الضرورة فیقدم ما کان من النبات مأکولًا و ملبوساً علی ما لیس منه و لا من الأرض، و تقدم المعادن علی غیرها من الجلود أو یتخیر بین الجمیع مقتضی الأصل و ظاهر اطلاق الفتوی مع ترک الاستفصال فی صحیحة علی بن یقطین النافیة للبأس عن السجود علی المسح و البساط فی حال التقیة، و فی روایة ابی بصیر فی خصوص المسح انما هو الثانی و ظاهر روایة

منصور بن حازم عن ابی جعفر (ع): إنا نکون بأرض باردة یکون فیها الثلج أ فنسجد علیه؟ قال: لا و لکن اجعل بینک و بینه شیئاً قطناً أو کتاناً

، و

روایة داود الصرمی عن ابی الحسن (ع): إن امکنک ان لا تسجد علی الثلج فلا تسجد و ان لم یمکنک فسوه و اسجد علیه

، و موثقة عمار فی الرجل یصلی علی الثلج قال: لا فإن لم یقدر علی الأرض بسط ثوبه و صلی علیه

، و روایة ابی بصیر عن ابی جعفر (ع) الآمرة عند خوف الرمضاء علی الوجه بالسجود علی بعض الثوب ثمّ قال: لیس علیّ ثوب یمکننی ان اسجد علی طرفه و لا ذیله؟ قال: اسجد علی ظهر کفک فإنها احد المساجد، و کذا روایته عن ابی عبد اللّه (ع) هو الأول، و هو مقتضی الاخبار و جعل فی الذکری السجود علی الملبوس من نبات الأرض أولی من الثلج لأن المانع فی الملبوس عرضی بخلاف الثلج و حکم به فی القواعد فی الکف و الأقرب العمل بمقتضی هذه الروایات فی خصوص الکف و الثلج و لا تختص الضرورة بما ذکر علی الأظهر فتعم جمیع أنواع الإکراه و سائر أفراد الاضطرار کما هو ظاهر الفتوی، و فی روایة علی بن جعفر (ع) قال: سألته عن الرجل تؤذیه الأرض فی الصلاة و لا یقدر علی السجود هل یصلح له أن یضع ثوبه إذا کان قطناً أو کتاناً؟ قال: إذا کان مضطراً فلیفعل و لیس لزوم قطع الصلاة مع سعة الوقت من الضرورة علی الأظهر فلو لم یتمکن مما یسجد علیه و هو باقٍ علی صلاته قطعها و استأنف الصلاة علی ما یسجد علیه و لو وسع الوقت الإکمال ثمّ الاعادة کان أحوط، و الأقرب ان شرائط السجود ما مرَّ منها و ما یأتی بعد حصول ماهیة حتی عدم علو المسجد مغتفرة فی النسیان و مع الجهل بالموضوع لاغتفار النسیان فی نقصان جزئه و هو السجدة الواحدة.

خامسها: ان یکون المکان مباحاً و هذا بالنسبة الی تمام الأعضاء فی محل قرارها لا فی خصوص ما باشرها بالنسبة الی تمام السجود، فلو کان المباشر لها مباحاً و ما تحته غیر مباح لم یجز و کذا لو کان بقدر الذکر الواجب مباحاً دون ما عداه و هذا من اشتراط اباحة المکان للمصلی و قد تقدم البحث فیه و أن یکون المباشر المماس للعضو حالة الذکر الواجب ظاهر بالنسبة الی موضع ما یجب السجود علیه من الجبهة للأصل و الإجماع محصلًا و منقولًا و ما نقل عن الراوندی من تجویزه السجود علی الأرض و البواری و الحصر إذا جففتها الشمس من البول علی القول بعدم تطهیر الشمس نادر متروک و ما نقل عن متابعة بعض له لم یثبت، و ربما ینزل السجود فی کلامه علی سجود غیر الجبهة و لم نعثر علی ما یصرح بذلک فی الأخبار، الّا أنه بعد التأمل فی قوله (ص): (جعلت فی الأرض مسجداً و طهوراً) و فی جواب أبی الحسن (ع) علی الجص الموقود علیه بالعذرة و عظام الموتی أن الماء و النار قد طهراه و فی الاخبار الآمرة بطرح التراب علی المکان النجس حتی بجعل مسجداً ما یغنی فی إثبات ذلک و لو کانت النجاسة فی الجبهة معفواً عنها و کانت فیما زاد علی القدر الواجب لم یکن به

ص: 283

بأس و کذا لو کانت قبل الذکر الواجب أو بعده أو کانت تحت المماس لم یکن به بأس و أخبار طرح التراب علی المسجد دالة علی الآخر و المستصحب نجاسته بمنزلة معلولها و المشکوک فیها بمنزلة المعلوم عدمها و المشتبه بین النجس و غیره یلزم اجتنابه مع الحصر. و یکون فی حکم الطاهر مع عدمه و قد مرَّ تمام البحث فی ذلک فی مبحث اللباس.

و أما بالنسبة الی غیرها فإنما یلزم عدم تعدی النجاسة الغیر المعفو عنها کماً أو کیفاً الیه أو الی ثیابه غیر المعفو عنها. و ما عدا ذلک لا بأس مع التعدی و بدونه کما علیه معظم الأصحاب و یدل علیه ما دل بعمومه علی جواز الصلاة فی الامکنة النجسة مع الجفاف کما فی صحیحتی علی بن جعفر (ع) و موثقة عمار و علی جواز الصلاة علی الشاذ کونه مع اصابتها الجنابة و ما نقل عن ابی الصلاح من اشتراط طهارة مواضع المساجد السبعة لم نعثر له علی مستند و الاستناد له بقوله (ع): (

جنبوا مساجدکم النجاسة

) ضعیف و ما نقل عن المرتضی من اشتراط طهارة مکان المصلی و لعل المراد به ما لاصق أعضاء المصلی لا ما احاط به فی الجهات و لا ما تحت الملاصق و یحتمل شموله لملاصق الثیاب أیضاً فتکون طهارتها لا تغنی عن طهارته، و فی شموله للثیاب التی لیست تحت عضو الطواف عمامة أو رداء اوجه استناداً الی نفیه عن الصلاة فی المجزرة و إلی موثقة بن بکیر الناهیة عن الصلاة علی الشاذ کونه یصیبها الاحتلام ضعیف لضعف مستنده مقاومة فیتعین حمله علی الکراهة أو مع تعدی النجاسة، و کذا ما نقل عن فخر المحققین من اشتراط خلو المکان من نجاسة متعدیة، و إن کان معفواً عنها فی الثوب و البدن مدعیاً علیه وقوع الاجماع منّا لخلوه من المستند مع القطع بالغاء خصوصیة سریان النجاسة من المکان مع شمول ما دل علی العفو عنها نصاً و فتوی لذلک و من اطلق من الأصحاب هنا المنع فی النجاسة المتعدیة فقد اکتفی عن تقییده بتقسیمه النجاسة الی معفو عنها و غیر معفو عنها فی بابها و هو مقتضی تعلیلهم المنع هنا باشتراط طهارة الثوب و البدن فی الصلاة، و یجوز السجود علی القرطاس نصاً و اجماعاً محصلًا و منقولًا و مقتضاها تبعیة الحکم لصدقه من دون فرق بین المتخذ من نبات یصح السجود علیه کالخشب و نحوه اولا کالقطن و الکتان أو من غیره کالابریسم، الّا أن یدعی ان المتخذ من الابریسم لیس من الإقرار المتعارفة فی الاطلاق و هو فی حیز المنع مع ان ما لا فی صحیحة ابن مهزیار من العام و لیس من المطلق فما قیده بعضهم بالمتخذ من غیر الابریسم و منعه آخرون فی القطن أو الکتان أیضاً ضعیف علی الظاهر خروجه عن حقیقة الأصلیة الی حقیقة أخری فتشترک جمیع أفراده، أما منعاً أو جوازاً و لا مدخلیة لأصله فی جواز السجود و عدمه و لا تشمله ادلة النبات و کذا ما استشکله الشهید من اشتماله علی اجزاء النورة المستحیلة، فإنه اشکال فی مقابلة النص مع ان النورة من الأرض علی انه ادعی ان المعروف غسل النورة منه بعد جعلها فی اصل مادته حتی لا یبقی فیها شی ء منها، و علی ذلک فلا تؤثر منعاً بناء علی عدم ارضیتهما و لا جواراً بناء علی الأرضیة و مما ذکرنا بان ان الأحوط تجنب ما کان من شی ء لا یجوز السجود علیه أو الشک فی انه منه لأن المشکوک فی أصله بمنزلة ما علم عدم جواز السجود علیه بل الأحوط تجنبه مطلقاً و لو علم انه من الخشب لخروجه عن حقیقته و لدخول النورة فیه المحتاط فی ترک السجود علیه مع الشک فی زوالها و ذهابها، و لو کان مکتوباً فإن الکتابة جرماً ما لا یصح السجود علیه لم یجز السجود علیها و إن کانت صبغاً غیر جرم أو کان السجود علی الجزء غیر المکتوب منه أو کانت مما یسجد علیها ففی صحیحة جمیل عن الصادق (ع) إنه کره أن یسجد علی القرطاس علیه کتاب، و بها أفتی الأصحاب و قیدها بعض ما ابصره و احسن القراءة و استشکل فی کره فی زوال الکراهة عن الاعمی و شبهه و الکل مناف لمقتضی

ص: 284

اطلاق النص مع عدم العلم بالحکمة، و لو علمت فلا عموم فیها بل بنائها علی الغالب و فی تسریة حکم الکراهة الی کل نفس و ان لم یکن کتابة وجه قریب و کذا فی تسریته الی کل ما یسجد علیه و کان مکتوباً أو منقوشاً و فی شمول الکتابة لغیر الکتاب بالإحرام کما فی کتابة القالب بالتربة الحسینیة أو بالحفر أو بالبیاض وجهان و لو قیل بأولویة اجتناب کل مسبوغ بما لا یصح السجود علیه لکان له وجه و ما یتخیّل من منعه بعد قیام العرض بنفسه فیکون السجود علیه سجوداً علی ما لا یصح السجود ضعیف لعدم بناء الخطابات الشرعیة علی المذاقاة الحکمیة.

سادسها: الجلوس بین السجدتین بعد رفع الرأس من السجدة الأولی فلا یکفی مجرد الرفع عن الجلوس و لا الجلوس عن الرفع کما لو نزل عن مقره و قد بقیت جهته علی قرارها حتی استوی جالساً و مثله ما لو جلس رافعاً مسجده مع جبهته، و إن ارتفع المسجد عن قراره، فلو التصق تراب لسجدته الاولی أو بقیة التربة الحسینیة ملتصقة وجب علیه رفعهما و السجود ثانیاً کما یجب علیه رفع ذلک لو کان ملتصقاً قبل السجود و لو سجد و الحال هذه بطلت صلاته و فی روایة بن بجیل قال: رأیت ابا جعفر بن محمد کلّما سجد فرفع رأسه اخذ الحصی من جبهته فوضعه علی الأرض دلالة علی اللزوم و ربما کان هو المعنی أیضاً فی صحیحة الحلبی و هل یزول التعدد مع ذلک حتی ان من فعل ناسیاً کذلک فی السجدة الثانیة یکون قد ترک سجدة و یجب علیه قضاؤها و یکون بمنزلة من استمر علی السجود من دون رفع، و إن نوی التعدد و من فعله فی ابتداء السجود فإن أزاله فی السجدة الثانیة یکون قد ترک سجدة واحدة و هی الأولی و أن استمر فیهما یکون قد ترک السجدتین و تبطل الصلاة بفعله عمداً و سهواً و لا وجهان اظهرهما الثانی و ان التصاق المسجد بالجبهة لا یدفع حقیقة السجود کما یدفع السجود الثانی ترک الرفع، و أما وجوب زوال ما علی المسجد قبل السجود الأول و الثانی فلیس لتحقق الحقیقة بل الظاهر الأمر بسجوده الجبهة علی الأرض وضعها علیها مع التأسی و کونه المألوف من فعل السجود و فی لزوم رفع بقیة المساجد احتمال الأقرب عدمه و روایة البزنطی صاحب الرضا (ع) قال سألته عن الرجل یسجد ثمّ لا یرفع یدیه من الأرض بل یسجد الثانیة هل یصلح له ذلک؟ قال: ذلک نقص فی الصلاة، و مثلها روایة علیّ بن جعفر (ع) عن اخیه (ع) ظاهرتان فی الکراهة أو یحملان علی من تفوته الطمأنینة و الانتصاب فی الجلوس و حیث انها لم یطلب بها وضع علی مخصوص لم یقم احتمال المنع فی التصاق ما توضع علیه و المدار فی الجلوس علی تحقق مسماه کماً و ان استحب اطالته للدعاء و تحقیقاً للطمأنینة و کیفاً کیف اتفق و الأفضل للرجال التربع علی النحو المعهود و هو جمع القدمین و وضع احدهما علی الأخری کما هو المنقول عن أهل اللغة، و المدعی علیه قضاء العرف کما ینافیه ما سیجی ء من استحباب التورک فی الجلوس و لیس المراد به التربع المستحب فی صلاة الجالس و هو الجلوس علی الألیتین و نصب الفخذین و الساقین فإن ذلک مستحب للجلوس فی النساء لما روی عن زرارة انه قال: فإذا کانت فی جلوسها ضمت فخذیها و رفعت رکبتیها و یؤیده ما رواه عبد الرحمن عن عبد اللّه (ع) قال: سألته عن جلوس المرأة فی الصلاة؟ قال: تضم فخذیها، و فی الذکری هذه الروایة موقوفة علی زرارة لکن عمل الاصحاب علیها و هو جیّد، الّا انه فی العلل لیست الروایة موقوفة بل عن زرارة عن ابی جعفر (ع) و لو لا ذلک لکان مقتضی الاخبار و الفتوی من استحباب التورک و من استحبابه للرجال مع السکوت عن حکم النساء، و مع ضمیمة عموم الاشتراک فی التکالیف اشتراک الرجال و النساء فی استحباب هیئته الجلوس و کما یجب الرفع و الجلوس یجب ان یکون الجالس فی جلوسه مطمئناً مستقراً

ص: 285

بما یحصل معه مسمی الطمأنینة من دون حدّ لها کل ذلک بالإجماع محصلًا و منقولًا و صلاة حمّاد و روایتا ابی بصیر و الأزدی ناصة علیه، و انما تجب مع الإمکان عادة أو شرعاً و مع التعذر أو المتعسر یأتی بالممکن منها و یأتی بما تیّسر من الرفع و فی لزوم الإتیان بما تیسر من الطمأنینة وجه قریب و یلزم فیهما الاستقلال مع الامکان علی الأظهر کما یلزم ذلک فی السجود و طمأنینته أیضاً، و مع عدم الامکان یأتی بهما و لو باعتماد أو اعانة الغیر و یجب تحصیل ذلک و لو ببذل ما لا یضر بالحال و الأقرب لزوم نصب فقار الظهر فی الجلوس کما فی القیام و الأحوط ان ینصب عنقه و لا یطأطئه خارجاً عن المعتاد و لا یبعد ان حرکة الید و نحوها مخلة بالطمأنینة و الاستقرار لمنافاتها رجوع المفاصل المأمور به فی روایة ابی بصیر و السکون المأمور به فی روایة الأزدی و هو مقتضی یقین الفراغ فی شغل الذمة.

سابعها: تمکین الجبهة و الساجد من محال السجود و الاعتماد علیها بإلقاء ثقله علیها فلو تحامل عنها لم یجز و قد أفتی بذلک جمع من محققی الأصحاب من دون نقل خلاف فیه و المستند فیه بعد الأصل و کونه المعهود و انصراف ظاهر الأمر بالسجود الیه روایة علی بن ابی یقطین و روایة علی بن جعفر الظاهرتان فی لزوم تمکین الجبهة عند السجود، و لا فارق بینها و بین باقی المساجد و ما یستند له بعد حصول تمام المراد من الخشوع الّا به إنما یصلح مؤیداً لا دلیلًا بأن الطمأنینة لا تحصل الّا به لا یخفی ضعفه لظهور منع الملازمة و ان التمکین امر زائد علی الطمأنینة و لا یجب تساوی الأعضاء فی الاعتماد و التمکین کما لا یجب الزیادة فیه علی قدر الثقل و ان استحبت المبالغة فیه فی الجبهة لیحصل أثر السجود الذی مدح اللّه تعالی فی الکتاب العزیز اهله و کن علی (ع) عدمه کما فی روایة السکونی، و علیه ما ینزّل ما رواها اسحاق بن الفضل

ص: 286

عن الصادق (ع)

أن رسول اللّه (ص) کان یحب ان یمکن جبهته من الأرض

، و فی روایة جابر عن الباقر (ع) قال

ان علی بن الحسین (ع) کان اثر السجود فی جمیع مواضع السجود فسمی السجاد

، و فیها دلالة علی اشتراک المساجد فی ذلک مع الجبهة، و لا بأس بالعمل علیه مع ما فیه من زیادة اظهار العبودیة، و لو دار الأمر بین الجبهة و غیرها قدم جانب الجبهة و فی باقی الأعضاء تخیر من دون ترجیح بعضها علی بعض مع احتمال تقدیم جانب الیدین و الرکبتین علی الإبهامین و لو توقف التمکین علی المبالغة فیه حتی یثبت العضو کما فی السجود علی القطن و الکتان و التبن و النبات و الرمل وجب ذلک ما لم یؤد الی هبوط موضع السجود هبوطاً یخرجه عن هیئة الساجد و لو تعذر التمکین وجب السجود بدونه تتحقق ماهیته بدونه و لا یبعد تقدیم مراعاة شرط الأرضیة و الطهارة بل و سائر الشرائط السابقة علیه مع الدوران بینه و بین أحدها، هذا إذا کان ما یوضع علیه المسجد متماسکاً و لکن لا یحصل علیه الاعتماد، اما لو لم یکن متماسکاً بحیث یلقی علیه العضو کما فی الوحل و المائعات فالأقرب سقوط الوضع علیها لعدم تحقق ماهیة السجود به و انه مما تعذّر فیه السجود فیلزم فیه الانحناء بقدر الممکن الی حدّ السجود، و لو استلزم الوضع علیه أو غرق الجبهة فیه و الّا فالإیماء و ما فی الأخبار من الأمر بالإیماء لمن لم یجد ما یسجد علیه و لم یکن له موضع یسجد علیه و الأمر به لمن کان فی مکان لا یقدر علی الأرض محمول اما علی عموم الایماء للانحناء و یکون المراد به و لو ایماء بجمیع البدن أو علی حالة التعذر عند الانحناء، و لو قیل بالاجتزاء بالإیماء عند تعذر ما یسجد علیه لظاهر هذه الأخبار لکان له وجه. ثامنها: رفع ما یمنع القدر الواجب من الجبهة أو ما قام مقامها عن مباشرة محل السجود سواء کان المانع علی الجبهة من لطوخ أو دواء أو شعر رأس متدلّ علیها و فی الشعر النابت علیها وجهان اقواهما الحاقه بها و عدم الحکم بمانعیته أو کان المانع علی محل السجود مما لا یصح السجود علیه و منه الوسخ المتکاثر حتی صار جرماً حائلًا علی التربة الحسینیة علی مشرفها افضل السلام و التحیة، أما ما یکسبها لوناً و وضعاً من دون جرم فلا بأس به و هذا الشرط عند التحقیق یغنی عنه الشرط الرابع هو و کون السجود علی الأرض، و لذا اکتفی به الأصحاب عند التعرض لهذا الشرط، ثمّ ان هذه الشرائط حیث انها شرائط اختیار و تسقط عند الاضطرار فصور الدوران بین آحادها و مرکبها عدیدة و الحکم بالترجیح فیها أو التخییر بینها لخلو النص و کلام الاصحاب منه محتاج الی نظر الفقیه فی معرفة الأهم منها و معرفة المتساوی فیها و الذی یظهر ترجیح جانب الجبهة علی بقیة المساجد و التخییر بین باقیها و ترجیح ما یتوقف علیه تحقیق ماهیة السجود و منه الرفع لتوقف حصول السجدة الثانیة علیه علی ما یکون شرطاً فیه خارجاً عن ماهیته و ترجیح ما یتعلق بهیئة السجود من مساواة موضع الجبهة لموضع القدم علی ما یتعلق بمحله من الشرائط.

المستحبات فی السجود

و فیها امور:

الأول: التکبیر له مبتدأً به حالة القیام فلا یجزی فی أثناء الهوی للأصل و ظاهر النص و الفتوی مخیراً بین انتهائه حالته أو بعد الهویّ عنه جمعاً بین صحیحة حماد الظاهرة بإیقاعه التکبیر تماما حالة، فلا یجزی فی اثناء الهوی للأصل و ظاهر النصوص و الفتوی مخیراً بین انتهاءه حالته أو بعد الهوی عنه جمعاً بین صحیحة حماد الظاهرة بإیقاع التکبیر تماماً حال

ص: 287

القیام ثمّ السجود، و صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) الآمرة لمرید الرکوع و السجود برفع الیدین و التکبیر ثمّ الرکوع و السجود و بین روایة معلی بن خنیس عن الصادق (ع) قال: سمعته یقول:

کان علی بن الحسین (ع) إذا هوی جداً نکب و هو مکبر

، مؤیدة بصحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) الآمرتین برفع الیدین للتکبیر و الخر للسجود و الأقرب أن الفضیلة فیما حکته صحیحة حماد و نقل عن ابی عقیل امتداد التکبیر الی أن یستقر ساجداً و هو مع استلزامه اما سرعة الهوی أو طول المد فی التکبیر و هما مرجوحان دائران بین المحرم المفسد أو المکروه لم نعثر له علی مستند، الّا ان یحمل الانکباب فی روایة بن خنیس علی السجود نفسه و یجری فیه ما مرَّ من تکبیر الرکوع من الکلام من حکمه و فی رفعه خلافاً و حجة و ترجیحاً.

الثانی: تلقی الأرض أو غیرها مما هو مکان للمصلی عند الهوی للسجود من قیام بالکفین ظاهرهما و باطنهما أو بمفصلیهما من الزندین قبل الرکبتین لأنه الحمل فی الخضوع و للإجماع المحصل و المنقول الصحیح زرارة و صحیح محمد بن مسلم و روایة الحسن بن ابی العلی و روایة حفص عن الصادق (ع) قال: کان علی (ع) إذا سجد یتخوّی کما یتخوّی البعیر، الضامر بمعنی بروکه، و فی موثقة ابی بصیر عن الصادق (ع) من نفی البأس عن وضع الرجل رکبتیه علی الأرض قبل یدیه، و فی صحیحة عبد الرحمن بن ابی عبد اللّه (ع) من انه لا یضره بأی ذلک بدء فهو مقبول منه لا منافاة فیهما لعدم التعارض بین الاستحباب و جواز الخلاف، فلا حاجة لحملها علی الضرورة و عدم التمکن و لا الی التخییر فی المستحب و هما دلیلان علی الاستحباب کظاهر الاجماعات المنقولة و ما نقل عن الصدوق فی الامالی من القول بوجوبه متروک ثمّ ان ظاهر صحیحة زرارة استحباب وضع الیدین دفعة من غیر ترتیب بینهما بل ادعی ظهور سائر الاخبار بذلک و به افتی الشهید و بعض و ادعی علیه الشهرة و فی روایة عمار وضع الیمنی قبل الیسری و نقل عن الجعفی و لو جمع باختلاف مرتبة الفضیلة فتکون الفضیلة أو لا فی الوضع دفعة ثمّ من بعده وضع الیمنی قبل الیسری و هو افضل من العکس لم یکن بعیداً، و لو جلس فی هویة الی السجود من دون تلق للأرض استحب له البدأة أیضاً بوضع الیدین قبل الرکبتین عملًا بعموم الدلیل. و الظاهر مراعاة محل وضع الیدین فیما سامت محل الرکبتین فلو وضعهما علی مرتفع قبل الرکبتین لم یکن اثبات لوظیفة و لا یبعد تسریة الحکم الی مقطوع الزندین بل و الذراع فیستحب البدأة به بوضع الباقی قبل الرکبتین.

الثالث: دفع ذراعیه حالة السجود فی واجبة و مستحبة عن محل کفّیه و عن رکبتیه و فخذیه لما دلَّ علی الأمر بالتنجیح من اجماع و سنة و لصحیحة زرارة و لا تفترش ذراعیک افتراش السبع ذراعیه و لا تضع ذراعیک علی رکبتیک و فخذیک و هی ظاهرة فی ثبوت الکراهة لافتراش الذراعین و وضعهما علی الرکبتین و الفخذین و یختص هذا الحکم و الذی قبله بالرجل اما المرأة فیستحب لها البدأة بالرکبتین لما فی خبر زرارة و اذا سقطت للسجود بدأت بالرکوع بالرکبتین قبل الیدین و یستحب لها بسط الذراعین لاستحباب الضم لها و لموثقة ابی یعفور عن ابی عبد اللّه (ع) قال: إذا سجدت المرأة بسطت ذراعیها، و لقوله (ع) فی حسنة زرارة ثمّ سجدت لاطئة بالأرض، و فی الفقه الرضوی فإذا جلست سجدت لاطئة بالأرض.

الرابع و الخامس و السادس: بسط کفیه کذلک راحتیهما و اصابعهما مضمومتی الاصابع ابهاماً و غیره حذاء اذنیه و بدل علی الثلاثة صحیحة حمّاد الّا ان فیها بسط الکفین بین یدی

ص: 288

الرکبتین حیال الوجه و فی صحیح زرارة النهی عن تفریج الاصابع و الأمر بضمهن جمیعاً أو فیها أیضاً الأمر ببسط الکفین و النهی عن التصاقهما بالرکبتین و إلا یحرفهما عن ذلک شیئاً و المنافاة بینها و بین صحیحة حماد ظاهرة من وجهین و یمکن الجمع بحمل بین یدی الرکبتین فی صحیحة حماد بین کونه علی جبهتهما فلا ینافی انحرافهما عنهما المأمور به فی صحیحة زرارة و حمل حیال الوجه علی ما قرب منه لا محاذاته فلا ینافیه الأمر بجعلهما حیال المنکبین و النهی عن دونهما من الوجه و قد نقل عن نهایة الأحکام الإجماع علی وضعهما حیال المنکبین و ما فی کلام المصنف () من جعلهما حذاء الأذنین تبعاً لغیره کالعلامة لم نعثر له علی مأخذ بخصوصه و لعله یراد بالمحاذاة مجرد القرب و یکون راجعاً الی ما فی صحیحة حماد و یکون مرجع حیال الوجه و حیال المنکبین و حذاء الأذنین الی واحد لکن مع عدم القرب التام الی الوجه و فی روایة سماعة انه رأی ابا عبد اللّه (ع). إذا سجد بسط یدیه علی الأرض بحذاء وجهه و فرّج بین أصابع یدیه و یقول أنها یسجدان کما یسجد الوجه و لمنافاتها لما هو اصح منها سنداً و اشهر منها فتوی و روایة تعیّن حملها علی بیان الجواز و هو بمجرد الفعل من دون مداومة غیر بعید لا أو علی ضرورة أو یراد بالتفریج فی مقابلة وضع بعضها علی بعض فلا ینافی الضم و ما نقل عن ابن الجنید من استحباب تفریق الإبهام لم نعثر له علی مستند و لعله قاسه علی حال الرفع فی التکبیر و لا یسقط میسور هذه بمعسورها.

السابع: نظره فی سجوده الی طرفی انفه لما فی سنن الفقه الرضوی من النظر الی انفیه و احتمال ارادة الطرف الأعلی و الأسفل بعید لتعسر النظر الی الأعلی و المذکور فی کلام جماعة طرف انفه بالوحدة فالمراد منه الأسفل و لو ارید ما یقع علیه النظر من الانف لم یکن بعیداً.

الثامن: إدغام الأنف و هو الصاقه بالرغام و هو التراب و قد نقل علی الاستحباب فیه جماعة الاجماع و به قضی ظاهر اطلاق السنة علیه فی صحیحة زرارة، و علی الوضع علی الأرض فی صحیحة حماد و قول الصادق (ع) فی روایة مصادف و لیس الأنف علی سجوده، و روی عمار عن الصادق (ع) عن آبائه (علیهم السلام) عن علی (ع) انه قال: لا یجزی صلاة لا یصیب الأنف فیها ما یصیب الجبین، و ابن المغیرة قال اخبرنی من سمع ابا عبد اللّه (ع) یقول: لا صلاة لمن یصیب انفه ما یصیب جبینه، و هما منزلان علی الکمال و ما نقل عن الصدوق من القول بالوجوب و أن من ترکه متعمداً فلا صلاة له منزّل تبعاً للروایتین أو متروک و لا یختص الاستحباب بالإرغام بل یستحب الوضع علی ما یصح السجود علیه. و إن لم یکن تراباً مع التمکن منه و بدونه و ان کان الارغام لقوله (ع) فی صحیحة حماد وضع الانف علی الارض سنة و لروایتی عمار و ابن المغیرة و هما أعم من صحیحة حماد لشمولهما الأرض و غیرها مما یصح السجود و یکفی فیه مجرد الوضع من دون اعتماد و تمکین لحصول مسمی الاصابة و الإلصاق و الوضع به و ان کان مراعاته أولی لأنه ابلغ فی الخضوع و لحکایة حماد سجوده علی ثمانیة اعظم الظاهر فی الاعتماد لما فی العیون عن عبد اللّه بن الفضل عن ابیه فی حدیث انه دخل علی ابی الحسن موسی بن جعفر (ع) قال: فإذا بغلام أسود بیده مقص یأخذ اللحم من جبینه و عرنین انفه من کثرة سجوده، و لا یستحب وضعه علی ما لا یصح السجود علیه و إن أمکن وضعه علی ما یصح السجود علیه أو عند وضع الجبهة علی ما لا یصح السجود علیه فیکون کغیر الجبهة من المساجد، و فی الاستحباب عند عدم التمکن مما یسجد علیه و ان کانت الجبهة علی ما یسجد أو عند وضع الجبهة علی ما لا یصح السجود علیه. و إن أمکن وضعه علی ما یصح السجود علیه أو عند وضع الجبهة علی ما لا یصح

ص: 289

السجود علیه أو عند وضع الجبهة علی ما لا یصح السجود علیه مع عدم التمکن أیضاً من وضعه علی ما یسجد علیه أو سقوطه رأساً اوجه أقربها الأول و ان استشعر من روایتی عمار بن المغیرة تبعیة للجبهة و یکفی فی الاستحباب سمی الأنف أی جزء منه و نقل عن المرتضی اعتبار الطرف الأعلی منه مما یلی الحاجبین و تبعه ابن ادریس و لم نعثر له علی مستند و ربما کان فی حدث العیون اشعار به فإن العرنین الطرف الأعلی و فی البشری علی ما نقل عنه انه ضعیف لافتقاره الی تهیئة موضع السجود ذی هبوط و ارتفاع لانخفاض هذا الطرف عالیاً و هو ممنوع اجماعاً فالقول به تحکم شدید، و لو لا ان السجود علی التراب و نحوه لا یفتقر الی شی ء من ذلک و ربما کان هو الغالب سابقاً لکان ما ذکره جیداً فإن هذه الألواح من الترب الشریفة و إن اشتهرت و کان الأمر فیها سهلًا الّا انها حادثة و یحتمل حمل کلام المرتضی علی التخییر دون التعیین فیرتفع الخلاف من البین.

التاسع: التکبیر لرفع الرأس منه فی السجدة الأولی بعد الاستواء جالساً و للأخذ فی السجدة الثانیة حال جلوسه کما فی صحیحة حماد و یدل علی الثانی أیضاً صحیحة زرارة عن ابی جعفر (ع) قال: إذا اردت أن ترکع و تسجد فأرفع یدیک و کبر ثمّ ارکع و اسجد، و لرفع الرأس منه فی السجدة الثانیة بعد الانتصاب کما أفتی به الأصحاب و یدل علیه، و علی الحکمین السابقین أیضاً صحیحتا بن عمار و ابن مسکان القاضیتان باستحباب الرفع للیدین عند السجود و عند رفع الرأس منه لظهور مصاحبة التکبیر معه و منها یعلم استحباب الرفع أیضاً، و ما دل علی عدد التکبیر فی الصلوات الخمس انها خمس و تسعون و علی عدده فی خصوص الرباعیة انها احدی و عشرون تکبیرة و فی المغرب ستة عشر و فی الفجر احدی عشر و خمس فی القنوت، و ما رواه الحمیری عن المهدی فی حدیث قال: إذا انتقل من حال الی اخری فعلیه التکبیر و نقل عن سلار وجوب هذه التکبیرات و عن صاحب الفاخر وجوب احدی تکبیرتی الجلوس بین السجدتین و یجری ما مرَّ فیه دلیلًا و ترجیحاً و الأقرب منها مراعاة الاستواء جالساً کما فی تکبیر الرکوع و لیست کتکبیرة الهوی للسجود، و المرتضی علی ما نقل عنه قد روی إذا کبر للدخول فی فعل من الصلاة فابتدأ بالتکبیر فی حالة ابتداءه و للخروج بعد الانفصال عنه و العلامة فی کرة بعد أن نقل ذلک و ذکر صحیحة حماد قال: و کلاهما جائز لکن الاول أولی و علی ما استقربناه فمع قصد الخصوصیة لا یجتزی به قبله فی تکبیرتی الرفع و فی کلام بعض استحبابه مع الرفع و هو غیر صریح بالخلاف و ما فی التوقیع من انه روی انه إذا رفع رأسه من السجدة الثانیة فکبّر ثمّ جلس منزّل اما علی ارادة الاستقرار فی الجلوس کما هو ظاهر صحیحة حمّاد لقوله: فلما استوی جالساً قال اللّه اکبر ثمّ قعد علی ورکه الأیسر أو علی عدم ارادة الترتیب الزمانی من ثمّ و علی کل حال فالحکم برجحانها بعد الطمأنینة أو بعد التورک لا دلیل علیه، و الحکم برجحان سبقها علی التورک بعد اعراض الأصحاب عنه و ان ظهر من صحیحة حمّاد لا یخلو من تأمل، و لا یجتزی بها بعد الهوی من الجلوس فی تکبیرة الأخذ کما لا یجتزی به بعد الأخذ فی القیام فی تکبیرة الرفع الثانی من السجود.

العاشر: جلسة الاستراحة و هی الحلبة قبل القیام بعد الرفع فتکون هی الجلوس الأخیر للسجدتین من الرکعة الأولی أو الثانیة و نقل عن الشیخ اطلاق ذلک علی زیادة الجلوس بین السجدتین علی القدر الواجب و فیها روایتان أحدها قاضیة بالوجوب و هی روایة ابی بصیر عن الصادق (ع) قال: إذا رفعت رأسک من السجدة الثانیة من الرکعة الأولی حین ترید ان تقوم فاستوِ جالساً ثمّ قم، و قد عمل بمضمونها المرتضی و ربما ظهر من عبارة بن الجنید و ابن أبی عقیل علی ما نقل عنهما و یظهر من جماعة المیل الیه، و نقل المرتضی و فی الغنیة

ص: 290

علیه الإجماع و یؤیده الاحتیاط و فعل الصادق (ع) کما فی صحیحة عبد الحمید و فعل امیر المؤمنین (ع) و مداومته علیه کما فی خبر الأصبغ بن بناته و بعده عن طریقة المخالفین، و ما اشتهر بینهم قولًا و فعلًا و ثانیهما قاضیة بجواز ترکها و هی روایة زرارة قال: رأیت ابا جعفر (ع) و ابا عبد اللّه (ع) إذا رفعا رأسهما من السجدة الثانیة نهضا و لم یجلسا، و قد عمل بمضمونها المشهور و حملوا روایة ابی بصیر علی الاستحباب و افتوا به و یؤیده قول امیر المؤمنین (ع) فی خبر الأصبغ. انما یفعل ذلک اهل الجفا من الناس ان هذا من توقیر الصلاة بعد أن قیل یا امیر المؤمنین کان من قبلک ابو بکر و عمر إذا رفعوا رءوسهم من السجود نهضوا علی صدور اقدامهم کما تنهض الابل، و قول ابو الحسن (ع) فی روایة زید النرسی:

إذا رفعت رأسک من آخر سجدتک فی الصلاة قبل ان تقوم فأجلس جلسة ثمّ بادر برکبتیک الی الأرض قبل یدیک فأبسط یدیک بسطاً و اتک علیهما ثمّ قم فإن ذلک وقار المؤمن الخاشع لربه، و لا تطیش من سجودک مبادراً الی القیام کما یطیشها الاقشاب فی صلاتهم

، و ما رواه أبو بصیر و محمد بن مسلم عن ابی عبد اللّه (ع) عن آبائه (علیهم السلام) قال: قال امیر المؤمنین (ع):

اجلسوا فی الرکعتین حتی تسکن جوارحکم ثمّ قوموا ان ذلک فعلنا

، و ما رواه رحیم قال: قلت لأبی الحسن (ع):

جعلت فداک اراک إذا صلیت فرفعت رأسک من السجود و فی الرکعة الأولی و الثالثة فتستوی جالساً ثمّ تقوم فتصنع کما صنع قال: و لا تنظروا الی ما أصنع انما اصنعوا ما تؤمرون

، فإن هذه الروایات جمیعاً طلائع الاستحباب لائحة علیها و نفحاته ناتجة منها بل جعل فی الذکری الروایة الأخیرة صریحة فیه و فی کشف اللثام الروایة الأولی دلیلًا علیه و استفاضة الشهرة علیه حتی کادت ان تکون اجماعاً توهن الإجماع المنقول و تضعف الحمل لروایة زرارة علی التقیة سیّما إذا حصلت الشهرة عندنا مع شهرته و معرفته عند العامة و عدم اخفائه، علی ان الجمع بالاستحباب اقرب من الحمل علی التقیة فی العمل فإنها فیه کسائر الضرورات المبیحة و اولی من الحمل علیها فی الفتوی لأنها طرح حینئذ و لیست بطریق جمع مع ان الخلاف للعامة یکفی فیه الحکم باستحبابها لحکمهم باستحبابها ترکها لا بمجرد جوازه علی ان روایة زرارة اقوی سنداً و اصرح دلالة، فلا محیص عن العمل بالمشهور فی کل من الفرض و النفل و ما یظهر من علی بن بابویه علی ما نقل عنه من لزومها فی الفرض دون النفل متروک و فی روایة ابی بصیر و محمد بن مسلم و روایة رحیم دلالة علی استحباب الطمأنینة فیها أیضاً، بل ربما لا حینئذ من بعض العبارات انها من محل البحث فی الوجوب و الاستحباب.

الحادی عشر: الورک علی الأیسر و اخراج رجلیه من تحته و جعل رجله الیسری علی الأرض و ظاهر القدم الیمنی علی باطن الیسری و الاقعاد بمقعدته الی الأرض فی الجلوس بین السجدتین و فی جلسة الاستراحة و هو المعبر عنه فی عبارات الاصحاب بالتورک و یدل علیه صحیحة زرارة الّا ان موردها التشهد و لم تشمل علی الجلوس علی الورک الأیسر و قد تضمنت زیادة علی ذلک الصاق الرکبتین بالأرض و التفریج بینهما شیئاً و کون طرف الإبهام الیمنی علی الأرض و صحیحة حماد الّا انها فی الجلوس بین السجدتین و ذکر فیها القعود علی الفخذ الأیسر أو الورک، و لم تشمل علی أزید من ذلک و علی وضع ظاهر القدم الأیمن علی باطن القدم الأیسر و نقل عن المرتضی انه اعتبر مع مماسة الورک و الفخذ الأیسر یده للأرض رفع الفخذ الأیمن علی العرقوب الأیسر و نصب طرف ابهام الرجل الیمنی علی الأرض و الاستقبال بالرکبتین معاً القبلة و نقل عن ابن الجنید انه اعتبر فی الجلوس بین السجدتین وضع الألیتین علی بطن القدمین و ان یقعد علی مقدم الرجلین و اصابعهما و لا یقعی اقعاء

ص: 291

الکلب و احتمل بعض منه ارادة الجواز و انه غیر الهیئة المکروهة، و هو قریب و روی أبو بصیر عن الصادق (ع) النهی عن التورک فی الصلاة و فسّر بوضع الیدین علی الورک و هو قائم فلا منافاة فیه.

الثانی عشر: النظر حال الجلوس بین السجدتین الی الحجر کما نقل عن المفید و سلّار و یدل علیه صریح الفقه الرضوی و کونه ابلغ فی الخشوع و الإقبال علی العبادة و نقل عن بن البراج ان الجالس ینظر الی حجره و هو یعطی برجحانه حال جلسة الاستراحة أیضاً و هو غیر بعید.

الثالث عشر: قول بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد إذا أراد القیام و قد أخذ فیه و نهض من الجلوس فی جلسة الاستراحة أو بعد التشهد و لا یستحب عند الجلوس و ما یظهر من المعتبر من استحباب الدعاء فی جلسة الاستراحة متروک نصاً و فتوی، و ربما ینزل علی الشروع فیه حال النهوض، و إن کان لم یتجاوز هیئة الجالس فیکون محله أول النهوض و الأخذ فی القیام و هو فی حال الجلوس و لا یتراخی عنه و یدل علیه روایة الخضرمی و روایة الجلاب و صحیحة بن مسلم. الّا أن فیها اسقاط و بقوته و لیس فی الجمیع تعادل فینبغی ترکها بقصد الخصوصیة کما لا ینبغی ذکر أرکع و أسجد بهذا القصد بعدها و فی صحیحة بن سنان قول: اللهم بحولک و قوتک أقوم و أرکع و أسجد، و فی روایة دعائم الاسلام عن علی (ع) انه کان یقول مثل ذلک بإسقاط ارکع و اسجد، و فی روایة رفاعة مثله بإسقاط اللهم و فی صحیحة بن سنان الأخری مثله الّا ان فیها زیادة ربی بعد اللهم و التخییر بین زیادة أرکع و أسجد و ترکهما و هو یعطی حصول الوظیفة بدونها، و فی هذه الاخبار مع ما مرَّ من الاخبار الدالة علی اعداد التکبیرات فی الصلاة المنجبرة بشهرة العمل بین الاصحاب و بمقتضی التوقیف فی العبادة دلالة علی عدم مشروعیة التکبیر حال القیام من جلسة استراحة أو تشهد و نقل عن المفید استحبابه و لعل مستنده ما فی التوقیع من جواز الأخذ بحدیث فإنه إذ انتقل من حالة الی اخری فعلیه التکبیر و هو بعد اعراض الاصحاب عنه و الاعراض عنه فی سائر الاخبار حتی قال الشیخ لست اعرف لقوله: هذا حدیثاً اصلًا لا یصلح ان یکون مستنداً و لو ترک الجلوس و نهض من السجود الی القیام، فالأقرب استحباب الدعاء أیضاً لتعلیقه فی کثیر من الاخبار علی القیام من السجود لا من الجلوس و لو نهض و ترک الدعاء فهل یستحب له حتی یدخل فی حد القائم أو حتی ینتهی قیامه أو یسقط استحبابه مع عدم الشروع فیه أول القیام و النهوض اوجه و الاولی عدم نیة الخصوصیة فیه مع عدم المبادرة به فی أول القیام.

الرابع عشر: التجنیح للرجل حال السجود و هو رفع الیدین علی الأرض و جعلهما کالجناح خبر للأمر و صحیحة زرارة و لفعل الصادق (ع) فی صلاته لحمّاد و لقوله (ع) فی روایة الحلبی و لکن جنح بهما فإن رسول اللّه (ص) کان یجنح بهما حتی یری بیاض ابطیه، و ما نقل عن ابن الجنید انه لو لم یجنح الرجل کان احب الیّ، متروک نصاً و فتوی و قد نقل الإجماع علی خلافه و یحتمل ان یرید المبالغة فیه. فإن ترک غیر المتعارف أحب.

الخامس عشر: التجافی للرجل و هو تجافی البطن عن الأرض و عن الرکبتین مع تجافی العضدین عن الجنبین و یسمی أیضاً نحوبة لأنها نحواء بین الاعضاء و استنهض علیه بعض بما مرّ من خبر حفص و هو حسن، لو لا ما فیه من التغییر و یدل علیه الأمر بالتنقیح للرجل کما مرَّ فی مرسل بن بکیر المرأة إذا سجدت تضممت و الرجل إذا سجد تفتح، و النهی عن الاحتقان فی مرسل حریز و هو التضام و وصف حماد الصادق (ع) إذا لم یضع شیئاً من جسده علی شی ء منه لما یسجد، و من ذلک یظهر استحباب التفرجة بین الرجلین کما نقل عن

ص: 292

النبی (ص) و استحبابها بین الفخذین أیضاً کما نقل عن المبسوط استحبابها بین الساق و الفخذ و بین الساعد و العضد و قد أفتی بجمیع ذلک فی التذکرة.

السادس عشر: استقبال القبلة بالأصابع حال السجود علی ما ذکره کثیر من الأصحاب و لعل مستنده ما فی الفقه الرضوی من الأمر بوضعها مستقبل القبلة و عموم التشبیه فی خبر سماعة فی قوله: فإنهما یسجدان کما یسجد الوجه.

السابع عشر: السجود بالجبهة علی الأرض دون ما انتبه لما فیه من شدة التذلل و الخضوع الذی شرع لأجله السجود و قد نفی عنه الخلاف و الأشکال بعض و لقول الصادق (ع) فی خبر اسحاق بن الفضل بعد نفیه البأس عن السجود علی الحصر و البواری، و ان تسجد علی الأرض احبّ الی فإن رسول اللّه (ص) کان یحب أن یمکن جبهته من الأرض، فأنا أحبّ لک ما کان رسول اللّه (ص) یحبه، و قوله فی صحیحة هشام السجود علی الأرض أفضل لأنه ابلغ فی التواضع و الخضوع لله عزَّ و جل و قال السجود علی الأرض فریضة و علی غیر الأرض سنة، و افضل الأفراد الأرض التربة الحسینیة علی مشرفها الصلاة و الصلاة و السلام و التحیة لمداومة الصادق (ع) علیها حتی روی انه کان لا یسجد الّا علی تربة الحسین (ع) تذللًا لله و استکانة الیه و لقوله (ع):

أن السجود علی تربة ابی عبد اللّه تخرق الحجب السبع

، و قوله (ع):

السجود علی طین قبر الحسین (ع) یفور الی الأرضین السبعة

، و لما رواه الحمیری عن صاحب الزمان ما انه کتب الیه یسأله عن السجدة علی لوح من طین القبر هل فیه فضل؟ فأجاب (ع):

یجوز ذلک و فیه الفضل

، و یکفی فیه استمرار الإمامیة علی ذلک حتی صار لهم شعاراً و تجنبه من خالفهم عنوداً و استکباراً و لا فرق فی افضلیتهما بین الترب منها و بین المعمول منها الواحاً و ان کان افضلیة الأول لشدة التذلل فیه، و لما رواه معاویة بن عمار انه کان لأبی عبد اللّه (ع) خریطة دیباج صفراء فیها تربة ابی عبد اللّه (ع) فکان إذا حضرته الصلاة صبته علی سجادته و سجد علیه و لا تخلو من قرب و لا بین المشوی منها بالنار و غیره و ان کان حکم الأحوط ترک ما شوته النار خصوصاً إذا استمکنت منه النار حتی بلغ حدّ الجز فیه و حکم بعض بثبوت الکراهة فیه، و هو أن عنی بها ما ذکر من الأحوطیة سنن و الّا فلم نعثر علی دلیل لها و من هذه الأخبار یظهر اختصاص الوظیفة بطین القبر الشریف فلا یکفی ما جاوره و لا ما کان خارجاً عنه و یترک به و لو وضع ایاماً ما لم یلحقه الاسم و إن کان رجحان ذلک لشرفیة هو الوجه کما استمر علیه فعل الشیعة فی هذه الأوقات باتخاذهم الألواح من غیر طین القبر الشریف بل الأقرب الرجحان فی طین قبر النبی (ص) و سائر قبور الائمة (علیهم السلام) بل و قبور الانبیاء الماضین و قبور الشهداء بل و قبور العلماء و سائر الاولیاء، و تختلف مراتب رجحان السجود باختلاف مراتب شرف المکان و فیما روی من ان فاطمة (علیها السلام) کان لها سبحة من تربته الشریفة اشعار بذلک و کما تختلف مراتب رجحان السجود علی الأرض بتفاوتها بالشرف فکذلک ما انبتته فیرجح السجود علی اخشاب قبورهم (علیهم السلام) و کان من الحق السجود علی هذا السجود علی التربة الحسینیة انما عنی مطلق الرجحان لا بالإتیان بالوظیفة لعدم الدلیل علیها، و لعل هذه من خواص سیّد الشهداء کما خص بکون الشفاء فی تربته و الدعاء تحت قبته و الممزوج من التربة مع غیرها تابع لصدق الاسم فی تحصیل الوظیفة و یکفی فی مطلق الرجحان حصول الشرفیة بمجرد المزج، و روی حمران فی الصحیح عن احدهما (علیهما السلام) قال:

کان ابی یصلی علی الخمرة بجعلها تحت الطنفسة و یسجد علیها، فإذا لم یکن خمرة جعل حصی علی الطنفسة حیث یسجد

، و قریب منه ما رواه الحلبی عن ابی عبد

ص: 293

اللّه (ع) و فیهما دلالة علی رجحان الخمرة و ان کانت من السعف علی الحصی الذی هو من الأرض، و لعل ذلک باعتبار عارض التمکن فی الحصی و یقتصر علی خصوص الخمرة و هی سجادة صغیرة تعمل من سعف النخل مقدار ما یضع الرجل علیه وجهه فی سجوده و لا یتسری الی کل سعف و ما فی روایة بن البرنان من التفصیل بالخمرة بین ما کان معمولًا بالخیوط و لما کان معمولًا بالسبور فرخّص فی الصلاة علیها فی الأول دون الثانی منزّل اما علی الکراهة فی ذات السبور و ان کانت السبور مستورة أو علی حال ظهور الخیوط و السبور و استیعابهما للمسجد، و کانت الخیوط من جنس ما یسجد علیه. و الّا فالخروج عن قواعد السجود بمجرد هذه الروایة لخصوصیة فیها أو فیها و ما شابهها عن الحصر مما لا وجه له و تشترک جمیع النباتات و سائر هیئاتها فی الرخصة فی السجود علیها فلا کراهة فی المروحة و لا فی السواک و لا فی العوذ و الساج و ما روی عن النبی (ص) من اخذه العوذ و رمیه من اخذه لیصلی علیه فمطرح أو منزل علی صفر العوذ أو عدم تمکن الجبهة منه، و کذا الاراضی لا کراهة فی شی ء منها لذاتها حتی السبخة إذا استوت الجبهة علیها و تمکنت منها و ما ورد مطلقاً فی الأخبار من النهی عن الصلاة فیها و النهی عن السجود علیها مقیّد بذلک لصریح الاخبار المفضلة.

الثامن عشر: مماسة الکفین للأرض حال السجود لقول ابی جعفر (ع) فی الصحیح:

و إن کان تحتهما ثوب فلا یضرک فإن افضیت بهما الی الأرض فهو أفضل

، و لما رواه السکونی عن الصادق (ع) عن ابیه (ع) قال:

إذا سجد احدکم فلیباشر بکفیه الی الأرض لعل اللّه یدفع عنه الغل یوم القیامة

، و ما رواه أیضاً عن ابی عبد اللّه عن ابیه عن آبائه (ع) ان النبی (ص) قال:

ضعوا الیدین حتی تضعوا الوجه فانهما یسجدان کما یسجد الوجه

، و فیه دلالة علی افضلیته السجود بهما علی ما یصح السجود علیه من أرض أو نبات و ما فی روایة ابی حمزة عن ابی جعفر (ع) من نفی البأس عن السجود و بین کفیه و بین الأرض ثوب لا منافاة فیه و فی تسریة ذلک الی بقیة المساجد وجه قریب.

التاسع عشر: الدعاء حال السجود فاجتهدوا فی الدعاء فقمن أن یستجاب لکم و لقول الصادق (ع):

فأدع للدنیا و الآخرة فإنه رب الدنیا و الآخرة

، و قوله (ع) بعد ان شکا الیه ابن عجلان غرق اموالهم و ما دخل علیهم

علیک بالدعاء و انت ساجد فإن أقرب ما یکون العبد من ربه و هو ساجد

ثمّ قال: قلت فأدعو فی الفریضة و أسمی حاجتی فقال (ع):

نعم قد فعل ذلک رسول اللّه (ص) فدعا علی قوم بأسمائهم و أسماء آبائهم و فعله علی (ع) بعده

، و یختص الدعاء له بالمأثور لطلب الرزق فی الفریضة بالرجحان لقول ابی جعفر (ع):

أدع لطلب الرزق فی المکتوبة و انت ساجد: یا خیر المسئولین و اوسع المعطین ارزقنی و ارزق عیالی من فضلک فانک ذو الفضل العظیم

، و فی استحباب الدعاء لطلب الرزق فی المکتوبة و لو بغیر المأثور وجه قریب و یستحب خصوص الدعاء بما رواه بن دراج فی الصحیح عن ابی عبد اللّه (ع) قال:

اقرب ما یکون العبد من ربه إذا دعی و هو ساجد فأی شی ء تقول إذا سجدت؟

قلت: علمنی جعلت فداک ما اقول، قال:

قل یا رب الأرباب و یا مالک الملوک و یا سید السادات و جبار الجبابرة و إله الآلهة صل علی محمد و آل محمد و افعل بی کذا و کذا ثمّ قل فأنی عبدک ناصیتی بیدک ثمّ ادع ما شئت، و اسأله فانه جواد لا یتعاظمه شی ء

، و ربما رواه الحذاء قال سمعت أبا جعفر (ع) یقول و هو ساجد:

أسألک بحق حبیبک محمد (ص) الّا ابدلت سیئاتی حسنات و حاسبتنی حساباً یسیراً ثمّ قل فی الثانیة أسألک بحق حبیبک محمد (ص) الّا کفیتنی

ص: 294

موتة الدنیا و کل هول دون و قل فی الثالثة أسألک بحق حبیبک محمد (ص) لما غفرت لی الکثیر من الذنوب و القلیل و قبلت من عملی الیسیر، ثمّ قل فی الرابعة: أسألک بحق حبیبک محمد (ص) لما أدخلتنی الجنة و جعلتنی من سکانها و لما نجیتنی من سعفات النار برحمتک یا ارحم الراحمین

، و بما رواه الحلبی فی الصحیح عن ابی عبد اللّه (ع) قال:

إذا سجدت فکبّر و قل: اللهم لک سجدت و بک آمنت و لک اسلمت و علیک توکلت و انت ربی سجد وجهی للذی خلقه و شق سمعه و بصره الحمد لله رب العالمین تبارک اللّه احسن الخالقین ثمّ قل سبحان ربی الأعلی و بحمده ثلاثاً

، و بما ظهر من هذه الروایة استحباب الدخول بهذا الدعاء عقیب التکبیر قبل الدخول فی السجود الّا انه مناف لظاهر عبارات الاصحاب من استحبابه قبل التسبیح بعد السجود و بالأدعیة الخاصة المأثورة فی النوافل کما فی صلاة جعفر و غیرها ما صنّف فی ابوابها و دون فی کتبها و ما فی خبر عمار عن الصادق (ع) أنه سمع أباه یقول فی سجوده:

سبحانک اللهم انت ربی حقاً حقاً سجدت لک یا رب تعبداً ورقا اللهم. إن عملی ضعیف فضاعفه لی اللهم قنی عذابک یوم تبعث عبادک و تب علیّ إنک انت التواب الرحیم

، فلا ظهور فیه فی خصوص سجود الصلاة و لا عموم فیه لکل سجود فیشمله لأنه حکایة فعل.

العشرون: اطالة السجود لما کتبه ابو الحسن (ع):

إذا صلیت فأطل السجود

، و لقول ابی عبد اللّه (ع):

یا ابا محمد علیک بطول السجود فإن ذلک من سنن الاوابین

، و لما رواه ابو بصیر عن ابی عبد اللّه (ع) عن آبائه ان رسول اللّه (ص) قال: (

أطیلوا السجود فما من عمل اشد علی ابلیس من ان یری ابن آدم ساجداً لأنه امر بالسجود فعصی و هذا امر بالسجود فأطاع فیما امر

)، و فیما رواه زید الشحام عنه (ع) قال:

إن العبد إذا سجد فأطال فی السجود نادی ابلیس یا ویله اطاعوا و عصیت و سجدوا و أبیت

، و غیر ذلک من الأخبار الدالة قولًا و فعلًا عموماً و خصوصاً فی الصلاة و لا حد للأصالة ما لم یمح صورة الصلاة و یکفی فیها صدق مسماه عرفاً و کلما زادت کان افضل و ارجح و لا یعتبر فی رجحانها مصاحبتها الأدعیة و الاذکار بل تلک مستحبات أخر فیه.

الحادی و العشرون: قبض الیدین الیه قبضاً حال الرفع من الجلوس، و اذا تمکن من الجلوس رفعها بالتکبیر لا إنه رفعهما عن الارض و بالتکبیر رفعاً واحداً و قد نقل ذلک عن علی بن بابویه و یدل علیه ظاهر عبارة الفقه الرضوی و فی کرثی ما یدل علی انه المعنی بما فی صحیحة زرارة من الامر بقبضهما الیک قبضاً. و به صرّح بعض المتأخرین و ناقش فیه بعض متأخری المتأخرین بأن سیاق الصحیحة یأبی ذلک و ان القبض المأمور به بعد البسط من أحوال السجود لا من احوال الرفع فیکون المراد بقبضهما ان لا یبعدهما حال السجود، و لا بد منهما و لا یخفی بعده و لا یمکن حمل القبض علی ضم الاصابع الی الراحة فی مقابل البسط حال رفعهما من الأرض.

الثانی و العشرون: الدعاء بین السجدتین بما رواه الحلبی فی الصحیح عن ابی عبد اللّه (ع) قال:

فإذا رفعت رأسک فقل بین السجدتین اللهم اغفر لی و ارحمنی و اجرنی و عافنی انی بما انزلت الی من خیر فقیر تبارک اللّه رب العالمین

، و اسقط فی الفقه و ابن الجنید تبارک اللّه الی آخرها و ابدل فی الفقه اجرنی باهدنی و زاد بن الجنید و سمعت و اطعت غفرانک ربنا و إلیک المصیر، و روی عن النبی (ص) انه کان یقول بینهما:

اللهم اغفر لی و ارحمنی و عافنی و ارزقنی

، و الأولی مع قصد الخصوصیة الاقتصار علی ما فی الصحیح و فی صحیحة حماد قول استغفر اللّه ربی و اتوب الیه بین السجدتین و تکبیرتیهما و فی سقوطه بسقوط التکبیرتین أو

ص: 295

بسقوط احداهما أو بسقوط الاولی فقط أو عدم السقوط اوجه اقربها الأخیر مع التمکن من التکبیر و بدونه و یلزم فیه الترتیب مع التکبیر و لا یعتبر شی ء من ذلک فیما مرَّ من الدعاء و أن کان مراعاة التوسط فیه أیضاً أولی.

الثالث و العشرون: إذا أراد النهوض و القیام اعتمد علی یدیه و رفع رکبتیه قبل یدیه و قد نفی عنه بین الاصحاب، و رواه محمد بن مسلم عن الصادق (ع) فعلًا و روی عن ابی الحسن (ع) انه کان یفعله و هو أیسر و اشبه بالتواضع و ما فی روایة علی بن جعفر (ع) عن اخیه (ع) قال: سألته عن القیام من التشهد فی الرکعتین الأولی کیف یصنع یضع رکبتیه و یدیه علی الأرض ثمّ ینهض أو کیف یصنع؟ قال: ما شاء صنع و لا بأس لا منافاة فیه، و قد ورد الأمر ببسط الکفین حال النهوض و الاعتماد علیهما و النهی عن العجز بهما و هو الاعتماد علیهما مقبوضة فی صحیحة الحلبی و خبر الدعائم و لا بأس بالعمل فی استحباب البسط و کراهة العجن.

الرابع و العشرون و الخامس و العشرون و السادس و العشرون: کشف بقیة أعضاء السجود غیر الجبهة فإنه یجب فیها ذلک و عدم حط الصدر و عدم رفع الظهر محدوداً علی ما ذکره بعض الاصحاب و لم نعثر للجمیع علی مستند و لعله فی الأخیرین الأخذ بالمتعارف، و أما الأول فلم یعلم منه إرادة الجمیع أو الاکتفاء بالمسمی و هو علی کلا التقدیرین فی الرکبتین ظاهر الفساد.

السابع و العشرون: وضع الیدین حال الجلوس علی فخذیه مبسوطتین مضمومتی الأصابع بحذاء عینی رکبتیه کما أفتی به فی التذکرة و القواعد و نسبه فی الأول الی علمائنا و علله بأن رسول اللّه (ص) کان إذا قعد یدعو وضع یده الیمنی علی فخذه الأیمن و یده الیسری علی فخذه الأیسر و یشیر بإصبعه ثمّ قال: و نحوه من طریق الخاصة، و فی المنتهی بعد ان استحب وضعهما فی حال الرکوع علی عینی الرکبتین و فی السجود حیال الوجه و فی الجلوس علی الفخذین قال و مستند ذلک النقل عن أهل البیت (ع).

الثامن و العشرون: قد عدّ فی الذکری من المستحبات زیادة الجلوس بین السجدتین علی القدر الواجب و هو أن عنی به الاستحباب التبعی لکونه محلًا للدعاء و التکبیر فسلّم و ان عنی به لنفسه طولب بدلیله.

التاسع و العشرون: قد حکم فی الذکری بأفضلیة انفصال ما یسجد علیه من المصلی فلا یکون المصلی حاملًا له للعمل بفعل النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) بعده بعد ان حکم بجوازه لدخوله فی العموم و اصالة الجواز و نقل عن الشیخ المنع من السجود علی ما هو حامل له العمامة و طرف الرداء ثمّ قال: فإن قصد بکونه من جنس ما لا یسجد علیه فمرحباً بالوفاق و أن جعل المانع نفس الحمل کمذهب بعض العامة طولب بدلیل المنع و استنهض علی ذلک بروایتی ابی بصیر عن ابی جعفر (ع) و احمد بن عمیر عن ابی الحسن (ع) ثمّ قال: و ان احتج بروایة الأصحاب عن عبد الرحمن ابن ابی عبد اللّه عن الصادق (ع) فی السجدة علی العمامة لا یجزیه حتی یصل جبهته الی الأرض قلنا لا دلالة فیه علی کون المانع الحمل بل جاز لفقد کونه مما یسجد علیه، و کذا ما رواه طلحة بن زید عن الصادق (ع) عن أبیه عن علی (ع) انه کان لا یسجد علی الکم و لا علی العمامة و هو فی غایة الجودة بالنسبة الی حکم الجواز و یکفی فیه اعراض الأصحاب عن اشتراطه و عن خلوّ الأدلة عنه و هو صریح باتفاقهم علی نفیه و أما الحکم بالأفضلیة فهی فی محل المنع لخلو الفتوی و النصوص عنها و ما استند الیه

ص: 296

عن فعل النبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) فلا ینهض حجة فی الأفعال الواقعة علی مجری العادات الصادرة علی مقتضی المتعارف الغالب فی ایجاد حقیقتها، و هذه جملة من مستحبات السجود و فی عده بعضها من مستحباته لا یخلو من مسامحة و قد مضی أیضاً شرط منها فی تضاعیف واجباته کأفضلیة مساواة الموقف فی موضع الجبهة و استیعاب الجبهة فی السجود و زیارة التمکن فیها و تکرار التسبیح فیه و غیر ذلک فلیواضب علی معرفتها و تأدیتها فإن من صلی بدونها لم یکن قد احسن صلاته و تکفیک ترغیباً و تلویاً صحیحة حماد، ثمّ ان جمیع ما یجب فی السجود من الأفعال و کل ما یستحب من ذلک ینبغی ان یکون مع الخضوع و الخشوع فإنهما ابلغ فی التذلل و العبودیة و الانقیاد، و هما بمعنی او ان الخشوع اعم لتعلقه فی البدن و البصر و الصوت و الخضوع فی البدن فقط أو لتعلقه بالقلب و الجوارح و الخضوع بالجوارح فقط أو متقابلان فیخص الخشوع القلب أو یخص البصر و الصوت، و کما ینبغی المحافظة علیهما فی افعال السجود ینبغی المواظبة علیهما فی جمیع أفعال الصلاة واجبها و مستحبها القضاء العقل، و صریح الکتاب و الأخبار قولًا کما

رواه الحلبی فی الصحیح عن ابی عبد اللّه (ع) قال: إذا کنت فی صلاتک فعلیک بالخشوع و الإقبال علی صلاتک فإن اللّه تعالی یقول الَّذِینَ هُمْ فِی صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ

، و فعلًا کما

روی عن السجاد (ع): انه إذا قام الی الصلاة تغیّر لونه فإذا سجد لم یرفع رأسه حتی یرفض عرقاً

، و روی عنه (ع) انه کان إذا قام الی الصلاة تغیر لونه فإذا سجد لم یرفع رأسه حتی یرفض عرقاً

، و

روی عنه (ع) انه کان إذا قام فی الصلاة کأنه ساق شجرة لا یتحرک منه شی ء الّا ما حرکت الریح منه

الی غیر ذلک و یکره فی السجود أمران:

احدهما: النفخ لموضعه فی الصلاة حالته قبله أو بعده نفخاً لإزالة الغبار أو غیرها من الثمرات للنهی عنه فی صحیح مسلم و حدیث المناهی و لروایة الجالس و روایة الحسین بن مصعب المشتملین علی لفظ الکراهة من دون تقیید له بخصوص الصلاة و کذا حدیث المناهی فالتعمیم لها غیر بعید و ما ورد من نفی البأس عنه فهو دلیل الجواز أو لا ینفی الکراهة و مع اشتماله علی حرفین فصاعداً لو استلزمه الایذاء غیر المتحمل عادة لمن علی جانبه یکون حراماً، و علیه یحمل قول ابی عبد اللّه (ع) فی خبر الخضرمی لا بأس بالنفخ بالصلاة ما لم یؤذ احداً و تشتد الکراهة مع خشیة الایذاء و علیه ینزل ما رواه الصدوق مرسلًا عن الصادق (ع) انه قال: إنما یکره ذلک خشیة ان یؤذی من الی جانبه أو حصول الایذاء المتحمل عادة و علیه ینزل ما رواه فی العلل فی الصحیح قال: قلت لأبی عبد اللّه (ع) الرجل یصلی فینفخ موضع جبهته فقال لیس به بأس انما یکره ذلک ان یؤذی من الی جانبه و ربما أرید بالکراهة التحریم و یکون المراد بالایذاء الایذاء المحرم.

ثانیهما: الاقعاء حال الجلوس بین السجدتین و بعدهما و هو مما لا اشکال فیه بل و لا بحث فی کراهته و ادعی الشیخ علیهما الإجماع و هو المنقول عن معاویة بن عمار و محمد بن مسلم و معاویة بن عمار و الحلبی انهم قالوا: لا تقع فی الصلاة بین السجدتین کإقعاء الکلب، و نفی البأس عنه علی اطلاقه فی روایة الحلبی و فیما بین السجدتین فی روایة زرارة و فیه و فیما بین الرکعة الأولی و الثانیة و فیما بین الرکعة الثالثة و الرابعة فی روایة بن جمیع و ان لم یکن دلیل البأس فلا منافاة فیه لدلالته علی مطلق الجواز و هو اعم من الکراهة، و کذا من نفی

ص: 297

البأس عنه من الاصحاب أو عبّر بالجواز فما نقل عن بعض من القول بعدم الکراهة فهو نقل لم یثبت و الأقرب کراهته بکلا معنییه:

أحدهما: ما أشتهر عند الفقهاء حتی نسبه الیهم أهل اللغة و هو ان یعتمد بصدور قدمیه علی الأرض و یجلس علی عقبیه فیضع علیهما و هو المفسّر به فی روایة آخر روایة بن جمیع و ظاهرها انه منها و لعله المعنی فی روایة زرارة عن الباقر (ع) و أن لم یسمه اقعاء حیث قال (ع) فی التشهد:

و ایاک و القعود علی قدمیک فتتأذی بذلک و لا تکون قاعداً علی الأرض. إنما قعد بعضک علی بعض فلا تصبر للتشهد و الدعاء

. ثانیهما: ما اشتهر عند أهل اللغة و هو ان یلصق الیتیه بالأرض و ینصب ساقیه، و قد أضاف الیه بعض وضع الیدین علی الأرض و بعض التأید علی ظهره و هو الشبیه بإقعاء الکلب حیث یجلس علی إسته و هو المصرّح به فی صحیحة الثلاثة، و روی النهی عنه کذلک عن النبی (ص) و لو قیل ان الاقعاء حقیقة فیهما متواطئاً و الاشتهار عند الفقهاء و أهل اللغة من ظهور احدی فردی المتواطئ کل بلسانه فیعمهما ما ورد من النهی عنه مطلقاً لم یکن بعیداً و کما یکره الاقعاء فی ذلک یکره حال التشهد أیضاً کما هو ظاهر اطلاق الفتوی و النصوص فی الجلوس، و یدل علیه قول ابی جعفر (ع) فیما رواه فی مستطرفات السرائر نقلًا من کتاب حریز عن زرارة و لا ینبغی الاقعاء فی التشهدین انما التشهد فی الجلوس و لیس المقعی بجالس و ما فی روایة بن جمیع عن الصادق (ع) انه قال: لا یجوز الاقعاء فی موضع التشهدین الّا من علة لأن المقعی لیس بجالس انما جلس بعضه علی بعض، فبعد فرض کون ذلک من الروایة و کونها معتبرة مع انها متروکة فی الکتب المعتبرة عملًا و روایة تعلیمها یقضی بحملها علی شدة الکراهة، کما یقضی بذلک فیما مر من خبر زرارة و قد حمل علی ذلک أیضاً ابن ادریس عبارة من عبّر من الاصحاب بعدم الجواز کما عبّر به الصدوق و الشیخ فی النهایة و جعل ذلک دلیلًا علی تغلیظ الکراهة لانحصر معللًا له بأن الشی ء إذا کان شدید الکراهة قبل لا یجوز و ان ذلک یعرف بالفراش و هو جید سیما فی کلام من جرت طریقته علی التعبیر بمتون الأخبار، و لا یبعد الاقتصار فی شدة الکراهة علی الاقعاء بالمعنی المتعارف عند الفقهاء لأنه مورد الروایة بل لا یبعد الاقتصار فی اصل الکراهة حال التشهد ذلک و ان الاقعاء بالمعنی المتعارف عند اهل اللغة باق علی حکم الجواز حال التشهد ثمّ انه قد ورد النهی فی کثیر مما مرَّ من المستحبات عند اضدادها. کما ورد النهی عن افتراش الذارعین و عن النظام و غیرهما الّا ان الأصحاب لم یحملوه علی الکراهة فیعدوه من المکروهات بل جعلوه دلیلًا علی ترک الأفضلیة، و علی استحباب اضداد المنهی عنه و هذا باب واسع عند الفقهاء فیحتاج الی مائز بین النواهی فی نظر الفقیه و لعل مقتضی الظاهر الحکم بالکراهة لأنها اقرب مجاز الی حقیقة التحریم. الّا ان یعرف ارادة ترک الأفضلیة و الرجحان منها فیحکم بها، و تنفی الکراهة بمقتضی الأصل و یعلم من ذلک رجحان أضدادها فیحکم باستحبابها کما یحکم باستحباب اضدادها مع الحکم بالکراهة ایضاً، و یستحب استحباباً فوریاً لا مطلقاً و لا موقتاً سجود التلاوة من قیام أو جلوس أو اضطجاع أو غیرها و لا یکفی استمرارها بل یتعین مسمی الرفع ثمّ السجود فیلزم مقارنة النیة لأول وضع الجبهة و مع التعذر یأتی بالممکن من الانحناء و الّا فالإیماء علی نحو ما مرَّ فی سجود الصلاة علی القارئ بما یسمی قراءة عرفاً فلا یکفی التصویر النفسی و لا تحریک اللسان معه من دون صوت لتمام آیة السجدة فلو قرأ بعضها لم یشرع له السجود و لو کان لفظ المسجود علی الأرض للأصل مع ظاهر خبر الدعائم و کذا لو عکس الترتیب فی الکلمات أو اخلَّ بالموالاة المعتبرة فی قراءة الآیة، و فی

ص: 298

مشروعیة السجود مع اللحن وجهان اقربهما ذلک و المستمع المصغی لألفاظ آیة السجود علی نحو ما مرَّ و ان لم یدرک شیئاً من معانیها مکلفاً کان التالی أو غیر مکلف سجد التالی أو لم یسجد و فی لزوم قصد التالی للألفاظ فلا یشرع السجود له من دون قصد و لا للاستماع منه کذلک فیکون کالاستماع من قائم أو مجنون أو طیر وجه قریب و ان کان الأحوط عدم مراعاته و لو ترکبت الآیة من قراءة آیة للبعض و استماع الباقی فالأظهر عدم السجود لها. و إن کان مقتضی الاحتیاط فعله خصوصاً فی الواجب دون السامع لصوت قراءة الآیة من دون ادراک للحروف و الألفاظ و لو عن غفلة و ذهول عنها و استحبابه للسامع المدرک لألفاظ تمام الآیة علی نحو ما مرَّ و ان لم یکن مصغیاً غیر بعید بل فی غایة القوة لظاهر الفتوی و ظاهر بعض دعوی الاجماع علیه بین اصحابنا و جعله بعض عندنا و نسب عدم الاستحباب الی قول للعامة، و انما یستحب فی احدی عشر موضع فی سورة الاعراف و النحل و الرعد و بنی اسرائیل و مریم و الحج فی موضعین و الفرقان و النمل و ص و الانشقاق و یدل علیها بعد الاجماع محصلًا و منقولًا خبر الدعائم، و ما رواه فی المجمع عن عبد اللّه بن سنان عن ابی عبد اللّه (ع) و روایة العلل فی المستطرفات و قوله فی روایة ابی بصیر و سائر القرآن اتت فیه بالخیار إن شئت سجدت و ان شئت لم تسجد لما بین الجواز و الاستحباب فی العبادات من الملازمة علی نفیه فیما عداها الأصل، و ظاهر الفتوی بل ظاهر الاجماعات المنقولة و خبر الدعائم و نقل عن الصدوق استحبابه فی کل سورة فیها سجدة و هو متروک أو ینزل علی خصوص الاحدی عشر مع الأربعة عزائم کما یحمل علیه ما روی عن علی بن الحسین (ع) انه کان یعجبه ان یسجد فی کل سورة فیها سجدة و انه لا یقرأ آیة من کتاب اللّه عزَّ و جل و فیها سجدة الّا سجد و تجب وجوباً فوریاً لا مطلقاً کما ینفیه الاجماع المنقول و ظواهر الأخبار و الأصل علی رأی و فیما مرَّ من عدم جواز العزیمة فی الفریضة دلالة علیه و لا موقوتاً فیکون قضاء بل لو عصی بالتأخیر لزمه المبادرة أیضاً و کان أداء و ینحصر وجوبه بالأصل أو وجوب ما قام مقامه عند التعذر أو المتعسر فی أربع الم تنزیل، و حم السجدة، و النجم، و العلق اجماعاً محصلًا و منقولًا و الأخبار متظافرة صریحة فیه علی التالی لأیها تماماً فلا یکفی شی ء منها و لا محل الأمر بالسجود کما علیه ظاهر الفتوی و الأخبار و من سجد قبل تمامها و لو بعد الأمر بالسجود فالأقرب وجوب الاعادة بعد التمام و علی المستمع المصغی لألفاظها کذلک و الأقرب اعتبار قصد الألفاظ فی التالی فی کل منهما کما مرَّ فلا یجب علی من تلاه بلا قصد و لا علی من استمع ممن لم یقصد و لا یعتبر القصد فی الاستماع فلو استمع غافلًا وجب علیه السجود أیضاً، و فی الوجوب علی من سمعها من دون اصغاء و انصات بعد ثبوت أصل الرجحان من دون خلاف وجهان بل قولان اقربهما ذلک للأخبار المتکثرة الظاهرة فی دوران السجود مدار السماع الموافقة للاحتیاط و لعمل الأکثر فلیسقط التمسک بالأصل و لا حاجة للاستنهاض بما لا ینهض من أوامر السجود لعدم دلالتها علی حال قراءة أو سماع و اجماع الخلاف معارض بأقوی منه و هو اجماع السرائر و صحیحة بن سنان مع ما فی سندها و متنها من الاضطراب لا مقاومة لها و تنزیلها علی الانصات لسورة العزیمة حتی یکون قد سمع آیة السجدة غیر بعید و الأقرب تساوی الاوقات فی فعله واجبة و مستحبة، فلا کراهة فی فعله و أن أمکن تأخیره بما لا ینافی الفوریة و لا فی الاتیان بسببه فیما یکره فیه التنفّل من الأوقات عملًا بظاهر الفتوی و الأخبار و روایة عمار مع معارضتها بروایة الدعائم تروکه فتطرح أو تنزل و یتکرر السجود بتکرر سببه فی مقعد واحد أو مقاعد اتحدت الآیة المتکررة أو تعددت تخلل السجود أو لم یتخلل عملًا بمقتضی الأمر به حال وجود سببه مع اصل عدم التداخل، و بمقتضی تعاقب

ص: 299

الأوامر الفوریة لا یبعد لزوم تقدیم السجود للأسبق من الاسباب فالأسبق و إن کان احتمال التخییر لا یخلو من وجه و حینئذ لو قدم اللاحق عصی و صح سجوده و لزمه الاتیان بالسابق، و یستحب السجود للشکر عقیب الصلاة المفروضة بل و مطلق الصلاة کما یقتضیه اطلاق بعض الأخبار و الفتاوی و الاجماعات المنقولة استحباباً مؤکداً حتی ورد فی الصحیح أنها واجبة علی کل مسلم تتم بها صلاتک و ترضی بها ربک فتعجب الملائکة، و إن العبد إذا صلی ثمّ سجد سجدة الشکر فتح الرب تبارک و تعالی الحجاب بین العبد و بین الملائکة فیقول یا ملائکتی انظروا الی عبدی ادی فرضی و اتم عهدی ثمّ سجد لی شکراً علی ما أنعمت علیه ملائکتی ما ذا له فیقول الملائکة یا ربنا رحمتک فیقول الرب ثمّ ما ذا له فیقول الملائکة یا ربنا کفایة مهمّه فیقول الرب ثمّ ما ذا له فلا یبقی شی ء من الخیر الّا قالته الملائکة ثمّ یقول اللّه تعالی ثمّ ما ذا له فیقول الملائکة ربنا لا علم لنا فیقول اللّه تعالی الشکر له کما شکر لی و أقبل الیه بفضلی و اریه وجهی، و روی عن القائم انها من الزم السنن و أوجبها و لا فرق فیها بعد تمام التعقیب أو فی اثنائه و ان کان الأول أولی و قد أفتی باستحبابه بعض، و کذلک یستحب عند تجدد النعم و ینویه أو أخرویة و رفع النقم کما دلت علیه الأخبار و ادعی علیه الاجماع و فی روایة العلل و العیون عن الرضا (ع)، و کذا فی روایة الأسدی عن الصادق (ع) ما یدل علی ان السجود عقیب الصلاة من ذلک و أن السجدة بعد الفریضة شکر اللّه تعالی علی ما وفق له العبد من اداء فرضه و فیها عنه (ع) أن معنی قوله شکراً لله شکراً لله علی ما وفقنی له من اداء خدمته و فرضه و ان الشکر موجب للزیادة. فإن کان فی الصلاة تقصیر لم یتم بالنوافل تم بهذه السجدة،

و فی ثواب الأعمال عن الصادق (ع): أیما مؤمن سجد سجدة لشکر نعمة فی غیر صلاته کتب اللّه له بها عشر حسنات و محی عنه عشر سیئات و رفع له عشر درجات فی الجنان

، و من ذلک السجود شکراً عند الحضور فی الروضات المشرفة أو عند مشاهد قبر المعصومین (علیهم السلام) و کذا یستحب للشکر عند تذکر النعم بعد تجددها سجد لها حالة تجددها أو لم یکن سجد و تقییده فی الذکری بما إذا لم یکن سجد لها تقیید للنص و الفتوی، و کذا عند تذکّر النقم دنیویة أو أخرویة فیسجد إذا وجد مبتلی غیره أو رأی فاسقاً کما أفتی به جماعة تبعاً لصریح بعض الأخبار و فی بعضها قیام انحناء الظهر و وضع الید علی اسفل البطن تواضعاً لله مقام السجود إذا کان فی ملأ من الناس فإن ذلک احب و تتداخل اسبابها فیکون سجوداً واحداً للثلاثة، و لا یشرع فیه الزیادة علی الاثنین بل انما یستحب سجدتان أو واحدة لاشتمال الأخبار و کلمات الاصحاب علی کل منهما و لا یبعد لمن تأمل فیها یجد اصل المشروعیة للواحدة، و انما السجدة الأخری من الوظائف فیها و المستحبات الزائدة فلا یکون التعدد فیها من قبیل التخییر بین القلیل و الکثیر بل ربما یتأمل فی مشروعیة الزائدة إذا لم تقع عقیب الصلاة و کانت لأحد السببین الأخیرین و یستحب تعفیر الخدین و وضعهما علی الأرض بین السجدتین مع تقدیم الیمنی علی الیسری و یظهر من بعض الأخبار استحبابه و لو عقیب سجدة واحدة بل ربما یظهر منها استحباب الوضع و لو لخدّ واحد عقیب السجود، و أفتی بعض باستحباب تعفیر الجبین أیضاً و متابعتهم فی مثله و ان لم یعثر علی مدرکه لا بأس به و لا یشترط فی سجود الشکر و التلاوة شی ء من شرائط الصلاة سوی النیة و عدم العصبیة فی مکان أو لباس فلا یشترط طهارة من حدث اصغر و لا اکبر و لا طهارة من خبث و لا ساتر و لاشتراط الساتر و الاستقبال و ما فی بعض الأخبار من المنع عن سجود التلاوة للحائض و ربما عمل علیها بعض نادر فمطرح لمعارضته بما هو أقوی منه أو منزل علی التقیة أو مأمول و الحکم باستحبابها جمیعاً سیما الطهارة غیر بعید، و لا یشترط فیهما تکبیر غیر الافتتاح

ص: 300

قبل السجود و لا بعد الرفع منه و لا یجب ذلک و انما یستحب التکبیر حین رفع الرأس فی سجود التلاوة، و ما یوهمه بعض کلمات بعض الاصحاب من الوجوب فیه خبر الرفع کبعض الأخبار حتی تخیل منها الوجوب فهی لمساقها مساق الرخصة و فی مقابلة المنع حال الافتتاح لا منافاة فیها لصریح الأکثر و صریح بعض الأخبار النافیة للوجوب و نقل عن المبسوط، و ثبوت ذلک فی سجود الشکر أیضاً، و لم نعثر له علی مستند و کذا لا یجب فیهما و لا یستحب تشهد و لا تسلیم و فی اشتراط ما یشترط فی السجود من استقرار و وضع مساجد و سجود علی ما یصلح السجود علیه أو عدمه أو التفصیل بین وضع المساجد فیعتبر دون ما عداه أوجه خیرها أوسطها عملًا بإطلاق الفتوی و الأخبار فإن حقیقتها لیست الّا وضع الجبهة کما مرَّ و دخول شی ء من ذلک فی الهیئة المعهودة حتی صار الاطلاق منصرفاً الیها ممنوع، و عموم تعلیل المنع للسجود علی ما یؤکل و یلبس و لا یبلغ حد الحجیة و من اجل ذلک کان الأحوط، و الأولی المحافظة علی هیئة سجود المصلی فیراعی فیه أیضاً مساواة الجبهة لمحل القدمین و یستحب فیهما ما یستحب فیه، الا انه قد ورد فی سجود الشکر استحباب افتراش الذراعین و الصاق الصدر و بعضها البطن أیضاً و عمل علیه جماعة و لا بأس به و الأفضل فی سجوده للشکر ان یقول شکراً شکراً مائة مرة أو عفواً عفواً کذلک علی ما رواه سلیمان بن حفص مکاتبة عن ابی الحسن (ع)

و قد روی بن فضال عن الرضا (ع): فی السجدة بعد الفریضة ان ادنی ما یجزی فیها من القول أن یقول شکراً لله شکراً لله ثلاث مرات

، و

روی أیضاً عن الصادق (ع) و فی کرثی قد روی الأصحاب ان ادنی ما یجزی فی سجدة الشکر شکراً شکراً ثلاث مرات

، بعموم سجدة الشکر و اسقاط لله و فی المصباح عن علی بن الحسین (ع) انه کان یقول فی سجدة الشکر مائة مرة الحمد لله شکراً و کلما قال عشر مرات قال شکراً للمجیب ثمّ یقول: یا ذا المن الذی لا ینقطع ابداً و لا یحصیه غیره عدداً و یا ذا المعروف الذی لا ینفد ابداً یا کریم یا کریم یا کریم ثمّ یدعوا و یتضرع و یذکر حاجته، و روی الصدوق و الکلینی مسنداً الی الکاظم (ع) انه قال: تقول فی سجدة الشکر اللهم إنی اشهدک و اشهد ملائکتک و انبیائک و رسلک و جمیع خلقک انک انت اللّه ربی و الاسلام دینی و محمد نبی و علی امامی و الحسن و الحسین و علی بن الحسین و محمد بن علی و جعفر بن محمد و موسی بن جعفر و علی بن موسی و محمد بن علی و علی بن محمد و الحسن بن علی و الحجة بن الحسن بن علی ائمتی بهم اتولی و من اعدائهم أتبرأ اللهم ان انشدک دم المظلوم ثلاثاً. اللهم انی انشدک بإیوائک علی نفسک لأعدائک لتهلکنهم بأیدینا و ایدی المؤمنین اللهم انی انشدک بإیوائک علی نفسک لأولیائک لتظفرنهم بعدوک وعدوهم ان تصلی علی محمد و آل محمد المستحفظین من آل محمد ثلاثاً اللهم انی أسألک الیسر بعد العسر ثلاثاً ثمّ تضع خدک الأیمن علی الأرض و تقول: یا کهفی حین تعیینی المذاهب و تضیق علیَّ الأرض بما رحبت یا بارئ خلقی رحمة بی و قد کنت عن خلقی غنیاً صل علی محمد و آل محمد و علی المستحفظین من آل محمد ثلاثاً ثمّ تضع خدک الأیسر علی الأرض و تقول یا مذل کل جبار و یا معز کل ذلیل قد و عزتک بلغ مجهودی ثلاثاً ثمّ تعود للسجود، و تقول مائة مرة شکراً شکراً ثمّ تسأل حاجتک تقضی ان شاء اللّه تعالی،

و عن الکاظم (ع) أیضاً فی سجوده بعد صلاة الظهر انه قال بصوت حزین: ربی عصیتک بلسانی و لو شئت و عزتک لک لکنعتنی و عصیتک برجلی و لو شئت و عزتک لجذمتنی و عصیتک بفرجی و لو شئت و عزتک لعقمتنی و عصیتک بجمیع جوارحی التی انعمت علیَّ بها و لیس هذا جزائک منی ثمّ احصی له الف مرة و هو یقول العفو العفو ثمّ الصق خده الایمن بالأرض و قال بصوت حزین: برئت الیک بذنبی عملت سوء و ظلمت نفسی فأغفر لی

ص: 301

فإنه لا یغفر الذنوب غیرک یا مولای، ثمّ الصق خده الأیسر بالأرض و قال: ارحم من اساء و اعترف و استکان و اقترف ثلاث مرات ثمّ رفع رأسه

، و فی المجالس عن الصادق (ع):

إذا قام العبد نصف اللیل بین یدی ربه و صلی اربع رکعات فی جوف اللیل المظلم ثمّ سجد سجدة الشکر بعد فراغه فقال: ما شاء اللّه ما شاء اللّه مائة مرة ناداه اللّه جل جلاله من فوق عرشه عبدی الی کم تقول ما شاء اللّه انا ربک و إلیَّ المشیئة و قد شئت قضاء حاجتک فاسألنی ما شئت

، و یظهر من مجموع هذه الأخبار رجحان الاطالة و الدعاء فیها و تذکر النقم و عدم الاقتصار علی دعاء أو ذکر مخصوص و فی روایة الأمالی:

ان اللّه اوحی الی موسی بعد ان خرَّ ساجداً و عفّر خدیه فی التراب تذللًا منه ان ارفع رأسک و امر یدک موضع سجودک و امسح بها وجهک و ما نالته من بدنک فإنه امان من کل سقم و داء و آفة و عاهة

، و هی ظاهرة فی سجود الشکر و فی مرفوعة احمد بن محمد عن الصادق (ع) ما یدل علی الأمر بالمسح علی موضع سجود الصلاة لقوله:

فإن کان بک داء من سقم و وجع فإذا قضیت صلاتک فأمسح بیدک علی موضع سجودک من الأرض و ادع بهذا الدعاء و امر یدک علی موضع وجهک سبع مرات تقول: یا من لیس الأرض علی الماء و سدّ الهواء بالسماء و اختار لنفسه احسن الاسماء صل علی محمد و آل محمد و افعل بی کذا و کذا و ارزقنی کذا و کذا و عافنی من کذا و کذا

، و فی روایتی بن عبد الحمید ما یدل علی الأمر بالمسح علی

ص: 302

موضع السجود أی سجود کان لقول الصادق (ع) لرجل:

إذا اصابک همَّ فأمسح یدک علی موضع سجودک و امسح یدک علی وجهک من جانب خدک الایسر علی جبهتک الی جانب خدک الایمن، ثمّ قل بسم اللّه الذی لا اله الا هو عالم الغیب و الشهادة الرحمن الرحیم اللهم اذهب عنی الهم و الحزن ثلاثاً

، و عن المفید فی المقنعة و یضع باطن کفه الأیمن علی موضع سجوده ثمّ یرفعها فیمسح بها وجهه من قصاص شعر رأسه الی صدغیه ثمّ یمر بها علی باقی وجهه و یمرها علی صدره فإن ذلک سنة و فیه شفاء ان شاء اللّه، و قد روی عن الصادق (ع) انهم قالوا: ان العبد إذا سجد امتدّ من عنان السماء عمود من نور الی موضع سجوده فإذا رفع احدکم رأسه من السجود فلیمسح بیده موضع سجوده ثمّ یمسح بها وجهه و صدره فإنه لا یمر بداء الّا نقته ان شاء اللّه و مقتضاه عموم السجود فی ذلک فالأفضل فی سجود التلاوة أن یقول سجدت لک یا رب تعبداً ورقا لا مستکبراً عن عبادتک و لا مستنکفاً و لا متعظماً بل انا عبد ذلیل خائف مستجیر علی ما رواه فی الصحیح عن الصادق (ع)، و روی الصدوق ذلک بدون و لا متعظماً مع زیادة

لا اله الّا اللّه حقاً حقاً لا اله الّا اللّه ایماناً و صدقاً لا اله الّا اللّه عبودیة و رقاً

، و فی خبر الغوالی مرسلًا انه لما نزل قوله تعالی وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ سجد النبی (ص) فقال فی سجوده:

اعوذ برضاک من سخطک بمعافاتک من عقوبتک فأعوذ بک منک لا احصی ثناء علیک انت کما اثنیت علی نفسک

، و فی الدعائم مرسلًا عن الصادق (ع) و یدعو فی سجوده بما تیسر من الدعاء و فی الفقیه الأمر فی سجوده یقول:

الهی آمنا بما کفروا و عرفنا منک ما انکروا و اجبناک الی ما دعوا العفو العفو

، و قد حکم باستحباب ذلک فی المنتهی فقد ظهر ان الذکر و الدعاء غیر لازمین فی واجبه و مستحبه و لا شرطین و ان ما تیسر منهما مستحب فیه و ان الأفضل الدعاء بالمأثور و ان المحافظة علی ما ذکر فی المتن و ان اضیف الیه غیره الی الصحة طریقة فاسدة الذی یظهر من التأمل فی الأخبار و کلمات الأصحاب اقتصار و مشروعیة الرکوع و العبودیة علی الرکوع حال الصلاة فلا یشرع الرکوع فی غیرها و لا یصح التقرب به فیما عداها لنفسه أو لسبب من الأسباب و یشرع السجود فی الصلاة و للتلاوة و للشکر عند السهو علی ما سیجی ء بین الأذان و الإقامة ان جعلت مستقلة عن الشکر و هل یشرع لنفسه من حیث کونه خضوعاً و تذللًا فیتقرب الی اللّه بمحض السجود وجهان ربما لاح من عبارات الأصحاب عدمه، و الذی یظهر من عمومات الکتاب و السنة و التأمل فی افعال الائمة (علیهم السلام) مشروعیته لنفسه و انه عبادة مستقلة من افضل العبادات و قربة من افضل القربات و انه حالة یکون فیها العبد الی اللّه و کلما اطال فیه کان اقرب الی باریه، و اشد علی ابلیس و شانیه و ما خصَّ من اسبابه فهو لخصوصیة مشروعیته و التعبّد به علی جهة الخصوصیة،

و قد روی عن الصادق (ع): ان العبد إذا سجد قال یا رب یا رب حتی ینقطع النفس قال له الرب عزَّ و جل لبیک ما حاجتک

، و روی علی بن الحسین (ع) انه برز الی الصحراء فتبعه مولًا له فوجده ساجداً علی حجارة خشنة فأحصی علیه الف مرة لا اله الّا اللّه حقاً حقاً لا اله الّا اللّه تعبداً و رقاً لا اله الّا اللّه ایماناً و صدقاً ثمّ رفع رأسه

، و لا یشرح (ع) کل من الرکوع و السجود من حیث ذلتهما لغیر اللّه من نبی أو ملک أو عظیم أو حقیر والدین أو مولی أو غیرهم بل لا یبعد تحریمهما و ان لم ینوی بهما التقرب و لو فعلهما من حیث مطلق التواضع و التعظیم لا لخصوصیتهما فالأقرب جوازهما کما یفعل ذلک فی الحضرات المشرفة.

ص: 303

المبحث الثامن: فی التشهد

و هی لغة تفعّل من الشهادة، و هی الخبر القاطع و عرفاً شرعیاً أو متشرعاً عبارة عن الشهادتین المخصوصتین بالتوحید و الرسالة مع الصلاة علی النبی (ص) و ربما اطلق علی ما یخصهما دون الصلاة و هو أقرب الی مقتضی النقل اللغوی بل ربما یتخیل انه حقیقة فیه و ان اطلاقه علی الصلاة من باب التغلیب، و هو واجب اجماعاً محصلًا و منقولًا و الأخبار به متضافرة بل لا یبعد ضروریة المذهب فی کونه فی الصبح و کذا فی کل فرض و هو رکعتان مرة فی آخره بعد تمام الرکعتین، و کذا هو شرط کذلک فی کل نفل رکعة أو رکعتین، و فی المغرب و الرباعیات مرتین مرة بعد الثانیة و مرة بعد الأخیرة و خالف اکثر العامة فمنهم من حکم باستحبابه مطلقاً و منهم من حکم باستحباب التوسط فقط دون الأخیر، و ما من الأخبار ظاهر فی نفی الوجوب للحکم فی بعضها بکونه سنة و فی بعضها بالاجتزاء بالحمد له و بأحسن ما یعلمون کما فی القنوت و انه لو کان موقتاً لهلک الناس و فی بعضها بصحة الصلاة مع الحدث قبل التشهد فهو مطرح أو مأول تأویلًا غیر بعید کما هو غیر خفی علی من تتبعها أو محمول علی التقیة، و یجزی فیه کل منهما الشهادتین بالتوحید و الرسالة فلا یجب سواء من حمد و ذکر و دعاء و لا یلزم فی جمیع ما ورد مما تضمن الأمر بذلک فی کل منهما أو فی احدهما فهو علی الفضل و الاستحباب لما دلَّ علی الاجتزاء بالشهادتین نصاً و فتوی، و لا تجزی واحدة فی کل منهما، و صحیحة زرارة مع عدم صراحتها فی الاکتفاء بالشهادة بالتوحید فی التشهد الأول لا مقاومة لها و ما نقل عن القاضی من الاجتزاء بالشهادة واحدة فی التشهد الأول نادر متروک، و لا یقوم مقامهما مع عدم التعذر و ما علی المقنع أن أدنی ما یجزی من التشهد ان یقول الشهادتین أو بقول بسم اللّه و بالله ثمّ یسلم فترک أو اشارة الی ما فی خبر عمار من قیام بسم اللّه مقامه حالة النسیان و یعتبر فیه قول اللهم صل علی محمد و آل محمد کما علیه المعظم و عن جماعة الاجماع علی وجوب الصلاتین فی الصلاة بل عن الخلاف انها رکن فی الصلاة و صریح الأخبار عموماً و خصوصاً قاضیة بالوجوب و ترکه فی بعض الأخبار و الحکم بمضی الصلاة مع احداث الحدث بعد مضی الشهادتین غیر صریح بالمنافاة کترکه فی کلام بعض قدماء الأصحاب و لا یجزی قول و آله بوضع المضمر موضع الظاهر للأصل و ظاهر الأخبار و حیث قضت بعض الأخبار بمطلق الشهادتین، و بلزوم مطلق الصلاة افتی جماعة بعد لزوم هیئة مخصوصة و اختلفوا فی مراتب اطلاقها و تقییدها و تردد بعض فیهما لکن لما کانت اسلم صورة المجزیة لأنها المتیقنة نصاً و فتوی، و قد صرحت عدة من الأخبار بها قول: اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله اللهم صل علی محمد و آل محمد محافظاً علی العربیة و الترتیب و الموالاة بحیث لا یکون فصل بین الکلمات أو بین الحروف، و عدم النقص کنقص وحده لا شریک له أو نقص اشهد أو نقص الواو و غیر ذلک و التبدیل بوضع المضمر موضع الظاهر أو بالعکس أو وضع غیر اشهد أو غیر الّا أو غیر لفظ الجلالة فی مقامها من حروف عربی و غیره و نحوه وجب الأخذ بها فی مقام بقین البراءة بعد سر الشغل و لا یجوز العدول عن شی ء منها مع التمکن اختیاراً، و یشترط فیه کل مرة من الواجب و المستحب امران:

أحدهما: الجلوس للأصل و الإجماع محصلًا و منقولًا و للتأسی و الأخبار المقیّدة له حالة الجلوس و لأمر ناسی التشهد حتی قام بالجلوس ثمّ التشهد و المدار علی حصول مسمی الجلوس کیف شاء و ان کان یکره فیه الاقعاء، بل ربما حرمه بعض و فی خبر زرارة انما التشهد فی

ص: 304

الجلوس و لیس المقعی بجالس، و قد مرَّ الکلام فیه فی السجود و کان الأفضل ان یجلس علی الورک الأیسر و یصنع ما مرَّ للأمر به فی خبر ابی بصیر فی جلوس الصلاة بل اشتمل النهی عن الجلوس علی الیمین و للإجماع المنقول و لقول ابی جعفر (ع) فی الصحیح:

و الحسن إذا قعدت فی تشهدک فألصق رکبتیک بالأرض و فرج بینهما شیئاً و لیکن ظاهر قدمک الیسری علی الأرض و ظاهر قدمک الیمنی علی باطن قدمک الیسری و ألیتاک علی الأرض و طرف ابهامک الیمنی علی الأرض و ایاک و القعود علی قدمیک فتتأذی بذلک، و لا تکون قاعداً علی الأرض فتکون انما قعد بعضک علی بعض فلا تصبر للتشهد و الدعاء

، و فی الخبر ان امیر المؤمنین (ع) سأل ما معنی رفع رجلک الیمنی و طرحک الیسری فی التشهد قال:

تأویله اللهم امت الباطل و أقم الحق

، و قد أفتی جماعة باستحباب النظر الی حجره حال التشهد و نسبه فی الذکری الی قول الأصحاب و نفی عنه البأس بعض المتأخرین لما فیه من الخشوع و الإقبال علی عبادة اللّه عزَّ و جل و هو المنقول عن الفقه، فالحکم به لا تأمل فیه و یستحب فیه وضع یدیه علی فخذیه مبسوطة الأصابع مضمومة و نسبة فی الذکری الی علمائنا و إلی روایة العامة و روایتنا من فعل النبی (ص) و فی صحیحة حماد ضم الأصابع لیدیه و هو جالس فی التشهد و جعل من متفردات بن الجنید انه یشیر بالسبابة فی تعظیمه لله عزَّ و جل کما تقوله العامة فی بعض الأخبار دلالة علیه الّا انه متروک فتوی و عملًا.

ثانیهما: الاستقرار فیه و الاطمئنان بمقدار الذکر الواجب اللازم فیه و ان کان تشهد فی نافلة الجلوس أو ما قام مقامه فلو شرع فیه قبل تمام الرفع من السجود أو أکمله و هو اخذ فی القیام بطل علی ما صرّح به بعض و اکثر کلمات الاصحاب و الأخبار خالیة من شرط الاستقرار و ظاهرها دورانه مدار تحقق الجلوس و عدمه و لا یعتبر لما ذا زاد علی ذلک، الّا أن العلامة فی التذکرة ظاهره دعوی الإجماع علی ذلک و به صرّح المحقق الشیخ علی و استند تبعاً للتذکرة الی دلیل التأسی بالنبی (ص) و الائمة (علیهم السلام) و بعد النظر الی ذلک یقوی الحکم به فی مقام یقین البراءة و لو اکتفی بشرطیة الاستقرار بعدم الشروع قبل تمام الرفع و الإکمال قبل الأخذ فی القیام دون ما زاد علی ذلک من الطمأنینة لم یکن بعیداً، و لا یبعد مراعاة الشرطیة فی کل من الشرطین فی اذکار التشهد المستحبة فی دعوات و صلوات و تحیات فمن فعل شیئاً منها فی غیر حال الجلوس أو بدون استقرار مع قصد القربة بالخصوصیة عامداً کان آثماً مشرعاً و فسدت صلاته و کذا من فعل شیئاً من الواجب منه فی غیر محله فاعل حراماً و صلاته فاسدة و لا یجدی تدارکه فی محله و من فعلها نسیاناً فی غیر محلها أو لا بقصد الخصوصیة لم یکن علیه شی ء و له اعادتها فیه و کذا من فعل الواجب، فإنه یلزم تدارکه ما دام فی محل و مع التجاوز سیجی ء حکمه ثمّ ان هذین الشرطین من شرائط الاختیار فیسقط اعتبارهما حال الاضطرار فیلزم التشهد حال القیام و الرکوع و الاضطجاع و عند الأخذ فی القیام و قیل اکمال الرفع و لو دار الأمر بین التشهد حال القیام مع استقرار أو حال الاضطجاع و بینه حال الجلوس من دون استقرار قدم الثانی. و لو دار الأمر بین الأولین و بین ما یقرب الی الجلوس من حال اول الشروع فی القیام أو قبل الوصول الی محل الجلوس فوجهان لا یبعد تقدیم الثانی أیضاً. و لو تعذر التشهد حال الجلوس و لما یتعذر الجلوس فالأقرب سقوطه. و لا یلزم الاتیان به قائماً و فی حالة اخری و کذا کل ذکر أو قراءة تعذراً من دون تعذر محلها من قیام أو جلوس أو رکوع أو سجود فالظاهر سقوطهما أو لیس من المیسور الاتیان بالمشروط من دون شرطه مع التمکن من وقوع الشرط و عدم العسر فیه، أما لو تعذر المحل و هو الشرط قام مقامه سواه و لا یسقط میسوره بمعسوره فیکلف بالإتیان بالحال حینئذ لحصول شرطه

ص: 305

الاضطراری، و هذا ظاهر الأمریة فیه بعد التأمل فی الخصوصیات و تتبع الجزئیات و ما یخیل من بعض عبارات من لزوم الاتیان بالتعذر فی محله عند التمکن منه فی محل آخر فمنزل علی حالة تعذر المحل لا مع التمکن منه و لو تعذر الذکر حال الاستقرار مع تمکنه من الاستقرار، فالأقرب لزوم الاتیان به حال عدم الاستقرار لبقاء محله من الجلوس و استمرار التکلیف به فلا یسقط بعد التمکن منه حالة الاستقرار و المتمکن منه و العاجز عنه یجب علیه التعلیم بعد دخول الوقت وجوباً موسعاً حتی لا یبقی ازید من وقت التعلم فیتضیق و مع عدم سعة الوقت له تضیق قبله، و لا یجوز ان یشتغل بشی ء غیر ضروری حقیقی حتی یفرغ منه کما هو الشأن فی الواجبات المطبقة و لا یکفی الضروریات العادیة کما فی الواجبات الفوریة و مع عدم امکان تعلم الجمیع یجب علیه ان یتعلم ما امکن منه مقدماً للأول، فالأول مع احتمال التخییر فلا ترتیب، و لا بد ان یأتی بما أمکن کلًا أو بعضاً صحیحاً أو لحناً و لا یبعد الحاق غیر العربیة من التراجم به فیجب الاتیان أیضاً بما امکن منها مع تعذر العربیة و هل یکتفی بالبعض مع التمکن منه أو یلزم الاتیان ببدل عن الباقی وجهان احوطهما الثانی فإن عجز عن الکل استبدل ذکر آخر مما یدخل تحت مصداق الشهادتین و الصلاة و لا یبعد حینئذ تقدیمه علی الترجمة الغیر العربیة بل و علی الملحون أیضاً مع الدوران بینهما و فی لزوم استبدال ذکر لا یدخل تحت ذلک وجهان اقربهما ذلک للاحتیاط و لما مرّ فی القراءة مع انه المیسور علی وجه و لا یتعین التحمید عند تعذّر الترجمة للأصل و خلو النص و الفتوی منه و خبر حبیب و بکیر بن حبیب المتضمنان اجزاء التحمید عن التشهد محتملان وجوهاً اقربهما ارادة الأجزاء عن التحیات فلا یصلحان دلیلًا علی التعیین، کما استقر به فی الذکری لهذین الخبرین و یلزم ان یکون الذکر بقدر التشهد اللازم و لو تمکن من تکرار احدی الشهادتین أو الصلاة و من الاتیان بذکر آخر ففی تعیین أحدهما أو التخییر اوجه اقربها ترجیح استبدال الذکر و لو لم یتمکن من استیعاب مقداره به و لا یبدله فلا یبعد لزوم الجلوس مجرداً بمقداره و لو ترک التعلم حتی ضاق الوقت اثم و اتی بما امکنه منه أو من بدله و صحت صلاته، و الأخرس یشیر و یعقد بقلبه و یلوک لسانه و فی خبر السکونی تشهد الأخرس تحریک لسانه و اشارته بإصبعه، و قد مرَّ الکلام فیه فی القراءة و یستحب فیه فی کل من التشهدین الدعاء و التحمید و التسمیة و فی التشهد الثانی فی التحیات و لا تحیات فی التشهد الأول بلفظها و ما فی معناها و قد نقل علی ذلک اتفاق الأصحاب مع خلوّ الأخبار عنها و لو فعلها بقصد المشروعیة فعل حراماً و بطلت صلاته علی الأقرب و لو فعلها لا بقصد الخصوصیة لم یأثم، و الأقرب صحة صلاته لأنها ذکر و ثناء علی اللّه عزَّ و جل و نقل عن ابی الصلاح قوله و لله ما طاب و زکی و نمی و خلص و ما خبث فلیغر اللّه فی التشهد الأول، و فی روایة بن شعیب قال: قلت لأبی عبد اللّه (ع) اقرأ فی التشهد الأول ما طاب لله و ما خبث فلغیره فقال: هکذا کان یقول علی (ع)، و رمی مرسلًا عن الصادق (ع) جواز التسلیم علی الانبیاء و نبینا فیه و الکل متروک لم یثبت و الأفضل ان یتشهد بالمأثور، و هو ما رواه ابی بصیر عن ابی عبد اللّه (ع) قال:

إذا جلست فی الرکعة الثانیة فقل بسم اللّه و بالله و الحمد لله و خیر الاسماء لله اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له و ان محمداً عبده و رسوله ارسله بالحق بشیراً و نذیرا بین یدی الساعة اشهد انک نعم الرب. و إن محمداً نعم الرسول اللهم صل علی محمد و آل محمد و تقبل شفاعته فی امته و ارفع درجته ثمّ تحمد اللّه مرتین أو ثلاثاً ثمّ تقوم و اذا جلست فی الرابعة قلت بسم اللّه و بالله و الحمد لله و خیر الاسماء لله اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله ارسله بالحق بشیراً و نذیراً بین یدی الساعة اشهد انک نعم الرب و ان محمداً عبده و رسوله ارسله بالحق

ص: 306

نعم الرسول التحیات لله و الصلوات الطاهرات الطیبات الزاکیات الرائحات السابغات الناعمات لله ما طاب و زکی و طهر و خلص و صفی فلله اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله ارسله بالحق بشیراً و نذیراً بین یدی الساعة اشهد ان ربی نعم الرب و ان محمداً نعم الرسول و اشهد ان الساعة آتیة لا ریب فیها و ان اللّه یبعث من فی القبور الحمد لله الذی هدانا لهذا و ما کنّا لنهتدی لو لا ان هدانا اللّه الحمد لله رب العالمین اللهم صل علی محمد و آل محمد و بارک علی محمد و آل محمد و سلم علی محمد و آل محمد و ترحم علی محمد و آل محمد کما صلیت و بارکت و ترحمت علی ابراهیم و آل ابراهیم انک حمید مجید اللهم صل علی محمد و آل محمد و اغفر لإخواننا الذی سبقونا بالأیمان و لا تجعل فی قلوبنا غلًّا للذین آمنوا ربنا انک رءوف رحیم اللهم صل علی محمد و آل محمد و امنن علیّ بالجنة و عافنی من النار اللهم صل علی محمد و آل محمد و اغفر للمؤمنین و المؤمنات و لمن دخل بیتی مؤمناً و للمؤمنین و المؤمنات و لا تزد الظالمین الّا تباراً

، و لا یبعد ان اسقاط الشهادة الثانیة فی التشهد الأول من خطأ الرواة أو سهو النساخ و فی موثقة الأحوال عن الصادق (ع):

التشهد فی الرکعتین الاولتین الحمد لله اشهد ان لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله اللهم صل علی محمد و آل محمد و تقبل شفاعته فی امته و ارفع درجته

، و فی الفقه الرضوی ابدال خیر الاسماء لله بالأسماء الحسنی کلها لله و هو المنقول عن مشهور عبارات الاصحاب و عن اکثرهم و هو الموافق لحدیث الفراج عن الصادق (ع) الّا ان فیه ابدال الحمد لله بالتهلیل و لا بأس بالعمل بکل مهما و ان کان متابعته مشهور الاصحاب اولی و قد تضمن فی الفقه زیادات فی التشهد الثانی من الشهادة لعلی (ع) بأنه نعم المولی و الشهادة بحقیة الجنة و النار و الموت و البعث و من الصلاة علی الخمسة الأشباح و علی سائر الائمة الراشدین و علی جبریل و میکائیل و اسرافیل و عزرائیل و سائر الملائکة المقربین و سائر انبیائه و رسله و هل طاعته کما تضمن نقصاً فی التشهد الأول من صلاة و دعاء و یستوی حال التشهد مع سائر الأحوال الصلاة، فیجوز فیه الدعاء للدین و الدنیا بما اراد و لا یختص بنوع و لا بخصوص المأثور فیکون للدعاء فیه احوال ثلاثة الدعاء من حیث العموم فی الصلاة و دعاء من حیث کونه فی خصوص التشهد، و الدعاء بالمأثور من حیث خصوصیته و ان کانت المناقشة فی الحالة الوسطی لا تخلو من مجال و لا یعتبر فی الأولتین الفاظ مخصوصة بل و لا الاعراب بل و لا العربیة علی ما سیجی ء تحقیقه و یعتبر فی الثالث فی خصوص المأثور فلو زاد شیئاً بنیة الخصوصیة شرع فی الزائد و فسدت به الصلاة و قول و قرب وسیلة و ارحمنا به و بآله و احشرنا معه لیس من المأثور و کذا لو نقص مع تغییر المعنی، أما بدونه فالأقرب عدمه لعدم اخذ الهیئة المجموعة فی الرجحان بل الرجحان ساد الی الجمیع و فی مراعاة الاعراب فی المشروعیة فلا یشرع نیة الخصوصیة مع اللحن وجه. و إن کان الغاء ذلک فی الخصوصیة مع عدم تغییر المعنی ککیفیات الأصوات لا یخلو من قرب.

ص: 307

المبحث التاسع: فی التسلیم

و هو عبارة عن الاتیان بصیغة السلام و الأمر به فی الکتاب العزیز یحتمل ارادته و ارادة الإذعان و الانقیاد، و هو واجب لأصالة یقین الفراغ بعد اصالة الجزئیة فیما شک فی جزئیته و للتلبی و للأمر به فی الأخبار المتکثرة فی مقامات متعددة و لما ورد من حصر التحلیل فیه فی اخبار متکثرة فیها المستفیض و المعتبر الإسناد للحکم ببطلان صلاة المسافر مع الاتمام و لیس مجرد النیة لها مدخلیة فلا یحکم بالبطلان بمجرد نیة التمام. و إن وقع منه التسلیم و لیس برکن کما علیه ظاهر النص و الفتوی و بطلان الصلاة بترکه عمداً و سهواً، انما هو لتخلل المنافی المبطل عمداً و سهواً فی اثناء الصلاة لا لترک التسلیم و خلاف کثیر من المتأخرین تبعاً لکثیر من القدماء بل نسب الی اکثرهم فحکموا بتأدیته تمسکاً بالأصل و بما دل علی تمام الصلاة و علی مضیها و علی الانصراف بالفراغ من التشهد و علی صحة الصلاة مع فعل المنافی من التناسب فاحش و حدث قبل التسلیم ضعیف لضعف مستنده، أما الأصل فلعدم نهوضه مع احتمال الجزئیة و الشرطیة و علی فرض الحکم بخروجه و عدم شرطیته فالأدلة السابقة تدفعه و أما الدلیلان الباقیان فلعدم قضائهما ینفی الوجوب لصدق تمامیة الصلاة، و الحکم بصحتها مع فعل المنافی فی بناء علی الحکم بخروجه و ان قلنا بوجوبه و العام لا یدل علی الخاص علی انه لا مقاومة لهما للأدلة السابقة و حملهما علی ان یراد بالتشهد ما یعمه و التسلیم أو علی المسامحة فی صدق الفراغ و یراد بالتسلیم التسلیم المستحب لا الواجب غیر بعید و لو نزلا علی التقیة لموافقتهما لمذهب ابی حنیفة کان قریباً أیضاً، و قد استدل اهل الندبیة ببعض اخبار أُخر هی عند التأمل علیهم لا لهم کما لا یخفی علی من راجعها و الأقرب أیضاً الحکم بالجزئیة کما علیه المعظم و قد ادعی علیه الفاضل المقداد الإجماع المرکب من القائلین بالواجب و ربما یدعی علیه الاجماع من القائلین بالوجوب و الاستحباب لندرة الحاکم به صریحاً من اهل الایجاب، و لم نعثر علی مصرح به من اهل الاستحباب و المستند فیه بعد الأصل لتحقق یقین الفراغ من الواجب بعد شغل الذمة و من الکامل بعد الخطاب به بالجزئیة و ظاهر الاجماع جمیع ما ورد علی ان تحلیلها التسلیم و قول ابی عبد اللّه (ع) فی روایة أبی بصیر فإن آخر الصلاة التسلیم بعد حکمه بإتمام الصلاة بعد التشهد و صحیحة حماد بن عیسی و حدیث المعراج و فی حدیث ابن سباط و یفتتح بالتکبیر و یختتم بالتسلیم و فی حدیث المفضل و فی اقامة الصلاة بحدودها و رکوعها و سجودها و تسلیمها سلامة للعبد من النار و الاستدلال بما مر من دلیل الفراغ بالتشهد و من صحة الصلاة مع فعل المنافی علی نفی الجزئیة ضعیف لاحتمال الجزئیة مع الندبیة فیصدق الفراغ من الصلاة بالفراغ من الواجب و لا تبطل الصلاة مع تخلل الحدث بتمام الواجب مع ما مرَّ من احتمال التقیة أو حمل التشهد أو الفراغ منه، و کذا التسلیم علی ما لا ینافی ذلک مع احتمال الحکم بروایات فعل المنافی لخصوص النص فإن تخلل بین الاجزاء لا لنفی الجزئیة فقد ظهر ان أقوی الاحتمالات الأربع بل الأقوال لظهور میل بعض متأخری المتأخرین الی الحکم بالندبیة مع الخروج القول بوجوب التسلیم مع جزئیته، و لا یدخل فیما ذکر من التسلیم المختلف فی جزئیة السلام علی النبی (ص) بل هو جزء علی الظاهر من دون خلاف یعرف و یؤیده قول الصادق (ع):

کلما ذکرت اللّه عزَّ و جل و النبی فهو من الصلاة فإن قلت السلام علینا و علی عباد اللّه الصالحین فقد انصرفت

من الصلاة و انما التسلیم المختلف فیه بین قول السلام علینا و علی عباد اللّه الصالحین و قول السلام علیکم، و اسلم صورة اخذاً بالمتیقن من الروایات و الفتاوی المعینة للثانی وجوباً و المخیرة بینه و بین الأول فی الوجوب أو

ص: 308

فی الخروج فقط. و إن کان الأول مستحباً یسقط به الواجب أو لا یسقط به بل یتعین الإتیان بالثانی و أن خرج بالأول و نقل عن بن سعید وجوب الأول و تعینه للخروج و نسبه المحقق الی الشیخ و خطأ فی کرثی، و قال أن هذا القول خروج عن الاجماع من حیث لا یشعر قائله الجمع بین قول السلام علینا و علی عباد اللّه الصالحین و قول السلام علیکم، و فی کثیر من الأخبار جمیعهما معاً و لا قائل بلزومه علی ما یظهر فالحکم باستحبابه مع الحکم بأحوطیته علی جمیع اقوال التسلیم قوی، و ینبغی الاتیان بهما علی هذا الترتیب، فلو عکس و بدأ بالسلام علیکم فالأحوط عدم اتیانه بالصیغة الأولی لعدم مخالفته النص و الفتوی، و فی الذکری انه لم یأت به خبر منقول و لا مصنف مشهور سوی ما فی بعض کتب المحقق، و الأحوط اضافة رحمة اللّه و برکاته کما ورد اضافتهما مجرّدة مع برکاته فی کثیر من الأخبار، و هو المنقول عن ابی الصلاح و ابن زهرة الّا ان ابن زهرة اوجب معهما و برکاته تبعاً للأخبار المتکثرة الواردة کذلک و حیث ان ظاهر الفتوی علی خلاف بن زهرة و ادعی فی المنتهی جواز ترک و برکاته بغیر خلاف لم یکن اضافتها من الأحوط بل کان الأولی اضافة و برکاته الی و رحمة اللّه کما تضمنته الأخبار الصحیحة و یلزم ان یکون فی الواجب منه محافظاً علی العربیة و الترتیب و الموالاة و ترک الترجمة و المرادف، و عدم الزیادة و النقص حتی نقص الالف و اللام من السلام علیکم و ما قال الیه بعضهم من جوازه لصدق التسلیم علیه و لأنها کلمة وردت فی القرآن ضعیف بعد کون المأمور به قولان و المألوف فعلًا التعریف و الاولی فی المستحب منه مع عدم قصد الخصوصیة فالأقرب لزوم اللفظ نفسه مع الترتیب و الموالاة و عدم الزیادة و النقص و ترک الاعراب المخل بالمعنی و الاولی بل الأحوط مراعاة الاعراب غیر مخل، و لو اقتصر علی السلام علیکم بدون رحمة اللّه و برکاته أجزأ، کما علیه المعظم سبقه قول السلام علینا أو لا و یدل علیه عموم التسلیم فإنه ظاهر فیه و خصوص الأخبار الواردة مع سبق السلام علینا و هی متکثرة و بدونه کخبر ابی بکر الخضرمی، و کذا لو اقتصر علیهما بدون السلام علینا أجزأ لظاهر ادلة التسلیم فإنه المتبادر منها و لخصوص خبر الخضرمی و نحوه مما سقط فیه السلام علینا و للإجماع محصلًا و منقولًا علی نفی الوجوب التعیینی لغیر قول السلام علیکم و خلاف بن سعید لا یخل به، و لو اتی بالسلام علینا فالظاهر لزوم السلام علیکم لانصراف التسلیم المحلل و الذی به تتم الصلاة و هو آخرها الیه و لو جعل من المحمل فمقتضاه ذلک أیضاً اخذاً بالمتیقن منه و أما ما جعله من المطلق فبعید و لتطابق الاخبار علی ذکره مع التسلیم السلام علینا و بدونه و کذا مقتضی التأسی و الاحتیاط ذلک و علیه ظاهر القدماء حتی نفی الشهید عن احد من القدماء وجوب السلام علینا و جعل القول بالتخییر بین الصبغتین قولًا محدثاً فی زمان المحقق أو قبله بیسیر و انه لا قائل به من القدماء و کیف یخفی علیهم مثله لو کان حقاً، و یقوی الخروج بقول السلام علینا للأخبار المتکثرة الدالة علی انقطاع الصلاة بها و انه إذا قالها فقد انصرف بل قولها هو الانصراف و انه إذا قالها فقد سلّم و ان الصلاة بنفسه تفسد بقولها بعنی فی التشهد الأول و لا دلالة فیها علی ازید من الخروج بها و هو لا یستلزم سقوط وجوب السلام علیکم عیناً حتی یحکم باستحبابها أو الوجوب التخییری بل تکون واجبة خارجة جمعاً بینها و بین ما مر من ادلة وجوبها و علیه حینئذ، فهل یکون السلام علینا ندباً قد تمت به الصلاة أو هو مع السلام علیکم واجبان قد خیّر بین الاتیان بهما و الاتیان بالأخیرة منهما فیکون تخییراً بین الأقل و الأکثر، و علیه فیکون الخروج تابعاً للنیة فلا یخرج بالأول مع نبه المجموع أو یحصل الخروج بالأول و ان نوی المجموع کما یحصل به الامتثال و الخروج بالثانی فقط لو اتی به. و إن کان من نیته المجموع أو واجبان قد خبّر فی

ص: 309

الخروج بأیهما شاء لوجوب الخروج من الصلاة و ان وجب الثانی منهما لنفسه فلا ینافی التخییر و لعل الأقرب الأخیر و مما ذکر ظهر ان الأحوط الجمع بین الصیغتین بل الصیغ الثلاث و عدم اعتقاد الندبیة أو الواجب فی شی ء منها بل ینوی مطلق القربة، و إن الأحوط ان ینوی مطلق الخروج من حین الفراغ من الشهادتین قبل علی النبی علی التسلیم من غیر تعیین المخرج بل ینوی الخروج بما هو المخرج منها واقعاً کلًا أو بعضاً و الظاهر عدم لزوم نیته من رأس لعدم قیام الدلیل علیه، کما هو الشأن فی سائر العبادات فإنه یتحقق الخروج بآخر جزء منها من دون احتیاج الی نیة الخروج و کذا جمیع المعاملات و الأفعال العادیات، و أما نیته فعل المخرج فیغنی عنها نیة الأصل إذا کان جزءاً کما هو الشأن فی سائر الاجزاء و بناء علی وجوبه خارجاً و استحبابه کذلک أو علی الخروج به فلا تقع منافاة الصلاة قبله، و هو خارج لیس بجزء من الاجزاء و لا منافاة بین خروجه عن الاجزاء أو الخروج به، ففی الاکتفاء عن نیته بنیة الأصل لشمولها الملحقات القریبة التابعة لها أو لزوم تجدید نیته لفعلها. و إن لم یلزم نیة وصف الخروج فیها وجهان اقربهما الأول و لو نوی عدم الخروج بالتسلیم، فإن کان مع قصد کونه المطلوب آخر الصلاة فالظاهر الغاء نیته و یحصل به الخروج و ان لم یکن مع قصد ذلک فالأقرب عدم وقوعه تسلیمها تسلیماً للصلاة و یکون تسلیماً واقعاً فی اثنائها فیبطل العمد، و مع نیة الخروج به لا حاجة الی تعیین الصلاة المخرج منها و لو عینها بخلاف ما علیه فالأقرب الصحة و الغاء نیته المخالفة، إن کانت عن سهو أو عمد و الاحتیاط مع العمد غیر خفی و لو عدل فی صلاة أخری فی اثنائه بناء علی نیته فیصح العدول فی اثنائه و اکتفی بإتمامه و لا حاجة الی اعادته و لا الی تجدید النیة فیه، و أما قول السلام علیک فهو مستحب کما علیه النص و الفتوی حتی لم یعد و الاتیان بها من الاحتیاط لضعفه و ما نقل عن علل محمد بن علی بن ابراهیم ان اقل ما یجزی من السلام السلام علیک ایها النبی و رحمه اللّه و برکاته، و ما زاد علی ذلک ففیه الفضل متروک و هو غیر صریح بالوجوب کما ستعرفه من کلام الراوندی، و کذا ما نقل عن القاضی و عن البیان هو مسبوق بالإجماع و ملحوق به و محجوج بالروایات المصرحة بندبه، و لا یحصل به خروج کما هو صریح النص و الفتوی و ما سبق من القول بوجوبه و انه اقل المجزئ ظاهر فی کونه مخرجاً و عن الراوندی حصول الخروج به. و إن کان مسنوناً لقیام مقامه الفرض و هو قول المصلی إذا خرج من صلاته السلام علیکم و رحمة اللّه و برکاته و هی دعوی محتاجة الی الدلیل و المنفرد یستحب له ان یسلم تسلیماً و هو قول السلام علیکم بقوله واحداً کما صرح به روایة و فتوی و هو مقتضی ادلة التسلیم و ما فی بعض الأخبار مما یشعر بإطلاق تعدد التسلیم، و لو للمنفرد متروک و مقید بمقیدها متجهاً به الی القبلة کسائر أفعال الصلاة و علیه أیضاً بخصوصه النص و الفتوی و لا یومئ بتمام رأسه و لا بغیره الی القبلة و لا الی غیرها فی سائر افعاله و اقواله مستحبة أو واجبة و عن المفید و سلار استحباب الایماء بالرأس الی القبلة عند ذکر النبی (ص) بالتسلیم و استحسنه فی کرثی فی البلاد التی یکون قبره (ص) فی قبلة المصلی و کذا لا یومی بشی ء من اعضاء الرأس و لکن یومی استحباباً عند قول السلام علیکم فی اثنائه لا قبله متصلًا به لا بعده، و لعله حال النطق بکاف الخطاب اولی ایماء بمؤخر عینه الی یمینه کما أفتی جماعة و فی روایة العلل الایماء بالأنف و فی بعض العبادات الایماء بطرفه و فی کلام بعض بالوجه قلیلًا و فی خبر ابی بصیر المحکی عن جامع البزنطی إذا کنت وحدک تسلّم تسلیمة واحدة عن یمینک و لا یبعد ان الراجح مسمی الایماء الی الیمین بما لا ینافی صدق تحقق التسلیم تجاه القبلة و مستقبلها و من جهة الجمع بین الامرین حصل الاختلاف فی البین و الاکتفاء بأیها کان غیر بعید. و إن کان متابعة الأکثر

ص: 310

بمؤخر العین لا یخلو من رجحان، و الإمام یجری فیه جمیع ما مر فی المنفرد الّا انه یومی بصفحة وجهه الی یمینه فقط کما افتی به جماعة و فی خبر عبد الحمید إن کنت تؤم قوماً أجزأک تسلیمة واحدة عن یمینک و فی روایة العلل ان الایماء بالعین لمن یصلی بقوم و فی بعض عبارات الأصحاب بمؤخر العین کالمنفرد و فی آخر منها بطرف الأنف و فی بعض بالوجه قلیلًا و لا یبعد اتخاذه مع المنفرد فی الایماء الی الیمین أیضاً علی نحو ما مرَّ الّا ان متابعة الأکثر هنا بصفحة الوجه أیضاً، لا یخلو من رجحان و نقل عن بن الجنید ان الإمام إن کان فی صف سلم عن جانبیه و ظاهره تعدد التسلیم و هو متروک فتوی و نصاً، و کذا المأموم یومی بصفحة وجهه الی یمینه سواء کان علی یمینه احد أو لم یکن کما یقتضیه اطلاق النص و الفتوی و لا یومی الی یساره إذا لم یکن علی یساره احد کما صرّح به کثیر من الأصحاب للأصل و خبر عنبسة و صحیحة بن حازم و روایة العلل و ما ورد من التسلیمة الواحدة للمأموم أیضاً علی اطلاقه جمعاً و قیّد الصدوقان ذلک بما إذا لم یجنب حائط فانه یسلّم علی یساره و ان لم یکن احد و ظاهرهما یعم کون الحائط علی الیمین و الیسار و لم نعثر لهما علی مستند فی ذلک و متابعتهما لجلالتهما لا بأس به فی مثل ذلک لو لم یکن معارض، أما مع وجوده کما فی ما نحن فیه فلا یعدل عنه من دون وجود مقادم له. و إن کان علی یساره احد سلّم ثانیة کما نطقت به الأخبار مطلقة و مقیّدة و اومی بصفحة وجهه الی یساره لظاهر صدق التسلیم علی الشمال فإن مجرد النیة لا یحقق صدق ذلک، و لو لا کراهی الانحراف فی الصلاة الشامل لکلا التسلیمتین بناء علی الخروج بالنائبة أو الخاص بالأولی و لکن المیل فیهما واحد و صریح روایة العلل بأن الایماء بالتسلیم لیس بالوجه کله مع ظهورها فی اشتراک المأموم و الإمام و المنفرد فی ذلک و ظاهر فهم الأصحاب من التسلیم علی الیمین و عنه ذلک، مع أن العبارة فی الجمیع واحدة و قد حملت فی المأموم و المنفرد لما ورد من التسلیم تجاه القبلة علی المیل بما لا یصل حد الانحراف فلیکن ذلک فی المأموم لکان مقتضی التسلیم عن الیمین و عن الشمال و علی من علی الیمین و علی الشمال بظاهره المیل بالوجه کله، و یکون ذلک تخصیصاً لأخبار الکراهة بأخبار التسلیم و یکون التسلیم مستثنی من الحکم بدلیل من خارج ثمّ ان صریح روایة العلل التسلیم ثلاثاً للمأموم، و ربما اشعرت بأن واحدة الی القبلة و الاثنین واحدة علی الیمین و الأخری علی الشمال، و نقل عن بن بابویه انه یرد المأموم علی الإمام بواحدة ثمّ یسلم عن جانبیه تسلیمتین و هی متروکة نصاً و فتوی و یستحب ان یقصد المنفرد من سلّم علی جانب واحد من امام أو مأموم من حضر مع الملائکة و النبیین و المسلمین من الجن و الأنس و المأموم إذا اتی باثنین یقصد بأحدهما ردّ الإمام استحباباً و احتمل الوجوب بناء علی ان تسلیم الامام تحیة فیجب ردّها حیث لا یقوم به واحد و الّا استحب حینئذ للباقین و حیث لا یقترن تسلیم المأموم مع تسلیم الامام و الّا سقط الوجوب، و حصل التکافؤ فی التحیة و یجی ء احتمال الوجوب مع ردّ المأموم علی مأموم آخر و عدم اقترانهما فی التسلیم و بالأخری ما ذکر و قد أفتی بذلک جماعة و ربما ظهر من بعض تعیین الأولی للرد و لم نعثر للقصد فی شی ء من ذلک علی مستند سوی روایة العلل فانها تضمنت ان التسلیم تحیة الملکین و انه یقال السلام علیکم فقد سلّم علی ملکی الیمین و الیسار. و إن کان الملک علی الیمین واحداً و السلام علی الیمین لأن الموکل کاتب الحسنات علیه و کاتب السیئات علی الیسار و الصلاة حسنات و فضل صاحب الیمین علی الیسار بالایماء و تضمنت ان تسلیمات المأموم ثلاث:

الأولی: ردّ علی الامام و تکون علیه و علی ملائکته.

الثانیة: علی من علی یمینه و الملکین الموکلین به.

ص: 311

الثالثة: علی من علی یساره و ملائکته الموکلین به و هی مع عدم صراحتها فی القصد أخصّ مما ذکروه، و ما یستند الیه من استحباب القصد الی المعنی فی جمیع أقوال الصلاة و التسلیم منها فمتجه بعد ثبوت کون المخاطب بتسلیم الصلاة ذلک و لیس فی الأخبار ما یدل علیه بل لا دلالة فیهما علی ارادة اصل الخطاب فضلًا عن تعیین المخاطب و ربما کان المقصد باتیانها صورة التحیة للدخول فی الأمان أو الأذن فی الانصراف کما علل فی الأخبار، و لا یقصد به تحیة صدر من امام أو غیره و لا وردها و لو ضم قصد ذلک مع القصد الی تسلیم الصلاة فیجب الرد علیه لو قصد التحیة للغیر مصلیاً کان الغیر أو لا و یکون ذلک رداً منه لتحیة الغیر فی تسلیم صلاة أو غیرها فالأقرب عدم الصحة و لیس هذا مما یکفی فیه الانضمام کما فی اجتزاء العاطس بحمدلة الرکوع فی وجه قوی مرَّ ذکره لعدم العلم باتحاد المعنی المقصود فیه حتی یکفی مجرد ایجاده. و إن تعذر الداعِ له بل التحیة حقیقة مغایرة لمطلق الدعاء و نوع آخر فلا ینظم احدهما الی الأخر و الأقرب بطلان الصلاة فی کل من قصدی التحیة و الردّ. و إن کان ذلک فی الأول اظهر ثمّ ان الاحتیاط فی الصلاة یقتضی باشتراک التسلیم مع التشهد فی اشتراط الجلوس و مراعاة الاستقرار و لا یبعد مساواتهما فی الهیئة المستحبة منه و المکروهة، و یستحب عقیب الفرائض و النوافل الرواتب و غیرها ان یدعو اللّه أو یذکره أو یذکر عظمته أو نعمه أو بأسه أو عقوبته أو یذکر العبد ذنوبه و تقصیراً لله أو خطایاه و یقوم التفکر النفسانی فی جمیع ذلک حتی فی الدعاء مقام الذکر اللسانی أو یتلو شیئاً من کتاب اللّه و ان لم یشارکه غیره علی الأقرب، و فی قیام التفکر فی معانیه مقام تلاوته وجه قریب و یلحق به السجود للشکر. و إن لم یدعه و یذکر فیه و لا تقوم العبادات الباقیة من تقربة أو تدریس أو نحوهما مقامها علی الأظهر و فی الصلاة وجهان اقربهما عدم القیام أیضاً و یستحب فیها الجلوس و ان قام غیره مقامه بل یستحب البقاء علی هیئة الجلوس فی الصلاة من استقبال و تورک و سیّما فی بعض المأثور کما فی تسبیح الزهراء عقیب الفریضة و کذا بعض الاذکار دبرها فإنه ورد فعلها قبل ان ینثنی رجلیه من الفریضة و یستحب الطهارة فیها أیضاً و مع التجرّد عنها، فالأقرب استحباب بقاء الطهارة عقیب الصلاة لقوله: ان کنت علی وضوء فأنت معقب و لا یستحب الجلوس مجرّد و ان احتمله بعض و یصدق اسم التعقیب علیها منضمة مع الجلوس أو مجردة عنه و یکون لفاعلها و ان لم یجلس ثواب التعقیب و اجره استحبابه مجمع علیه بین علماء الإسلام و فضله عظیم و قد ورد انه ابلغ فی طلب الرزق من الغرب فی البلاد و هو بعد الفریضة افضل منه بعد النفل حتی ورد عن الصادق (ع) أنه قال: الدعاء بعد الفریضة ایاک ان تدعه فإن فضله بعد الفریضة کفضل الفریضة علی النافلة، بل ورد عنه: ان الدعاء بعد الفریضة افضل من الصلاة تنفلًا، و ربما قیدها بعض بغیر الرواتب لأنها اهم من التعقیب علی ما عداه من الفرائض و بعده العصر و یعتبر فیه الاتصال الحقیقی أو العرفی مع الصلاة و بین اجزائه، و لا یخلو به الفضل الیسیر و ربما اختلف عرفاً باختلاف الأعمال الفاصلة فالفصل بالکلام مع بقاء الهیئة یتسامح فیه، مما لا یتسامح فی غیره و فی الفصل بالصلاة و یکون التعقیب الواقع بعد الصلاة الثانیة للصلاة الأولی المتصلة بها وجهان ربما ظهر من فتوی بعض باستحباب تأخیر تعقیب المغرب الی ما بعد نافلته مطلقاً أو فیما عدا تسبیح الزهراء للأمر به، قیل أن یثن رجلیه و الأولی عدمه و جعل کل تعقیب عقیب صلاته حتی فی صلاة المغرب فإن الأظهر استحباب تقدیم تعقیبها لظاهر الأوامر بالأعمار بعدها ظاهر اسم التعقیب و لظاهر روایة الخفاف و ما یستظهر من روایة الشکر فی ولادة الحسین (ع) من تقدیم النافلة علی التعقیب لا ظاهر فیها مع انها ضعیفة السند لا تصلح

ص: 312

للمقاومة و لا حدّ لآخره و قد روی عن الحسن (ع) ان یعقد فی مجلسه حین یصلی الفجر حتی تطلع الشمس و روی عن الصادق (ع):

ان من صلی صلاة فریضة و عقیب الأخری فهو ضیف اللّه و حق علی اللّه ان یکرم ضیفه

، و الأولی التعقیب بالمأثور و هو علی انحناء احدها ما ورد عقیب کل صلاة فریضة کانت أو نافلة و هو عدة اشیاء منها: ان یکبّر ثلاثاً رافعاً یدیه لقول ابی جعفر (ع):

إذا سلمت فأرفع یدیک بالتکبیر ثلاثاً

، و مقتضی الأمر بالرفع فی کل تکبیر لیدیه وضعهما علی فخذیه أو قریباً منهما کما نقله فی کرثی عن الاصحاب و عن المفید رفعهما حیال الوجه مستقبلًا بظاهرهما وجهه و بباطنهما القبلة ثمّ اختفاضهما الی نحو الفخذین و ان یکون قائلًا بعد التکبیر:

لا اله الّا اللّه وحده وحده و انجز وعده و نصر عبده و اعزَّ جنده و غلب الاحزاب وحده فله الملک و له الحمد یحیی و یمیت و هو حی لا یموت و هو حی لا یموت و هو علی کل شی ء قدیر

، لما روی عن الصادق (ع) ان النبی (ص) لما فتح مکة بأصحابه الظهر عند الحجر الاسود فلما سلّم رفع یدیه و کبّر ثلاثاً و قال: لا اله الّا اللّه الی آخره ثمّ اقبل علی اصحابه فقال لا تدعوا هذا التکبیر و هذا القول فانه من فعل ذلک بعد التسلیم و قال هذا القول کان قد ادی ما یجب علیه من شکر اللّه تعالی علی تقویة الإسلام و جنده، و ظاهر هذین الخبرین مع ظاهر الفتوی ایقاع التکبیر متصلًا بالتسلیم لا یسبقه شی ء من الذکر و الدعاء فلو اتی ناویاً به الخصوصیة به مع سبق ذکر و دعاء علیه، فمع الأقرب التحریم و مع السهو وجهان اقربهما الجواز و منها تسبیح الزهراء و قد نقل اجماع اهل العلم علی استحبابه و اخبار الطرفین به متکاثرة و هو افضل الاذکار بل افضل التعقیب فقد ورد عن الصادق (ع): (

ان من سبحه قبل ان یثنی رجلیه من الفریضة فقد غفر له

)، و عنه (ع): (

انا نأمر صبیاننا بتسبیح فاطمة کما نأمرهم بالصلاة فألزمه فإنه لم یلزمه عبد شقی

)، و عن ابی جعفر (ع):

ما عبد اللّه بشی ء من التحمید افضل من تسبیح فاطمة و لو کان شی ء افضل منه لنحله رسول اللّه (ص) فاطمة (علیها السلام)

، و عن الصادق (ع):

أن تسبیح فاطمة فی کل یوم فی دبر کل صلاة احب الی من صلاة الف رکعة فی یوم

، و عن الصادق (ع):

تسبیح فاطمة (علیها السلام) من الذکر الکثیر

، و عن الصادق (ع) بعد الأمر بتسبیح فاطمة و بیان کیفیته انه قال: فو اللّه لو کان شی ء افضل منه لعلمه رسول اللّه (ص) ایاها و صورته اربع و ثلاثون تکبیرة و ثلاثة و ثلاثون تحمیدة و ثلاثة و ثلاثون تسبیحة، کما صرحت به اخبار الفریقین، و لن نعثر علی مخالف فیه و روایة عدما أیضاً صریحة فیه لا منافاة فیها و قد نفی الخلاف و نطقت الأخبار عن البداءة بالتکبیر المشهور تقدیم التحمید علی التسبیح کما یشعر به التقدیم الذکری لها فی اکثر الأخبار و هو صریح بعضها کروایة ابی بصیر بل روایة بن عذافر لحصول الفعل منه (ع) فی مقام البیان فلا یعارضهما ما عکس فیه التقدیم ذکراً مع العطف بالواو الدالة علی مطلق الجمع، و لا حاجة فیها الی الجمع بالتخییر أو بالفرق فی التسبیح بین ما یقال فی التعقیب و ما یقال عقیب النوم و لو حملت علی التقیة لم یکن بعیداً و ینبغی الاتصال فیه بما یزید علی مراعاة الموالاة فیه و فی صدق اسم التعقیب لما نقل عن الصادق (ع) إنه کان یسبح تسبیح فاطمة (علیها السلام) فیصله و لا یقطعه و لو تجاوز ساهیاً فی تکبیر و تحمید قطعه و اشتغل فیما بعده و لو نسی شیئاً منهما عاد علیه ثمّ استأنف ما بعده و کذا لو شک فیه فإنه عمل واحد، و فی روایة بن مهران ما یدل علی ما سبق الأصابع اللسان مغن عن الذکر و انه محسوب له و لا یبعد تنزیله علی اعطاء الثواب کما سیأتی لا علی حصول الوظیفة و یستحب ان یکون التسبیح بسبحة من طین القبر فقد ما من شی ء من التسبیح افضل منه و من فضله ان المسبح ینسی التسبیح فیدیر السبحة

ص: 313

یکتب له ذلک التسبیح، و روی عن الصادق (ع):

من کان معه سبحة من طین قبر الحسین (ع) کتب مسبحاً و إن لم یسبح بها

، و عنه (ع):

ان السبحة التی من طین قبر الحسین تسبیح بید الرجل من غیر ان یسبح

، و عنه (ع):

من ادار الحجر من تربة الحسین (ع) فأستغفر به مرة واحدة کتب اللّه له سبعین مرة و ان امسک السبحة بیده و لم یسبح بها ففی کل حبة منها سبع مرات

، و روی ان الحور العین بصرن بواحد من الاملاک الی الأرض بأمره ما یشهدنَّ منه السبح و الترب من قبر الحسین (ع)، و یجزی فی المأخوذ من ارض کربلاء من غیر القبر الشریف، و فی الممزوج و فی طین قبور سائر الائمة و اخشاب ابوابهم و انزاح صنادیقهم، و کذا قبور سائر الشهداء ما مرَّ فی السجود و لا یبعد بقاء رجحان الأخذ من تربة حمزة و إن عدل بعد قتل الحسین (ع) الی تربته و فی الحاق موضع استشهادهما بطین قبرهما وجه قریب و لا فرق هنا فی التسبیح بین المصنوع من طین القبر و غیره و لا بین ما مسته النار و غیره و لا یجری فیه ما جری فی السجود من الاحتیاط، و منها سؤال الجنة و سؤال الحور العین و التعوذ من النار فقد ورد فی الصحیح عن ابی جعفر (ع) قال: لا تنسوا الموجبتین أو علیکم بالموجبتین فی دبر کل صلاة، قلت: و ما الموجبات؟ قال: تسأل اللّه الجنة و تعوذ بالله من النار، و فی روایة العجلی قال: سمعت ابا عبد اللّه (ع) یقول: ثلاث اعطی بسمع الخلائق: الجنة و النار و الحور العین فاذا صلی العبد و قال: اللهم اعتقنی من النار و ادخلن الجنة و زوجنی من الحور العین قالت النار یا رب ان عبدک قد سألک ان تعتقه منی فأعتقه، و قالت الجنة یا رب ان عبدک قد سألک ایا فأسکنه، و قالت الحور العین یا ربی إن عبدک قد خطبنا الیک فزوجه منا فإن هو انصرف من صلاته و لم یسأل اللّه شیئاً من هذا قلنا الحور العین ان هذا العبد فینا لزاهد و قالت الجنة ان هذا العبد فینا لزاهد و قالت النار ان فینا لجاهل، و فی حدیث الخصال زیادة رابع و هو النبی (ص) و عدم اختصاص ذلک عقیب الصلاة و عن أمیر المؤمنین (ع) ذکر الأربع بعد الفراغ من الصلاة و ربما ظهر من بعض الأخبار استحباب سؤال الحور العین فی الصلاة و هو غیر مناف لاستحبابه بعدها و منها سجود الشکر علی ما مرَّ الی غیر ذلک مما هو مسطور فی کتب الأخبار و المصابیح، و ما أعدَّ لجمیع التعقیبات.

ثانیها: ما ورد عقیب الصلاة المفروضة و هو کثیر منها التسبیح ثلاثین مرة و الأقرب الاجتزاء بتسبیح الزهراء، و فی روایة ابی بصیر عن الصادق (ع) عن النبی (ص): ان قول أحدکم إذا فرغ من صلاته سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الّا اللّه و اللّه اکبر ثلاثین مرة یدفعن الهدم و الغرق و الحرق و التردی فی البئر و اکل السبع و منیة السوء و البلیة التی نزلت علی العبد ذلک الیوم، و الظاهر ارادة المفروضة للنص بها فی الاخبار الباقیة مع عدم الصراحة هنا فی العموم بل ظهور ارادة العهدیة، و عن بن المغیرة ان من قالها اربعین مرة فی دبر کل صلاة فریضة قبل ان یثنی رجلیه الّا اعطی ما سأل منه و منها اللعن لأربعة من الرجال و اربع من النساء لفعل الصادق (ع)،

و عن ابی جعفر (ع) قال: إذا انحرفت من صلاة مکتوبة فلا تنحرف الّا بانصراف لعن اللّه بنی امیة قاطبة

، و منها الصلاة علی النبی (ص) و السلام علیه بقول السلام علیک یا رسول اللّه و رحمة اللّه و برکاته السلام علیک یا محمد بن عبد اللّه السلام علیک یا خیر اللّه السلام علیک یا حبیب اللّه السلام علیک یا صفوة اللّه السلام علیک یا امین اللّه اشهد انک رسول اللّه و اشهد انک محمد بن عبد اللّه و اشهد انک قد نصحت لأمتک و جاهدت فی سبیل ربک و عبدته حتی اتاک الیقین فجزاک اللّه یا رسول اللّه افضل ما

ص: 314

جزی نبیاً عن امته اللهم صل علی محمد و آل محمد افضل ما صلیت علی ابراهیم و آل ابراهیم انک حمید مجید، و منها ام الکتاب و شهد اللّه انه لا اله الّا هو و الملائکة و اولو العلم و آیة الکرسی و آیة الملک و منه قول اللهم انی أسألک من کل خیر احاط به علمک و اعوذ بک من کل شر احاط به علمک اللهم انی أسألک عافیتک فی اموری کلها و اعوذ بک من خزی الدنیا و عذاب الآخرة، و قول یا من یفعل من یشاء و لا یفعل من یشاء احد غیره ثلاثاً و قول استغفر اللّه الذی لا اله الّا هو الحی القیوم ذو الجلال و الإکرام و اتوب الیه ثلاث مرات، و منها قراءة التوحید اثنی عشر

ص: 315

مرة، و منها عقیب الصلاة الخمس بسط یدیه و قول اللهم انی أسألک باسمک المکنون المخزون الطهر الطاهر المبارک و اسئلک باسمک العظیم و سلطانک القدیم ان تصلی علی محمد و آل محمد یا واهب العطایا یا مطلق الأساری یا فکاک الرقاب من النار أسألک ان تصلی علی محمد و آل محمد و ان تعتق رقبتی من النار و ان تخرجنی من الدنیا آمناً و تدخلنی الجنة سالماً و ان تجعل دعائی اوله فلاحاً و اوسطه نجاحاً و آخره صلاحاً انک انت علّام الغیوب الی غیر ذلک مما هو مسطور فی محاله و مواضعه.

ثالثها: ما ورد عقیب خصوصیات الفرائض فقد ورد عقیب الصبح تعقیبات کثیرة منها قراءة خمسین آیة و استغفار سبعین مرة و قول بسم اللّه الرحمن الرحیم لا حول و لا قوة الّا بالله العلی العظیم سبع مرات قبل ان یتکلم، و قراءة التوحید احدی عشر مرة و فی الاکتفاء عنه بقراءة اثنی عشر مرة عقیب کل فریضة وجه الأقرب عدمه فیکررها مع قصد الوظیفة الخاصة، و قول سبحان اللّه العظیم و بحمده استغفر اللّه و اسئله من فضله، و قول لا اله الّا اللّه وحده لا شریک له له الملک و له الحمد یحی و یمیت و یمیت و یحیی و هو حی لا یموت بیده الخیر و هو علی کل شی ء قدیر عشر مرات،

و قد ورد عن ابی جعفر (ع): ما علمت شیئاً موظفاً غیر تسبیح فاطمة و عشر مرات بعد الغداة تقول لا اله الّا اللّه الخ

، و هو مناف بظاهره لما ورد من الامر بخصوصیات التعقیب و ما ورد من الترغیب علی خصوصیاتها من ثمرات أخرویة أو دنیویة فلا بد من حمله علی زیادة التأکید و لا منافاة فیه لما ورد من خصوصیات فعل النبی (ص) أو احد الائمة (علیهم السلام) إذ لا دلالة فی مجرد الفعل علی استحباب الخصوصیة لا لخصوص القول و لا الزمان و المکان نعم ربما کان فی المداومة منهم علی الخصوصیة اشعار برجحانها الّا ان ظاهر الأصحاب الحکم باستحباب الخصوصیة فی حکایة الأفعال أیضاً مع المداومة و بدونها، و أن شرعت جهة العمومیة کما فیما نحن فیه و فی القنوت و فی غیرها و متابعتهم لا تخلو من وجه مع ما فیه من الأخذ بالمتیقن و ورد عقیب المغرب قول بسم اللّه الرحمن الرحیم لا حول و لا قوة الّا بالله العلی العظیم سبع مرات، و ورد إذا صلیت المغرب فلا تبسط رجلک و لا تکلم احداً حتی تقولها مائة مرة، و ورد فی دبره و دبر الفجر قول اللهم انی أسألک بحق محمد و آل محمد علیک صل علی محمد و آل محمد و اجعل النور فی بصری و البصیرة فی دینی و الیقین فی قلبی و الإخلاص فی عملی و السلامة فی نفسی و السعة فی رزقی و الشکر لک دائماً ابداً ما ابقیتنی، و ورد عقیب العصر الاستغفار سبعین مرة. و إن من فعل ذلک غفر اللّه فی ذلک الیوم سبعمائة ذنب فإن لم یکن فلأبیه فإن لم یکن لأبیه فلأمه فإن لم یکن لأمه فلأخیه فإن لم یکن لأخیه فلأخته فإن لم یکن لأخته فالأقرب الأقرب، و فی روایة عن النبی (ص) سبع و سبعون، و ورد قراءة إنا انزلناه عشر مرات، و ورد عقیب العشاءین و فی روایة بینهما اللهم بیدک مقادیر اللیل و النهار و مقادیر الدنیا و الآخرة و مقادیر الموت و الحیاة و مقادیر الشمس و القمر و مقادیر النصر و الخذلان و مقادیر الغنی و الفقر اللهم بارک فی دینی و دنیای و فی جسدی و أهلی و ولدی اللهم ادرء عنی فسقة العرب و العجم و الجن و الأنس و اجعل منقلبی الی خیر دائم و نعیم لا یزول.

رابعها: ما ورد عقیب خصوصیات النوافل من روایات و غیرها و هو باب واسع کثیر ذو ادعیة طویلة و اعمال جلیلة کما ورد عقیب نوافل اللیل و نافلة الزوال و نوافل شهر رمضان و غیرها من الأزمنة الشریفة و الأمکنة کذلک کصلاة الزیادة و صلوات المساجد المعظمة و صلاة جعفر و غیرها فلیتبع مظانها من کتب الأخبار و الأدعیة.

ص: 316

المبحث العاشر: فی القنوت

و هو فی اللغة الطاعة و منه یطلق علی السکون و الخشوع و الامساک عن الکلام و العبادة و الصلاة و القیام فیها و طوله، و الدعاء عند المتشرعة الدعاء المخصوص حال القیام عقیب القراءة أو ما قام مقامه من تسبیح و ذکر و لیس الرفع للیدین مقوّماً لحقیقة و ربما اطلق علیه معه و فی ثبوت الحقیقة الشرعیة فیه وجه، و الأقرب خلافه و علیه یبتنی تفسیر الآیة الشریفة و قد اختلفت الأخبار فی تفسیرها ففی بعض انه الدعاء و فی بعضها اقبال الرجل علی صلاته و محافظته علی وقتها و فی بعضها انه الدعاء فی الصلاة حال القیام، و هو مشروع اجماعاً و نصاً بل و ضرورة و مستحب بالأصل غیر شرط فی شی ء من الصلوات واجبها و مستحبها لا واجب، خارج فیها و علی الشهرة محصلة و منقولة بل و الإجماع محصلًا و کلام المخالف غیر بعید التنزیل علی شدة الفضیلة و تأکد الاستحباب و یدل علیه الأخبار المخیرة بین فعله و ترکه، و الأخبار النافیة له مطلقاً و الأخبار النافیة له فی الفرد الاکمل کالغداة و المغرب و الجمعة و الأخبار المخصصة له فی خصوص الجهریة و المخصصة فی خصوص الصبح منها، و منه یتعین حمل ما ورد من الأمر به و قولهم (علیهم السلام): من ترک القنوت رغبة عنه و اطلاق السنة، و أما ما ورد من ان القنوت فی کذا فلا دلالة فیه علی الوجوب بل دال علی اصل المشروعیة و الثبوت و کذا لا دلالة فی عد الدعاء من فرائض الصلاة علی وجوبه لعدم الصراحة فی ارادة القنوت منه علی ان القنوت لا یختص بالدعاء علی ما یظهر من الأخبار، مع ان عدم التوجه فیها داع الی خروج اطلاق الفرض عن معناه فخلاف الصدوق و ما نقل عن ظاهر ابی عقیل من القول بوجوبه فی الجهریة. إن لم ینزّل لا یلتفت الیه و لا یقول علیه و موضعه فی کل ثنائیة من فریضة أو نافلة حتی رکعتی الشفع عملًا بعموم النص و الفتوی و بصریح روایة رجاء ابن الضحاک الموافقة للاحتیاط فی المستحب و للشهرة بل دعوی الإجماع علیه غیر بعیدة، و قول بعض متأخری المتأخرین بنفی القنوت فیه ضعیف و اضعف منه الاستناد الی الأصل بعد قیام الأدلة عموماً أو خصوصاً علی خلافه، و إلی صحیح بن سنان عن ابی عبد اللّه (ع) قال: القنوت فی المغرب فی الرکعة الثانیة و فی العشاء و الغداة مثل ذلک و فی الوتر فی الرکعة الثالثة، فإنه لا دلالة فیه منطوقاً و لا مفهوماً علی فرض ظهور الوتر فی الثالثة أو الحکم بالإجمال فیه و علی فرض ظهوره فی الثلاثة جمیعاً، کما یستظهر من الأخبار فالدلالة فیه مفهومیة لا مقاومة لها لما مرَّ مع ان احتمال اختصاص الثالثة بالذکر لأنها محل الاشتباه لزیادة البحث و الترغیب علیه قائم فیضعف دلالة المفهوم فما اطالة بعض المتأخری المتأخرین للانتصار للقول یترک القنوت فهو تطویل بلا طائل و لا توقف فیه علی حاصل و محله فی الثانیة بعد الفراغ من العزامة من القراءة لا قبلها قبل الرکوع لا بعده کما علیه النص و الفتوی و نقل علیه الاجماع و روایة الجعفی عن ابی جعفر (ع) مطرحة أو منزّل علی القضاء أو محمولة علی التقیة فما یظهر من بعض من القول بالتخییر بین التقدیم علی الرکوع و التأخیر کظاهر روایة الجعفی، و ان کان التقدیم افضل ضعیف و هذا الحکم جاز فی کل صلاة من فرض أو نفل الّا فی ثانیة الجمعة فإنه بعد الرکوع عند تمام القیام کما علیه الشهرة محصلة و منقولة للأخبار المتکثرة کموثقتی ابی بصیر و سماعة و صحیحة زرارة، فالقول به قبل الرکوع مع ثبوته فی الأولی کما هو ظاهر بعض أو اسقاطه فیها کما هو صریح آخر من عملًا بالعمومات الدالة علی ذلک کقوله فی صحیحة معاویة بن عمار ما أعرف قنوتاً الّا قبل الرکوع، و قول الرضا (ع):

کل القنوت قبل الرکوع و بعد القراءة

، و نحو ذلک ضعیف سیّما

ص: 317

قد وقع التخصیص له فی موثقة ابی بصیر متصلًا حیث قال فیها کل قنوت قبل الرکوع الّا الجمعة، و لا یستحب فی غیر الثانیة و لو اوقعه بنیة الخصوصیة فی غیرها فعل حراماً و بطلت صلاته الّا فی اولتی الجمعة کما هو المعروف بین الاصحاب للأخبار الدالة علی ذلک، و هی ما مرَّ و اخبار متکثرة غیرها و ربما ظهر من بعضها الاقتصار علیه فی الجمعة و انه لا قنوت فی الثانیة و به افتی طائفة من الاصحاب الّا انه محتملة الإرادة من حیث خصوصیة الجمعة مع انها لا تقاوم الأخبار السابقة لصراحة تلک الأخبار و اعتضادها بالشهرة و موافقتها للاحتیاط فی الاتیان بالعبادة الراجحة لنفسها و لیس احتمال التحریم الذاتی قائماً فیها فالقول بسقوطه عن أولتی الجمعة اخذاً بالمتیقن فی العبادة و عملًا بظاهر عموم کون القنوت فی الرکعة الثانیة لا یخفی ضعفه و لا فرق فی ذلک بین الامام و غیره عملًا بعموم النص و تخصیص ذکر الامام فی بعض الأخبار کتخصیص ذکره فی بعض کلمات الأصحاب لا دلالة فیه علی النفی فیما عداه، و کذا یستحب فی مفردة الوتیرة ان جعل الوتر عبارة عنها أو هی بعضه و لو جعلت الثلاثة جمیعاً صلاة واحدة و ان فصل بینهما التسلیم اجماعاً و الأخبار به متظافرة و هو مؤکد فیها لأن وقتها وقت دعاء و وسیلة و لظاهر صحیحة سعد بن سعد الأشعری و محله فیها و فی اولی الجمعة کغیرهما قبل الرکوع بلا خلاف یعرف ممن اعتبر التقدیم فی مطلق الرکوع و الأخبار عامة و خاصة دالة علیه و لیس فی مفرد الوتر قنوتاً ثانیاً بعد الرکوع، و ان استحب فیه الدعاء بقول هذا مقام من حسناته نعمة منک و سیئاته بعمله الخ، لفعل ابی الحسن (ع) ذلک بعد مداومته علیه و اطلاق بعض الأصحاب اسم القنوت علیه لإشاعة فیه و ان ارید اجزاء احکامه علیه فهو فی حین المنع، و ظاهر الفتوی و الأخبار تردّه و القنوت فی الفریضة اکد منه فی النافلة خشی فی الوتر لأنه مکمل و زینه و الفرض احق بالکمال و لأن الدعاء فی الفریضة أقرب الی الإجابة، و لا یبعد تسریة ذلک الی جمیع المستحبات المشترکة بین الفرائض و النوافل و هی فی صلاة الصبح و المغرب اشد استحباباً من بین الفرائض و لا یبعد الحاق الجمعة بهما لاشتراکها معهما فی الذکر فی خبر سعد بن سعد و ذکر الوتر معها فیه منزل علی خصوصیة بنسبة المستحبات و ادون منه باقی الفرائض الجهریة فإنه فیها أشد استحباباً من الاخفاتیة، و لو نسبه فی فرض أو نفل فإن ذکره قبل بلوغ حد الرکوع عاد علیه و لا یضره الشروع فی الهوی إذ لیس من الفعل الکثیر و یدل علیه موثقة عمار فی قنوت الوتر و لو لم یعد و الحال هذه فغیر بعید الحاقه بالتعمد ترکه و ان ذکره بعد بلوغ حدّه مضی و قضاه بعد الرکوع اجماعاً محصلًا و منقولًا، و الأخبار فیه متظافرة و هی مع النظر الی روایات محل الرکوع ظاهرة فی القضائیة و حیال الادائیة ضعیف، و لو ذکره بعد الهوی الی السجود أو فیما بعد ازاء الصلاة أو بعد الفراغ من الصلاة قضاه بعد الصلاة و احتمال الادائیة هنا اضعف مما مرَّ، و لا یسوغ فعله فی اثناء الصلاة فی الصورتین الأولتین و لا یبعد اعتبار المبادرة بعد القضاء بالصلاة و أن یکون علی هیئة جلوسه و لو ذکره بعد الانصراف فی اثناء الطریق قضاه علی أی حالتی القیام و الجلوس مستقبلًا القبلة، و لو اطال الفصل لا عن تعمد اما لو تعمد فالأقرب سقوطه فی کل من الصورتین و الأولی فی الصورة الثانیة قضائه من جلوس أیضاً و القضاء فی الکل علی طریق الندب حتی علی القول بوجوبه فی محله و یعتمد الوجوب علیه بناء علی عدم احتیاج القضاء الی امر جدید و فی لزوم المبادرة به حینئذ فی اوقات الإمکان بناء علی ارادة الفوریة من الأمر القاضی بلزوم القضاء وجه و حینئذ ففی لزوم قضائه فی جمیع اجزاء الصلاة لإمکانه فیها و عدمه لظاهر الاجماع علی عدم الاتیان به بعد مضی الرکوع وجهان و لو تعمد ترک قضائه بعد الرکوع و نسی قضائه حینه ففی قضائه بعد الفراغ کما فی ناسی الأصل

ص: 318

و عدمه وجهان احوطهما العدم، و لو تعمد ترکه و رکع لم یعد علیه بعد الرکوع، و لا فیما بعد أجزاء الصلاة و لا خارجها بل الأحوط عدم العود بعد الانصراف من الصلاة حتی مع النسیان الترک الأکثر له مع ما فی کثیر من الأخبار انه إذا لم یذکره بعد الرکوع، فلا شی ء علیه بل لو جعل الأولی ترکه بعد الرکوع أیضاً لما فی روایة معاویة بن عمار من النهی عنه و ان کان احتمال التقیة فیها أو تنزیلها علی حالتها أو علی نفی الوجوب غیر بعید لکان قریباً و یجوز الدعاء فیه بالفارسیة، و غیرها کما علیه فتوی الأکثر و هو المنقول فی الفارسیة عن الصفار لصدق اسم الدعاء علی العربی و غیره کصدق اللفظ و الکلام و الجملة و غیرها علی ما یعم العربی، و لا ملازمة بین الدال و المدلول فإنه مرادف هذه بأی لغة یعم مدلوله بتلک اللغة و غیرها أیضاً لما رواه بن مهزیار قال سألت ابا جعفر (ع) عن الرجل یتکلم فی صلاة الفریضة بکل شی ء یناجی ربه؟ قال: نعم،

و ما رواه الصدوق مرسلًا عن الصادق (ع): کلما ناجیت ربک فی الصلاة فلیس بکلام

، و هما ان یستدل بعمومهما لدعوی ظهوره فی المدعو به أو احتمالًا مساویاً نفی اطلاقهما دلالة لصدق التکلم و المناجاة علیهما بأی لغة کانت و استدلال الصدوق بروایة کل شی ء مطلق حتی یرد فیه نهی، و النهی عن الدعاء بالفارسیة فی الصلاة غیر موجود انما هو بعد ثبوت مشروعیة الدعاء فی الصلاة فلا یدفعه توقیفیة العبادة و اصالة عدم الامتثال و الطاعة و عدم الارادة و المشروعیة فالقول یمنع القنوت بالفارسیة و یلزمه بطریق الاولی المنع بسائر اللغات غیرها کما نقل عن سعد بن عبد اللّه و ذهب الیه بعض متأخری المتأخرین ضعیف و اضعف منه الاستناد الی دلیل التأسی لعدم حجیته فی العادیات فعلًا و حالة وصفته و التکلم بالعربی له (ص) منها انه لا عموم فیه فلا ینهض مع العلم بالغاء الخصوصیة و عدم لزوم التأسی فیها و من المعلوم هنا جواز الدعاء بغیر ما کان یدعو به و انه لا یلزم خصوص دعائه علی ان عمومات القنوت و اطلاق الدعاء فتوی و نصاً حاکمة علیه، و کذا لا یجوز الدعاء فیه بالملحون ما لم یکن قد اخرجه اللحن الی معنی غیر دعائی أو الی معنی و هو دعاء غیر مشروع أو اخرجه عن الاستعمال الی الاهمال، و لو بالإتیان ببعض الکلمة دون باقیها مع القصد الی ذلک ابتداء لا لعارض من سعال و غیر عرض فی الاثناء فیخرج عن الدعائیة و احتمال الجواز تبعاً لصدق اسم الدعاء لنفس القصد و ان ادت العبارة خلافه أو لم تؤد شیئاً کما لو قصد بعبارة الدعاء معنی کلامی غیر دعائی فإنه لا یلحقه اسم الدعاء. و إن کان لا یخلو من وجه الّا ان الأظهر مراعاة کل من الصورة و القصد فی صدق اسم الدعاء سیّما فیمن علم عدم اداء ملک الصورة لمعنی الدعاء، و کما یجوز الدعاء فی القنوت بهما یجوز المناجاة و الثناء و الدعاء فی اثناء الصلاة حال التشهد و رکوع و سجود، و غیرها بذلک مع قصد مطلق الدعاء و المناجاة و الذکر فی الصلاة أو قصد المطلق مع القصد الی خصوص المحل، أما مع التقرب بخصوصیات الأدعیة المرویة و المناجاة المأثورة و الأذکار المنصوصة فالأقرب عدم جواز ترجمتها بالفارسیة و غیرها و لو فعل و الحال هذه بطلت صلاته و احتمال ارادة المعانی منها من دون ملاحظة الخصوصیة اللفظ بعید و فی جوازها مع اللحن وجهان من الاقتصار علی المأثور و من التسامح فی المستحب فلا یکون اللحن مخرجاً لها عن الهیئة المطلوبة بل عدمه من العوارض المقارنة لها عن الداخلة فی حقیقة المطلوب و ربما اشعرت بعض کلماتهم بالثانی و الأولی بل الأحوط المحافظة علی العربیة لفظاً و هیئة فی جمیع ذلک اقتصاراً علی المتیقن فی العبادة و خروجاً عن الخلاف.

و أما القراءة واجبها و مستحبها فی واجب و مستحب بل و فی تلاوة و الأذکار الواجبة مع الأمر بها بالخصوص فلا بد فیهما من المحافظة علی العربیة لفظاً و هیئة و فیما یکون

ص: 319

المطلوب به مطلق الدعاء و الذکر فوجهان من صدق الاسم، و من الاحتیاط فی الواجب و لعل الأول اقوی و ان ظهر اطلاق بعضهم المنع الثانی، و یستحب التکبیر قبله کما هو المعروف نصاً و فتوی، و نقل عن المفید (قدس سره) أنه لا یکبر للقنوت، و کذا نقل عن الشیخ علی بن بابویه و استظهر بعض من کلام المرتضی (قدس سره) فی الجمل و الاستبصار انه بهذه الروایات کما یفتی قدیماً شیخنا المفید (قدس سره) ثمّ عنَّ له فی آخر عمره ترک العمل بها و العمل علی رفع الیدین بغیر تکبیر و الأول اولی لوجود الروایات بها و ما عداها لست اعرف به حدیثاً اصلًا انتهی.

و کذلک لم یعثر بعده علی مستند له و العجب منه انه انکر تکبیر القنوت و أثبت تکبیر القیام فتکون التکبیرات عنده جملة اربع و تسعون لا خمس و تسعون فیکون قد خالف الاخبار جملة و خالفها تفصیلًا فی کل من القنوت و القیام، و لو لم یفعل القنوت، فالأقرب عدم مشروعیة الاتیان بالتکبیر و لو اتی بالتکبیر ناویاً القنوت ثمّ عنَّ له ترکه لم یکن به بأس و لو عنَّ له فی اثنائه قطعه و له الاکمال بنیة الذکر المطلق و یحتمل جواز بقائه علی نیة الخصوصیة و لا یبعد مراعاة اتصال التکبیر به فلو کبر ثمّ نسی و عاد الی القراءة أعاد التکبیر، و لا یخص التکبیر حین الرفع له فلو اراد القنوت بلا رفع کبّر له ایضاً، و یستحب رفع الیدین فیه للأخبار و ظاهر الإجماع، و مع التعذر فواحدة بل لا یبعد تجزّی الوظیفة مع الاختیار أیضاً و هو مستحب للقنوت فلو لم یتمکن منه لم یستحب له الرفع و فی روایة عمار انه مع الخوف من فعله للتقیة یجزی رفع الیدین و لا بأس بالعمل بهما، و ینبغی ان یکون الرفع الی حذاء وجهه کما صرّح به جماعة و نقله فی المعتبر و الذکری قول الأصحاب، و فی صحیحة بن سنان الواردة فی الوتر دلالة علیه و لا ینافیها روایة الثمالی عن السجاد من بسط یدیه قدّام وجهه فی آخر الوتر عند قوله: و هذه یدای جزاء ما صنعت، فإن البسط امر وراء الرفع بل بسط الذراع وراء بسط الکف و ما نقل عن المفید عن وقعهما الی حبال الصدر لم نعثر له علی مستند و لعله یرید به ابتداء الوظیفة لا انه الموظف و یکره مجاوزتهما الرأس بالرفع لنهی الصادق (ع) عنه و لا یسقط میسور الرفع بمعسوره و مقطوع الید أو الیدین برفع الباقی نقل فی الذکری عن الاصحاب رفعهما تلقاء الوجه مبسوطتین و لا یبعد ارادة بسط الکفین لا الذراعین و لا الزندین، و کذا نقل عنهم استحباب الاستغفار ببطونهما السماء و ظهورهما الأرض و الظاهر ارادة ما کان فی سمتهما لأنفس السماء و الارض و نقل تبعاً للمعتبر روایة عبد اللّه بن سنان متضمنة الأمر بتلقی باطنهما السماء و لم یرها کذلک و هو ادری بنقله، و حکی فی المعتبر قولًا بجعل باطنهما الی الأرض و حکم فیه بجواز کلا الأمرین و هو غیر بعید ان لم یقصد حصول الوظیفة بذلک و ان مجرد وظیفة الرفع حاصلة بکل منهما و عن ابن ادریس تفرقة الابهام عن الاصابع، و لا بأس بمتابعته فی مثل ذلک و ان لم یعثر له علی مستند، و یستحب للقانت الرافع یدیه النظر الی باطن کفیه کما ذکره العلماء فتکون کل غیر لکفیها أو کل منهما لکل منهما أو ارادة الجنس فیهما أو فی احدهما و فی ذکرهم لمثل ذلک غنیة عن وجود الدلیل، و ربما احتج له بالمرکب من کراهة النظر الی السماء و کراهة التغمیض فیتعین شغله بالنظر الی باطن الکفین و فیه ما لا یخفی و الأولی مع فعله عدم قصد الخصوصیة فیه و استحب الجعفی علی ما نقل عنه ان یمسح وجهه بیدیه و یمرّهما علی لحیته و صدره، و لم نعثر له علی مستند و لا موافق من اصحابنا و انما نقل مذهبنا لبعض العامة و استحب الأکثر الجهر به فی الجهریة و الإخفائیة للإمام و المنفرد لقول ابی جعفر (ع):

القنوت کله جهاد

، و الإخفات به للمأموم فیهما للکراهة ان یسمع الامام شیئاً مما یقول و اخبار التخییر فیه بقول مطلق لا تنافی

ص: 320

الاستحباب، فما نقل عن المرتضی و الجعفی من تبعیة الصلاة فی الجهر و الاخفات ضعیف و اضعف منه الاستناد الی ان صلاة النهار عجماً و صلاة اللیل جهراً لانصرافها للقراءة و لو سلم عمومها فهی مخصصة بما مرَّ، و یجزی فیه الذکر فقد روی عن ابی جعفر (ع) انه قال:

یجزیک من القنوت خمس تسبیحات فی ترسل

و روی ابو بصیر عن الصادق (ع) قال: سألت ابا عبد اللّه (ع) عن أدنی القنوت قال:

خمس تسبیحات

، و نقل عن جماعة من الاصحاب ان اقله ثلاث تسبیحات و هو المروی عن الصادق فی خبر ابی بکیر بن ابی سماک، و قد حکم کثیر من الأصحاب بل نقل عن اکثرهم أن أفضل ما یقال فیه کلمات الفرج، و نقل عن ابن ادریس انه نسبه الی الروایة و إلی ذکر الاصحاب و اعرف بعض المتأخرین بعدم الوقوف علی دلیل علیه الّا فی مفردة الوتر و قنوت الجمعة مع ان فی قنوت الجمعة قد تضمّن معها دعاء غیرها، و البحث فی ضبط کلمات الفرج محله التلقین، و الأولی هنا ترک و سلام علی المرسلین و مع ذکرها فالأحوط عدم قصد الخصوصیة بها فی القنوت و ان کان دخولها فی کلمات الفرج قبل الحمدلة لا یخلو من قرب و یجزی أیضاً الدعاء بما تیسر بأمر دنیوی أو أخروی لنفسه أو لأبویه أو لأحد اخوانه المؤمنین أو علی اعداء فی الدین أو للأنبیاء و الأولیاء، و له مقتصراً علی الصلاة علی النبی و آله لقول الصادق (ع) و قد سئل عن القنوت و ما یقال فیهما قضی اللّه علی لسانک و لا علم فیه شیئاً موقتاً، و قول ابی جعفر (ع) سبقه مواطن لیس فیه دعاء موقت وعد منها القنوت و قول الصادق (ع) و قد سأله بن الفضل عما اقول فی وتری فقال: ما قضی اللّه علی لسانک و قدّره، و فی صحیحة الحلبی عن ابی عبد اللّه (ع) عن القنوت فی الوتر هل فیه شی ء موقت یتبع و یقال؟ فقال: اثن علی اللّه عزَّ و جل و صل علی النبی (ص) و استغفر لذنبک العظیم ثمّ قال: کل ذنب عظیم، و قد روی عن الصادق (ع) انه قال: القنوت فی الوتر الاستغفار و فی الفریضة الدعاء، و روی الحلبی عنه (ع) انه سئل عن القنوت فیه قول معلوم؟ فقال: اثن علی ربک و صلِّ علی نبیک و استغفر لذنبک، و فی روایة ابن ابی خلف عن الصادق (ع) یجزیک فی القنوت اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا فی الدنیا و الآخرة انک علی کل شی ء قدیر، و قد روی عبد بن هلال قال قلت لأبی عبد اللّه (ع) ان حالنا قد تغیر قال: فأدع فی صلاتک الفریضة قلت: أ یجوز فی الفریضة فأسمی حاجتی للدین و الدنیا؟ قال: نعم. و روی عن رسول اللّه (ص) انه ادعی فی قنوته لقوم بأعیانهم و دعاء علی آخرین بأعیانهم و فی روایة باسمائهم و اسماء آبائهم و عشائرهم و فعله علی (ع) من بعده، و فی ذلک دلالة علی جواز ذکر الالقاب و الکنی و بعض الاوصاف الممیزة أو المعتاد ذکرها مع الاسم کالشیخوخة و السیادة و نحوهما و هو غیر بعید لخروجهما عن الکلام و دخولهما تحت صدق اسم الدعاء، و فی مکاتبة العسکری (ع) القنوت علی الممطورة فی الصلاة و یعتبر فی الدعاء ان یکون مباحاً مأذوناً فیه و تختلف مراتبه باختلاف المدعو به و المدعو له، و کلما أطال الذکر فیه دعاء أو ذکرا کان اولی لما روی عن رسول اللّه (ص) انه قال: أطولکم قنوتاً فی دار الدنیا اطولکم راحة یوم القیامة، و ما روی عنهم (ع):

افضل الصلاة ما طال قنوتها

، و عن الصادق (ع) قال: صل یوم الجمعة الغداة بالجمعة و الإخلاص و اقنت فی الثانیة بقدر ما قمت فی الرکعة الاولی، و فی القنوتات الطویلة المرویة عنهم (علیهم السلام) دلالة علی رجحان الاطالة فیه و یتأکد ذلک فی الوتر و یستثنی منه القنوت لأمام الجماعة و ینبغی تقیید الاطالة، بما لا تکون مخرجة للصلاة عن اسمها و ماهیة لصورتها مع وصف الطول فی قنوتها و کذا فی کل دعاء وقع فی اثناء الصلاة و ما یقع فی اثناء القراءة یعتبر فیه

ص: 321

مع ذلک عدم محورة القراءة و ما یقع فی اثناء السورة و الفاتحة یعتبر فیه مع عدم ذلک محو اسمها و ینبغی

ص: 322

الدعاء فیه بالمأثور کما روی عن امیر المؤمنین (ع) فیه:

اللهم الیک شخصت الابصار و نقلت الاقدام و رفعت الایدی و مدت الاعناق و انت دعیت بالألسن و إلیک سرّهم و نجواهم فی الاعمال ربنا افتح بیننا و بین قومنا بالحق و انت خیر الفاتحین اللهم انا نشکو الیک غیبة نبینا و قلة عددنا و کثرة عدونا و تظاهر الأعداء و وقوع الفتن بنا ففرج ذلک اللهم بعدل تظهره و أمام حق تعرفه اله الحق آمین رب العالمین

، و عن ابی جعفر (ع):

تقول فی قنوت الفریضة فی الأیام کلها الا فی الجمعة: اللهم انی أسألک لی و لوالدی و اهل بیتی و اخوانی المؤمنین فیک الیقین و العفو و المعافاة و الرحمة و المغفرة و العافیة فی الدنیا و الآخرة

، و عن الصادق (ع) فی قنوت الجمعة فی الرکعة الاولی بعد کلمات الفرج

اللهم صل علی محمد و آل محمد کما هدیتنا به اللهم صل علی محمد و آل محمد کما اکرمتنا به اللهم اجعلنا ممن اخترته لدینک و خلفته جنتک اللهم لا تزغ قلوبنا بعد اذ هدیتنا وهب لنا رحمة انک انت الوهاب

، و عنه (ع) فی قنوت الوتر:

اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا فی الدنیا و الآخرة

، و فی روایة ابن خلف عنه أجری ذلک فی مطلق القنوت مع زیادة أنک علی کل شی ء قدیر و غیر ذلک کثیر فلیراجع الی مظانه و عن ابن الجنید انه قال الذی استحب فیه ما یکون فیه حمداً لله و ثناء علیه و الصلاة علی رسول اللّه (ص) و الائمة (علیهم السلام) لنفسه من الدعاء و للمسلمین ما هو مباح له و الظاهر عدم الاجتزاء بقراءة القرآن فیه و روایة علیّ بن محمد بن سلیمان قال: کتبت الی الفقیه اسأله عن القنوت فکتب إذا کانت ضرورة شدیدة فلا ترفع الیدین و قل ثلاث مرات (بسم اللّه الرحمن الرحیم) متروکة و لو عمل علیها فانما یقتصر علی امورها.

ص: 323

تمَّ الجزء الأول من منیة الراغب فی شرح بلغة الطالب علی ید الأقل علی ابن المرحوم الشیخ محمد المقصودی فی یوم الجمعة عشرون فی شهر ربیع الأول و الثانی فی سنة 1265 هجریة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.